منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الباب الثامن: فى زكاة القلب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

الباب الثامن: فى زكاة القلب Empty
مُساهمةموضوع: الباب الثامن: فى زكاة القلب   الباب الثامن: فى زكاة القلب Emptyالأحد 17 يناير 2016, 6:55 am

الباب الثامن فى زكاة القلب
-----------------------
الزكاة فى اللغة:
هى النماء والزيادة فى الصلاح، وكمال الشىء، يقال: زكا الشىء إذا نما، قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103].

فجمع بين الأمرين:
الطهارة والزكاة، لتلازمهما، فإن نجاسة الفواحش والمعاصى فى القلب بمنزلة الأخلاط الرديئة فى البدن، وبمنزلة الدغل فى الزرع، وبمنزلة الخبث فى الذهب والفضة والنحاس والحديد، فكما أن البدن إذا استفرغ من الأخلاط الرديئة تخلصت القوة الطبيعية منها فاستراحت، فعملت عملها بلا معوق ولا ممانع، فنما البدن، فكذلك القلب إذا تخلص من الذنوب بالتوبة فقد استفرغ من تخليطه، فتخلصت إرادة القلب وإرادته للخير، فاستراح من تلك الجواذب الفاسدة والمواد الرديئة: زكا ونما، وقوى واشتد، وجلس على سرير ملكه، ونفذ حكمه فى رعيته، فسمعت له وأطاعت.

فلا سبيل له إلى زكاته إلا بعد طهارته كما قال تعالى:
{قُلْ لِلمُؤْمِنِينَ يغُضُّوا مِنْ أبْصَارِهْمِ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أزْكَى لَهُمْ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يصْنَعُونَ} [النور: 30].

فجعل الزكاة بعد غض البصر وحفظ الفرج.

ولهذا كان غض البصر عن المحارم يوجب ثلاث فوائد عظيمة الخطر، جليلة القدر:

إحداها:
حلاوة الإيمان ولذته، التى هى أحلى وأطيب وألذ مما صرف بصره عنه وتركه لله تعالى فإن من ترك شيئا لله عوضه الله عز وجل خيراً منه، والنفس مولعة بحب النظر إلى الصور الجميلة، والعين رائد القلب.

فيبعث رائده لنظر ما هناك، فإذا أخبره بحسن المنظور إليه وجماله، تحرك اشتياقا إليه، وكثيرا ما يتعب ويتعب رسوله ورائده.

كما قيل:
وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا لِقلبكَ يَوْماً أتْعَبَتْكَ المنَاظِرُ
رَأَيْتَ الَّذِى لا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْه وَلا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابرُ


فإذا كف الرائد عن الكشف والمطالعة استراح القلب من كلفة الطلب والإرادة، فمن أطلق لحظاته دامت حسراته، فإن النظر يولد المحبة.

فتبدأ علاقة يتعلق بها القلب بالمنظور إليه.

ثم تقوى فتصير صبابة.

ينصب إليه القلب بكليته.

ثم تقوى فتصير غراما يلزم القلب، كلزوم الغريم الذى لا يفارق غريمه.

ثم يقوى فيصير عشقاً.

وهو الحب المفرط.

ثم يقوى فيصير شغفاً.

وهو الحب الذى قد وصل إلى شَغاف القلب وداخله.

ثم يقوى فيصير تتيماً.

والتتيم التعبد ومنه تيمه الحب إذا عَبَّده.

وتيم الله عبد الله.

فيصير القلب عبدا لمن لا يصلح أن يكون هو عبدا له.

وهذا كله جناية النظر فحينئذ يقع القلب فى الأسر.

فيصير أسيرا بعد أن كان ملكا، ومسجونا بعد أن كان مطلقا.

يتظلم من الطرْف ويشكوه.

والطرْف يقول:
أنا رائدك ورسولك، وأنت بعثتنى.

وهذا إنما ابتُلى به القلوب الفارغة من حب الله والإخلاص له، فإن القلب لابد له من التعلق بمحبوب.

فمَنْ لم يكن الله وحده محبوبه وإلهه ومعبوده فلابد أن ينعقد قلبه لغيره.

قال تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام:
{كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ} [يوسف: 24].

فامرأة العزيز لما كانت مشركة وقعت فيما وقعت فيه، مع كونها ذات زوج، ويوسف عليه السلام لما كان مخلصاً لله تعالى نجا من ذلك مع كونه شاباً عزباً غريباً مملوكاً.

الفائدة الثانية فى غض البصر:
نور القلب وصحة الفراسة.

قال أبو شجاع الكرمانى:
"من عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وكف نفسه عن الشهوات، وغض بصره عن المحارم، واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة" وقد ذكر الله سبحانه قصة قوم لوط وما ابتلوا به.

ثم قال بعد ذلك:
{إِنَّ فِى ذلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75].

وهم المتفرسون الذين سلموا من النظر المحرم والفاحشة، وقال تعالى عقيب أمره للمؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم: {اللهُ نُورُ السَّمواتِ وَالأرْضِ} [النور: 35].

وسر هذا الخبر:
أن الجزاء من جنس العمل.

فمَنْ غضَّ بصره عمَّا حرَّم الله عز وجل عليه عوَّضه الله تعالى من جنسه ما هو خير منه، فكما أمسك نور بصره عن المحرمات أطلق الله نور بصيرته وقلبه، فرأى به ما لم يره من أطلق بصره ولم يغضه عن محارم الله تعالى، وهذا أمر يحسه الإنسان من نفسه.

فإن القلب كالمرآة، والهوى كالصدأ فيها.

فإذا خلصت المرآة من الصدأ انطبعت فيها صورة الحقائق كما هى عليه.

وإذا صدئت لم ينطبع فيها صورة المعلومات. فيكون علمه وكلامه من باب الخرص والظنون.

الفائدة الثالثة قوة القلب وثباته وشجاعته، فيعطيه الله تعالى بقوته سلطان النصرة، كما أعطاه بنوره سلطان الحجة، فيجمع له بين السلطانين، ويهرب الشيطان منه.

كما فى الأثر:
"إنَّ الّذِى يُخَالِفُ هَوَاهُ يَفْرَقُ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ".ولهذا يوجد فى المتبع هواه من ذل النفس وضعفها ومهانتها ما جعله الله لمن عصاه، فإنه سبحانه جعل العز لمن أطاعه والذل لمن عصاه.

قال تعالى:
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8] وقال تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأنْتُمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139] وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُريِدُ الْعِزَّةَ فَللَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً} [فاطر: 10].

أى مَنْ كان يطلب العزة فليطلبها بطاعة الله:
بالكلم الطيب، والعمل الصالح، وقال بعض السلف: "الناس يطلبون العز بأبواب الملوك ولا يجدونه إلا فى طاعة الله" وقال الحسن: "وإن هَمْلَجَتْ بهم البراذين، وطقطقت بهم البغال إن ذل المعصية لفى قلوبهم، أبى الله عز وجل إلا أن يُذِلَّ من عصاه، وذلك أن من أطاع الله تعالى فقد والاه، ولا يذل من والاه الله.

كما فى دعاء القنوت:
"إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ".

والمقصود:
 أن زكاة القلب موقوفة على طهارته، كما أن زكاة البدن موقوفة على استفراغه من أخلاطه الرديئة الفاسدة.

قال تعالى:
{وَلوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 21].

وذكر ذلك سبحانه عقيب تحريم الزنا والقذف ونكاح الزانية، فدل على أن التزكى هو باجتناب ذلك.

وكذلك قوله تعالى فى الاستئذان على أهل البيوت:
{وَإنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} [النور: 28].

فإنهم إذا أمروا بالرجوع لئلا يطلعوا على عورة لم يحب صاحب المنزل أن يطَّلع عليها كان ذلك أزكى لهم، كما أن رد البصر وغضه أزكى لصاحبه.

وقال تعالى:
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14- 15].

وقال تعالى عن موسى عليه السلام فى خطابه لفرعون:
{هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18]، وقال تعالى: {وَوَيلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ} [فصلت: 6- 7].

قال أكثر المفسرين من السلف ومن بعدهم:
هى التوحيد: شهادة أن لا إله إلا الله، والإيمان الذى به يزكو القلب، فإنه يتضمن نفى إلهية ما سوى الحق من القلب، وذلك طهارته، وإثبات إلهيته سبحانه؛ وهو أصل كل زكاة ونماء، فإن التزكى -وإن كان أصله النماء والزيادة والبركة- فإنما يحصل بإزالة الشر.

فلهذا صار التزكى ينتظم الأمرين جمعياً.

فأصل ما تزكو به القلوب والأرواح.

هو التوحيد:
والتزكية جعل الشىء زكياً، إما فى ذاته، وإما فى الاعتقاد والخبر عنه، كما يقال: عدَّلته وفسَّقته، إذا جعلته كذلك فى الخارج، أو فى الاعتقاد والخبر.

وعلى هذا فقوله تعالى:
{فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] هو على غير معنى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9].

أى لا تخبروا بزكاتها وتقولوا: نحن زاكون صالحون متقون،

ولهذا قال عقيب ذلك:
{هُوَ أَعْلُم بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32].

وكان اسم "زينب" "برة" فقال: "تُزَكِّى نَفْسهَا؟" فسماها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "زينب" وقال: "الله أَعْلمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ" وكذلك قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلى الّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُم} [النساء: 49].

أى يعتقدون زكاءها ويخبرون به، كما يزكى المزكى الشاهد، فيقول عن نفسه ما يقول المزكى فيه.

كما قال الله تعالى:
{بَلِ اللهُ يُزَكِّى مَنْ يَشَاءُ} [النساء: 49].

أى هو الذى يجعله زاكياً، ويخبر بطاعة الله فيصير زاكياً، وهذا بخلاف قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] فإنه من باب قوله: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18] أى تعمل بطاعة الله تعالى، فتصير زاكياً، ومثله قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14].

وقد اختلف فى الضمير المرفوع فى قوله:
زكاها فقيل: هو الله.

أى أفلحت نفس زكاها الله عز وجل، وخابت نفس دساها، وقيل: إن الضمير يعود على فاعل أفلح، وهو "مَنْ" سواء كانت موصولة أو موصوفة، فإن الضمير لو عاد على الله سبحانه لقال: قد أفلح مَنْ زكاه وقد خاب مَنْ دساه.

والأولون يقولون:
"مَنْ" وإن كان لفظها مذكراً فإذا وقعت على مؤنث جاز إعادة الضمير عليها بلفظ المؤنث، مراعاة للمعنى، وبلفظ المذكر مراعاة للفظ، وكلاهما من الكلام الفصيح، وقد وقع فى القرآن اعتبار لفظها ومعناها، فالأول كقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} [الأنعام: 25] فأفرد الضمير، والثانى كقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} [يونس: 42].

قال المرجحون للقول الأول:
يدل على صحة قولنا: ما رواه أهل السنن من حديث ابن أبى مليكة عن عائشة رضى الله عنها قالت: "أتيْتُ لَيْلَةً، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ يقُولُ: رَبِّ أَعْطِ نَفْسِى تَقْوَاهَا، وزَكِّهَا، أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا".

فهذا الدعاء كالتفسير لهذه الآية، وأن الله تعالى هو الذى يزكى النفوس فتصير زاكية، فالله هو المزكى، والعبد هو المتزكى.

والفرق بينهما فرق ما بين الفاعل والمطاوع.

قالوا:
والذى جاء فى القرآن من إضافة الزكاة إلى العبد إنما هو بالمعنى الثانى، دون الأول.

كقوله:
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14].

وقوله:
{هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18].

أى تقبل تزكية الله تعالى لك، فتتزكى؟ قالوا: وهذا هو الحق. 


فإنه لا يفلح إلا مَنْ زكاه الله تعالى.

قالوا:
وهذا اختيار ترجمان القرآن ابن عباس، فإنه قال فى رواية على بن أبى طلحة وعطاء والكلبى: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى اللهُ تَعَالَى نَفْسَه".

وقال ابن زيد:
"قَدْ أَفلَحَ مَنْ زَكَّى اللهُ تعالى نَفْسَهُ".

واختاره ابن جرير.

قالوا:
ويشهد لهذا القول أيضاً قوله فى أول السورة: {فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8].

قالوا:
وأيضاً فإنه سبحانه وتعالى أخبر أنه خالق النفس وصفاتها.

وذلك فى معنى التسوية.

قال أصحاب القول الآخر:
ظاهر الكلام ونظمه الصحيح: يقتضى أن يعود الضمير على "مَنْ" أى أفلح مَنْ زكى نفسه.

هذا هو المفهوم المتبادر إلى الفهم، بل لا يكاد يفهم غيره، كما إذا قلت: هذه جارية قد ربح مَنْ اشتراها، وصلاة قد سعد مَنْ صلاها، وضالة قد خاب مَنْ آواها.

ونظائر ذلك.

قالوا: والنفس مؤنثة، فلو عاد الضمير على الله سبحانه لكان وجه الكلام: قد أفلحت نفس زكاها، أو أفلحت مَنْ زكاها، لوقوع "مَنْ" على النفس.

قالوا:
وإن جاز تفريغ الفعل من التاء لأجل لفظ "مَنْ" كما تقول: قد أفلح مَنْ قامت منكن، فذاك حيث لا يقع اشتباه والتباس.

فإذا وقع الاشتباه لم يكن بد من ذكر ما يزيله.

قالوا:
و "مَنْ" موصولة بمعنى الذى.

ولو قيل:
قد أفلح الذى زكاها الله لم يكن جائزاً، لعود الضمير المؤنث على الذى، وهو مذكر.

 قالوا:
وهو سبحانه قصد نسبة الفلاح إلى صاحب النفس إذا زكى نفسه.

ولهذا فرغ الفعل من التاء، وأتى ب "مَنْ" التى هى بمعنى "الذى" وهذا الذى عليه جمهور المفسرين، حتى أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما.

وقال قتادة:
{قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكّاهَا} [الشمس: 9]، "من عمل خيرا زكاها بطاعة الله عز وجل".

وقال أيضاً:
"قد أفلح من زكى نفسه بعمل صالح" وقال الحسن: "قد أفلح من زكى نفسه فأصلحها وحملها على طاعة الله تعالى، وقد خاب من أهلكها وحملها على معصية الله تعالى" قال ابن قتيبة: "يريد أفلح مَنْ زكى نفسه، أى نماها وأعلاها بالطاعة والبر والصدقة، واصطناع المعروف".

{وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10].
أى نقصها وأخفاها بترك عمل البر وركوب المعاصى.

والفاجر أبداً خفي المكان، زَمِن المروءة، غامض الشخص، ناكس الرأس.

فمرتكب الفواحش قد دس نفسه وقمعها، ومصطنع المعروف قد شهر نفسه ورفعها.

وكانت أجواد العرب تنزل الربى ويفاع الأرض لتشهر أماكنها للمعتفين.

وتوقد النيران فى الليل للطارقين.

وكانت اللئام تنزل الأولاج والأطراف والأهضام، لتخفى أماكنها على الطالبين، فأولئك أعلوا أنفسهم وزكوها، وهؤلاء أخفوا أنفسهم ودسوها.

وأنشد:
وَبَوَّاب بَيْتِكَ فى مَعْلَمٍ رَحيبِ المَباءَةِ وَالمَسْرَحِ
كَفَيْتَ الْعُفَاةَ طِلابَ الْقِرَى وَنَبحَ الْكلابِ لِمُسْتَنْبِح

فهذان قولان مشهوران فى الآية.

وفيها قول ثالث:
أن المعنى: خاب من دس نفسه مع الصالحين وليس منهم، حكاه الواحدى، قال: ومعنى هذا: أنه أخفى نفسه فى الصالحين، يرى الناس أنه منهم وهو منطو على غير ما ينطوى عليه الصالحون.

وهذا -وإن كان حقاً فى نفسه- لكن فى كونه هو المراد بالآية نظر، وإنما يدخل فى الآية بطريق العموم.

فإن الذى يدس نفسه بالفجور إذا خالط أهل الخير دس نفسه فيهم، والله تعالى أعلم.


الباب الثامن: فى زكاة القلب 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الثامن: فى زكاة القلب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الثانى: فى ذكر حقيقة مرض القلب
» الباب العاشر: في علامات مرض القلب وصحته
» الباب الثانى عشر: فى علاج مرض القلب بالشيطان
» الباب التاسع: فى طهارة القلب من أدرانه ونجاساته
» الباب الحادى عشر: فى علاج مرض القلب من استيلاء النفس عليه.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الرقـيـــة من الكـتــاب والسُّـنَّة :: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان-
انتقل الى: