أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: المبحث الثاني الأربعاء 08 يونيو 2011, 12:53 pm | |
| المبحث الثاني تصاعد الأزمة[/color]
المواجهات السياسية والعسكرية بين العرب وإسرائيل
في أعقاب جولة خريف عام 1956، فقد حدد مجلس الحرب الإسرائيلي، الهدف السياسي للجولة القادمة، ضد العرب ليكون "تثبيت أركان دولة إسرائيل على الصعيد العالمي والإطار المحلي كخطوة مرحلية في الطريق المرسوم لإنشاء دولة إسرائيل الكبرى". وكان هذا يشكل هدفاً سياسياً مركباً تنبثق منه عدة أهداف سياسية عسكرية تتبلور في الآتي: 1. إيقاع نكسة عنيفة بالطفرة العربية التقدمية التي توهج نشاطها خلال تلك المرحلة. 2. إيقاع هزيمة عسكرية ساحقة بكل القوات المسلحة العربية المتاخمة لإسرائيل، تفقدها الثقة في النفس، وثقة الشعوب العربية في فعاليتها. كما توفر لإسرائيل مرحلة هدوء نسبي تالية، تستغلها في تنمية قدرات الدولة بمعدل عال، ودون معوقات. 3. قلب نظم الحكم التقدمية في الدول المهزومة. 4. تمييع مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في المجال الدولي والمحلي. 5. تحقيق مكاسب إقليمية بإقامة عاصمة إسرائيل الكبرى في القدس، وتعديل بعض أجزاء الحدود بما توفر لإسرائيل أمناً قومياً أفضل، وتأمين الملاحة في خليج العقبة وقناة السويس . 6. فرض الحل السياسي الملائم لمشكلة فلسطين، من وجهة نظر إسرائيل.
أولاً: الموقف العالمي من الأزمة
عندما بدأت القوات المصرية التحرك إلى سيناء في منتصف مايو 1967، أعلنت إسرائيل تعبئة قوات الاحتياط بعد ذلك بأربعة أيام، مما أدى إلى إصابة الاقتصاد الإسرائيلي بشلل جزئي، وخلق جو من القلق بين الشعب الإسرائيلي. وبمجرد أن أعقب "عبدالناصر" تحركه العسكري بإعلان إغلاق مضيق تيران يوم 22 مايو. أصبح واضحاً أن إسرائيل لا تستطيع السكوت على هذا العمل العدواني.
لذلك بدأت جولة مستمرة من المشاورات داخل البلاد، ومن الاجتماعات الدبلوماسية في عواصم العالم من أجل رفع الحصار، وإزالة التهديد العسكري المصري. وواصل السفراء الإسرائيليون حث الدول المحبة للسلام على العمل لتحقيق هذا الهدف، ولكن اتضح لإسرائيل بصورة متزايدة وبمرور الوقت أنها لا تستطيع أن تنتظر خطوات فعالة من جانب العالم.
وكما تبين في النهاية، فإن "عبدالناصر" كان حكمه صائباً تماماً فيما يتعلق بالموقف الذي سوف تتخذه الدول الكبرى. فقد أيده الاتحاد السوفيتي في جميع تصرفاته، بل وشجعه على المضي فيها، وظل ممثلو روسيا يقدمون لمصر تقارير كاذبة عن حشود القوات الإسرائيلية المزعومة على الحدود السورية، بل إنهم وعدوا بمساعدة العرب عن طريق إرسال قوة عسكرية في حالة نشوب حرب.
وقد توقع الكثيرون في العالم، أن إسرائيل على وشك التدمير، ولكن لم يتخذ أي إجراء دولي.. وقد حاولت الدول الكبرى وضع قوات بحرية لتحقيق الضمانات المكفولة لإسرائيل منذ عام 1957، ولكن لم تتكون أي قوة لهذا الغرض ولم يتخذ أي إجراء إيجابي سوى اقتراحات ومشروعات قرار..
ولقد كان مندوب الاتحاد السوفيتي والدول العربية في الأمم المتحدة، يواصلون جهودهم لإعاقة أي مجهود يمكن أن يقوم به الغرب للتدخل واعتراض الخطط العربية. وابتكروا طرق لتقليل خطورة الموقف والسماح للخطط العربية بالتقدم في طريقها. أما الحكومة الإسرائيلية بقيادة "ليفي أشكول" فقد بذلت جهوداً كبيرة لحل الأزمة بالطرق الدبلوماسية، ولكن كل تلك الجهود لم تثمر عن شيء. 1. الموقف الفرنسي لم تكن فرنسا تريد الحرب، ولكن الرئيس "شارل ديجول" ساعد "عبدالناصر" على أن يحاول كسب ما يريده بدون حرب فقد أجل تسليم الأسلحة التي كانت إسرائيل قد طلبتها من فرنسا ودفعت ثمنها. وبرر "ديجول" هذا التأجيل لممثلي إسرائيل بأنه عمل يهدف إلى "منع إسرائيل من أن تكون قادرة على البدء بالحرب".
وجاء هذا القرار الفرنسي في وقت كانت فيه مصر تتلقى كميات غير محدودة من الأسلحة من الاتحاد السوفيتي. وتمثل موقف "ديجول" في أنه ينبغي على إسرائيل أن تذعن أو ترضخ للحصار المفروض على المضايق. بل أنه مضى إلى أبعد من ذلك، فأصر على أنه يجب على الدول الكبرى الأربع، أن تدرس من جديد بقية المطالب العربية، مثل عودة اللاجئين، وحقوق الفلسطينيين.
وعندما نصح "ديجول" "المتغطرس" إسرائيل. بأن تعهد إليه برعاية شؤونها (نظراً لأن فرنسا واحدة من الدول الكبرى)، فإنه لم يحجم عن أن يؤكد أن فترة التعاون الفرنسي/ الإسرائيلي التي ازدهرت في عام 1956، قد انتهت، وأن فرنسا مهتمة الآن بتدعيم العلاقات الطيبة مع الدول العربية.
كما رفضت فرنسا أن توقع على إعلان حرية الملاحة الذي اقترحته الولايات المتحدة، وبهذا فقد كان هناك تغيراً مفاجئاً في السياسة الفرنسية تجاه إسرائيل.. فقد اختفى التعاطف المعهود من الحكومة الفرنسية بعد توجه سياستها تجاه العرب.. حيث إنه ـ ولمدة أعوام تورط فيها الفرنسيون في حرب الجزائر والتي ثار أهلها ضد الفرنسيين ـ بدأت العلاقات العربية/ الفرنسية تزدهر، بعد أن كانت متجهة إلى إسرائيل في مقابل العرب.
وأعلن "ديجول"، أن مصالح فرنسا تنصب على كسب التعاون مع العرب وتنمية العلاقات مع الدول العربية خاصة في المجالين التجاري والعسكري. وبذلك وفي ساعة الأزمة أدارت فرنسا ـ وهي التي كانت حليفاً لإسرائيل ـ ظهرها لها، وبدون أي حكمة تحذير أو إنذار.
2. الموقف البريطاني بالرغم من حسن نوايا بريطانيا في الجهود التي بذلتها، فإن تلك الجهود لم تسفر عن شيء. وكان رئيس وزرائها "هارولد ولسون"، الذي كان موجوداً في واشنطن في ذلك الوقت، قد أعلن تأييده الكامل لاقتراح الرئيس "جونسون" بتشكيل قوة عمل بحرية.
ولكن هذه المبادرة فشلت، وحاول "جورج براون" وزير خارجيته أن يساعد في تنفيذ المبادرة. وغالباً ما كان يتصرف على مسؤوليته عندما كان رفاقه في مجلس الوزراء يعارضون مقترحاته، ولكنه فشل أيضاً.
وقد طار "براون" إلى موسكو في الرابع والعشرين من مايو، وقدم مقترحات المبادرة إلى الزعماء السوفييت، ولكن "كوسيجين" رفضها بطريقة فظة، ذكرته بفشل الإنجليز والفرنسيين في حرب السويس عام 1956.. وسأله "كوسيجين": "هل تريدون سويساً أخرى؟".
كما رفض الروس مقترحين آخرين قدمهما براون، وهما: أن يتعاون الاتحاد السوفيتي مع بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، في إعادة قوات الطوارئ الدولية إلى المواقع العازلة، وأن تضغط روسيا على مصر لكي تنسحب قواتها من شرم الشيخ. ثم عاد وزير الخارجية البريطاني إلى لندن وهو يشعر بخيبة أمل شديدة، بعد يومين من المحادثات العقيمة في موسكو.
3. إسرائيل وعلاقاتها مع كل من القوتين العظمتين (الاتحاد السوفييتي ـ والولايات المتحدة )
أ. إسرائيل والاتحاد السوفيتي
كانت إسرائيل تعلم جيداً، موقف الاتحاد السوفيتي، في رفضه إدانة أية دولة عربية. وكان هذا الموقف، نابعاً من أن الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد إسرائيل بشدة، أي أن "الفيتو" السوفيتي ليس من قبيل كراهيته لإسرائيل أو إدانتها، بقدر ما هو موقف مبدئي يتخذه كقوة كبرى تنافس قوة كبرى أخرى. وبرغم ذلك، فإن إسرائيل لم تتوانى لحظة واحدة في محاولة التقرب من الاتحاد السوفيتي، واستمالة سياسته نحوها.
ويقول "ديفيد بن جوريون" في كتابه "إسرائيل.. تاريخ شخصي" عن علاقة إسرائيل مع الاتحاد السوفيتي: "لم يكن كل عضو من أعضاء الحكومة الإسرائيلية مستعداً لرؤية تلك الحقيقة البغيضة ـ يقصد الاتحاد السوفيتي.
أما "إسرائيل جاليلي" وزير الإعلام فقال في مقال نشرته له إحدى جرائد حزب التحالف قائلاً: "إن الظروف مواتية لتحسين العلاقات مع الاتحاد السوفيتي، وذلك كهدف له أهمية حيوية بالنسبة لإسرائيل" .
وأثير خلال تلك الفترة في إسرائيل (على مستوى مجلس الوزراء، والمؤسسة العسكرية) ضرورة بذل جهد مع الاتحاد السوفيتي، مهما بدا أن هذا الجهد محاولة يائسة. وكان هناك معارضين لهذا الجهد مثل "الجنرال وايزمان" الذي قال: "إننا لسنا بحاجة إلى إرضاء طرف من الأطراف الدولية لكي نشن الحرب.
إننا لم نجد الشجاعة عام 1948 لدخول الضفة الغربية وضمها إلى إسرائيل. وكانت تلك مأساة يجب تداركها. وإجهاضاً لحق تاريخي لابد من تصحيحه. ولا تحتاج إسرائيل لا إلى غدر، ولا إلى إذن لكي تصحح خطأ وقعت فيه". وربما كان هذا الرأي متسقا مع رأي رئيس الوزراء "ليفي أشكول" الذي حدد رأيه: "وإن كانت حسابات موقف الاتحاد السوفيتي من المعركة القادمة في الشرق الأوسط واقعة في مسؤولية الولايات المتحدة وتحت ضمانها. فإن إسرائيل مع ذلك لا ينبغي أن تتخلى عن الجبهة السوفيتية بالكامل، وخصوصاً، وأن الحرب ومضاعفاتها قضية، لا يمكن حساب المجهول فيها بنسبة 100%". وعموماً، فقد نجحت إسرائيل في خلال عام 1967، وقبل بداية المعركة بفترة مناسبة من استقطاب الاتحاد السوفيتي "إلى درجة ما".. وهذا ما أشار إليه بيان "آبا إيبان" وزير الخارجية في الكنيست في فبراير 1967، والذي قال فيه: "لقد تحقق نجاح كبير في علاقات إسرائيل مع الاتحاد السوفيتي، ومع الكتلة الشرقية كلها، وخصوصاً في المجال الثقافي". ويدل على ذلك أيضاً، الزيارة التي قام بها "إيجال آلون" نائب رئيس الوزراء، ووزير العمل، ومنسق لجنة الأمن الخاصة في مجلس الوزراء الإسرائيلي.. إلى الاتحاد السوفيتي في مايو 1967.. ولقائه مع عدد كبير من القيادات السوفيتية، واتصالاته الواسعة بأعداد كبيرة من "الرافضين" اليهود والمتصلين والمتأثرين بهم.
ب. إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية تكشف وثيقة البيت الأبيض بتاريخ أول يونيه 1964.. عبارة وردت على لسان الرئيس "جونسون": "إنه وراء إسرائيل بالكامل "Foursquara"، في جميع المسائل المتصلة بمصالحها الأمنية الحيوية، كما هو تماماً في جنوب شرق آسيا. وسوف نكون دائماً حيث تكون هناك حاجة منهم إلينا!!". كما تكشف وثيقة أخرى عن وجود "شيء ما مشترك" بين أهداف إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، نختمها بوثيقة محررة بتاريخ 16 مايو 1967.
موضوعها: "مصلحة الرئيس الشخصية في الشرق الأوسط". تقول بعض فقرات الوثيقة: "أن الرئيس لديه أكثر من اهتمام عادي بضبط الأمور في الشرق الأوسط لسببين خاصين: الأول: نحن مشغولون في فيتنام، وبالتالي فلابد أن نعفيه من العبء السياسي وأيضاً الإنساني.. بتوريط القوات الأمريكية في الشرق الأوسط أيضاً.
الثاني: أن فكرة حرب التحرير الوطنية هي "تكنيك" جديد وفد إلى الشرق الأوسط وتركز على حدود إسرائيل، وأيضاً في جنوب الجزيرة العربية (اليمن). وعندما شغل الرئيس "جونسون" نفسه بمواجهة مشكلة فيتنام، فقد بين أيضاً أنه لن يسمح بانتشار هذا النوع من العدوان في مناطق أخرى. وهكذا فإننا لا نستطيع أن نتصدى لإرهاب حركات التحرير في فيتنام ونعجز عن فعل شيء في الشرق الأوسط.!!".
كان الدعم الأمريكي، لا يتوقف عند حدود معينة، وهذا ما أعلنه الرئيس "جونسون" في منتصف مايو 1967 حين قال: "إن إسرائيل لابد أن تطمئن إلى أن الأسطول السادس قريب منها باستمرار". وقد أدى ذلك إلى تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي علنياً: "أن إسرائيل تعتبر أن الأسطول السادس الأمريكي بمثابة احتياطي إستراتيجي لها".
كما أعطى الرئيس "جونسون" تعليماته "بإطلاق العنان لإسرائيل Unleash Israel" وقد قام "جيمس أنجلتون" رئيس قسم العمليات الخاصة بالمخابرات المركزية الأمريكية بتنفيذ تلك التعليمات على الوجه الأكمل، حيث قام بتسريب شحنات من اليورانيوم لصالح البرنامج النووي الإسرائيلي، وكان وراء إنجاح برنامج "الصواريخ" الإسرائيلي. في أول يونيه أوفد الرئيس "جونسون" مبعوثاً خاصاً "روبرت أندرسون" إلى القاهرة ليبلغ "عبدالناصر": أن الولايات المتحدة لن تشترك في إرسال قوة بحرية دولية تعبر المضيق. وأن الرئيس الأمريكي ملتزم بأمن إسرائيل وتطورها بما فيه حق إسرائيل في التمتع بحرية الملاحة، ولذلك، فإنه يجب إيجاد حل وسط وتجنب نشوب حرب.
وكان رد "عبدالناصر" على تلك المبادرة: انه يوافق على اقتراح "يوثانت" الذي يقضي أن تؤجل مصر تنفيذ حصارها لمدة أسبوعين، تمتنع إسرائيل خلالهما عن إرسال سفن تمر عبر المضيق وتبذل أثناءها الجهود بهدف التوصل إلى حل يوافق عليه الطرفان. لقد كانت أهم نتيجة لزيارة "أندرسون"، هي أن "عبدالناصر" ازداد اقتناعاً، بأن الدول الكبرى تعارض الحرب، وحتى لو نشبت، فإن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي سوف يشتركان معاً ـ كما حدث عام 1956 ـ في وقفها على الفور. كان هناك التزام أمريكي من أجل دعم إسرائيل في الحرب ضد العرب، وهذا ما دلت عليه التقارير التي أرسلها الجنرال "مائير آميت" "رئيس الموساد"، والذي كلفه "جنرالات إسرائيل بالسفر إلى واشنطن يوم 28 مايو 1967.
جاء في التقرير الأول الذي أرسله "آميت" إلى إسرائيل:
(1) "في نهاية أول يوم من محاولتي لاستطلاع الموقف في واشنطن فهمت، مما سمعت من تلميحات وحقائق متناثرة. أن مشروع القوة البحرية الدولية (التي تتولى فتح مضيق إيلات بالقوة) يواجه مصاعب سياسية ليس من السهل حلها في أيام قليلة.
(2) تولد لدي انطباع قوي، بأنه إذا بدأت إسرائيل، فتصرفت بمفردها، فإن الولايات المتحدة، لن تتأخر طويلاً في اللحاق لها إذا اقتضى الأمر.
(3) ومهما كان ما تفعله إسرائيل، فإنها تستطيع أن تعتمد في كل الأحوال على التأييد السياسي الأمريكي.
(4) إن تدخلاً عسكرياً يقوم به الاتحاد السوفيتي، أصبح في رأي من قابلتهم أمراً مستبعداً. وإذا حدث فإن الولايات المتحدة سوف تكون على استعداد لتحمل مسؤولية مواجهته".
وبعودة "آميت" إلى إسرائيل، فإنه قدم تقريره، الذي يحوي بعض النقاط التي اتفق عليها مع المسؤولين الأمريكيين، بشأن ما يمكن أن يكون عليه موقف الولايات المتحدة إذا ما قامت إسرائيل بأخذ الأمور في يدها.. وكانت أهم نقاط التقرير هي: (1) إن "جونسون" سوف يسعده أن تأخذ إسرائيل زمام الأمر في يدها، وتبدأ بالخطوة الأولى.
(2) أن كثيرين يتساءلون في واشنطن (وأولهم أنجلتون)، ما الذي تنتظره إسرائيل أكثر مما حصلت عليه؟.. وكان "أنجلتون" قد أخطر "آميت"، بأن وكالة المخابرات الأمريكية جاهزة لشحن ثلاثة أسراب من طائرات "سكاي هوك" اشترتها الوكالة من ميزانيتها وحصلت على أولوية باستلامها بتصريح استثنائي من وزير الدفاع "ماكنمارا" وأنها ـ طبقا لتفاهم سابق.. جاهزة باثنين وسبعين طياراً متطوعاً، جرى تدريبهم على المستوى اللازم للعمليات.
(3) أضاف "آميت"، أن الوكالة رتبت لإسرائيل سربين من طائرات "ميراج" تم تسليمها منذ أيام عن طريق هولندا، مع 62 دبابة "ليوبارد" المانية.
(4) أوضح "آميت"، أن كل ما طلبته إسرائيل من ذخائر نقل إليها فعلاً خلال الأسبوعين السابقين على طائرات أمريكية، طارت مباشرة من قواعدها في ألمانيا الغربية.
(5) كان رأيه الأخير الذي توصل إليه: "أن إسرائيل لديها كل ما تحتاج إليه، وتستطيع أن تبدأ، وتستطيع أن تنتصر. وأنه بحجم الانتصار الذي ستحققه إسرائيل، بحجم ما تستطيع أن تضمن من تأييد "جونسون".
وإذا كان في مقدورها أن تقوم بإحراز انتصار يغطي مساحة واسعة من الاهتمام الأمريكي، وبحيث يؤثر على الموقف في فيتنام. فإن إسرائيل تستطيع أن تضمن "جونسون" معها إلى النهاية مهما كان من شأن أهدافها المستقلة (يقصد أهداف إسرائيل في الضفة الغربية).
(6) أن الروس ليسوا في وضع يسمح لهم بالتدخل ضد إسرائيل. وإذا تدخلوا بما هو أكثر من البيانات والإنذارات، فإن الموقف كله سوف يختلف. وحينئذ يصبح موقف الرئيس الأمريكي مبرراً دستورياً ودولياً في أي إجراء يتخذه.
(7) وأخيراً كانت هناك قضية سياسية تتعلق بالإجراءات وهي أنه إذاً انعقد مجلس الأمن لبحث الموقف في الشرق الأوسط في أعقاب عمل تقوم به إسرائيل فإن الولايات المتحدة ملتزمة بما يلي:
(أ) عدم السماح بأي اتهام يوجه لإسرائيل، بأنها البادئة بالعدوان (معنى ذلك أنها تعد باستخدام حق الفيتو).
(ب) أن أي قرار يصدر عن مجلس الأمن بوقف إطلاق النار بعد نشوب أية عمليات. لا يجب أن ينص ـ كما هي العادة ـ على عودة القوات إلى الخطوط التي كانت عندها قبل بدء العمليات.
(ج) أن الولايات المتحدة، لا يجب أن تدخل في مشاورات أو اتفاقات أو تنسيق للمواقف، مع أي طرف من الأطراف، لا في نطاق الأمم المتحدة أو خارجه، بدون علم وقبول وموافقة إسرائيل.
(8) أضاف "مائير آميت"، أن الرئيس الأمريكي مصمم على أن يفهم "ناصر" هذه المرة، ما لم يفهمه عام 1956، وهي أن على العرب أن يتوجهوا هذه المرة إلى الولايات المتحدة، وليس الاتحاد السوفيتي .
ثانياً: معاهدة الدفاع المصري/ الأردني"30 مايو 1967"
مع تصاعد الأزمة، بدأ "الملك حسين" بخطوة رئيسية في اتجاه التحالف مع مصر وسورية، وضم قواته إليهما.. وبذلك جعل من الهجوم العربي المقترح ضد إسرائيل أمراً واقعاً. وقد كان "الملك حسين" على علاقة سيئة بعبدالناصر. ولديه الأسباب الوجيهة التي تبرر ذلك. إذ أن "عبدالناصر" ظل سنوات طوال يحاول الإطاحة به علانية.
والحقيقة أن "الملك حسين" قام بمجازفة عندما قرر السفر إلى القاهرة بطريق الجو يوم 30 مايو 1967، دون أن يحصل على موافقة مسبقة من "عبدالناصر" لاستقباله فربما اعتقل فور وصوله. ولكنه لم يعتقل.
وبعد وصوله بساعات قليلة، كان يوقع معاهدة دفاع تربطه بمصر وسورية. وبانضمام "الملك حسين" إلى المعاهدة ، لم يكن هناك سوى معنى واحد هو الحرب. فلو لم يكن "الملك حسين" يخشى أن تهاجم الجيوش العربية الأخرى إسرائيل، وتنتصر عليها، ويصبح هو في موقف ضعيف لتخلفه عن الاشتراك معها، لما قام مطلقاً بربط مصيره بمصيرها.
وعند عودة "الملك حسين" إلى عمان، أدلى بحديث إلى مراسل جريدة الحياة اللبنانية قال فيه: "أن معاهدة الدفاع التي وقعها في القاهرة تعد حدثاً تاريخياً. فهي وثيقة تجسد قرار عمل قومي".
وساعدت زيارة "حسين" والمعاهدة التي وقعت على انقشاع بقية السحابة التي كانت تعكر صفو الشعوب العربية. فقد أعلن "حسين" أنه يتطلع إلى مزيد من التعاون مع مصر والدول العربية الأخرى في المشرق والمغرب. حتى يمكننا أن نسير في الطريق الصحيح المؤدي إلى محو عارنا وتحرير فلسطين، وتم تعيين اللواء المصري عبدالمنعم رياض قائداً للجبهة الشرقية، والقوات الأردنية.
واكتملت الحلقة حول إسرائيل، يوم الرابع من يونيه، بإبرام معاهدة الدفاع المشترك بين مصر والعراق. وإبلاغ "عبدالناصر" "لحسين"، أن المعاهدة أصبحت تضم مصر والأردن والعراق. وفي اليوم التالي وصلت طائرات مصرية إلى الأردن، كما وصلت كتيبتان مصريتان، وبدأت أيضاً قوة عراقية في دخول الأردن، كان يتقدمها لواء ميكانيكي وكتيبة مدرعة.
وفي ضوء زيارة "حسين" للقاهرة، والمعاهدة ـ ووضع قوات الأردن تحت القيادة المصرية، لم يكن في مقدور إسرائيل أن تظل سلبية. وكان السؤال المطروح، هل نظل ننتظر حتى تهاجمنا الجيوش العربية، أم سنقوم بتوجيه الضربة الأولى؟.
ترجع أسباب الهجوم على قرية السموع إلى النشاط الفدائي المنطلق من الأردن، وفي الثاني عشر من نوفمبر 1966، مرت مفرزة إسرائيلية كانت تقوم بداورية على الحدود الإسرائيلية / الأردنية جنوب جبل الجليل فوق لغم، مما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين، وجرح ستة آخرين.
وردت إسرائيل بعمل انتقامي في اليوم التالي، فعبرت وحدة إسرائيلية الحدود، واشتبكت مع القوات الأردنية، ودخلت قرية السموع التي كان الفدائيون يتخذونها كقاعدة لهم. ودمرت عشرة منازل بعد إخلائها من سكانها، وقامت طائرة ميراج إسرائيلية بإسقاط طائرة أردنية من طراز "هنتر" وبلغت خسائر الأردن الأخرى عشرين قتيلا، منهم 14 جنديا وستة مدنيين، وخمسة وثلاثين جريحا.
القوات المصرية كانت موجودة بالفعل باليمن وكانت لا توجد أي نية لمصر لمهاجمة المملكة العربية السعودية أو أي دولة أخرى بل بدأ التفكير المصري في الانسحاب من اليمن عام 1966
لا تمثل هذه العبارة، أي نوع من الحقيقة حيث كانت القوات المصرية في اليمن وقتها، تمثل حوالي 40% من حجم القوات المسلحة المصرية
سبق تلك الأحداث يوم 5 مارس 1967، إصابة جرار إسرائيلي في مستعمرة "شامير" بلغم زرعه السوريون في المنطقة، وقد أصيب المزارع إصابات بالغة، وحدث تبادل للنيران بين الطرفين
ثالثاً: الأحداث الرئيسية المؤثرة فيما بين الجولتين الثانية والثالثة "1956 ـ 1967" كانت الفترة التي أعقبت حملة سيناء 1956 إلى حد ما هادئة على طول الحدود المصرية الإسرائيلية في كل من قطاع غزة والحدود الدولية في سيناء وكان ذلك بسبب تواجد الأمم المتحدة ولم تكن تلك الحالة تعني بالضرورة أن منطقة الشرق الأوسط حققت فترة من الهدوء بل العكس كان صحيحاً.
ففي خلال عام واحد من نهاية العدائيات والانسحاب الإسرائيلي من المناطق المحتلة عام 1956 بدأت في العالم العربي تصعيدات مستمرة، منها: 1. ثورة العراق ففي عام 1958 تم خلع "الملك فيصل" ملك العراق واغتيل بوحشية مع عمه عبدالله وأعضاء عائلته وقد تم التنكيل بجثثهم في شوارع بغداد بواسطة الجماهير السعيدة بالثورة. أما بالنسبة للجنرال نوري السعيد الذي كان رئيساً لوزراء العراق وكان غاية في الذكاء وواحد من أبرز الشخصيات السياسية في الوطن العربي والذي قاد البلاد منذ تأسيسها كدولة مستقلة بعد الحرب العالمية الأولى ـ وقد حاول الاختفاء بارتداء ملابس النساء ولكن تم اكتشافه وتم تمزيقه بواسطة الجماهير الثائرة.
وقادت العراق حكومة ضعيفة برئاسة الجنرال "عبدالكريم قاسم" مكنت الاتحاد السوفيتي من تحقيق أول خطوة له في اتجاه تلك الدول الغنية بالبترول وقامت بأول تحرك في محاولة لخلق وضع ثابت له على الخليج الفارسي.
2. أحداث لبنان 1958 استمر الرئيس "جمال عبدالناصر" في إثارة أجزاء كثيرة من العالم العربي وخاصة في لبنان والأردن في ذلك الوقت وكانت نتيجة تلك الأنشطة قيام الحرب الأهلية في لبنان. وبناء على الدعوة العاجلة من رئيس لبنان كميل شمعون وصلت قوات الأسطول السادس الأمريكي للعمل على استقرار الموقف وحماية النظام الحاكم وفي نفس الوقت طارت قوات الجيش البريطاني عبر إسرائيل (بعد تصديق إسرائيل) إلى عمان لحماية نظام الملك حسين.
3. الوحدة بين مصر وسورية وفي فبراير من عام 1958 اعتلى حزب البعث السلطة في سورية واتحد كل من سورية ومصر تحت مسمى الجمهورية العربية المتحدة بقطريها الشمالي في سورية والجنوبي في مصر وعلى ذلك أصبحت سورية المركز الشمالي لتحركات جمال عبدالناصر ضد إسرائيل حيث كانت أنشطته مقيدة على الحدود المصرية والإسرائيلية بسبب وجود قوات الأمم المتحدة. 4. محاولة إسقاط النظام الأردني من خلال سورية كثف عبدالناصر جهوده لمحاولة إسقاط النظام في المملكة الأردنية الهاشمية ففي عام 1960 نجح عملاء عبدالناصر في قتل رئيس الوزراء الأردني "المجالي" والذي كان قد أخذ موقفاً مضاداً لـ "جمال عبدالناصر" فقد وضعوا قنبلة في مكتب رئيس الوزراء انفجرت تقريباً في الوقت الذي كان من المفترض فيه قيام "الملك حسين" زيارة مكتب رئيس الوزراء وكانت تلك محاولة من المحاولات السورية ضد "الملك حسين" شخصياً وضد نظامه وبتخطيط من العقيد "عبدالحميد السراج" رئيس الاستخبارات السورية في ذلك الوقت.
وقد تأثر الملك حسين بموت رئيس وزرائه الذي كان مقرباً منه والذي كان فرداً من عائلة بدوية معروفة أنجبت كثيراً من القادة العسكريين في الأردن.
وفي إحدى المناسبات عندما كان "الملك حسين" يقود طائرته عبر الأجواء السورية كانت هناك محاولة أخرى لاغتياله وأنقذ نفسه بأعجوبة وذلك طبقاً لوصفه للحادثة في مذكراته بأنه قام بمناورات بهلوانية مكنته من الهروب من طائرة مقاتلة سورية كانت مصممة على إسقاطه.
5. تفكير الأردن في غزو سورية بسبب تلك الحادثة وغيرها عبأ "الملك حسين" ثلاثة ألوية تمثل معظم جيشه على الحدود السورية بقصد غزو سورية والانتقام لموت رئيس وزرائه وقد قدمت الأردن عرضاً سرياً لإسرائيل من خلال وساطة الجنرال "أهارون ياريف" الذي كان يومها رئيساً للمخابرات العسكرية الإسرائيلية وكان العرض يتضمن أنه يمكنه غزو سورية على ألا تستغل إسرائيل خلو الجبهة الأردنية من القوات ولكن الملك حسين عدل عن الدخول في تلك المغامرة والتي ستكون عملية مكلفة وذلك بالمقارنة لقوة الجيش السوري وقد تركزت جهود الولايات المتحدة والسفراء البريطانيين الذين أمضوا معه ساعات طويلة لإقناعه بالعدول عن تلك الفكرة.
6. انفصال سورية عن مصر وبعد بضع سنوات من تبعية سورية لمصر كان المشير "عبدالحكيم عامر" هو النائب عن جمال عبدالناصر في سورية وقام السوريون بالثورة ضد المصريين في سبتمبر 1961 وعادت سورية مرة أخرى دولة مستقلة. 7. نشاط الموقف على الجبهة السورية ضد إسرائيل
بينما كانت الحدود المصرية الإسرائيلية مازالت هادئة فقد أصبحت الحدود السورية الإسرائيلية هي مركز النشاط ضد إسرائيل ثم بعد ذلك أصبحت الحدود الأردنية فقد قام السوريون بقصف المستعمرات الإسرائيلية من مواقعهم المتميزة في مرتفعات الجولان كذلك وضع الألغام بمناطق الحدود وكذا تنمية حالة الحرب بانتهاك الحدود هناك. 8. معركة التوافيق وفي فبراير 1960 بعد فترة طويلة من الهدوء منذ عام 1956 قامت قوات الدفاع الإسرائيلي بتنفيذ غارة انتقامية ضد نقاط عسكرية في "خربة توافيق" السورية على بحر الجليل ولكن السوريون استمروا في مهاجمة قوارب الصيد بالبحيرة وقصفوا قرى في وادي الحولة وأطلقوا النار على المزارعين في مناطق مدنية على طول الحدود. 9. قرارات مؤتمرات القمة العربية وفي عام 1964 قرر مؤتمر القمة العربي في القاهرة وبحضور رؤساء الدول وكإجراء سياسي تحويل مياه نهر الأردن وأيضاً تأسيس حركة فلسطينية والتي عرفت بمنظمة التحرير الفلسطينية وفي هذا المؤتمر ومؤتمر آخر بعده في كزابلانكا تم رصد أربعمائة مليون جنيه والتي كانت توازي1ر1 مليون دولار لتنفيذ هذه القرارات ولتفعيل الحركة الفلسطينية أعطت الدول العربية مكاناً رسمياً "لأحمد الشقيري" رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وطبقاً لقرارات المؤتمر فقد اتخذ الإجراءات لتأسيس جيش فلسطيني. 10. تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية
وفي عام 1964 تم تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية رسمياً في مؤتمر القدس وتم إعلان الميثاق الفلسطيني والذي أصبح القاعدة السياسية للحركة وقد تم تعديل الميثاق في عام 1968 ليشمل في أهدافه ليس فقط دولة إسرائيل ولكن ليتضمن أيضاً أردن الملك حسين وفي هذا الوقت كانت الأردن تسيطر على الضفة الغربية ومصر تسيطر على قطاع غزة ولو كانوا يرغبون في إقامة دولة فلسطينية، لأقاموها في تلك المناطق ولكن لم تكن عندهم أي رغبة في ذلك وأيضاً لم ترغب منظمة التحرير الفلسطينية نفسها، والتي لم تكن توافق على أي حل وسط وقتئذ أو في أي وقت آخر، وذلك بالنظر إلى تلك المواد في ميثاق فلسطين والتي تدعو إلى تدمير إسرائيل. وفي الواقع كانت سياسة منظمة التحرير تسعى لخلق موقف على الحدود الإسرائيلية بحيث تجر الدول العربية لحرب ضد إسرائيل. وهذه السياسة لم تكن دائماً تروق للسياسات التي كانت تتبعها الدول العربية ولكن سرعان ما عملت الحكومة السورية على تثبيت أوضاع منظمة التحرير وكان هذا تطوراً من شأنه تمكين هذه المنظمة من التعاظم وتصبح عاملاً هاماً في المنطقة. 11. تنفيذ مشروع تحويل مجرى نهر الأردن كان العمل في تحويل مياه الأردن يتم بسرعة في كل من لبنان وسورية حيث كان يتم حفر القناة التي ستحول المياه من نهر الحصباني في لبنان ونهر بانياس في سورية في نهر اليرموك في الأردن وبذلك يتم حرمان إسرائيل من ثلثي مياه نهر الأردن وقد أعلنت إسرائيل في مناسبات عديدة أن إغلاق مضايق تيران أو تحويل مياه الأردن يعتبر من أعمال الحرب، وقد ردت إسرائيل على أعمال التحويل بسلسلة من العمليات التي كانت تستخدم فيها المدفعية طويلة المدى ونيران الدبابات ضد أعمال الحفر لإعاقة التقدم في تجهيز القناة. وفي نوفمبر 1964 أرسلت طائرة إسرائيلية مقاتلة للقيام بعمل ضد هذه القطاعات من أعمال الحفر والتي تبعد عن مدى المدفعية. 12. هل الدول العربية كانت على استعداد لدخول حرب في عام 1964
لم تكن الدول العربية ترغب في الدخول في أي حرب تحدث نتيجة لمبادأة سورية وفي الواقع فقد أتت الأنشطة والأعمال الإسرائيلية بالموقف إلى مفترق الطرق بعد أن أصبح واضحاً للقيادة السورية أن تلك المطاردة لأعمال التحويل تعني بشدة الحرب مع إسرائيل والتي كانت القيادة العربية تظهر لها حماساً قليلاً. وكان للتغييرات الداخلية في سورية نتائج عديدة منها ظهور عناصر متشددة في حزب البعث السوري، واستمرت سورية في إرسال المخربين إلى إسرائيل عبر الأردن ولبنان، أما عن الملك حسين فقد كان في بعض الأوقات غير قادر، أو لا يرغب في السيطرة على حدوده لمنع الغارات على إسرائيل. 13. أحداث قرية السموع في نوفمبر 1966 وبعد عدد من تلك الإغارات قصفت قوات الجيش الإسرائيلي قرية "السموع" في جبال الحبرون والتي كانت مركزاً لشن تلك الهجمات وكانت هذه أول غارة انتقامية إسرائيلية تنفذ في ضوء النهار باستخدام العناصر الجوية والمدرعات وفي أعقاب تلك الهجمة انفجر في الأردن شعور بعدم الراحة وبدأ توجيه نقد لاذع ضد قيادة "الملك حسين" وبدأت تهاجمه عناصر عدائية متنوعة. وظهر أن نظامه يتداعى وبناء على ذلك فقد طلب "الملك حسين" مساعدات من الولايات المتحدة، والتي سارعت بتدعيمه بمساعدات عسكرية إضافية.
في نفس الوقت، فقد امتلأت الصحافة والتعليقات الإذاعية بالإشارات الساخرة من "عبدالناصر"، الذي كان قد وعد بالمبادرة إلى نجدة الدول العربية التي تتعرض لهجوم من جانب إسرائيل. واتضح فيما بعد أن وعوده الجوفاء، لم ينفذ منها شيئاً.. وقالت إذاعة الأردن وصحفها، أن الجيش المصري يحتمي بوجود قوات الأمم المتحدة، التي ترابط على الحدود الإسرائيلية/المصرية، وتضمن حرية الملاحة للسفن الإسرائيلية المتوجهة من وإلى إيلات.
رابعاً: تطور الصراع ونذر الحرب
تدهور الموقف السياسي في نهاية عام 1966 تدهوراً حاداً، ولم يكن هذا الموقف مرضيا قط. وكانت العلامة البارزة في الشهور الأربعة الأخيرة من هذا العام، هي تلك المحاولة المصرية للاستيلاء على اليمن كخطوة أولى نحو السيطرة على المملكة العربية السعودية والدول العربية الأخرى الغنية بالبترول .
ولم تنجح مغامرة "عبدالناصر" في اليمن. فقد قاومت القبائل المحلية الغزاة وأخذت الخسائر المصرية في الازدياد. واضطر "عبدالناصر" إلى سحب معظم قواته أمام التكاليف الجسيمة اللازمة لإعاشة جيش بعيداً عن أرض الوطن، وهو أمر زاد من تفاقم الصعوبات الاقتصادية الداخلية. فقد ترك قوات قليلة على أمل أن يستطيع السيطرة على شبه جزيرة العرب بعد رحيل البريطانيين من عدن . في نفس الوقت، لم يدم طويلاً الاتحاد الثلاثي بين مصر وسورية والعراق، الذي كان قد أعلن في 17 إبريل سنة 1963 بهدف "تخليص الوطن العربي من الخطر الصهيوني". ومن ثم فقد حاولوا أن يحققوا بالتخريب المنظم والقتل ما فشلوا في تحقيقه بالتنظيم السياسي.
ولقد كان على رأس العصابات المغيرة في بادئ الأمر الشقيري الذي كان يحظى بتأييد كثير من الدول العربية. لكن مؤامراته لم ترق في عين بعض تلك الدول، وعليه فقد ظهرت قوة منافسة له عبارة عن منظمة اتخذت سورية مركزاً لها وأطلقت على نفسها اسم "الفتح".
وتعد سورية أكثر الدول العربية عدم استقراراً. فالصراعات بين مختلف الأحزاب، ثم فيما بين زعماء حزب البعث أدت إلى وقوع ثورات متكررة وثورات مضادة منذ جلاء الفرنسيين عنها. وكانت معظم عمليات القتل والتخريب، حتى وقت حملة سيناء سنة 1956، تأتي من مصر، أما بعد أن أصبح قطاع غزة هادئاً في ظل إشراف قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة، فلقد انتقل المركز الرئيسي لتلك العمليات إلى سورية.
ولم تتوقف الهجمات قط من مرتفعات الجولان على المستوطنات اليهودية في وادي الحولة ووادي الأردن من الناحية الفعلية لكنها ازدادت كثافة في الشهور الأخيرة من عام 1966 بوجه خاص.
وباتت أعمال التخريب وتلغيم الطرق وقصف المستعمرات المدنية أحداثا يومية تقريباً. كان معظم المخربين يأتون مباشرة من سورية، أما بعضهم الآخر فكانوا يعبرون الحدود من لبنان والأردن.
ولقد سمحت الحكومة السورية بصدور جريدة "الفتح" في دمشق وبتدريب وحدات الفتح مع الجيش السوري. وأعلن رئيس وزراء سورية في 11 أكتوبر سنة 1966: "أن سورية لن تعير اهتماماً لضمان أمن إسرائيل أو لكبح جماح ثورة الشعب الفلسطيني.
ولن تتراجع حكومتي أبداً عن حرب التحرير الشعبية واستعادة فلسطين" وبعد ذلك بيوم، قال رئيس هيئة أركان حرب الجيش السوري أثناء تفقده لمناورات عسكرية، وفي حضور وفد مصري: "أن الأعمال التي يستنكرونها هي أعمال مشروعة، ومن واجبنا ألا نوقفها بل نشجعها وندعمها". ثم أعلن في 13 أكتوبر أن "حرب تحرير فلسطين قد بدأت".
1. مناقشات الكنيست بخصوص تصاعد الأزمة وفي مناقشات بالكنيست في 18 أكتوبر سنة 1966، أعلن الجنرال "موشي ديان": "أن رد إسرائيل لا يمكن أن يقف عند حد مجلس الأمن". بل إن "ياكوف هازان" (من المابام) اعترف قائلاً: "أن الاتحاد السوفيتي هو المسؤول عن الوضع الخطير المتدهور على الحدود السورية.
وإنني، بوصفي ممن يؤمنون برسالة الاتحاد السوفيتي في نشر الاشتراكية والسلام، لا بد أن أرفع صوتي محتجاً على خيانته لهذه الرسالة في منطقتنا. وهذه ضربة توجه للأشخاص المحبة للسلام في كل أنحاء العالم". وبعد انتهاء المناقشات اتخذ الكنيست قراراً بأغلبية 61 صوتاً ضد صوتين وامتناع صوتين ينص على:
"يستنكر الكنيست أعمال التخريب والقتل التي ترتكبها جماعات منظمة من المخربين الذين يتسللون إلى الأراضي الإسرائيلية عبر الحدود. ويطالب الكنيست مجلس الأمن بتأكيد التزامه بالمحافظة على السلام وبأن يطلب من الحكومة السورية احترام التزاماتها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات الهدنة والكف عن كافة أعمال العدوان ضد إسرائيل.
وتحتفظ دولة إسرائيل لنفسها بممارسة حق الدفاع الشرعي عن النفس ـ كأية دولة مستقلة محبة للسلام ـ وهو الحق الذي يقره القانون الدولي العام، وبالمحافظة على سلامة أراضيها ورفاهية مواطنيها".
ومع ازدياد الاعتقاد بانهيار حالة شبه السلام التي سادت المنطقة نحو عشر سنوات، فقد دفع ذلك "إيجال آلون" وزير العمل إلى أن يقترح في 24 من أكتوبر سنة 1966 إصدار قانون عمل للطوارئ يسمح بتحريك الأيدي العاملة للعمل في الصناعات الحيوية حتى أثناء استدعاء الاحتياط وذلك لضمان حد أدنى من الإمدادات والخدمات الحيوية والمساهمة في المجهود الحربي العام للدولة.
وأعلن "ليفي أشكول" رئيس الوزراء ووزير الدفاع، في 8 من نوفمبر سنة 1966، أن الحكومة قد ألغت قرارها الصادر في ديسمبر سنة 1963 والذي كان قد خفض مدة الخدمة العسكرية بمقدار أربعة أشهر.
ومن ثم فإن مدة الخدمة العسكرية للرجال ستكون منذ الآن ثلاثين شهراً طبقاً لقانون الخدمة العسكرية الصادر سنة 1959 أما مدة الخدمة العسكرية للنساء فستبقى كما هي أي عشرون شهراً. وقد استمعت لجنة الشؤون الخارجية والأمن لتفسير الحكومة بشأن هذه الخطوة ووافقت على القرار.
وبعد استخدام الاتحاد السوفيتي لحق الفيتو في أكتوبر 1966 لمنع صدور قرار يدين أعمال التخريب السورية، دعا عضو الكنيست "جوزيف سيرلين" (جحال) لإجراء مناقشات بالكنيست ليعرف جيراننا أن الدم الإسرائيلي ليس مباحاً، وأن حدودنا ليست مفتوحة من جانب واحد فقط. وقال: لقد أدى الفيتو السوفيتي إلى تشجيع المجرمين، بعد أن طمأنهم بأن جرائمهم ستمر بلا عقاب.
والهدف من المناقشات المقترحة هو إقناع جيراننا بأننا لن نسكت على سفك دماء الأبرياء على حدودنا على أيدي العصابات التي تنظمها وتجهزها الحكومة رسمياً. نحن لا نريد الحرب ـ إذ أننا نريد السلام ـ لكن علينا أن ندافع عن السلام بكل قوتنا. وقد اقترح رئيس الوزراء إحالة اقتراح إجراء المناقشة إلى لجنة الشؤون الخارجية والأمن ووافق سيرلين على ذلك.
2. السياسة السورية من وجهة نظر إسرائيلية لقد كان من الطبيعي أن تقول الحكومة السورية أموراً مختلفة لأناس مختلفين، فحينما تتحدث إلى شعبها وجيشها وجيرانها العرب كان حديثها يأخذ نبرة عدوانية ويصاحبه أعمال إرهابية على الأراضي الإسرائيلية. أما على الصعيد الدولي فكان الحال يختلف تماماً.
فقد بعث الوفد السوري لدى الأمم المتحدة خطاباً في 13 أكتوبر 1966 إلى رئيس مجلس الأمن، ذكر فيه أن اتهامات إسرائيل لسورية بمسؤوليتها عن أعمال التخريب لا أساس لها من الصحة. ولم تنف سورية فقط مسؤوليتها عن المخربين بل تجاسرت وادعت أنها مهددة بهجوم إسرائيلي، وهذه أكذوبة وجدت طريقها إلى الصحف السوفيتية.
وإذا كانت وفود الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ونيوزيلاندا قد أظهرت، في مناقشات مجلس الأمن في 14 أكتوبر، أنها تعرف جيداً المسؤول عن أعمال العنف والتخطيط للعدوان، فإن عصابات التخريب كانت هي الأخرى واثقة من أن دولة واحدة من الدول الكبرى ستستخدم حق الفيتو لإبطال أي قرار يدين سورية. 3. تصاعد الموقف على الجبهة السورية استمرت حالة التوتر على الحدود السورية في التردي وبلغ إجمالي الحوادث التي وقعت أربعون حادثة اعتداء وعملية تخريبية منذ الانقلاب العسكري الأخير في سورية في أوائل عام 1966 وأعلن رئيس جمهورية سورية: "أن الحرب الشعبية هي شعارنا. وما نريد هو حرب شاملة غير محدودة، حرب تنهي الكيان الصهيوني".
وفي أغسطس سنة 1966 أعلن راديو دمشق: "لن تشكو حكومة الثورة السورية بعد اليوم إلى الأمم المتحدة وستكون إسرائيل هي التي تشكو وتدافع، فإستراتيجية سورية ستقوم من الآن فصاعداً على الهجوم". وفي العاشر من أكتوبر قال رئيس الوزراء السوري: "لن نوقف مسيرة الشعب الفلسطيني، وسنحيل المنطقة كلها إلى نار وأي تحرك من جانب الإسرائيليين سيكون فيه نهاية لهم". وصرح اللواء "سويداني" رئيس هيئة أركان حرب الجيش السوري قائلاً: "إن العمليات التي تقوم بها فتح عمليات مشروعة وعلينا ألا نوقفها بل نشجعها وندعمها".
أ. أحداث إبريل 1967
أخذت الأعمال العدوانية السورية في التصاعد. إذ قامت خمسون قطعة مدفعية بقصف مستعمرات هاؤن، عين جيف، وجادوت في 7 من إبريل سنة 1967 . وكان الهجوم قد بدأ في الساعة 45ر9 صباحاً عندما فتح السوريون النار على جرار إسرائيلي يحرث حقول مستعمرة هاؤن. ولم يسبق تعرض تلك الحقول للهجمات وظل الكيبوتز يزرعها سنوات عديدة بلا تدخل من جانب السوريين.
وكانت المرة الأولى التي فتح فيها السوريون النار على عمال اليهود في هذه المنطقة في نوفمبر سنة 1966. وعقدت لجنة الهدنة المشتركة اجتماعاً في ذلك الوقت بناء على طلب الأمم المتحدة، ثم استؤنف العمل في أوائل إبريل وما لبث أن توقف بسبب الأمطار.
وفي 7 من إبريل وبعد تحسن الأحوال الجوية قام جرار زراعي مصفح يحرث الأرض من جديد. لكن السوريون فتحوا نيران المدفعية على ذلك الجرار، بعد ربع ساعة من استئنافه للعمل، وذلك من موقع عمرات عز الدين، وردت قوة إسرائيلية على النيران باستخدام المدفعية الثقيلة وأسكتت المواقع السورية. لكن السوريون عاودوا الهجوم في الساعة 20ر10 صباحاً من حيربت باتين مستخدمين الدبابات. كما قذفوا بعدة طلقات نحو كيبوتز تل كاتسير واستمروا في إطلاق قذائف المورتار على العمال اليهود. واقترح ممثلوا الأمم المتحدة وقف إطلاق النار ووافقت إسرائيل على ذلك في الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً. وبعد ذلك بربع ساعة توقف إطلاق النار في منطقة هاؤن.
لكن الهدوء لم يستمر طويلاً، فقد استأنف السوريون الضرب من جديد في الساعة 50ر11 مستخدمين مدافع المورتار الثقيلة (عيار 122 مم) وأسلحة أخرى. ونجحت القوة الإسرائيلية في إسكات أسلحتهم واستؤنف العمل من جديد في الكيبوتز. ومع ذلك فلقد استمرت عمليات القصف من مرتفعات الجولان وأدت نيران الدبابات إلى تدمير المباني بكيبوتز تل كاتسير.
وبعد عدة ساعات من تبادل إطلاق نيران الدبابات وقذائف المورتار الثقيلة في قطاعي هاؤن وتل كاتسير. استدعيت القوات الجوية الإسرائيلية للتعامل ضد مرابض المدفعية في التوافيق وعمرات عز الدين.
وقد فتح السوريون نيران المدفعية المضادة للطائرات ولم تصب أية طائرة إسرائيلية بينما تم إسكات المدفعية السورية وتدمير خمس دبابات. ولم تتدخل القوات الجوية السورية في بادئ الأمر لكنها ظهرت في سماء المعركة بعد إسكات المدفعية السورية وفي الساعة الواحدة والنصف ظهراً بدأ سلاح الطيران الإسرائيلي عمله. أما المقاتلات السورية فقد أقلعت من دمشق في الساعة الثانية صوب الحدود الإسرائيلية.
وتوجهت طائرات الميراج الإسرائيلية ـ التي كانت تقصف مرابض المدفعية السورية ـ لملاقاة طائرات الميج.
هاجمت طائرتا ميراج أربع من طائرات الميج، فأسقطت طائرتا ميج. وفي الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر حاولت طائرتا الميج الباقيتان الاقتراب من كيبوتز شامير فاشتبكت الطائرات الإسرائيلية بها وأسقطت طائرة ميج ثالثة. استدعى السوريون المزيد من طائرات الميج وعندما حدث الاشتباك أسقطت ثلاث طائرات ميج أخرى.
وقد صدرت الأوامر للطائرات الإسرائيلية بأن تهاجم فقط الأهداف العسكرية وتتجنب إصابة المستعمرات المدنية على الجانب الآخر من الحدود. ثم حاولت أربع طائرات سورية من طراز ميج 17 قصف كيبوتز عين جيف إلا أن الطائرات الإسرائيلية أبعدتها.
وحاول السوريون، بعد فشل هجومهم الجوي، فتح نيران المدفعية مرة أخرى على مستعمرتي عين جيف وجادوت وتهدمت عدة مباني، وقامت الطائرات الإسرائيلية مرة أخرى بقصف مرابض المدفعية السورية، فأسكتتها تماماً. وبدأ على الفور إعادة بناء ما تهدم في مستعمرات عين جيف، تل كاتسير، جادوت التي تعرضت لدمار شديد.
ب. التهديدات الإسرائيلية لسورية في أعقاب الحادث وجه "اسحق رابين" رئيس الأركان الإسرائيلي في أعقاب معارك السابع من إبريل تحذيراً صارماً للحكومة السورية موضحاً أن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة الهجمات والاستفزازات السورية وكان ذلك في تعليق له عن المعركة الجوية خلال حفل استقبال عام وأضاف أنه في حالة استمرار سورية في هذه الأنشطة فسوف يكون الرد الإسرائيلي مهدداً لوجود النظام الحاكم في دمشق.
وقد أحدث هذا التحذير مع سقوط الطائرات الستة السورية انطباعاً سيئاً في دمشق فقد شعروا أن إسرائيل تحاول أن تستغل ما كان واضحاً من ضعف نسبي سوري مقارنة بإسرائيل وكذلك تستغل تصاعد المد القومي في الوحدة العربية في هذا الوقت وذلك لشن الهجوم على سورية.
ونتيجة الخوف من الرد الإسرائيلي على استفزازاتهم حاول السوريون نقل انطباعهم للمصريين عن الهجوم الإسرائيلي المتوقع وتحولوا أيضاً للروس لتحفيزهم للضغط على مصر ولكن كانت هناك نقاط ضعف تحيط "بعبدالناصر" وذلك في الفترة السابقة لشهر مايو 1967 فلقد عانت قواته لسنوات عديدة اشتراكها في الحرب الأهلية باليمن بدون أي نجاح ضد رجال القبائل اليمنية ذات التسليح الضعيف.
وكانت القوات المسلحة يقودها المشير "عبدالحكيم عامر" علاوة على من يدعمون الجناح اليساري للثورة اليمنية ضد الوجود المصري. علاوة على عناصر أخرى في المنطقة قدمت المساعدة للقوات الملكية في اليمن وربما تكون السعودية وبعض البلاد الغربية، كما كان الرئيس "عبدالناصر" في صراع مع "الملك حسين" والذي وصفه في إحدى خطبه في الأول من مايو 1967: "بأنه مداهن وعميل للإمبريالية كما كانت علاقاته مع السعودية قريبة الانقطاع فلم يستطع أن يتقدم خطوة في صراعه مع إسرائيل وقد تلقى وهو في تلك الظروف طلب سورية الملح بالمساعدة".
واستطراداً لما سبق، يكون من خطأ الرأي، الظن، بأن خطة الجولة الثالثة الإسرائيلية /العربية، كانت وليدة تصاعد الأزمة السياسية العسكرية في صيف 1967، إذ أن الحقيقة التي لا يرقى إليها الشك، أن خيوط هذه الخطة بدأ نسيجها غداة حرب العدوان الثلاثي في خريف 1956، وأن تحديد موعد الجولة ليكون صيف 1967 جاء بعد إحكام الاستعداد لتنفيذ الخطة، وتوفر الظروف المناسبة، وتهيئة الرأي العام لتقبلها، مع تصويرها أمام التفكير السطحي لرجل الشارع، كما لو كانت مبادأة عدوانية سياسية عربية. يتبع إن شاء الله...
عدل سابقا من قبل ahmad_laban في الأربعاء 08 يونيو 2011, 1:07 pm عدل 2 مرات |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: المبحث الثاني الأربعاء 08 يونيو 2011, 1:00 pm | |
| ولا يختلف اثنان على صواب النصف الثاني من تلك العبارة. فلقد حرصت إسرائيل دائما على إقامة علاقات ودية مع الاتحاد السوفيتي شأن حرصها مع جميع الدول الأخرى.
فنحن لم ننس الموقف الذي اتخذته هذه الدولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 4 مايو 1947 عندما كان أندريه جروميكو أول مندوب يطالب بحق الشعب اليهودي في إقامة دولة يهودية على أرض إسرائيل. يضاف إلى ذلك، أنه بعد صدور قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء دولة يهودية بأغلبية أكثر من ثلثي الأصوات وجدت الدولتان العظميان نفسهما متفقتين على شيء وذلك لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية. كما كان الاتحاد السوفيتي فعلا الدولة الوحيدة التي قاومت كل محاولات وزارة الخارجية الأمريكية لإبطال ذلك القرار.
كما ظل الاتحاد السوفيتي، ولمدة سنة كاملة حتى انتهت حرب الاستقلال يرفض إصدار أية محاولة من جانب برنادوت أو الآخرين للانتقاص من فكرة الدولة اليهودية الفتية وحقوقها.
ولم يغير السوفييت سياستهم ويتحولون كحماة للدول العربية، التي أعلنت عن عزمها صراحة على القضاء على إسرائيل، إلا بعد زوال الحكم البريطاني تماما عن المنطقة. ولقد انكشف هذا العداء السوفيتي بشكل سافر في الشهور الأولى من عام 1967 عندما حشد الزعيم المصري قواته على حدود إسرائيل لتحقيق هدف طالما جاهر به سنوات عديدة:
"القضاء على إسرائيل". والحقيقة، أن إسرائيل لم تدر بصرها عن الاتحاد السوفيتي في أي وقت من الأوقات ولم تكن تريد بابا واحدا مغلقا في وجهها في تلك الفترة الحساسة. وكانت إستراتيجية إسرائيل في التعامل مع الاتحاد السوفيتي، تتم بأسلوب التسرب إلى العمق. فكل المشاركين في دائرة صنع القرار الإسرائيلي، أو القريبين منه (من بن جوريون، إلى أشكول، إلى رابين، وعشرات غيرهم) من أصول سوفيتية، أو متصلة مع الروس بنسب.. رغم كل ما كانوا يدعون به من عذاب لحق بالشعب اليهودي بتأثير العداء الكامن ضد السامية في روسيا.
وكان لسياسة التغلغل الإسرائيلي داخل المجتمع الروسي، عواقبها، وضد صالح الاتحاد السوفيتي نفسه، حتى جاء وقت أصبح فيه تعبير "المنشق" هو مرادف لتعبير "يهودي".. وقد استغلت المخابرات الأمريكية ذلك في الحصول على كثير من المعلومات عن الاتحاد السوفيتي عن طريق الاتصال "بالمنشقين".
كانت دوائر صنع القرار في إسرائيل تتفهم صميم المجتمع الروسي، وتتفهم كيف تنفده ولا شك أن نتائج زيارة "آميت" أحدثت تغيرا هائلا في القرار الإسرائيلي ووجهته تجاه قرار الحرب، وأقنعت أشكول بأنه حصل على كل الضمانات السياسية والعسكرية، التي كان يتردد بسببها من قبل.
ولكن كانت هناك ثغرة وحيدة في التفاهم بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وهي تتعلق بالأردن، والذي كانت سياسته منحازة للولايات المتحدة، وكان الرئيس جونسون قد أعطى وعودا للملك حسين بأن إسرائيل لن تتعرض له..
ولكن هذا الموقف سرعان ما تبدد نتيجة التغيرات التي شهدتها الأيام الأخيرة قبل المعركة الثلاثية كانت المعاهدة بين مصر والأردن فقط، وكان في نفس الوقت هناك اتفاقية دفاع أخرى بين مصر وسورية، وقعت في نوفمبر 1966 ولا شأن لها بالأردن.
منقول من موسوعة مقاتل من الصحراء |
|