أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: مُلخَّص العَقيدة الإسلاميَّـة وأثرها في الـنَّـجاة مِن الفِتَن المعاصرة الجمعة 22 يوليو 2011, 5:22 pm | |
| |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: مُلخَّص العَقيدة الإسلاميَّـة وأثرها في الـنَّـجاة مِن الفِتَن المعاصرة الجمعة 22 يوليو 2011, 5:36 pm | |
| فِـتنـة الـمَنصِب
المنصِب يعني:
المكانة العالية بين النَّاس، والسِّيادة والسُّلطة على الآخرين.
وفِتنته تأتي في صورتين:
1- فِتنة يُصاب بها صاحب المنصِب:
بحيث يُغَلِّبه على محبَّة الله ومرضاته، أو لا يعدل بين المرؤوسين، أو لا يقوم بحقِّه على الوجه المطلوب.
2- فِتنة تُصيب غيره بسببه:
وتكون بتقديس صاحب المنصِب وتعظيمه ورفعه فوق منزلته، أو إطاعته فيما حرَّم الله، أو ترك ما أوجب الله بسببه، وكذلك مدحه فيما ليس فيه، وتصديقه بالكذب مِن أجل مصالح شخصيَّـة.
وفِتنة المنصِب ـ كسائر الفِتن ـ هي بمثابة ابتلاء للإنسان، أيطيع الله فيما آتاه؟ أم يجحد ويضلّ! قال تعالى: {إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء} (الأعراف:155)
أي فِتنتك التي تختبر بها من شئت، وتمتحن بها من أردت، فبعض العِباد تعترضهم الفِتن لكنها لا تَقوى على إغوائهم، يحفظهم الله بحفظه، لحفظهم إياه، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مُوصِيًا ابن عباس ـ رضي الله عنهما: «احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك» والوصيَّة إلى جميع عباد الله.
خطر فِـتنـة الـمَنصِب
حذَّر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعض أصحابه مِن طلب الإمارة أو الوِلاية، لعظيم خطرها، فقد قال ناصِحًا "عبد الرحمن بن سمرة": «يا عبدَ الرحمنِ، لا تَسألِ الإِمارةَ، فإنك إن أُوتيتَها عن مسألة وُكِلتَ إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أُعِنتَ عليها» (متفق عليه)
وقد يشتبه الأمر على المرء حين يقرأ سورة "يوسف"، فيسأل عن سرِّ طلب نبيّ الله "يوسف" للإمارة على خزائن "مِصر"، فنُجيب: إن نبيّ الله "يوسف" رأى في نفسه الكفاءة لإدارة الخزائن بما لديه مِن عِلم وأمانة، ولم يكن هناك مَن يقوم مقامه في العدل والإصلاح وتوصيل الحقوق إلى أهلها، فأصبح في حقِّه مثل هذا الطلب واجبًا، أمَّا لو عَلِم بوجود من يَصلح لهذه المهمة فالأولى ألا يَطلب لقوله ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ إلى عبد الرحمن: «لا تَسألِ الإِمارةَ».
ومِن خطر هذه الفِتنة أنها سببًا في زوال النِّعم، ونقصان الدِّين، قال الفضيل بن عياض: احذروا أبواب الملوك فإنها تُزيل النِّعم. (شعب الإيمان 7/50)، وقال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: إن على أبواب السُّلطان فِتنًا كمبارك الإبل، لا تصيبوا مِن دنياهم شيئًا إلا أصابوا مِن دينكم مثله!
فالمرء بين يدي السُّلطان بين خوف ورجاء، خوف مِن غضبه يؤدي إلى مُداراته ومدحه بما ليس فيه، ورجاء فيما عنده مِن عطايا وهِبات، يؤدي إلى تصديقه بالكذب، وغضِّ الطرف عن نصحه إذا ما زلَّ أو ظَلم.
أما الأدهى مِن كل هذا فقد تصبح هذه الفِتنة سببًا في الشِّرك بالله ـ والعِياذ بالله ـ حيث تتخذ الصُّور وتُعظَّم مِن دون الله ـ سبحانه وتعالى ـ فتُنحت تماثيل الملوك والأمراء وتُرفع في الميادين، ومن أجل هذا كان السَّلف الصَّالح يجتنبون المناصب، ويبتعدون عن أبواب السَّلاطين حِفاظًا على دينهم وصفاء سرائرهم.
صور مُعاصرة لفِـتنـة الـمَنصِب
1- الانتخابات:
وما يحصل في بعضها مِن تزوير وتلاعب، وما يقوم به بعض النَّاخبين مِن شراء الأصوات، أو تقديم وعود برَّاقة زائفة، فينجح مَن ليس أهلا للمكان ومسؤولياته.
2- مسميات المناصب:
مع تقدّم الدول واتساعها، دعت الحاجة إلى تنظيم العمل، فظهرت المسميات للوظائف القياديَّة، كرئيس الدولة، ورئيس الوزراء، والمدير العام وغيرها، التي أصبحت محط أنظار كثير مِن النَّاس، وغاية أمانيهم.
3- تحقيق المصلحة الشخصيَّة:
الاستفادة القصوى من المنصب الذي يشغله المرء قبل مغادرته له، والسَّعي لتحقيق أكبر قدر مِن المكاسب لنفسه في فترة توليه للمنصِب.
أثر العَـقيـدة في الـنَّـجاة مِن فِـتنـة الـمَنصِب
أولا: الإيمان بالله ـ سبحانه وتعالى
إن الإيمان بالله ـ سبحانه وتعالى ـ يحمل المرء على الالتزام بأوامر الله المتعلقة بهذا المنصِب، والابتعاد عن نواهيه، والقيام بحقوق عمله على أكمل وجه، كما أن إدراك المرء لعظمة الله ـ سبحانه وتعالى ـ ويقينه بأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قادر على كلّ شيء يجعله يتَّقي الله فيما تولَّى مِن مناصب، فمَن ولاه قادر على عَزله ومنع عطائه، فلا يطغى، ولا يظلم، ولا يتكبَّر، لأن الله أكبر وأقدر.
ثانيًا: الإيمان بالرَّسول ـ صلى الله عليه وسلم
إنَّ علمنا بحاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والأخذ بتوجيهاته في الإقبال على المناصب وإدارتها يُبعِد عنا خطر فِتنتها، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النَّبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «ويل للزربية » قيل: يا رسول الله ، وما الزربية؟ قال: «الذي إذا صدق الأمير قالوا: صدق، وإذا كذب الأمير قالوا: صَدق» ( شعب الإيمان 7/47)
ثالثًا: الإيمان بالقضاء والقَدر
إن العِلم بأن هذا المنصِب قَدَر قدَّره الله ـ سبحانه وتعالى ـ لصاحب المنصِب مِن قبل أن يَخلق السَّماوات والأرض، وأنه ـ سبحانه ـ يسَّر الإنسان لما قُدِّر له، يجعله يتواضع لله ـ سبحانه ـ ويؤدي أمانه المنصِب راجيًا رضا الله، فمَن قدَّره له قادر على أن يَنْـزعه منه.
رابعًا: الإيمان باليوم الآخر
إن الاعتقاد الجازم بأن هناك يوم آخر سيحاسب فيه المرء على كل كبيرة وصغيرة، فيُثاب على الإحسان، ويعاقب على الإخلال، يحفِّز المرء دومًا على القيام بواجبات منصِبه خير قيام.
مُلحَـق: أنواع الـفِـتـن
إنَّ الفِتن لا تَقتصر على ما تمَّ ذكره سالِفًا، فهي كثيرة ومُتنوِّعة، وفي هذه العُجالة سنَذكر بعضًا مما لم يُذكر منها للتّنبيه إليها، والتَّحذير مِن الوقوع في شركها.
• عن عوف بن مالك الأشجعي قال : أتيت النَّبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسلَّمت عليه، فقال: «ادخل» قلت: كلي أو بعضي؟ قال: «بل كلك، فقال: اعدد يا عوف ستا بين يدي السَّاعة: أولهن موتي » فاستبكيت حتى جعل يُسْكتني، ثم قال: «قُلْ إحدى، والثانية: فتح بيت المقدس، قُلْ اثنتين، والثالثة: موتان يكون في أمتي كقعاص الغنم، قُلْ ثلاثًا، والرابعة : فتنة تكون في أمتي فعظمها، قُلْ أربعًا، والخامسة: يفيض المال فيكم حتى يُعطى الرجل المائة دينار فيتسخطها، قُلْ خمسًا، والسَّادسة: هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر ثمَّ يسيرون إليكم فيقاتلونكم، والمسلمون يومئذ في أرض يقال لها الغوطة، في مدينة يقال لها دمشق » (ابن حماد 1/50)
• يُحكى عن سهل بن عبد الله أنه قال: الفِتن ثلاثة: فتنة العامة مِن إضاعة العِلم، وفِتنة الخاصَّة مِن الرُّخص والتَّأويلات، وفِتنة أهل المعرفة مِن أن يَلزمهم حق في وقت فيؤخره إلى وقت ثان. (شعب الإيمان 2/297)
• التَّكفير:
عَظُمت الفِتنة في هذا الباب، فطائفة تنفي التَّكفير نفيًا عامًّا، فلا تُكفِّر مِن أهل القِبلة أحدًا، مع العِلم بأنَّ هناك مُنافقين مِن أهل القِبلة فيهم من هو أكفر مِن اليَهود والنَّصارى بالكتاب والسنَّة والإجماع، لهذا امتنع كثير مِن الأئمة عن إطلاق القول بأنَّا لا نكفِّر أحدًا بذنب، بل يُقال: لا نكفِّرهم بكلِّ ذنب. (شرح العقيدة الطحاوية 1/355)
• تبرُّج النِّساء:
وتساهلهن في أمر الحجاب، وإبراز مفاتنهن للأجانب، وخروجهن للأسواق مُتجمِّلات مُتعطِّرات، بلا أدبٍ أو حياء هو أمر مُخالف للأدلة الشَّرعيَّة التي أمَرت بالحجاب، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (الأحزاب:59)، وهو مُنكر يجب على ولاة الأمر ـ مِن أمراء وعلماء ورجال الحِسبة ـ تغييره، وعدم إقراره كلّ حسب طاقته ومقدرته، وما يملكه مِن وسائل وأسباب تؤدي إلى منع هذا المُنكر.
• منصَّة العروس:
وهي مِن الأمور الـمُنكَرة التي استحدثها النَّاس في هذا الزمان، بحيث يتم وضع منصَّة للعروس يجلس إليها زوجها بحضرة النِّساء السَّافرات المتبرِّجات، وربما حضر معه بعض أقاربه من الرِّجال، فيحدث الاختلاط الـمُحرَّم، وما يترتَّب عليه من عواقب وَخيمة، وقد قيل: النَّـار مِن مُستصغر الشَّـرر.
• لائحة أغنى الأغنياء، وامتلاك العقارات والمنازل الخاصَّة:
سبق أن ذكرنا أن مِن الصُّور المعاصرة لفتنة المال المفاخرة بامتلاك العقارات الضَّخمة، والبيوت الفارِهة، وبناء الأبراج وناطحات السَّحاب، والسَّعي إلى البروز في قائمة أغنى أغنياء العالم، التي تُنشر هنا وهناك عبر وسائل الإعلام المختلفة، فها هي مجلة "فوربس" تصدر لائحة بأسماء أغنى أغنياء العالم، يتربَّع على قمَّتها مؤسس شركة "Microsoft" الأمريكي "بيل جيتس" صاحب المليارات للعام الحادي عشر على التَّوالي، رغم انخفاض ثروته بشكل طفيف!
وبرج "دبيّ" الذي يعدّ ـ في هذه اللحظة ـ أطول بناء قائم في العالم، بلغت تكلفته (3.2) مليارات درهم، وهو يُشكِّل البناء الرَّئيسي في مشروع عمراني ضخم بقيمة (20) مليار دولار يتوقع أن يُغيِّـر مَلامح المدينة، ويجذب إليها ملايين السيَّاح.
أمَّا أغلى منزل خاص في العالم فهو لملك الصلب الهندي "لاكشمي ميتال"، الذي يُدير "ميتال ستيل" وثالث أغنى رجل في العالم، اشترى بيته مقابل (128) مليون دولار، كان ذلك أعلى سعر يُدفع في منزل خاص في العالَم، إلا أن عقارًا انجليزيًّا آخر في مقاطعة "سري" استطاع أن يحطِّم هذا الرقم القياسي، حيث عُرض للبيع بـ (70) مليون جنيه استرليني، تقريبا (135) مليون دولار بمعدلات الأسعار الحالية!
• غُـرف الدَّردشة (Chatting Room):
تلتقي به هناك ساعة غَفلة، فيُسمعها من مَعسول الكلام ما يجعلها تذوب حبًّا فيه، وآخر قد يأتي بثوب الشَّاب الصَّالح، الذي يُسدي نصائحه الثَّمينة بلا مقابل، فيتعلَّق به قلبها، ولسان حالها يقول: أحببتهُ وأحبَّني حبًّا صادِقًا، ولوجه الله لا تشوبه شائبة!
هكذا هي الفتاة قلبها غضّ برئ، تظن أنَّ كلَّ مَن اتصل بها معاكِسًا، أو حدَّثها عبر تلك الغُرف أنَّه فارس الأحلام الـمُنتظر، وإذا به فارس الكبوات، وصانع الحسرات، وأحد الذئاب البشريَّة الذين يتَّبعون شهواتهم فيَضِلّون ويُضِلّون!
وإن عادَت الفتاة إلى رُشْدها، وقرَّرت التَّـوبة والابتعاد، هدَّدهـا بما لديه من صور لها، أو بما يحتفظ به مِن حديث دار بينه وبينها، فتكون الصَّدمة والانهيار.
يحدث هذا كلّه في غياب الوالِدَين والرِّقابة الذاتيَّة، عندما يمنحانها ثقة عمياء لا تُناسب سنّها الصَّغير وحداثة خبرتها في الحياة، فتَـقع!
لقد فرَّطا كثيرًا، وأهملا كثيرًا، وضيَّعا الأمانـة، فلا أحد مِن نساء الأرض أفضل مِن أمهات المؤمنين ـ رضي الله عنهن ـ ومع ذلك قال الله ـ عزَّ وجلَّ ـ في أدب أمهات المؤمنين: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} (الأحزاب:32)
وقال تعالى في أدب المؤمنين معهن: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب:53)
فكيف يترك الوالدان ابنتهما مع هذا العالَم الجديد هكذا دون حَسيب أو رَقيب؟!
الخــاتِمَـــــــــــــة
هذا ما يَسَّره الله ـ سبحانه وتعالى ـ لي مِن فصولٍ في بيان بعض الفِتن وطريق النِّجاة مِنها، لخَّصتها مِن كتاب "العَقيدة الإسلاميَّـة وأثرها في الـنَّـجاة مِن الفِتَن المعاصرة" لفضيلة الأستاذ "د. سليمان بن قاسم العيـد" ـ حفظه الله، راجية الله أن يتقبَّلها مني بِقَبولٍ حَسَنٍ، وأن ينتفع بها مَن يَقرؤها.
اللهم! أرِنا الحقَّ حقًّـا، وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله مُلتبسًا علينا فنضلّ، وأجِـرْنا مِنْ مُضِـلاَّتِ الفِتَنِ، وصلِّ اللهم على سيِّدنا محمَّدٍ النَّـبيّ الأميّ، وعلى آله وصحبه وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
* مُلخَّـص فائز في مُسابقة "المُلخَّـص الماهر" – شبكة الألوكة http://www.alukah.net/ http://www.alukah.net/articles/1/10657.aspx |
|