منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة فصلت الآيات من 31-35

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة فصلت الآيات من 31-35 Empty
مُساهمةموضوع: سورة فصلت الآيات من 31-35   سورة فصلت الآيات من 31-35 Emptyالإثنين 06 سبتمبر 2021, 8:23 am

نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

يعني: أنصاركم المقربين منكم والمؤيدين لكم في الدنيا وفي الآخرة، قالوا: لأن الملائكة جُبِلَتْ على الطاعة؛ لذلك عند خَلْق آدم قالوا: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) (البقرة: 30) ردَّ الله عليهم(قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (البقرة: 30).

يعني: خلقتُ الملائكة مجبولين على الطاعة(لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم: 6) والذي أريده طائعاً لا يملك أنْ يعصي، لكني أريد خَلْقاً آخر لا يأتُون إليِّ بالإكراه، إنما يأتونني طواعيةً ويُقبلون عليَّ محبة وهم يملكون أنْ يعصوا، يأتون أليَّ بالاختيار لا بالقهر والإجبار.

وسبق أن ضربنا لذلك مثلاً قلنا: هَبْ أنَّ لك عبدين تربط أحدهما وتشدُّه إليك بسلسلة، والآخر حر طليق، وتنادي عليهما فيسرعان إليك.

أيهما يكون أطوعَ لك من الآخر؟

فقوله: (نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ) (فصلت: 31) يعني: نأتيكم في الشدة فننصركم، وفي البلاء فنصبِّركم.

لذلك ورد في الحديث الشريف أن واحداً من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلس يقرأ القرآن وبجواره خَيْلٌ فسمع لها صياحاً وهمهمة، ورأى منها حركة غريبة، ورأى فوق رأسه نوراً، فذهب إلى سيدنا رسول الله وحكى له ذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هؤلاء هم الملائكة، جاءوا لسماع الذكر، والله لو صبرتَ لصافحوك“.

هذا من ولاية الملائكة لنا في الدنيا، أنا في الآخرة فهم أولياء لأنهم سيكونون مندوبين عن الله في البعث وفي الحساب، وفي استقبال أهل الجنة بالسلام كما حكى الحق سبحانه: (سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ) (الزمر: 73).

وقال: (سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ) (الرعد: 24) هذا سلام الملائكة، ثم يُسلِّم الله عليهم كذلك، كما في سورة (يس): (سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ) (يس: 58).

(وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) (فصلت: 31) قالوا: ما تطلبه النفس من النعيم تجده أمامك بمجرد أن يخطر على بالك، فأيُّ رفاهية هذه؟

لقد ذهبنا إلى دول كثيرة ودخلنا أكبر الفنادق هناك، فكان قصارى ما وصلوا إليه أنك تضغط على زر معين يعطيك قهوة مثلاً، وعلى زر آخر يعطيك شاياً، فهل هناك أعظم مما أعدَّه الله لك في الجنة؟

مجرد أنْ يخطر ببالك الشيء تجده بين يديك، ثم إن فيها من النعيم "ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعتْ، ولا خطر على قلب بشر”.

لذلك لما أراد سبحانه أن يُصوِّر لنا الجنة لم يصفها صراحة، إنما قال سبحانه: (مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ) (محمد: 15) مثلها، ليستْ هي.

لماذا؟

قالوا: لأن ألفاظ اللغة توضع لمَعانٍ ومُسمَّيات، ولا بُدَّ أنْ يُوجد المعنى أولاً ثم نضع له اللفظ الدالَّ عليه، فالمعدوم ليس له لفظ يدل عليه، (فالتليفزيون) مثلاً قبل أنْ يخترعوه ماذا كان اسمه؟

لم يكُنْ له اسم، كان معدوماً.

كذلك نعيم الجنة لا توجد في اللغة ألفاظ تدل عليه الآن، لأننا لا نعرفه ولا نعرف أسماء هذه الأشياء، فهي أشياء لم تَرَها عينٌ، ولم تسمعها أذن، ولم تخطر على قلب بشر، فمن أين الألفاظ الدَّالة عليها؟

وقوله: (وَلَكُمْ فِيهَا) (فصلت: 31) أي: في الجنة (مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ) (فصلت: 31) المراد النفوس الإيمانية التي استقامت على طريق الله، فليس في الجنة محرَّم، وليس في الجنة مَنْ يشتهي المحرَّمات، فالنفس تشتهي الحلال، حتى محرَّمات الدنيا إنْ وُجدت في الآخرة فهي شيء آخر نُزِع منه سببُ التحريم.

فالخمر في الدنيا معروف أنها تُذهب العقلَ، وأنه لا لذةَ في شربها، أمَّا خمر الآخرة فقال الله عنها: (وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ) (محمد: 15.) وأنت تشاهد في (الأفلام) مثلاً مَنْ يشرب الخمر كيف يشربها؟

يصبُّها في فمه هكذا مرة واحدة.

لماذا؟

لأن طعمها كريه يريد أنْ يُمرره من منطقة الذوق بسرعة، أما الذي يشرب كوباً من عصير المانجو مثلاً تراه يرشفه رشفةً رشفةً نقول (يمزمز) فيها، لأن طعمها لذة ورائحتها لذة.

كذلك في كل نعيم الجنة الذي له مثيل في الدنيا تجد الحق سبحانه يُنقِّيه من الشوائب ويُخلِّصه من الأضرار التي نعرفها في الدنيا، تأمل قوله تعالى عن ماء الآخرة: (أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ) (محمد: 15) يعني: لا يتغير ولا يصيبه عَطَن كماء الدنيا، وفي اللبن قال: (وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ) (محمد: 15) وقال عن العسل: (وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى) (محمد: 15).

إذن: لا تقُلْ: خمر كخمر الدنيا، ولا ماء كماء الدنيا، ولا لبن كاللبن الذي تشربه، لا إنما هي نعيم من نوع آخر نقّاه الخالق سبحانه، وصفّاه من شوائبه.

(وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) (فصلت: 31) يعني: لكم في الجنة كل ما تتمنونه، وكل ما تطلبونه.



سورة فصلت الآيات من 31-35 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة فصلت الآيات من 31-35 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة فصلت الآيات من 31-35   سورة فصلت الآيات من 31-35 Emptyالإثنين 06 سبتمبر 2021, 8:24 am

نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

النُّزُل هو المكان الذي أُعِدَّ للضيف ينزل فيه، ولا بُدَّ أنْ يعد هذا المكان بحيث يجد فيه الضيفَ كل ما يريد، فهو موطن الكرم، لذلك نسمي الفندق نُزُل، نعم نُزُل أعدَّه البشر للبشر، لكن الجنةَ نُزُل أعدَّه ربُّ البشر وخالقهم، أعدَّه لهم الغفور الرحيم بهم.

لذلك قلنا: إننا لما ذهبنا إلى (سان فرانسيسكو) وجدنا هناك فنادق على درجة عالية من الرقي وجودة الخدمة، ورأيت الإعجاب بها في أعين زملائي فأردتُ أنْ ألفتهم لفتةً إيمانية، فقلت لهم: تعجبون مما ترونه، انظروا إليه نظرةَ تأمل، فهذا ما أعدَّه البشر للبشر، فكيف بما أعدَّه الله ربُّ البشر للبشر؟

وبهذه النظرة يُخرج المرء نفسه من دائرة الحقد أو الحسد أو الاعتراض، فكلُّ نعيم تراه، وكل جمال تقع عليه عينك ينبغي أنْ يُذكِّرك بنعيم الآخرة.

كثيراً عندما نرى مثلاً عمارة عالية أو فيلا جميلة نقول: من أين كل هذه الأموال؟

ويساورنا شيء من الحقد على صاحبها، أو نحسده على فضل الله الذي اختصَّه به، لكن لو نظرنا إلى الموضوع من ناحية أخرى لوجدنا أن الله تعالى سخَّر هذا الرجل وسخَّر ماله لخدمة المجتمع كله، فقد أتعب نفسه في جمع هذه الأموال ثم أخرجها ليوزعها على العمال والصُّناع وأصحاب الحرف من طوائف المجتمع المختلفة.

فهو -إذن- يُسهم في بناء المجتمع، ويُسهم في حركته؛ لذلك علَّمنا ربنا تبارك وتعالى حين نرى شيئاً يعجبنا أن نقول: (مَا شَآءَ ٱللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِٱللَّهِ) (الكهف: 39).

يعني: هذا عطاء الله وفضله، يعطيه مَنْ يشاء من عباده، وحين تُسَرُّ بالنعمة عند غيرك، وتحبها له تحبك النعمة، لأن النعمة أعشقُ للمنعَم عليه من عِشْقه لها، أما إنْ كرهتَ النعمة عند الناس كرهتْكَ النعمة، وقالت له: والله لا تحضرك نعمة كرهتَها عند غيرك.

ثم إن النعمة قدر، وعلى المؤمن أنْ يرضى بقدر الله، ولا يعترض عليه، وعليه أنْ يعلم أن لكل قدر حكمة إيمانية.

وقوله: (نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ) (فصلت: 32) دل على أن هذا النُّزل وهذا النعيم لا يناله العبد بعمله، إنما يناله بمغفرة الله ورحمته، وهذا يُفسِّر لنا الحديث النبوي الشريف: "لا يدخل أحد الجنة بعمله.

قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟

قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته“.

وقد تُستعمل كلمة النُّزل على سبيل الاستهزاء، فالنزُل قد يكون في أحد الفنادق، وقد يكون في السجن، يقول تعالى في سورة الكهف: (إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً) (الكهف: 102).



سورة فصلت الآيات من 31-35 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة فصلت الآيات من 31-35 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة فصلت الآيات من 31-35   سورة فصلت الآيات من 31-35 Emptyالإثنين 06 سبتمبر 2021, 8:26 am

وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

بعد أنْ تكلم الحق سبحانه عن الكمال الذاتي للمؤمن الذي استكمل الإيمان وأعلنها: ربي الله، ثم استقام على طريقة، يقول بعد أن استقبل المؤمنُ الإيمانَ وباشرتْ حلاوتُه قلبه يفيض هذا الإيمان منه إلى غيره، وهذه مهمة من مهمات المؤمن أنْ ينقلَ الإيمان، وأنْ ينقلَ الخير إلى الغير.

المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويحرص على إصلاح المجتمع من حوله، المؤمن لا يقف عند ذاته، ولا يكون أبداً أنانياً.

والحق سبحانه يمدح منزلة الدعوة إلى الله، ويجعلها أحسن ما يقول الإنسان: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ) (فصلت: 33) فأشرف الأعمال للذي تشبَّع قلبه بالإيمان أنْ يعدى هذا الإيمان إلى غيره، وأن ينقل له الصورة الإيمانية، فالمؤمن يصنع الخير لنفسه وللناس؛ ذلك لأن خير الناس عائد إليه أيضاً، كما أن شرَّهم لا بدَّ أنْ يناله وأنْ يصيبه من نصيب.

