منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 دروس من الحج

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

دروس من الحج Empty
مُساهمةموضوع: دروس من الحج   دروس من الحج Emptyالإثنين 27 يونيو 2022, 4:25 am

دروس من الحج (1-2)
دروس من الحج Untit853
إن الحج مدرسة جهادية تعلم المؤمن وتعلم الأمة، كيف تنقل نفسها من عاداتها المألوفة، ومن ترفها، إلى أن تنخلع من ذلك كله وتلحق بركب المجاهدين.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج:1-8]

هذه الآيات مفتتح سورة الحج، والحج رحلة إلى الله تعالى، يرحلها العباد مستجيبين لنداء العبودية للواحد القهار، {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة من الآية: 196].

وإذا كانت الصلاة والزكاة والصيام عبادة، فإن الحج يتميز عنها بأنه عبادة يغادر من أجلها العبد البلاد، والأولاد والأحباب، والضيعات، والأموال، ويقطع المسافات الشاسعة التي قد تمتد آلاف الأميال، {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيم} [النحل:7]

إن الحج رحلة وهجرة إلى الله تعالى، وتجرد الحاج من المخيط، ووقوف الألوف في عرفات محرمين بأرديتهم البيض من أعظم من يذكر العباد بيوم القيامة، والخروج من هذه الدنيا، ثم الوقوف بين يدي الله تعالى للحساب والجزاء.

وهذا هو المعنى الذي يربط بين افتتاح سورة الحج بالأمر بتقوى الله تعالى، وتذكر زلزلة الساعة العظيمة، وبين معنى من معاني الحج الكبار، كان يدركه سلفنا الصالح، أما نحن اليوم فقد صار حج كثير منا نزهة قصيرة نطارد من خلالها الزمن لنعود إلى ما كنا عليه من لهو وغفلة - ولا حول ولا قوة إلا بالله-.

حَجَّ بالناس عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سنة ثلاث وعشرين، قبيل استشهاده بأيام، وكان شغله الشاغل في حَجِّه البحث عن رجل من رعيته من التابعين يريد مقابلته.

وصعد عمر جبل أبا قبيس وأطلَّ على الحجيج، ونادى بأعلى صوته: يا أهل الحجيج من أهل اليمن، أفيكم أويس من مراد؟

فقام شيخ طويل اللحية من قرن، فقال: يا أمير المؤمنين، إنك قد أكثرت السؤال عن أويس هذا، وما فينا أحد اسمه أويس إلا ابن أخ لي يُقالُ له: أويس، فأنا عمه، وهو حقير بين أظهرنا، خامل الذكر، وأقل مالًا، وأوهن أمرًا من أن يُرفع إليك ذكره.

فسكت عمر -كأنه لا يريده- ثم قال: يا شيخ وأين ابن أخيك هذا الذي تزعم؟ أهو معنا بالحرم؟

قال الشيخ: نعم يا أمير المؤمنين، هو معنا في الحرم، غير أنه في أراك عرفة يرعى إبلًا لنا.

فركب عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما على حمارين لهما، وخرجا من مكة، وأسرعا إلى أراك عرفة، ثم جعلا يتخللان الشجر ويطلبانه، فإذا هما به في طمرين من صوف أبيض، قد صفَّ قدميه يصلي إلى الشجرة وقد رمى ببصره إلى موضع سجوده، وألقى يديه على صدره والإبل حوله ترعى.

قال عمر لعلي رضي الله عنهما: يا أبا الحسن إن كان في الدنيا أويس القرني فهذا هو، وهذه صفته.

ثم نزلا عن حماريهما وشدا بهما إلى أراكه ثم أقبلا يريدانه.

فلمَّا سمع أويس حسهما أوجز في صلاته، ثم تشهَّد وسلّم وتقدما إليه فقالا له: السلام عليك ورحمة الله وبركاته.

فقال أويس: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فقال عمر رضي الله عنه: مَنْ الرجل؟

قال: راعي إبل وأجير للقوم.

فقال عمر: ليس عن الرعاية أسألك ولا عن الإجارة، إنما أسألك عن اسمك، فمَنْ أنت يرحمك الله؟ فقال: أنا عبد الله وابن أمته.

فقالا: قد علمنا أن كل مَنْ في السموات والأرض عبيد الله، وإنا لنقسم عليك إلا أخبرتنا باسمك الذي سمَّتك به أمُّكَ.

 قال: يا هذان ما تريدان إلي؟

أنا أويس بن عبد الله.

فقال عمر رضي الله عنه: اللهُ أكبرُ، يجب أن توضح عن شقك الأيسر.

قال: وما حاجتكما إلى ذلك؟

فقال له علي رضي الله عنه: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصفك لنا، وقد وجدنا الصفة كما خبرنا، غير أنه أعلمنا أن بشقك الأيسر لمعة بيضاء كمقدار الدينار أو الدرهم، ونحن نحب أن ننظر إلى ذلك.

فأوضح لهما ذلك عن شقه الأيسر.

فلمَّا نظر علي وعمر -رضي الله عنهما- إلى اللمعة البيضاء ابتدروا أيُّهُمَا يقبِّلُ قبل صاحبه.

وقالا: يا أويسُ إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرنا أن نُقرئك منه السلام، وأمرنا أن نسألك أن تستغفر لنا، فإن رأيت أن تستغفر لنا -يرحمك الله- فقد خبرنا بأنك سيد التابعين، وأنك تشفع يوم القيامة في عدد ربيعة ومضر.

فبكى أويس بكاءً شديدًا.

ثم قال: عسى أن يكون ذلك غيري.

فقال علي رضي الله عنه: إنا قد تيقنَّا أنك هو، لا شك في ذلك، فادع الله لنا -رحمك الله- بدعوة وأنت محسن.

فقال أويس: ما أخصُّ باستغفار نفسي، ولا أحَدٌ من ولد آدم، ولكنه في البر والبحر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات في ظلم الليل وضياء النهار، ولكن مَنْ أنتما يرحمكما الله؟ فإني قد أخبرتكما وشهرتُ لكما أمري، ولم أحب أن يعلم بمكاني أحَدٌ من الناس.

فقال علي رضي الله عنه: أمَّا هذا فأمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وأمَّا أنا فعلي بن أبي طالب، فوثب أويس فرحًا مستبشرًا فعانقهما وسلّم عليهما ورحَّب بهما، وقال: جزاكما الله عن هذه الأمَّةِ خيرًا.

قالا: وأنت جزاك الله عن نفسك خيرًا.

ثم قال أويس: ومثلي يستغفر لأمثالكما؟

فقالا: نعم، إنا قد احتجنا إلى ذلك منك، فخُصَّنا -رحمك الله- منك بدعوة حتى نؤمِّن على دعائك، فرفع أويسُ! رأسه، وقال: "اللهم إنَّ هذين يذكران أنهما يُحباني فيك، وقد رأوني فاغفر لهما وأدخلهما في شفاعة نبيهما محمد -صلى الله عليه وسلم-.

فقال عمر -رضي الله عنه- مكانك -رحمك الله- حتى أدخل مكة فآتيك بنفقةٍ من عطائي، وفضل كسوة من ثيابي، فإني أراك رثَّ الحال، هذا المكان الميعاد بيني وبينك غدًا.

فقال: يا أمير المؤمنين، لا ميعاد بيني وبينك، ولا أعرفك بعد اليوم ولا تعرفني.

ما أصنع بالنفقة؟

وما أصنع بالكسوة؟

أما ترى عليَّ إزارًا من صوف ورداءَ من صوف؟

متى أراني أخلِفهما؟

أما ترى نعليَّ مخصوفتين، متى تُراني أبليهما؟

ومعي أربعة دراهم أخذت من رعايتي متى تُراني آكلها؟

يا أمير المؤمنين: إن بين يدي عقبة لا يقطعها إلا كل مخف مهزول، فأخف -يرحمك الله- يا أبا حفص، إن الدنيا غرَّارة غدَّارة، زائلة فانية، فمَنْ أمسى وهمته فيها اليوم مد عنقه إلى غد، ومَنْ مد عنقه إلى غد أعلق قلبه بالجمعة، ومَنْ أعلق قلبه بالجمعة لم ييأس من الشهر، ويوشك أن يطلب السَّنَة، وأجله أقرب إليه من أمله، ومَنْ رفض هذه الدنيا أدرك ما يريد غدًا من مجاورة الجبَّار، وجرت من تحت منازله الثمار.

فلمَّا سمع عمر -رضي الله عنه- كلامه ضرب بدرته الأرض، ثم نادى بأعلى صوته: ألا ليت عمر لم تلده أمُّهُ، ليتها عاقر لم تعالج حملها، ألا مَنْ يأخذها بما فيها ولها؟

فقال أويس: يا أمير المؤمنين! خذ أنت ها هنا حتى آخذ أنا ها هنا.

ومضى أويس يسوق الإبل بين يديه، وعمر وعلي -رضي الله عنهما- ينظران إليه حتى غاب فلم يروه، وولّى عمر وعلي -رضي الله عنهما- نحو مكة (إتحاف الورى لابن فهد 2/ 13- 16، وحلية الأولياء (2/ 82)).

وحديث فضل أويس القرني، وأنه لو أقسم على الله لأبرَّهُ، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لعمر -رضي الله عنه-: «إن استطعت أن يستغفر لك فافعل» (رواه مسلم (2542) فضائل الصحابة)، ثابت في صحيح مسلم وغيره.

إن رحلة الحج بما فيه من إحرام وتجمع تختصر رحلة عمر الإنسان في هذه الحياة.

فهل يعي هذا الدرس أولئك الذين أسرفوا على أنفسهم في معصية الله؟

هل يعيه أولئك الذين يظلمون الناس في أبدانهم وأموالهم وأعراضهم؟

وبعد آيات الحج ومناسكه وفضله وتعظيم شعائر الله، يقول تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير * الَذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:38-40].

حيث التقى الحج بالجهاد في سبيل الله تعالى، إذ هو مدرسة من مدارس الجهاد، والجهاد ذروة سنام الإسلام، «وما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا ذلوا» (رواه البخاري ومسلم).

 والحـج يُذَكِّرُ الأمَّة ويعلمها الجهاد من خلال عدة أمور:
1- مشقّة السَّفر إلى مكة، فهو شبيه بسفر المجاهدين في سبيل الله تعالى، وإن الرجل ليودع أهله وهو لا يدري هل يرجع إليهم أم لا، خاصة القادم من البلاد النائية.

2- السكن في المشاعر إذا نظرت إليه وجدته شبيهًا بمعسكرات الجهاد.

3- وتنقُّل وتحرُّك الحُجَّاج إلى مني، ثم من منى إلى عرفات، ثم الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة، ثم إلى منى، في أوقات محددة منضبطة، وكأنها تنقلات جيوش مجاهدة في سبيل الله.

4- وفي زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- لمَّا نهى عن سفر المرأة بدون محرم، قام رجل فقال: إن امرأتي خرجت حاجَّة، وإنني اكتتبت في غزوة كذا، فقال صلى الله عليه وسلم: «اذهب وحج مع امرأتك» (رواه البخاري (3006)، ومسلم (1341))، فنقله من جهاد إلى جهاد.

5- وسَمَّى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الحج والعمرة جهادًا بالنسبة للنساء، فقال: «عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة» (رواه ابن ماجه (2901)، وأحمد (6/ 165)).

6- والرجل الذي وقصته دابته فمات محرمًا، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن تغطية رأسه عند تكفينه ودفنه، وقال: «إنه يبعثه يوم القيامة ملبيًا» (رواه البخاري (1265، 1266)، وفي غير موضع، ومسلم (1206)).

إن الحج مدرسة جهادية تعلم المؤمن وتعلم الأمة، كيف تنقل نفسها من عاداتها المألوفة، ومن ترفها، إلى أن تنخلع من ذلك كله وتلحق بركب المجاهدين.

والحج فوق ذلك كله يعلم المؤمنين صفاء العقيدة وسلامتها وخلوصها من الشرك:
(1) فإبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي بنى البيت دعا إلى الملة الحنيفية القائمة على إخلاص التوحيد لله، والبراءة من الشرك وأهله: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج:26]، فالحج مدرسة ترجع كل مسلم إلى الأصل العقدي الواجب الذي لا يجوز أن يفرط فيه، وهو التوحيد والبراءة من الشرك.

(2) وينبثق من هذا التوحيد، الطاعة لله تعالى فيما أحب الإنسان أو كره، وسواء رضي عنه الآخرون أو لم يرضوا:
أ- هذا إبراهيم يترك ولده الرضيع إسماعيل وأمه هاجر، وقد أنزلهم في مكة قبل عمارتها وقبل بناء البيت، يتركهم بلا ماء، ولا زاد، ويذهب لأمر الله تعالى.
وتلحق به هاجر وتقول له: كيف تتركنا ها هنا؟ وهو لا يلتفت إليها.
ولكنها المرأة المؤمنة عرفت السر.
فقالت: آلله أمرك بهذا؟
فأشار إليها أن نعم.
قالت: إذن لا يضيعنا الله. 


ولم يضيعهم الله، بل تفجرت مياه زمزم تحت أقدام الرضيع (حديث صحيح رواه البخاري (3364))، بعد سعيها بين جبلي الصفا والمروة لتكون سُنَّة وشريعة.

ب- ولمَّا بلغ إسماعيل السعي مع أبيه وصار بحيث تتعلق نفس الوالد به أشد التعلق، أمره الله بأمر عظيم: أن يذبح ولده، فاستجاب الوالد دون تردد، واستجاب الولد وقال: {يا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات من الآية: 102] وأسلما لربهما وتله للجبين، ووقع الامتثال الكامل، ولكن رحمة الله كانت واسعة، حيث فداه الله بذبح عظيم، فصارت الأضحية سُنَّة.

ج- والحج انسلاخ من عادات الجاهلية، وما أحدثوه في الحج خاصة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب مخالفة المشركين، مع أنهم أهله وقومه وعشيرته، ولكنه لم يكن متلوثًا بما تلوث به بعضنا في هذه الأيام من قوميات جاهلية.
1- فأحرم صلى الله عليه وسلم  في أشهر الحج، مخالفة للمشركين.
2- ووقف مع الناس في عرفات، مخالفة لقريش الذين كانوا يقفون بالمزدلفة يزعمون أنهم أهل الحرم فلا يخرجون منه إلى الحل في عرفات.
3- وأفاض من عرفات بعد الغروب، خلافًا للمشركين.

(3) الأصل في هذا الدين، التوحيد والبعد عن الشرك، ثم يأتي بعد ذلك ما هو من أعمال الخير، كعمارة المسجد الحرام، ولقد عكس المشركون الأمر: فاهتموا بعمارة المسجد الحرام والسقاية، مع الشرك بالله تعالى.

قال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 19].

المصدر:
موقع الشيخ عبد الرحمن بن صالح المحمود
عبد الرحمن بن صالح المحمود
أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقًا.



دروس من الحج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
دروس من الحج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مذكرة الحج أكثر من 675 مسألة فقهية في الحج (1)
» مذكرة الحج أكثر من 675 مسألة فقهية في الحج (2)
» مذكرة الحج أكثر من 675 مسألة فقهية في الحج (3)
» صفة الحج والزيارة من موقع لجنة الحج
» دروس عشر ذي الحجة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــائل الـشهـــور والأيـــام :: منتدى الحج والعمرة :: كتـــابـــات فـي الـحــــج والـعـمـــــرة-
انتقل الى: