منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Empty
مُساهمةموضوع: الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق   الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Emptyالجمعة 10 مارس 2023, 10:35 pm

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Ocia_124
الفصل الثالث:

موقفنا من الاستشراق

تمهيد

بعد أن اتضحت لنا بعض الشيء -في الفصلين السابقين- أبعاد المواقف الاستشراقية بإيجابياتها وسلبياتها يبقى أمامنا السؤال الكبير:

ماذا فعلنا نحن؟ ما موقفنا من الحركة الاستشراقية؟


إنها حركة فكرية هـائلة وما تنتجه يخصنا ويخص عقيدتنا ولغتنا وتراثنا وتاريخنا وذاتيتنا، هـل نكتفي بموقف المتفرج في المسرح، تعجبه بعض المشاهد فتتهلل أساريره، ولا تعجبه بعض المشاهد الأخرى فيقطب جبينه ويمط شفتيه؟


إن الأمر هـنا يختلف تماما، فالأمر ليس مجرد استحسان أو استهجان عابرين؛ نفرح حين يمن علينا بعضهم بكلمات المدح، ونفزع غاضبين حين يصب علينا بعضهم الآخر صواعق فكرية، فنستعيذ بالله من شياطين الإنس، ونعتبر الموضوع منتهيا، ثم نستأنف سيرنا العادي الرتيب. [ص: 123]


لا، إن الأمر أخطر من ذلك بكثير؛ لأنه يتعلق بأعمق أعماقنا عقدياً وفكرياً وحضارياً، وليس هـناك أمامنا من سبيل إلا المواجهة وقبول التحدي وإثبات الذات، وإلا فلسنا جديرين بالحياة.


لقد أضعنا الكثير من عمر الزمن في تفاهات الأمور، وغيرنا يصارعنا في عظائم الأمور، ونحن لاهون، غافلون، غير مُكترثين، يزلزل الآخرون في جذورنا ونحن لا نشعر ولا نعي، وإن شعرنا فهو شعور الكسول المُتباطئ الذي يجد المُتعة في التمطي والتثاؤب أكثر مِمَّا يجدها في الحركة والعمل.


إن المستشرقين يعملون ونحن لا نعمل، وهذا هـو الفارق بيننا وبينهم، بصرف النظر عن طبيعة العمل الذي يقومون به، وقد آن الأوان لنعمل نحن أيضاً، لنعمل حتى الموت؛ لأن المسألة مسألة مصير.


وفي الصفحات التالية نستعرض معا موقفنا وما يطلبه العمل الإسلامي منا في هـذا المجال، ونضع أمام المسلمين الغيورين بعض المقترحات، التي نعتقد أنها يمكن أن تعوّض بعض ما فات من وقت ضائع وكرامة مُهانة وذاتية مُنهارة.



الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 10 مارس 2023, 11:55 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق   الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Emptyالجمعة 10 مارس 2023, 10:35 pm


الصراع الفكري ومتطلباته

لقد كانت التيارات الفكرية الأجنبية القديمة التي كانت تمثل تحديا للإسلام والفكر الإسلامي الأصيل في عصور الإسلام الزاهرة كانت حافزا للمسلمين في تلك الأيام الخوالي للوقوف أمامها بقوة وصلابة، وقد كانت المواجهة على مستوى التحدي بل تفوقه.


فقد هـضم الفكر الإسلامي تلك التيارات هـضما دقيقا واستوعبها استيعابا تاما، ثم كانت له معها وقفته الصلبة وبالأسلحة الفكرية نفسها، فالمواجهة إذن كانت مواجهة فكرية. [ص: 124]


وكأن التاريخ الآن يعاد نفسه، فالحرب الآن بين الإسلام والتيارات المناوئة له حرب أفكار، والمعركة معركة فكرية، ولهذه المعركة أدواتها التي يجب التسلح بها، فالخسران في هـذه المعركة أشد وطأة وأقوى تأثيرا وأعظم فتكا من خسارة أية معركة حربية أيا كان حجمها.


لننظر مثلا أنموذجا رائدا في تاريخ الفكر الإسلامي إنه حجة الإسلام (الغزالي) الذي خاض غمار معارك فكرية عديدة، وخرج منها جميعا منتصرا، فماذا يفعل؟ يقول (الإمام الغزالي) في كتابه (المنقذ من الضلال): (إنه لا يقف على فساد نوع من العلوم من لا يقف على منتهى ذلك العلم حتى يساوي أعلمهم من أهل ذلك العلم، ثم يزيد عليه ويجاوز درجته، فيطلع على ما لم يطلع عليه صاحب العلم، وإذ ذاك يمكن أن يكون ما يدعيه من فساده حقا) [1].


وقياسا على ما يقوله الإمام الغزالي نجد أن استيعاب الإنتاج الاستشراقي حول الإسلام ودراسته دراسة عميقة هـو الخطوة الأولى لنقده نقدا صحيحا، وإثبات ما يتضمنه من تهافت أو زيف، الأمر الذي يجعل المستشرقين المنحرفين عن الصواب يفكرون ألف مرة قبل أن يكتبوا؛ تحسبا لما قد يواجههم من نقد علمي يعريهم، ويثبت زيف ادعاءاتهم.


ويؤكد هـذه الحقيقة المستشرق الفرنسي (مكسيم رودنسون) حين يشير إلى أن النقد الأوروبي ربما يكون غير عادل في نقاط معينة، ولكن القيام بتفنيد هـذا النقد يقتضي بدوره دراسته أولا؛ إذ لا يمكن نقضه إلا على الأساس نفسه الذي قام عليه [2]. [ص: 125]


ويجب أن يرتبط نقدنا لإنتاج المستشرقين بنقد ذاتي حقيقي بصفة مستمرة، يجب أن نواجه أنفسنا مواجهة حقيقية بعيوبنا وقصورنا وتقصيرنا، وأن نكون على وعي حقيقي بالمشكلات التي تواجهنا في هـذا العالم المعاصر.


وقد يتمثل الجانب الإيجابي للاستشراق في صورة الهجوم علينا وعلى أمجادنا وليس في صورة المدح، وإن كان هـذا يبدو أمرا غريبا، وهو غريب حقا، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب، فكلنا يعلم أن هـناك عددا لا بأس به من المستشرقين المنصفين قد مدحوا حضارتنا في مؤلفاتهم، وأثنوا على علمائنا ومجدوا تراثنا.


وآخرهم المستشرقة الألمانية المعاصرة (زيجريد هـونكه) في كتابها: (شمس الله تسطع على الغرب)، ونحن نقدر لهؤلاء العلماء هـذه الجهود العلمية العادلة، ونشكر لهم باسم العلم إخلاصهم للحقيقة، ووقوفهم في صف النزاهة العلمية، والتزامهم بالموضوعية والبعد عن الأهواء والأغراض.


ولكن هـناك ملاحظة في هـذا المقام تخصنا نحن المسلمين.


وتتلخص هـذه الملاحظة في أن جانب المدح والثناء قد يكون له تأثير تخديري علينا [3].


فيجعلنا نغمض عيوننا مستسلمين لتلك الأحلام السعيدة التي تذكرنا بالعز الذي كان، ونركن إلى ذلك ونعيش على صيت آبائنا وأجدادنا، ونظن أننا عظماء؛ لأن أجدادنا كانوا عظماء، ورحم الله جمال الدين الأفغاني فقد زاره شكيب أرسلان ذات مرة، وحكى له ما يروى من أن العرب عبروا المحيط الأطلنطي قديماً واكتشفوا أمريكا قبل الأوروبيين.


فرد عليه جمال الدين الأفغاني قائلاً: (إن المسلمين أصبحوا كلما قال لهم الإنسان: كونوا بني آدم، أجابوه: إن آباءنا كانوا كذا، وعاشوا في خيال ما فعل آباؤهم غير مفكرين بأن ما كان عليه آباؤهم من الرفعة لا ينفي ما هـم عليه من الخمول والضعة.


إن الشرقيين كلما أرادوا [ص: 126] الاعتذار عما هـم فيه من الخمول الحاضر، قالوا: أفلا ترون كيف كان آباؤنا؟ نعم، قد كان آباؤكم رجالاً، ولكنكم أنتم أولاء كما أنتم، فلا يليق بكم أن تتذكروا مفاخر آبائكم إلا أن تفعلوا فعلهم) [4].


ومن هـنا نقول:

إن الجانب الهجومي التفنيدي الاستفزازي في إنتاج المستشرقين قد يكون بالنسبة لنا خيراً من جانب المدح؛ تأكيدا للمثل المعروف (رب ضارة نافعة).


فقد يكون هـذا الاستفزاز حافزا لنا على الخروج من حالة الركود الفكري التي وصلنا إليها، فننهض بعد طول رقاد، وننطلق من جديد نبني أفكارنا، ونعيد ترتيب ثقافتنا، وبذلك نقبل التحدي ونستجيب له بانطلاقة إسلامية حضارية جديدة.


ولعل هـذا ينطبق عليه تفسير (توينيي) للحضارة بأنها: استجابة للتحدي؛ بمعنى رد معين يواجه به شعب من الشعوب تحدياً معيناً.