إذن: من مصلحتك أيها المؤمن أنْ يؤمن الناسُ، ومن مصلحتك أيها المستقيم على الجادة أنْ يستقيم الناسُ لذلك حمَّل اللهُ أمانة الدعوة إليه لكل مؤمن، لأنه سبحانه يريد أنْ يُعدَّى الإيمان ممَّنْ ذاقه إلى مَنْ لم يَذُقْه لتتسعَ رقعة الإيمان، ويعمّ الخير الجميع.

وأول عناصر الدعوة إلى الله أنْ ندعوَ إلى العقيدة أولاً وإلى الإيمان بالله، أن نقول: ربنا الله، نُقِرُّ بِها ونعلنها خالصةً بلا تردد، ثم نلفتهم إلى آيات الله في الكون، إلى الآيات الكونية إنْ كانوا لا يتأملونها، وإلى آيات المعجزات المصاحبة للرسل إنْ كانوا لا يعلمونها، ثم إلى آيات الذكر الحكيم التي تحمل منهج الله بافعل ولا تفعل.

وتأمل قوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً) (فصلت: 33) الحق سبحانه أراد أنْ يُبيِّن لنا منزلة الدعوة إلى الله وفضل الداعية، لكن لم يأتِ بذلك في أسلوب خبري يُقرر هذه المنزلة إنما جاء بهذا السؤال (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً) (فصلت: 33) استفهام غرضه النفي، يعني: لا أحدَ أحسنُ من هذا الذي يدعو إلى الله، ولا قَوْلَ أحسن من قوله.

قالها الحق سبحانه في صورة سؤال لأنه سبحانه يعلم أنه لا جوابَ لها إلا أنْ نقول: لا أحدَ أحسنُ قوْلاً ممَّنْ دعا إلى الله، فجعلنا نحن نعلن هذه الحقيقة ونُقِرُّ بِها، والإقرار كما يقولون سيد الأدلة.

وأول داعية إلى الله هو سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكل داعية من بعده يأخذ من معينه -صلى الله عليه وسلم- ويسير على خُطاه، ولما كان -صلى الله عليه وسلم- هو آخر الأنبياء فقد ترك لأمته هذه الرسالة، رسالة الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فخيْر رسول الله لم ينقطع، بل ممتد في أمته من بعده، وكلُّ داعية بعده إنما يأخذ مقاماً من مقامه -صلى الله عليه وسلم-.

ومن رحمة الله بهذه الأمة أنْ جعل لها رادعاً من نفسها، جعل فيها فئةٌ باقية على الحق تُقوِّم المعْوج، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وسوف تظل هذه الفئة إلى يوم القيامة، لذلك جاء في حديث سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم مَنْ خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك“.

لذلك قال سبحانه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ) (آل عمران: 110).

وهذه خاصية اختصَّ الله بها أمة محمد لأنه خاتمُ الرسل؛ لذلك لن يعم الشرَّ هذه الأمة، ولن يطمَّ فيها الفساد، ففيها حصانة من ذاتها.

لقد كانت الأمم السابقة يستشري فيها الفساد حتى يعمَّها، فلا يكون فيها آمر بمعروف ولا ناهٍ عن منكر، وعندها كان لا بدَّ من إرسال رسولٍ جديد، يعيد الناس إلى الطريق المستقيم.

أما أمة محمد فلن يأتي فيها رسول جديد، لذلك جعل الله فيها هذه الحصانة، وجعلها خليفة لرسول الله في الدعوة إلى الله، وجعلها أمينة على هذه الدعوة، لذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الخيرُ فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة“.

وقد بيَّن الله تعالى أن الرسول سيشهد أنه بلَّغ أمته هذه الدعوة، وهذه الأمة ستشهد أنها بلَّغت دعوة رسولها إلى كلِّ الأمم، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً..) (البقرة: 143).

فشهادتنا على الأمم دليلٌ على أن الخير بَاقٍ فينا ولن ينقطع أبداً.

وقد حثَّنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- على حمل هذه الأمانة ورغَّبنا فيها حين قال -صلى الله عليه وسلم-: "نضَّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها، وأدَّاها إلى مَنْ لم يسمعها، فرُبَّ مُبلِّغ أوْعَى من سامع“.

والدعوة إلى الله مجال واسع يكون بالقول وبالفعل وبالقدوة الحسنة، يكون ببيان العقائد والعبادات والأحكام للناس بأسلوب شيق ممتع جذاب، لا يُنفِّر الناس، ولا يذهب بهم إلى يأس أو قنوط من رحمة الله.

الدعوة إلى الله فَنٌّ، اقرأ قوله تعالى يخاطب نبيه -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ..) (آل عمران: 159).

أين دعاتنا من قوله تعالى: (ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..) (النحل: 125).

لا بدَّ أنْ نعلم أنَّ الدعوة إلى الله ليستْ مهمة علماء الدين المختصين فحسب، إنما مهمة كل مسلم في كل زمان وفي كل مكان، كُلٌّ في مجال عمله يستطيع أنْ يكون داعيةً، نعم داعية بفعله والتزامه وتفانيه وإخلاصه.

لقد أجمع علماء الأمة على أن الإسلام ما انتشر بحدِّ السيف، وما انتشر بالقوة بقدر ما انتشر بسيرة المسلمين الطيبة، وما تحلَّوْا به من تسامح وحُبٍّ للآخرين، ولنا فيهم قدوة.

الدعوة إلى الله مهمة كل مسلم ذاق حلاوة الإيمان ولذة التكاليف وأحبَّ للناس ما يحب لنفسه من الخير فينقله إليهم، والحق سبحانه ساعة يُكلِّفنا بالخير لا يترك أحداً ولا يحرم أحداً أنْ يكونَ له نصيبٌ من هذا الخير، ومن ذلك الآن نجد مثلاً المشكلة الاقتصادية والحرب على الاقتصاد وعلى الرغيف وعلى المياه، كيف تُحلُّ هذه المشكلات في المنظور الإسلامي؟

الحق سبحانه وتعالى دائماً يُحنِّن الواجد على المعدم، وبعد أنْ فرض الزكاة في مال الأغنياء للفقراء ترك الباب مفتوحاً لأريحية الغني وحبه للعطاء، فجعل الصدقة نفلا وزيادة لمن ذاقَ حلاوة التكليف.

لذلك قال تعالى مرة: (وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ) (المعارج: 24-25) والمراد بالحق المعلوم الزكاة المفروضة، وقال في الذاريات: (وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ) (الذاريات: 19) هكذا بإطلاق الكلمة، والمراد الزيادة على الزكاة المفروضة، وهذه نوافل مَنْ فعلها أخذ ثوابها، ومَنْ تركها فلا شيء عليه.

قال تعالى في سورة الذاريات وهو يُبيِّن لنا سبحانه منزلة الإحسان: (إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ) (الذاريات: 15-16) ولم يقل مؤمنين، فما هي درجة الإحسان؟

قالوا: المحسن هو الذي يلزم نفسه بأمر لم يُفرض عليه لكن من جنس ما فرض الله عليه، إذن: فدرجة الإحسان أعلى من درجة الإيمان، فالفرض في الصلاة خمس صلوات، المحسن يُؤديها ويزيد عليها، وإن كان مقدار الزكاة الواجبة في المال 2.5% يخرجها 5% وهكذا في كل أبواب الخير.

وفي آيات سورة الذاريات تفصيلٌ لهذه الزيادة التي يتطوع بها أهل الإحسان.

قال تعالى: (إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) (الذاريات: 15-17) وهل فرض الله عليك قيام الليل حتى أنك لا تهجع منه إلا قليلاً؟

لا بل لك أنْ تصلي العشاء وتنام حتى الفجر.

أما المحسن فله مع الليل شأنٌ آخر، إنه ذاقَ حلاوة السهر لله والقيام لله، وشعر بالفيوضات تتنزَّل عليه، ورحمة الله تغشاه، فعشق العبادةَ ووجد فيها لذته وراحته، كذلك: (وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ) (الذاريات: 18-19) ولم يقل هنا حق معلوم، لأن الحق المعلوم هو الزكاة، أما الحق المطلق هنا فيراد به الصدقة وهي متروكة لاختلاف حب الناس ودرجاتهم وأريحيتهم في العطاء.

وإذا أحبَّ المؤمنُ الطاعة آثرها على أي شيء آخر، لذلك لو أجريتَ إحصاء للحجاج لوجدتَ أن العوَّادين ثلاثة أضعاف البادئين، وما ذلك إلا لعشق الناس لهذه الفريضة.

لذلك جعل الله في العباد استطراقاً إحسانياً، كلٌّ حسب مرتبته فيه، والقرآن الكريم يعطينا صورة للمؤمن المحبِّ للبذل مع أنه لا يجد شيئاً، قال تعالى: (لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ) (التوبة: 91-92).

تبين هذه الآيات أن الله تعالى أشاع الخير بين كل الناس، فالواجد عليه أنْ يعطي، وغير الواجد يكفيه أنْ ينصح الواجد وأنْ يحثه على العطاء، فإذا لم يستطع لا هذا ولا ذاك يكفيه أنْ يكون محباً في نفسه للعطاء يشتاق إليه، بل ويبكي أنْ فاتته الفرصة.

وهؤلاء صدقتهم هذا الشوق وهذا البكاء.

وهكذا لم يحرم الخالق سبحانه أحداً من خيره، ولم يغلق الباب في وجه أحد.

هناك قضية تتعلق بالدعوة إلى الله، هي أن الإنسان منَّا قد يكون عاصياً لربه في ناحية ما، فهل يمنعه هذا العصيان أنْ يكون داعية إلى الله؟

قالوا: ينبغي ألاَّ تمنعك المعصية عن الدعوة، فلعلَّ الذي تدعوه يفعل ما لم تفعله أنت، ولعل هذه عملية جَبْر لما فيك من نقص.

يُحكَى أن رجلاً كان يطوف بالبيت، فسمع آخرَ يقول: اللهم إنك تعلم أنّي عاصيك ولكنِّي أحب مَنْ يطيعك، فاجعل اللهم حُبِّي لمن أطاعك شافعاً في معصيتي.

قالوا: حتى الذي يتكاسل عن الصلاة لا يمنعه ذلك من أن يدعو غيره إلى الصلاة، لأنها خير يشيعه في الناس لن يُحرَم أجره، فكل مَنْ أشاع خيراً له (عمولة) عند الله، وهكذا لا يخلو مخلوق من أنْ يصيبه فضل الله الواسع، ولا يخلو مخلوق من خصلةِ خيرٍ لذاته أو لغيره، وهذه الإشاعة للخير في ذاتها دعوة إلى الله.

وقوله: (وَعَمِلَ صَالِحاً..) (فصلت: 33) يعني: دعا إلى الله بالقول ثم بالفعل، ودائماً ما يقرن القرآن بين القول والعمل، وعرفنا أن قدوةَ الفعل أعظمُ أثراً في النفوس من قدوة الكلام، وليس من الصواب أنْ تدعو الناس إلى شيء وأنت عنه بنجوى، يقول تعالى: (أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَٰبَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (البقرة: 44).

ويقول سبحانه في سورة العصر: (وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ) (العصر: 1-3).

والتواصي تفاعل بين الناس، بحيث يوصي كلٌّ منهم الآخر، فالطائع يوصي العاصي، وكلُّ واحد منا مُوصٍ في موقف، ومُوصَىً في موقف آخر، لأن الانفعال النفسي بطاعة أو بمعصية لا يدوم، فساعة تنفعل نفسُك للطاعة أَوْصِ مَنْ يعصي، وساعة تنفعل نفسك للمعصية ستجد مَنْ يوصيك وهكذا، لأن النفس ليس لها سيال دائم، وكلٌّ منا يَجْبر ما عند صاحبه، هذا معنى (وتواصوا) أي: فيما بينكم(بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ) (العصر: 3).

الحق سبحانه يقسم (والعصر) يعني: والزمن المعدود، يقسم على ماذا؟(إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ) (العصر: 2) يعني: جنس الإنسان كُلُّه في خُسْر وضياع وضلال لا يستثنى من ذلك (إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ) (العصر: 3).

كأن الحق سبحانه يقول لنا: استقرئوا الزمن وتأملوا التاريخ، انظروا إلى الحضارات الغابرة من قديم الزمان، أين هي؟

ماذا بقي منها؟

حضارة الفراعنة في مصر وما وصلتْ إليه من تقدم في علوم لم نتوصَّل إلى أسرارها حتى الآن مع أننا في عصر التقدم العلمي، حتى الأمريكان عجزوا أن يصلوا إلى أسرارها.

ومع ذلك بادتْ وذهبتْ كلُّ هذه العلوم، لأن أصحابها لم يجعلوا لها صيانة تحميها وتضمن لها البقاء، وكان طغيانُ القوم سببَ هلاكهم(وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ * ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ * فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ) (الفجر: 10-14).

بل هناك حضارات أعظم من حضارة الفراعنة، لكنها مطمورة تحت التراب لا نعرف عنها شيئاً، حتى القرآن لما أخبر عنها أعطانا صورة مجملة عبرتْ عن هذه العظمة (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ * ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ) (الفجر: 6-8).

نعم هذه حضارات كانت في يوم من الأيام مِلءَ السمع والبصر، لكنها لم تملك أسباب البقاء مع هذا التقدم الذي عاشت فيه، ويكفي أن الله قال عنها(لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ) (الفجر: 8)، فكيف كانت إذن؟

وصدق شوقي حين قال:
وَالعِلْمُ إنْ لَمْ تكْتنِفْهُ شَمَائِلُ تُعليهِ كَانَ مَطيَّةَ الإخْفَاقِ

إذن: العمل حين تأخذه من الباقي يبقى، وحين تأخذه من الفاني يفنى.

والذي يبقى هو القِيَم، فكما أخذنا عطاء الله في المادة ينبغي أن نأخذ عطاءه في القيم، فهي الصيانة التي ستُبقِي الأعمال وتجعلها خالدة وتجعل لها معنى وقيمة.

وقوله تعالى: (وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ) (فصلت: 33) هذا إعلانٌ يعلنه المسلم ويفخر به، وسام على صدره، أنا مسلم، وإسلامي هو المنطلق الذي من خلاله تكون حركتي في الحياة، وهذه في حَدِّ ذاتها دعوةٌ إلى الله ونشرٌ لدين الله وإعلاءٌ لكلمة الله حين لا تنشغل بنفسك إنما تنشغل بدينك.

فإنْ أنجزتَ عملاً تنسبه إلى دين الله، تقول: لأن الله أمرني، فترفع دينَ الله عند الناس ولا تهتم بذاتك الفاعلة، وحين ترفع دين الله ثِقْ أنه رافعك معه.

إذن: فمن صفات المؤمن أنْ ينسبَ خيره وصلاحه لدينه وإسلامه.

لذلك نقف كثيراً عند قول قارون لما أعطاه الله المال والجاه والسلطان، فقال: (إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ..) (القصص: 78) فردَّ الله عليه: ما دمتَ أوُتيته على علم عندك فاحفظه بعلمك، وكانت النتيجة(فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ..) (القصص: 81) فحين تصل إلى ابتكار أو اختراع أو صلاح في الكون فاجعله من منطلق الدين والمنهج، انسبه إلى دينك.

وتذكَّر الحديث الشريف: "ومَنْ كانت الآخرة همَّه جمع اللهُ عليه شمله، وجعل غِنَاه في قلبه، وأتتْه الدنيا وهي راغمة“.

لذلك أتعجَّب حينما أسمع أسماء رنَّانة لِنَوادٍ وجمعيات خيرية يقوم عليها الأعيان ووجهاء القوم وسيدات المجتمع، صحيح نراهم يُقدمون المساعدات ويفعلون الكثير من الخير ووجوه البر، لكن حين تسألهم عن المنطلق الذي يعملون من خلاله تسمع مصطلحات أخرى مثل (الماسونية).

ولما عرفوا أن أصلها يهودي قالوا (الروتاري)، أنا أفعل هذا لأني روتاري، سبحان الله قل: لأنني مسلم، لأن إسلامي أمرني بذلك، لماذا لا ترفع نفسك بِرفعة دينك، ولماذا تُفوِّت على نفسك ثواب هذا الخير في الآخرة.

قلنا: إن العمل إما أن يكون لله، وإما أن يكون للناس، العمل لله شرطه الإخلاص وجزاؤك على الله في الآخرة، أما العمل للناس فيعطيك منزلة عندهم ووجاهة ورفعة، هذا جزاؤك وقد أخذته في الدنيا فلا حظَّ لك في ثواب الآخرة، فالإنسان يطلب أجره ممَّنْ عمل له.

لذلك ما سُئلْنَا عن علماء خدموا البشرية باختراعاتهم وإنجازاتهم وابتكاراتهم: هل لهم نصيب في الآخرة؟

نقول: لا ليس لهم نصيب لأنهم فعلوا للناس وللبشرية ولتقدم المجتمع، وأخذوا أجورهم صيتاً وسُمْعة وشهرة وتخليداً لذكراهم.. إلخ.

أما الله فلم يكن أبداً على بالهم حين فعلوا هذه الأشياء، واقرأوا قوله تعالى في شأن هؤلاء: (وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً) (الفرقان: 23).

وفي موضع آخر قال: (وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّـٰهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ) (النور: 39).

هكذا أعمال الكافرين في الآخرة كالسراب تحسبه شيئاً، فإذا ما ذهبتَ إليه لم تجده، وليْتَ أمرهم ينتهي عند هذا الحد إنما تفاجئهم الحقيقة التي طالما أنكروها في الدنيا(وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ..) (النور: 39) نعم الله الذي أنكره أو كفر به يُوقفه ويحاسبه: أنت فعلتَ: ليقال وقد قيل فلا أجرَ لك عندي، ويبقى لك جزاء كفرك وعنادك.

إذن: نقول: ساعة تعلن أنك تعمل وتبتكر من منطلق إسلامك.

ساعة تقول عملت لأنني مسلم، تُعلي شأن الإسلام وتلفت غير المسلمين إلى جمال هذا الدين، وأنت في ذلك داعية إلى الله، أنت على نهج نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، فإنْ قابلتْكَ بعضُ الصعاب فاصبر، لأن رسولك أُوذِي في سبيل دعوته فصبر.

فالذي يحمل أمانة الدعوة ويعلنها: أنا مسلم، وإسلامي هو الضابط لكل حركاتي في الحياة ويصيبه سوءٌ يعلم أنه أخذ طرفاً من ميراث النبوة، فما من نبي إلا أوذي وكان له أعداء، فلا بدَّ لحَمَلة هذه المسئولية أنْ يكون لهم أعداء، وأنْ يُشتموا وأن تُكال لهم التهم، هذا أمر طبيعي في مسيرة الدعوة إلى الله.

يقول تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً..) (الأنعام: 112).

هذا يعني أن الداعية الذي يِسْلم من هذا الإيذاء ينقص حظُّه من ميراث النبوة، وحظه من تركة النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذن: اصبر، وهل تابعُ محمد خيرٌ من محمد حتى يَسْلم من الأذى؟

فإذا لم يكُنْ لك أعداء في طريق الدعوة فاعلم أنك لستَ على الطريق الذي رسمه لك صاحبُ الدعوة، وعليك أنْ تراجع نفسك.

الكلام هنا عن الدعوة إلى الله بحقٍّ وتجرُّد وإخلاص، وعن الكلمة تُقال في سبيل الله لا في سبيل جاه أو سلطان أو منصب من متاع الدنيا الزائل، الدعوة إلى الله لا تكون أبداً قنطرة.

لذلك نقول: ما الذي يحمي الدعاة إلى الله الآن، وها نحن نقول بأعلى صوت ونكتب في كل وسائل الإعلام، والله هو الحامي، والحمد لله لم نُؤخذ ولم نُسْجن، ولم يتعرض لنا أحد، كثير من علماء الدين يعلنون كلمة الحق مجردة من الهوى والمصلحة، وساعة يعطي لهم الحاكم أذنه يُسمعونه من الكلام ما يرعشه، ومع ذلك نسمع عن اضطهاد رجال الدين.

ونقول: إذا اضطهد رجل الدين فلا بُدَّ أنه استعمل وسائل محرمة في الدعوة إلى الله، كهؤلاء الذين يميلون إلى حَلِّ المشاكل بالقتل والدماء، أنت على خلاف مثلاً مع وزير من الوزراء تضربه بالنار؟

هل هذا هو الحل؟

وما ذنب الحراس الذين تُهدر دماؤهم وتُيتَّم أطفالهم؟

أنت صاحب كلمة، قُلْ ما شئتَ وأصلح بالكلمة الطيبة، أسمعهم ما يكرهون، وسبق أنْ قلنا لهم ما لم يستطع أحدٌ أن يقوله عندهم، لأن الشجاعة الإيمانية في الدعوة إلى الله ليستْ كلمة حَقٍّ تُقال على سلطان، إنما كلمة حق تقال عند سلطان جائر، نعم عنده في حضوره.

وهذا تطبيق عملي لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر“.

نحن لا نتاجر بالكلمة، إنما نواجه بها كل حاكم ظالم، نقول له: نحن لا نكرهك ولا نطمع فيما في يدك من الحكم، بل نحن نحبك ونريد أنْ نعينك على مهمتك، فقط نريد منك أنْ تحكمنا بالإسلام، أريد أنْ أُحْكَم بالإسلام، لا أن أُحكُمَ بالإسلام.



سورة فصلت الآيات من 31-35 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة فصلت الآيات من 31-35 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة فصلت الآيات من 31-35   سورة فصلت الآيات من 31-35 Emptyالإثنين 06 سبتمبر 2021, 8:26 am

وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

بعد أنْ حدَّثنا الحق سبحانه عن مهمة الدعوة إلى الله، وأنها ميراث الأنبياء وتركة رسول الله لنا من بعده، يُعلِّمنا هنا فناً من فنون الدعوة ودرساً من دروسها، ألاَ وهو مقابلة السيئة بالحسنة (وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ..) (فصلت: 34).

نعم لا أحدَ يُسوِّي بين الحسنة والسيئة والعقل يؤيد ذلك، تعالَ إلى اللص الذي يسرق أموال الناس، ويسرق ثمرة عرقهم وقُلْ له: أتحب أنْ يسرق الناسُ منك؟

يقول: لا.

نقول: إذن لا تحب لهم ما لا تحبه لنفسك، يقول لك: أنت تقيد حريتي وأنا حُرٌّ.

نقول له: لا تنسَ أن الله قيَّد حريتك في سرقة الآخرين وأنت فرد واحد، وقيَّد حركة الدنيا كلها في أنْ تسرق منك، فمَنِ المستفيد؟

كذلك في أمور الشرع التي حرَّم الله فيها أنْ تعتدي على الآخرين حرَّم عليهم جميعاً الاعتداء عليك، قال لك: لا تنظر إلى ما حرَّم الله عليك بشهوة.

وأمر الناس جميعاً أن لا ينظروا إلى محارمك.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يعطينا نموذجاً في حكمة الدعوة، حين جاءه شاب صادقُ الإيمان، لكن عنده أمر ومسألة لا يستطيع الإقلاع عنها، وهي شهوة النظر وشهوة الميل إلى النساء، فجاء وقال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله، إئذن لي بالزنا.

وتأمَّل هنا حكمته -صلى الله عليه وسلم-، قال للشاب دون أنْ ينهره أو يقسو عليه، إنما تبسَّم في وجهه وطمأنه أنه أمام داء له دواء، طالما أنه صادق الإيمان يواجه النبيَّ بدائه، لم يغُشّ رسول الله ولم يغُشّ نفسه.

لذلك وصف له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدواء الذي اجتثَّ هذا الداء من جذوره، وقام الشاب من عند رسول الله وأشدَّ ما يكرهه الزنا.

قال له رسول الله: "يا هذا أتحب ذلك لأمك؟

قال: لا يا رسول الله، قال: أتحبُّ ذلك لأختك؟

قال: لا يا رسول الله، قال: أتحبُّ ذلك لزوجتك؟

قال: لا يا رسول الله، قال: أتحبُّ ذلك لابنتك؟

قال: لا يا رسول الله...

وما زال الرسول يذكر له النساء من أهله حتى ذكر العمَّة والخالة، وحتى قال الشاب: لا يا رسول الله جُعلْتُ فداكَ، فقال رسول الله: كذلك الناسُ يا أخا العرب لا يحبونه لأمهاتهم ولا لأخواتهم...." عندها قال الشاب: والله ما هممتُ بشيء أنظر إليه إلا تذكرتُ أمي وأختي وزوجتي وابنتي.

إذن: الدين يحتاج في الدعوة إليه إلى لِينٍ وحكمة وموعظة حسنة حتى يُقبل منك ما تقول، لأن الذي تنصحه بأمر من أمور الدين وهو على غير دينك، أو على دينك لكنه ألِفَ المعصية وثقُلَتْ عليه الطاعة، ينبغي عليك أنْ تُخرجه مما ألفَ بأسلوب لا يكرهه، حتى لا تجمع عليه المعاناة حين تخلعه مما يحب، وقسوة الأسلوب وفظاظته، يكفي أن تُخرجه مما أحب بما لا يكره، وبذلك تمنع عنه شراسة الجدل وثورة العناد والمكابرة.

وكذلك في المعاملة، عليك أنْ تواجه السيئة بالحسنة (ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..) (فصلت: 34) يعني: رُدّ باللين وبالحسنى (فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت: 34) العداوة المدمرة هي التي تكون بين اثنين عدوين، كل منهما عدو للآخر، وفي هذه الحالة يستشري العداء ويستحكم، ولا نصل فيه إلى حَلٍّ، فمتى تنكسر حِدَّة العداوة؟

تنكسر حِدَّتها حينما تكون من جانب واحد، جانب عدو وجانب متسامح لا يرد السيئة بالسيئة، إنما يعفو ويصفح، وفي هذه الحالة تهدأ نفسُ العدو، ولا يجد مجالاً لعداوته، وهذه أولى خطوات الإصلاح أنْ تأخذ عدوك في جانبك، لذلك يقولون: لا تكافئ مَنْ عصى الله فيك بأكثر من أنْ تطيع الله فيه.

وبهذه الطريقة ينقلب العدو إلى (وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت: 34) يعني: صديق قريب مُحب مخلص كيف؟

لا تقل كيف، بقدرة الله خالق هذه النفوس وهذه القلوب ومُقلِّبها.

جاء رجل يشكو قسوةَ أحد الأقارب، فقلنا له: يا شيخ اصبر عليه وقابله بالتي هي أحسن، وتودَّدْ إليه عَلَّ الله يُصلح ما بينكما، بعدها جاء وقال: دفعتُ بالتي هي أحسنُ فلم يزدد إلا قسوةً وصار أشدَّ مما كان، قلت له: إذن راجع نفسك لأن كلام الله قضية مُسلّمة، وابحث عن السبب عندك، فلعلك ظننتَ أنك دفعتَ بالتي هي أحسن، والحقيقة أنك لم تدفع بالتي هي أحسن، أو أنك أردتَ أنْ تُجرِّب مع الله، والله تعالى لا يُجرَّب، التجربة مع الله شَكٌّ، فلو صدقتَ مع الله لصدَقَ الله معك.

وما أجمل قول الشاعر في هذا المعنى:
يا مَنْ تُضايقه الفِعَالُ مِنَ التي ومِنَ الذي ادفَعْ فَدَيتُكَ بالتي حَتَّى تَرَى فَإذَا الذِي



سورة فصلت الآيات من 31-35 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة فصلت الآيات من 31-35 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة فصلت الآيات من 31-35   سورة فصلت الآيات من 31-35 Emptyالإثنين 06 سبتمبر 2021, 8:27 am

وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أي: هذه الخصلة وهذه المنزلة منزلة الدفع بالتي هي أحسن، هذه الخصلة لا ينالها ولا يتحلَّى بها إلا الذين صبروا على الأذى، ولا يصل إليها إلا ذو حظ عظيم.

يعني: نصيب وافر من العطاء.

لماذا؟

لأنه كبتَ نفسه وأمسكها عن الردِّ بالمثل، فلما كبتَ نفسه من أجل الله جعل اللهُ عاقبته خيراً، وأجزل له العطاء.

ونلحظ هنا على الأداء القرآني تكرار عبارة (وَمَا يُلَقَّاهَا..) (فصلت: 35) فلم يقُلْ الحق سبحانه: وما يُلقاها إلا الذين صبروا وذو حظ عظيم..

قالوا: تكررت العبارة لأن التلقي مختلف، هذا تلقي صبر، وهذا تلقى جزاء.

وكثيراً ما يقف المستشرقون وأهل البصر بالقرآن أمام مواطن التكرار في كتاب الله باحثين عن الحكمة منه، لأن كتاب الله محكم، ليس فيه حرف زيادة أو عبث.

ومن هذه المواطن وقفوا عند التكرار في قصة سيدنا يوسف لَمَّا قال لأبيه سيدنا يعقوب عليهما السلام: (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) (يوسف: 4) قالوا: ما فائدة تكرار الفعل (رأى) هنا؟

نقول: يعني ساعة رأى الشمس والقمر رآهم ساجدين، وهذا لا يتأتَّى إلا إذا رآهم أولاً غير ساجدين ثم رآهم يسجدون أمامه.

إذن: فالرؤيا الأولى رأى أحد عشر كوكباً ورأى الشمس والقمر في غير هيئة السجود، ثم رأى الشمس والقمر له ساجدين، وهذا المعنى لا يكون إلا بتكرار الفعل.

كذلك هنا (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ..) (فصلت: 35) صبروا على الإيذاء، وصبروا على ضبط النفس، وصبروا على مغالبة الشيطان الذي يُوسوس لهم بالانتقام ويُزيِّن لهم الردَّ بالمثل.

وكانت عاقبة الصبر الجزاء والحظ الوافر.

وينبغي ألاَّ نغفل دور الشيطان في هذه القضية، فمهمته أن يلهب نار العداوة بين الناس، وأن يشعل الفتن ليلهيهم بها عن مطلوبات الله فسوف يوسوس لك: لماذا تتسامح وقد أُسيء إليك، لماذا تقبل الذل؟

أهو أفضل منك؟

لأن إبليس منذ أُمِر بالسجود لآدم فأبَى، وكانت النتيجة أنْ صار ملعوناً مطروداً من رحمة الله منذ هذا الموقف، والعداء مُستحكم بينه وبين ذرية آدم، ولن يتركهم حتى يُوردهم نفس مورده.

لذلك أقسم: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ) (ص: 82-83) يعني: يا رب أنا لستُ متمرداً عليك إنما على ذرية آدم، فالذي تريده طائعاً لا يمكن لي أنْ أغويه، فليس لي سلطانٌ على المخلصين منهم.

ومن خيبة إبليس أنه أفشى سره، وأعلن عن وسائله في غواية بني آدم، ومعلوم أن الذي يصنع مكيدة أو مؤامرة يحتفظ لنفسه بالتفاصيل، أمَّا إبليس فأعلن عنها، فأعطانا الله الاحتياط.

قال تعالى حكايةً عن إبليس: (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ) (الأعراف: 16) أقعد لهم على الصراط.

يعني: على طريق الاستقامة وفعل الخير لأشغلهم عنه وأفسده عليهم.

ولذلك قلنا: إن الشيطان لا يذهب إلى الخمارة مثلاً، إنما يذهب إلى المسجد.

وفي موضع آخر قال: (ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ..) (الأعراف: 17).



سورة فصلت الآيات من 31-35 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة فصلت الآيات من 31-35
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة فصلت الآيات من 41-45
» سورة فصلت الآيات من 46-50
» سورة فصلت الآيات من 51-54
» سورة فصلت الآيات من 01-05
» سورة فصلت الآيات من 06-11

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: فصلت-
انتقل الى: