قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
تأكدت مصر أن إسرائيل لا تريد السلام، ولكنها تريد أن تفرض إرادتها على العرب وهي في مركز قوة، باحتلالها الأرض العربية، وأنه لا أمل في تخليها طواعية من هذه الأرض أو عن أطماعها التوسعية، إلاّ إذا أدركت ولمست أن ما تدفعه من ثمن لا يتناسب مع ما تحتفظ به من مكاسب.
ولم يكن الموقف العسكري الإسرائيلي في ذلك الوقت موقفاً صلباً، بل كانت تعتريه الكثير من نقاط الضعف خاصة في بنائه الدفاعي، الأمر الذي يسمح للقوات المصرية بأن ترفع من تكاليف النصر العسكري الذي حققته إسرائيل وتحوله إلى عبء ضخم يقع على كاهلها.
لذا، قررت مصر في سبتمبر 1968، التحول إلى إستراتيجية جديدة والانتقال بالجبهة من مرحلة الصمود إلى مرحلة جديدة من المواجهة العسكرية، أطلق عليها مرحلة "الدفاع النشط".
وهذه الإستراتيجية هي إستراتيجية لصراع طويل الأمد يهدف إلى إجبار إسرائيل على تبديد طاقتها، واستهلاك مواردها، وخلق إقناع مؤكد لديها أن ثمن الإصرار على العدوان هو ثمن فادح لا تحتمله، وإشعارها بمدى الخطأ الفاحش، الذي وقعت فيه عندما رسمت لنفسها دوراً أكبر من حقيقته.
وفي نطاق هذه النظرية فإنه ليس لزاماً للصراع أن يكون بهدف تحقيق انتصارات عسكرية مدوية ولكن بالمحافظة على استمرار الصدام وتصاعده المنظم، ليتزايد ثقله وعبئه على الجانب المعادي شيئاً فشيئاً، معتمداً على فرض ظروف قاسية عليه باستخدام وسائل محدودة، ولكن بأساليب تتسم بالمهارة والمرونة، مع استمرار العمل وتزايد ضغوطه المعنوية، التي تؤثر على عناصر القوة العسكرية.
الأهداف والمبررات التي دفعت بالقيادة السياسية والعسكرية نحو انتهاج إستراتيجية الصمود
كانت رؤية الرئيس عبدالناصر للموقف التي عرضها على القيادة العسكرية يوم 26 نوفمبر 1967 تتلخص في الآتي:
1. إن تسخين جبهة القتال ضروري، حتى لا يتصور أحد، وعلى الأخص في إسرائيل، أن خطوط وقف إطـلاق النار قد تجمدت لتصبح خطوط هدنة أخرى.
2. إن تنشـيط العمل العسكري، ضروري لإقناع المجتمع الدولي أن أزمة الشرق الأوسط أزمة ساخنة لا تستطيع أن تنتظر المناورات الدولية.
3. إن ذلك التنشيط للجبهة، من ناحية أخرى سوف يشد مشاعر الشعوب العربية، وبينها الشعب المصري، إلى جبهة القتال لتذكره دائما بأن المعركة مستمرة.
4. إن العمل العسكري، حتى ولو كان محدوداً، سوف يكون بمثابة تطعيم للمعركة للقوات المسلحة، يكسر حاجز الرهبة لديها بعد تجربة يونيه المريرة.
5. إن ذلك في النهاية من شأنه إعادة بناء صورة الجيش المصري أمام الأمة العربية والمجتمع الدولي.
ومن ثَمّ، بدأت مرحلة هامة، استعداداً للمرحلة التالية، من أجل إعادة بناء القوات المسلحة وتدريب الفرد والارتفاع بمستواه القتالي والنفسي من أجل الصمود.
1. البناء العسكري
بدأت عجلة العمل تتحرك داخل القوات المسلحة المصرية، وكان لسرعة الدعم، العربي والسوفييتي، أثره الكبير في تحقيق الصمود السياسي والعسكري، وأخذت العجلة تمضي بسرعة نحو إعادة البناء.
وكان الخبراء العسكريون في جميع أنحاء العالم يقدرون مرحلة البناء والتدريب والإعداد بما لا يقل عن جيل كامل، بينما قدرته الدعاية الإسرائيلية بجيلين على الأقل، وذلك قبل أن تقوم للقوات العسكرية العربية قائمة وتكتمل لهم مقومات حربية يُعتد بها.
وكانت الأحداث تفرض:
أ. على المستوى الداخلي: أهمية تماسك الجبهة الداخلية، حتى يمكن للبناء العسكري أن يتم، وهو يستند على صلابة هذه الجبهة، والتي تفرض على الجميع التضحية لمواجهة ظروف الحرب.
ب. على المستوى الخارجي: ويستند إلى تدعيم العمل العربي الموحد، من خلال تنشيط العمل الدبلوماسي على المستوى الدولي.
في ظل هذه الأوضاع كان من الضروري استعواض خسائر النكسة بمعدات وأسلحة أكثر تقدماً، والارتقاء بالتنظيم والتسليح والتدريب وتجهيز المسرح حتى يمكن إحداث التوازن المطلوب. ومرت عملية إعادة البناء بعدد من المراحل، والتي نفذت خلال إدارة معارك حرب الاستنزاف، وشملت:
2. بناء المقاتل
اعتمدت إعادة البناء للمقاتل، أولاً، على البناء النفسي والمعنوي، من خلال إزالة الآثار الناجمة عن معاناة المقاتلين من جراء الهزيمة، ورفع معنوياتهم واستعادة ثقتهم بالنفس والقادة والسلاح، مع تسليح الفرد المقاتل بالعزم والإصرار وقوة الإيمان وبعدالة القضية. وسارت عملية بناء الفرد المقاتل على أساس الإيمان بأن الرجل، وليس السلاح، هو الذي يحقق النصر في النهاية.
وبدأ التوسع في تجنيد حملة المؤهلات العليا والمتوسطة، حتى تتمكن من سرعة الاستيعاب والفهم والتدريب على الأسلحة الحديثة وتكنولوجيا الحرب المتطورة في البر والبحر والجو. مع إرساء قواعد متطورة للفكر العسكري، بعيداً عن العقائد الشرقية والغربية، وبما يتلاءم مع قدرات وإمكانيات الدولة.
3. تماسك الشعب والقيادة السياسية مع القوات المسلحة
سار العمل من أجل تحقيق تماسك الشعب والقيادة السياسية مع قواتها المسلحة، وإعداد شباب الجامعات عسكرياً، مع إصدار قانون منظمات الدفاع الشعبي، في عام 1968، للدفاع عن الأهداف الحيوية للدولة وحمايتها. كما أُمدّت هذه المنظمات بالسلاح والذخيرة والأفراد.
4. التدريب والإعداد
حفلت الفترة من يونيه 1967 وحتى أكتوبر 1973، والتي تزيد على 75 شهراً، بالتركيز في التدريب وإعداد القوات للجولة التالية. وكانت هذه الحقبة الزمنية القاسية هي البوتقة الحقيقية لكثير من التجارب، بل المنطلق الهام لإرساء قواعد متطورة للفكر العسكري الصحيح.
أجري التدريب على خط المواجهة مع إسرائيل، وفي الخلف، وفي عمق الدولة، على أراضٍ مشابهة لمسرح العمليات. وأجريت المشروعات التدريبية والتجارب المكثفة على اقتحام الموانع المائية، وتدمير النقاط القوية والمواقع الحصينة، فضلاً عن تدريب القيادات من خلال مشروعات مراكز قيادة على كافة المستويات.
ثانياً: تنشيط الجبهة المصرية
كانت بداية الصمود على المستوى العربي من خلال مؤتمر الخرطوم (من 29 أغسطس إلى الأول من سبتمبر 1967)، إذ جَسّد فكرة التضامن العربي من أجل الاستعداد للمواجهة. لذلك، ففي أعقاب صدور قرار مجلس الأمن الرقم (242)، كان لابد من التحرك من أجل إقناع إسرائيل بالتخلي عن شروطها المجحفة. لذلك، فإن رؤية القيادة السياسية، اتجهت نحو ضرورة تنشيط العمل العسكري، الذي طالب به عبدالناصر في اجتماع 26 نوفمبر 1967.
ومن ثَمّ، وطبقا للأسلوب العلمي الذي اتبعته القوات المسلحة في هذه المرحلة والذي أكد عليه الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقتها ـ قُدِّر الموقف مع الأخذ في الحسبان التوقيت، وحجم المهام، واتساع مسرح العمليات، والإجراءات المساعدة.
1. وطبقاً لتقدير الموقف من وجهة نظر (التوقيت):
فقد قُسمَت المرحلة إلى عدة مراحل زمنية فرعية، لكل منها مهامها وإجراءاتها.
أ. أولها: فترة الصمود، التي بدأت منذ العاشر من يونيه 1967، واتفق على أن تنتهي بنهاية أغسطس عام 1968، وتكون المهام الرئيسية خلالها، هي استكمال البنية الأساسية لتأمين الدولة من الداخل، ورفع الكفاءة القتالية للقوات المسلحة، والتخطيط للعمليات التعرضية.
ب. ثانيها: مرحلة دفاع نشط، حُدِّد لها فترة ستة أشهر، تبدأ من سبتمبر 1968، وتنتهي مع نهاية شهر فبراير عام 1969، وهي مرحلة انتقالية ما بين الصمود والعمل التعرضي.
ج. ثالثها: مرحلة العمل التعرضي، تبدأ في مارس 1969.
د. رابعها: مرحلة العمل الإيجابي: وتُحدد طبقاً للموقف، وتطور الظروف، السياسية والعسكرية.
2. أمّا من وجهة نظر حجم المهام:
فقد تحدد بأنها يجب أن تكون محدودة ومتدرجة، ولا يُنصح فيها بالاندفاع تجنباً لأي نكسات، ويجب التركيز، منذ البداية، في تنظيم أوجه التفوق تجاه نقط الضعف الإسرائيلية، ثم تتدرج المهام بحيث تخوض القوات المسلحة أعمال قتال شرسة ضد الجانب الآخر.
3. وفيما يختص بمسر العمليات:
كان القرار أن يقتصر في المراحل الأولى على المسرحين البري والبحري، لتجنب مواجهة الطيران الإسرائيلي المتفوق، ثم تتصاعد العمليات الجوية تدريجاً بعد ذلك.
4. وفي مجال الإجراءات المساعدة:
فكان الهدف الأساسي هو تأمين الشعب في الداخل قبل البدء في أي أعمال تعرضية والحفاظ على الأهداف الحيوية والاقتصادية، كذلك إعادة تنظيم القوات المسلحة لتحقق لها الكفاءة القتالية، مع إجراء مزيد من التنسيق العسكري العربي بهدف إقامة الجبهة الشرقية. وهكذا شهد عام 1968 عديداً من الإجراءات في المجالات المختلفة التي تمهد الاستعداد للجولة التالية.
وعلى المستوى العربي، كان التركيز في إنشاء القيادة العسكرية للجبهة الشرقية، التي بُحثت في اجتماع رؤساء الأركان لدول المواجهة (مصر، سورية، الأردن، العراق، السودان)، في 26 أغسطس 1968، في القاهرة، ثم حُددت سلطاتها في مؤتمر وزراء الدفاع للدول نفسها، في 8، 9 يناير 1969، وصودق عليها في مؤتمر الرؤساء الخماسي في الفترة من 1 إلى 3 سبتمبر 1969. ومع كل هذه الاجتماعات، فلم تقم لهذه القيادة قائمة حتى الآن.
وببدء مرحلة الدفاع النشط، توالت المتغيرات، وكان أهمها اضطرار إسرائيل إلى تغيير إستراتيجية الهدنة إلى إستراتيجية الرد، أي تسخين الجبهة، الذي كانت نتيجته جذب أنظار العالم، مرة أخرى، إلى هذه المنطقة، وكان هذا هو نفس الهدف المصري من حرب الاستنزاف.
ثالثاً: حرب الاستنزاف من وجهة نظر مصرية
وقبل الخوض في غمار حرب الاستنزاف، يجب توضيح مفهوم تلك الحرب التي تُدار سياسياً وعسكرياً، لتغطية الفترة بين السلم والحرب الشاملة، إما بهدف الوصول في النهاية إلى سلم أفضل أو إلى وضع إستراتيجي أكثر مناسبة لخوض الحرب. وتتلخص المبادئ الرئيسية لحرب الاستنزاف في الآتي:
1. أن تسير ضمن مخطط عام يشمل التصعيد والتهدئة. 2. أن تشمل نقاط القوة لدى الجانب المصري، وتوجه بتركيز حاسم ضد نقاط الضعف والمراكز الحساسة لدى العدو، لتغيير ميزان القوى. 3. أن تتناسب مكاسب الاستنزاف مع تكاليف وردود فعل العدو. 4. أن يحقق تشتيت انتباه العدو ومجهوده إلى أكثر من اتجاه. 5. أن يصاحب بخطة إعلامية واقعية مدروسة، من دون تقليل أو تهويل.
وتعتمد خطة الاستنزاف على قاعدة داخلية ثابتة (إعداد الشعب من الداخل)، علماً أن حرب الاستنزاف لم تستحدث فقط في تلك الفترة الحساسة لإدارة الصراع في الشرق الأوسط، ولكنها تكررت كثيرا قبلها وأديرت في عديد من مسارح الحرب بعدها، لأنها تمثل أحد صور الصراع العسكري، التي تدار لتحقيق فوائدها في مجال محدد. ففي مسارح الحرب العالمية الثانية، كان لهذه الحرب شأنها في مسرح أوروبا الشرقية، كذلك استمرت طويلا عبر المانش بين ألمانيا وإنجلترا.
كماً كان لها تأثير في مسرح شمال أفريقيا، وحصد منها المارشال مونتجمري عديداً من الخبرات في إدارة صراعه مع المارشال رومل. وفي الثمانينات من هذا القرن، اشتعلت هذه الحرب لعدة سنوات كاملة على الجبهة العراقية ـ الإيرانية حتى تمكن العراق من حسم الحرب لمصلحته.
وهناك تعريف آخر لحرب الاستنزاف في المعاجم العسكرية الأجنبية، وهو "السعي المستمر من القائد لإيقاع الخسائر في أفراد الخصم ومعداته وأسلحته ومؤسساته الإدارية والفنية وجبهته الداخلية ومعنوياته، بهدف كسب التفوق، الكمي والمعنوي، عليه، توطئة لدحره في معركة حاسمة تالية.
وهناك نوعان من حروب الاستنزاف، النوع الأول، ويضع أحد الأطراف خططه، ثم يدير أعمال القتال لتحقيق هدف سياسي عسكري محدد. بينما ينشب النوع الثاني نتيجة تداعي الأحداث بالمسرح بفعل مؤثرات تكتيكية وعملياتية تراكمية، تؤدي في النهاية إلى تبادل الطرفين لأسلوب الاستنزاف والاستنزاف المضاد بحذر وذكاء شديدين، حتى لا ينقلب الاستنزاف إلى حرب سافرة، وهو ما شهدته جبهة قناة السويس على امتداد الأشهر الثمانية عشر فيما بين مارس 1969 وأغسطس 1970، عندما تبارت العقول لإلحاق أشدّ الضرر بالخصم.
إلا أن الخبراء العسكريين اختلفوا في تقييم تلك المرحلة، ومن كان يستنزف من؟ بل تضاربت آراؤهم في جدواها ونتائجها، على الرغم من أنها كانت تمثل البوتقة التي انصهرت فيها القوات المتحاربة واكتسبت خبرات واسعة في صيغة الحرب، ولم يكن التدريب مهما اتسم بالواقعية يستطيع أن يحققها.
والواقع أن حرب الاستنزاف، بمراحلها المختلفة، اقتصرت على جبهة قناة السويس وعمق مصر، بينما ظلت جبهتي الضفة الغربية وهضبة الجولان هادئتين.
لماذا حرب الاستنزاف؟
لقد كان إصرار مصر على تسخين الجبهة عقب توقف القتال مباشرة تجسيدا حيا لرفض الهزيمة، وتعبيرا عمليا عن عقد العزم على إزالة آثار العدوان، ولما لم تكن قواتها المسلحة قد استعدت بعد لخوض حرب جديدة، فلم يكن أمامها إلا أن تمارس الاستنزاف.
وقد عبر عن ذلك كلا من العميد "يهوشع رفيف" السكرتير العسكري لوزير الدفاع، والعميد "شلومو جازيت" المشرف على الأراضي المحتلة عن ذلك بقولهما:
من الواضح أن الغاية من إدارة مصر لحرب الاستنزاف، هو توريط إسرائيل في قتال نشط طويل المدى يتضمن أشكالا مختلفة من الصراع المسلح، يعلو على مستوى الحرب الكاذبة، ويهبط عن مستوى الحرب الكاملة، وتتدرج في الشدة واللين تبعاً للفرص السانحة والظروف المحيطة بالمسرح."
ولوزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشي ديان، قول مشهور في هذا الشأن "بأنه لا يميل إلى استخدام وسائل تمثيل الواقعية في تدريب قواته على المعارك، فالقوات العربية الني تخوض معها القتال بين الآونة والأخرى تعتبر أفضل أنواع الواقعية في التطعيم للمعركة.
رابعاً: تطور مراحل حرب الاستنزاف من وجهة النظر المصرية
في الوقت الذي كان يتم فيه إعادة بناء القوات المسلحة، كان التخطيط لأعمال القتال يسير بخطى ثابتة، تتماشى مع نمو قدرات القوات التي بدأت تتغلب على المصاعب التي تواجهها واحدة بعد الأخرى، وتعمل بجهد مستميت للدفاع عن منطقة القناة. وفي الوقت نفسه، كان لا بد من القتال ضد القوات الإسرائيلية حتى تدفع ثمنا غاليا لاستمرارها في احتلال سيناء حتى يأتي اليوم الذي يتم فيه تحريرها بالقوة.
كان من الضروري أن يبدأ الصراع المسلح ضد إسرائيل بمرحلة أطلق عليها مرحلة "الصمود"، انتقلت بعدها القوات إلى مرحلة أخرى سميت "الدفاع النشط"، ثم تطور القتال إلى مرحلة جديدة تصاعدت فيها حرب الاستنزاف لتصل إلى قمتها.
ومرحلة الصمود، كان الهدف منها هو سرعة إعادة البناء، ووضع الهيكل الدفاعي عن الضفة الغربية لقناة السويس، وكان ذلك يتطلب هدوء الجبهة حتى توضع خطة الدفاع موضع التنفيذ بما تتطلبه من أعمال كثيرة وبصفة خاصة أعمال التجهيز الهندسي واستكمال القوات وتدريبها.
أما مرحلة الدفاع النشط، فكان الغرض منها ـ على ضوء تطوير التسليح وبناء الدفاع ـ هو تنشيط الجبهة والاشتباك بالنيران مع العدو بغرض تقييد حركة قواته في الخطوط الأمامية على الضفة الشرقية للقناة، وتكبيد العدو قدرا من الخسائر في أفراده ومعداته.
ثم جاءت المرحلة الأخيرة بتصعيد القتال للقمة من خلال عبور بعض القوات والإغارة على الدفاعات الإسرائيلية، من أجل تدمير تحصيناته وتكبيده أكبر قدر من الخسائر في الأفراد والمعدات وإقناعه بأنه لا بد من دفع الثمن غاليا للبقاء في سيناء، وانتهت هذه المرحلة في أغسطس عام 1970 عندما توقف إطلاق النار بناء على مبادرة أمريكية والمعروفة باسم "مبادرة روجرز".
وأثبتت حرب الاستنزاف أن قوة صمود مصر وتحملها وقوة إرادتها وتمسكها بهدفها الأسمى، كانت هي العناصر الأساسية، التي أعادت الثقة بعد أن كادت نكسة يونيه 67 تقضي عليه.
خامساً: أهداف حرب الاستنزاف
جاءت الأهداف التي حددتها القيادة المصرية عندما خططت لحرب الاستنزاف، متمشية مع ما وصلت إليه القوات من الثقة بالنفس، ما جعلها قادرة على الدفاع عن نفسها وعن الوطن، مع إنزال أكبر الضربات وأوسعها مدى بالعدو، والقدرة على استيعاب الضربات التي يمكن أن يوجهها العدو إليها.
كانت هذه الحرب تهدف، بصفة عامة، إلى استنزاف العدو مادياً وعسكرياً ومعنوياً، بتدمير قواته وإلحاق أكبر قدر من الخسائر البشرية، وبالتالي دفع الثمن الذي سيتحمله طالما بقى محتلاً للأرض. وفي الوقت نفسه، عدم ترك الفرصة لكي يثبت مواقعه ويدعم تحصيناته، خاصة بعد أن بدأ في إقامة ما يسمى "بخط بارليف". كذلك، كانت تهدف بصفة أساسية إلى التدريب العملي والواقعي للقوات المسلحة في ساحة القتال الفعلية، وتنفيذ عمليات عبور متنوعة استعداداً لتحرير الأرض، مع إقناع المجتمع الدولي والعدو أن مصر لا تنوي، تحت أي ظرف من الظروف، التخلي عن حقها في استرداد سيناء، وحقها في تحرير أرضها.
أمّا عن الأهداف التفصيلية فيمكن بلورتها في الآتي:
1. على المستوى السياسي
أ. أن ممارسة حرب الاستنزاف كان هدفاً يخدم مصالح العرب، السياسية والعسكرية، بينما يضر بمصالح إسرائيل، التي كانت حالة اللاسلم واللاحرب تحقق لها هدف ترسيخ الأمر الواقع في المسرح، وتنعش آمالها برضوخ العرب في آخر المطاف.
ب. تحريك القضية وإيقاظ ذاكرة العالم بأن منطقة الشرق الأوسط لا تزال ساخنة، وأن الشعب المصري يرفض الأمر الواقع، وأنه يصر على تحرير أرضه، وأن الخط الذي وصلت إليه القوات الإسرائيلية لن يكون أبداً خط هدنة جديد.
ج. منع الولايات المتحدة وإسرائيل من فرض الأمر الواقع، من خلال احتلال الأراضي العربية، وإحباط همم الشعوب في استعادة هذه الأراضي.
د. تحفيز الاتحاد السوفيتي لسرعة إمداد مصر بأسلحة متقدمة، تحقق القدرة على تحرير الأرض، وإحداث توازن مع العدو.
هـ القدرة على تعبئة الشعور الوطني والجبهة الداخلية خلف القوات المسلحة.
و. تعبئة الطاقات والموارد العربية، كل بقدر طاقته واستعداده.
ز. يمكن أن تحقق الحرب عدة مزايا سياسية ودبلوماسية من خلال ممارسة القوات المسلحة للاستنزاف الناجح. لأنه لم يكن ليتحقق شيء، إذا ظلت الجبهة راكدة وقواتها في حالة استرخاء.
كما أن هذه الحرب يمكن أن تدفـع القوى الكبرى والمحافل الدولية إلى بذل الجهود العريضة للوصول إلى صيغة تفاوضية، تقدم الحل الوسط، الذي ترضى عنه الأطراف المتحاربة.
2. على المستوى العسكري
كانت المهام التي حددتها القيادة العامة المصرية لقواتها في حرب الاستنزاف هي:
أ. منع العدو من القيام بالاستطلاع بمختلف أنواعه، البري والبحري والجوي.
ب. منع تحركات العدو على الضفة الشرقية للقناة وتدمير أي أرتال يمكن رصدها هناك.
ج. منع العدو من إقامة منشآت هندسية أو تحصينات ميدانية، وتدمير ما ينجح في إقامته منها أولاً بأول.
د. إسكات بطاريات مدفعية العدو ومصادر نيرانه البرية.
هـ. إرهاق العدو وإيقاع أشد الخسائر بجنوده وأسلحته ومعداته، والسعي إلى القبض على الأسرى، والحصول على الوثائق والأسلحة والمعدات.
و. تطعيم القوات المسلحة المصرية للمعركة المقبلة، من واقع الخبرات المكتسبة من الاستنزاف القتالي العنيف.
وكانت الأهداف، كما يلي:
(1) كان من الضروري إزالة الآثار الناجمة عن معاناة المقاتلين من جرّاء الهزيمة برفع المعنويات واستعادة الثقة بالنفس والقادة والسلاح وتطويره، مع تسليح الفرد بالعزم والإصرار وقوة الإيمان وبعدالة القضية، وذلك بهدف رفع الكفاءة القتالية والتي ستتيح له حتما أفضل أداء لتحقيق النصر كهدف نهائي.
(2) كان لا بدّ من الحصول على نصر عسكري، ولو جزئي، وإظهار تصميم وقدرة الجيش المصري في تحرير الأرض، وأن القوات المصرية قد تطورت. ولهذا، كان قرار القيادة أن يمر كل فرد من أفراد القوات المسلحة خلال ممر معنوي، يحقق عقيدة تحرير الأرض. فأصبح واجب كل فرد، هو العبور شرقاً وقتال العدو في سيناء، حتى تتحقق الأهداف، مهما بلغت الخسائر، ومهما كان رد العدو الجوي ضد القوات المصرية.
(3) التركيز على الفرد المقاتل الإسرائيلي، وتنفيذ عمليات اقتناصه. لذا، كُلّفت كل كتيبة في الجبهة بالحصول على أسير إسرائيلي شهريا على الأقل، وأن تكون هي المبادرة في كل شيء، وأن يعطى للقادة على كافة المستويات حرية اتخاذ القرار.
(4) إنهاك الجانب المعادي، بشرياً ومعنوياً واقتصادياً، كغاية أولى، واكتساب الخبرة الميدانية ومواصلة الاستعداد لحرب جديدة تحت ظروف أفضل، كغاية ثانية.
(5) توفير المناخ المثالي لخلق المقاتل العربي الكفء، الذي يستطيع أن ينفض ركام الهزيمة ليعبر أعتى الموانع ويقتحم الحصون، وإتاحة الفرصة المتكافئة لقتال العدو وجها لوجه وقتله وأسره.
(6) اختبار كفاءة الأسلحة، وكذا أساليب القتال واختبار الأنسب منها من أجل تطوير هذه الأسلحة والخروج بعقيدة قتالية مصرية خالصة.
(7) إمكانية اختيار القادة الأصلح للتخطيط وإدارة القتال، وذلك خلال حرب فعلية ضد الجانب الإسرائيلي.
(8) إن شن هذه الحرب من شأنه أن يبرز نقاط ضعف تسليح القوات المصرية، ومن ثَمّ سيكون هناك دافعاً نحو طلب المزيد من الأسلحة المتطورة والحديثة من الاتحاد السوفيتي.
(9) مواجهة الحرب النفسية التي شنتها إسرائيل والدعاية التي أعلنتها، بأن الجيوش العربية بصفة عامة، والجيش المصري بصفة خاصة، لن تقوم لها قائمة بعد الآن.
(10) تحسين القدرة القتالية للفرد المقاتل ورفع مستوى أدائه الميداني، وتطعيم القوات للمعركة وبث الروح الهجومية فيها وتدريبها عمليا على عبور القناة وقتال العدو وقهره.
3. على المستوى الاقتصادي
أ. فرض حالة من الاستنزاف الاقتصادي على إسرائيل، من خلال الاحتفاظ بنسبة عالية من قواتها في حالة تعبئة واستعداد دائم، والتأثير السلبي على معنويات أفرادها وشعبها.
ب. خفض معدل النمو الاقتصادي، وزيادة العبء الذي يتحمله المواطن الإسرائيلي .
ج. زيادة النفقات التي يتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي، من خلال بناء الخط الدفاعي الذي يتم تدميره من آن لآخر، وكذا خسائره التي تتحملها القوات، وتدمير الأسلحة، وكذا نفقات طلعات الطيران، إذ "تتكلف الطلعة الواحدة نحو 3700 دولار في المتوسط، وتحتاج الطائرة إلى صيانة كاملة كل مائتي ساعة طيران بتكلفة 3 مليون دولار".
د. استدعاء الاحتياط للخدمة العسكرية، والتي يساوي 750 ألف رجل/ يوم من العمالة بشتى أنواعها، وهو أمر يؤثر على القوى العاملة والإنتاج.
ومن ثَمّ، كانت حرب الاستنزاف ضرورة تتطلبها الظروف، ودافعاً تحتمه المتغيرات الجديدة على الساحتين الدولية والإقليمية، وكان مطلباً جماهيرياً من أجل مواجهة الغرور الإسرائيلي بعد حرب يونيه 1967.
يزيد الارتفاع الكنتوري للضفة الشرقية للقناة عن الضفة الغربية بمسافة 5 مترا بالإضافة إلى السواتر الترابية التي كانت هيئة قناة السويس قد أنشأتها لحجز نواتج الحفر عند التطهير الدوري للقناة، وبذلك كانت الضفة الشرقية ترتفع عن مثيلتها الغربية بحوالي 6-8 مترا) ثم تأتي إسرائيل لتجد ساترا جاهزا تقوم بتدعيمه ورفعه، وإنشاء حصون في قلبه ليكون هو خط بارليف الشهير
سادساً: حرب الاستنزاف من وجهة النظر الإسرائيلية "الاستنزاف المضاد"
في أعقاب حرب يونيه 1967، تحالفت وسائل الإعلام الغربية مع الدعاية الإسرائيلية في الإعلان أن هذه الحرب هي آخر الحروب، وأن العرب لن تقوم لهم قائمة قبل عدة عقود زمنية، وأن إسرائيل حصلت على الحدود الآمنة التي كانت تهدف إليها. وعاشت إسرائيل، حكاماً وشعباً وجيشاً، في نشوة نصر عظيم، وتصرف قادتها في حرية كاملة، بتأييد من القوة العظمى الأولى في العالم، وانبهار في دول الغرب وترقب من كل الدول الأخـرى.
وطبقاً للحسابات المادية، فإن إسرائيل كانت مطمئنة إلى استحالة اشتعال موقف عسكري قريب في المنطقة، وقد انعكس ذلك الافتراض على قواتها العسكرية، الذين كانت تصرفاتهم تدل على منتهى الاستهتار والاستهانة بالموقف القتالي على الضـفة الشرقية للقناة.
وكانت القيادة الإسرائيلية شديدة الحرص على أن يسود أكبر قدر من الهدوء على الجبهة استثماراً لنصرها وتحقيقاً لأهدافها في فرض الأمر الواقع على الأراضي المحتلة، وتغيير معالمها الديموجرافية طـبقاً لخطة محكمة تهدف في النهاية إلى ضمها لرقعة الدولة اليهودية، وتؤكد من خلالها على استمرار تدمير معنويات العرب وتنمية آثار الصدمة النفسية لديهم وعدم إعطائهم فرصة تنشيط القتال على الجبـهة مرة أخرى.
في الوقت نفسه، تعمل إسرائيل على استتباب الأمن الداخلي في الأراضي المحتلة، واحتواء السكان العرب ومنعهم من إظهار أي مقاومة لسلطات الاحتلال.
وفي أعقاب معركة رأس العش، وافقت مصر وإسرائيل على وضع نقاط مراقبة تابعة للأمم المتحدة على جانبي قناة السويس، ووصلت القوات فعلا يوم 11 يوليه 67.
وعند تحديد النقاط أصرت إسرائيل على أن يكون خط وقف إطلاق النيران في منتصف المجرى المائي لقناة السويس بينما رفضت مصر ذلك تماما.
وفي محاولة لتنفيذ وجهة نظرها بالقوة، أنزلت قوات إسرائيلية بقوارب مطاطـية، إلى القناة في منطقة جنوب القنطرة، وفي مناطق متفرقة من القناة، يوم 14 يوليه 1967، لاختبار رد الفعل المصـري، ومدى قبول المصريين للتصور الإسرائيلي، عند تحديد خط وقف إطلاق النيران.
ولكن القوات المسلحة المصرية أعلنت رفضها هذا المنطق، وفتحت النيران على هذه القوات. ونشبت، يومي 14،15 يوليه 1967، معارك عنيفة بالطيران والمدفعية، وبعدها لم تتكرر أي محاولات إسرائيلية من هذا القبيل في قناة السويس.
وساد الجبهة، بعدها، فترة هدوء متقطعة (استمرت قرابة الخمسين يوما)، استغلها الجانبان في تجهيز المسرح على كلا الضفتين، بينما تصاعد خلالها النشاط السياسي، إلى أن كانت المحاولة الثانية لإسرائيل في إعطاء نفسها حق المرور في خليج السويس، حيث ردت القوات المصرية بعنف على الزوارق الإسرائيلية في شمال خليج السويس، في 4 سبتمبر وكبدتها خسائر كبيرة واشتعل الموقف وقتها مرة ثانية.
ومع تصاعد النشاط القتالي المصري على الجبهة، طورت إسرائيل أهدافها في إطار، سياسي عسكري، جديد يتحدد في ثلاث نقاط رئيسية هي:
1. التشبث بالأرض المحتلة، ومنع المصريين من استعادة أي أجزاء من سيناء. 2. محاولة إحباط العمليات العسكرية المصرية، بتوجيه أعمال قتال أشد. 3. التأثير على الشعب المصري في الداخل، ليثور على قيادته السياسية ويسقط النظام من الداخل، أو أن تقوم هذه القيادة بإيقاف حرب الاستنزاف وتهدئة الموقف، الذي يؤدي إلى تحقيق أهداف إسرائيل.
وفي جميع الأحوال فإن إسرائيل حاولت السيطرة على الموقف العسكري على الجبهة حتى لا يحدث صدام يصل إلى الحرب الكاملة، وتتغير معه المواقف في المنطقة والعالم.
والاستنزاف المضاد ـ طبقا للأسلوب العلمي ـ يُعَدّ حالة خاصة من الحروب المحلية المحدودة التي تقتصر على تخطيط وإدارة ردود الأفعال المناسبة لما يوجه إليها من أنشطة قتالية من الخصم بغرض استنزافها، على أن تنحصر تلك الردود داخل سلم تصعيد لا يترك القتال ينطلق إلى آفاق الحرب الكاملة، بل يقصرها داخل هدف، ووسائل صراع، ومدى جغرافي وعدد من الأطراف، ومدة زمنية لا تضر بالوضع القائم، أو تدخل عليه من التغييرات ما يفسده كحق مكتسب يقبله القانون مع تقادم الزمن.
ويطلق المحللون الإسرائيليون، مسمى "حرب الاستنزاف" على مجموع الأعمال القتالية التي دارت في أعقاب حرب 1967، وحتى إيقاف إطلاق النيران في 8 أغسطس 1970.
كما تُسمى بحرب "الألف يوم". وقد وضعت هذه الحرب في إطار دفاعي بوجه عام، وإن اعتمدت على بعض الأعمال التعرضية التي شابتها التجاوزات في أكثر من موقف، ولم تهدف إسرائيل في إدارتها لهذه الحرب إلى احتلال مزيدا من الأراضي بل هدفت إلى ترسيخ الوضع القائم بكل مكاسبه ومزاياه التي حققتها في حرب 1967.
وينقسم الاستنزاف المضاد من وجه النظر الإسرائيلية، "وطبقا لما ذكره المحللون الإسرائيليون" إلي ثلاثة مراحل رئيسيه، احتوت كل منها على مرحلة زمنية لها خصائصها على المستوى السياسي والعسكري، وأطلقوا على كل مرحلة منها، اسما يتمشى مع الصلف الإسرائيلي، الذي كان سائداً خلال هذه الفترة الزمنية. وسوف توضح هذه المراحل بأسمائها الإسرائيلية، ثم تقييمها طبقاً للحقائق العلمية المجردة، وهذه المراحل هي:
1. مرحلة الردع، "فيما بين يونيه 1967 ـ وحتى سبتمبر 1968". 2. مرحلة الترويع، "فيما بين أكتوبر 1968 ـ وحتى ديسمبر 1969". 3. مرحلة السحق، "فيما بين يناير ـ وحتى أغسطس 1970".
1. المرحلة الأولى: مرحلة الردع
والاسم العلمي الحقيقي لهذه المرحلة هو "ردود الفعل"، إذ كانت القيادة الإسرائيلية تحاول قدر الإمكان تهدئهَ الموقف، لتحقيق الأهداف السياسية بفرض الأمر الواقع وإقناع دول الغرب بأن الموقف في الشرق الأوسط مستقر، ولا داعي لأي جهود سلمية.
وكان تقديرها أن مصر أصبحت جثة هامدة، وخسرت خسائر فادحة بسبب حرب 1967، تقنعها بعدم تكرار المواجهة مع إسرائيل التي تمتلك من الإمكانيات ما يمكنها من ردع أي عمل مصري محدود.
وقد واكبت هذه المرحلة، مرحلة "الصمود" على الجانب المصري. لذلك، فإن محصلة التصعيد، والتهدئة مرت خلال فترات زمنية متباعدة نوعا ما.
وانقسمت هذه المرحلة من وجهة نظر الاستعداد القتالي، وردود الفعل إلي مرحلتين فرعيتَيْن:
أ. المرحلة الفرعية الأولي
من يونيه 1967، وحتى 14 مارس 1968. وكانت القوات الإسرائيلية خلالها مكشوفة تماماً، وتعتمد على حشد أسلحتها من دون إنشاء تجهيزات هندسية ملائمة لمسرح العمليات.
كما كانت الظـاهرة الرئيسية التي تسود القوات على الضفة الشرقية للقناة، هي الغرور، والصلف، وعدم إتباع أي قواعد أخلاقية تتمشى مع التقاليد المصرية. لذلك، كانت القوات الإسرائيلية هدفاً سهلاً لأي اشتباك مفاجئ.
وقد اقتصرت هذه المرحلة على اشتباكات متباعدة، ولكنها عنيفة، استخدمت فيها المدفعية كسلاح رئيسي، فضلاً عن المعارك البحرية والجوية. وكانت مصر توجه نيرانها إلى أهداف عسكرية بغرض تأكيد السيادة، بينما وجهت إسرائيل جميع نيرانها ضد المدنين في التجمعات السكانية، وضد أهداف صناعية في منطقة القناة.
ب. المرحلة الفرعية الثانية
من 15 مارس 1968 ـ وحتى نهاية المرحلة، وهي التي ركزت إسرائيل خلالها على إنشاء خط بارليف الأول، مستغلة الإمكانيات المحلية المتاحة بقدر الإمكان.
وبدأت، بعدها، القوات الإسرائيلية في التحصن داخل دفاعات ثابتة على طول الضفة الشرقية للقناة، بهدف تأمين هذه القوات ضد الاشتباكات المصرية المتصاعدة.
وقد حشدت إسرائيل في هذه المراحل عدداً من صواريخ الميدان (راجمات الصواريخ) من عيار 240 مم، 216 مم، كذلك المدفعية الثقيلة من عيار 175 مم، بهدف إحداث التأثير المناسب على مدن القناة، والأهداف الاقتصادية المصرية، لإجبار القيادة المصرية على الحد من توجيه نيرانها ضد القوات الإسرائيلية.
وتكبدت إسرائيل في هذه الاشتباكات خسائر كبيرة، لم تكن تعلنها في وقتها ولكن البيان العسكري كان دائـما يذيل "بإصابة أحد الجنود"، وذلك إمعانا في خفض الروح المعنوية للقوات المصرية.
في الوقت نفسه، كانت عملية تهجير سكان مدن القناة إلى داخل الوادي ونقل المنشآت الصناعية الرئيسية إلى مناطق أكثر أمنا، هي الوسيلة الرئيسية التي أفقدت العدو ميزة ضرب السكان المدنيين، وجعلهم رهينة للتأثير في القياديتين، السياسية والعسكرية، في سبيل تهدئة الموقف على خط القناة. وأصبحت القوات المصرية بدءاً من يناير 1968، لا تعطي أهمية كبرى لضرب مدن القناة "الخالية من السكان".
لذلك، كان على إسرائيل البحث عن وسيلة أخرى للتأثير في القيادة السياسية المصرية.
ومن المحتمل أن "الردع" الذي كان يقصده المحللون الإسرائيليون في تسميتهم لهذه المرحلة، هو ضرب سكان مدن القناة المدنيين، الذي تمنعه كل القوانين والأعراف الدولية.
2. المرحلة الثانية: "الترويع" "أكتوبر 1968 ـ ديسمبر 1969"
والاسم الحقيقي لهذه المرحلة يجب أن يكون "محاولة احتواء الرد المصري الإيجابي".
وقد واكبت هذه المرحلة، على الجبهة المصرية، مرحلة الدفاع النشط، وجزءاً من مرحلة الاستنزاف. وتلقت إسرائيل خلالها عدة ضربات مؤلمة أجبرتها على إدخال قواتها الجوية في المعركة اعتباراً من 20 يوليه 1969 في محاولة للحد من الأعمال القتالية الإيجابية المصرية التي أحدثت خسائر هائلة في قواتها.
وقد بدأت هذه المرحلة بتلقي إسرائيل قصفات مدفعية عنيفة يومي 8 سبتمبر، 26 أكتوبر 1968 استهدفت جميع مواقع الصواريخ الميدانية (راجمات الصواريخ) 216مم، 240 مم، التي كانت تؤثر في مدن القناة، فضلاً عن جميع المناطق الإدارية ومراكز القيادة على الضفة الشرقية للقناة.
ومن واقع الخسائر الكبيرة التي حدثت في صفوف الإسرائيليين، ونظراً لخلو مدن القناة من السـكان، كان لا بدّ من البحث عن هدف آخر؛ فاتجه الفكر الإسرائيلي مباشرة إلى صعيد مصر حيث الكثافة السكانية العالية، والأهداف الكثيرة التي يمكن التعامل معها، نظراً لضعف الحراسات عليها، وعدم وجود قوات مسلحة ذات تأثير في هذه المنطقة.
وكذلك، لإثبات أن لإسرائيل يد طويلة، يمكنها الوصول إلى أي مكان في مسرح العمليات، للرد على الأعمال القتالية المصرية.
وببدء مرحلة الاستنزاف يوم 8 مارس 1969، تلقت القوات الإسرائيلية على الجبهة ضربات شديدة، وأصبح التفوق المدفعي المصري مطلقاً من حشد يناهز الألف مدفع وهاون، أمطر القوات الإسرائيلية بوابل من القذائف.
كما فوجئ الجنود الإسرائيليون المتحصنون في دشم خط بارليف بقذائف الدبابات، من الأعيرة الثقيلة، تخترق هذه الحصون من خلال المزاغل (فتحات المراقبة)، وتنفجر داخلها لتحول هذه الدشم إلى قبور لكل من وُجد فيها.
وكان التحول الجدي في الإستراتيجية الإسرائيلية للاستنزاف المضاد يتمثل في استخدامها قواتها الجوية، لتوسيع مسارح العمليات، بدءاً من 20 يوليه 1969.
3. المرحلة الثالثة: مرحلة السحق
وهي التي يطلق عليها الحرب القذرة، والتي بدأت من أول يناير عام 1970، إذ استهدف الطيران الإسرائيلي أهدافاً مدنيه، قتل معها أطفال بحر البقر وعمال مصنع حديد أبو زعبل.
مصنع أبو زعبل
ولكن لم ينل شيئا من الإرادة المصرية ولم يحقق أهدافه في إيقاف الاستنزاف أو إحراج القيادة المصرية، وكان هذا سبباً رئيسياً في مبادرة روجرز، وتصاعد الخلافات الحادة بين القادة الإسرائيلية أنفسهم.
سابعاً: خط بارليف بين الحقيقة والوهم
كانت إسرائيل، على المستويين، السياسي والعسكري، مطمئنة، نتيجة لأنها حققت أملها بالاستيلاء على مناطق شاسعة من الأراضي. وبناء على ذلك، رسمت إستراتيجيتها التالية لتحقيق ما يلي:
1. التمسك بالأراضي، التي احتلتها، على أساس أنها أراضي "توراتية"، تحقق نبوءات أنبياء بنى إسرائيل، التي بشروا بها منذ عشرات القرون.
2. فرض الأمر الواقع على الأراضي الجديدة، وتغيير معالمها الديموجرافية تمهيداً لضمها لإسرائيل.
3. إقناع المجتمع الدولي بأن العرب "جثه هامدة" وأن إسرائيل هي التي تحمي المصالح الغربية في المنطقة، وأن الوضع الحالي يمثل ميزة للغرب، وليس لإسرائيل فقط، إذ سيمكنها من التحرك بصورة أفضل لحماية مصالحه.
4. التأثير النفسي العنيف على العرب، وتذكيرهم بالهزيمة، وردع أي محاولات قتالية لمنعهم من تكرارها.
ومن هذه الإستراتيجية، ونتيجة لعوامل أخرى كثيرة، نبعت من مسرح العمليات عينه، بدأ التحول الكبير في أسلوب الحياة العسكرية الإسرائيلية على الضفة الشرقية للقناة من اللهو والعبث إلى الحياة العسكرية. وكانت البداية معركة رأس العش، في الأول من يوليه 1967.
وكانت أول هزيمة تتكبدها القوات الإسرائيلية أثناء وبعد حرب يونيه 1967، ثم اشتباكات يومي 14، 15 يوليه 1967.
وفي هذه الاشتباكات تكبدت إسرائيل خسائر كبيرة. أمرت، في أعقابها، القيـادة الإسرائيلية أن تقوم القوات بإنشاء مواقع ميدانية محصنة على طول المواجهة تسلسلت عبر المراحل الزمنية القصيرة كالآتي:
1. بدأت بإنشاء حُفر يوضع حولها شكاير رمل، بغرض الوقاية الفردية أثناء الاشتباكات. 2. ثم تم إنشاء ملاجئ ميدانيه لوقاية نقط الملاحظة، التي انتشرت على المواجهة. 3. ثم قامت القوات الإسرائيلية بتعلية السواتر الترابية على طول القناة لعدم كشف أعمال وتحركات قواتها على الضفة الأخرى.
ومع بداية الشتاء، نهاية عام 1967، قرر الجنرال حاييم بارليف رئيس الأركان الإسرائيلي، وقتئذ، إقامة تجهيزات حصينة لوقاية القوات الإسرائيلية على طـول القناة ، وكلف الجنرال أبراهام آدان، الذي كان يعمل في رئاسة الأركان، بالتنسيق مع الجنرال يشعياهو جافيتش قائد المنطقة الجنوبية، بالاستعانة بالعديد من الخبراء الألمان والبلجيكيين والأمريكيين للتخطيط لإقامة الخط الذي أطلق عليه، بعد ذلك، خط بارليف، نسبة إلى رئيس الأركان الإسرائيلي.
وحدد الجنرال بارليف إستراتيجية بناء الخط لتحقق عدداً من الأهداف، التي تتمشى مع إستراتيجية "البقاء المستديم" في سيناء. وكانت أهم هذه الأهداف هي:
1. إنشاء خط حصين للدفاع عن سيناء، ومنع القوات المصرية من العبور شرقاً، وتدميرها في المياه، قبل أن تصل إلى الشاطئ الشرقي.
2. تأمين القوات الإسرائيلية، على خط الجبهة في سيناء، وتقليل تأثير النيران المصرية عليهم.
3. عَدّ هذا الخط، هو الذي تستند عليه الضربات الرئيسية الإسرائيلية، بعد مرحلة التعبئة، لتدمير القوات المصرية التي تكون قد نجحت في العبور.
4. تجهيز الخط، بأسلوب علمي متقدم، ليكون خط ملاحظة أمامي لمراقبه أوضاع القوات المصرية.
وقد أثار التفكير في بناء الخط جدلاً شديداً بين القادة الإسرائيليين، وتزعّم جبهة المعارضة، وقتذاك، الجنرال إيريل شارون، رئيس التدريب، والجنرال يسرائيل تال، برئاسة الأركان، وكانت وجهة نظرهما تتحدد في الآتي:
1. إن عقيدة القتال الرئيسـية للقوات الإسرائيلية هي المرونة والحركة، بينما خط بارليف دفاع ثابت ومن ثم، يتعارض مع الفكر الإسرائيلي العسكري.
2. إن الدفاعات الثابتة ستكون أهدافا سهلة للنيران المصرية، وبالتالي تزيد خسائر إسرائيل.
3. إن الدفاعات الثابتة تحتاج لمن يحتلها ويدافع عنها، بينما عقيدة إسرائيل تعتمد على قوات قليلة في الأوقات العادية، والتعبئة الشاملة أثناء الحرب.
وتمت مناظرات ومباحثات، وكل يتمسك برأيه، إلى أن تغلب رأى رئيس الأركان "بارليف" معتمدا على قوة الحجة، والأقدمية والسلطة.
وبدأ إنشاء خط بارليف، بدءاً من 15 مارس 1968، ولمدة عام كامل ينتهي في 15 مارس 1969، بتكلفة 248 مليون دولار واستخدم كل الإمكانيات المحلية في إنشائه، إذ اقُتلعت قضبان خط السكة الحديد (القنطرة/ العريش) والفلنكات (العوارض) الخشبية الضخمة لتكون أسقفاً لحصون الخط، وقام بالإنشاء شركات مدنية إسرائيلية.
ويتكون الخط من 22 موقعاً حصيناً يحوى 31 نقطه قوية.
وكل نقطه تمثل قلعة منفصلة، تتعاون مع القلاع الأخرى بالنيران، وحُصِّنت بكتل حجريه ورمال تقيها من قنابل تزن حوالي 1000 رطل، إذا أسقطت عليها مباشرة.
ولكن كان الخطأ الوحيد في هذه القلاع أن لها فتحات "مزاغل" نيران في المواجهة، وهي التي استغلتها القوات المصرية في تدميرها بالضرب المباشر لتدخل القذائف من هذه الفتحات، وتنفجر داخل الدشم لتقتل كل من فيها.
ولزيادة صلابة هذه النقط الحصينة، فقد أنشأت النقط الأمامية على حافة القناة مباشرة، وتم دفع الساتر الترابى على طول الضفة الشرقية للقناة إلى حافة القناة مباشرة، وتم تعليته إلى ارتفاعات تتراوح ما بين 16 ـ 22 مترا ليشكل في مجمله (قناة مائية + ساتر ترابي + قلاع حصينة) مانعاً يحبط أمل أي قوات مصرية في مجرد التفكير في عبورها إلى الضفة الشرقية.
كان هذا هو خط بارليف الأول، الذي تمكنت القوات المصرية من تدمير 60 % منه أثناء حرب الاستنزاف من خلال الأعمال القتالية التي سترد فيما بعد.
خط بارليف الثاني
بعد إيقاف النيران في 8 أغسطس 1970 استغلت إسرائيل خبرات القتال، وتلافت نقاط الضعف في خط بارليف الأول. وقررت البقاء على فكرته وتطويره، ليصبح نظاماً دفاعياً متكاملاً تكلف حوالي 500 مليون دولار (إضافة إلى 248 مليون الأولى).
وأعيد بناء النقط الحصينة بأسلوب متقدم، وباستخدام كميات هائلة من الخرسانة المسـلحة، فضلاً عن قضبان السكك الحديدية و "شباك الحجر" التي تمتص الصدمات الانفجارية، وألغيت فتحات المراقبة والتسديد (المزاغل) وتحولت إلى خنادق نيران مخفاة تماماً، وجُهِّز الساتر الترابي بنظام دفاعي متكامل، بإنشاء حفر دبابات على طول الساتر (160 كم)، وتبعد كل حفرة عن الأخرى حوالي 100 م.
أمّا الخطوط الدفاعية الأخرى، فقد تم إنشاء خط دفاعي ثاني على مسافة من 500 متراً إلى 3 كيلومترات، لانتشار الاحتياطيات المحلية والقريبة، ثم "خط المدفعية" على مسافة 5-8 كيلومترات.
وتنتشر عليه القيادات بمستوياتها المختلفة، وبعض الاحتياطيات، ثم خط الاحتياطيات التكتيكية على مسافة 20 ـ 30 كمً، ثم معسكرات تخزين أسلحة قوات الاحتياطيات في عمق سيناء وداخل إسرائيل نفسها.
وتم إنشاء مطارين جديدين، إضافة إلى إصلاح وتطوير المطارات المصرية في سيناء لاستخدامها. كذلك، جُهِّزت نقاط تمركز بحرية على طول الشواطئ.
واطمأنت إسرائيل لهذه التجهيزات، إلى الدرجة التي جعلت الجنرالين "موشي ديان وديفيد أليعازر" وهما قمة السلطة العسكرية، في إسرائيل، في 5 أكتوبر 1973.
بأن يردا على سؤال السيدة/ جولدا مائير عن إمكانية عبور قوات مصرية لقناة السويس بـ "أن محاولة عبور مصريين للقناة مستحيلة، ولو حاول المصريون النزول إلى قناة السويس، فربما يتغير لونها من اللون الأزرق إلى اللون الأحمر لكثرة خسائرهم".
بلغت 50 % من قواتها البرية، 100 % من قواتها الجوية وتم تعبئة 48 ألف عامل مدني لصالح المجهود الحربي
انخفض معدل النمو الاقتصادي من 11 % عام 1969 إلى 8.5 % عام 1970، وزاد العبء الذي سيتحمله المواطن الإسرائيلي من 138 دولار عام 68 إلى 417 دولار عام 1970 بزيادة تصل 300 %