وهذا الرد ليس مجرد استنفاد الطاقات في رد الهجوم وترقب الطعنات للرد عليها، وإنما هـو الرد الفعال الذي ينتقل إلى الموقف الأقوى


فلا يجوز أن نقف دائما موقف المعتدى عليه، فالمعتدى عليه غالبا ما يكون ضعيفا، ولهذا لا بد من أن نغير وضعنا، وذلك لن يكون إلا بتغيير أفكارنا، فنحن لسنا متخلفين لقلة ما لدينا من إمكانات مادية، ولكن تخلفنا لقلة أفكارنا، وتبدد جهودنا، ولن تتغير أحوالنا إلا بتغير ما في نفوسنا طبقا للمبدأ القرآني القائل: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (الرعد: 11).


ولا بد لنا من أن نعترف بأن الاستشراق يستمد قوته من ضعفنا، ووجوده نفسه مشروط بعجز العالم الإسلامي عن معرفة ذاته.


فالاستشراق في حد [ص: 127] ذاته كان دليل وصاية فكرية [5].


ويوم أن يعي العالم الإسلامي ذاته وينهض من عجزه، ويلقي من على كاهله أثقال التخلف الفكري والحضاري يومها سيجد الاستشراق نفسه في أزمة، وخاصة الاستشراق المشتغل بالإسلام، ويومها لن يجد الجمهور الذي يخاطبه لا في أوروبا ولا في العالم الإسلامي.


ولا يجوز لنا أن ننتظر من غيرنا -أيا كان هـذا- أن يساعدنا على النهوض من كبوتنا، فقد تعلمنا من تراث الأجداد أنه: (ما حك جلدك مثل ظفرك، فتول أنت جميع أمرك).


وإذا كان علينا أن نضع عن أنفسنا أغلال الوصاية الفكرية، فإن علينا من ناحية أخرى أن نتحرر من عقدة التخلف التي تسيطر علينا في جميع مناحي حياتنا، والتي تسد علينا منافذ الأمل في الخروج من أزمتنا، فقد تحررنا من الاستعمار العسكري، ولكننا لم نتحرر من القابلية للاستعمار، كما يقول مالك بن نبي رحمه الله.


ولهذا فإن نظرتنا لكل ما يأتي من الغرب هـي نظرة التقدير والإكبار، حتى وإن كان هـذا الذي يرد إلينا متمثلا في أزياء غريبة عن أذواقنا وتقاليدنا، أو شرائط تحمل ألحانا صاخبة وأصواتا مزعجة تصرخ بعنف يحطم الأعصاب، ونعدها فنا نتلقفه ونحاكيه؛ لأنه قادم من الغرب المتقدم، غافلين عن الأسباب التي أفرزت في الغرب مثل هـذه الظاهر، وهي أسباب غريبة عنا بكل تأكيد.


ويبدو أن (عقدة الخواجة) والتقدير الفائق لقدرات الأجنبي أمر ضارب بأطنابه في تاريخنا، فقد حكى الجاحظ في كتاب: البخلاء، [6] الحكاية التالية عن طبيب عربي مسلم هـو (أسد بن جاني)، يقول الجاحظ: (وكان طبيبا، فأكسد مرة، فقال قائل: السنة وبيئة، والأمراض فاشية، [ص: 128] وأنت عالم، ولك صبر وخدمة، ولك بيان ومعرفة، فمن أين تؤتى في هـذا الكساد؟


قال: أما واحدة، فإني عندهم مسلم، وقد اعتقد القوم قبل أن أتطبب -لا بل قبل أن أخلق- أن المسلمين لا يفلحون في الطب.


واسمي أسد، وكان ينبغي أن يكون اسمي صليباً، ومراسل، ويوحنا، وبيرا.


وكنيتي أبو الحارث، وكان ينبغي أن تكون: أبو عيسى، وأبو زكريا، وأبو إبراهيم.


وعلي رداء قطن أبيض، وكان ينبغي أن يكون علي رداء حرير أسود.


ولفظي عربي، وكان ينبغي أن تكون لغتي لغة أهل جند يسابور).


وقد سمعت حكاية غربية منذ بضع سنوات مؤداها أن إحدى الدول العربية كانت قد تعاقدت مع أحد الأساتذة الأمريكيين للتدريس في جامعاتها، وقد كان لدى هـذا البلد العربي حينذاك جدول غريب للمرتبات لأعضاء هـيئة التدريس في الجامعة، في قمته الأوروبيون والأمريكيون، وفي أوسطه الآسيويون من الهند وباكستان، وفي أسفله العرب.


وعندما حضر الأستاذ الأمريكي تبين أنه يتحدث العربية بطلاقة وأنه أصلاً عربي تجنس بالجنسية الأمريكية، وعندئذ أصر هـذا البلد العربي على وضع هـذا الأستاذ -لأنه أصلاً عربي- في أسفل جدول المرتبات مع الأساتذة العرب.


ولكن الأستاذ رفض ذلك ولجأ إلى السفارة الأمريكية لتحميه من الظلم العربي، واستطاعت السفارة أن ترغم هـذا البلد العربي على دفع التعويض الذي ينص عليه العقد لهذا الأستاذ الذي عاد إلى بلاده الجديدة التي تقدر كفاءته.


كيف نستطيع أن ننتصر في قضية الصراع الحضاري بمثل هـذه العقليات المتخلفة؟


لابد من تغيير جذري في أسلوب حياتنا، ولا بد من إعادة النظر في ثقافتنا وفي تفكيرنا. [ص: 129]


إن قضية التقدم -المادي والروحي- قضية لا خلاف عليها، واللحاق بركب التطور العلمي والتقني أمر لا جدال فيه.


ولكن السؤال الجوهري هـو: هـل نحن حريصون حقا على الحفاظ على هـويتنا وعقائدنا وتراثنا واستقلالية شخصيتنا الإسلامية، أم لا؟


إذا كانت الإجابة بالإيجاب فنحن إذن أصحاب قضية يجب أن نعمل من أجلها بكل إمكاناتنا وطاقاتنا، وهي قضية مصيرية من أجل إثبات الذات، قضية صراع حضاري مرير.


والاستشراق طرف في هـذه القضية؛ لأن كثيرا من الدراسات الاستشراقية في مجال الإسلاميات تهدف بطريق مباشر أو غير مباشر إلى طمس معالم هـويتنا، والتشكيك في عقائدنا وتراثنا، والنيل من استقلالية شخصيتنا العربية الإسلامية، والتصدي لذلك من جانبنا له أساليب مختلفة ترتكز كلها على شرط جوهري لا بد من توفره قبل أن نخطو خطوة واحدة في هـذا السبيل، ويتمثل هـذا الشرط في الثقة بالنفس والإيمان بالهدف.


وسنحاول فيما يلي عرض بعض الأساليب التي يمكن أن تساعدنا على الوصول إلى أهدافنا المرجوة.



الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق   الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Emptyالجمعة 10 مارس 2023, 10:36 pm

[1] موسوعة الرد على المستشرقين

إن المواجهة الفكرية الجادة -كما سبق أن أشرنا- هـي الطريق الصحيح لمجابهة أية تيارات مناوئة للإسلام والمسلمين، ومن أجل ذلك ينبغي علينا أن ننظر إلى حركة الاستشراق بكل جدية، ونأخذ في الحسبان أن لها آثارا كبيرة على قطاعات عريضة من المثقفين في العالم الإسلامي وفي العالم الغربي على السواء.


ولهذا لا بد من التوفر على دراسة الاستشراق دراسة عميقة.


ولا يكفي أن نقول: إن ما يكتبونه كلام فارغ.


فهذا الكلام الفارغ مكتوب [ص: 130] بشتي اللغات الحية ومنتشر انتشاراً واسعاً على المستوى العالمي.


ومواجهته لا بد أن تكون على المستوى العالمي نفسه، وبالكلام (المليان) على حد تعبير الدكتور حسين مؤنس [1].


وفي هـذا الصدد يجدر بنا أن نشير هـنا إلى أحد المشاريع المتعلقة بهذا الموضوع وما أكثر مشروعاتنا، وما أكثر ما لدينا من نوايا طيبة، ولكن الذي ينقصنا هـو ترجمة المشروعات إلى واقع ملموس وتحويل النوايا الطيبة إلى إرادة للعمل المثمر، الذي يثبت أركان الشخصية الإسلامية، ويحفظ ما لها من مقدسات ويرد عنها الأعداء، ويسير بها نحو البناء الحضاري السليم.


لقد دعت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في القاهرة في نهاية عام 1979م إلى ندوة لمناقشة موضوع إعداد: (موسوعة للرد على المستشرقين).


وقد حضر الندوة عدد يزيد على العشرين من العلماء والمفكرين المهتمين بهذا الموضوع.


وقد تشرفت بأن كنت مقرراً لهذه الندوة، التي عقدت جلساتها على مدى ثلاثة أيام.


وفي ختام الندوة قمت بإعداد تقرير ختامي عن المنهج العلمي الواجب اتباعه في إعداد هـذه الموسوعة، وذلك على ضوء المناقشات التي دارت في الندوة، وتم تسليم التقرير في حينه إلى المسئولين عن الندوة المذكورة.


وقُضِيَ الأمر ونامت الفكرة، ولعل ذلك يرجع إلى الظروف السياسية التي سادت المنطقة العربية في السنوات الأخيرة.


وفيما يلي أورد هـنا نص هـذا التقرير تذكرة وعبرة؛ فقد يوفق الله من يشاء من عباده -ممن تتوفر لديهم الحماسة الكافية والقدرة على التنفيذ- إلى العمل على تحريك مثل هـذا المشروع وغيره من مشروعات علمية نافعة لترى النور، حتى تستطيع هـي بدورها أن تنير للمدلجين وتهدي الحائرين، وإليك التقرير المذكور: [ص: 131]


تقرير حول المنهج العلمي الواجب اتباعه في إعداد موسوعة الرد على المستشرقين

 (أ) أسلوب التناول

1 - إن التطورات الفكرية في عالم اليوم، والتقدم العلمي العظيم الذي حققه الإنسان في العصر الحاضر في مختلف المجالات يقتضي أن نكون في معالجتنا للقضايا التي أثارها الفكر الاستشراقي على وعي تام بمقتضيات العصر، وإدراك كامل للمستويات الثقافية السائدة.


ومن أجل ذلك، ونظرا لأن هـذه الموسوعة تخاطب جمهرة المثقفين الذين أتيح لهم الاطلاع على شبهات المستشرقين ينبغي أن يكون تناولنا للموضوعات التي تشتمل عليها الموسوعة الإسلامية المقترحة تناولا موضوعيا مدعما بالحقائق والشواهد التاريخية والبراهين العقلية، وكذلك بالأسانيد الدينية فيما يتعلق بالعلوم النقلية التي يعترف المستشرقون بالمناهج التي استخدمت فيها.


2 - يتطلب الرد على الشبهات والطعون التي أثارها المستشرقون عرض هـذه الشبهات والرد عليها تفصيلياً، بعيدا عن النزعات الهجومية؛ حتى يكون لهذا العمل العلمي أثره الإيجابي لدى المثقفين من كل الطبقات من المسلمين وغير المسلمين، وحتى يكون دافعا للمستشرقين إلى إعادة النظر في أقوالهم، وعونا لهم على تصحيح اتجاهاتهم حول الإسلام وتاريخه وحضارته، وفي النهاية يكون هـذا العمل العلمي بمثابة تعريف بالإسلام لكل راغب في التعرف عليه.


3 - ينبغي أن تقتصر هـذه الموسوعة على الموضوعات التي كانت مثار أخذ ورد وجدل لدى المستشرقين، وبصفة أساسية في القرنين التاسع عشر والعشرين.


ومن أجل ذلك فليس هـناك ما يدعو للحديث عن موضوعات لم يتطرق المستشرقون للخوض فيها بالرفض أو بالقبول إذ ليس الهدف [ص: 132] هنا هـو التاريخ الكامل للحضارة الإسلامية.


4 - من المعروف أن المستشرقين لا يشكلون اتجاهاً واحداً في كل المسائل الإسلامي التي تعرضوا لها، فهناك مسائل يختلفون فيها بين مؤيد ومعارض، ولذلك ينبغي إبراز ردود المستشرقين على بعضهم الآخر بصدد بعض الشبهات التي أثاروها حول الإسلام والحضارة الإسلامية.


5 - ينبغي أن تصدر الموسوعة بدراسة عن الاستشراق بوجه عام على أن تبين هـذه الدراسة أهداف الاستشراق ومناهجه، والأسباب التي دعت إلى الدراسات الاستشراقية وأدت إلى إثارة الطعون والشبهات حول الإسلام وتاريخه وحضارته.


(ب) فروع العلوم الإسلامية والفكر الإسلامي

لقد طرق المستشرقون في دراستهم كل فروع العلوم الإسلامية والفكر الإسلامي بصفة عامة، وركزوا على بعض القضايا الهامة التي تتصل بأصالة الدين الإسلامي وأصالة الفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية، ويمكن تقسيم المجالات العلمية التي ستكون محورا للتناول في هـذه الموسوعة إلى مجالين رئيسين، يندرج تحتهما فروع مختلفة على النحو التالي:


أولاً: علوم دينية:

وتشمل دراسات المستشرقين حول الدين الإسلامي بصفة عامة، وحول القرآن الكريم بصفة خاصة، مع العناية بدراسة الترجمات المختلفة التي قاموا بها للقرآن الكريم، وتقويم هـذه الترجمات، وتشمل كذلك الدراسات المتعلقة بالتفسير وعلوم القرآن والحديث وعلومه والفقه الإسلامي، وعلم الكلام والتصوف وأصول الفقه.


مع الاهتمام بتقويم مناهج المستشرقين في هـذه الدراسات، ووضعها في ميزان النقد العلمي، وبيان ملاءمتها أوعدم ملاءمتها لهذه الدراسات.


ثانيا: علوم إنسانية:

وتشمل علوم الفلسفة واللغة وعلومها، والأدب [ص: 133] وتاريخه، والنقد الأدبي والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، والجغرافيا والعمارة والفنون الإسلامية، كما تشمل أيضا الحساب والجبر والهندسة والفلك وعلوم الكيمياء والفنون والطب والصيدلة والنبات والحيوان.


مع الاهتمام بإبراز مدى أصالة المسلمين وإبداعهم في كل هـذه المجالات، ومدى ما أسهموا به وقدموه للحضارة الإنسانية.


(ج) خطوات تحضير المادة ومراحلها

1 - يجب في البداية القيام بحصر شامل لكتابات المستشرقين عن المجالات سالفة الذكر في القرنين التاسع عشر والعشرين بصفة أساسية باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والإيطالية والروسية، ويشمل هـذا الحصر الكتب والمجلات والدوريات... إلخ.


والقيام بعملية حصر هـذه الأعمال الاستشراقية يحتاج على الأقل إلى خبير، وعدد من المساعدين في مجال كل لغة من هـذه اللغات الست، على أن يستعان في هـذا الحصر أيضا بالمتخصصين في المجال الاستشراقي ممن اعتنقوا الإسلام في أوروبا وغيرها.


2 - لا بد من توفير كل الأعمال الاستشراقية المشار إليها عن طريق الشراء إذا كانت متوفرة، أوعن طريق التصوير إذا لم يمكن شراؤها، وتشكل هـذه الأعمال مكتبة استشراقية تكون تحت أيدي الخبراء والعلماء الذين يشتركون في إعداد الموسوعة.


3 - يقوم جهاز متعاون من الخبراء في اللغات الست المشار إليها بتحضير المادة، وتصنيف الموضوعات، وضم المادة التي يتكرر الحديث عنها في لغات مختلفة تحت موضوع واحد؛ حتى يتم الرد عليها جملة واحدة.


4 - تقدم المادة للعلماء الذين سيقومون بإعداد الردود العلمية، ويراعى عند تقديم هـذه المادة لهم أن تترجم لهم الأفكار الأساسية للقضايا المطلوب الكتابة فيها من اللغات التي لا يجيدون القراءة بها؛ حتى يكون [ص: 134] لديهم تصور شامل لكل ما قيل حول القضية المطروحة، وحتى يغطي التناول للموضوع وجهات النظر التي قيلت فيه.


(د) الإعداد والتحرير

1 - يحتاج هـذا العمل الموسوعي الضخم إلى عدد كبير من العلماء المسلمين في التخصصات المختلفة، يطلب منهم الكتابة في موضوعات محددة حسب المادة التي تقدم إليهم، كل في مجال تخصصه، على أن يكون الرد فيها وافيا بعيدا عن التطويل الممل أو الإيجاز المخل، وطبيعة الموضوعات هـي التي ستحدد حجم الردود المطلوبة، وتوضح خطة زمنية أقصاها ستة أشهر لوصول الرد.


2 - يتم تحرير الموضوعات باللغة العربية، وفي الحالات التي لا يجيد فيها أحد العلماء المسلمين اللغة العربية يمكن الكتابة بإحدى اللغات الأجنبية، على أن يتم ترجمة الموضوع إلى اللغة العربية فور وصوله.


(هـ) المراجعة والتدقيق

عند وصول رد من الردود يحال إلى لجنة مختصة بالمراجعة والتدقيق، تنحصر مهمتها في فحص الرد من جميع جوانبه الدينية والعلمية والتاريخية... إلخ.


ومدى وفائه بالغرض المطلوب وهو استيعابه التام للرد على الشبهة المراد الرد عليها وتفنيد حججها بالأدلة الدامغة.


(و) التوزيع المحدود

عندما تعتمد لجنة المراجعة ردا من الردود يتم تصويره، ويوزع توزيعا محدودا على مجموعة من العلماء المتخصصين على مستوى الوطن الإسلامي؛ لإقراره واعتماده اعتمادا نهائيا، أو بيان ما قد يكون هـناك عليه من ملاحظات لمراعاتها وأخذها بعين الاعتبار.


(ز) الطباعة والنشر والترجمة

بعد مرحلة التوزيع المحدود واعتماد الرد اعتمادا نهائيا يتم إعداده للطباعة في إطار مجال من مجالات فروع العلوم الإسلامية والفكر الإسلامي [ص: 135] السابق الإشارة إليها، وفي الوقت نفسه تبدأ مجموعة من الخبراء في ترجمته إلى اللغات الأجنبية الست التي سبقت الإشارة إليها.


ويمكن أن يتم النشر في وقت واحد باللغة العربية وهذه اللغات الأجنبية، ولعل في ذلك فائدة أكثر ونفعا أعم.


وبذلك تنشر الموسوعة على مراحل حسب العمل الذي يتم إنجازه، مع مراعاة ضم قضايا المجال الواحد معا؛ لتشكل وحدة متكاملة يمكن أن تأخذ صورة كتاب في موضوع معين.


وعندما يتم الانتهاء من الموسوعة يمكن إعادة طبعها مرة أخرى في صورة مكتملة.


ولتمام الفائدة وسرعة العثور على الموضوع المطلوب في الموسوعة لا بد من القيام بعمل كشاف في نهاية الموسوعة، يضم فهرسا موضوعيا وفهرسا للأعلام.



الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق   الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Emptyالجمعة 10 مارس 2023, 10:36 pm

الهيئة العلمية للمشروع

1 - يتطلب هـذا المشروع الكبير -الذي يقدم للجيل المعاصر والأجيال القادمة أهم خدمة علمية في بداية القرن الخامس عشر الهجري- عدداً لا يقل عن مائة من العلماء المتخصصين في شتى مجالات الفكر الإسلامي على مستوى العالم الإسلامي من أصحاب الكفايات العلمية الممتازة، يقومون بمهمة الإعداد والتحرير لموضوعات الموسوعة.


2 - تقوم لجنة علمية دائمة بمهمة الإشراف والمراجعة، وتكون -بالتعاون مع الأمانة الفنية- مختصة بالاتصال بالعلماء الذين سيشاركون في كتابة الموسوعة في شتى أنحاء الوطن الإسلامي، وتقديم المادة العلمية لهم وتلقي ردودهم عليها، وتقوم هـذه اللجنة بمراجعة الردود التي تصل إليها مراجعة دقيقة يتم بعدها توزيعها توزيعا محدودا على مجموعة من [ص: 136] العلماء لمراجعتها مراجعة نهائية واعتمادها؛ حتى تكون معدة للطبع.


وتقوم اللجنة العلمية الدائمة أيضا بمهمة تبويب موضوعات الموسوعة، وتحديد فصولها؛ لتكون معدة للطبع بصورة نهائية متكاملة.


ويتطلب العمل في هـذه اللجنة تفرغا كاملا لعدد لا يقل عن اثني عشر من العلماء المتخصصين في مختلف مجالات الفكر الإسلامي.


ومن المفيد أن يكون هـناك تكامل بين أعضاء هـذه اللجنة من حيث الخبرة بمعرفة اللغات الأجنبية الست المشار إليها، ولهذه اللجنة أن تستعين بمن ترى الاستعانة بهم من العلماء المتخصصين.


3 - يكون هـناك مجلس للأمناء يضم: اللجنة العلمية الدائمة، والأمانة الفنية، والأمانة المالية، ويقوم هـذا المجلس بالتنسيق بين الأجهزة المختلفة المشرفة على المشروع.


ويجتمع هـذا المجلس مرة واحدة كل ستة أشهر؛ لدراسة تقرير شامل يقدم إليه عن سير العمل في المشروع ومدى التقدم فيه، ووضع الحلول لما قد يكون هـناك من مشكلات تعوق سير التنفيذ، والله ولي التوفيق.

(انتهى التقرير).



الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق   الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Emptyالجمعة 10 مارس 2023, 10:37 pm

[2] مؤسسة إسلامية علمية عالمية

لقد آن الأوان للتفكير -على مستوى العالم الإسلامي- في إقامة مؤسسة إسلامية علمية عالمية، لا تنتمي بالولاء لقطر معين من الأقطار الإسلامية، ولا لمذهب سياسي أو فكري أو ديني معين، بل يكون ولاؤها الأول والأخير لله وحده ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وتستيطع استقطاب الكفاءات العلمية الإسلامية في شتى أنحاء العالم، وتقف على قدم المساواة مع الحركة الاستشراقية، ويكون لها دوريات ومجلات علمية ذات مستوى رفيع، تنشر بحوثها بلغات مختلفة، وتعمل على استعادة أصالتنا الفكرية واستقلالنا في [ص: 137] ميدان الأفكار، فهذا هـو الطريق الصحيح إلى الاستقلال الاقتصادي والسياسي، وإذ أن المجتمع الذي لا يصنع أفكاره الرئيسة لا يمكنه على أية حال أن يصنع المنتجات الضرورية لاستهلاكه، ولا المنتجات الضرورية لتصنيعه [1].


والأمر الذي يؤسف له حقا هـو أننا على امتداد العالم الإسلامي بسكانه الذين تجاوزوا الألف مليون، وبكل ما لنا من إمكانية هـائلة لا نملك مؤسسة علمية دولية لها الإمكانات العلمية والمادية نفسها التي تملكها المؤسسة الاستشراقية، أليس هـذا من الأمور التي تدعو إلى الأسى والحسرة؟ ويعبر إدوارد سعيد في كتابه عن (الاستشراق) عن هـذا الفراغ الهائل في حقل الثقافة العربية والإسلامية والآثار المترتبة عليه فيقول: (فما من باحث عربي أو إسلامي يستطيع المخاطرة بتجاهل ما يحدث في المجلات البحثية والمعاهد والجامعات في الولايات المتحدة وأوروبا، غير أن العكس ليس بصحيح.


ليس هـناك -مثلا- مجلة رئيسية واحدة للدراسات العربية تصدر في العالم العربي اليوم، بالضبط كما أنه ليس ثمة من مؤسسة تعليمية عربية واحدة قادرة على مضاهاة أماكن مثل: أكسفورد، وهارفارد، وجامعة كاليفورنيا -لوس أنجلس- في دراسة العالم العربي، دع عنك أي موضوع آخر غير شرقي.


والنتيجة المتوقعة لهذا هـي أن الطلاب الشرقيين (والأساتذة الشرقيين) ما يزالون يريدون الحضور إلى الويات المتحدة، والجلوس عند أقدام المستشرقين الأمريكيين، ثم العودة فيما بعد لتكرار القوالب الفكرية (الكليشيهات) [ص: 138] -التي ما فتئت أسميها: مذهبيات جامدة استشراقية- على مسامع جمهورهم المحلي.


ونظام اعتماد إنتاج كهذا يجعل من الحتمي أن يستخدم الباحث الشرقي تدريبه الأمريكي ليشعر بالفوقية على أبناء وطنه؛ لأنه قادرعلى (تدبر) النظام الاستشراقي وفهمه واستخدامه، أما في علاقته بمن هـم أسمى منه مكانة -المستشرقون الأوربيون والأمريكيون- فإنه سيبقى (المخبر الذي ينتمي إلى السكان الأصليين).


وهذا هـو بحق دوره في الغرب، إذا كان حسن الحظ بحيث يتاح له البقاء فيه بعد انتهاء تدريبه المتقدم) [2].


ولا يجوز الخلط بين هـذه المؤسسة العلمية المقترحة وبين لجنة: (موسوعة الرد على المستشرقين)، التي سبقت الإشارة إليها، فلجنة الموسوعة لجنة مؤقتة لإنجاز مهمة محددة، أما هـذه المؤسسة فهي مؤسسة دائمة، ولها مهام متعددة.


وقد سبق لنا أن طالبنا في كتاب سابق [3] بضرورة إقامة هـذه المؤسسة العلمية، وكان من بين ما قلناه في هـذا الصدد: (إن هـناك ضرورة ملحة لإقامة مؤسسة إسلامية عالمية للبحوث العلمية الإسلامية، تكون بعيدة كل البعد عن أية تيارات سياسية أو دعائية، ويتكون أعضاؤها من صفوة الباحثين الإسلاميين في شتى المجلات بصرف النظر عن جنسياتهم، في حدود مائة عضو، يتوزعون إلى مجموعات عمل يتوفر كل فريق منها على دراسة قطاع معين من قطاعات الفكر الإسلامي، وتخطط هـذه الصفوة أيضا للبحوث الإسلامية في جامعات العالم الإسلامي، فتصل الماضي بالحاضر وتجدد [ص: 139] شباب تراثنا، وتجنده لخدمة الحياة الإسلامية المتجددة).


وعبرنا عن الأمل في أن تكون هـذه المؤسسة العلمية (أكاديمية حية)، تشع النور في كل الأرجاء وتغذي المسلم في كل أنحاء العالم بالغذاء الفكري الصحيح، وتنقل دعوة الإسلام في صفائها ونقائها إلى شعوب الأرض، ولا تكون تكريرا لأي من الهيئات الإسلامية الحالية، التي تجمع في المناسبات على شكل مؤتمرات؛ لإصدار بيانات لا حياة فيها ولا روح، ولا أثر لها في حياة المسلم ولا تأثير.


والأمل أن تكون تلك الأكاديمية الإسلامية هـيئة ربانية لا مجال فيها للأهواء، ولا نقصد بذلك أن تكون هـيئة كهنوتية أو بابوية، فهذا لا مجال له في الإسلام، ولكننا نريدها هـيئة ذات قداسة، لا بأسماء من يعملون فيها، ولكن بما تقدمه من خير للناس، (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) (الرعد: 17).


وهكذا يمكن لمثل هـذه المؤسسة أن تقف بالمرصاد لكل التيارات المناوئة للإسلام أيا كان مصدرها، وأيا كانت اتجاهاتها.


ومن أجل ذلك لا بد أن يكون لها جهاز لمتابعة كل ما ينشر في العالم من بحوث تتعلق بالإسلام والمسلمين.         


ويمكن لهذه المؤسسة أيضا أن تتبنى تيارا للاستشراق، يقوم بدراسة تراث الغربيين ونقدهم من دين وعلوم وحضارة، وقد عبر الدكتور مصطفى السباعي -رحمه الله- عن هـذا الأمل فقال: (سيأتي يوم ننقلب فيه نحن إلى دراسة تراث الغربيين، ونقد ما عندهم من دين وعلوم وحضارة، وسيأتي اليوم الذي يستعمل فيه أبناؤنا وأحفادنا مقاييس النقد التي وضعها هـؤلاء الغربيون في نقد ما عند هـؤلاء الغربيين أنفسهم من عقيدة وعلوم، فإذا هـي أشد تهافتا وأكثر ضعفا مما يلصقونه اليوم بعقيدتنا وعلومنا.


ترى لو استعمل المسلمون معايير النقد العلمي التي يستعملها المستشرقون في نقد [ص: 140] القرآن والسنة في نقد كتبهم المقدسة وعلومهم الموروثة، ماذا كان يبقى لهذه الكتب المقدسة والعلوم التاريخية عندهم من قوة؟ وماذا يكون فيها من ثبوت؟)


ثم يقول الدكتور السباعي أيضا: (كثيرا ما أتمنى أن يتفرغ منا رجال للكتابة عن هـذه الحضارة (الغربية) وتاريخ علمائها بالأسلوب نفسه الذي يكتب به المستشرقون من تتبع الأخبار الساقطة، وفهم النصوص على غير حقيقتها، وقلب المحاسن إلى سيئات، والتشكيك في كل خير يصدر عن هـؤلاء الغربيين.


ولو حصل هـذا لخرجت منه صورة لهذه الحضارة ولرجالها مضحكة مخزية، ينكرها المستشرقون قبل غيرهم) [4].


وفكرة إنشاء اتجاه مقابل للحركة الاستشراقية سبق أن أثيرت في بعض المؤتمرات الإسلامية، ويشير المستشرق (رودي بارت) إلى ذلك بقوله: (ولا بأس من أن ننتهز هـذه الفرصة فنثير سؤالا، ولو من ناحية المبدأ، هـو السؤال عن إمكانية أن ينشأ في الناحية الأخرى -أي: في العالم العربي الإسلامي- اتجاه للبحث، شبيه بالدراسات الإسلامية عندنا، ولكن في الوجهة المقابلة، يهدف إلى دراسة تاريخ الفكر في العالم النصراني -الغربي- وتحليله بطريقة علمية... وقد دعا الدكتور محمد رحبار في المؤتمر الإسلامي العالمي الذي انعقد في لاهور في ديسمبر (كانون الأول) 1957م، يناير (كانون الثاني) 1958م، بحماس إلى هـدف من هـذا القبيل، ولكنه لقي معارضة شديدة) [5]. [ص: 141]


وعلى أية حال فإن هـذه مسألة جانبية لا يجوز أن تشغلنا عن الهدف الأساسي للمؤسسة العلمية المقترحة، فهي مسألة تعد الآن -في نظرنا- ترفا فكريا لم يحن وقته بعد، ويمكن التفكير فيها في مرحلة أخرى تالية.


أما الآن فإن هـناك أولويات أمام العمل الإسلامي لا بد أن تؤخذ في الاعتبار وتوضع في الحسبان؛ حتى لا نخطئ الطريق الأسمى؛ وهو خدمة الإسلام، وبناء الحياة الإسلامية على أسس إسلامية متينة، والنهوض مرة أخرى دينيا وثقافيا وحضاريا.

-----------------------------------------------------------------------------

تفسير الأية:

وبعد أن بَيَّنَ -سبحانه وتعالى- إقرارهم بأنه خالق السماوات والأرض، ومناقضة حالهم لهذا الإقرار - بَيَّنَ سبحانه فضله الدائم المستمر المثبت لربوبيته الكاملة فقال تعالت كلماته:

[ص: 3923] أنـزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال.


هذه الآية الكريمة فيها:

أولاً: بيان نعمة الله -تعالى- على الناس، فيما ينزل من ماء يجري في الأودية والأنهار فينتفع به الناس آمادا، يأمنون فيها على أنفسهم وزرعهم وضرعهم من العطش الشديد، والجدب، وضياع الحرث والنسل.


وفيها ثانيا: نعمة الله -تعالى- عليهم فيما أودعه باطن الأرض من فلزات يوقدون عليها فتكون منها حليهم وأمتعتهم من أوان وأدوات حروب، ودفع لأعدائهم، وبذلك يكون منها متاع وحماية ودفاع.


وفيها ثالثا: وهو الذي سيق له القول ظاهرا، وهو ضرب المثل بالحق والباطل، فالحق هو الأمر الثابت الباقي الذي ينفع الناس، والباطل هو الزبد الذي يجيش الماء فيوجده كالرغوة لا تبقى، والذي يوجده الغليان في الفلز فيظهر خبثا غير مفيد، والفلز يبقى من بعده خالصا ينفع الناس.


هذه خلاصة مقاصد الآية الكريمة السامية، بعضها بالقصد الأول، وبعضها بالقصد الثاني، وكلاهما فيه فضل الله واضح بين، بلا فرق بين ما سيقت له الآية قصداً، وما سيقت تبعا، فالجميع كلام الله -تعالى- مقصود كل معانيه أصلياً وتبعياً.


ولنتكلم في أجزاء الآية الكريمة:

قوله تعالى: أنـزل من السماء ماء السماء هي العلو، والماء ينزل من المزن، وهي السحاب الثقال التي ذكر الله - تعالى - أنه ينشئها في الآية السابقة، وتلك نعمة من الله أنعمها على الناس، نزلت من السماء على الجبال أو المرتفعات فتحدرت عليها المياه وسالت حتى كونت أودية وأنهارا، وهذا قوله -تعالى-: فسالت أودية بقدرها الأودية جمع واد، وهو المكان الذي يجري فيه الماء، وليست الأودية هي التي تسيل، إنما الذي يسيل هو الماء الذي يجري فيها، [ص: 3924]


وأطلقت الأودية وأريد ماؤها من قبيل إطلاق المحل وإرادة ما يحل فيه، مثل قوله – تعالى -: فليدع ناديه أي أهل ناديه، وقيل: سالت الأودية وأريد الماء؛ لأن السيل شديدا عنيفا قد طم، حتى اختفت الأودية من شدته فصار الناظر لا يرى إلا المياه المتدفقة، وكان حكمه على ما يراه، لا على محله، وقوله تعالى: بقدرها وقرئ بسكون الدال لا بفتحها، والمراد بمقدار ما يملؤها، وقيل: بما قدر لها من ماء يكفي الناس في معاشهم وزرعهم وضرعهم، ويصح إرادة المعنيين، والنص يحتمل الجمع، ولا تعارض بينهما.


و(الزبد) ما يحمله الماء عند جريانه وجيشانه من أتربة وغيرها، وإن هذا -بلا ريب- يذهب ولا يبقى، بل أحيانا يكون رغوة يبددها الهواء، فهي كأزيز الموج يصطخب ولا يبقى منه شيء.


ولقد قال تعالى توجيها لأمر آخر، وهو الفلز عندما يفتن ليخرج ما فيه من خبث تعلق به من باطن الأرض فقال -سبحانه-: ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله (مما) مدلولها الفلزات من المعادن وهي القابلة للطرق والسحب أو التي تنصهر بالنار كالذهب والفضة والنحاس والحديد والقصدير وغيرها، و في النار الجار والمجرور متعلق بمحذوف يفهم من القول، والمعنى: مما يوقدون عليه ملقى في النار، وقوله: ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله أي مما يلقى في النار الموقدة بقصد طلب حلية كالذهب والفضة.


أو متاع أي أمر ينتفع به كالأواني، وأدوات الحروب وغير ذلك.


زبد مثله أي أن خبث الفلزات يكون كالزبد الذي يجيء من إثارة الماء للتراب واصطخاب الأمواج.


والجفاء هو ما يلقيه السائل بعيدا ليصفو، وذلك من قولهم جفأه السيل، وقد مثل الله -تعالى- المهتدي بالبصير، والضال بالأعمى، والعبادة الحقة بالنور، والباطلة بالظلمات في الآية السابقة.


وفي هذه الآية مثل الحق بالماء الذي ينزل من [ص: 3925] السماء فتسيل منه أودية مختلفة تأتي بالزروع والثمار مناوبة، ولذا نكر أودية وشبه الحق بالفلز الخالص.


والزبد الذي يكون في حال جيشان الماء، ويكون من إيقاد النار على الفلز، أي شبه الباطل بهذا الزبد الذي لا يبقى، بينما الماء والفلز الخالص يبقيان نافعين دائمي النفع، ووجه الشبه بين الحق، والفلز والماء، أنها مفيدة دائما، وباقية لغذاء الإنسان، ومتاعه وحليه، وأنها جوهر صالح.


ووجه الشبه بين الباطل والزبد، أولاً: أنه لا بقاء لهما، ثانياً: أنهما لا حقيقة لهما، وثالثاً: أن السلامة في الخالص منهما.


ويصح أن يكون التشبيه تشبيها تمثيليا، بأن يشبه حال الحق في بقائه ودوامه بالماء والجوهر الصافي من حيث النفع والبقاء والدوام، ويشبه حال الباطل من حيث إنه لا حقيقة له، وإذا كانت له حقيقة فهو خبث تجب إزالته وتطهير الجسم النافع.


شبه حال الباطل بالزبد الذي يكون من الماء، أو يكون من إيقاد الفلز في النار، لأنه لا حقيقة لها، وإذا كانت لها حقيقة فهي خبث يجب زواله.


وقد قال -تعالى-: كذلك يضرب الله الحق والباطل كذلك يبين الله الحق والباطل؛ فيشبه الحق بالماء والفلز ويشبه الباطل بالزبد، وقد بين سبحانه وجه الشبه، فقال: فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض وقد ذكر في الأول المشبه به لتأكيد ذهاب الباطل، وفي الثاني ذكر المشبه وهو الحق لبيان بقائه ونفعه وثباته، وأن النهاية دائما له ليحق الحق ويبطل الباطل وقد ختم -سبحانه وتعالى- الآية الكريمة بقوله: كذلك يضرب الله الأمثال.


والإشارة إلى بيان مثل الحق بالماء والفلز، ومثل الباطل بالزبد الذي لا يبقى، والمعنى كهذا المثل الذي بين الله - تعالى - به الحق والباطل يبين الأمثال المشابهة، ويبين المعاني الجلية، والحقائق الثابتة، ويهدي بها من يشاء من عباده.

* * *

زهرة التفاسير



الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق   الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Emptyالجمعة 10 مارس 2023, 10:37 pm


[3] دائرة معارف إسلامية جديدة

ومن بين الأولويات العلمية الملحة مشروع إصدار دائرة معارف إسلامية جديدة، فلا يجوز أن نظل نقتات فكريا من دائرة المعارف الإسلامية التي قام بإعدادها المستشرقون قبل الحرب العالمية الثانية، فقد تجاوزها المستشرقون وانتهوا منذ بضع سنوات من إصدار دائرة إسلامية جديدة.


وواجبنا نحن المسلمين أن نقوم بإصدار دائرة معارف إسلامية باللغة العربية واللغات الأوروبية الرئيسة، تقف على الأقل في مستوى دائرة المعارف الإسلامية للمستشرقين تخطيطا وتنظيما، وتتفوق عليها علميا، وتنقل وجهة النظر الإسلامية في شتى فروع الدراسات الإسلامية والعربية إلى المسلمين وغير المسلمين على السواء.


فكل فراغ فكري لدينا لا نشغله بأفكار من عندنا يكون عرضة للاستجابة لأفكار منافية، وربما معادية لأفكارنا، فلا نلومن إلا أنفسنا.


وينبغي ألا يغيب عن الأذهان أن دائرة المعارف الإسلامية المقترحة تختلف عن (موسوعة الرد على المستشرقين) ؛ فالموسوعة محدودة في إطار الرد على شبهات معينة أثارها المستشرقون، ومناقشة هـذه الشبهات وتفنيدها.


أما [ص: 142] دائرة المعارف الإسلامية المطلوبة فهي عامة وشاملة لكل جوانب الإسلام والفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية بوجه عام.


وبالإضافة إلى ذلك يمكن إصدار موسوعات أخرى متخصصة؛ مثل موسوعة للفقه الإسلامي، وموسوعة للحديث النبوي، وموسوعة للتاريخ الإسلامي... إلخ، وينبغي أن يكون هـناك تنسيق بين المؤسسات العلمية في العالم الإسلامي بشأن هـذه الموسوعات المختلفة؛ حتى لا تتوزع الجهود وتتكرر الأعمال.


فهذا التكرير -بكل أسف- هـو ما يحدث الآن بالفعل؛ إذ تقوم أكثر من دولة إسلامية وأكثر من جهة علمية بعمل موسوعات للفقه أو الحديث.


ومن الخير للإسلام والمسلمين أن تتوحد الجهود وتتوفر الإمكانات على إنجاز أعمال غير مكررة، فهذا التكرير يحبس جهود مجموعة من العلماء لسنوات عديدة.


وقد كان من الممكن -لو صحت العزائم وصدقت النيات- أن تتجه هـذه الجهود إلى مجالات إسلامية أخرى، تنتج فيها أعمالا ليس لها نظير في جهة أخرى في العالم الإسلامي.


وهكذا ينبغي أن تخرج هـذه الأعمال العلمية الإسلامية عن دائرة التباهي والتفاخر بين الدول الإسلامية، فالتنافس في الخير وفي العلم مطلوب، ولكن تبديد الجهد والوقت والمال في أعمال مكررة أمر يجب أن نكف عنه فوراً؛ خدمة للدين الذي نؤمن به، والذي هـو في أمس الحاجة إلى كل دقيقة من وقت علمائه، من أجل تقديم عمل نافع للأجيال المسلمة، التي تنتظر الكثير من علماء المسلمين حتى تستطيع أن تواجه شتى التيارات الفكرية التي تحيط بها من كل جانب.



الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق   الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Emptyالجمعة 10 مارس 2023, 10:38 pm


[4] جهاز عالمي للدعوة الإسلامية

ومن الأمور الملحة أيضا في مجال العمل الإسلامي ضرورة إنشاء مؤسسة إسلامية تبشيرية؛ وأعني بذلك: جهازا للدعوة الإسلامية في الخارج: [ص: 143]


يدعو للإسلام من ناحية، ويرعى المسلمين الجدد من ناحية ثانية، ويحمي المسلمين بالوراثة من ناحية ثالثة.


ويتطلب العمل الإسلامي أيضا إصدار سلسلة كتب إسلامية باللغات العالمية الحية، تصحح التصورات الخاطئة عن الإسلام في الأذهان، وتعرض الإسلام بأسلوب علمي يتناسب مع العقلية المعاصرة، وتقدم الحلول الإسلامية لمشكلات المسلمين العصرية.


ومن الممكن في هـذا الصدد الاستفادة بأفكار وخبرات الشخصيات الغربية الواعية التي اعتنقت الإسلام، والاتفاق معها على خطتي عمل؛ إحداهما عاجلة، والأخرى طويلة الأمد؛ لنشر الإسلام والثقافة الإسلامية في الغرب.


وقد أشار المفكر الفرنسي (جارودي) -الذي أسلم حديثا- في محاضرته التي ألقاها في كل من جامعة الملك عبد العزيز بجدة وفي جامعة قطر بالدوحة في أوائل يناير (كانون الثاني) 1983م، بعنوان: (الإسلام وأزمة الغرب)، أشار إلى الحاجة الملحة لنشر الإسلام والثقافة الإسلامية في الغرب، وتحدث عن بعض الأفكار في هـذا الصدد في أثناء حديثه عن كشف أساليب التضليل الصهيوني، فكان مما قال: (إن عملنا فيما يتعلق بشرح مفهوم الصهيونية وأهدافها وطرق عملها يجب ألا يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل يجب أن يشمل الجانب الروحي أيضا.


فعلينا أن نقاوم العنصرية القبلية بكونية الإسلام، وإن هـدفنا هـو أن نظهر للغربيين كيف أن الإسلام هـو الوحيد اليوم القادر على فتح طريق أمام المستقبل خارج النمطين الأمريكي الرأسمالي والاشتراكي السوفييتي، اللذان آلا إلى طريق مسدود، وأن يجنبنا حربا نووية قد تؤدي بالكون إلى الهلاك المحقق... إنني أعتقد أن وعيي بأن هـذا الضلال الغربي المؤدي بالعالم إلى الهلاك، وفي الوقت [ص: 144] نفسه شعوري بإمكانات الإسلام قد هـداني إلى تأليف كتابي الأخير: (تباشير الإسلام)، وأن أضع في الخط الأول المعركة ضد التضليل الصهيوني وأن أعتنق الإسلام).


ويرى (جارودي) ضرورة الاستعانة في هـذا الصدد بالعديد من الوسائل عن طريق الحضور المستمر في وسائل الإعلام الغربية، ونشر الكتب المبسطة التي تكون في متناول الجميع، أو تنظيم المعارض وإقامة المهرجانات وغيرها مما يساهم في انتشار الإيمان وثقافة الإسلام.


ويرى أيضا تحويل الجمعية الإسلامية بجنيف إلى مركز للإشعاع الديني والثقافي، وإقامة مركز إسلامي في المنطقة الباريسية.


ويقول أيضا: (نحن بصدد إعداد كتاب عنوانه: (في الإسلام كل الفنون تؤدي إلى المسجد، وكل المساجد تؤدي إلى الصلاة)... وعن طريق تنوع الثقافات والفنون التي استوعبها الإسلام نحاول إبراز معاني وحدة وشمولية الإيمان.


وأعتقد أن هـذا يمثل بالنسبة لمسلمي الغرب -الذي أعد واحدا منهم- عملا لا بد من إنجازه.


إن في مقدور الإسلام مرة ثانية أن يحيي من جديد الأمل في مجتمعاتنا الغربية التي حطمتها الانفرادية وأنموذج النمو الكمي، الذي يقود العالم إلى الانتحار).


وقد أشرت هـنا إلى جارودي كأحد الأمثلة للشخصيات الغربية التي يمكن التعاون معها على أساس أن الغربي المسلم الذي ولد ونما وعاش في الغرب وتثقف بالثقافة الغربية أقدر من غيره على فهم نفسية الغربيين وما يشعرون به [ص: 145] من أزمات روحية، وما يتطلعون إليه من حلول، وأقدر أيضا على معرفة الأساليب التي يمكن أن يكون لها تأثير في نفوسهم وعقولهم.


والموضوع في حاجة إلى بحث مستفيض ودراسة واعية وتخطيط سليم.


ولعلنا نتخذ العبرة من النشاطات السرية والمكشوفة لمؤسسات التنصير في شتى أنحاء العالم، والتي توجه معظم نشاطها إلى تنصير المسلمين، مستغلة ما يعانيه كثير من التجمعات الإسلامية في أماكن كثيرة من بلاد العالم الإسلامي من جوع وحرمان ومرض وجهل، فهل نترك هـؤلاء المسلمين يسقطون يوما بعد يوم في أيدي بعثات التنصير ونحن نتفرج مكتفين بأضعف الإيمان؟


لقد صادفت في أثناء إقامتي في ألمانيا في أواسط الستينات أنموذجين مؤلمين لكل نفس مسلمة:

الأنموذج الأول:

كان قسيساً إندونيسيا ذكر لي أن جده كان مسلماً ومات مسلماً.


ومن الواضح أن هـذا القسيس كان من نتاج التبشير النصراني النشط في ذلك البلد المسلم: إندونيسيا.


أما الأنموذج الثاني:

فقد كان أحد الأشخاص الأوروبيين الذين كانوا يعدون لمهمة التنصير في باكستان، وقد ذكر لي صراحة وبلا مواربة أنه سيكون أسعد الناس عندما يستطيع تحويل مسلم إلى النصرانية في هـذا البلد المسلم.


إن وراء هـذه النماذج الفردية مؤسسات تنصيرية ضخمة، وتقوم هـذه المؤسسات بين الحين والحين بعقد المؤتمرات التنصيرية العالمية لدراسة أفضل الخطط وأنجع الوسائل لإنجاح مشروعات تنصير المسلمين في شتى بلاد العالم الإسلامي، وتتلقى الدعم المالي الهائل من مختلف الطوائف النصرانية ورجال الأعمال النصارى في أوروبا وأمريكا، وقد كان أحدث هـذه المؤتمرات مؤتمر أمريكا الشمالية لتنصير المسلمين الذي عقد في: (كلورادو)، عام 1978م. [ص: 146]



الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق   الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Emptyالجمعة 10 مارس 2023, 10:38 pm


[5] ترجمة إسلامية لمعاني القرآن الكريم

إنه لأمر يدعو إلى الدهشة والغرابة أن يترك المسلمون كتابهم المقدس نهباً لكل مَنْ هَـبَّ ودَبَّ لترجمته، ولا يحركون ساكناً أمام عشرات الترجمات للقرآن في كل لغات العالم، وفي كل لغة من اللغات الأوروبية نجد العديد من الترجمات القديمة والحديثة.


وفي الجانب الآخر يهتم النصارى بترجمة كتابهم إلى كل لغات البشر، وقد اطلعت على ورقة عمل مقدمة من: (وليم د.رايبيرن William D.Reryburn) إلى مؤتمر كلورادو -الذي أشرنا إليه- عن ترجمات الكتاب المقدس إلى لغات العالم المختلفة، وعن الترجمات الموجهة على وجه الخصوص للمسلمين في شتى لغاتهم.


ويتضح من هـذه الورقة مدى الجهد الكبير الذي يبذل في سبيل توصيل تعاليم الكتاب المقدس إلى كل الناس عن طريق مئات الترجمات، التي قامت بإنجازها الهيئات النصرانية التبشيرية.


ولم نسمع عن ترجمات للكتاب المقدس قام بها أناس من غير النصارى.


أمَّا نحن فقرآننا كلأ مباح لكل من يريد ترجمته وتحريفه، وشغلنا عن ذلك بمناقشات أضعنا فيها الكثير من الوقت حول جواز أو عدم جواز ترجمة القرآن.


وقد كان الشيخ محمد مصطفى المراغي من أشد المتحمسين لموضوع ترجمة معاني القرآن عندما كان شيخاً للأزهر.


وتقدم بمذكرة إلى مجلس الوزراء المصري في عام 1936 يقترح فيها ترجمة رسمية يقوم بها الأزهر بمساعدة وزارة المعارف، وذلك حتى يمكن أن تقف هـذه الترجمة الرسمية في وجه الترجمات العديدة المنتشرة في العالم شرقا وغربا، والمليئة بالأخطاء.


وقد وافق مجلس الوزراء على ذلك في 16 أبريل (نيسان) 1936م.


ولكن الشيخ الظواهري وقف على رأس المناهضين لهذا المشروع ورأى [ص: 147] (أن الطريق السليم لمناهضة هـذه الترجمات غير الصحيحة هـو مصادرة هـذه الترجمات وطلب جمعها وإتلافها من جميع حكومات العالم [1].


وهذا مطلب غريب لا يمكن تحقيقه بأي حال من الأحوال.


وهكذا وئدت الفكرة في مهدها، ولم نفعل شيئاً من أجل المسلمين في شتى أنحاء العالم من غير الناطقين بالعربية، والذين يتحدثون مئات اللغات المختلفة في كل قارات العالم.


إن العرب لا يشكلون أكثر من نسبة: 15%، من تعداد المسلمين في العالم، فهل يترك باقي المسلمين من غير العرب تحت رحمة ترجمات فاسدة للقرآن، قام بها أناس غرباء عن دينهم؟


لقد آن الأوان لإعداد ترجمات إسلامية مقبولة لمعاني القرآن الكريم باللغات الحية، نسد بها الطريق أمام عشرات الترجمات المنتشرة الآن بشتى اللغات، والتي قام بإعدادها بعض المستشرقين والمنصرين، وصدورها في غالب الأحيان بمقدمات مملوءة بالطعن على الإسلام.


ومن واجبنا أيضاً أن نقوم باختيار مجموعة كافية ومناسبة من الأحاديث النبوية الصحيحة، وترجمتها إلى اللغات الحية؛ لتكون مع ترجمة معاني القرآن الكريم في متناول المسلمين غير الناطقين بالعربية، وفي متناول غير المسلمين الذين يريدون فهم الإسلام من منابعه الأصلية.



الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق   الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Emptyالجمعة 10 مارس 2023, 10:39 pm

[6] تنقية التراث الإسلامي

تراثنا العربي الإسلامي يعد أغنى تراث في العالم، وهو تراث نعتز به ولا يجوز لنا أن نفرط فيه، ونعني بالتراث كل إنتاج بشري للمسلمين في شتى مجالات الأدب أو اللغة أو الفكر أو الدين أو العلوم بصفة عامة أو الفنون [ص: 148] المختلفة، وتنبع أهمية هـذا التراث من أنه يمثل الإطار الذي يحدد للعرب والمسلمين هـوية معينة وصبغة متميزة، ويمثل الخلفية الفكرية لتصوراتهم وأفهامهم لكل مجالات الحياة.


ويعطي لهم الركيزة الأساسية للأيديولوجية الخاصة التي يتميزون بها بين الأمم، وكل ذلك مرتكز بطبيعة الحال على أسس إسلامية راسخة.


والاهتمام بهذا التراث لا يعني مجرد التغني بالأمجاد أو اجترار الذكريات، وإنما يعني البحث عن الجذور الحقيقية للشخصية العربية الإسلامية واستعادة الأمة العربية الإسلامية للثقة بنفسها وأمجادها وقدرتها على البناء والتطور الحضاري؛ حتى تسير بخطى ثابتة على أرض صلبة مستندة على رصيد حضاري ضخم.


وهكذا لا يعني الاهتمام بالتراث التقوقع والانعزال عن التطورات العلمية والحضارية في عالم اليوم، فالتراث نفسه يعطينا المثل الواضح، فالمسلمون عندما بنوا حضاراتهم لم ينعزلوا وإنما انتفعوا بكل ما كان قائما في ذلك الزمان من علوم ومعارف على اختلاف أنواعها.


فالتراث يجدد نفسه بصفة مستمرة عن طريق مواكبته لروح العصر، والاستفادة إلى أقصى حد من كل الوسائل والأساليب الحديثة التي تفيد في تنميته وتطويره، وكل ذلك بما لا يتعارض مع مقوماته الأساسية.


ولكن تراثنا العربي الإسلامي -شأنه شأن كل جهد بشري- يشتمل على الغث والسمين، ويتضمن جوانب إيجابية وأخرى سلبية، الأمر الذي يعطي الفرصة لبعضهم في تغليب الجانب السلبي على الجانب الإيجابي في بعض الأحوال.


والواجب الإسلامي يقتضينا أن نعمل على تنقية هـذا التراث العظيم وغربلته، وإزالة الغيوم التي تحجب عنا إشراق شمسه، حتى يكون غذاء [ص: 149] فكريا صالحا، يمد المسلم بأسباب القوة التي تعينه على النهوض مرة أخرى بعزم جديد وتصميم أكيد.


وكلنا يعلم أن هـذا التراث يشتمل على الكثير من الخرافات والأوهام والإسرائيليات، وعلى الرغم من أن الإسلام لا يتحمل وزر ذلك كله، فإن المستشرقين يستخدمون تراثنا بكل ما فيه، ويعمد الكثيرون منهم إلى البحث عن تلك الجوانب السلبية والتركيز عليها وتفصيل القول فيها، ظنا منهم أنهم بذلك قد عثروا على نقاط الضعف في الإسلام ذاته.


ويكفي في هـذا الصدد أن نشير إلى مثال واحد -من بين أمثلة عديدة لا تحصى- وهو قصة الغرانيق المذكورة في بعض كتب التراث، وهي قصة يعلم الله أن الإسلام برئ منها، ولكن المستشرقين قد رَكَّزُوا عليها وسَلَّطُوا عليها الأضواء من كل جانب، واعتبروها نقطة ضعف في التوحيد الإسلامي الذي كان -في زعمهم- على استعداد، ولو للحظة واحدة، أن يتخلّى عن تشدده مجاملة لمُشركي مكة فإذا اتهمنا المستشرقين بالتجني -وهم متجنون بالفعل- حق لهم أن يردوا الاتهام قائلين: نحن لم نخترع شيئاً من عندياتنا، أليست القصة ورادة في بعض مصادركم المعتمدة؟


وتنقية التراث يمكن أن يوكل أمرها إلى المؤسسة العلمية الإسلامية التي سبق أن أشرنا إليها، على أن يكون لديها في هـذا الصدد خطة عمل تراعي أيضا الأولويات الملحة، فيما يتعلق بتحقيق كتب التراث ونشرها.



الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق   الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Emptyالجمعة 10 مارس 2023, 10:39 pm

[7] الحضور الإسلامي في الغرب

من الملاحظ أن الحضور الإسلامي في المؤسسات العلمية في الغرب ضعيف جدا إن لم يكن معدوما، وليست هـناك أهمية إسلامية كبيرة للكثيرين من أبناء العالم الإسلامي، الذين يساعدون في التدريس في تلك المؤسسات؛ [ص: 150] نظرا لأنهم لا يستطيعون -إلا فيما ندر- أن يصرحوا بوجهات نظر تتعارض مع وجهات النظر الاستشراقية حول الإسلام، والغالبية منهم يجارون التيار السائد وإن لم يفعلوا فقدوا عملهم، فهم مكبلون بقيود الوظيفة هـناك.


وعلى الرغم من كثرة عددهم مثلا في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية فإنه ليس لهم نفوذ تذكر (فإن القوة ضمن النظام (في الجامعات والمؤسسات وما إليها) هـي حصرا تقريبا في أيدي غير الشرقيين، رغم أن نسبة الشرقيين إلى غير الشرقيين بين الأساتذة المقيمين لا تعطي الأفضلية لغير الشرقيين إلى هـذه الدرجة الجارفة) [1].


ولسنا هـنا نريد أن نقلل من شأنهم أو نغض من أقدارهم، ولكننا نعبر فقط عن الموقف الصعب والوضع الحرج الذي يتحركون في حدوده.


ومن أجل ذلك نقترح سبيلا آخر لتقوية الحضور الإسلامي في المؤسسات الأكاديمية في الغرب؛ وذلك بمحاولة اقتحام مجالات تدريس العلوم العربية والإسلامية في الغرب عن طريق الاتفاقيات الثقافية التي تعقد بين بلدان العالم الإسلامي ودول أوروبا وأمريكا، وذلك بإرسال أساتذة أكفاء من الأقطار الإسلامية إلى معاقل الاستشراق للتدريس فيها.


وبذلك يمكن بالتدريج تصحيح التصورات الغربية عن الإسلام بالعمل العلمي الدءوب، وليس عن طريق الشعارات الجوفاء.


وأعتقد أن هـناك الآن بعض الجامعات في أوروبا وأمريكا لديها الاستعداد للاستجابة لذلك [2]. [ص: 151]


ومن ناحية أخرى يمكن إنشاء معاهد أو مراكز بحوث إسلامية في أوروبا وأمريكا على غرار المعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت، على أن يكون لهذه المراكز منشورات علمية مثل معهد بيروت المشار إليه.


وتستطيع هـذه المعاهد أن تزود الجهات العلمية في الغرب بالمعلومات الصحيحة، وتسهم بما تنشره من بحوث علمية رصينة بلغات تلك البلاد، وما تقيمه من ندوات ولقاءات ومحاضرات -تسهم في تصحيح التصورات الخاطئة- عن الإسلام في أوروبا وأمريكا والتخفيف من غلواء العداوة للإسلام في الغرب بصفة عامة.



الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق   الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Emptyالجمعة 10 مارس 2023, 10:40 pm

[8] الحوار مع المستشرقين المعتدلين

من المفيد جدا أن يكون للمؤسسات العلمية الإسلامية صلات بالمستشرقين المعتدلين إلى إجراء حوار مستمر معهم، وعقد لقاءات وندوات تجمع بينهم وبين العلماء المسلمين.


وليس هـناك شك في أن مثل هـذا الحوار سيكون له أثره الإيجابي على كلا الجانبين؛ فمن ناحية سيكون دعما لمواقف هـؤلاء المستشرقين وتقوية لجانبهم وتشجيعا لاتجاهاتهم؛ بهدف أن تصبح هـذه الاتجاهات المعتدلة في يوم من الأيام تيارا عاما في الغرب، يكون له تأثيره الفعال في تصحيح الصورة الخاطئة عن الإسلام في العالم الغربي.


ومن ناحية أخرى سيكون من نتائج هـذا الحوار ترشيد المثقفين المسلمين المتأثرين بأفكار استشراقية سلبية، والتخفيف من حدة اندفاعهم وتقليدهم لهذه الأفكار وإعادتهم إلى المواقف الإسلامية الصحيحة. [ص: 152]



الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق   الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق Emptyالجمعة 10 مارس 2023, 10:40 pm


[9] دار نشر إسلامية عالمية

لقد أصبحت الحاجة ملحة إلى إنشاء دار نشر إسلامية عالمية تقوم بنشر المطبوعات الإسلامية بكافة اللغات، حتى لا تظل المطبوعات الإسلامية باللغات الأجنبية تحت رحمة الناشر في الغرب.


وأقرب الأمثلة على ذلك أن المفكر الفرنسي المسلم (جارودي) يجد الآن صعوبة في نشر كتاب يفضح فيه ادعاءات الصهيونية بعنوان: (ملف إسرائيل بين أحلام وأكاذيب الصهيونية).


والمعروف أن دور النشر في فرنسا كانت تتلقف كل ما يكتبه جارودي لتنشره على نطاق واسع في أوروبا وأمريكا.


ولكن إسلامه وتعاطفه مع قضية العرب والمسلمين قد غير الوضع.


ويمكن أن تقوم هـذه الدار المقترحة أيضا بإصدار صحف ومجلات إسلامية بلغات مختلفة، وتكون هـذه الصحف والمجلات وسيلة للربط بين المسلمين في كل مكان، تعمل على تجميعهم وتوحيد صفوفهم وتعريفهم بقضايا الإسلام، وإعلامية بأخبار بعضهم بعضا من مصادر صحية.


وحبذا لو استطاع المسلمون إنشاء وكالة أنباء إسلامية عالمية، تستطيع أن تثبت وجودها بصورة مشرفة، وتكون هـي المصدر الذي يستقي منه الغرب معلوماته عن العالم الإسلامي، وليس العكس، فنحن نستقي حاليا معلوماتنا عن العالم الإسلامي من وكالات الأنباء الغربية، التي لا تتحرى الموضوعية في غالب الأحيان في عرضها لأخبار العالم الإسلامي.


فوسائل الإعلام الغربية بصفة عامة تتخذ موقفا سلبيا إزاء الإسلام، وتساعد على تشويه صورته؛ انطلاقا من النظرة الغربية العامة للإسلام، والتي تتركز أساسا على المواقف الاستشراقية التي ترسخت في الأذهان على مدى قرون عديدة [1]. [ص: 153]


وبعـد

فقد كانت تلك بعض المقترحات التي يمكن أن يكون لها أثرها في مواجهة الاتجاهات السلبية المعادية للإسلام في الحركة الاستشراقية.


ولعل غيري يستطيع أن يضيف إليها وسائل أخرى فعالة.


فلست أدعي أنني أحطت بكل الجوانب ووضعت الحلول لسد كل الثغرات.


فما قلته ليس هـو نهاية المطاف وإنما هـو جهد المقل الذي يعرف حدوده.


والمهم في هـذا الصدد هـو توفر إرادة التنفيذ لدى الجهات الإسلامية المعنية، وتوفر الرغبة في العمل لدى علماء المسلمين.


وقبل هـذا كله لا بد من توفر الإدراك الواعي للمشكلة وما لها من أبعاد مختلفة.


فمثل هـذا الإدراك هـو البداية الصحيحة نحو الاتجاه السليم لمواجهة مشكلاتنا الإسلامية الراهنة.


وإذا استطاع هـذا الكتاب أن يثير انتباه القارئ الكريم إلى التأمل والتفكير في أبعاد الحركة الاستشراقية وأهدافها ومراميها بغية الوصول إلى اتخاذ المواقف الصحيحة، فسيكون بذلك قد نجح في تحقيق الهدف من تأليفه.


والله من وراء القصد، وهو حسبنا ونعم الوكيل. [ص: 154]



الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الثالث: الاستشراق الآن
» الفصل الثالث: الاستشراق الآن
» الفصل الثالث: الاستشراق الآن
» الفصل الأول: نطاق الاستشراق
» الفصل الأول: نطاق الاستشراق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الاستـشـــــراق والاستـغــــــراب :: نشأة الاستشراق وتطوره-
انتقل الى: