أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: فَوحُ العِطْرِ بأحكامِ زكاة الفِطْرِ الأربعاء 26 مايو 2021, 1:49 am | |
|
المسألة الثالثة والعشرون: وكل ذلك يختلف باختلاف البلدان والأزمان والفقر والغنى فالحكم يدور مع العلة زماناً ومكاناً، وهذا من أمثلة ما يقال (يتغير الحكم بتغير الزمان والمكان) فهو يخضع للعرف والعادة.
المسألة الرابعة والعشرون: زكاة الفطر تخرج من طعام أهل البلد ثلاثة كيلو من الأرز: وهو الأحوط مقداراً وقيل غير ذلك، وباقي الأطعمة كل حسب مقدار الصاع فيه بالكيلو.
المسألة الخامسة والعشرون: هل يصح أن تجعل الفطرة الواحدة أكثر من نوع؟ له حالتان: أ- إن كان لم يجد إلا هذا ففي صحته وجهان عند الشافعية. ب- إن كان واجداً ففيه خلاف: فالشافعية يمنعون، والحنابلة يجيزون، ككفارة اليمين.
المسألة السادسة والعشرون: هل تخرج نقداً؟ محل خلاف بين العلماء رحمهم الله: القول الأول: تخرج طعاماً ولا يصح نقداً، وهو مذهب جمهور الفقهاء.
القول الثاني: تخرج نقداً، وهو مذهب الحنفية ورواية عند الحنابلة، وبه قال بعض المالكية، نظرة مقاصدية لحاجة الفقير.
القول الثالث: يخرج نقداً عند الحاجة واختاره ابن تيمية وغيره.
والرَّاجح: القول الأول، لِمَا يلي: أ- لقوله وفعله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنه، فأخرجوها طعاماً مع وجود النقد في زمنهم، ولو كان جائزاً لجعل الأمر على التخيير أو قيمته، والنظر المقاصدي لا يغيب عنهم، فهم شاهدوا التنزيل، وهذا في حكم الإجماع من الصحابة رضي الله عنهم.
ب- أن الشارع قصد التنويع في الزكاة، فجعل في المال زكاة وفي بهيمة الأنعام وفي الحبوب والثمار كل ذلك نظرة تكاملية لسد حاجة الفقير، فجعل سبحانه لكل شيء قدراً وحكماً، والله أعلم بأحوال العباد، ومن شرط إعمال المصلحة ألا تتكون في المحدودات والمقدرات الشرعية.
ج- النظرة المصلحية والمقاصدية لا تكون مطلقة بدون قيد، بحيث تكون مخالفة للنص من كل وجه.
د- أن زكاة الفطر تجري مجرى الكفارات فهي عن البدن ولا تجري مجرى زكاة المال.
هـ- أن ما ورد عن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله إخراج القيمة فإن صح فيبقى قول تابعي، وقوله ليس بحجة على الصحيح، وحكي الاتفاق إذا خالف النص وقال الإمام أحمد: (نأخذ بقوله ونترك السنة).
و- لو أن الناس نوعت الإخراج لما احتجنا للقيمة فمنهم من يخرج الأرز، ومنهم من يخرج الدقيق، ومنهم من يخرج المكرونة وغير ذلك مما يقتاته الناس، وكفينا الفقير عن كثير من الحبوب التي يحتاجها في طعامه، ولما احتاج إلى شراء الطعام فترة من الزمن، ولو أعطيناه النقود لصرفت ربما في الكماليات من طعام ونحوه لزهادة المال.
ز- سلوك سبيل الاحتياط هنا متوجه قال الإمام أحمد: (في إخراج القيمة أخاف أن لا يجزئه).
فإن قال قائل: نجد بعض الفقراء إذا أعطيته الطعام باعه وربما بثمن بخس أليس الأولى أن يعطى المال؟
فالجواب: ١- أنه إذا ملك الطعام جاز بيعه. ٢- أن هذا الاحتجاج إذن سنورده في كل الكفارات والأضحية والهدي وبالتالي صار تغييراً لأحكام الدِّين، وكلها مقصودها الفقير وإطعامه وإغناؤه، فتدبَّر رحمك الله. ٣- أن المسلم عليه أن يفعل ما أمر به شرعاً. ٤- أنه حتى لو أعطيته المال فهو عرضة لأن يستخدم في غير ما أعطي له من سد حاجته، وربما في محرم، فالاحتمال يرد على الأمرين. ٥- أن هذا الاحتمال وارد في عصر النبوة والصحابة والتابعين ولم ينقل تجويزه لا نصاً ولا اجتهاداً. ٦- إذا علمنا بفعله فهو لَيْس بحاجتها فلا يُعطى حينئذ.
المسألة السابعة والعشرون: من أخرجها نقداً بناء على فتوى علماء بلده وأنها الفتوى السائدة عندهم فيصح ولا يلزم بإعادة إخراجها طعاماً مراعاة للخلاف على الصحيح، ولأن العامي لا يسعه إلا التقليد.
المسألة الثامنة والعشرون: وقت إخراج زكاة الفطر، وهو ثلاثة أنواع: أولاً: وقت الوجوب. وهو محل خلاف بين العلماء رحمهم الله: القول الأول: تجب زكاة الفطر بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو قول عند المالكية ومذهب الشافعية على الأصح، والحنابلة، وبه قال بعض السلف.
القول الثاني: أن وقت وجوبها يبدأ من طلوع الفجر من يوم الفطر، وهو مذهب الحنفية، وقول عند المالكية، وهو قول الشافعي القديم.
والأقرب: القول الأول، لأن الشارع أضاف إخراجها إلى يوم الفطر، ويدخل بوقت غروب شمس آخر يوم من رمضان.
ثانياً: وقت الأفضلية: الأفضل إخراج زكاة الفطر يوم العيد قبل صلاة العيد، وحكي الإجماع على ذلك، لحديث: (وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة) رواه البخاري.
ثالثاً: وقت الجواز أي هل يجوز تعجيلها عن وقتها؟ محل خلاف بين العلماء رحمهم الله: القول الأول: يجوز تعجيل زكاة الفطر عن وقتها بيوم أو يومين فقط، وهو مذهب المالكية، والحنابلة، واختاره الشوكاني.
القول الثاني: من أول شهر رمضان، وهو مذهب الشافعية وبعض الحنفية والحنابلة، لأن سبب زكاة الفطر الصيام.
القول الثالث: يجوز تقديمها قبل سببها وهو شهر رمضان، وهو مذهب الحنفية.
الرَّاجح: القول الأول، وكان ابن عمر رضي الله عنهما «يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين» رواهما البخاري، واختلف في قوله الذين يقبلونها هل المراد بهم الفقراء أم الذين يوزعون الزكاة؟، ولأن النص مقدم على التعليل، ولأن هذا أقصى ماورد في التعجيل، ولم ينقل عنهم أكثر من ذلك، وهو أمر ظاهر غير خفي، ولو ورد لنقل إلينا نقلاً مشتهراً.
المسألة التاسعة والعشرون: آخر وقت لإخراج زكاة الفطر: محل خلاف بين العلماء رحمهم الله: القول الأول: آخر وقت زكاة الفطر الذي يحرم تأخيرها عنه هو غروب شمس يوم عيد الفطر، وهذا قول بعض الحنفية ومذهب المالكية، والشافعية والحنابلة.
القول الثاني: أن آخر وقت زكاة الفطر هو صلاة العيد، ويحرم تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد، فإن أخرها لم تقع زكاة فطر، وإنما له أجر الصدقة، وهو مذهب الظاهرية، واختاره ابن تيمية وابن القيم والشوكاني وابن باز، وابن عثيمين.
الرَّاجح: القول الثاني، لحديث: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر؛ طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين؛ من أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات) رواه أبو داود وصححه جماعة من أهل العلم وحمله الجمهور على الأفضل.
المسألة الموفية للثلاثين: مَنْ وجبت عليه زكاة الفطر وهو مُسافر فأين يُخرجها؟ محل خلاف بين العلماء رحمهم الله: القول الأول: فيجب عليه أن يخرجها في البلد الذي هو فيه، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، لأن زكاة الفطر تتبع الإنسان حيثما كان.
القول الثاني: إذا وكَّل مَنْ يُخرجها عنه في بلده فجائز، وهو قول للمالكية ورواية في مذهب الحنابلة، واختاره شيخنا ابن باز.
القول الثالث: لا يجوز نقلها لبلد آخر إلا عند الحاجة والمصلحة، وهو مذهب المالكية، واختاره ابن تيمية، وابن عثيمين.
القول الرابع: يُكره نقلها إلا لحاجة، وهو مذهب الحنفية.
والأقرب: القول الثاني: لعدم الدليل الصريح البين لتحديد موضع إخراج الزكاة، ومنع خلافه، وكان صلى الله عليه وسلم تأتيه الزكاة من البلدان الأخرى.
المسألة الحادية والثلاثون: إذا سافر الإنسان إلى بلد فهل له أن يخرج زكاة الفطر عن أهل بيته في المكان الذي هو فيه إذا كانوا ليسوا معه؟ محل خلاف بين العلماء رحمهم الله: القول الأول: أن العبرة بمكان المخرج للزكاة، وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، لأن أهله تبع له، والتابع تابع.
القول الثاني: أن العبرة بمكان المؤدى عنهم، فيخرجها الأب عن نفسه في مكان إقامته، وعمن يلزمه الإخراج عنهم في مكان إقامتهم، لأن زكاة الفطر تتبع الإنسان في مكانه الذي هو فيه، وهو قول أبي يوسف من الحنفية وقول عند الشافعية والحنابلة.
والأقرب: كله يجوز لما تقدم.
المسألة الثانية والثلاثون: ما الحكم إذا أخرجها عنهم في المكان الذي هو فيه؟ لها حالتان: الأولى: إذا أخرجها بناءً على فتوى عالم أو مذهب علماء بلده فلا يعيد، لأنه قلد عالماً أو مذهباً، ولأنه فعل ما في وسعه.
الثانية: إذا أخرجها جهلاً فإن الصحيح لا يعيد، ولعدم الدليل الصريح في المسألة، فهي محتملة، والأصل الصحة إلا بدليل واضح بيّن.
المسألة الثالثة والثلاثون: إذا سافر أحد أفراد الأسر لدراسة ونحوها كالطلاب المبتعثين ونحوهم فهل يخرج الزكاة عن نفسه أو يخرجها عنهم والدهم؟ لها حالتان: الأولى: إذا كان غير مستقل بنفقته فيكون على الخلاف المتقدم أين تخرج زكاة الفطر في بلد المزكي أم المزكى عنه؟
الثانية: إذا كان مستقلاً بنفقته فيخرج في المكان الذي هو فيه أو يوكل.
المسألة الرابعة والثلاثون: إذا سافر الإنسان إلى بلد لا يعرف فيه مستحقاً للزكاة فإنه يُوَكِّلُ مَنْ يُخرجها عنه في أي بلد فيه فقراء.
المسألة الخامسة والثلاثون: مَنْ سافر وفقد أو انقطع خبره ولا يُعلم حاله فإنه لا يُخرج عنه واختاره ابن قدامة، فإن علم حياته بعد ذلك وجب القضاء، وأمَّا إذا غاب ويغلب على الظن وجوده فيخرج عنه.
المسألة السادسة والثلاثون: للفقير أن يبيعها ولكن ليس للمعطي أن يشتريها لقوله صلى الله عليه وسلم: لعمر رضي الله عنه في صدقته التي أخرجها (لا تشترها) متفق عليه.
المسألة السابعة والثلاثون: يجوز أن يُعطي الجماعة ما يلزم الواحد ويُعطي الواحد ما يلزم الجماعة. المثال الأول: فطرة شخص تُعطى لأكثر من شخص.
المثال الثاني: فطرة خمسة أشخاص تُعطى لشخص واحد.
المسألة الثامنة والثلاثون: هل يلزم الاقتراض لأجل إخراج زكاة الفطر؟ له حالتان: أ- إن كان لا يجد ما يسدد به فلا يقترض. ب- إن كان يجد فَفيه خلاف عند المالكية والصحيح لا يجب، إلا إذا كان له مال بعيد عنه ونحوه ويحصله فيقترض ويزكي.
المسألة التاسعة والثلاثون: مصرفها محل خلاف بين العلماء رحمهم الله: القول الأول: مصرف زكاة المال، وهو مذهب الجمهور، لآية الأصناف الثمانية.
القول الثاني: للفقراء والمساكين، وهو مذهب المالكية ورواية عند الحنابلة واختاره تقي الدين.
المسألة الموفية للأربعين: هل تُعطى الكافر؟ محل خلاف بين العلماء رحمهم الله: القول الأول: لا تُعطى، وهو مذهب جمهور الفقهاء وجماعة من التابعين، كزكاة المال، وحكى ابن قدامة الإجماع على زكاة المال.
القول الثاني: يصح، ورد عن أبي حنيفة.
والرَّاجح: القول الأول؛ لآية الصدقات، ويُعطى الكافر من الصدقة غير الواجبة، وَرَدَ عن ابن عمر رضي الله عنهما وجماعة من السلف.
المسألة الحادية والأربعون: حكم الزكاة إذا تلفت؟ له حالتان: الأولى: إذا تلف المال بعد وجوب زكاة الفطر وبعد التمكن من أدائها لا يسقطها، بل تستقر في ذمته اتفاقاً.
الثانية: إذا كان تلف المال قبل التمكن من الأداء في سقوط زكاة الفطر؟
القول الأول: تسقط كزكاة المال، وهو الصحيح في مذهب الشافعية والحنابلة.
القول الثاني: لا تسقط، وهو وجه عند الشافعية والحنابلة.
القول الثالث: سقوط زكاة الفطر بالتلف، إلا أن يخرجها في غير وقتها فتضيع، فإنه يضمنها حينئذ، وهو مذهب المالكية.
المسألة الثانية والأربعون: ١- هل للوكيل في الزكاة إذا وكله موكله في توزيعها أن يأخذ منها إن كان من أهل الزكاة؟ القول الأول: لا يجوز، لأنه وكيل، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، واختاره ابن باز.
القول الثاني: يجوز، وهو مذهب المالكية.
الرَّاجح: القول الأول، لأنه وكيل والوكيل مؤتمن، ولا يعمل هنا ما يعود لمصلحته، ولأنه أمره بتوزيعه وصرفه لا أخذه، ولأنه لو علم الموكل لربما لم يرض به، وإذا أراد أن يأخذ فلابد أن يستأذن من موكله.
٢- هل له أن يعطي لوالديه وأولاده وإخوته؟ فيه وجهان عند الحنابلة، والأقرب: الجواز، بشرط ألا يحابيهم.
٣- هل يجوز أن يصرف الوكيل الزكاة لغير من عين له الموكل؟ لا يجوز، وهو مذهب الحنفية والشافعية، لأنه تصرف في غير ما وكل فيه، والأصل أن يفعل وفق ما وكل فيه ولا تجوز المخالفة، ولأنه ربما له قصد في التخصيص.
٤- هل يصح جعل الفطرة (الصاع الواحد) أكثر من صنف فمثلاً يجعل منها كيلو من الأرز وكيلو من الحب وكيلو من التمر؟ القول الأول: يصح، وهو مذهب الحنفية ووجه عند الشافعية ومذهب الحنابلة.
القول الثاني: لا يصح، وهو مقتضى مذهب المالكية ومذهب الشافعية ووجه عند الحنابلة واختاره ابن حزم، وقوفاً مع النص.
الرَّاجح: يصح، لأنه فعل صورة تدخل من ضمن الكفارة.
٥- لا يصح إخراج زكاة الفطر عن الأموات، وهو عمل غير مشروع، لأنها تكون عن الأحياء، والعبادات توقيفية.
٦- يصح إخراج الطعام مطبوخاً حسب الأصناف المتقدم ذكرها لكن بشرط ألا ينقص المقدار الشرعي، وإن كان الأفضل غير المطبوخ لأنه أحفظ للفقير وأدوم.
المسألة الثالثة والأربعون: يكثر السؤال عن إخراج زكاة الفطر مع جائحة كورونا من الأفراد والجمعيات الخيرية بسبب الحجر والاحتراز من الاجتماع واللقاء ونحوها، فيتعذر تسليم الزكاة طعاماً للفقراء بصفتها الشرعية وفي وقتها الشرعي فما الحل؟
الجواب: المخرجون لها نوعان: ١- جمعيات خيرية موكلة من الناس تسلم الزكاة للفقراء. ٢- أفراد لأفراد.
يمكن أن نوجد حلولاً فقهية للنوعين على النحو التالي: ١- يجوز أن تعطى الجمعيات الخيرية قيمة زكاة الفطر مبكراً، فهي وكيلة في إخراجها في الوقت الشرعي، وهذا لا إشكال فيه.
٢- أن الجمعيات الخيرية إذا جعلناها وكيلة عن ولي الأمر وولي الأمر نائب عن الفقراء فحينئذ يجوز على هذا التخريج لأن الوكيل في منزلة الموكل (الفقير)، قال شيخنا ابن عثيمين: (يجوز دفع زكاة الفطر لجمعيات البر المصرح بها من الدولة، وهي نائبة عن الدولة، والدولة نائبة عن الفقراء، فإذا وصلتهم الفطرة في وقتها أجزأت ولو لم تصرف للفقراء إلا بعد العيد؛ لأنهم قد يرون المصلحة في تأخير صرفها).
٣- يمكن الأخذ بقول أن نهاية وقت زكاة الفطر بغروب شمس يوم العيد وهو مذهب الأئمة الأربعة، ويصار له للحاجة والعذر.
٤- الاتصال بالفقير وجعله يوكله في استلام الزكاة عنه، فيكون الفقير وكل مخرج الزكاة في قبضها ومتى تيسر له أخذها أخذها، فيكون القبض للفقير حكماً لا حقيقة.
٥- أن يعطى الفقير المبلغ نقداً أو تحويلاً لكي يقوم هو بالشراء للطعام في الوقت الشرعي، والفقير مؤتمن من حيث إخراجها، واشترط عليه المخرج من حيث النوع والوقت، لأن الوكيل مؤتمن، والمسلمون على شروطهم، ولا يكون من قبيل إخراج النقد.
٦- إذا تعذر كل ما تقدم فحينئذ يجوز التأخير للعذر، والفقهاء يجيزون تأخير الزكاة كانتظار قريب وغائب وحاجة ونحوها، وهو مذهب الأئمة الأربعة، والإثم مرفوع للعذر وتنال الفضيلة وأجر اتباع السنة، وهذا له نظائر في الشريعة كتأخير الصلاة عن وقتها لعذر وتأخير قضاء رمضان وصوم الكفارات وغيرها عن وقتها لعذر.
٧- تجهيزها وإعدادها للتوزيع نوع من الإخراج إذا تعذر التسليم في الوقت الشرعي، وبه قال الإمام أحمد، وورد عن محمد بن يحيى الكحال: قلت لأبي عبد اللَّه أي الإمام أحمد بن حنبل: (فإن أخرج الزكاة ولم يُعطها؟ قال: نعم، إذا أعدَّها لقوم) قال ابن قدامة: (واتباع السُّنَّة أولى) وهو يحتاج مزيد تأمُّل وتحرير، فلتحرر.
فإن قال قائل: لماذا لا يُقال بجواز التقديم وهو مذهب الحنفية والشافعية؟
فالجواب: أن التقديم محل خلاف فعند المالكية والحنابلة لا يصح ومقتضى كلامهم لعذر ونحوه، وأما التأخير لعذر فيجوز عند الجميع ولا تسقط فيُصار لأمر متفق ولا يُصار لأمر مختلف فيه، وهذه قاعدة من قواعد الترجيح، وهذا كذلك له نظائر في الشريعة كالصلاة فلا يجوز تقديمها عن وقتها لعذر ولكن يجوز التأخير لعذر اتفاقاً ومثله الصيام ونحوه، ولأن التأخير خارج عن قدرة الإنسان وإرادته، ولعموم رفع الحرج عند العجز.
فإن قال قائل: ألا يُصار للقول بخروج زكاة الفطر نقداً حفاظاً على الوقت؟
فالجواب: أن الجمهور على المنع، ويصار إليه كما تقدم، ولأن المحافظة على الركن أولى في الجملة من النظر إلى الوقت وهذا في أضيق الحالات، ولأنه لا يجعل الوقت مبطلاً للأصل وهو الطعام، والحفاظ على الوقت والصفة مقدم مادام يمكن الجمع بينهما على ضوء ما تقدم من الحلول الفقهية، ثم كل ذلك يختلف فيما هو الأنسب من الحلول من حيث الدول والمدن والجمعيات والأشخاص، ولا يتساهل في ذلك، والله أعلم.
اللهُمَّ فقهنا في الدِّين وِفْقَ سُنَّةِ سيد المُرسلين صلى الله عليه وسلم وثبِّتنا عليه، واجعلنا من دُعاته وأنصاره، اللهُمَّ رضاك وصلاحاً وثباتاً لقلوبنا وطهارة لنفوسنا وذرياتنا، ونصراً وعزاً للإسلام والمسلمين وبلادنا وبلاد المسلمين وولاتها، وجمعاً للمسلمين على هُداك، وهلاكاً للظالمين المُعتدين.
وإلى لقاء آخر يسره الله بمنَّه وكرمه على طريق العِلْمِ والهُدى.
إنّا على البِعادِ والتفرقِ *** لَنلتقي بالذكرِ إن لم نَلتق --------------------------------------------------------- (1) وباقي الأدلة محل خلاف، ولا يخفى ذلك على ذي علم. (2) وفي قول للمالكية مقابل للمشهور: إنها سُنَّة، واستبعده الدسوقي، قال ابن حجر: (وهو قول بعض أهل الظاهر، وابن اللبان من الشافعية).
كتبه / فهد بن يحيى العماري البلد الحرام 23/9/1442هـ famary1@gmail.com
المصدر: https://almoslim.net/elmy/291992
|
|