قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
كيف تُضَاعِف حسناتك في رمضان؟ (النيات في رمضان) الشيخ/ ندا أبو أحمد غفر الله له ولوالديه للمسلمين إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهد الله ُفلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولُه.
أمَّا بعد.. فإن أصدق الحديث كتاب الله -تعالى-، وخير الهدي، هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
نبض الرسالة مقدمة عن أجر وثواب من يكثر النِّيات في العمل الواحد: أولًا: لماذا أَصُومُ؟ (نِّيَّات الصيام): 1- أَصُومُ لأن الصوم لا مِثْلَ له. 2- أَصُومُ لأن الصوم من أشرف العبادات. 3- أَصُومُ لأن الله يعطي على الصيام ما لا يعطي على غيره. 4- أَصُومُ حتى أفرح عند فطري، وأفرح عند لقاء ربي. 5- أَصُومُ لأصل إلى مرتبة المُتَّقين، وهي من أفضل المنازل عند رب العالمين. 6- أَصُومُ حتى أطهر قلبي من الغش والحقد والغل والوسوسة. 7- أَصُومُ لأن الصوم في الصيف جزاؤه الري والسقيا يوم العطش. 8- أَصُومُ لأن الصوم في الشتاء: الغنيمة الباردة. 9- أَصُومُ لأن للصائم دعوة لا ترد. 10- أَصُومُ حتى يكون خُلوف فمي أطيب عند الله من ريح المسك. 11- أَصُومُ لأن الصوم جُنَّة عن الشهوات. 12- أَصُومُ لأن الصوم كفارة للخطيئات. 13- أَصُومُ لأن الصيام جُنَّة من النار. 14- أَصُومُ حتى يشفع لي الصوم عند الله يوم القيامة. 15- أَصُومُ حتى أكون من جملة مَن يُنادَى عليهم من باب الرَّيان. 16- أَصُومُ لأن الصوم سبيلي إلى الجَنَّة. 17- أصوم وأتابع الصيام حتى أكون في أعلى الجنان. 18- أَصُومُ حتى أكون في الجَنَّة مع الصِّدِّقين والشهداء.
ثانيًا: لماذا أَتَسَحَّرُ؟ (نِيَّات السحور): 1- أَتَسَحَّرُ اتِّباعًا للُّسنة، ولمخالفة أهل الكتاب. 2- أَتَسَحَّرُ بنِيَّة أن الله -عز وجل- يصلِّي عليَّ وملائكته. 3- أَتَسَحَّرُ حتى أكون من خير الناس. 4- أَتَسَحَّرُ حتى أتعرَّض للوقت المبارك. 5- أَتَسَحَّرُ لضمان إدراك صلاة الفجر في وقتها. 6- أَتَسَحَّرُ للحصول على البركة.
ثالثًا: النِـيـَّةُ عند الـنَّـوْمِ: رابعًا: لماذا أُطْعِمُ الطعام؟ (نِيَّات إفطار الصائمين): 1- أُفَطِّر صائمًا حتى يكون لي مثل أجره. 2- أُفَطِّر صائمًا لأن هذا من أفضل الأعمال. 3- أُفَطِّر صائمًا حتى أُعْتَق من النار. 4- أُفَطِّر صائمًا حتى أدخل الجَنَّة. 5- أُفَطِّر صائمًا حتى يُطْعِمُني الله من ثمار الجَنَّة. تنبيه مهم...
خامسًا: لماذا أعتكفُ (نِيَّات الاعتكاف): 1- نِيَّة تنفيذ سنة النبي- صلى الله عليه وسلم-. 2- نِيَّة اغتنام ليلة القدر. 3- نِيَّة المحاولة للتخلص من سموم القلب الخمس. 4- نِيَّة تعلُّم كثير من الأخلاق الحسنة. 5- نِيَّة حب المكوث في المسجد. 6- نِيَّة الاستغلال الأمثل للوقت مع التعوُّد على النظام. 7- نِيَّة الوصول للبرآتين. 8- نِيَّة حفظ الصيام مما يفسده. 9- نِيَّة رفع درجة صلاتك وقبولها. 10- نِيَّة محو الخطايا ورفع الدرجات ونِيَّة الرباط. 11- نِيَّة المداومة على قيام الليل.
سادسًا: لماذا أَقُومُ الليل (نِيَّات قيام الليل): 1- أقُومُ الليل بنِيَّة شكر النعم والتأسي بالرسول -صلى الله عليه وسلم-. 2- أقُومُ الليل بنِيَّة التأسي بالصالحين والتشبُّه بهم. 3- أقُومُ الليل بنِيَّة أن أكون من الصِّدِّيقِين والشهداء. 4- أقُومُ الليل لكي أكون من أهل الإيمان. 5- أقُومُ الليل حتى أُكْتب من الذاكرين الله كثيرًا. 6- أقُومُ الليل حتى أكون من المرحومين. 7- أقُومُ الليل حتى أكتب من القانتين المخلصين، ولا أكتب من الغافلين. 8- أقُومُ الليل لأنه أفضل الصلوات بعد المكتوبات. 9- أقُومُ الليل أبتغي القرب من الله تعالى. 10- أقُومُ الليل للفوز بمحبة الله تعالى. 11- أقُومُ الليل حتى أحوز الشرف الحقيقي. 12- أقُومُ الليل للثبات على الأمر، والإعانة على الأعمال وصلاح الأحوال. 13- أقُومُ الليل للنجاة من الفتن ما ظهر منها وما بطن. 14- أقُومُ الليل حتى أصبح طيب النفس نشيطًا. 15- أقُومُ الليل حتى يعطيني ربي ما أسأل. 16- أقُومُ الليل حتى ينير الله وجهي، يوم تبيضُّ وجوه وتسْودُّ وجوه. 17- أقُومُ الليل لتُغْفَر لي الذنوب والمعاصي والزلات. 18- أقُومُ الليل ليكتب لي الحسنات. 19- أقُومُ الليل حتى أنجو من النيران. 20- أقُومُ الليل حتى أفوز بالجنان. 21- أقُومُ الليل حتى ترفع لي الدرجات في غرف الجَنَّة.
سابعًا: لماذا أَتَصَدَّقُ (نِيَّات الصدقة): 1- أَتَصَدَّقُ حتى يُخْلِف الله عليّ بأفضل منها. 2- أَتَصَدَّقُ ليقبل الله صدقتي بيمينه، ثم يربيها لي حتى تكون يوم القيامة مثل الجبل. 3- أَتَصَدَّقُ حتى تدعو لي الملائكة. 4- أَتَصَدَّقُ لأن الصدقة تقي مصارع السوء وتطفئ غضب الرب. 5- أَتَصَدَّقُ لأن الصدقة سبب للشفاء من الأمراض. 6- أَتَصَدَّقُ لأن الصدقة تطهرني من الخطيئة. 7- أَتَصَدَّقُ لأن الصدقة تثقل الموازين يوم القيامة. 8- أَتَصَدَّقُ حتى أكون في ظل صدقتي وتقيني حر الشمس يوم القيامة. 9- أَتَصَدَّقُ حتى تكون صدقتي حجاب لي من النار. 10- أَتَصَدَّقُ حتى تكون هذه الصدقة فكاكي من النار.
ثامنًا: لماذا أَقْرأُ القرآن (نِيَّات قراءة القرآن): 1- أَقْرأُ القرآن لأنه شفاء. 2- أَقْرأُ القرآن لأنه سبب لنزول السكينة وغشيان الرحمة. 3- أَقْرأُ القرآن لأن الله -تعالى- يُفرِّج به الهم، ويُذْهِب به الغموم. 4- أَقْرأُ القرآن حتى يكون نورًا لي في الدنيا وذخرًا لي في الآخرة. 5- أَقْرأُ القرآن حتى يُزاد لي في الإيمان. 6- أَقْرأُ القرآن حتى لا أُكْتَب من الغافلين. 7- أَقْرأُ القرآن حتى أتحَّصل على جبال من الحسنات. 8- أَقْرأُ القرآن لأنه خير من الدنيا وما فيها. 9- أَقْرأُ القرآن حتى يفتح على أبواب الخير الكثيرة. 10- أَقْرأُ وأتعلَّم القرآن حتى أكون من خير الناس. 11- أَقْرأُ القرآن وأحافظ على قراءته حتى لا أردّ إلى أرذل العمر. 12- أَقْرأُ القرآن حتى يُحِبُّني الله -تعالى- وأكون من أهله. 13- أَقْرأُ القرآن وأحفظه حتى أحفظ من فتنة الدجال. 14- أَقْرأُ القرآن حتى أكون سببًا في رحمة والداي. 15- أَقْرأُ القرآن حتى أحفظ من الزيغ والضلال. 16- أَقْرأُ القرآن حتى أنجو من فتنة القبر. 17- أَقْرأُ القرآن وأحافظ على قراءته حتى يستقبلني القرآن عند خروجي من القبر. 18- أَقْرأُ القرآن وأحفظه حتى أنجو من عذاب النار. 19- أَقْرأُ القرآن وأحافظ على قراءته حتى يشفع لي يوم القيامة. 20- أَقْرأُ القرآن وأحفظه حتى يكون سبيلًا لدخول الجَنَّة إن شاء الله تعالى. 21- أَقْرأُ القرآن وأحفظه حتى أرتقي في أعلى الدرجات في الجَنَّة. 22- أَقْرأُ القرآن حتى أكون في أعلى الجنان مع السفرة الكرام.
تاسعًا: لماذا أعْتَمِرُ في رمضان؟ (نِيَّة العمرة في رمضان): أعتمرُ في رمضان لأنها تعدِل في الأجر؛ أجر حَجَّة مع النبي ﷺ.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الثلاثاء 04 أبريل 2023, 2:50 pm عدل 1 مرات
يقول أبو طالب المكي -رحمه الله- كما في "قوت القلوب: 2/308": "النِيَّة الصالحة هي أول العمل الصالح، وأول العطاء من الله تعالى، وهي مكان الجزاء، وإنما يكون للعبد من ثواب الأعمال على حسب ما يهب الله تعالى له من النِّيَّات، فربما اتفق في العمل الواحد نِيَّات كثيرة على مقدار ما يحتمل العبد في النِّيَّة، وعلى مقدار علم العامل؛ فيكون له بكل نِيَّة حسنة، ثم يضاعف كل حسنة عشر أمثالها؛ لأنها أعمال تجتمع في عمل".
ويقول الغزالي -رحمه الله- كما في "الإحياء: 4/323": "الطاعات مرتبطة بالنِّيَّات في أصل صحتها، وفي تضاعف فضلها، أما تضاعف الفضل فبكثرة النِّيَّات الحسنة، فإن الطاعة الواحدة يمكن أن ينوي بها خيرات كثيرة فيكون له بكل نِيَّة ثواب، إذ كل واحدة منها حسنة ثم تضاعف كل حسنة عشر أمثالها". اهـ.
ومن خلال هذا الكلام السابق يتبين لنا أن الله -تعالى- يعطي الأجر على حسب ما يجمع الإنسان من النِّيَّات في العمل، فيعطي الله على كل نِيَّة أجر، ومن هنا يعظم الثواب وتتضاعف الحسنات؛ لذا كان هذا الموضوع (النِّيَّات في رمضان، وكيف تتضاعف الحسنات فيه؟) من الأهمية بمكان.
وهذا أوان الشروع في الكلام عن هذا الموضوع. أولًا: لماذا أَصُومُ؟ (نِيَّات الصيام): 1- أَصُومُ لأن الصوم لا مِثْلَ له: أخرج الإمام أحمد وابن حبان واللفظ له عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: "أنشأ رسـول الله جيشًا فأتيته فقلت: يا رسول الله. ادع الله لي بالشهادة، قال: اللهم سلِّمهم وغنِّمهم، فغزونا، فسلمنا وغنمنا، حتى ذكر ذلك ثلاث مرات، قال: ثم أتيته، فقلت: يا رسول الله. إني أتيتك تترى ثلاث مرات أسألك أن تدعو لي بالشهادة، فقلت: اللهم سلِّمهم وغنِّمهم، فسلمنا وغنمنا يا رسول الله، فمرني بعمل أدخل به الجنة، فقال: عليك بالصوم فإنه لا مثل له (1)، قال: فكان أبو أمامة لا يرى في بيته الدخان نهارًا، إلا إذا نزل بهم ضيف، فإذا رأوا الدخان نهارًا عرفوا أنه قد اعتراهم ضيف". (صحيح الترغيب والترهيب: 986) (صحيح الجامع: 4044).
- وفي رواية النسائي أن أبا أمامة -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله! مرني بعمل، قال: "عليك بالصوم، فإنه لا عِدْل له (2)".
- في رواية عند النسائي أيضا والحاكم أنه قال: أتيت إلى رسول الله ﷺ فقلت: "يا رسول الله! مرني بأمر ينفعني الله به، قال: عليك بالصيام فانه لا مثل له ".
2- أَصُومُ لأن الصوم من أشرف العبادات: فقد أضاف الله -تعالى- الصوم له، فهذا يدل على تشريفه دون سائر العبادات.
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: قال الله -تعالى-: "كل عمل ابن آدم له (3) إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به....". الحديث.
وفي رواية لمسلم بلفظ: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعفُ له، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ -تعالى-: إلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ...". الحديث.
قال ابن عبد البر -رحمه الله- : كفى بقوله: "الصوم لي " فضلًا للصيام على سائر العبادات. اهـ.
3- أَصُومُ لأن الله يعطي على الصيام ما لا يعطي على غيره: قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في" فتح الباري: 4|130": المراد بقوله: "إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به "، أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته، وأما غيره من العبادات فقد اطَّلعَ عليها بعض الناس. اهـ.
وقال القرطبي -رحمه الله- : "معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس، وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله، إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير". اهـ.
كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: " ما من حسنة عملها ابن آدم إلا كُتبت له عشر حسنات إلى سبع مائة ضعف، قال الله-تعالى- : "إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به.....". الحديث.
وفي الصحيحين: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدم يُضَاعفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ -تعالى-: إلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ".
وفي رواية الترمذي: "إن ربكم يقول: كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والصوم لي وأنا أجزي به ". (صحيح الترغيب والترغيب: 968).
ولك أن تتخيل إذا قال الله -تعالى- الكريم: "وأنا أجزي به " فكيف سيكون العطاء؟
ويقول المناوي -رحمه الله- في "فيض القدير: 4|250": " قوله سبحانه: "وانا أجزي به" أي أجزي به صاحبه جزاء كثيرًا، وأتولى الجزاء عليه بنفسي فلا أكله إلى ملك مقرب، لأنه سر بيني وبين عبدي، لأنه لما كف نفسه عن شهواتها جوزي بتولي الله سبحانه إحسانه، وقوله تعالى عن الصيام: "أنا أجزي به ": يدل على أن الكريم إذا قال: أنا أتولَّى الإعطاء بنفسي، كان في ذلك إشارة إلى عظم قدر الجزاء، وسعة العطاء وتفخيمه. اهـ.
يقول المناوي أيضا في "المصدر السابق: 4|251": وقوله تعالى: "وأنا أجزي به " إشارة إلى عظم الجزاء وكثرة الثواب، لأن الكريم إذا أخبر بأنه يعطي العطاء بلا واسطة اقتضي سرعة العطاء وشرفه ". اهـ.
وقال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في" لطائف المعارف ص283": " يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة، فتكون الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد، بل يضاعفه الله -تعالى- أضعافًا كثيرة بغير حصر عدد، فإن الصيام من الصبر، والصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن ما حرَّم الله، وصبر على الأقدار المؤلمة، وتجتمع الثلاثة في الصوم، فإن فيه صبرًا على طاعة الله، وصبرًا عن ما حرَّم الله على الصائم من شهوات، وصبرًا على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع، والعطش، وضعف النفس والبدن، وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه، وخصوصا ألم الصيام؛ لأنه من الصبر.
وقد قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: 10). اهـ بتصرف واختصار.
4- أَصُومُ حتى أفرح عند فطري، وأفرح عند لقاء ربي: فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: ".... وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه (4)".
وأخرج الإمام مسلم والإمام أحمد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: "للصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه".
وقال ابن رجب -رحمه الله- في كتابه "لطائف المعارف ص215-221": "أما فرحة الصائم عند فطره: فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح، فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات، ثم أبيح لها في وقت آخر فرحت بإباحة ما منعت منه، خصوصًا عند اشتداد الحاجة إليه، فإن النفوس تفرح بذلك طبعًا. وأما فرحه عند لقاء ربه: فبما يجده عند الله من ثواب الصيام مدخرًا، فيجده أحوج ما كان إليه كما قال تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجرًا} (المزمل: 20).
5- أَصُومُ لأصل إلى مرتبة المُتَّقين، وهي من أفضل المنازل عند رب العالمين: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183).
قال البغوي -رحمه الله- في"معالم التنزيل: 1|196": وقوله تعالى (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) يعني بالصوم، لأن الصوم وسيلة إلى التقوى لما فيه من قهر النفس وكسر الشهوات". اهـ.
وقال ابن كثير في تفسيره: 1|318": "لأن الصوم فيه تزكية للبدن وتضيق لمسالك الشيطان ". اهـ.
والتقوى هي أعلى المراتب التي يصل إليها العبد المؤمن.
وقال الشيخ السعدي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ): فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى؛ لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه. اهـ.
فالصيام وسيلة للتقوى؛ لأن النفس إذا امتنعت عن الحلال طمعًا في مرضاة الله، وخوفًا من عقابه، فأولى أن تنقاد إلى الامتناع عن الحرام. والتقوى أصل كل خير، ولهذا جمع الله الأولين والآخرين، ثم وصاهم بوصية واحدة، فقال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ} (النساء: 131).
قال الغزالي -رحمه الله-: "أليس الله تعالى أعلم بصلاح العبد من كل أحد، أوليس هو أنصح له وأرحم وأرأف من كل أحد، ولو كانت في العالم خصلة هي أصلح للعبد، وأجمع للخير، وأعظم للأجر، وأجل في العبودية، وأولى بالحال، وأنجح في المآل من هذه الخصلة التي هي التقوى؛ لكان الله أمر بها عباده. فلما وصَّى الله بهذه الخصلة الواحدة وجمع الأولين والآخرين من عباده في ذلك واقتصر عليها، علمت أنها الغاية التي لا متجاوز عنها، ولا مقصود دونها، وعلمت كذلك أنها الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، الكافية لجميع المهمات المبلغة إلى أعلى الدرجات. اهـ.
وصدق القائل حيث قال: ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد فتقوى الله خـير الزاد زخرًا وعند الله للأتقى مزيد
6- أَصُومُ حتى أطهر قلبي من الغش والحقد والغل والوسوسة: ودليل ذلك ما أخرجه الإمام أحمد والبزار عن ابن عباس-رضي الله عنهما- عن النبي ﷺ قال: "صوم شهر الصبر (5) وثلاثة أيام من كل شهر: يذهبن وحر الصدر (6)". (صحيح الترغيب والترهيب: 1032).
فالصوم يطهر القلب من الآفات التي تبعث على الحقد، والحسد، والرياء، والكبر، والغرور، والغل، والغضب، والوسوسة، والغش. ويحمله على كظم الغيظ، والعفو، والصفح، والتسامح.
7- أَصُومُ لأن الصوم في الصيف جزاؤه الري والسقيا يوم العطش: فقد أخرج البزار عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: "أن رسول الله ﷺ بعث أبا موسى على سرية في البحر، فبينما هم كذلك، قد رفعوا الشِّراع (7) في ليلة مظلمة، إذا هاتف (8) فوقهم يهتف يا أهل السفينة! قِفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه، فقال أبو موسى: أخبرنا إن كنت مخبرًا، قال: إن الله تعالى قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه له في يوم صائف؛ سقاه الله يوم العطش".
- وفي رواية: "إن الله قضى على نفسه أن مَن عطش نفسه لله في يوم حار، كان حقًا على الله أن يُرويه يوم القيامة "فكان أبو موسى يتوخَّى اليوم الشديد الحر الذي يكاد الإنسان ينسلخ فيه حرًا فيصومه ". (ضعيف الترغيب والترغيب: 578).
وإن كان الحديث فيه ضعف إلا أن المعنى صحيح، فصيام نهار الصيف من خصال الإيمان؛ لطول نهار الصيف وشدة حره.
وكان أبو الدرداء -رضي الله عنه- يقول: "صوموا يومًا شديدًا حره لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل؛ لظلمة القبور". (لطائف المعارف ص: 446).
وقد نقل ابن رجب -رحمه الله- عن بعض السلف أنه قال: "بلغنا أنه يوضع للصُّوَّام مائدة يأكلون عليها والناس في الحساب، فيقولون: يا رب نحن نُحَاسَب وهم يأكلون، فيقال: إنهم طالما صاموا وأفطرتم، وقاموا ونمتم". (لطائف المعارف ص 228).
وما بكى العباد على شيء عند موتهم إلا على ما يفوتهم من ظمأ الهواجر. - قال معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عند موته: "مرحبًا بالموت، زائر مغب، حبيب جاء على فاقة، اللهم كنتُ أخافك فأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر". (حلية الأولياء: 1|239) (الزهد للإمام أحمد ص180).
8- أَصُومُ لأن الصوم في الشتاء: الغنيمة الباردة: أخرج الإمام أحمد عن عامر بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله ﷺ أنه قال: "الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ". (الصحيحة: 1922) (صحيح الجامع: 3868).
قال البيهقي -رحمه الله-: هذا موقوف على كلام أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقال السخاوي: وهو أصح. وفي "حلية الأولياء" وكتاب "الزهد" للإمام أحمد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: "الشتاء غنيمة العابدين".
وقال الحسن -رحمه الله-: "نِّعم زمان المؤمن الشتاء، ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه".
وقال قتادة -رحمه الله-: "إن الملائكة تفرح بالشتاء للمؤمن، يقصر النهار فيصومه، ويطول الليل فيقومه".
وكان عبيد بن عمير إذا جاء الشتاء يقول: "يا أهل القرآن، قد طال الليل لصلاتكم، وقصر النهار لصومكم".
وقال المناوي -رحمه الله- في "فتح القدير: 4|243" في شرح حديث: "الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة". أي: الغنيمة التي تحصل بغير مشقة، والعرب تستعمل البارد في شيء ذي راحة، والبرد ضد الحرارة؛ لأن الحرارة غالبة في بلادهم، فإذا وجدوا بردًا عدُّوه راحة ". اهـ.
فبادر أخي... إلى الصيام في الشتاء تحصّل الغنائم وتكن من السعداء.
9- أَصُومُ لأن للصائم دعوة لا ترد: فالصائم له دعوة مستجابة لا ترد. 1- فقد أخرج البيهقي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال:
2- قال رسول الله ﷺ: "ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ". (صحيح الجامع: 3032).
2- وفي رواية: "ثلاثُ دَعواتٍ مستجاباتٌ: دعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المظلومِ، ودعوةُ المسافِرِ (9)". (رواه البيهقي في" شعب الإيمان" من حديث أبي هريرة وهو في صحيح الجامع: 3030).
3- وأخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الربًّ: وعزتي لا نصرنك ولو بعد حين ". (صحيح الترمذي: 2050).
فأعظم به من دعاء يخرج من شفاه ذابلة من الصيام، يصعد إلى السماوات فما يرده الله بكرمه.
10- أَصُومُ حتى يكون خُلوف فمي أطيب عند الله من ريح المسك: فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "والذي نفس محمد بيده، لخُلُوف (10) فم الصائم، أطيب عند الله من ريح المسك".
وأخرج الإمام مسلم وابن حبان واللفظ له من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله ﷺ قال: قال الله تعالى: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، والصيام لي وأنا أجزي به، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك".
قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في" لطائف المعارف ص221": خُلُوف الفم: رائحة ما يتصاعد منه من الأبخرة، لخلو المعدة من الطعام بالصيام، وهي رائحة مستكرهة في مشام الناس في الدنيا، ولكنها عند الله طيبة، حيث إنها ناشئة عن طاعته وابتغاء مرضاته، كما أن دم الشهيد يجئ يوم القيامة يثعب دمًا، لونه لون الدم وريحه ريح المسك.
ومعنى طيب ريح خلوف الصائم عند الله: أن الصيام لما كان سرًا بين العبد وبين ربه في الدنيا، أظهره الله في الآخرة علانية للخلق؛ ليشتهر بذلك أهل الصيام، ويُعْرَفون بصيامهم بين الناس لإخفائهم صيامهم في الدنيا.
قال أبو حاتم -رحمه الله-: "شعار المؤمنين في القيامة التحجيل بوضوئهم في الدنيا، فرقًا بينهم وبين سائر الأمم، وشعارهم في القيامة بصومهم طيبُ خُلُوفهم أطيب من ريح المسك؛ ليُعْرَفوا من ذلك الجمع بذلك العمل. نسأل الله بركة هذا اليوم".
قال ابن جماعة -رحمه الله-: "وفي الحديث أن خُلُوف فم الصائم أفضل من دم الجريح في سبيل الله؛ لأن النبي ﷺ قال في الشهيد: "إن ريحه ريح المسك"، وقال ﷺ في خلوف الصائم: "أطيب من ريح المسك".
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في" فتح الباري: 4/142": "ويؤخذ من قوله: "أطيب من ريح المسك" أن الخلوف أعظم من دم الشهادة في سبيل الله، لأن دم الشهيد شُبه بريح المسك، والخلوف وصف بأنه أطيب، ولا يلزم من ذلك أن يكون الصيام أفضل من الشهادة كما لا يخفى. اهـ.
وقفة: يقول المناوي -رحمه الله- في" فيض القدير: 4|250": وقوله: "ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك". فإذا كان هذا بتغير ريح فمه فما ظنك بصلاته وقراءته وسائر عباداته؟
11- أَصُومُ لأن الصوم جُنَّة عن الشهوات: أ- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "قال الله -تعالى- "كل عمل ابن آدم له (11) إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به، ثم قال النبي ﷺ: والصيام جُنَّة (12)، فإذا كان يوم صوم أحدكم؛ فلا يرفث (13) ولا يصخب (14)، فإن سابَّه أحد (15) أو قاتله (16)، فليقل: إنِّي صائم، إنِّي صائم (17)....".
ب- وفي لفظ للبخاري: "الصيام جنة، فلا يرفث، ولا يجهل (18)، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم، إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، يترك طعامه، وشرابه، وشهوته (19) من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها....".
جـ- وعند الإمام أحمد وابن حبان من حديث جابر -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: "يا كعب بن عُجرة! الصوم جُنّة، والصدقة تطفئ الخطيئة، والصلاة برهان- أو قال: قربان- يا كعب ابن عُجرة. الناس غاديان: فمبتاع نفسه فمعتقها، وبائع نفسه فموبقها ".
د- أخرج الترمذي والنسائي من حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال له: "ألا أدلك على أبواب الخير، قلت: بلى يا رسول الله: قال: الصوم جنة، والصدقة تطفى الخطيئة كما يطفئ الماء النار...".
هـ- وأخرج الطبراني من حديث إبي إمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "الصيام جُنَّةٌ، وهو حصنٌ من حصونِ المؤمن، وكل عمل لصاحبه إلا الصيام، يقول الله: الصيام لي، وأنا أجزي به ". (صحيح الجامع: 3881).
قال ابن الأثير في "النهاية": معنى كونه جنة: أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات.
قال ابن حجر -رحمه الله-: الجنة: الوقاية والستر، وتبيَّن بالروايات متعلق هذا الستر وأنه من النار، وبهذا جزم ابن عبد البر -رحمه الله-.
وقال القاضي عياض -رحمه الله-: "معناه: ستره من الآثام، أو من النار، أو من جميع ذلك".
وبالأخير جزم النووي -رحمه الله-: وقال ابن العربي -رحمه الله-: "إنما كان الصوم جنة من النار، لأنه إمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات. كما جاء في الحديث: "حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات".
قال الشيخ عمر الأشقر -رحمه الله-: "الصيام جنة ووقاية يقي العبد الذنوب والمعاصي، والبغيض من الكلام، والسيئ من الفعال، وبذلك يتقي العبد النار". اهـ.
قال المناوي -رحمه الله- في "فتح القدير: 4|242": "الصوم وقاية في الدنيا من المعاصي بكسر الشهوة؛ لأنه يقمع الهوى، ويردع الشهوات التي هي من أسلحة الشيطان، فإن الشبع مجلبة للآثام، منقصة للإيمـان ولهذا قال النبي ﷺ: "ما ملأ آدمي وعاء شرًا من بطنه".
فإذا ملأ بطنه انتكست بصيرته، وتشوَّشت فكرته، وغلب عليه الكسل والنعاس؛ فيمنعه عن العبادات، ويشتد غضبه وشهوته فيقع في الحرام. اهـ بتصرف واختصار.
قال بعض السلف: "طوبي لمن ترك شهوة حاضرة لموعد غيب لم يره".
و- وأخرج الإمام أحمد والطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي ﷺ قال: "خصاء أمتي الصيام".
وقال مجاهد بن جبر -رحمه الله- في قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} (البقرة: 45): "الصبر هو الصيام".. لأن الصائم يصبر نفسه عن شهواتها". (أخرجه ابن ابي حاتم في تفسيره: 1/154) (انظر شرح العمدة: كتاب الصيام لشيخ الإسلام: 1/25).
• ففي الصوم كسر للشهوة، وقمع للشيطان بسد مسالكه وتضييق مجاريه؛ ولذلك وصفه الرسول ﷺ للشباب الذين ليس لهم قدرة على الزواج؛ ليُقوِّم أخلاقهم، ويكسر شهوتهم، ويعدل سلوكهم.
ز- فقد أخرج البخاري من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "يا معشر (20) الشباب! مَن استطاع منكم الباءة (21) فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء (22)".
قال ابن الأثير -رحمه الله- في "النهاية": نزل رسول الله ﷺ كسر الصوم للشهوة منزلة رض الأنثيين في حسم الشهوة.
وقال ابن القيم -رحمه الله- في "روضة المحبين ص220": "وقد أرشد النبي ﷺ الشباب الذين هم مظنة العشق إلى أنفع أدويتهم... فأرشدهم إلى الدواء الشافي الذي وضع لهذا الأمر، ثم نقلهم عنه عند العجز إلى البدل وهو: الصوم، فإنه يكسر شهوة النفس، ويضيق عليها مجاري الشهوة، فإن هذه الشهوة تقوى بكثرة الغذاء وكيفيته، فكمية الغذاء وكيفيته يزيدان في توليدها والصّوم يضِّيق عليها ذلك، فيصير بمنزلة وجاء الفحل، وقل من أدمن الصوم إلا وماتت شهوته أو ضعُفَت جدا والصوم المشروع يعدلها واعتدالها حسنة بين سيئتين، ووسط بين طرفين مذمومين، وهما العُنّة والغُلمة الشديدة المفرطة وكلاهما خارج عن الاعتدال، وكلا طرفي قصد الأمور ذميم، وخير الأمور أوساطها...".اهـ. باختصار.
فيا معشر الصُّوَّام... اعلموا أن مَن صام عن شهواته في الدنيا؛ أدركها غدًا في الجنة.
فالصيام من أعظم أعمال البر والخير والتي أعد الله لعامليها أمرين عظيمين: الأول: (مغفرة) وذلك بغفران الذنوب: أي بسترها وعدم المحاسبة عليها، ونكرت المغفرة لتعظيم أمرها، فهي إذا مغفرة شاملة.
الثاني: (وأجرًا عظيمًا) أي يوم الحساب. أ- وأخرج البخاري ومسلم من حديث حذيفة -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: "فتنة الرجل (23) في أهله (24) وماله (25) ونفسه (26) وولده (27) وجاره (28)؛ يكفرها الصيام، والصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
ونبَّه على الصلاة والصيام على العبادة الفعلية، وبالصدقة على المالية، وبالأمر والنهي على القولية فهي أصول المكفرات والمراد الصغائر فقط، ويحتمل أن يكون كل واحد من الصلاة وما بعدها يكفر المذكورات كلها لا كل واحد منها، وخص الرجل لأنه غالبا صاحب الحكم في داره وأهله، وإلا فالنساء شقائق الرجال في الحكم. (أفاده المناوي -رحمه الله- في فيض القدير: 4|423).
وقد ترجم البخاري -رحمه الله- على الحديث السابق بقوله: "باب الصوم كفارة".
وقال القاري -رحمه الله- كما في "مرقاة المفاتيح: 9|328": والمعنى أن الرجل يبتلى ويمتحن في هذه الأشياء، ويسأل عن حقوقها، وقد يحصل له ذنوب من تقصيره فيها، فينبغي أن يكفرها بالحسنات، لقوله تعالى: ﴿إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ (هود: 144).
ب- وأخرج البخاري ومسلمً من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله ﷺ قال: "مَن صام رمضان إيمانًا (29) واحتسابًا (30)؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".
والمُراد بالإيمان: الاعتقاد بحق فرضية صومه، وبالاحتساب: طلب ثوابه من الله تعالى. (فتح الباري: 4/115).
قال المناوي -رحمه الله- في "فتح القدير: 6|207": "وفي الحديث السابق بيان فضل رمضان وصيامه وأن تنال به المغفرة، وأن الإيمان هو: التصديق والاحتساب، وهو شرط لنيل الثواب والمغفرة في صوم رمضان، فينبغي الإتيان به بنية خالصة وطوية صافية امتثالًا لأمره تعالى واتكالًا على وعده من غير كراهية وملالة لما يصيبه من أذى الجوع والعطش وكلفة الكف عن قضاء الوطر، بل يحتسب النصب والتعب في طول أيامه ولا يتمنى سرعة انصرامه ويستلذ مضاضته ". اهـ.
جـ- أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله ﷺ قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مُكفراتٌ ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".
فأنعم به من شهر تُغْفَر فيه الزلات، وتُكفَّر السيئات، وينال العبد فيه رضا وعفو رب الأرض والسماوات.
د- وأخرج الطبراني في "الأوسط" عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن الحبيب النبي ﷺ قال: "صوم يوم عرفة كفارة السَّنَة الماضية والسَّنَة المُقبلة". (صحيح الجامع: 3805).
هـ- وعند الإمام مسلم من حديث أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "صيام يوم عرفة، إني أحتسب على الله أن يُكَفِّر السَّنَة التي قبله (31) والتي بعده (32)، وصيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يُكَفِّر السَّنَة التي قبله".
ذكر المناوي -رحمه الله- في "فتح القدير: 4|23": قول الطيبي -رحمه الله- حيث قال: "وكان القياس أن يقول: "أرجو من الله"، فوضع محله "أحتسب" وعدَّاه بـ (على) التي للوجوب على سبيل الوعد؛ مبالغة في تحقيق حصوله". ا هـ بتصرف واختصار.
ولهذا قال صاحب العدة: "ولذلك فإن الصيام لا يوجد شيء مثله من العبادات ".
13- أَصُومُ لأن الصيام جُنَّة من النار: أخرج الإمام أحمد والنسائي عن عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ أنه قال: "الصوم جُنَّة من عذاب الله". (صحيح الجامع: 3866).
وعند الإمام أحمد والنسائي أيضًا بلفظ: "الصيام جُنَّة من النار كجُنَّة أحدكم من القتال". (صحيح الترغيب والترهيب: 982) (صحيح الجامع: 3879).
- وعند الإمام أحمد من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "إنما الصيام جُنَّة يستجن بها العبد من النار". (صحيح الترغيب والترهيب: 981) (صحيح الجامع: 3867).
- وعند أحمد أيضًا من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: "الصيام جُنَّة، وحصن حصين من النار". (صحيح الترغيب والترهيب: 980) (صحيح الجامع: 3880).
- وأخرج الإمام أحمد والبيهقي في "شعب الإيمان" من حديث جابر-رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: قال الله تعالى: "الصيام جُنَّة ـ يستجن بها العبد من النار، وهو لي وأنا أجزى به". (صحيح الجامع: 4308).
- وعند الطبراني في الكبير عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول ﷺ: "الصيام جُنَّة وهو حصن من حصون المؤمن، وكل عمل لصاحبه إلا الصيام، يقول الله الصيام لي وأنا أجزي به". (صحيح الجامع: 3881).
- وأخرج ابن حبان من حديث كعب بن عُجْرةَ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "يا كعب بن عجرة: الناسُ غاديان: فغادٍ في فكاك نفسه فمعتقها، وغاد فموبقها. يا كعب بن عُجْرةَ: الصلاةُ قربان، والصوم جُنَّة، والصدقة تطفئُ الخطيئة كما يذهبُ الجليدُ على الصفا".
- وعند الإمام أحمد وابن حبان من حديث جابر -رضي الله عنه- بلفظ: "يا كعب بن عُجرة! الصلاة برهان -أو قال: قربان- والصوم جُنّة [حصينة]، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، يا كعب بن عُجرة. الناس غاديان: فمبتاع نفسه فمُعتقها، وبائع نفسه فمُوبقها".
- قال القاضي عياض -رحمه الله-: "(جُنَّه) أي ستر ومانع من الرفث والآثام أو مانع من النار وساتر منها أو مانع من جميع ذلك". (الإكمال: 4/110).
- قال المناوي في "فيض القدير: 4|242": وقول النبي ﷺ: "الصيام جُنَّة" أي: وقاية في الدنيا من المعاصي، بكسر الشهوة، وحفظ الجوارح، وفي الآخرة من النار". (التيسير بشرح أحاديث الجامع الصغير: 2/207).
- وقال أيضًا -رحمه الله-: "الصوم جُنَّة من عذاب الله، فليس للنار عليه سبيل، كما لا سبيل لها على مواضع الوضوء؛ لأن الصوم يغمر البدن كله فهو جُنَّة لجميعه، يرحمه الله به من النار".
- وقال ابن عبد البر -رحمه الله-: "والجُنَّة: الوقاية والستر من النار، وحسبك بهذا فضلًا للصائم". (التمهيد: 19/54).
- وقال ابن العربي -رحمه الله-: "إنما كان الصوم جُنَّة من النار؛ لأنه إمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات". (فتح الباري: 4/125).
- وقال ابن حجر -رحمه الله-: "فالحاصل أنه إذا كف نفسه عن الشهوات في الدنيا كان ذلك ساترًا له من النار في الآخرة". (فتح الباري: 4/125).
- أخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ: أنه قال: "ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله تعالى إلا بَاعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا".
- وفي رواية في الصحيحين بلفظ: "من صام يومًا في سبيل الله بَعّد الله وجهه عن النار سبعين خريفا".
- وأخرج الإمام أحمد والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "من صام يومًا في سبيل الله، زحزح الله وجهه عن النار بذلك اليوم سبعين خريفًا". (صحيح الجامع: 6334).
- وأخرج النسائي وابن ماجه عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "من صام يوما في سبيل الله، باعد الله بذلك اليوم حر جهنم عن وجهه سبعين خريفًا". (صحيح الجامع: 6329).
قال القرطبي -رحمه الله-: "في سبيل الله: طاعة الله، فالمراد: مَن صام قاصدًا وجه الله". (فتح الباري: 2840).
وقال المناوي -رحمه الله- في "فيض القدير: 6/161": وقوله" في سبيل الله": أي لله ولوجهه، أو في الغزو، أو الحج.
وقوله" باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا"، أي: سبعين سنة، والمعنى: نحَّاه وباعده منها مسافة تقطع في سبعين سنة إذ كل ما مّر خريف انقضت سنة، فهو من إطلاق اسم البعض على الكل، وذكر الخريف من ذكر الجزء وإرادة الكل، وخص دون غيره من الفصول لأنه وقت بلوغ الثمار وحصول سعة العيش، وذلك لأنه تحمّل مشقة الصوم ومشقة الغزو فاستحق هذا التشريف". أهـ.
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: وقوله "سبعين خريفًا" والخريف زمان معلوم من السَّنَة، والمُراد به هنا العام، وتخصيص الخريف بالذكر دون بقية الفصول الصيف والشتاء والربيع، لأن الخريف أزكى الفصول لكونه يجنى فيه الثمار". (تحفة الأحودي: 5/207).
- وأخرج النسائي من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "مَن صام يومًا في سبيل الله، باعد الله منه جهنم مسيرة مائة عام". (صحيح الجامع: 6330).
وعند الطبراني في الكبير عن عمرو بن عبسه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "مَنْ صام يوماً في سبيل الله بَعُدت منه النار مسيرة مائة عام". (صحيح الترغيب والترهيب: 988).
وأخرج الترمذي من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: "مَنْ صام يومًا في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقًا كما بين السماء والأرض". (صحيح الترغيب والترهيب: 991)، (صحيح الجامع: 6333).
فإذا كان هذا بصيام يوم واحد نفلًا يُباعد اللهُ بينه وبين النار "سبعين خريفاً"، وفي رواية: "مائة عام"، وفي رواية: "خندقًا": أي مسافة خمسمائة عام، فما ظنّك بصيام شهر رمضان وهو الفريضة؟
• فمَنْ أراد أن تُعتق رقبته من النار فعليه بالصيام. فقد أخرج الإمام أحمد والطبراني بإسناد حسن عن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: "لله -تعالى- عند كل فطر عتقاء". (صحيح الترغيب والترهيب: 1001).
وفي رواية أخرى: "إن لله تعالى عند كل فطرٍ عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة". (صحيح الجامع: 2170).
فأنعم به من شهر تُعْتَق فيه الرقاب من النار، ويُنَال فيه رحمة العزيز الغفار.
14- أَصُومُ حتى يشفع لي الصوم عند الله يوم القيامة: فقد أخرج الإمام أحمد والطبراني في الكبير عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله ﷺ قال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربِّ منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل، فشفعني فيه قال: فيشفعان (33)". (صحيح الترغيب والترهيب: 984) (صحيح الجامع: 3882).
قال الألباني -رحمه الله-: أي: يشفِّعهما الله فيه ويدخله الجنة.
15- أَصُومُ حتى أكون من جملة مَن يُنادَى عليهم من باب الرَّيان: 1- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: "إن في الجنة بابًا يقال له الرَّيان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلِق فلم يدخل منه أحد".
- زاد الترمذي: "ومَن دخله لم يظمأ أبدًا".
- وفي رواية عند البخاري: "في الجنة ثمانية أبواب، فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون".
- وفي رواية ابن حبان: "في الجنة باب يقال له الريان أعد للصائمين، فإذا دخل أخرهم أغلق".
- وفي رواية ابن خزيمة: "للصائمين باب في الجنة يقال له الريان، لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخل آخرهم أُغلِق، ومَن دخل شرب، ومَن شرب لم يظمأ أبدًا". (صحيح الترغيب والترهيب: 979).
وقوله في الحديث السابق "فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد"، كرر نفي دخول غيرهم منه تأكيدًا.
قال الزين بن المنير -رحمه الله- في الحديث السابق: إنما قال: "في الجنة"، ولم يقل: "للجنة" ليشعر بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة ما في الجنة، فيكون أبلغ في التشوق إليه.
2- وأخرج البخاري ومسلم أيضًا من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال: "مَن أنفق زوجين (34) في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير، فمَن كان من أهل الصلاة (35) دعي من باب الصلاة، ومَن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومَن كان من أهل الصيام دعي من باب الرَّيان، ومَن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما على مَن دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال: نعم. وأرجو (36) أن تكون منهم".
وقال الزركشي -رحمه الله-: الرَّيان على وزن فَعْلان أي: كثير الري، وهو نقيض العطش، سمي بذلك لأنه جزاء للصائمين على عطشهم وجوعهم وليس المراد المقتصر على شهر رمضان، بل ملازمة النوافل من ذلك وكثرتها. (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: 4/230).
ونقل الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في "فتح الباري: 4/134" عن القرطبي أنه قال: اكتفي بذكر الري عن الشبع؛ لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه، ثم قال الحافظ: أو لكونه أشق على الصائم من الجوع.
وقال الحافظ أيضًا: وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه؛ لأنه مشتق من الري، وهو مناسب لحال الصائمين.
وقال النووي -رحمه الله-: قال العلماء: سُمِّىَ باب الريان تنبيهاً على أن العطشان بالصوم في الهواجر سيروي وعاقبته إليه وهو مشتق من الري".
وقال عز الدين بن عبد السلام: "أما تخصيص دخولهم الجنة بباب الريان، فإنهم ميزوا بذلك الباب لتميز عبادتهم وشرفها". (فوائد الصوم لعز الدين بن عبد السلام).
وقال المهلب -رحمه الله-: إنما أُفرد الصائمين بهذا الباب ليسارعوا إلى الري من عطش الصيام في الدنيا إكرامًا لهم واختصاصًا، ليكون دخولهم في الجنة هينًا غير متزاحم عليهم عند أبوابها، كما خص النبي ﷺ أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- بباب في المسجد يقرب منه خروجه إلى الصلاة، ولا يزاحمه فيه أحد، وأغلق سائرها إكرامًا وتفضيلًا". (فتح الباري: 4/15).
16- أَصُومُ لأن الصوم سبيلي إلى الجَنَّة: أخرج الإمام أحمد عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: "أسندتُ النبي ﷺ إلى صدري، فقال: مَن قال: "لا إله إلا الله" خُتِم له بها دخل الجنة، ومَن صام يومًا ابتغاء وجه الله خُتِم له بها دخل الجنة، ومَن تصدَّق بصدقة ابتغاء وجه الله خُتِم له بها دخل الجنة". (صحيح الترغيب والترهيب: 985) (صحيح الجامع: 6224).
ورواه الأصبهاني بلفظ: "يا حذيفة مَنْ خُتم له بصيام يوم يريد به وجه الله تعالى أدخله اللهُ الجنة".
ورواه البزار بلفظ: "مَن خُتِمَ له بصيام يومٍ دخل الجنة". (صحيح الجامع: 6224).
قال المناوي -رحمه الله- "في فيض القدير: 6/123": أي مَن ختم عمره بصيام يوم، بأن مات وهو صائم، أو بعد فطره من صومه دخل الجنة مع السابقين الأولين، أو من غير سبق عذاب.
وقال ابن خزيمة -رحمه الله-: إيجاب الله -تعالى- الجنة للصائم يومًا واحدًا، إذا جمع مع صومه صدقة، وشهود جنازة، وعيادة مريض. اهـ.
ويدل على هذا الحديث الذي رواه الإمام مسلم وابن خزيمة من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "مَن أصبح منكم اليوم صائمًا ؟ فقال أبو بكر: أنا، فقال: مَن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا، فقال: مَن تبِع منكم اليوم جنازة؟ فقال أبو بكر: أنا، قال: مَن عاد منكم اليوم مريضًا: قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله ﷺ: ما اجتمعت هذه الخصال قط في رجل [في يوم] إلا دخل الجنة".
- وفي رواية: "ما اجتمعن في أمرئ إلا دخل الجنة".
وصيام شهر رمضان مع باقي الأعمال سبيل لسكنى الجنان: فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن أعرابياً جاء إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة، قال: "تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان"، قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئاً أبداً ولا أنقص منه، فلمَّا ولَّى قال النبي ﷺ: مَنْ سَرَّهُ أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا".
وأخرج النسائي بسنده عن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-: "أن أعرابيًا جاء إلى رسول الله ﷺ ثائر الرأس، فقـال: يا رسول الله. أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الصلاة: قال: "الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا"، قال: أخبرني بما افترض الله عليَّ من الصيام قال: "شهر رمضان إلا أن تطوع شيئًا"، قال: أخبرني بما افترض الله عليَّ من الزَّكاة، فأخبره رسول الله ﷺ بشرائع الإسلام، فقال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئًا ولا أنقص مما فرض الله عليَّ شيئًا، فقال: رسول الله ﷺ: "أفلح إن صدق" - أو"دخل الجنة إن صدق".
وأخرج الإمام مسلم من حديث جابر -رضي الله عنه- أن رجلا سأل رسول الله ﷺ فقال: "أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات، وصمت رمضان، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام، ولم أزد على ذلك شيئاً، أأدخل الجنة؟ قال: نعم، قال: والله لا أزيد على ذلك شيئًا".
وأخرج البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: "مَنْ آمن بالله وبرسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقاً على الله أن يُدخله الجنة، جاهد في سبيل، أو جلس في أرضه التي ولد فيها...".
وأخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي واللفظ له من حديث أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- يقول: سمعتَ رسولَ اللَّهِ ﷺ يخطُبُ في حَجَّةِ الوداعِ فقالَ: "اتَّقوا اللَّهَ ربَّكم، وصلُّوا خمسَكم، وصوموا شَهرَكم، وأدُّوا زَكاةَ أموالِكم [طيبة بها أنفسكم]، وأطيعوا ذا أمرِكم، تدخلوا جنَّةَ ربِّكُم". (صحيح الترمذي: 616) (صحيح الجامع: 109).
وأخرج أبو داود من حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسولَ اللَّهِ ﷺ: "خمسٌ مَن جاءَ بهن مع إيمانٍ دَخَلَ الجنةَ: مَن حافَظَ على الصلواتِ الخمسِ على وضوئِهن، وركوعِهن، وسجودِهن، ومواقيتِهن؛ وصامَ رمضانَ، وحجَّ البيتَ إن استطاع إليه سبيلًا، وأعطى الزكاةَ طيِّبَةً بها نفسُه، وأدَّى الأمانةَ". قالوا: يا أبا الدرداءِ، وما أداءُ الأمانةِ؟ قال: الغُسْلُ مِن الجَنابَةِ. (صحيح أبي داود: 429).
فالله... الله في الصيام...
وكأن الحُور تنادي على أهل الصيام وتقول: أتطلب مثلي وعنِّي تنام ونوم المحبين عنا حرام لأنا خُلقنا لكل امرئ كثير الصلاة براه الصيام
17- أصوم وأتابع الصيام حتى أكون في أعلى الجنان: فقد أخرج الإمام أحمد عن أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "إن في الجنة غُرفًا يُري ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدَّها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلَّى بالليل والناس نيام". (صحيح الجامع: 2123).
وأخرج الترمذي من حديث علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله ﷺ: "إنَّ في الجنَّةِ غُرفًا تُرَى ظُهورُها من بطونِها وبطونُها من ظُهورِها فقامَ أعرابيٌّ فقالَ: لمن هيَ يا رسولَ اللَّهِ؟ فقالَ: لمن أطابَ الكلامَ، وأطعمَ الطَّعامَ، وأدامَ الصِّيامَ، وصلَّى باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ". (صحيح الترمذي: 1984).
وأخرج الطبراني في الكبير والحاكم عن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: "إِنَّ في الجنةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُها من باطِنِها، وباطِنُها من ظَاهِرِها. فقال أبو مالِكٍ الأَشْعَرِيُّ: لِمَنْ هيَ يا رسولَ اللهِ؟ قال: هي لِمَنْ أَطَابَ الكَلامَ، وأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وباتَ قائِمًا والناسُ نِيامٌ". (صحيح الترغيب: 946).
• فهنيئًا للصائمين هنيئًا لمَن أُعدَّت لهم هذه الغرف، وما أدراك ما الغرف. - فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة في الجنة، كما تراءون الكوكب في السماء".
- وفي رواية عند البخاري ومسلم والترمذي واللفظ له من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "أن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم".
18- أَصُومُ حتى أكون في الجَنَّة مع الصِّدِّيقين والشهداء: قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا} (النساء: 69).
وأخـرج البزار وابن خزيمة بسند صحيح صححه الألبـاني عن عمرو بنِ مُرَّة الجُهَنِيِّ -رضي الله عنه- قال: "جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله. أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته، فمِمَّن أنا؟ قال: "من الصِّدِّيقين والشهداء". (صحيح الترغيب والترهيب: 361).
ورواه ابن خزيمة بلفظ: "جاء رجل من قضاعة إلى رسول الله ﷺ فقال: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان وقمته، وآتيت الزكاة، فقال رسول الله: "من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء".
قال ابن خزيمة -رحمه الله-: استحقاق قائمة اسم الصديقين والشهداء، إذا جمع مع قيامه رمضان صيام نهاره، وكان مقيمًا للصلوات الخمس، مؤديًا للزكاة شاهدًا لله بالوحدانية مُقِرًا للنبي ﷺ بالرسالة.
يا معشر الصُّوَّام... صوموا عن الدنيا وعن الشهوات، وجاهدوا أنفسكم حتى تسمعوا نداء الملائكة: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} (الحاقة: 24) فمَن ترك لله في الدنيا طعامًا وشرابًا مدة يسيرة، عوَّضه الله عنه طعامًا وشرابًا لا ينفد، ومَن ترك شهوته عوَّضه الله في الجنة أزواجًا لا يمتن أبدًا.
قال الحسن -رحمه الله-: تقول الحوراء لولي الله وهو متكئ معها على نهر العسل تعاطيه الكأس، إن الله نظر إليك في يوم صائف بعيد ما بين الطرفين، وأنت في ظمأ هاجرة من جهد العطش، فباهى بك الملائكة، وقال: انظروا إلى عبدي ترك زوجته وشهوته ولذته وطعامه وشرابه من أجلي؛ رغبة فيما عندي، اشهدوا أني قد غفرت له، فغفر لك يومئذ وزوجني إياك. (لطائف المعارف ص167).
فهنيئًا للصائمين: من يرد ملك الجنان فلْيَدَعْ عنه التــــواني وليقم في ظلمة الليل إلى نور القــــــــرآن وليصل صومًا بصوم إن هذا العــيش فاني إنما العيش جوار الله فـي دار الأمــــــــان
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتقبَّل منا الصيام، والقيام، وصالح الأعمال، وأن يرزقنا صحبة الحبيب العدنان صلى الله عليه وسلم. ----------------------------------
الهوامش: 1. فإنه لا مثل له: قال السندي -رحمه الله-: أي في كسر الشهوة، ودفع النفس الامّارة والشيطان، أو لا مثل له في كثرة الثواب والأجر. (شرح سنن النسائي: 4|165). 2. لاعِدْل له: والعدل بكسر فسكون: المثل والنظير، أي لا وزن لثوابه، والله يضاعف لمن يشاء. 3. كل عمل ابن آدم له: أي له أجر محدد إلا الصوم فأجره بدون حساب، ويشهد لهذا المعنى رواية مسلم "كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم..". 4. وإذا لقي ربه فرح بصومه: أي بجزائه وثوابه – كما جاء في رواية للإمام أحمد "وإذا لقي الله فجزاه، فرح...". 5. شهر الصبر: هو شهر رمضان. 6. وحر الصدر: بفتح الواو والحاء المهملة بعدها راء، أي غشه، وحقده، ووساوسه (النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: 5/160). 7. ـ الشِّراعُ: بكسر الشين المعجمة، وهو قلع السفينة الذي يصفقه الريح فتمشي. 8. الهاتف: هو من يُسمع صوته ولم ير شخصه "المصباح". 9. قال المناوي- رحمه الله - كما في التيسير بشرح الجامع الصفير: 1/949": وقوله: ( ثلاثُ دَعواتٍ): بفتح العين، (مستجاباتٌ): عند الله تعالى إذا توفرت شروطها وأركانها، (دعوةُ الصائِمِ) ولو نفلًا حتى يفطر ومراده كامل الصوم، (ودعوةُ المظلومِ) على ظلمه حتى ينتصر. اهـ. 10. الخُلُوف: بضم الخاء المعجمة واللام وهو: هو تغير راحة الفم من الصوم لخلو المعدة من الطعام بسبب الصيام، أما الخَلوف بالفتح: فهو الذي يَعِد ويخلف "أفاده الخطابي – رحمه الله –" (أنظر فتح الباري: 4/105). 11. كل عمل ابن آدم له: أي له أجر محدد إلا الصوم فأجره بدون حساب، ويشهد لهذا المعنى رواية مسلم "كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم..". 12. ـ جُنَّة: وهي بضم الجيم، وهي الستر والوقاية، ومنه المجن يقال للدّرع من الحديد يلبسه المقاتل، لأنه يستره من ضربات السيف، فالصوم هو: ما يجنُّ الإنسان أي يستره، والمعنى أن الصوم يستر صاحبه ويقيه من ارتكاب المعاصي، والوقوع في الشهوات الموجبة لدخول النار. قال النووي -رحمه الله-: جُنًّة أي ستر مانع من الرفث والآثام، ومانع أيضا من النار، ومنه "المِجن" وهو الترس، ومنه سمي الجن لاستتارهم عن العيون. 13. الرفث: بفتح الراء والفاء، يطلق ويراد به الجماع، ويطلق ويراد به الفحش، ويطلق ويراد به خطاب الرجل والمرأة فيما يتعلق بالجماع. وقال كثير من العلماء: أن المراد به في هذا الحديث: الفحش، وردئ الكلام. 14. لا يصخب: أي لا يصيح، وأصل الصخب: اللغط والخصام والصياح، والمراد بالنهي هنا تأكيده حالة الصوم، والا فغير الصائم منهي عن ذلك أيضا. (فتح الباري: 4/105). 15. سابه أحد: أي شاتمه. 16. أو قاتله: أي تهيأ لمقاتلته، فانه إذا قال: " إني صائم" أمكن ان يكف عنه، فان أصر دفعه بالأخف فلأخف كألصائل (المصدر السابق). 17. فليقل إني صائم، إني صائم، ويستحب أن يجهر بها، وفي هذا فائدتان: الأولي: "علم الشاتم بأن المشتوم لم يترك مقابلته إلا لكونه صائما لا لعجزه". والثانية: " تذكر الشائم بان الصائم لا يشاتم أحد، فيكون متضمنًا نهيه عن الشتم". 18. ولا يجهل: أي لا يفعل شيء من أفعال أهل الجهل: كالصياح والسفه ونحو ذلك، ولا يفهم من هذا ان غير يوم الصوم يباح فيه ما ذكر، وانما المراد ان المنع من ذلك يتأكد بالصوم "المصدر السابق: 4/104". 19. شهوته: أي شهوة الجماع، ويدل على هذا رواية ابن خزيمة "ويدع زوجته من أجلي". 20. يا معشر: هم جماعة يشملهم وصف معين، والشباب يتميز بالحركة والنشاط، وهو اسم لمن بلغ إلى أن يكمل ثلاثين، وقيل: اثنين وثلاثين. (انظر فتح الباري: 9|108). والشباب مخاطب بهذا الحديث بناء على الغالب، لأن أسباب قوة الداعي إلى النكاح فيه موجودة بخلاف الشيوخ، والمعنى معتبر إذا وجد في الكهول والشيوخ أيضًا. 21. الباءة: مؤنة التزويج، وقيل: يحمل على المعنى الأعم: فيشمل القدرة على الوطء، ومؤنة التزويج. "المصدر السابق". 22. الوجاء: هو رضُّ عروق الخصية من غير إخراج لها (والرَّضُّ: الدق والكسر) فيكون شبيهًا بالخِصاء، لأنه يذهب شهوة الجماع. 23. قال المناوي -رحمه الله-: فتنة الرجل: أي ضلاله ومعصيته، أو ما يعرض له من الشر، ويدخل عليه من المكروه. 24. ـ في أهله: مما يعرض له معهم من نحو هَمٍّ وحزن، أو شُغل بهم عن كثير من الخير، وتفريطه فيما يلزمه من القيام بحقهم وتأديبهم وتعليمهم. 25. ـ وماله: بأن يأخذه من غير حلّه، ويصرفه في غير محلِّه، أو يشغله لفرط محبته عن كثير من الخيرات. 26. ـ وفتنته في نفسه: بالركون إلى شهواتها ونحو ذلك. 27. ـ وفتنته في ولده: بفرط محبته، والشغل به عن المطلوبات الشرعية. 28. ـ وفي جاره: بنحو حسد، وفخر، ومزاحمة في حق، وإهمال في تعهد. 29. إيماناً: أي صام رمضان تصديقا بما جاء في ذلك من نصوص الكتاب والسنة في فرضيته وفضله. 30. واحتسابا: أي من صام رمضان طلبا لثواب الله تعالى ورغبة في الأجر، واحتسابه على الله، مخلصا لله في ثوابه. (انظر شرح النووي على مسلم: 5/286) 31. يكفر السنة الماضية التي قبله: يعني الصغائر المكتسبة فيها. 32. والسنة التي بعده: بمعني أنه تعالى يحفظه أن يُذنِب فيها، أو يعطي من الثواب ما يكون كفارة لذنوبها، أو يكفرها حقيقة ولو وقع فيها، ويكون المكفِّر مقدَّمًا على المكفَّر. 33. فيشفعان: أي يطلبان من الله المغفرة والرضوان، ودخول الجنة. 34. زوجين: قال الهروي -رحمه الله-: والزوجين: فرسان أو عبدين أو بعيرين. 35. قال النووي ـ قال العلماء: معناه من كان الغالب عليه في عمله وطاعته ذلك. "شرح مسلم: 7/116". 36. قال أبو حاتم:" عسى" من الله واجب،" وأرجو" من النبي حق.