منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة فصلت الآيات من 41-45

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة فصلت الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: سورة فصلت الآيات من 41-45   سورة فصلت الآيات من 41-45 Emptyالثلاثاء 07 سبتمبر 2021, 7:55 am

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الكفر هنا بمعنى الستر أي: ستر الإيمان بواجب الوجود، لأن الستر يقتضي مستوراً، فما هو المستور في عملية الكفر؟

الكفر يستر مقابله، يستر الإيمان، فكأن الإيمان أمرٌ فِطْري وهو الأصل والكفر طارئ عليه ليستره، وكأن الكفرَ بهذا المعنى جُنْد من جنود الإيمان ودليلٌ عليه.

وكلمة (بِٱلذِّكْرِ..) (فصلت: 41) هنا بمعنى القرآن الذي نزل على قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9) ويُطلق الذكر أيضاً على الكتب السابقة على القرآن: (فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ) (النحل: 43).

وقال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ) (الأنبياء: 48) ويُطلق الذكر ويُراد به الصِّيت والمنزلة.(وَإِنَّهُ) (الزخرف: 44) أي: القرآن (لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ..) (الزخرف: 44) وقال سبحانه: (لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ..) (الأنبياء: 10).

ويُطلق الذكر على تسبيح الله: (إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِي ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلاَةِ..) (المائدة: 91).

ويُطلق الذكر على ذكر الله بالطاعة، وذكر الله للعبد بالفيوضات والمغفرة: (فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ..) (البقرة: 152).

وقوله سبحانه: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ) (فصلت: 41) كلمة عزيز لها معَانٍ منها العزيز أي: النادر الثمين، والعزيز: الغالب الذي لا يُغلب.

ومنه قوله تعالى: (وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ) (آل عمران: 4) فالقرآن غالبٌ يعلو ولا يُعْلَى عليه، يأخذ بالقلوب ويستولي عليها، بدليل قولهم: (لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (فصلت: 26).

ذلك لأن الذي يسمع كلام القرآن، لا بُدَّ أنْ ينبهر به شريطة أنْ يستقبله بقلب صَافٍ ووجدان غير جامد، فإنْ صادف حُسْنَ الاستقبال كان له هذا الأثر الذي رأيناه في قصة إسلام سيدنا عمر رضي الله عنه، وكان من ألدِّ خصوم الإسلام إلى اللحظة التي عَلِم فيها بإسلام أخته وزوجها، فجاء إليها ولطمها حتى سَالَ الدَّمُ من وجهها، فكان هذا الدمُ سبباً في رِقَّة قلبه رِقَّةً غلبتْ جهله، فلما سمع القرآنَ منها سمعه هذه المرة بقلب ومواجيد وعاطفة صافية فتأثر به وأسلم.

إذن: فالقرآن عزيز غالب، لذلك ورد في الحديث الشريف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، فإن المُنبتَّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى“.

وقال: "ولن يُشَادَّ الدِّين أحدٌ إلا غَلَبه“.

فإذا أردتَ أنْ تختار بين أمرين أو توازن بينهما ينبغي أن تكون خاليَ الذِّهْن تماماً وتُخرِج ما في قلبك من هَوىً لأيِّهما، ثم تُوازن بينهما، فما ارتحتَ له فامْضِ فيه، لذلك قال تعالى: (مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ..) (الأحزاب: 4).

إذن: هو قلب واحد، إنْ عُمر بالشر كيف يستقبل الخير؟

لابد أنْ تُخرِج الشر أولاً لأن الشر سيطرد الخير.

يقول تعالى عن تلقِّي المنافقين والكافرين للقرآن: (وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً..) (محمد: 16) يعني: كأنهم لم يتأثروا به ولم يفهموه، أي: كِبْراً وعناداً، فردَّ الله عليهم(قُلْ هُوَ..) (فصلت: 44) أي: القرآن(لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى..) (فصلت: 44).

فالقرآن واحد، لكن أثره مختلف باختلاف المتلقي، فهو هدى وشفاء لأهل الإيمان، وعَمىً لأهل الكفر والنفاق.

إذن: الحق سبحانه يريد منَّا عدالة الاختيار وعدالة البحث والموازنة بين الأمرين، فإنْ توفَّرتْ هذه العدالة فالقرآن غالبٌ لا محالةَ، القرآن لا يزاحمه ولا ينافسه شيء إذا استُقبل الاستقبالَ السليم، حتى في الأمور التي يقف فيها العقل تجد الوجدان يصدقها.

لذلك قلنا: إن واردَ الرحمن لا يطارده واردُ الشيطان، وهل عارضت أم موسى وارد الرحمن لما قال لها: (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ..) (القصص: 7) العقل لا يقبل هذا، لكن يقبله الوجدان الصافي، والذين سمعوا القرآن فلم يتأثروا به ولم يثمر في أنفسهم ثمرته، إنما استمعوه وهم مشغولون بضده.

فنحن إذن في حاجة إلى عدالة الاختيار ثم حماية الاختيار، لذلك نقول في الرد على مَنْ يدَّعي أن الإسلام نُشِر بحدِّ السيف، هذا غير صحيح، فالسيف في تاريخ الإسلام ما جاء ليفرض عقيدة، إنما جاء لحماية الاختيار، وحماية حرية الدين في الإعلان عن نفسه، وحرية العقيدة أمر كفله الإسلامُ بدليل أنه ترك في بلاد الإسلام ناساً على كفرهم وعلى ديانتهم، وقال: (فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ..) (الكهف: 29).

ولأن الإسلام انطلق من حرية الاعتقاد وجعل الدين اختياراً حكَمَ على المرتد بالقتل، والعجيب أن أعداء الإسلام يأخذون هذه المسألة مطعناً في دين الله، ويقولون: إن الإسلام يحارب حرية الاعتقاد ويُجبر الناس على اعتناقه.

وهذا اتهام باطل، فالمُتأمِّل يجد أنَّ الإسلام يعلن هذا الحكم لمن لم يؤمن بَعْد، يقول له: انتبه قبل أن تدخلَ الإسلام، ولاحظ أنك تُقتل لو ارتددتَ عنه، وهذه عقبة في طريق الإسلام تُمحِّص أهله بحيث لا يُقبل عليه إلا مَنْ اقتنع به واستقرَّ الإسلام في قلبه بلا منازع، فالحكم بقتل المرتد يحمي إقبالك على الاختيار ويُنبهك، فإمَّا أنْ تنصرف، وإمَّا أنْ تعرف أنه الحق فتؤمن به.

وقوله تعالى: (لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ..) (فصلت: 42) يعني: لا يأتيه الباطل من أيِّ جهة؛ لذلك حاول المستشرقون أنْ يتلمسوا في القرآن مأخذاً..

وهيهات لهم ذلك..

فوقفوا مثلاً عند قوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ..) (الأنعام: 151) وفي موضع آخر قال سبحانه: (وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم..) (الإسراء: 31).

ورأوا أن في الموضعين تكراراً فقالوا: إذا كان القرآن بليغاً فأيُّ الآيتين أبلغ؟

وإنْ كانت إحداهما بليغة فالأخرى غير بليغة، وهؤلاء يفتقدون الملَكة التي تساعدهم على فَهْم كلام الله واستقبال هَدْيه، ولو نظروا إلى السياق لوجدوا أنَّ الآيتين مختلفتان موضوعاً، فليس فيهما تكرار وكُلٌّ منهما بليغة في التعبير عن موضوعها.

فقوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ..) (الأنعام: 151) فكأن الفقر موجودٌ عنده، فهو مشغول أولاً برزق نفسه قبل أنْ يُشغَل برزق أولاده، لذلك ذُيلَتْ الآية بقوله سبحانه: (نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ..) (الأنعام: 151) أما في الأخرى فقال(خَشْيَةَ إِمْلاقٍ..) (الإسراء: 31) يعني: الفقر غير موجود لكن يخشاه حين يأتيه الولد، فطمأنه الله أن الولد سيأتي ومعه رزقه، فقال: (نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم..) (الإسراء: 31) إذن: فكلُّ آية بليغة في موضعها.

كذلك وقفوا عند قوله تعالى في سورة البقرة: (وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَٰعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ) (البقرة: 48) وفي الآية الأخرى: (وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ) (البقرة: 123).

النظرة المتعجلة لا ترى فرقاً بين الآيتين، لكن المتأمل وصاحب الملَكة اللغوية يلحظ الفَرْق، فالآيتان تتحدثان عن نفسيْنِ: نفس جازية، ونفس مجزي عنها.

النفس المجزيّ عنها تعترف بذنبها وتقول: خذوا العدل واتركوني، فنقول لها: لا.

فتذهب إلى مَنْ هو أكبر منها ليشفع لها.

إذن: عُرِضَ العدل أولاً، فلما لم ينفعها عُرِضَتْ الشفاعة.

أمَّا النفس الجازية وهي الشفيع، أول ما يقف بين يدي الله تعالى يقول: يا رب أنا أشفع في فلان، فإذا لم تقبل شفاعتي فيه فخُذ العدل مني، إذن: فكُلُّ آية بليغة في موضعها، لكن ماذا نفعل مع هؤلاء الذين لا يفهمون عن الله ولا يحسنون التلقي، ومع ذلك يتهمون كلام الله؟! يقولون: ربكم قال كذا وكذا، نعم هو ربنا والحمد لله، وكنا نحب أنْ يكون ربكم أيضاً.

ومن الآيات التي وقفوا عندها أيضاً قوله تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ) (الصف: يقولون: أين ظهور الإسلام على الدين كله وبعد أربعة عشر قرناً من الزمان ما يزال في العالم يهود وملاحدة ومسيحيون وغير ذلك من الديانات.

وهذا القول أيضاً يدل على عدم فهمهم لآداء القرآن الكريم ومعانيه.

ومعنى: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ..) (الصف: 9) لا تعني أن يصبح الناسُ جميعاً مسلمين، لأن معنى الظهور هنا ظهور حُجَّة يعني: يعلن حُجَّتهُ القوية، وبعد ذلك لهم الحرية يؤمن مَنْ يؤمن، ويكفر مَنْ يكفر، هذا موضوع آخر.

ولو كنتَ تقرأ القرآن ببصيرة لعرفتَ أن ظهور الإسلام على الأديان الأخرى سيكون مع بقاء الشرك والكفر بدليل لفظ الآية، فمرة قال سبحانه: (وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ) (الصف: 9) ومرة: (وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ) (الصف: 8).

إذن: فهما موجودان مع الإسلام، ويكفي في ظهور الإسلام على الأديان الأخرى أنهم يُضطرون للأخْذ بقضاياه وأحكامه وهم غير مسلمين، وتُلجئهم ظروفهم الحياتية فلا يجدون حلاً إلا في الإسلام، وهذه هي العظمة في الظهور.

تعلمون أن الفاتيكان كانت تعارض مسألة الطلاق التي جاء بها الإسلام، لكن مع مرور الوقت وكثرة المشاكل عندهم اضطروا إلى العمل به كحلٍّ لقضاياهم، أخذوا حكم الإسلام وهم غير مسلمين.

إذن: صدق الله: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً) (النساء: 82) هذه الآيات وغيرها تدلنا على سلامة كلام الله وخُلوِّه من الباطل ومن الاختلاف (لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ..) (فصلت: 42) لأن الباطل لا يأتي إلا إذا كان المتكلم غير مُحِقٍّ، والذي يتكلم بالقرآن مَنْ؟

الله.

لذلك قال بعدها (تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت: 42) وحكيم وحميد فعيل من صيغ المبالغة من الحكمة والحمد، الحكمة تقتضي وضع الشيء في موضعه المناسب، والحمد يعني أنهتعالى يُحمد على كل أفعاله، وكُلِّ قضائه، وكل قدره، فالحمد لله موصول أوله بآخره.

لذلك قلنا في قوله تعالى: (ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ) (الفاتحة: 2) أن من رحمته تعالى بنا أنْ علَّمنا صيغة حمده على نعمائه، فجاء بها بصيغة المبتدأ والخبر (الحمد لله) لأنه سبحانه لو لم يضع لعباده صيغة الثناء عليه سبحانه لاختلف فيها العباد، وتفاوت فيها الناس، ولكان للأديب البليغ ثناءٌ لا يقدر عليه الأُمِّي وراعي الغنم.

لو كان الأمر في هذه المسألة متروكاً لقدرات الناس لم يكُنْ هناك تكافؤ فرص في حمد الله، إذن: من رحمته سبحانه بنا أنْ قال لنا ارفعوا أيديكم عن الصيغة وأنا أضعها لكم ليستوي في حمدي والثناء عليَّ جميع خَلْقي، فالكل يقول كلمة واحدة (الحمد لله) فقط، ولا أريد منكم أكثر من ذلك.

لذلك علَّمنا سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نقول في الثناء على الله: "سبحانك لا نُحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك" فالذي تعلَّم هذه الصيغة (الحمد لله) وهُدِي لأن يقولها ينبغي أنْ يَحمد الله عليها ذاتها، يحمد الله أنْ علَّمه كيف يحمده، وهكذا يظل الحمد من العبد لله تعالى موصولاً، ويظل العبد حامداً لربه حمداً لا نهاية له.

وكلمة (تَنزِيلٌ) (فصلت: 42) ساعة تسمعها تشعر أنه مُنزَّل من أعلى، حتى وإن كان المنزَّل من مادة الأرض، كما في قوله سبحانه في سورة الحديد: (وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) (الحديد: 25) فالحديد وإنْ كان في الأرض لكنه مُنزل من عُلو القدرة الخالقة لخدمة العباد في الأرض.

ثم يُعزِّي الحق سبحانه رسوله -صلى الله عليه وسلم- ويُخفَّف عنه ما يلاقي من عَنَتِ وعناد المشركين، فيقول تعالى: (مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ...).



سورة فصلت الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة فصلت الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة فصلت الآيات من 41-45   سورة فصلت الآيات من 41-45 Emptyالثلاثاء 07 سبتمبر 2021, 7:56 am

مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (٤٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

كأن الحق سبحانه يقول لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: يا محمد أنت سيد الرسل، والرسل أُوذُوا، فلو كان الإيذاء على قَدْر المنزلة لكان إيذاء قومك لك أضعاف إيذاء الرسل السابقين، وما يُقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك، فلسْتَ بدعاً في الرسل.

والذي قيل للرُّسُل من قبلك: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ) (الصافات: 171-173) وأنت يا محمد واحد منهم، فأبشر بنصر الله لك ولجندك ولمن تابعك.

ويصح أيضاً أنْ يكون المعنى (مَّا يُقَالُ لَكَ) (فصلت: 43) أي: من أعدائك والمعاندين لك (إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ) (فصلت: 43) أي: من أعدائهم والمعاندين لهم.

يعني: لا تحزن فهذه سنة الله في أهل الدعوات وحَمَلة الرسالات، وأنت واحد منهم فلا تُتعِبْ نفسك، ولا تُحمِّل نفسك في سبيل دعوتك ما لا تطيق.

(فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ) (غافر: 77).

ذلك لأن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما ذاق حلاوة الإيمان بالله أحبه الناس جميعاً، وكانت عنده غيرة على ربه، يريد أن يسلم الناسُ جميعاً لا يفلت منهم أحد، ولا يشذ منهم عن الإيمان بالله أحد، لذلك كان يجهد نفسه وكثيراً ما عاتبه ربه على ذلك عتاب المحبِّ لحبيبه: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً) (الكهف: 6).

وبيَّن له -صلى الله عليه وسلم- (وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ) (العنكبوت: 18).

وكثيراً ما نرى القرآن الكريم يقصُّ على سيدنا رسول الله قصص الأنبياء السابقين تسليةً لرسول الله وتخفيفاً عنه، فسيدنا نوح -عليه السلام- عمّر في قومه يدعوهم إلى الله ألفَ سنة إلا خمسين عاماً، ومع ذلك ما آمن معه إلا قليل.

وحكى القرآن عنه قوله: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ ٱسْتِكْبَاراً) (نوح: 5-7).

قوله: (جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ) (نوح: 7) مبالغة في الإعراض وسَدِّ الآذان عن السماع، فالذي يُوضع في الأذن الأنملة لا الأصبع، وأكثر من ذلك (وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ) (نوح: 7) يعني: غطُّوا بها وجوههم، وبذلك سَدُّوا كل منافذ الإدراك والتلقي كأنهم لا يريدون سماعه ولا حتى رؤيته.

إذن: اصبر يا محمد فلستَ جديداً في الإيذاء ولا في الإعراض والعناد.

وقوله سبحانه: (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ) (فصلت: 43) تأمل هذا الكلام الذي نُسميِّه (كلام سياسي) ويسميه العلماء (ترغيب وترهيب)، فالحق سبحانه وتعالى يراعي أحوال هؤلاء المعاندين لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويخاطبهم بما يناسب كلَّ الاحتمالات، فمَنْ عاد منهم إلى الحق وإلى الصراط المستقيم فبابُ التوبة مفتوح والله غفور رحيم، ومَنْ أصرَّ وتمادى في عناده فالله ذو عقاب أليم.

وتلحظ هنا أن المغفرة سبقت العقاب، بل إن الحق سبحانه يَعِد مَنْ يؤمن ويَحسُنُ إيمانه أنْ يُكفِّر عنه ذنوبه، وأن يزيده بأنْ يُبدِّل سيئاته حسناتٍ تفضّلاً منه وكرماً، وكأن الحق سبحانه يُؤنس عباده ويُحنِّنهم إليه، وهو الغني عنهم.

وتاريخ الإسلام حافلٌ بهؤلاء الذين صادموا الإسلام ودعوته وعاندوا رسول الله والمؤمنين معه، وكانوا ألدَّ الأعداء، ثم صاروا بعد ذلك حملة لوائه، وقدَّموا نفوسهم رخيصة في سبيله ولو أغلق الباب في وجوههم ما دخلوا في دين الله، وأنتم تعرفون قصة إسلام عمر وحمزة وعكرمة بن أبي جهل وخالد وعمرو وغيرهم ممَّنْ كانوا صناديد في الكفر.

حتى أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين أخذوا دين الله على أنه دينٌ لا سلطة زمنية أنصفهم القرآن، فقال فيهم: (وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً) (آل عمران: 75).

وبعد ذلك يأتي القرآن ويحكم على أُنَاس أنهم لن يؤمنوا ولن يهتدوا، وهم في سَعَة الدنيا وفي وقت الاختيار، مَنْ شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ومع ذلك ظلُّوا على كفرهم ولم يؤمنوا حتى نفاقاً، ولو رغبةً منهم في تكذيب القرآن لم يحدث.

ومن هؤلاء أبو لهب عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان يمشي وراء رسول الله ويقول للناس: إنه كذاب، فحكم الله عليه بأنه سيموت على كفره، وأن مصير النار والعياذ بالله، وفيه نزلتْ: (تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَىٰ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَٱمْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) (المسد: 1-5).

وقد سمع أبو لهب هذه السورة، وكان بوُسْعه أن يقف أمام نادي القوم وتجمُّعهم، ويقول بأعلى صوته: أشهد ألاَّ إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولو كذباً، لكنه لم يفعل لأن الله تعالى حكم عليه أنه لن يقولها أبداً.

فالله تعالى (لَذُو مَغْفِرَةٍ) (فصلت: 43) لكل كافر ولكُل مُكذِّب ولكل معاند، رجع إلى الجادة وتاب وأناب (وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ) (فصلت: 43) لمن أصرَّ على كفره وتمادى في عناده ومصادمته لدعوة الحق.

ولا يخفى أن الجمع بين المعنى وضده في موضع واحد سِمةٌ من سمات الأسلوب القرآني، لأن الضدَّ يُظهره الضد، وبضدِّها تتميَّز الأشياء، وربك يخبرك ويترك لك أنْ تختار لنفسك دواعي المغفرة أو دواعي العقاب.



سورة فصلت الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة فصلت الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة فصلت الآيات من 41-45   سورة فصلت الآيات من 41-45 Emptyالثلاثاء 07 سبتمبر 2021, 7:57 am

وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٤٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ) (فصلت: 44) أي: القرآن وسُمِّي قرآناً لأنه يُقرأ (أَعجمياً) أي: بلغة الأعاجم وهم غير العرب كالإنجليزية والفرنسية وغيرها من اللغات غير العربية.(لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ) (فصلت: 44) يعني: جاءتْ بالعربية؛ ذلك لأن التوراة نزلتْ بالعبرية وهي لغة سيدنا موسى -عليه السلام- وأصله، فقال بعضهم: لولا كان القرآن باللغة العبرية مثل التوراة، لكن النبي محمداً عربيُّ الأصل واللغة فنزل عليه القرآن بلغته ولغة قومه.

فالحق سبحانه يُبيِّن أن القرآن لو نزل أعجمياً لطلبوا وتمنوا أنْ يكون عربياً، لكن بصرف النظر عن اللغة التي نزل بها هو في ذاته هُدىً وشفاء (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ) (فصلت: 44) أي: الذين لا يؤمنون به في آذانهم صمم، فهم لا يسمعون السماع النافع المثمر (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) (فصلت: 44) يعني: ظلمة وشبهات يتخبَّطون فيها.

إذن: فالقرآن واحد لكن النتيجة مختلفة، لأن استقبال القرآن يختلف باختلاف نية المستقبل، فالذي يسمعه بأذن واعية وقلب صَافٍ غير مشغول بنقيضه يجده هُدًى، ويجده شفاءً، والذي سمعه باستكبار وقلب غير مُهيىءٍ للإيمان يجده عَمىً، والأعمى يتخبط لا يدري أين يتجه.

فهذا يقرأ القرآن أو يسمعه فلا يفهمه ولا يتأثر به، وهؤلاء قال الله فيهم: (وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً) (محمد: 16).

وسبق أن أوضحنا نظرية الفاعل والقابل، فالفاعل يقوم بالفعل والقابل يتأثر به، ففَرْق بين الفلاَّح الذي يضرب الأرض بفأسه وبين مَنْ يضرب بها صخرة مثلاً، الأرض تنفعل للفأس وتتأثر بها وتثمر وتنتج، أما الصخرة فلا تقبل ولا تتأثر.

إذن: لا تحكم على الشيء إلا إذا حدث هذا التفاعل بين الفاعل والقابل، تذكرون أننا ضربنا مثلاً في هذه المسألة بكوب الشاي الساخن ننفخ فيه ليبرد، وتنفخ في يديك لتُدفئها، فالنفخة واحدة لكن الأثر مختلفٌ لاختلاف القابل.

وقوله تعالى: (أُوْلَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ) (فصلت: 44) لأنهم سمعوا فلم يتأثروا به، شبَّههم الله بمَنْ ينادَى من بعيد فلا يَسْمع.



سورة فصلت الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة فصلت الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة فصلت الآيات من 41-45   سورة فصلت الآيات من 41-45 Emptyالثلاثاء 07 سبتمبر 2021, 7:58 am

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (٤٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

القرآن هنا يقصّ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طرفاً من قصة سيدنا موسى -عليه السلام-، وهذا من ضمن (مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ) (فصلت: 43) وموسى من الرسل الذين تحملوا العنت والعناد وأتعبه قومه، فقصَّته هنا تسلية لرسول الله (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ) (فصلت: 45) أي: التوراة (فَٱخْتُلِفَ فِيهِ) (فصلت: 45) أي: كانت مجالاً لاختلافهم، فمنهم مَنْ حرَّفها، ومنهم مَنْ نسي بعضها، ومنهم مَنْ كتب الكتاب من عنده.

وقال: هذا من عند الله.

(وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ) (فصلت: 45) أي: سبقتْ كلمة الله وحكمة بنهاية عذاب الاستئصال الذي يأخذ المكذِّبين جملة، كما رأينا في عاد وثمود وقوم نوح وقوم لوط، أما هذه الأمة فلن يأخذها الله بمثل هذا في الدنيا، بل يُؤخِّر لها الجزاء إلى يوم القيامة.

(وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) (فصلت: 45) أي: في الدنيا كما فعل بالأمم السابقة ممَّنْ كذَّب الرسل (وإنهم) أي: قومك يا محمد (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ) (فصلت: 45) يعني: تردد يأخذهم إلى القلق والريبة.

والشكُّ نسبة من النِّسب السِّت المعروفة التي تعتري الأحداث: أولها: العلم وهو أن يكون عندك قضية واقعة وأنت مقتنع بها وتستطيع أنْ تقدم عليها الدليل.

ثم التقليد: وهو أن يكون لديك قضية واقعة يعني مطابقة للواقع وأنت مقتنع بها، لكن لا تستطيع أنْ تُقدم الدليل عليها، مثل الطفل الصغير نُلقِّنه مثلاً أن الله واحد فيؤمن بها لثقته في والده الذي يلقنه، لأنه يعلم أن والده يريد له الخير ولا يُعلِّمه إلا الصواب، لكن الوالد لا يستطيع أن يقيم الدليل على أن الله واحد.

ثم الجهل: وهو أن يكون عندك قضية غير مطابقة للواقع وأنت مقتنع بها.

لذلك قلنا في هذه المسألة: إن الجاهل أشقُّ على مُعلِّمه من الأُميِّ؛ لأن الجاهل عنده قضية باطلة كاذبة وهو مؤمن بها فيحتاج منك مجهوداً مرتين: مرة لتخرجه من جهله، ومرة لتقنعه بالصواب.

أمَّا الأمِّيِّ فهو خالي الذهن ليس عنده قضية ما يدافع عنها، لذلك تراه طيِّعاً يقبل ما يُلْقَى إليه دون أنْ يجادل.

ثم بعد ذلك الشك، وهو أن يكون لديك قضية واقعة لكن يقينك بها مُساوٍ لشكِّك فيها، فأنت غير متأكد منها، ثم إنْ كان الثبوت والتأكيد أوضحَ فهو الظن، وإنْ كان الشكُّ أوضحَ من اليقين فهو الوهم.

فقوله تعالى: (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ) (فصلت: 45) يعني: لم يصلوا إلى درجة العلم، ولا درجة التقليد، ولا درجة الجهل.



سورة فصلت الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة فصلت الآيات من 41-45
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة فصلت الآيات من 06-11
» سورة فصلت الآيات من 12-15
» سورة فصلت الآيات من 16-20
» سورة فصلت الآيات من 21-25
» سورة فصلت الآيات من 26-30

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: فصلت-
انتقل الى: