منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سطور في الحج والمناسك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سطور في الحج والمناسك Empty
مُساهمةموضوع: سطور في الحج والمناسك   سطور في الحج والمناسك Emptyالسبت 17 أكتوبر 2020, 8:45 pm

سطور في الحج والمناسك
المجموعة الأولى
كتبها وأعدَّها
د. حمزة بن فايع الفتحي
1441هـ - 2020م

الافتتاحية
الحمدُ للهِ وكفى، وسلامًا على عباده الذين اصطفى، وعلى نبينا محمد خير رسولٍ مقتفى، صلى الله عليه وعلى آلهِ وصحبه، أربابِ المجد والوفا..

أمَّا بعد:
فلما كان الحجُّ ركنًا خامسًا، وملتقى إيمانيا، ومؤتمرًا عظيما، ومن الضروري تفقهنا فيه، سرنا فيه على طريقة مشايخنا للقراءة والدرس في أشهرهِ، فيسَّر اللهُ كتبا مشروحة، ومتونا عُلق عليها، ومقالات صحفية، تحمل العظة والاعتبار، من تلكم الشعيرة، ودرسها السنوي...!
وإذا انضافَ إليها التردد كل سنة، ورؤية المشاعر، وتقليب كتب الفقهاء والتربويين، هاجَ لأجلها القلم، وتدفقت اليراعة تكتبُ بلا حسبانِ، وكان العبد الفقير على هذا المنوال، لا يفوت المواسم الشرعية، ويتفاعل معها، ويحاول التفكر والاستنباط، والإفادة قدرَ الإمكان.
فلا زالتِ المشاعرُ فياضةً، والأقلامُ وثابة، والفكر معتبرا وناظرا.          
وليس بواعٍ مَن جعلها فترةَ استجمامٍ بلا ادكار، أو ركودٍ بلا شهود، أو ارتياحٍ بلا أرباح...!
ونرى أن من الأرباح العلمية والفكرية أن يُكتب فيها، وتُستنبط معالمها، وندققَ في صغيرها وكبيرها، وأن لا ندعَها تمرُّ بلا توقيعٍ، أو ترقيق..!
ولذلكَ جاءت هذه المقالاتُ استجابةً لذاك المعنى، وتلبيةً لهذا الفحوى.
ولما كان الحجُّ مصدرَ إبهاج ومسرة، نعتناه بهذا الاسم (الحج المبهج) سائلين المولى الكريم أن يديم بهجته، ويجعله موضع انتصار وإصلاح لأحوال المسلمين، إنه نعم المولى ونعم النصير.
ولا يفوت أن أذكر المشايخ الكرام، والتربويين ذوي الفكر، أن يفيضوا على اخوانهم من دروس الحج السنوية، وهداياته الزبانية، وان يكتبوا كما كتب الأماجد، او يدرسوا كما درس الأفاضل، فلا زالت الجعبة وسيعة، والمواسم رفيعة، والأفكار شفيعة.
فانقشْ قلماً مباركًا، وهبنا درساً لائقاً، وامنح ذكراً فائقاً، فأنت في موكب الدعوة، وفِي فيالق الانتصار، والمعركة الفكرية على أشدها، وثمة مشككون ومحبطون، لا تجف ركاياهم، ولا تنضب ألسنتهم زيفاً وميناً وخساراً.
فزد في خسرانهم، وسرْ في هزيمتهم، واجعل منهم مضحكة العقول الفاشلة، والادعياء المخذولين..! لا الإسلام نصروا، ولا الأعداء كسروا...
فاكسرهم بقلمٍ سني، وإشعاعٍ سلفي، وسطر إيماني، فإنك بدين الله من الناصرين، ولشرعه من الذابين، ولأهله من المحبين..
وكل حب إسلامي له دَينه، ودَينُك وقد حباكَ الله العلم، أو قيض لك القلم، أن تسرحَ به بلا تردد، وتضرب في الباطل بلا هوادة، وتنشر الحق بلا مخافة.          
وشعائرنا المتكررة وسائل دعوية لاختراق العوالم، وتفكيك المعقدات، والتأثير في الأفهام، ونعتقد أن ذلك من تعظيمها كما قال تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) سورة الحج.
فقوّوا تقواكم بنصرةِ دينكم، والدعوة العالمية، وإحقاق الحقائق، وكشف أسرار تلك العبادات والأحكام.
وما أجملَ استكمال مسيرة العلماء والناصحين بدفع عجلة التفقه الاستنباطي، والإلماح الاعتباري، الذي يفتّق المعاني، ويثري المباني، ويبارك المثاني..!
والله الموفق....
20- 11- 1441هـ
محايل عسير

خبرُ الشُعْثِ الغُبْر...!
دقّت ساعةُ الانطلاق، بعد طولِ انتظار، وحنينٍ شائق الى البلد الحرام، فتجرّد من ملابسه المعروفة، وتوجه بكامل فقره ومسكنته!! لكأنه ذاهب إلى الوفاة...       
   
فكان من خبره وخبر الرفقة المهاجرة الى الله الأعاجيب،،، شَعث واغبرار، وتواضع وانكسار، ودعاء ولهج...!!

حتى لتتمنى أن تكون واحدا منهم، أو ذلك الخادم المعين... الذي ليس له حاجة إلا خدمة وفود الباري عز وجل....

ياراحلينَ الى منى بقيادي   -----   هيجتمُ يوم الرحيل فوآدي
سرتُم وسار دليلكم يا وحشتي   -----   الشوقُ أقلقني وصوتُ الحادي..!!

خرجوا من زينتهم، وتركوا دنياهم، وفارقوا أهليهم،،، وهم مختارون،،!! يشعرون بلهيب داخلي يحثهم على المضي، وعدم التأخير...

إنّ المجال ليس مجال تأخر،،،، فالغنائم سانحة، والنفائس جاهزة، وانما كومة صدق وإخلاص، وبضعة لهج وتبتل، تصير بإذن من المقبولين الفائزين.... ((والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))....

اندفعوا إلى الطواف، وسعَوا لربهم ذاكرين وخاشعين، فما أضناهم الطول، ولا كدرهم التعب،،،! بل حفزهم الشوق، وجذبهم الفضل،،،

يدركون أن وراء التعب ما وراءه، وأن المشقة تأتي بالأمنيات، وما خلت مشقة من فرج، ولا ظلمة من نور،،،!! ولا عسر من يسر،،،!

تريدينَ لقيانَ المعالي رخيصةً   -----   ولابدَّ دون الشَّهد من إبر النحلِ

ونظيرُه الحج،،،جنةٌ ممزوجة بالتعب والمشقة، ولكن عاقبتها فرح باذخ، وسرور دافق، وسعادة لا نهاية لها،،،!!

فألقت عصاها واستقر بها النوى      كما قرّ عيناً بالإياب المسافرُ،،،!

دخلوا منى يومّ التروية، وقد تروّوا شوقا مزهرا، وعبيرا متلهفا، يلبون ويجأرون الى الله،،،!

حطّت سياراتهم، وفيهم من سار وتنكب النصب، حتى عرسوا قليلا في منى،، ومع صبيحة عرفة المهيبة،،، ساروا ملبين، ومستعدين وتواقين ليوم مشهود عظيم،،،

الكل ينتظره، والأمة ترقبه،،،ساعات ذهبيات،،، الدعاء فيها مجاب، والعفو ممنوح، والرحمة مبسوطة، والخير متمدد،،،، وفي ثناياها دموع سائلات، وأرواح خاشعة، وأكف مرفوعة، ومنظر خلاب،،،!!

ساعاتٌ ربما كانت أغلا ما في المناسك،،، اجتهد فيها الرسول الكريم، وسار الشُعث الغبر على أثره، يُحيون سننه، ويقتفون منهاجه، ويتعلقون بتراثه،،،!

أيصحّ ذكري غيرَها متغزلا   -----   والحُسن كل الحُسن في ذا الجيدِ...؟!

وبعد يومٍ مكلّل بالجراح السعيدة، والدموع البهيجة، ينقشع النهار عن ليلة عجيبة، تُلقيهم بالعراء، وضوء ينسلخ بوقعة نائم،،، لايدري أي طاقة حملها، حتى أنزلته منزلا ما أبهاه وأحلاه...!

رغم العناء،، والتعب،، والشعث والعرق المحمل به... إلا أنه مغمور بالسعادة، محاطٌ بالانشراح، يجد حلاوة للنوم، لم يستطعمها من قبل...!

فرحة غريبة... سرور دافئ...لذاذة منتهية....يستعظم هذا الدين ونعمة الله عليه،،، ((اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينًا)) ليلةٌ لا مثيل لها في الليالي...تزحزح كل المتاعب، وتذهب الأكدار، وتنفض الشعث والقذر...          

رغم وجود الشعث والوسخ والوحل...!!

فيصلي العشائين طيبا رضيا، وينام الى بروق الفجر،،،

وبعد ذكر مكثف، وتلبية حانية مع نسمات الصبح المشرق،، يذهب ليحيي منى برمي الجمرة الكبرى،، مكبرا مع كل حصاة...

لم ينته خبر الشعث الغبر،،،، ينحرون ويحلقون ويتحللون،،، ثم يطوفون بالبيت العتيق،،، طواف الركن والإفاضة،،،

ثم بالطواف الأعظم يضعون وزرهم، ويقضون تفثهم من الحلق وغالب المناسك،،، ويئوبون مرة اخرى الي منى للمبيت والرمي...!

وفي تلك الأيام المعدودات ذكرٌ وأكل وشرب كما قال صلى الله عليه وسلم،،، وأنس وانشراح،، يحمدون الله ويكبرونه على الإتمام وبهيمة الأنعام،،، ويتخيلون أن الحج قد قضي،،، ولكنه لم يُقضَ بعد..!

ولكنهم بالتحلل الكامل ونعمة الأكل والذكر المطلق وسنة المعايدة ظنوا الفراغ والخلاص،،!!

ولكن لابد من وداع للبيت كما حيّوه في الجيئة الأولى...



سطور في الحج والمناسك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سطور في الحج والمناسك Empty
مُساهمةموضوع: رد: سطور في الحج والمناسك   سطور في الحج والمناسك Emptyالسبت 17 أكتوبر 2020, 8:55 pm

صفات الحج المبرور
منيةُ كل حاج أن يحظى بشرف برِّ الحج، وأن يوفق لحج مبرور وسعي مشكور، تصفو به روحه، وتطيبُ جوارحه، وتزكو نفسه، ويعود متغيرا منشرحا، قد أزاحَ همومًا، وطرح غمومًا.

•    ولكن هذه الصفة وتلكم المنزلة لا تُنال بالمال، ولا بالدعوى، ولا بالتدين الهش، او الملازمة الخاوية، إذ لابد لها من هدي حكيم، وضبط رصين، ومواظبة صادقة، وطوية سليمة...

•    ويمكن أن نوجزها في الآتي:
•    وقد قال العلماء إن المبرور هو: هو المقبول، او الذي لا يخالطه الاثم، او هو الذي استكمل الآداب والشرائط.

•    وقال القرطبي: إن الأقوال في تفسيره متقاربة المعنى، وحاصلها: أنه الحج الذي وفيت أحكامه، ووقع موقعاً كما طلب من المكلف على الوجه الأكمل.

•    وقال الحافظ رحمه الله: حديث جابر  "قالوا يا رسول الله ما بر الحج؟ قال إطعام الطعام وإفشاء السلام" في إسناده ضعف فلو ثبت لكان هو المتعين دون غيره في معنى الحج المبرور.

ومن خلال النصوص وتأمل كلام العلماء يصدق في صفات الحج المبرور الآتي:
1- الإتمام الشرعي: باستكمال شروطه وواجباته وسننه كما ورت بها النصوص، قال عليه الصلاة والسلام: (خُذُوا عَني مَناسِكَكُمْ، لا أدري لَعَلَّي لا أَحُجُّ بعد حَجَّتي هذه) أخرجه مسلم.

2- زاد التقوى: الحامل على مراقبة الله وحفظ النسك، والخشوع في الطاعة، وهي أعظم زاد وأنفسه وأطيبه: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى).

ومنه إطابة النفقة وهجر المحرم والشبهات.

3- الإحسان الى الخلائق: بالبر والعون والمساعدة، ففيهم الفقير والغريب والتائه والحيران.

4- محاسن الأخلاق: بالترفق بالناس وعدم قهرهم وأذيتهم.

5- كثرة الذكر والتلبية: بان يكون لسانه لاهجا بذكر الله، وتجنب اللغو والسفه، كما قال تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199) فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا) سورة البقرة.

6- اجتناب المعاصي فيه: من الرفث و الفسوق و المعاصي، قال الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (البقرة 197(.

وفي الحديث: (من حج فلم يرفث و لم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) رواه البخاري ومسلم.

7- الاخلاص في العمل: فينوي بحجه وجه الله، لا ثناء الناس ومدائحهم قال تعالى: (فاعبد الله مخلصًا له الدين ألا لله الدين الخالص) سورة الزمر.

وقال ابن حجر رحمه الله:
قال ابن خالويه: المبرور المقبول؛ وقال غيره: الذي لا يخالطه شيء من الإثم ورجحه النووي؛ وقال القرطبي: الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة المعنى؛ وهي أنه الحج الذي وفيت أحكامه ووقع موقعًا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل.
والله أعلم.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله...:
فالحج المبرور هو الذي اجتمعت فيه أمور: يكون خالصًا لله بأن لا يحمل الإنسان على الحج إلا ابتغاء رضوان الله والتقرب إليه سبحانه وتعالى لا يريد رياءً ولا سُمعة، ولا أن يقول الناس فلان حَجَّ وإنما يريد وجه الله...

وأن يكون الحج على صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن يكون من مال مباح ليس حرامًا بأن لا يكون ربا ولا من غش..، وأن يجتنب فيه الرفث والفسوق والجدال لقول الله تعالى: (فمن  فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ).
انتهى ملخصًا من شرح رياض الصالحين.



سطور في الحج والمناسك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سطور في الحج والمناسك Empty
مُساهمةموضوع: رد: سطور في الحج والمناسك   سطور في الحج والمناسك Emptyالسبت 17 أكتوبر 2020, 9:07 pm

حجٌ وبيعُ مسابح..!
مثلٌ دارجٌ على الألسنة، يُضرَب تفكّهًا لمن يسلك مساراً واحداً ويجمع فيه غايات، أو لمن يفعل فعلاً ظاهراً، ويُخفي تحته مقاصد مشروعة في الظاهر، قال تعالى: ((ليشهدوا منافع لهم)) سورة الحج.

وقال: ((ليس عليكم جُناح أن تبتغوا فضلًا من ربكم)) سورة البقرة.

يُروى عن ابن عباس رضي الله عنه قوله: منافع: هي الأسواق، وقيل منافع في الدنيا والآخرة، فالدنيا منافع البُدن والبيع والتجارات، ومنافع الآخرة: رضوان الله تعالى.

ومعنى: (فضلًا من ربكم) قال ابن عباس: لا حرج عليكم في البيع والشراء...!

وحجَجتُ للهِ العظيم ومقصدي   -----   غفرُ الذنوب وطُلبة الأرزاقِ

وهي النفعة والمرابحة والمسابح والمصاحف وشئ من الملابس والتحف، مما يهواه الحجاج والضيوف الكرام...!

وهذه المسابح والمنافع تختلف من شخص لآخر، فحينما تكون مسابح للمتّجر، هي مطاعم للتاجر، وعلاقات للمتودد، وعلماء للداعية، وخبرات للواعظ، وحكِماً للفقيه، فيحجون ويصيبون من أهدافهم، وينسكون وينالون من مقاصدهم...!

بلا أدنى حرج أو توجس، لا سيما والحج موسم ملاييني، يضخ موارد، ويضاعف الأسعار، ويفتح آفاقا للاتجار والكسب...!

ونلحظ حجيج آسيا يحضرون تُحفاً وهدايا رائعات، تبيت محل اهتمام الناس وسؤالاتهم، وسرعان ما ترى (سوقاً شعبياً) يلم تلك البضائع الطفولية، والأمتعة الغراء بحسنها، والتي تجبر الحاج على الوقوف والانتظار، علاوة على استعداد تجار مكة والمدينة بمحاسن الهدايا والزينات والألبسة، قبل دخول الموسم، ويحصدون فيه آلاف الريلات،،! للكثرة الكاثرة والجموع الغفيرة، بحيث لو بيع زيت أو ملح، لوجد مَنْ يشتريه،،،!

والعلم والفقه وحسن العمل والتجربة هي مسابح في يد المؤمن الحكيم، وهي قلائد في عنقه، إذا تحرى ودقق وتأمل...!

فليجعل العبد من موسم الحج موسم معارف ومنافع مختلفة، تعود عليه بالبركة وحسن العاقبة، فيضم مع المغفرة وتحصيل الثواب، تحصيل العلم، واللقاء بالشيوخ كما كان يصنع الأسلاف، وتعلم السنة، وحيازة مكارم الأخلاق، وتجسيد الوحدة والإخوة الإيمانية، وبناء العلاقات، والاتفاق على مشاريع أممية ونصرة الضعفاء بالتعرف على قضاياهم وما شابه ذلك،،.!

ولقيتُ في الحج الجميل مشايخا   -----   ما قد لقيت شبيهَهم في النَّاسِ
الحبُّ للإسلام غايةُ أمرِهم    -----   وتواضعٌ وتقدمٌ للباسِ!
هم يُحرزون مسابحاً ومغانما   -----   وحيازتي فذٌ من الألماسِ

وكان صلى الله عليه وسلم يستثمر الحج إبان العهد المكي في الدعوة واللقاء بالقبائل، عله يجد ناصراً، أو مقتنعاً، أو واعياً، أو ظافراً، مُحتملاً لتبعات هذه الدعوة الجديدة، وفي ذاك من الحكمة وانتهاز الفرص ما لا يخفى...!

إن الحج بكل مكوناته مورد ديني واقتصادي وروحي وأخوي وقيادي وفقهي، يجعلنا نقف مع نتائجه وثمراته، وأن لا نزهد في جني تلك الأفنان والعناقيد الوارفة..!

وقال أيوب السختياني رحمه الله:
"إن مما يزيدني رغبةً في الحج وحضوره أن ألقى إخوانا لي فيه، لا ألقاهم في غيره"، وقال أيضاً: "كانوا يحجون للّقي به".

- وقال أيوب بن سليمان بن بلال:
قلت لعبيد الله بن عمر: أراك تتحرى لقاء العراقيين في الموسم؟ فقال: والله، ما أفرحُ في سنَتي إلا أيام الموسم، ألقى أقواما قد نوّر الله قلوبهم بالإيمان، فإذا رأيتهم ارتاح قلبي؛ منهم أيوب..

وقال سفيان الثوري:
(حججتُ حِججاً لألقى ابن لهيعة) يقصد المُحَدِّث الشهير.

وقال أبو جعفر الباقر رحمه الله:
(إنه ليزيدني في الحج رغبة لقاء عمرو بن دينار، فإنه كان يحبنا ويفيدنا).

وقد عقد أبو عبدالله الفاكهي في كتابه (أخبار مكة) باباً بهذا الخصوص: (ذكر تلاقي الإخوان في الحج بمكة..).

وفقنا الله وإياكم، وتقبل من الحجيج حجهم، وأعادهم سالمين غانمين..!

ومضة:
الحج منافع متنوعة، فاستكثر منها..!



سطور في الحج والمناسك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سطور في الحج والمناسك Empty
مُساهمةموضوع: رد: سطور في الحج والمناسك   سطور في الحج والمناسك Emptyالسبت 17 أكتوبر 2020, 9:14 pm

عرفاتٌ وتعريف العالم
وفي عرفات معرفةُ الأنام    -----   بدينِ إلهِهم دينِ السلامِ
وهدي محمدٍ خيرِ البرايا  -----  وقد أهدى لهم طيبَ الغمامِ،،!


منظرٌ مهيب، وأمم متدفقة، ولحظات خاشعة،،! ربما لم يشعر المؤمن بمثل روحانيتها وعزتها وجمالها،،،!! ولذلك كانت دعواتها خير الدعوات،،،! كما في الحديث الحسن: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة)).

جوآرٌ وتلبية، وبكاء وخشوع، وتواضع وانكسار،،،!

إذ يرقب المسلمون حج كل سنة، ويرقبه العالم الذي لا يزال مبهورا من هذا الدين،،! كيف تم له ذلك؟! ومن أين جمع هذه الخلائق؟! وكيف احتشدوا؟!

وكأنهم لا يدركون الإعجاز الرباني في ذلك: ((فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم)) سورة إبراهيم.

قلوب مأسورة، وأرواح مخطوفة، وشعوب ملهوفة،،،!! برغم هوانها وغفلتها، تعرف طريقها إلى الله، فتسبل مدامعها بين يديه،،،،

مَن نال من عرفات نظرةَ ساعةٍ   -----   نال السرورَ ونال كل مرادِ!!

معلَمٌ حقيقي، وبرهان صريح على مصداقية هذا الدين، وعالمية الإسلام،،، ((ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)) سورة النساء.

وتتميز عرفات بكونها ركن الحج الذي لايصح إلا به، لقوله عليه الصلاة والسلام، كما في سنن أبي داود ((الحج عرفة))،،،

وفيها من روائع الحج ما يلي:
١- مباهاة الباري بهم أهل السماء، واستجابة دعائهم.
٢- اندحار الشيطان وتصاغره في ذلك المجمع المهيب.
٣- انكسار العباد فيه، واعترافهم بذنوبهم.
٤- اتساع المكان لما يقارب الثلاثة ملايين.
٥- شعورهم بعزة الإسلام، وانتصار قضاياه.
٦- مشابهته لحشر يوم القيامة، المورث للرهبة والإنابة.


ومع كل ذلك،لم يستثمر المسلمون تلك اللحظات للدعوة الحقيقية إلى الإسلام، وتعريف العالم به وبعدالته، وأنه كلمة الله إلى البشرية، ومصدر عزهم، وعنوان سعادتهم.

فلا يزال التقصير الإعلامي واضحا، والترجمات قليلة، والطاقات منزوية، والنخب، مشغولة،، رغم هذا المغنم الدعوي والحضاري الهائل،،،!! ويحزنك أن يتداعوا لدورة رياضية، أو مؤتمر دولي، أو اكتشاف ساحر، ولا يتداعوا لمثل ذلك الحدث العظيم !!!

لقد بات العالم كالحجرة الصغيرة، واختُزلوا في هاتف كفي، ومع ذلك يعز الاستثمار والمواكبة،،!! لكأن الحج عبادة معزولة، أو مخصوصة بأمة دون غيرها، أو أن الإسلام ليس الرسالة العالمية الخالدة،،!!

((إن الدين عند الله الإسلام)) سورة آل عمران.

يتفاخر المنهزمون بصناعة أو شجرة او متحف، ويتجاهلون روعة الحج وبراهينه وبيناته، التي ترسم لهم مجدا، وتعلي شانهم: ((جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس)) سورة المائدة.          

قيل:
قياماً لبقاء الدين، فلا يزال في الأرض دين ما حُجَّت واستُقْبِلت، قاله الحسن رحمه الله،،،

وهذا برهان على قوة هذا الدين وصلابته، وأن أهله برغم ما اعتراهم لا يزال لديهم أمل، وفي نفوسهم عزة، وفي تحركهم عزيمة،،، لو جدَوا وتعاضدوا، وامتطوا صهوة التضحيات، قال تعالى: ((خذوا ما آتيناكم بقوة)) سورة البقرة،

في عرفات يا معاشر القراء، فرص متنوعة لعرض الإسلام، وإبراز مزاياه من نحو:
١- عالميته ورُقيه الأخلاقي والحضاري.
٢- أنه مخرج العالم من مأزقه الروحي والعقدي.
٣- كونه منبعاً للسعادة والراحة النفسية.
٤- اقتفاء آثار سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، والتعرف على سيرته، لأنه من عَلَّمَ النَّاسَ الهَدْيَ والمناسك.          
٥- سر تلك الأماكن الحاوية للناس وأعدادهم، والمُكتنفة لعللهم وأدوائهم بأمر الله تعالى.

والمقصود هنا، هل تقوم الدول الإسلامية ونُخبها وعلماؤها وإعلامها بدورهم السليم والجاد تجاه هذه القضية العالمية السنوية،،،؟!

فيبثون عطراً، وينشرون زهراً، ويفيضون حلاوةً وذِكْراً،،،!

هانحن مع حُمَّى التَّخلُّف، وإصَر التكاسل، تتوافد إلينا الملايين، فكيف لو أعددنا للأمر عُدَّتَهُ، وأخذنا بجوهره، وانطلقنا بكل همة وعزيمة، -عبر مؤسساتنا وإعلامنا وتواصلنا العالمي- لأحدثنا ما يُسِرُّ ويُبْهِرُ،، ولدفعنا كثيراً من الشُّبَهِ المُفتعلة ضد الإسلام،،

ولكن نسأل الله التوفيق والإعانة، لإيجاد الغراس الفاعلة، والعناصر المتوهجة،،، التي تضطلع بالعمل لدينها، وتعيشه كمبدأ وقضية،، والسلام..



سطور في الحج والمناسك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سطور في الحج والمناسك Empty
مُساهمةموضوع: رد: سطور في الحج والمناسك   سطور في الحج والمناسك Emptyالسبت 17 أكتوبر 2020, 9:34 pm

طاقاتٌ في عرفات
أجَلُّ أعمالِ المناسك، وأعظم أركان الحج، وأساس الصحة والقبول، ومن فاته فلا حج ولا ظفر، يدفع الحجيج فيه اليوم (التاسع من ذي الحجة)، تحفهم مشاعر البهجة والخوف والرجاء وابتغاء ما عند الله،،،!

إلى عرفات الله يا خيرَ زائرٍ   -----   عليك سلامُ الله من عرفاتِ
على كل أفْقٍ بالحجاز ملائكٌ   -----   تزف تحايا الله والبركاتِ

وقد تحلّوا (بإزار ورداء)، وتواضع وخشوع، وذكر وتلبية، في مشهد إيماني، وحشر عظيم، وحشد مرحوم، وحرم آمن، ومرعي من الباري الكريم ((وما بكم من نعمة فمن الله)) سورة النحل.

وقد تجلّت لهم طاقات، وتيسرت لهم هبات، ما ينبغي لهم تضييعها أو التغافل عنها، وخليقٌ بمن شهد المشاعر، أن يوقظ روحه، وينبه عقله، إلى تلكم الميرة الروحية، والزاد الإيماني العلي، فيتزود بلا تعداد، ويجمع بلا حسبان...

ومن ذاك:
١-  الدُّعَاءُ المُستجاب:
فهو من مواطن الإجابة، ومحل القصد والإنابة، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((خيرُ الدعاء دعاءُ يوم عرفة، وخيرُ ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير))؛ رواه الترمذي.

٢-  النزول الإلهي:
فقد صح نزول الباري تعالى إلى السماء الدنيا عشية عرفة ومباهاته الملائكة، ويقول: انظروا إلى عبادي أتوني شُعثا غُبرا، ويقول: ما أراد هؤلاء،،؟! وهذا نزول لائق بجلال الله وعظمته: ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) سورة النحل.

٣-  المدامعُ المحتشدة:
تتغازر الأعداد، وتتضاعف الآلاف حتى تمتليء بهم الأرض، وتغص بهم البقاع، فتحمل المناظر الحاضرين على الجد والعمل، فترق قلوب، وتنكسر ارواح، وتتواضع نفوس، وتطلب ما عند الله، وتهون عندها الدنيا وزهراتها ((ما عندكم ينفد وما عند الله باق)) سورة النحل.

٤-  التصاغرُ الشيطاني:
ألماً من هيبة المشهد، وتعاسة من الرحمات النازلة، وضيقة من الذكر الوهاج، والتلبية الصداحة، فقد صح قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَا رُئِيَ الشَّيْطَان يَومًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَومِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لمَا رَأَى من تَنَزلِ الرحمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ أَمَا إِنهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزعُ الْمَلَائِكَةَ)) رواه مالك والبيهقي في السنن، واستشعار ذاك واستيقانه موجب لتقوية القلب، وحفز النفس، وشحذ العزم، حتى تتوب وتحدث ما ينفعها عند الكريم المنَّان تبارك وتعالى.

٥-  الألسنُ المتصاعدة:

ذكراً ودعاءً وتمجيداً وثناءً على الحيِّ الْقَيُّوم، فقد مكث -صلى الله عليه وسلم- ساعات طويلات بعد أن خطب الناس وجمع بين الصلاتين، واقفاً على دابته منقطعاً إلى ربه، لم ينقطع إلا شيئاً يسيراً، وفي ذاك طاقة معنوية للحاج، أن يتذكَّر هَدْيَ رسوله وطريقته في الذكر والانقطاع والمحافظة على اللحظات العظيمات.

٦-  الافتقار العام:
جاء في الحديث الصحيح: ((إنَّ اللهَ يُباهي بأهل عرفات أَهْلَ السماء، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي، جاؤوني شُعثًا غبرًا))؛ رواه أحمد، كمظاهر الفقراء المستكينين، رغبةً ورهبةً، يرجون ما عند الله تعالى، وفي القرآن: ((يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد)) سورة فاطر، فمن لم يستطعم وصفي الحج شعثاً واغبراراً، لا كبراً واغتراراً، فما عرف الحج، ولا ذاق طعومة العبودية.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أبياته المشهورة والتي كتبها لتلميذه البار الفذ ابن قيم الجوزية رحمه الله:
والفقرُ لي وصفُ ذاتٍ لازمٌ أبدا   -----   كما الغنى أبدا وصف له ذاتي
وهذه الحال حالُ الخلق أجمعِهم   -----   والخيرُ إن جاءنا من عنده يأتي

٧-  العشيةُ الملتهبة:
حيثُ الدنو واللهج والمسارعة، وارتفاع الأصوات، وسيلان الدموع، ومسابقة الساعات، لئلا تفوت الرحمه، وتذهب الحجة.          

يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-:
(فَللَّه كم به من ذنب مغْفور، وعثرة مُقالة، وزلة معفو عنها، وحاجة مقضية، وكربة مفروجة، وبلية مرفوعة، ونعمة متجددة، وسعادة مكتسبة، وشقاوة ممحوة، كيف وهو الجبل المخصوص بذلك الجمع الأعظم والوفد الأكرم، الذين جاؤوا من كل فج عميق، وقوفا لربهم مستكينين لعظمته خاشعين لعزته، شُعْثًا غبرا حاسرين عن رؤوسهم، يستقيلونه عثراتهم، ويسألونه حاجاتهم، فيدنو منهم، ثم يباهي بهم الملائكة فلله ذاك الجبل وما ينزل عليه من الرحمة والتجاوز عن الذنوب العظام).
(مفتاح دار السعادة (1- 220).

وتطالع أناسا غرباء وفقراء بعداء، قد اظهروا من عجائب الإيمان، وفتوحات الانكسار، ودلائل الخضوع ما يدهش ويبهر، فنسأل الله الكريم من رحماته وهباته.

٨-  رقٌّ وعتق:
قال عليه الصلاة والسلام: ((ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟!)) رواه مسلم.

يقول الملا على القاري رحمه الله: (ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ):
أي شيء أراد هؤلاء حيث تركوا أهلهم وأوطانهم، وصرفوا أموالهم وأتعبوا أبدانهم، أي ما أرادوا إلا المغفرة والرضا والقرب واللقاء، ومن جاء هذا الباب لا يخشى الرد، أو التقدير ما أراد هؤلاء فهو حاصل لهم، ودرجاتهم على قدر مراداتهم ونياتهم...) انظر مرقاة المفاتيح، فهو فرصة تاريخية ولحظة ذهبية للنجاة من النار، والسلامة من نكبات الجحيم، وسؤال الله العتق والتجاوز، لا سيما والمشهد المهيب يُذكركم بعرصات القيامة وما فيها من أهوال، عافانا الله وإياكم.

٩-  تمامُ النعمة:
ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشرَ اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال أي آية؟ قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) سورة المائدة، قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.

فتمَّت بالحجة شرائع الإسلام، واستكمل الناس ركنهم الخامس، وشملتهم منة الله بالتوفيق وحسن العمل، وسلوك الصراط المستقيم.

١٠-  عيدٌ وتجديد:
ولذلك كره صومه لأهل الموقف، ومن العلل أنه عيد لأهل الحج العظيم، وفي السُّنَّةِ ما يشهدُ لذلك: قال -صلى الله عليه وسلم-: ((يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب))؛ رواه الترمذي.

وفي العيد من معاني البهجة والنشاط والخيرية والفاعلية ما يجعلهم مسارعين فيه، مدركين لنفائسه، والله الموفق.

١١-  مشهودٌ محفود:
قال تعالى: ((واليومِ الموعود وشاهد ومشهود)) سورة البروج، وجاء عند الإمام الترمذي في جامعه، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الْيوْم الْمَوْعودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْم الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ)),
 
وقال الإمام الشوكاني -رحمه الله- في فتح القدير:
(ذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن الشاهد يوم الجمعة، وأنه يشهد على كل عامل بما عمل فيه، والمشهود يوم عرفة، لأنه يشهد الناس فيه موسم الحج، وتحضره الملائكة، قال الواحدي وهذا قول الأكثر). ويشهد لذلك الحديث السابق الذكر.          

١٢-  كفارةٌ وتمحيص:
قال تعالى: ((ثم أفيضوا من حيثِ أفاض الناس واستغفروا الله)) سورة البقرة، والمقصود عرفات فهو موضع الاستغفار، ولما يحصل فيه من القبول ونزول الرحمات، وتوالي الصفح: ((وإنِّي لغفارٌ لِمَن تاب وعمل صالحًا ثم اهتدى)) سورة طه.

١٣-  رحماتٌ ورجاء:
قال في سياق الحج: ((ومنهم مَن يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)) سورة البقرة.

وقال ابن المبارك:
جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه وعيناه تذرِفان فقلت له: مَنْ أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظنُّ أنَّ اللهَ لا يغفر له.!!

١٤-  عهدٌ وميثاق:
وهو أن الله أخذ فيه الميثاق؛ فعن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنُعمان -يعني يوم عرفة-، وأخرج من صُلبه كلّ ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قُبلاً قال: ((أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يوْمَ الْقِيَامَةِ... إلى قوله: بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ)) سورة الأعراف.

وفي شهوده تجديد للعهد وتأكيد للميثاق، بحيث يخلص العبد توحيده، ويجدد إيمانه، ويعمل على كبح جماح نفسه، وترويضها على الحق المستقيم، والله ولي التوفيق... والسلام.



سطور في الحج والمناسك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سطور في الحج والمناسك Empty
مُساهمةموضوع: رد: سطور في الحج والمناسك   سطور في الحج والمناسك Emptyالسبت 17 أكتوبر 2020, 9:54 pm

وقفات مع آيات الحج..
المجموعة الأولى (١)..!
• حينما نتأمَّلُ آيات الحج، ونجمعها في القرآن، نلحظ قلتها وتفرقها، ولكنها ملأى بالدروس والوقفات التي ينبغي أن تكون محل اعتبار ودرس الفقهاء وأئمة المساجد، ليعاينوا عظمة ذلك الركن الأعظم، وما خصه الله به من آداب وأحكام..! ولو انعقدت لأجلها دروس الحج والمناسك لكانت نفعاً وبركةً وأساساً إلى حين.

وعزمتَ للشرح الأنيق بفقهكم*** والفقهُ طيبُ الفقه فق الآياتِ
هلا اتجهتَ إلى القران فإنه***أعلامُ فقه بالغُ اللمحاتِ

• وهنا نقف ونحلل (آيات المقام، والصفا والمروة وآيات الأهلة) آية: (١٢٥) و: (١٥٨) و: (١٨٩)، لأنها ذكرت الحج وتعلقت بشيء من أحكامه، فناسب البدء بهما قبل الآيات المشهورة في المناسك.

• الأولى:
قال تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (البقرة: 125).          

قوله: مثابة للناس وأمنا: قيل: مرجعاً يثوبون إليه على كل حال، قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ فِي الْكَعْبَةِ: مَثَابًا لِأَفْنَاءِ الْقَبَائِلِ كُلِّهَا... تَخُبُّ إِلَيْهَا الْيَعْمَلَاتُ الذَّوَامِلُ.

وقيل: يُثابون عليه، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَقْضِي أَحَدٌ مِنْهُ وَطَرًا، وأَمْنًا مِنَ الْعَدُوِّ، وَأَنْ يُحْمَل فِيهِ السِّلَاحُ، وَقَدْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُتَخَطَّف النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ، وَهُمْ آمِنُونَ لَا يُسْبَون.

• الثانية:
(واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى): الأظهر أنه المقام المعروف، وتسن عنده الصلاة كركعتي الطواف، قال ابن كثير رحمه الله: " كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السلام، يقوم عليه لِبِنَاءِ الْكَعْبَةِ، لَمَّا ارْتَفَعَ الْجِدَارُ أَتَاهُ إِسْمَاعِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِهِ ليقومَ فَوْقَهُ وَيُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ فَيَضَعُهَا بِيَدِهِ لِرَفْعِ الْجِدَارِ، كلَّما كَمَّل نَاحِيَةً انْتَقَلَ إِلَى النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى، يَطُوفُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ، كُلَّمَا فَرَغَ مِنْ جِدَارٍ نَقَلَهُ إِلَى النَّاحِيَةِ التِي تَلِيهَا هَكَذَا، حَتَّى تَمَّ جِدَارَاتُ الْكَعْبَةِ...".

• الثالثة:
تُسَنُّ ركعتا الطواف بعد كل طواف، كما هو مذهب الجماهير، وقيل بوجوبها والأول أصح، وتوضع خلف المقام إن تيسر، وإلا في أي موضع من الحرم.

والسُّنَّة أن يقرأ فيها: (الكافرون والإخلاص) ويخففهما، ولا يشرع الدعاء عقيبهما، وليس هنالك دعاء مخصوص للمقام، ولا يجوز التمسح بالمقام، وهو من البدع المنكرة.

ولو تركهما الحاج أو المعتمر لظرف وزحام وغيره فلا يضر طوافه، لأنها سنة، يُثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.

• الرابعة:
قَوْلُهُ: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ..) قَالَ الحسن رحمه الله: أَمَرَهُمَا اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَاهُ مِنَ الْأَذَى والنَّجَس، وَلَا يُصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.

وقوله: (للطائفين) الطواف المعروف (والعاكفين) المقيمين فيه: (والركع السجود) المصلين هنالك، وفِي ذلك تعظيم لشأن الطواف وأهله وزوار البيت والقاطنين فيه للعبادة.

• الخامسة:
يقول تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله): هنا دليل على ركنية السعي بين هذين الجبلين الشهيرين، سبعة أشواط، ولا يصح الحج بدونه، ولا يُجبر بدم.

قال العلامة ابن سعدي رحمه الله:

"أي أعلام دينِه الظاهرة، التي تعبد الله بها عباده، وإذا كانا من شعائر الله، فقد أمر الله بتعظيم شعائره فقال: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ فدل مجموع النصين أنهما من شعائر الله، وأن تعظيم شعائره، من تقوى القلوب.

والتقوى واجبة على كل مكلف، وذلك يدل على أن السعي بهما فرض لازم للحج والعمرة، كما عليه الجمهور، ودلت عليه الأحاديث النبوية، وفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: "خذوا عني مناسككم" ﴿فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ هذا دفع لوهم من توهم وتحرج من المسلمين عن الطواف بينهما، لكونهما في الجاهلية تعبد عندهما الأصنام..".

 وحقيقة السعي عند الفقهاء:
هو قَطْعُ المسافةِ الكائنةِ بين الصَّفا والمروةِ، سبعَ مرَّاتٍ في نُسُكِ حجٍّ أو عُمْرةٍ، ويُستحب السعي بلا شد ولا هرولة، إلا عند الأعلام الخضر، فالسُّنَّة السعي الشديد كما فعل رسول الله، غير المرأة فإنها ممنوعة من السعي لكونها عورة.

قال العلامة ابن قدامة رحمه الله:
"(وطواف النساء وسعيهن مشي كله) قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم، على أنه لا رمَل على النساء حول البيت، ولا بين الصفا والمروة , وليس عليهن اضطباع.

وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجَلَد (القوة)، ولا يقصد ذلك في حق النساء، ولأن النساء يقصد فيهن الستر، وفي الرمل والاضطباع تعرض للتكشف..!

• السادسة:
(فمَنْ حج البيت أو اعتمر، فلا جناح عليه أن يطوَّف بهما): فيه إثباتهما في النسك، وقد كانا صنمين على الجَبلين يقال لهما(إساف ونائلة) فلما جاء الإسلام، وحُطمت الأصنام تحرجوا من الطواف بهما، فرفع الله الجُناح عنهم، وأخبرهم أنهما من شعائر الحج، وقد سأل عروة بن الزبير رحمه الله خالته عائشة رضي الله عنها: أَرَأَيْتِ قَوْلَ الله تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ قُلْتُ: فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لَا يطَّوف بِهِمَا؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بِئْسَمَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى مَا أوّلتَها عليه كانت: فلا جناح عليه أَلَّا يَطَّوَفَ بِهِمَا،.. وفيه لما تحرجوا: فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نطَّوف بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الطَّوَافَ بِهِمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدع الطَّوَافَ بِهِمَا. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ..!

وفِي قولها: فليس لأحد أن يدع الطواف بهما، تأكيد لوجوبهما، وأن السعي ركن لا مناص منه.

• السابعة:
قوله: (فمن تطوع خيرا فلا إثم عليه): أي من أحب الزيادة على السبعة الأشواط فلا حرج عليه ولا تبعة، قيل: من حج تطوع أو اعتمر تطوع فإنه يسعي بينهما، أو التطوع في سائر العبادات.

وقد ورد الأمر بالسعي بقوله: (إن الله كتب عليكم السعي، فاسعَوا) وصح أن ذلك إحياء لأثر: (هاجر أم إسماعيل) وقصة: (انهمار زمزم) المشهورة.

قال العلامة ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره:
"فَلَمَّا خَافَتِ الضَّيْعَةُ عَلَى وَلَدِهَا هُنَالِكَ، وَنَفِدَ مَا عِنْدَهَا قَامَتْ تَطْلُبُ الْغَوْثَ مِنَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمْ تَزَلْ تَرَدَّدُ فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ الْمُشَرَّفَةِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مُتَذَلِّلَةً خَائِفَةً وَجِلَةً مُضْطَرَّةً فَقِيرَةً إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى كَشَفَ اللَّهُ كُرْبَتَهَا، وَآنَسَ غُرْبَتَهَا، وَفَرَّجَ شِدَّتَهَا، وَأَنْبَعَ لَهَا زَمْزَمَ التِي مَاؤُهَا طَعَامُ طَعْمٍ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ، فَالسَّاعِي بَيْنَهُمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فَقْرَهُ وَذُلُّهُ وَحَاجَتَهُ إِلَى اللَّهِ فِي هِدَايَةِ قَلْبِهِ وَصَلَاحِ حَالِهِ وَغُفْرَانِ ذَنْبِهِ، وَأَنْ يَلْتَجِئَ إلى الله، عَزَّ وَجَلَّ، ليُزيح مَا هُوَ بِهِ مِنَ النَّقَائِصِ وَالْعُيُوبِ،..!اهـ. وصح حديث: (فذلك سعي الناس بينهما).

• الثامنة:
قوله: (فإنَّ اللهَ شاكرٌ عليمٌ): أي شاكرٌ لعباده، ومُطلعٌ على نواياهم ومقاصدهم، فيكشف الصَّادق، من المُرائي، فهو مُجَازٍ لِعَبْدِهِ بِعَمَلِهِ ﴿عَلِيمٌ﴾ بِنِيَّتِهِ.

وَالشُّكْرُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُعْطِيَ لِعَبْدِهِ فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّ، يَشْكُرُ الْيَسِيرَ وَيُعْطِي الْكَثِيرَ.

• التاسعة:
حول قوله تعالى في الآية الأخرى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج): قيل سأل بعضهم رسول الله: عَنِ الحِكْمَةِ في اخْتِلافِ حالِ القَمَرِ وتَبَدُّلِ أمْرِهِ، فَأمَرَهُ اللَّهُ أنْ يُجِيبَ بِأنَّ الحِكْمَةَ الظّاهِرَةَ في ذَلِكَ أنْ تَكُونَ مَعالِمَ لِلنّاسِ يُؤَقِّتُونَ بِها أُمُورَهُمْ، ومَعالِمَ لِلْعِباداتِ المُؤَقَّتَةِ يُعْرَفُ بِها أوْقاتُها.          

وخُصُوصًا الحَجَّ فَإنَّ الوَقْتَ مُراعًى فِيهِ أداءً وقَضاءً..،! وكذلك عباداتهم ووقوت عُدد النساء.

و: (الأهلة):
جمع هلال؛ وهو القمر أول ما يكون شهراً؛ وسُمِّيَ هلالاً لظهوره؛ ومنه: الاستهلال؛ والإهلال هو رفع الصوت،...!

وهو نعمة من الله تساعد على معرفة الأوقات وتحديد العبادات، فيرتفع الحرج والجهل.
 
ولذلك كانت العبادات مرتبطة بالهلال وظهوره كما قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) وكذلك الحج وتحديد وقوف الناس حسب هلال ذي الحجة، وليس ذلك بالحساب وكلام الخرَّاصين، وفيه دليلٌ على إبطال الحساب الفلكي.

• العاشرة:
قوله: (وأتوا البيوت من أبوابها): في الصحيح: عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كَانُوا إِذَا أَحْرَمُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أتَوْا الْبَيْتَ مِنْ ظَهْرِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾.

وهنا تنبيه على حقيقة التقوى، وأنها ليس بحركات مخصوصة، ولا عادات معينة، كما يصنعون في الجاهلية إذا أحرموا أو سافروا دخلوا البيوت من ظهورها أو تسوروها..!

• الحادية عشرة:
في ذلك ذم العادات المخالفة، والبدع المجافية، لأنهم فعلوا ذلك ديانةً وتعبُّداً، فنهاهم الله عن ذلك، ونبههم على البر الحقيقي، الكامن في تقوي الله ومراقبته: (ولكنّ البر من اتقى).

• الثانية عشرة:
(واتقوا الله لعلكم تفلحون) هنا عاد مكرراً فضل التقوى، وأنها طريق الفلاح، وبوابة الفوز، وسبب الظفر والانشراح، والحاج محتاج إليها، كما هي حاجة كل عابد وسائر إلى الله تعالى.

• الثالثة عشر:
والفلاح الناتج عن التقوى يومئ بسلامة الحج وصحته وبره، وأن صاحبه من المفلحين الناجحين، فقد استكمل شروطه وأتى على واجباته، ولَم يخلّ بآدابه.

والحج المبرور من صور السرور والفلاح، حيث يبلغ تقوى الله، ويصيب السنن، ويحط التفث، ويحرق الذنوب، ويصل الناس، ويقيم ذكر الله، ويضبط الجوارح، ويعود الى أهله وقد تغير، منشرح الخاطر، بالغ المسرة.

والله الموفق، وسيتلوها بقية الوقفات، والحمد لله على إحسانه.....!



سطور في الحج والمناسك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سطور في الحج والمناسك Empty
مُساهمةموضوع: رد: سطور في الحج والمناسك   سطور في الحج والمناسك Emptyالسبت 17 أكتوبر 2020, 10:05 pm

وقفات مع آيات الحج..
المجموعة الثانية
الحَجُّ رُكْنٌ عجيبٌ، وعبادةٌ مُدهشةٌ، بما تحويه من دروس وغايات، وحتى وإن قلت آيات الحج ووصفه ودقته، إلا أنها حوت مقاصد الحج الكبرى، وأشارت إلى بعض أسسه وسُنَنِهِ، وتأمُّلها باب للتفقه والتدبُّر، (لِيَدَّبَرُوا آياته) سورة ص.

فهلموا نقطف من أفنانها، ونصيب من فنونها:
فهلموا للروض الجميل وطيبهِ**في الحج والأعمال والأنساكِ...!

الأولى:
قوله تعالى: (وأتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لله): فيه دليل على وجوب الحج والعمرة، لا سيما بعد الشروع فيهما، فلا يجوز الخروج منهما بعد الدخول، وفِي ذلك تعظيم لشأنهما، وخطورة التلاعب بالعبادات.

الثانية:
(فإن أُحصرتم فما استيسر من الهدي): أفاد الإمام ابن كثير وغيره: أن الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ (٦) هـ، أيْ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، حِينَ حَالَ الْمُشْرِكُونَ بَيْنَ رسُول اللَّهِ وَبَيْنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ سورةَ الْفَتْحِ بِكَمَالِهَا، وَأَنْزَلَ لَهُمْ رُخْصَةً: أَنْ يَذْبَحُوا مَا مَعَهُمْ مِنَ الْهَدْيِ وَكَانَ سَبْعِينَ بَدَنَةً، وَأَنْ يَتَحَللوا من إِحْرَامِهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنْ يَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ وَيَتَحَلَّلُوا.

فَلَمْ يَفْعَلُوا انْتِظَارًا لِلنَّسْخِ حَتَّى خَرَجَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَفَعَلَ النَّاسُ وَكَانَ منهم مَنْ قَصّر رَأْسَهُ وَلَمْ يَحْلِقْهُ، فَلِذَلِكَ قَالَ: "رَحِم اللَّهُ المُحَلِّقين".

قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: "وَالْمُقَصِّرِينَ" وَقَدْ كَانُوا اشْتَرَكُوا فِي هَدْيِهِمْ ذَلِكَ، كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنة، وَكَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَكَانَ مَنْزِلُهُمْ بِالْحُدَيْبِيَةِ خَارِجَ الْحَرَمِ، وَقِيلَ: بَلْ كَانُوا عَلَى طَرف الْحَرَمِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

• الثالثة:
والصحيح أن الإحصار يعم العدو والمرض والتعب، قال سفيان الثوري رحمه الله: الْإِحْصَارُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ آذَاهُ.

وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- دَخَل عَلَى ضُبَاعة بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ.

فَقَالَ: (حُجِّي وَاشْتَرِطِي: أنَّ مَحِلِّي حيثُ حبَسْتَني)، فَدَلَّ على أن مَنْ حُصِرَ واشترط لا يلحقه شيء.

الرابعة:
فمن أُحصر في حج أو عُمرة، ذبح هديه إن كان معه هدي، ومن اشترط لا عليه شيء، والهدي مَهْمَا تَيَسَّرَ مِمَّا يُسَمَّى هَدْيًا، والهَدْي مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ.

الخامسة:
قوله: (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلع الهديُ مَحِله) تبع لآية الإتمام، وهو من المحظورات المنهي عنها، وكذلك أن من ساق هديا أو كان متمتعا أوقارنا، فلا يتحلل حتى يذبح الهدي، قال في الحديث الصحيح: (إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وقلَّدت هَدْيي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ).

السادسة:
(فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ): أي يخفف ذلك المحظور لمريض ونحوه كما في قصة كعب بن عُجرة رضي الله عنه فقال له عليه الصلاة والسلام: (كأنَّك يُؤذيك هوامُّ رأسِك، قال: أجل، قال: احلِقْ رأسَك واهْدِ هديًا، فقال: ما أجِدُ هديًا، قال فأطعِمْ مساكينَ، فقال: ما أجِدُ، فقال صُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ، قال فحلَقتُ وصُمتُ).

