أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: قصص الشهداء العرب في البوسنة والهرسك (9) السبت 06 أغسطس 2011, 6:21 pm | |
| أبو سعد القندهاري
الحمد لله الذي أسعد من شاء من خليقته , ووفقهم للقيام بطاعته , واستعملهم فيما يرضيه مع صغر سن أحدهم وحداثته , ليتبين بذلك أن السعادة بيده , والتوفيق بإرادته , أحمده على سوابغ نعمه, وأساله التوفيق لشكره , والإمداد بمعونته . وأشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وحبيبه وخليله وأمينه على وحيه وخيرته من بريته , جاهد في الله حق جهاده فقاد الكتائب وركب النجائب .... صلى الله عليه وعلى آله وصحابته والتابعين لمنهاجه وسنته وسلم تسليماً كثيراً ....
أما بعد : فإن في سماع أخبار الأخيار مقوياً للعزائم ومعيناً على أتباع تلك الآثار ... قال بعض العارفين : الحكايات جند من جنود الله تقوى بها قلوب السالكين , ثم تلا قول الله تعالى : ( وكلاً نقص عليك من أنباء الرُسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين )
ونقل عن أبي حنيفة _ رحمة الله _ أنه قال : سير الرجال أحب إلي من كثير من الفقه . وقال تعالى ( لقد كان في قصصهم عبرة لأُولي الأٌلباب ) , وفي ذكر بعض أخبار الصالحين من العلماء بذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله ... في ذكر طرف من أخبارهم فوائد عظيمة ينبغي للسائر إلى الله أن يحرص عليها .
لئن كان في أخبار سلفنا الصالحين مناهل عذبة وآداب جمة , فان تأثر الإنسان بمعاصريه واقتداءه بمن يراهم أمام عينيه لا ينكره منصف ولا يتعامى عن فوائده طالب حق ... وقد قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ( إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ) , وقال عليه الصلاة والسلام : ( رُب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ) أخرجهما مسلم .
فكم من عبد غير معروف عند أهل الأرض لكنه معروف بين أهل السماء ؟! فلا ينبغي لمسلم أن يحتقر مسلماً أو أن يستقل من عمله شيئاً وإن كان يسيراً , فكم من عمل صغير كبرته النية ...
لذلك آثرنا جمع بعض الوريقات اليسيرة والتعليقات القليلة تلبية لطلب كثير من المحبين الذين رغبوا معرفة شيء _ ولو كان يسيراً عن المجاهد أبي سعد أحمد بين محمد بن عبد العزيز الدهيشي الودعاني ... تقبله الله في الشهداء .... عسى أن يشمر بعض القاعدين أو يسير بعض الواقفين أو تتبعث همم بعض الشائرين ( فا قصُصٍ القصص لعلهم يتفكرون ) وجزى الله الأخوة الذين ساهموا بكتابة بعض السطور عن أخيهم فلهم الفضل بعد الله تعالى في إخراج هذه الوريقات ..
{ ما من ليلة يُهدى إلي فيها عروس أنا لها محب أحب إلي من ليلة شديدة البرد كثيرة الجليد في سرية أصبح فيها العدو }
هكذا كان أبو سليمان خالد بن الوليد سيف الله المسلول ...
هكذا كان يفكر .. وهكذا كان يتمنى .. وبهذه الهمة العالية والنفس الوثابة عاش أبو سليمان حياته .. وهكذا مات , عليه رضوان الله ورحمته ... كان الجهاد في سبيل الله يسري في عروقه ويجري في دمائه ... يبيت معه حيث بات . يسير معه حيث يمّم .. حتى أذل –بإذن الله كسرى وقيصر , وأرتفع صوت الحق مدوياً فوق أنهار العراق وجنان الشام فلله دره من بطل مغوار وقائد عظيم..لما حضرته الوفاة بكى وقال : لقيت كذا وكذا زحفاً , وما في جسي شبرٌ إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم وهاأنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء !!!!
وهاهو عند الموت يقول: وما من عملي شئٌ أرجى عندي – بعد التوحيد – من ليلة بتُّها وأنا متترس , والسماء تهلني , ننتظر الصبح حتى نغير على الكفار .. ولما توفي بكى عليه عمر رضي الله عنة وحزن .. فعلى مثله من الأبطال تحزن القلوب وتسكب العبرات وإنا لله وإنا إليه راجعون .
إن هذا الدين ما كان لينتشر لولا أن الله قيض له رجالاً يبذلون في سبيله الغالي والنفيس , ويؤثرون العناء والتعب والمشقة في سبيل الله على الراحة والدعة والكسل , ( كلما سمعوا هيعة أو فزعة طاروا إليها يبتغون القتل أو الموت مظانه) كما صورهم النبي صلى الله علية وسلم .. بل يجدون أعظم اللذة وأكبر النعيم وغاية الأُنس في مكابدة المشاق وتحمل الصعاب في سبيل الله قال صلى علية وسلم ( الجهاد باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم ) وقال كما في الصحيح ( واعملوا أن الجنة تحت ظلال السيوف )
ما كان هذا الدين ليبلغ مشارق الأرض ومغاربها لولا أن الله قيض له أبطالاً ملأ اليقين قلوبهم وملك حب الله نفوسهم وهذب طلب الدار الآخرة شهواتهم حتى أصبحت موازينهم ربانية متعلقة بالله لا كموازين أكثر الخلق , فأبو سليمان رضي الله عنه يفضل البرد والجليد والخوف والمطر في ليلة من ليالي الجهاد على الزوجة الحسناء الحبيبة في ليلة الزفاف ؟!!!
بل إن أفضل الخلق صلى الله علية وسلم ليتمنى ألا يتخلف عن سرية تغزو في سبيل الله لولا أن يشق على أمته فإنه بهم رؤوف رحيم .
وهكذا كان أبطال الإسلام على مر العصور يؤثرون الباقي على الفاني ويستبقون إلى الموت إذا كان ذلك يرضي سيدهم ومولاهم – جل وعلا.
عُباّد ليل إذا جن الظلام بــهــم *** كم عابد دمعه في الخد مجراه واُسْدُ غابٍ إذا نادى الجهاد بهم *** هبوا إلى الموت يستجدون لقياه
أبو سعد القندهاري :
وإن من هؤلاء الأبطال والأفذاذ من الرجال : أبا سعد النجدي ( القندهاري ) رحمه الله ورفع درجته وأسكنه الفردوس الأعلى بمنه وكرمه , قد كان من هؤلاء الصادقين – نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا . والرجال المخلصين ... جاهد بنفسه وماله , بل كان حب الجهاد يجري في عروقه , فمنذ أن بلغ الحلم وقلبه متعلق بأخبار المجاهدين وساحات الجهاد ولم يقّر له قرار حتى التحق بركب المجاهدين ولماّ يتجاوز السادسة عشرة من عمره فبقي في ساحات الجهاد والرباط يراغم أعداء الله وينصر إخوانه – سنة وبضعة أشهر متواصلة – يتفيؤ ظلال المحبة والأخوة مع رفاقه الذين سبقه كثير منهم إلى الشهادة نسأل الله لهم القبول .
فلله كم ليلة سهرها ؟ وكم من حبيب ودعه وفارقه على حداثة سنه وقلة تجربته , وكم من صاحب له أدخله قبره وعينه تذرف والقلب صابر ؟!
قُتل في تلك الحقبة كثير من أصحابه بين يديه وخلفه وعن يمينه وشماله فما زاده ذلك إلا ثباتاً وصبراً وتعلقاً بالجهاد وحرصاً على الشهادة ...
رُوعْتُ بالبين حتى ما أٌراع له وبالمصائب في أهلي وجيراني ما سمع بموقع يشتد فيه القتال وتسيل فيه النفوس وتتطاير الأشلاء وتلتهب ناره إلا طار إليه
إن تبتدر غاية يوماً لمكـرمــــة *** تلق السوابق منا والمصليـنــا إنا لنُرخص يوم الروع أنفسـنـا *** ولو نسام بها في الأمن أٌغلينا إني لمن معشر أَفتى أَوائلـهـم *** قول الكماة : ألا أين المحامونـا لو كان في الألف منا واحد فدعوا: *** من فارس ؟خالهم إياه يعـنـونـا إذا الكماة تنحوا أن ينالــــهـــم *** حد الظبات وصلناها بأيـديـنــا ولا تراهم – وإن جلت مصيبتهم - *** مع البكاة على من مات يبكونا
العودة من أفغانستان:
ثم عاد أبو سعد إلى بلاده وأهلة وأحبابه فلا تسل عن فرحهم به وشوقهم إليه ... عاد يحمل بين جنبيه قلباً والهاً ونفساً متعلقة ً بالجهاد , قد أفادته التجارب وقومت المصائب عوده وهذب الجهاد نفسه فكانت كما قيل :
ولكن رحلناها نفوساً كريمة تحمل مالا يستطاع فتحمل
وكما قيل :
إذا رنَّقت أخلاق قوم مصيبةّ تصفى بها أخلاقهم وتطيبُ
وعاش عشر سنوات محبوباً مألوفاً لا تكاد الأبتسامة تفارق محياه , لين الجانب , حسن المعشر , كثير البشاشة ... إلا أن في قلبه من الشوق إلى الجهاد مالا يعلمه إلا الله فيجتهد في إخفائه ومكابدته ومع ذلك يظهر أحياناً فلا يستطيع كتمانه , وكم كان يعتصر قلبه حين يتذكر إخوانه وخلانه الذين فارقهم على أرض الكرامة وودعهم بالعبرات لا بالكلمات ...
كان يتفقد أخبار الجهاد ويتتبع أحوال المجاهدين ويعلل نفسه ويمنيها بأرض أخرى غير أفغانستان يقوم فيها ذروة سنام الإسلام ليلحق بركب المجاهدين ... ويأتيه الخبر من البطل (أبي ثابت) رحمة الله – عن وجود ما يرجوه ويحبه لدى إخواننا البورميين فيطيران سوياً إلى تلك البلاد , ثم يعود أبو سعد بعد فترة قصيرة لأن الوضع لم يكن قد هُيئ لذلك ..
وتمر به الأيام وتتوالى عليه بعض المصائب فيأتيه خبر شقيقه وحبيبه(حازم ) فيفجع لذلك – وليست أولى الفجائع فيقابلها بالصبر والرضى , ثم يبتلى بعد ذلك بقليل بفقد عمه وصاحبه – رحمهم الله -... ويكون لهذه المصائب أثرها الكبير في صقله وكشف معدنه , فأقبل على كتاب الله تعالى وعلى تعلم العلم الشرعي فنال من ذلك حظاً وافراً ..
حفظه القرآن :
أقبل – رحمه الله – على كتاب الله بهمه عالية ونفس صادقة تتوق إلى أن تجمع مع ذروة سنام الإسلام حفظ كتاب الله ليكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله علية وسلم: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) أخرجه البخاري.
فكان يصلي العصر فيمكث في المسجد يحفظ ما تيسر له حتى المغرب فيصلي المغرب ثم يواصل الحفظ و المراجعة إلى قبيل العشاء لا يخرج من المسجد إلا قبل أذان العشاء بربع ساعة فيأتي المنزل بضع دقائق ثم يتوجه إلى حلقة شيخه – سعد السنبل – فيصلي معه ويبقى عنده في تسميع و مراجعة إلى العاشرة ليلا" وقد يزيد على ذلك ... ؟
بقي على هذه الطريقة و بهذه الهمة لا يفتر و لا يمل حتى أتم حفظ كتاب الله تعالى كاملا" عن ظهر قلب ثم أخذ في مراجعته .
و بعد أن أتقن حفظ كتاب الله توجه إلى تعليمه فكان بعد العصر في حلقات جامع خبيب بن عدي يشرف ويتابع ويعلم حتى المغرب , وفي بعض الليالي يكون مع شيخه سعد يعاونه في التسميع لبعض الطلاب .. مع ما كان يحضره من دروس لبعض العلماء كالشيخ عبد الله بن جبرين – حفظه الله – و مجالس علمية خاصة مع بعض رفاقه . فسبحان من أعطاه هذه الهمة العالية و الجلد على مراجعة و تلاوة كتاب الله .
أرض الشهادة :
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب
سمع البطل بخبر إخوانه في الشيشان وما حصل من المعارك في داغستان فتحرك قلبه طربا" وطارت نفسه شوقا", وأخذ يسأل كل من لديه طرف من خبر أو أثارة من علم عن أولئك القوم .. حتى استوثق من الأمر وتبين الحال والوضع, فأجمع أمره و أعد عدته وتوكل على الله , وكان يقول لأهله : إخواننا يقتلون ونحن ننظر ؟! فاستأذن والديه فأذنا له – لله درهما – و سار على بركة الله حتى وصل تلك البلاد بعد أن كاد أن يمنع من دخولها عدة مرات .. وكان معه البطل أبو ثابت إلا أن أبا ثابت تأخر عنه قليلا" للقيام بشأن اللاجئين ثم لم يلبث أن لحق بهم واجتمع الشمل .
مكث مع المجاهدين ثمانية أشهر , و أحوال المجاهدين في الشيشان أشهر من أن تذكر ,وما حصل لهم من البلاء, وما قدموه من التضحية والفداء يفوق الوصف .. يصبحون ويمسون على أصوات القذائف و الأنفجارات, والقصف الشديد لا يكاد يهدأ,مع ما تتميز به تلك المناطق من برد قارص وجليد يكسو الأرض بلباسه الأبيض, وزاد الأمر شدة قلة الزاد وضعف الإمكانيات .. بل شدة الجوع في بعض الأوقات.. جوع وبرد وخوف , مع كل هذا فجنود الله صابرون محتسبون ،،، يرهبون أعداء الله ويقذفون في قلوبهم الرعب ويبيدون خضراءهم ويحصدون زرع رؤوسهم ..
فلا إله إلا الله وصدق الله ومن أصدق من الله قيلا" ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ) إنها لآيه من آيات الله – في زمن الذلة والخضوع – خمسة آلاف أو أكثر قليلا" وليس بأيديهم سوى الخفيف من السلاح يقفون في وجه أكثر من مائتي ألف مدججين بأحدث الأسلحة وأقوى الدعم, يقف معهم أعداء الله وأذنابهم من العملاء في شتى بقاع الأرض, في وقت لا يجد المسلمون هناك من إخوانهم سوى الخذلان و الفشل الذريع ؟!!
وقف البطل مع إخوانه صابرا" وخاض تلك المعارك مناضلا , حتى أصيب بشظية من جراء القصف الجوي في واحدة من تلك الوقائع فانكسرت يده من أسفل العضد (فوق المرفق بقليل فبقي مدة يسيرة يتلقى علاجاً ضعيفاً ثم لم يلبث أن لحق بإخوانه قبل أن يتماثل للشفاء فكان لا يستطيع سوى حمل مسدس صغير ... وسار مع إخوانه وهو على تلك الحال مسيرتهم الطويلة التي استغرقت ما يقارب شهرين , لاقى فيها جنود الله من الشدة والجوع والبرد والخوف والحصار مالا يعلمه إلا الله , وفقد المجاهدون من الأبطال في تلك المسيرة كوكبة مباركة قدمت أرواحها برهاناً على صدق محبتها لمولاها – نسأل الله أن يتقبلهم في الشهداء – وكان على رأس أولئك : البطل المجاهد أبو ثابت – رحمة الله – فلا تسل كيف كان أثر فقده على أبي سعد وهو حبيبه وقريبه ونسيبه .. ولكن الأمر كما قال حسان رضي الله عنه :
بلى إنّ فقدان الحبيب بليةّ *** وكم من كريم يبتلى ثم يصبر
وكان رحمه الله قد أعد لتلك المصائب سلاحاً عظيماً تنفد المصائب ولا ينفد ( واستعينُوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرةٌ إلا على الخاشعين )
سئل أحد المجاهدين الأنصار عن أبي سعد – رحمه الله – فأثنى عليه ثناءً عطراً ثم قال : لا تسل عنه فقد كان قليل الكلام , وقته ما بين قراءة القرآن وخدمة الإخوان ...!! قال له بعض أصحابه : بلغني أن المصابين سيخرجون من أرض الجهاد ؟! فأجابه البطل مغضباً : والله لا أرجع وما كنت لأدع الجهاد حتى تفارق روحي جسدي ..
وثبت على قوله , ورجع عدد من أصحابه ورفاقه لمصلحة الجهاد ولكنه كان على موعد مع إحدى الحسنيين – نحسبه كذلك – ففي يوم من الأيام المشهودة وبعد أن نكل أولياء الله بأعدائه أذاقوهم مُر العذاب وسقوهم كؤوس الهلاك وقتلوا من أعداء الله ما يكون لهم حصناً حصيناً من النار (لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبداً ") رواه مسلم .
بعد تلك المكرمات والفضائل الباهرات انتقلت تلك السرية المباركة من موقع إلى موقع آخر وإذا بأولئك الظالمين المعتدين يعترضون طريقهم ويمطرونهم بوابل من قذائف الجبناء فيقع وأحد من أولئك الأبطال قتيلاً – شهيداً إن شاء الله – بين يدي إخوانه فما كان منهم إلا أن استعدوا للقاء الله وتوجهوا نحو أعداء الله لهم تكبير وزئير تصدع منه الجبال , ووجهوا أسلحتهم الخفيفة إلى نحور الملحدين فقتلوا منهم الكثير ولم يكتف البطل بذلك بل تقدم إلى أولئك الأوغاد وأسرع إليهم كالأسد الهصور حتى نزل بساحتهم .. لسان حاله :
يا حـبذا الجنة واقترابها طيبة ً وباردُ شرابها والروس روس قد دنى عذابها كافرة بعيدة أنسابها عليّ إن لاقيتها ضرابها
نزل بساحتهم كالطود الشامخ مقبلاً غير مدبر يستنشق ريح الجنة ويرفع رأس العزة والكرامة .. يعمل في أعداء الله ضرباً وقطعاً وقتلاً .. لا يرضى بالمناوشة من بعيد بل ينغمس في الصف لينال رضى مولاه (وعجلت إليك رب لتّرضى ), وتخرج من أوكار اللئام طلقات فيتلقاها البطل بنحره وسام العز والشرف , ولسان حاله : فزت ورب الكعبة , فزت ورب الكعبة ..
فيسقط جسده الطاهر وتصعد روحه إلى بارئها فنسأل الله أن تكون مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ... مضى إلى ربه الكريم الرحيم وقد استراح إن شاء الله من عناء الدنيا ونكدها وفتنتها التي كان يخشى على دينه ونفسه منها , مضى إلى البر الرحيم لينال كرامته بإذنه تعالى .. ولكنه خلف أكباداً تحترق على فراقه وعيونا ً لم تكد تجف على أبي ثابت حتى تقرحت لفقده...
فلم تنُسني ( أوفى) المصيبات بعده ولكن َّنكأ القرح بالقرح أوجع
لئن حزنت قلوبنا وذرفت عيوننا على فراقك يا أبا سعد فإنا والله قد فرحنا لك أن رزقك تلك الخاتمة , و إنا لنحمد الله أن شرفك بتلك القتلة ونرغب إلى الله ونسأله سؤال الملحين أن يتقبلك في الشهداء ,وأن يبلغك أعلى منازلهم وأن يجمعنا بك في الفردوس الأعلى .. لئن نسي الناس موتاهم , فما نحن – يا أبا سعد – لك من الناسين , كيف ونحن نقرأ قول ربنا الكريم (( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرُون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ...))الآية .
ولئن نام المتخاذلون ملء أعينهم فلسنا ننسى سهركم الليالي الطوال تحت قصف المدافع والطائرات تحرسون في سبيل الله .. ولئن أكل الناس ألوان الطعام فلسنا ننسى جوعكم الأيام المتواصلة .. ولئن علّق اللئام أوسمة الذل والهوان على أكتافهم وصدورهم فلسنا ننسى أوسمة العز والكرامة والرفعة التي سطرتها دماؤك على صدرك .. ولئن تنعم القاعدون بالدفء تحت الفرش الوثيرة وصحبة الزوجات الحسان فلسنا ننسى مبيتكم على الجليد والعراء تكابدون البرد القارص بلا مأوى ولا فراش أو غطاء ؟!!
ولئن طرب العابثون وتغنى البطالون فلسنا ننسى تغنيك بكتاب ربك تتلوه آنا الليل وأطراف النهار متعلماً ومعلماً حتى وأنت في جبهات القتال لم تترك تعليم كتاب الله جعله الله شفيعاً لك – ولئن طُلّت دماء بعض الرجال هدراً فما كان لدماء إخواننا وأبطالنا أن تذهب هدراً ...
كيف نهنأ بعيش ودماء إخواننا قد أريقت ؟ وأعراض المسلمين قد انتهكت ؟ وبلاد المسلمين قد استبيحت؟؟!
أتُسبى المسلمات ُ بـكـل ثـغـر ٍ ** وعيش المسلمين إذن يطيب؟ أمـــا لله والإســــلام حـــــــق ** يدافع عنه شُـبـّان وشــيـب؟! فقل لذوي البصائر حيث كانوا : ** أجيبوا الله ويحكم أجـيـبـوا
ولئن احتاج الناس تذكيرهم بمن فقدوا من أحبابهم فلسنا بحاجة إلى الذكرى ساكن في القلب يعمره لست أنساه فأذكره وإن نسينا فكل ما أمامنا يذكرنا بأبي سعد وطلعته وابتسامته..
لقد لامني عند القبور على البكا ** رفيقي لتذراف الدموع السوافك فقال أتبكي كـل قـــبر رأيـتــه *** لقبر ثوى بين اللوى فالدوانــك فقلت له إن الشجا يبعث الشــجــا ** فدعني فهذا كله قبر مالـــــك
وإن نسيت فلا أنسى موقف أبويه اللذين سطرا أروع الأمثلة على الصبر والرضى بل والشكر لله أن شرفهما بمقتل أبنهما بعد مقتل زوج أبنتهما فنسأل الله أن يثبتهما ويرفع منزلتهما ويجمعهما بأحبابهما في الفردوس .
اللهم إنا نسألك ونتوسل إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تتقبل عبدك ( أحمد ) وترفع درجته.. اللهم إنه كان محباً لأوليائك مبغضاً لأعدائك فتقبله في الصالحين وبلغه أعلى منازل الشهداء واجعل ما أصابه تكفيراً لسيئاته ورفعةً في درجاته , واجمعنا به وأحبابنا مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء و الصالحين يا أرحم الراحمين و الحمد لله رب العالمين و صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. شقيقه الأكبر أبو محمد
قال تعالى ( ياأيها الذين آمنوا هل أدُلكم على تجارة تنجيكم من عْذاب أليم * تُؤمنُون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون *يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم * وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المومنين).
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه –قال قال رسول الله صلى الله علية وسلم ) من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق) رواه مسلم .
مما قيل عنه رحمه الله :
أذكر حبابته وانبساطه وسعة صدره , ومن أبرز صفاته أنه كان لا يغضب ولا يتضايق مهما كرر عليه العتاب و اللوم أسأل الله أن يجمعنا به في الجنّة000 والده
كلما استيقظت من النوم في (آخر الليل) وجدته يصلي0 والدته
قال تعالى أَم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم اللهُ الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين )
وقال جل وعلا ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ) وقال عز وجل : ( وجاهدواُ في الله حق جهادهٍ)
عرفت الأخ أبا سعد في أول سني صباه وعليه إمارات الرجولة والنضج المبكر , كان رحمه الله ذا عزيمة يقول ويفعل ويعتذر عند التقصير , يكثر المشاورة حتى في شؤونه الخاصة 00 كان رحمه الله إذا رأى منكراً أو سمع عنه قام بالتوجيه أو كلم من يقوم بذلك إذا رأى المصلحة في ذلك فقد أُلهم سداداً وتوفيقا ...
وأذكر مرة أنه كلمني في شخص ترك مجاله الدعوى إلى مكان آخر
فأخبرني بذلك وأنه لا يستطيع المواصلة في هذا الميدان الجديد وفعلاً كان كما قال – رحمه الله – فقد ترك هذا الأخ عمله الجديد وعاد إلى الأول , وهذه الفراسة من أبي سعد علامة على سداد رأيه .
وكان رحمه الله باراً بوالديه محسنا إلى إخوانه حتى إنه لم يذهب ليحضر جنازة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله مع رغبته في ذلك لتغيب إخوانه عن المنزل .
أما في مجال خدمة الإخوان و تحمله المشاق و الصبر فحدّث ولا حرج , ولا سيما الرحلات الدعوية ورحلة الحج .
فقد كان رحمه الله حريصاً على دعوة معارفه و أقاربه و إحضارهم إلى مجالس العلم . عندما عاد من سفرته الأولى وسمع حديثاً عن أهمية حفظ القرآن الكريم لازم كتاب الله حتى حفظه و أتقنه وعندما أتمه حفظاً سمع حديثاً حول قول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أراد الله بعبده خيراً استعمله . قيل وكيف يستعمله ؟ قال : يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه ) فنهض رحمه الله مشمراً لحلقات القرآن متعلماً ومعلماً , كما قال صلى الله عليه وسلم : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )
وقبل سفره الأخير حدثني عن رغبته في الزواج فشجعته وذكرت له ما تيسر ممن أعرف أن لديهم بنات صالحات واهتم بذلك , ولكن لما بلغه رسائل إخواننا في الشيشان تستنصر المسلمين في كل مكان , ما كان منه إلا أن لبى النداء وترك كل أعماله الدنيوية من وظيفة ونكاح ( من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه)... فهد الباز
عن أبي عبس عبدالرحمن بن جبر – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما اغبرتا قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار )أخرجه البخاري . وعن سلمان – رضي الله عنه –قال سمعت رسول الله صلى الله علية وسلم يقول رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه , وأن مات فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجرى علية رزقه وأمن الفتان) رواه مسلم .
إن الكلام عن رفيق الدرب والحبيب في الرب ليطول ولا تسعه هذه الأسطر ونظراً لما طلب منا من الاختصار وسرعة الإحضار أحببنا أن نكتب أخباراً عن حياته وآثاراً من وفاته : فمن أخبار حياته : عرفته قبل خمس سنوات فنعم الصديق والرفيق , فكان مضرب مثل في الإيثار وشعلة نور في الإنكار , جمع الله قلوب الناس على حبه وتشوق المحبين إلى قربه , فكان –رحمه الله لا يرد لأحد طلبا ولا يحب أن يكون في قلب أخيه عليه شيئاً وكان سريع التصافي والتسامح إذا وقع بينه وبين أخيه شي من الخطأ و التجارح , ناهيك عن غيرته للدين وتألمه لمصاب المسلمين فكلما سمع نكبة حلت بالمسلمين على أيدي الكفرة الحاقدين تألم بها قلبه وضاق لها صدره فكان كثيراً ما يذكر لي قول ابن القيم رحمه الله : ( والله ما أخشى الذنوب والمعاصي ولكن أخشى أن يسلب مني الإيمان ) فكان –رحمة الله – شديد الذكر والندم أليف التفكر والشجن , ولا أنسى بكاءه الشديد على فقد رفيق دربة في الجهاد ( أبو ياسر النشمي ) وعندما نهاه أحد الأخوة عن البكاء وقال الأولى أن تفرح له بالشهادة لا البكاء عليه رفع رأسه في إطراقةِ وقال أبكي على فراقه ومثل أبي ياسر يُبكى عليه وهي رحمة وضعت في القلوب , وذكر له بكاء النبي صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم .
ولعل الموقف الذي أثر في نفسي اتصاله لي قبل قتله بيومين فعندما سألته عن اللقاء قال: ( في الجنة إن شاء الله )
أراك هجرتني هـجـراً طـــويــلاً وما عودتني من قبل ذاكـــــا عهدتك لا تطيق الصـبر عـــني وتعصي في ودادي من نهاكا فلا والله ما فارقـت طـوعــــــاً فجل الناس يغدر ما خلاكـــــــا وما فارقتني طوعا ولكــــــن دهاك من المنية ما دهاكــــــا
أما آثار وفاته:
علمنا أن الحياة الحقيقية هي بذل النفس رخيصة في سبيل الله فلعل دماءه التي خرجت وروحة التي صعدت تحيي من نفوس شباب الصحوة عامة ومحبيه خاصة من بطولة خالد وغيرة سعد وبسالة طلحة ولكي يواصلوا طريق الجهاد وردع أهل الكفر والإلحاد . علمنا الزهد في الدنيا و أنها لا تبقى لأحد فلو كان كذلك لكان النبي صلى الله عليه وسلم أحق بالبقاء فيها .
علمنا كيف يموت الأبطال مقبلين لا مدبرين رافعين راية الإسلام لا خاذلين . أسأل الله العلي العظيم أن يتقبله في عداد الشهداء وأن يجمعنا و إياه في الفردوس الأعلى من الجنان على سرر متقابلين ...... أبو الحسن العتيبي
أمشي على جمر المخاطر حافياً ** وتـثور أشـواقـي فـأكـتـم مـا بـيـا من أجل ديني قد هجرت دياريا ** وتركت أهلي في الـبلاد بـواكـيـا حب الجهاد سرى بكل جوانحي ** أرخصت في درب الجهاد دمائيا أماه قد عـز الـلـقـا فـتـصبــري ** ما كان قلبي يا حـبيـبـة قـاسـيـــا أماه دمعي قـد تحـدر جـاريــــاً ** لا تحسبي أني تركــت جــافــيــا لـكـن مـثـلي لا يـقـر قـــراره ** والجرح في جسد العـقـيدة دامـيا أماه طـلـقـت الحـيـاة ثـلاثـــة ** وتطلعت نفسي لتسـمو عـالــيـــا
يعجز القلم عن إظهار ما في القلب تجاه الأخ الحبيب الغالي أبي سعد – تقبله الله- و يعلم الله أننا لن ننساك أبداً , كيف وقد علمت عنك وشاهدت ما شاهدت من خصالك , وكل من عرفك أحبك حباً قوياً .
لقد كان لي شرف مصاحبته أياماً قليلة على أرض أفغانستان , كان أحمد لم يتجاوز السادسة عشر من عمره لكنه كان جبلاً شجاعاً محبوباً من الجميع بسّاماً في وجوه إخوانه قل أن تراه غاضباً , يحب مداعبة الجميع , ما أذهلني فيه قوة شجاعته حتى أن بعضهم حذرني منه قائلاً ( هذا بيوديك في داهية ) – ذكرني ذلك بالبراء بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حذر عمر رضي الله عنه من يولّى على أحد – ومن المواقف أنني كنت وأبا سعد في رأس جبلِ عالٍ وكان في خط النار الأول – ولم يكن أبو سعد يرضى بغير خط النار الأول أبداً – فلم نشعر إلا برصاصة تضرب في الحجر المقابل لأحمد ويتغير اتجاهها إلى مكان بعيد , فلم أر أي أثر للرعب على وجهه بل انفجر ضاحكاً من الموقف بعد أن خفض رأسه قليلاً .
أبو سعد – رحمه الله – شاب تجلت له الحقيقة فانطلق يصرخ:
ماضِ وأعرف ما دربي وما هدفي والموت يرقص لي في كل منعطف وما أبالي بـه حتـــى أحـــــاذره فخشية الموت عندي أبرد الطــرف
ولم أتعجب حين سمعت نبأ استشهاده وأنه تلقى الرصاص بصدره لما أعلمه من شجاعته الفذة – رحمه الله – ولقد كان يحمل همة عالية وصبراً وتحملاً عجيباً رغم ما يظهر من البشاشة وحب الطرفة , كم كنت أتمنى أن أكون بجواره لحظة استشهاده لأدفع عنه ما استطعت ولكن أنت يا أبا سعد :
أنت الصامد البطل ** وأنت بدربنا مــــثـــــل ثبتّ لهم ولم تهزم **وحاشا يهزم الجـــبــــل ............................... أتوك أخي بما مـلـكـت ** حضارتهم من القــهـــــر وحين سقطت لم يجدوا ** رصاص الغدر في الظهـــــر
اللهم أجمعنا به في مستقر رحمتك واشف اللهم صدورنا وأذهب غيظ قلوبنا ومكنا اللهم من أعداء الدين . أبو حبيب النجدي
عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : (ما يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل ؟ قال : لا تستطيعونه , قال: فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول : لا تستطيعونه , و قال في الثالثة : مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى ) متفق عليه .
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن في الجنّة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله , ما بين الدرجتين كما بين السماء و الأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة ) رواه البخاري .
عن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن جده – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من سأل الله بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه ) رواه مسلم .
لقد آثرت الحديث عن صفة برزت في أخي أحمد – رحمه الله – قد تكون كثيرة على كثير من النفوس إلا نفوس أولئك الذين زكوها وهذبوها وعلقوها بالله وحده هذه الصفة هي أن أخي أبا سعد – رحمه الله – كان من الأخفياء فلم يكن قد محباً للظهور بل كان يسعى لإخفاء عمله حتى تلك الأعمال التي تظهر غالباً وما ذلك إلا لحرصه على صلاح نيته وسلامة قلبه وأسوق لك حادثة تدل على ذلك وقعت قبل عشر سنين من وفاته – رحمه الله -.... كان مع جمع من الأخوة في إحدى المزارع القريبة من الرياض وبالتحديد في محافظة ضرماء وكان ذلك في يوم الخميس , وقد أعد الأخوة الإفطار وكان الأخ أخمد جالساً على المائدة وكان يقد الطعام للاخوة ويحرص على خدمتهم وقد كان يقرب الطعام ويمد يده إليه بل ربما رفع شيئاً منه ليوهم من يراه أنه يأكل , ويعلم الله أن الجميع انتهوا من إفطارهم , وما علم أحد البتة أنه صائم ..
وكذلك مما يدل على تأصل هذه الخصلة المباركة فيه – رحمه الله – ما يعلمه كل قريب منه من كتمانه وإخفائه خبر جهاده على أرض أفغانستان فلقد صحبته بعد عودته م جهاده هناك نحو عشر سنين وما تحدث يوماً واحدا عن نفسه وجهاده أو ما بذله هناك أو لاقاه من مشاق ومصاعب ضارباً – رحمه الله – بذلك أروع مثل في إخفاء العمل , لا حرمه الله الأجر... احمد الصقيه
عرفته منذ المرحلة المتوسطة , ولم أكن حينذاك – على استقامة , ورأيت منه موقفاً عظيماً كبُر في نفسي وأصبح كأني أعرفه منذ فترة طويلة وهذه كانت من صفاته – رحمه الله – التي تنقص الكثير الآن , ففي يوم من الأيام حدث أن سمع أبو سعد واحداً م الطلبة يقو ل كلمة قبيحة يستهزئ فيها بالقرآن وهو لا يدري فقام أبو سعد – رحمه الله – بعد صلاة الظهر وارتجل كلمة خرجت من قلب امتلأ غيرة على محارم الله وعلى الدين فعجبت عجباً شديداً لما قاله وموقفه القوي الصلب وهذه الجرأة مع كونه في المتوسط لكني عرفته رجلاً معتزاً بدينه وفارقته كذلك ...
وكانت علاقتي به حينها بسيطة جداً ومع ذلك فقد كان كلما قابلته هش في وجهي وبش , وهذا ما زادني قرباً منه حتى من الله علي بالهداية , وسرعان ما ذهبت إليه فوجدت منه الترحيب والصحبة الطيبة . أبو قتادة
روى أبن إسحاق في السيرة أن المسلمين لّما ودّعوا جيش مؤته قالوا : صحبكم الله ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين . فقال عبد الله بن رواحة :
لكني أسال الرحمن مغفرة وضربة ذات فراغ ٍ تقذف الزبدا أو طعنة بيدي حرّان مجهزة بحربة ٍ تنفذ الأحشاء والكبــدا حتى يُقال إذا مروا على جدثي أرشده الله من غازً وقد رشـــــدا
كان محبوباً لدى الجميع من الأخوة سواءً الذين يعرفونه عن قرب أو بعد , وهذا كان ظاهرا ً واضحاً جداً رأيته في حياته – تقبله الله – فالكثير من الأخوة يسألون عنه ويريدون لقاءه وإني لا أرى ذلك الحب له من كل من عرفه إلا من فضل الله عليه أولا ً ثم من تقاه تقبله الله – وكذلك ما كان واضحاً من صفاته وهو سلامة صدره لمن عرفه أو صاحبه فقد كان لا ينساه من عرفه وهو كذلك لا ينسى من تعرف عليه , وكان من أكثر بل لا أبالغ إن قلت أنه الوحيد الذي كان حريصاً على الاجتماع مع الأخوة واللقاء بهم ( مع حرصه للفائدة للجميع ) حيث أنه لم يكن قصده السمر أو كثرة الكلام والضحك مع الأخوة. لا والله بل كان حريصاً على الفائدة له وللجميع... خالد الخريجي
قال تعالى: ( والذين قُتلوا في سبيل الله فلن يُضل أعمالهمْ * سيهديهم ويصلح بالهُمْ*ويدخلهُمُ الجنة عرفها لهُم ) .
قال تعالى: (ولا تحسبن الذين قُتلُوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهُم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هُم يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لايُضيع أجر المؤمنين) وقال تعالى ( ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون).
كان شأنه في الوزارة كل يوم إذا بقي على أذان الظهر ساعة ونصف أو نحوها توجه إلى المسجد يصلي الضحى ويقرأ القرآن إلى أن يؤدي صلاة الظهر ثم يعود إلى مكتبه لإكمال عمله , وما كان فعله هذا يؤثر على أعماله فقد كان العمل يسيراً أبو ناصر عبد الرحمن العباد
وكتب لنا أحد الأخوة الذين عاشروه في الشيشان حتى مقتله ببعض ما رآه فيه فقال : عرفت فيه صفاتٍ قل ّ أن تجتمع في مجاهد , منها :
1- الإخلاص :
فكان يفعل الشيء صامتاً لا يعلم به إلا الله سواء في قراءة القرآن أو الذهاب إلى الحراسة أو العمليات .. الخ
كان شديداً في إخفاء عمله – رحمه الله
2- لا يحب الإمارة :
فقد عرضت عليه الإمارة مرات كثيرة – لما كان يراه القادة من تأهله لذلك – ولكنه كان يعترض على ذلك ويعتذر , وما علمته تأمّر وقبل الإمارة إلا مرة واحدة , وكان مضطراً لذلك .
3- الإكثار من قراءة القرآن والحرص على تعليمه :
كان أبو سعد قد حفظ القرآن الكريم كاملاً قبل دخوله الشيشان , وكان شأنه عجيباً في مراجعة القرآن ؟؟
يقرأ كل يوم أربعة أجزاء ويزيد عليها أحياناً , حريصاً على مراجعته وتلاوته.
وكان يعلّم كتاب الله تعالى سواء للكبار أو الصغار – وأنا ممن قرأ عليه القرآن وتعلم على يديه .. ولم يزل معلماً للقرآن حتى قبيل مقتله , فقد كان يعلّم المجاهدين في المعسكر .
4- البشاشة والمرح :
وهي صفة يراها كل من عاشره , فقد كان بشوشاً لإخوانه مداعباً لهم حريصاً على إدخال السرور إلى قلوبهم , لا أعلم أن أحداً من الاخوة سمع منه كلمة نابية أو وقف منه موقفاً محرجاً , ولا أنه أغضب أحداً من الاخوة يوماً ما .
ومع ذلك فقد كان كثير النصيحة لإخوانه , ولم يقف نصحه على الشباب بل حتى القادة كان ينصح لهم سواء من الناحية الشرعية أو العسكرية , وإذا أخطأ بعض إخوانه لم ينصحه أمام غيره بل أخذه بمفرده وأدى إليه واجب النصيحة .
5- محبة الشهادة :
كان يتمنى الشهادة ويدعو بها يرددها على لسانه دائماً , بل ويذكرنا بما أعده الله لشهداء من فضل ورفعة , وأذكر أننا في يوم الأيام أثناء قيامنا بالحراسة وهو يتلو كتاب الله توقف فجأة وأطرق ملياً ثم رفع رأسه فقال : يا معشر الإخوة : إن الله من علينا بنعمة عظيمة حيث وفقنا للدخول إلى أرض الشيشان , كم من شباب الإسلام من هم أفضل منا عبادة وقيادة وعلماً ولكنهم لم يستطيعوا الدخول إلى هذه البلاد ... فالحمد لله على نعمته.
وحين يعرض عليه بعض الإخوة الخروج من الشيشان ويلح عليه بذلك يقول : سننتظر العملية الكبيرة فإن أكرمنا الله فيها بالشهادة وإلا خرجنا قبل الشتاء .. ولكنه قتل قبل تلك العملية , فأسال الله أن يكون أكرمه بالشهادة .
6- السمع و الطاعة للأمراء :
فقد كان يسمع و يطيع , ومع محبته للعمليات و المشاركة فيها فقد كان لا يكثر مناقشة الأمراء و لا مجادلتهم إذا لم يتم اختياره بل يرضى وينقاد طاعة لله ورسوله صلى الله عليه و سلم حيث أمر بطاعة الأمراء ..
ومن مواقفه في ذلك : كنا في جبل لأبي الوليد الغامدي , والبرنامج أن كل مجموعة تستلم الحراسة في أعلى الجبل لمدة ثلاثة أيام ثم تعقبها مجموعة أخرى , و كان ذلك في برد شديد , وقلة الزاد وعدم صلاحية المكان للنوم ولا الإقامة بسبب كثرة الثلوج فقد كانت المجموعات تبادر بالنزول فور انتهاء مدتها – ثلاثة أيام – إلا أن أبا سعد قد مر عليه أكثر من سبعة أيام و لم يتكلم – هو ومن معه – ولم يطلبوا التغيير حتى بلغ الأمير خبرهم فسارع بإرسال مجموعة أخرى للحراسة .
فلله درهم ما أصبرهم وما أحرصهم على البذل في سبيل الله .
7- الشجاعة في القتال :
أما في القتال فقد كان مقاتلاً شجاعاً لا يهاب الأعداء , ومما أذكره أن أبا سعد كان في مجموعة حراسة في جبل الريان , فتقدم الأعداء إلى جبل شاكر وهو الجبل الثاني من جبال أبي الوليد , فسمع أبو سعد بالتقدم فذهب إلى إخوته لمساعدتهم وبرفقته أبو ثابت – رحمهما الله – ومكثوا في الخنادق حتى رتبت العملية , ثم تقدمنا نحن من الجهة اليمنى لمحاصرة العدو , وأخذ أبو سعد وأبو ثابت الطريق الآخر ففوجئوا بأعداد من جنود العدو ينزلون من الجبل فبادرا بمواجهتهم وإطلاق النار عليهم حتى قتلا منهم عدداً ورجعا إلى الاخوة سالمين . ومن حرصه على المشاركة في العمليات مع أنه كان مصاباً إصابة بليغة في عضده أنه طلب من الأمير السماح له بالمشاركة في عملية في (سرجينوت) فسمح له , وكان يحاول إخفاء جرحه ولا يتمكن من رفع السلاح إلا بمشقة , وفي ذلك اليوم هطلت أمطار قوية فامتلأ الطريق ماءً وطيناً وسقط أبو سعد بسبب ذلك كثيراً وأكثر سقوطه على يده الجريحة فيتألم ألما شديداً إلا أنه يخفي ذلك ويتظاهر بالنشاط ولا يشتكي إلى أحد , وواجهنا نهراً مليئاً بالماء الجاري بقوة فدخله المجاهدون ودخل معهم فامتلأت جعبته ماءً وكذلك سلاحه فصبر وواصل معهم إلى أن رجعوا إلى معسكرهم سالمين .رحمه الله وتقبله في الشهداء الصالحين . أبو قتيبة الحربي
نفس أبية وروح زكية , أبت العيش في دنيا دنية ورفضت ما تطارده البشرية , لم يلتفت إلى هراء الناس , ولا إلى أماني الوسواس الخناس , طارت به أحلامه , وحلقت به آماله , لم تعرف له دار , ولم يقر له قرار , جال الأمصار , وقطع حياته بالأسفار , كل ذلك لأنه يحمل هما وله مبدأ , له هم لا كالهموم , نعم كان يحمل هماً فماذا كان هذا الهم , هل كان في أمواله وعقاراته ؟ أم كان في زوجته وأولاده ؟؟ أم في شيء من حياته ؟ كلا ولا .
إن الهم الذي يحمله كان منعكساً على حياته , إن الهم الذي يحمله هو الذي جعله يعيش عالماً آخراً , يعيش حياة ليست كحياتنا , ويفعل افعالالا نطيق فعلها , أنا لست أحكي حياته فهذا خيال ولست أروي قصته فهذا محال تستحي الشجاعة أمثاله , وتتبنى الشهامة أفعاله , سل أراكان وكسوفا والألبان ! سل أرغون وريان ! سل أراضي أروس مرتان ! سل وسل ... وأخيراً هاهي دماؤه تسيل على جبال الشيشان , ونفارق جتمانه في ذلك المكان . فلا نامت أعين الجبناء .
وداعاً أيها البطل إلى لقاء يسوقه الأجل . مقاله كتبها .أبوسعد القندهاري رحمه الله في 8-2-1421هـ
الخاتمة :
أخبرنا قصة مقتله بعض الأخوة الذين حضروه , وكان أقربهم إليه ( أبو الحارث ) ومنه أخذنا التفاصيل , فإليك البيان :
( يحرصون على الشهادة كما يحرص أحدكم على الحياة ) إن هذه العبارة تمثل ما عليه أبطال الجهاد وشباب العقيدة , ولقد كان أبو سعد – رحمة الله – واحداً منهم فقد كان يحرص على المشاركة في كل عملية يسمع بها , ويتوجه إلى الأمير ليعرض نفسه عليه , عسى أن يتم اختياره فيقابل أعداء الله ويكون قريباً جداً من تلك الأمنية الغالية (الشهادة في سبيل الله ).
وفي يوم من تلك الأيام وبعد أن أثخن جند الله في أعداء الله وأبلوا في ذلك بلاء حسناً , وصل الأمير خبر من بعض أهل القرى المجاورة أن عدداً قليلاً من الروس , ستة أو سبعة سيمرون من النهر المجاور لموقع المجاهدين, ومعهم جريح يريدون نقله لإسعافه... فاغتنم الأمير الفرصة ورأى أن هذا رزق ساقه الله إلى المجاهدين, خاصة وأن هؤلاء النفر من الفرقة الخاصة ( الكوماندوز) , فأخبر جنوده بذلك , وبادر كل منهم ليختاره الأمير لهذه المهمة, وكان أبو سعد من أوائل المبادرين وتم اختياره مع عدد قليل من المجاهدين إذ إن العملية لا تستدعي الكثرة, وأخذ كل مجاهد موقعه واستعد للقاء العدو, وكان أبو سعد في المقدمة بل هو أول المترصدين, قال أبو الحارث :
ووصل أعداء الله , وأخذ أبو سعد يعدّ بصوت منخفض حتى إذا تجاوز العدد المتفق عليه رفع صوته بالتكبير وبدأ يمطر أعداء الله بالرصاص وتبعه المجاهدون الأبطال , واشتبك الفريقان واحتدم القتال , وعلمنا أن عدد العدو أكبر بكثير مما كنا نظنه ..
وقد أخبرنا بعض أهل القرية – فيما بعد – أنهم رأوا أكثر من خمسين من جنود العدو يدخلون الغابة ذلك اليوم , ولم يخرج منهم سوى (ثلاثة ) !!! فلله در أبطال المسلمين ...
هدأ صوت الرصاص وسكنت الحركات ولم نعد نسمع للعدو صوتاً ولا نرى لهم شبحاً إلا تلك الجثث المتناثرة والذخيرة المتفرقة فاقتربت من أبي سعد وهو كالأسد في الوغى قد اثخن في أعداء الله وقتل منهم عدداً يعلمه الله , وأخذت أتحدث إليه , واختلفنا في موت خنزير من تلك الخنازير فأكد أبو سعد – رحمه الله – أنه قتله بل لم يكتف بذلك حتى توجه إليه ليقضي عليه إن كان بقي فيه بقية ,إلا أنه كان على موعد مع الشهادة – إن شاء الله – فقد جاءته رصاصة من غادر كان متخفياً وراء تلك الجثث والأشجار فاستقرت في قلب أبي سعد ليسقط من ساعته محركاً لسانه وشفتيه بكلمات لم نستطع تمييزها لانشغالنا بأولئك الخونة.. فلما أقبلنا إليه وإذا به قد أسلم الروح إلى بارئها وفارق هذه الحياة...
اجتمع بعض الأخوة بسرعة لنقل جسده إلا أنهم فوجئوا برصاصة غادر أخرى فأصابت أبا سعيد الشرقي في رأسه فسقط على الأرض إلا أن روحه لم تخرج فاحتملناه مسرعين لعلنا نتمكن من علاجه وتركنا جسد أبي سعد إلى وقت أوسع.. وبعد أقل من ساعة فاضت روح أبي سعيد رحمه الله- فكانت مصيبة المجاهدين بفقد أولئك الأبطال كبيرة ولكن عزاءهم ما يرجونه لهم من فضل الله وكرامته وما أعده للشهداء من الأجر العظيم .
لم نتمكن من الرجوع إلى أبي سعد إلا يوم الغد فإذا هو على هيئته التي فارقناه عليها كأنما قتل الساعة معه جعبته وسلاحه ... بل وصحفه في جيب صدره قد اخترقته الرصاصة في وسطه قبل أن تستقر في جسد أبي سعد , نعم لقد مزقت الرصاصة مصحفه فلم يتمكن أحد بعده من القراءة فيه , ليظل شاهداً له بإذن الله فكم ختم القرآن في ذلك المصحف الذي كان لا يفارقه , وكم علم ودرس غيره كلام الله في ذلك المصحف الذي تمزق على صدره .
تلك والله مواقف الرجال , وهذه وربي مصارع الأبطال في ساحات الوغى ومواطن النزال ... فاضت روحه وانتقل إلى ذلك الركب الطويل الذي يشع نوراً ساطعاً يضيء الطريق للسائرين , ويوقد نيران العزم في قلوب القاعدين ... اللهم ألحقه بهم يا رب العالمين وتقبله في الشهداء وارفع درجته يا رحمن الأرض والسماء .
الحمد لله وحده , والصلاة على من لا نبي بعده أخي الكريم :
قد قضيت وقتاً يسيراً مع جوانب وصفحات من حياة شاب من شباب المسلمين , مضى إلى ربه وقدم نفسه رخيصة في سبيل الله – نحسبه كذلك والله حسيبه – نرجو أن تكون قد انتفعت بما قرأت وأن نكون جميعاً ممن قال الله فيهم : ( الذين يسمعُون القول فيتبعون أحسنهُ) وأن نتمثل أمر ربنا : ( أولئك الذين هدى اللهُ فبهُداهم ُ اقتدهٍ ).
وندعو كل أخِ قرأ هذه الوريقات فخطرت له خاطرة أو استحسن إضافة فائدة أو وجد خطأ أو عيباً أن يبادر بالكتابة إلينا , وله منا الشكر والدعاء وحسن الثناء ....
وفي الختام ... فإن من حق أخينا علينا أن ندعو له بالقبول الحسن وأن يبلغه الله أعلى منازل الشهداء , وأن يجمعنا به في الفردوس الأعلى ( إخوانا على سرر مُتقابلين ) والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
ها قد مضيت إلى الجهاد وسرت في *** درب الشهامة في ربى الشيشان أرخصت روحك لم ترد عرضاً ولا *** جاهاَ فقصدك طاعة الرحمن كم كنت ترجو أن تنال شهادة *** وطلبتها من قبل في الأفغان واليوم جاءتك الشهادة مقبلاً *** ومجاهداً لعصابة الطغيان يا أحمد الخيرات هذى منحة *** جاءتك من رب كريم حان فا هنأ أُخي بجنة الخلد التي *** فيها نعيم ّ ليس في الحسبان أجر الشهيد أُخي أجر وافرّ *** ومكانه عالٍ لدى الديان لكأنني بك بالدماء مضرجاً *** ودم الشهادة أصدق البرهان اللون لون دم ٍ وأما ريحه *** فالمسك يا لكرامة الولهان فالحور في شوق لكل مجاهد *** غيدٍ كمثل الدر والمرجان لكأنني بك ياشهيد محلقاً *** فوق الجنان ووارف الأغصان الروح منك بجوف طير سائح ٍ *** بين النعيم بجنة الأفنان تأوي إلى تلك القناديل التي *** قد علقت بالعرش في إتقان لكأنني بك أحمد الخير على *** تلك الأرائك أو على الكثبان في مقعد للصدق عند مليكنا *** نعم الجزاء برفعة وجنان وهناك ترجو أن تعود لما ترى *** ما للشهيد هناك من إحسان ياأم أحمد ذا اصطفاء إلهنا *** فتجلدي بالصبر والسلوان مات أحمد بل بأنعم عيشة *** والرزق موفور له بأمان واسعد أباه فذي الشهادة منة ّ *** تعطى وتمنح من لدى الرحمن ولتفخروا آل الدهيشي إنكم *** آل الشهيد له عظيم الشا |
|