وهو بين الثلاثة الأشياء على المختار: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، وتسمى عند الفقهاء(فدية الأذى) وفِي معناه قلم الأظافر، وتغطية الرأس لمن احتاج إلى ذلك، فعل وكفّر، والله المستعان.          

السابعة:
(فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج): أي حصل لكم الأمن بزوال العارض، وتمتعتم في أشهر الحج فالواجب هدي على المتمتع وهو (هدي شكران) كما قال: فما استيسر من الهدي، وهو من واجبات الحج، ولا يسقط إلا بالفقر أو العذر.

وفيها دليل على فضل التمتع، لأنها المنصوصة في القرآن، والمتأسف عليها، والمنصوح بها الصحابة الكرام وفِي الحديث: (لو استقَبَلْتُ مِن أَمْري ما استَدْبَرْتُ، ما سُقْتُ الهَدْيَ، ولَحَلَلْتُ مع النَّاسِ حين حَلُّوا).

ولأن المتَمَتِّعَ يجتَمِعُ له الحَجُّ والعُمْرَةُ في أشهُرِه، مع كمالِ أفْعَالها على وَجْهِ اليُسْرِ والسُّهولَةِ، مع زيادةٍ لنُسُكٍ هو الدَّمُ، فكان ذلك هو الأَوْلى، وهو مذهب الحنابلة واختاره العلامة ابن حزم ومن المعاصرين ابن باز وابن عثيمين رحم الله الحميع.

الثامنة:

(فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام..): بيان لحالة المتمتع الذي أحدثَ عمرة في موسم الحج، فوجب عليه نسك التمتع، ومن ثم يلزمه هدي، لكنه لم يجد مالاً، فتعين عليه الكفارة وهي صيام ثلاثة أيام في مكة، وسبعة إذا عاد إلى وطنه (وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة) وثمة تفصيلات فرعية فيها، مظانها كتب الفقه لمن شاء.

• التاسعة:
(تلك عشرة كاملة) وَقَالَ الْحَسَنُ: "كامِلَةٌ" فِي الثَّوَابِ كَمَنْ أَهْدَى.
وَقِيلَ: "كامِلَةٌ" فِي الْبَدَلِ عَنِ الْهَدْيِ، يَعْنِي الْعَشَرَةَ كُلَّهَا بَدَلٌ عَنِ الْهَدْيِ.
وَقِيلَ: كَامِلَةٌ فِي الثَّوَابِ كَمَنْ لَمْ يَتَمَتَّعْ.

العاشرة:
(ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام): أي دم المتعة على الصحيح وليس المتعة ذاتها، قال القرطبي المفسر رحمه الله: أَيْ إِنَّمَا يَجِبُ دَمُ التَّمَتُّعِ عَنِ الْغَرِيبِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

الحادية عشرة:
(حاضرو المسجد الحرام) قيل أهل الحرم خاصة، والصحيح أن حاضري المسجد الحرام هم "أهل مكة" داخل الأميال وخارجها، كالتنعيم والشرائع، فمن كان من حاضري المسجد الحرم فإنه إذا تمتع بالعمرة إلى الحج فليس عليه هدي.

 الثانية عشرة:
(واتقوا الله واعلموا أن..) تذكير بزاد التقوى الحامل على حسن العمل، واتباع الهدي، والتباعد عن المعاصي، وعدم التلاعب بالشعائر، أو تعكيرها بالمعكرات.         

قال الشيخ صديق خان رحمه الله:
أي فيما فرض عليكم في هذه الأحكام، وقيل هو أمر بالتقوى على العموم، وتحذير من شدة عقاب الله سبحانه (واعلموا أن الله) إظهار في موضع الإضمار لتربية المهابة في روع السامع (شديد العقاب) لمن خالف أمره وتهاون بحدوده وارتكب مناهيه، وهو من باب إضافة الصفة المشبهة إلى مرفوعها.



سطور في الحج والمناسك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

سطور في الحج والمناسك Empty
مُساهمةموضوع: رد: سطور في الحج والمناسك   سطور في الحج والمناسك Emptyالسبت 17 أكتوبر 2020, 10:24 pm

وقفات مع آيات الحج..
المجموعة الثالثة
مع قلة آيات الحج في القرآن، غير أنها ملأى بالدروس المُفيدة والعِظات الرَّائعة، لِمَنْ تأمَّل ووقف واستوقف، ودقَّقَ واستنبط...

وهنا وقفات: الأولى:
(الحج أشهر معلومات) دليل على وقت الحج، وأنه لا يصح في في غير عامه وموسمه المحدد من الباري تعالى، وهي شوال وذو القعدة وذو الحج.

وكذلك قيل إن الإحرام إنما ينعقد في أشهره وموسمه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: (لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج، فإن من سنّة الحج أن يُحرم بالحج في أشهر الحج).

قال ابن كثير في تفسيره:
وهذا إسناد صحيح.

ومن أحرم قبل موسمه لم يصح منه، وانقلب إحرامه عمرة على الصحيح والله أعلم.

الثانية:
(فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق..): أي ألزم على نفسه وأحرم بالحج أو العمرة، فوجب الامتثال والاستكمال، وعدم الخروج أو الانقطاع إلا بعذر.

وها هنا إشارة إلى شروط الحج وآدابه، من التباعد عن الرفث وهو الجماع ومقدماته، وعن ابن عمر رضي الله عنه يقول: (الرفث إتيان النساء، والتكلم بذلك: الرجال والنساء إذا ذكروا ذلك بأفواههم).

والفسوق:
وهو المعاصي بمختلف أنواعها، فلا جوارح عادية، ولا نظرات خاطفة، ولا حركات بائسة، فالأجواء إيمانية، والمشاعر دفاقة بالعبادة والتوبة.

(ولا جدال):
أي الخصومة والمراء بغير حق، سواء كان في المناسك وأحكامها، أو في الحج وصوابه كما كان يحصل في الجاهلية، أو النزاع في البيع والشراء والعلاقات بالناس، فكله مذموم ومنتهك لروعة العبادة وجمالها، وأما الجدال العلمي لإحقاق حق ودفع باطل بآدابه فليس من ذلك الباب.

قال في الحديث الصحيح: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه).

أأحح والقلب الحزين مواجعٌ *** ومخاصم لا يعتريه وقارُ...؟!

الثالثة:
(وما تفعلوا من خير يعلمه الله): لما حذّرهم الشرور والمعاصي، نبههم إلى الخيرات وفعلها، واهتبال الفرص وتحقيقها، من حُسن العبادة، وفعل المعروف، واتباع السُّنَنْ، وعظة الناس، والترفق بهم، ورحمة الضعفاء.

الرابعة:
(وتزودوا): تنبيهٌ على الزاد، وحمل الميرة من طعام ولباس وحاجيات، تعين في السفر، وتسهل العبادة، وتريح البال، وأن لا يكون المسلم عائلاً على غيره، فقد تكاثرت الأحاديث في ذم المسألة، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الرجل يسألُ الناس حتى يأتي يوم القيامة، وليس في وجهه مُزعة لحم -أي قطعة-).

ويروى عن عكرمة رحمه الله قال:
(إن ناسا كانوا يحجون بغير زاد، فأنزل الله: (وتزودوا فإنّ خير الزاد التقوى).

الخامسة:
(فإن خير الزاد التقوى): أرشد إلى أعظم زاد، وأغلاه وأطيبه، وأن الزاد المادي لا يغني عن الزاد المعنوي، المؤثر في الحج، والنافع لصاحبه، والمؤنس لرفيقه، وهو تقوى الله ومراقبته في تلك المشاهد العظيمة.

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: (تمام التقوى أن يتقي اللهَ العبدُ حتى يتقيه من مثقال ذرة، وحتى يترك ما يرى أنه حلال، خشية أن يكون حراماً).

وكلا الزادين مهمين، فالأول يمنع السؤال والشحاذة، والثاني يمنع الحرام والمجاسرة عليه، قال تعالى: (ولمن خاف مقام ربه جنتان) والتقوى مقام خوف ومراقبة للواحد الأحد.

السادسة:
(واتقونِ يا أولي الألباب): فكل من لديه مسكة من عقل، حمله عقله على الطاعة ومراقبة الله، وأن يؤثر التقوى على الهوى، والخشية على الشهوة، والجد على التكاسل والغفلة.

السابعة:
(ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم): نص صريح على جواز البيع والشراء في المناسك والانتفاع من منافعها وعوائدها ومغانمها كما قال في آية الحج: (ليشهدوا منافع لهم)، وقد كانوا يتّجرون في الجاهلية في أسواقهم المشهورة (عكاظ ومِجَنة وذو المجاز) فلما جاء الإسلام خشوا الإثم، فأنزل الله الآية، فعُرف منها الإباحة.

فلا حرج بعدها للمحرم من أن يبيع ويتجر، ويسترزق مما أباحه الله، وفِي الأمثال الشعبية المشهورة (حج وبيع مسابح)...!

الثامنة:
(فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله): بيان لمنسك عرفات وهو من أركان الحج لحديث (الحج عرفةْ) كما عند أبي داود في السنن.

والإفاضة منها يقتضي الوقوف بها والمرور عليها، وهنالك المقام العظيم والدعاء المستديم، وموضع إقالة العثرات، وسكب العبرات، ما ينبغي للحاج تضييعه أو التشاغل عنه...

والمعنى إذا خرجتم من عرفات قاصدين المشعر الحرام وهو المزدلفة، فاذكروا الله هنالك وعظّموه..!

التاسعة:
قوله: (عند المشعرِ الحرام): يعني المزدلفة والذكر، والمبيت بها من واجبات الحج وقيل برُكنيته، ولا يصح ذلك، وتسمى (جَمْع) بفتح الجيم والسكون، وكذلك المشعر الحرام، وهو موضع المسجد الحالي، وفِي أي مكان وقف الحاج، صحّ حجه، وتم نسكه لحديث: (وقفتُ هنا وجَمْع كلها موقف).

العاشرة:
(واذكروه كما هداكم) أي لهدايتكم، وهو شعار الحج، كثرة الذكر والتلبية (لبيك اللهم لبيك) وهي نبْرُ الحاج وصدعه وعجّه وعجيجه، وقد صح حديث (أفضل الحج: العَجّ والثَّج).

والسُّنَّةُ المُكْثُ في مزدلفة إلى الإسفار وصلاة الفجر فيها، ولا يدفع إلا الضعفة، وهنا خالف المشركين في عرفات ومزدلفة، قال طاووس كان أهل الجاهلية يدفعون من عرفة قبل أن تغيب الشمس، ومن مزدلفة بعد أن تطلع الشمس ويقولون: "أشرق ثَبير كيما نُغير" فأخر الله هذه، وقدم هذه...!

• الحادية عشرة:
(وإن كنتم من قبله لمن الضالين): بيان لمنته عليهم، وقد هداهم، وأرشدهم، وسلك بهم سبل الهدى والسعادة، وقد كانوا ضُلالا، يتيهون في الأرض، لا يعرفون دينا، ولا يحسنون حجاً..! فهم ضلال قبل هذا الدين وروعته، والإسلام وجماله، والشرائع واستقامتها...!

الثانية عشرة:
(ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس): إنكار على مشركي مكة، وقد خصّوا أنفسهم بخصائص، أو جعلوا مراسيم خاصة بهم، فلا يخرجون من الحرم، ويقفون بالمزدلفة دون عرفة لأنها خارج الحرم، ويقولون: "نحن أهل الله في بلدته، وقطّان بيته".

فنهاهم الإسلام عن ذلك، وقال كونوا مع الناس.

الثالثة عشرة:
(واستغفروا الله إن الله غفور رحيم): استغفروه من ذنوبكم، وأصلحوا أحوالكم، وتجردوا من أوزاركم بكثرة التوبة والاستغفار، وذلك في ختام العبادة، وهو ملائم لها، كما ورد في ختام الصلاة والانصراف منها، وفيه دفع لاغترار العبد وتواضعه، وهو ديدن العباد والصالحين، كما قال الصديق رضي الله عنه: علّمني دعاء أدعو به في صلاتي؟ فقال: (قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"الاستغفار هو طلب المغفرة، وهو من جنس الدعاء، والسؤال، وهو مقرون بالتوبة في الغالب، ومأمور به، لكن قد يتوب الإنسان ولا يدعو، وقد يدعو ولا يتوب".

الرابعة عشرة:
(فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا..): فيها تعظيم شأن الذكر والتعويل عليه مرة أخرى، وأنه زينة الحج وشعاره، وهل تطيب المناسك بلا ذكر وتدارك..؟! وقال هنا: (كذكركم آباءكم) أي كترداد الصغار وولعهم: أبه، أمه، وقيل: كانوا يلهجون في الموسم بمفاخر آبائهم، فنبههم إلى ما هو أولى وأعظم، ذكر الله وتمجيده.

الخامسة عشرة:
(فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا...): وهنا كشف لضمائر الحجاج وصنائعهم في المناسك، وكيف تعلق قلوبهم بالله والدار الآخرة...! وفيها بيان لأهمية الدعاء، وأن الحج موسم له، وظرف لنيل الإجابة، والدنو من الله تعالى، ولرسولنا الكريم وقفات دعائية معروفة.          

ولذلك كان الناس فريقين:
دنيوي: همه المال والسعة وتوالي الأرزاق، وأخروي: يطمح إلى ما عند الله من الفوز بالجنة والنجاة من النيران،،! قال ابن عباس رضي الله عنهما: "كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف، فيقولون: اللهم اجعله عامَ غيث وعام خصب، وعام ولاد حسن.

لا يذكرون من أمر الآخرة شيئاً، فأنزل الله فيهم الآية...".

السادسة عشرة:
وفيها فضل الآخرة على الدنيا، وتدعو المؤمن إلى التوازن بين الأولى والآخرة، فلا حرج من سؤالات دنيوية، مع عدم إهمال الأخروية، كما قال: (ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفِي الآخرة حسنة).

السابعة عشرة:
فضل هذا الدعاء الجامع، بين حسنة الدنيا وحسنة الآخرة، وهو مما كان يعتني به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الحسنة في الدنيا: تشمل كل مطلوب دنيوي، من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلم نافع...

وأمَّا الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات، وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة،...!

الثامنة عشرة:
(وقنا عذاب النار) فلما سأل الجنة، ناسب أن يستعيذ بالله من النار وأخطارها، والوقاية تقتضي الحفظ من اسبابها، والعوامل المعينة على التباعد عن موجباتها، وهو تأكيد لدخول الجنة مع الفائزين الأولين.

ولذلك كان جزاء الدنيويين حرمان الحظ والنصيب (فما له من خَلاق) وجزاء الأخرويين: (أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب).

التاسعة عشرة:
(واذكروا الله في ايّام معدودات): المراد به التكبير في أيام التشريقِ وهي آخر أيام الحج، والأصح أن المعلومات عشر ذي الحجة، والمعدودات أيام التشريقِ، وفيها عملان للحجيج: المبيت ليالي منى، والرمي للجمار الثلاث، كل يوم (٢١) حصاة، ومجموعها بيوم العيد والتأخر (٧٠) سبعون حصاة.

وصيغة التكبير:
(الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد) أو غيرها من الصيغ المنقولة عن السلف، وإلا فلا يثبت حديث مرفوع في هذا الباب، مما يدل على التوسعة.

العشرون:
(فمن تعجل في يوم فلا إثم عليه..): فيه بيان وقت انصراف الحجاج، وجواز تعجلهم برمي يومين بعد العيد، والتكبير مع كل حصاة، فإذا فرغ دعا عند الجمرتين الأوليين فقط، ثم انطلق إلى مكة ليطوف للوداع، وهو من واجبات الحج.

الحادية والعشرون:
(ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى): فيها استحباب التأخر لثلاثة أيام التشريقِ، لأنه أكمل وأقرب للتقوى، وهو هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد تأخر، زيادةً في العمل، وطلبا للتقوى، ثم خاطبهم بقوله تعالى: (واتقوا الله الذي إليه تحشرون).

• في الآية دليل على جواز الرمي نهاراً أو ليلاً، لأنه ذكر الأيام وأطلق: (فمَن تعجل في يومين)، ولَم يحدد بزوال أو غيره، فصح أن اليوم كله موضع للتعجل، وفيه تخفيف على الناس، لا سيما والأعداد كثيرة، والحشود متلاطمة، وإلزامهم كلهم بعد الزوال، يعطلهم ويؤخر مصالحهم، ويضاعف من إمكانية عدم الخروج من مِنى قبل مغيب شمس اليوم الثاني، والله تعالى أعلم.



سطور في الحج والمناسك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سطور في الحج والمناسك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مذكرة الحج أكثر من 675 مسألة فقهية في الحج (2)
» مذكرة الحج أكثر من 675 مسألة فقهية في الحج (3)
» مذكرة الحج أكثر من 675 مسألة فقهية في الحج (1)
» من نفحات الحج..
»  ما صح وما لم يصح في الحج (1)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فقــــه وأحكــام وفتــاوى الـحــج والعُمــرة :: كتابات في الحج والعمرة-
انتقل الى: