أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الحلقة العاشرة من مدرسة الحياة الخميس 12 مايو 2011, 11:48 pm | |
| الْمُحَاضَرَة الْعَاشِرَة قال بن الجوزي- رحمه الله تعالي-: ( خَطَرَت لِي فِكرَةٌ فيمَا يجرِي علَى كَثيرٍ مِن العَالَمِ من المَصائبِ الشَّدِيدةِ و البَلَايَا العَظِيمَةِ التي تَتَنَاهَى إلى نِهَايةِ الصِعٌوبَةِ فقُلتُ: سُبحَانَ الله إن الله أَكرَمُ الأَكرَمِين والكَرمُ يُوجِبُ المُسَامَحة فَما وَجهُ هَذِهِ المُعَاقَبة ؟ فَتفَكرتُ فَرأيتُ كَثِيرًا من النَّاسِ في وجُودِهِم كالعَدم لا يَتَصَفَحُونَ أدِلَةِ الوِحدَانِية ولَا يَنظُرُونَ في أَوامِرِ الله تَعالَى ونَواهِيهِ بَل يَجرُونَ على عَادَاتِهِم كَالبَهَائِم ، فإِن وَافَقَ الشَّرعُ مُرَادَهُم وإِلَّا فَمُعَولَهُم عَلى أغرَاضِهِم ، وبَعدُ حِصُولِ الدينَارِ لا يُبَالُونَ أَمِن حَلَالٍ كانَ أَم مِن حَرَام وَإن سَهُلَت عَليهِم الصَّلاةِ فَعَلُوهَا وَإن لَم تَسهُل تَرَكُوهَا ، وفِيهِم مَن يُبَارِزُ بالذِنوبِ العَظِيمة مَع نَوعِ مَعرِفَةِ النَّاهِي ، ورُبمَا قَويَت مَعرِفَةِ عَالِمٍ مِنهُم وتَفَاقَمَت ذِنُوبَه فَعَلِمتُ أن العِقُوبَاتِ وإِن عَظُمَت دُونَ إِجرَامِهِم ، فَإِذا وقَعَت عُقُوبَةٌ لِتُمَحِصَ ذَنبًا صَاحَ مُستَغِيثُهُم: تُرَى هَذَا بِأَي ذَنب ؟ وَيَنسَى مَا قَد كَانَ مِمَا تَتَزَلزَلُ الأَرضَ لِبَعضِه, وقَد يُهَانُ الشَّيخُ في كِبَرِهِ حَتَى تَرحًمَُه القُلُوب ، وَلَا يُدرَي أِنَّ ذَلِكَ لِإِهمَالِهِ حَقَّ الله تَعَالَى فشَبَابِهِ فَمَتَى رَأَيتَ مُعًاقَبًا فَاعلَم أِنَّه لِذِنُوب .)وكنا وقفنا في المرة الماضية عند قول الله تعالي في الحديث الإلهي عند البخاري وغيره :" من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلىَّ مما افترضته عليه " وكان هذا الكلام فرعًا على كلامنا عن الأحكام الشرعية الخمسة ، لما قلنا أن الأحكام إما في باب الأوامر ، إما أن تكون واجبة أو مستحبة أو مباح ، وفي باب المناهي إما أن تكون حرامُا أو مكروهًا فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَنْبَغِيْ عَلَىَ الْعَبْدِ أَنْ يُرَاعِيَهِ هُوَ مَا افْتَرَضَهُ الْلَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْهِ: وليس هناك أمرٌ علي على سبيل الفرض يعجز العبد عنه إذا كان كامل الأهلية ، إنما قد يعجز عن بعض المستحبات ، لأن باب المستحبات أوسع بكثير من باب الواجبات ، وفي باب المستحب بعض الأوامر التي قد يعجز المرء عن تنفيذها لظروف خاصة ملمةٍ به ، كحديث أبو هريرة في صحيح مسلم والذي ذكرناه أكثر من مرة " أن رجلاً قال للنبي- صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني ، أحسن إليهم ويسيئون إلىَّ ، أحلم عليهم ويجهلون عليَّ ، أعطيهم ويمنعونني ، قال: إن كنت كذلك فإنما تسفهم المل _، أي: الرماد الحار_، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك " .منذ عدة أيام اتصل بي إنسان يشكي لي مشاكل بينه وبين إخوانه والقطيعة بينهم منذ ثماني سنوات وأنه حزين أنه لا أحد يزوره لاسيما في رمضان وغير ذلك ، دخلت له في هذه المعاني وأتيت له بهذا الحديث ، وكل ما أحضه على المسامحة يقول لا أقدر ، أقول له وأنا أكلمك قاربت من البكاء ، من كثرة الكلام ، وأنت لازلت إلى الآن تقول لا أعرف ، ويقول عملوا معي كذا وكذا وكذا ، يا بني اسمع الكلام وافتح أذنك وأنا أكلمك ، وظللت معه حوالي ثلث ساعة ، ثم في الآخر قلت له يا أخي لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها وأنا لا أستطيع أن أصل معه لحل ,فيه ناس كنت عندما أذكر هذا الحديث كانت تنفك المشكلة ، وفيه واحد لا يسمع الكلام فلا أستطيع أن أعمل له شيء ، وربنا- عز وجل- في القرءان ما ذكر عدلاً إلا ذكر بعده إحسانًا﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ﴾ (النحل:90) ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ﴾ (النحل:126) ، هذا هو العدل﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾(النحل:126) ، وهذا هو الإحسان﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾هذا هو العدل﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾(الشورى:40) .كل عدل يعقبه إحسان ، لماذا ؟ لأن الله يحب الإحسان وكتب الإحسان على كل شيء كما قال ﷺ -:" أن الله كتب الإحسان على كل شيء ، إذا قتل أحدكم فليحسن القِتلَة وإذا ذبح فليُحسن الذِبحَة وليُحِد أحدكم شَفرَتهُ ولِيُرِح ذَبيحَتَه " ، وصل الإحسان إلى هذا الحد مع ذبح الأنعام التي أبيح لنا أن نأكلها ، حتى الرسول- ﷺ - يقول:" لا تتخذوا الدواب كراسي " ، هذا من الإحسان ، تركب الحيوان يجوز وتمشي به يجوز لكن إذا وقفت لتري نفسك ساعة من الوقت فلا تجعلها كرسي انزل على الأرض ، وهذا أيضًا من باب الإحسان لَا يَجُوْزُ أَنْ يَهْجُرَ الْمُسْلِمُ أَخَاهُ فِيْ الْدُّنْيَا فَوْقَ ثَلَاثٍ:وتكلمت بما فتح الله به ومع ذلك لم أستطيع أن أهزه أو أحركه ، هذا في المستحبات الواجب عليه ألا يقطع رحمه ، لأن النبي- ﷺ قال:" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام" ، وهذا في الخصومات في الدنيا ، أما الخصومات في الدين فيجوز أن تهجره إلى أن يموت أو إلى أن تموت مختصمين علي شيء في الدنيا هي ثلاثة أيام فقط ، وتقطع هذا الخصام بالسلام لو اتصلت عليه وقلت له السلام عليكم ، ما أخبارك ؟ ثم جعلته خلف ظهرك فبذلك يكون انتهى الخصام وعملت ما عليك وقطعت الخصومة بالسلام . الْهَجْرُ فِيْ الْدِّيْنِ غَيْرُ مُحَدَّدٌ الْمُدَّةِ :أما الخصومة في الدين ممكن أن تواصل كما هاجر النبي- ﷺ كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية الواقفي في حديث غزوة تبوك هجرهم خمسين ليلة ، هذا إنسان مبتدع وأنت بذلت جهدك وكل ما تستطيع وأحسنت إليه وهو لا يرجع ومصر أن يكون مبتدعاً أو رأسًا للبدعة وغير ذلك وظهر لك أن تهجره ، فيجوز أن تهجره لله ويكون أكثر من ثلاثة أيام ,فهذا نص ، إذا تجنبت الخصومة أكثر من ثلاثة أيام فهذا نص أنت تستطيع أن تفعله ، واحد آخر لا يستطيع أن يفعله ، باب المستحبات واسع جدًا ولا يحيط بكل نصوصه إلا نبي ، لا يعمل كل الواجبات على وجهها وكل المستحبات على وجهها إلا نبي ، لأنه ما من أحد من كما قال الشافعي- رحمه الله- إلا وتعذب عنه سنة لرسول الله ﷺ ، ممكن تغيب عنه السنة أو يعجز عن فعلها ، أو ممكن يخرج عن طوره ، حتى الرجل الفاضل ممكن يخرج عن طوره ، وقد يتكلم بكلام قد يندم عليه بعدما يهدأ كيف حصل منه مثل هذا . مَا يَنَالُ بِهِ الْمَرْءُ أَوَّلَ الْحُبَّيْنِ:كل الفرائض مطاقة ومن أتي بالفرائض علي وجهها في حدود استطاعته وبذل أقصى ما عنده نال أول الحبين" وما تقرب عبدي بشيء أحب إلىَّ مما افترضه عليه " إذا فعل هذه الواجبات على وجهها أخذ الحب الأول ، وهذا الحب الأول يفتح له الباب إلي النوع الثاني من الحب ، " ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإن أحببته كنت سمعه الذي يبصر به وسمعه الذي يسمع به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها .......إلى أخر الحديث " . عُنْوَانُ الْعُبُوْدِيَّةِ:تنفيذ الأوامر والنواهي هذا هو عنوان العبودية ، الذي يقف عند حدود الأمر أو عند حدود النهي ، فهذا هو الذي حقق العبودية على أصلها ، وتعرف العبد في لحظات الغضب ، تعرف دينه في الغضب ، أنظر إلى الحديث في صحيح البخاري الأحنف بن قيس لما قال له عمه الحر بن قيس قال له إن لك وجه عند هذا الأمير فأدخلني عليه ، فدخل عليه أول ما دخل نظر إليه وقال: "هيه يا بن الخطاب والله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل فهم به عمر ,فقال له الأحنف بن قيس ، يا أمير المؤمنين إن الله- عز وجل- يقول في كتابه:﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾قال: فو الله ما تجاوزها عمر ، وكان وقَّافاً عند كتاب الله )الْخُصُوْمَاتِ هِيَ الَّتِيْ تَظْهَرُ مَعَادِنُ الْنَّاسُ وَلَيْسَ الْرِّضَا:أنت تعرف معدن أي إنسان في الخصومات وليس في الرضا ، الرضا نحن نراه جميل مع بعض لماذا نتخاصم ؟ ، ولماذا نتشاحن ؟ ، ولماذا نغضب مع بعض ؟ لا في الخصومات تعرف معدن كل إنسان ، بينك وبين أحد خصومة وكاتب له شيك أخذت منه فلوس ، أخذت منه بضاعة ، كتبت له شيك علي بياض أنت مماطل معه أو غير ذلك يذهب لواحد محامي ويقول له ضع لي فيه مائة ألف ، وأنت لك ألفين أو غير ذلك ، وأنت تقول أنا أصلًا سوف أشتكيه بمائة ألف وبعد ذلك سوف آخذ منه الآلفين فقط .أنت عندما وضعت مائة ألف في هذا الشيك هل هذا من حقك أن تفعل شيء مثل هذا ، أنا أريد أن أعرف أين حقوق الأخوة في هذه القصة ؟ فهو معسر وظهر لي أنه معسر وأنا أيضًا معسر ، لكن بان لي أنه معسر ولا يستطيع السداد فيظهر معدن كل إنسان في هذه المسألة ، راقب الناس في الخصومات تعرف معادنهم ، تعرف اللئيم من النبيل ، مجرد ما يُذَّكر عمر بأية ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾(أل عمران:134) أَرْكَانِ الْحُلُمَ :(كظمٌ وعفوٌ وإحسان) هذه أركان الحلم الثلاثة ولا يكون المرء حليمًا إلا بهذه الأركان ، يمدح بأي واحدة منهم يمدح ، لكن لا يقال حليمًا ولا يأخذ فضل الحلم ودرجة الحلم ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾ ممكن أنت أن تكظم الغيظ ، لكن أنت ستنفجر من داخلك .﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ يكون يعفو ويصفح .﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ ترسل له هدية . من الذي يعرف أن يفعل هذه ؟ (كظمٌ وعفوٌ وإحسان ،)الإحسان هذا هو الذي يفك هذا الغل الناتج عن الغيظ . شَكْلِ الْحَرْفْ فِيْ الْلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ يَخْدِمُ الْمَعْنِيّ:وأنظر إلى كلمة الكاظمين ، اللغة العربية أحد مميزاتها أن الحرف يخدم المعني شكل الحرف يخدم المعنى أنظر شكل الظاء مبعجر على الآخر كأنه سينفجر والكاظمين تحس أنك مريض ، والغيظ وانظر إلى شكل الظاء في الغيظ ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ قال: فما تجاوزها عمر وكان وقافًا عند كتاب الله ، فيكون عنوان العبودية الأمر والنهي .بن الجوزي وضع يده علي فعل اللئام .قال: (فإِن وَافَقَ الشَّرعُ مُرَادَهُم فعلوه وإِلَّا فَمُعَولَهُم عَلى أغرَاضِهِم)مثلما يحدُث يأتي أي إنسان يستفتي أو يسمع فتوى أن وضع الأموال في البنوك الربوية حرام ، ويقول: هؤلاء معقدين الدنيا وجعلوا الناس يكرهون معيشتهم وكل حاجة حلال حرموها ويجعلون المركب التي تسير تقف ، وترك العالم وترك الفتوى ثم دخل في هذه الحدوتة ، ومعروف الذي يأخذ قرض من البنك يستحيل أن يسده إلا بعد خراب بيوت ، وممكن يموت وفي الغالب يموت وعليهم الديون ، لأن أسهل شيء أنك تأخذ ، أي( نعمت المرضعة وبئست الفاطمة )عندما يذهب ليحمل الفلوس من البنك ويضعها في الحقيبة يكون سعيداً ، بماذا أخذها ؟ بإمضاء وقع وأخذ مائة ألف أو مائتين ألف أو غير ذلك فرحان وسعيد ، فهذه نعمت المرضعة وهو يرضع لا يوجد أي مشكلة .وبئست الفاطمة: لما جفت المسألة وأراد أن يرجع الفلوس ، لا يستطيع أن يردها ,لأنه يؤجل كل سنة ولا يوجد بركة أبدًا ، الإنسان الذي يتعامل بالربا لا يمكن أن يبارك الله له أبدًا ، أول ما يتورط يأتي لك ، وبعد ما ظهرنا في الفضائيات ويعتقدون أننا نملك خزائن الدولة ، تنظر تجد لا يمر يوم إلا واثنين وثلاثة وأربعة المديون ، والذي علي شيك ، والذي سيدخل السجن والذي دخل السجن ويحتاج مصالحة وغير ذلك ، يذهب على أهل الدنيا كلهم ، لا تجد إنسان يرفع له رأس ، ويأتي لكي نسد عنه أو نجعل المحسنين يسدوا عنه أو مثل ذلك ، فلا يأتي إلا إذا تورط وهذه هي المشكلة في نظرة الناس إلى الدين . رَبَطَ الْنَّاسِ الْقُرْءَانُ بِالمَآتَمْ :أنت تعرف مثل الأفراح والمآتم ، في الفرح يطبل ، يرقص ، يغني وغير ذلك ، وفي المآتم يشغل القرءان ، لماذا ؟ واحد تأول هذا الكلام وقال: أن النبي- صلي الله عليه وسلم - أن القرءان نزل بالحزن فاقرءوه بالحزن ، وهذا الحديث لا يصح ، وحتى لو صح ، فهل يكون معناه هكذا ، نزل بالحزن ، وفي ذات مرة قديمًا ذهبت إلى فرح واحد صاحبنا وغير ذلك ، فكان مشغل قرءان ، جاءت في رأسه أن يشغل القرءان .فأنا أقف على أول الشارع وأن داخل وجدت اثنين يقولون: هل هذا هو العنوان ؟ قال: نعم هذا هو العنوان الفرح بيقول في شارع كذا وأخرج الورقة وقال: يا عم هذا ميت أنهم مشغلين قرآن ، هذا هو الشارع الفلاني وهذا الفرح ، سبحان الله لماذا القرآن دائمًا مرتبط بالمآتم وغير ذلك ؟ لأننا لا ننفذ القرآن ولسنا نعيش به ,فنحن نقول: الإنسان الذي يهمل الفتوى يهمل أن يستفتي علي مسألة من مسائل الشرع ، فإذا تورط جاء للشرع ، ونحن نعرف أن هذه فيها علامة إيجابية وأنه لا ييسر أمره غير ربنا ، لا يخرجه من هذا الضيق غير ربنا ، ثم أهل الديانة هم الذين في قلوبهم رقة ، وهم الذين يقدرون علي مساعدته ، وهم الذين لديهم رحمة ، إلي آخره .هؤلاء الذين يشير بن الجوزي إليهم قال الله- عز وجل- فيهم:﴿ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ (النور:48-50) ، فربنا- عز وجل- يقول:﴿ وَإِذَا دُعُوا ﴾ابتداءاً ، في أي خصومة من الخصومات ﴿ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ﴾ لأنه أتي ومتأكد مائة في المائة أن الحاكم سوف يحكم له ، طالما أن الحاكم سوف يحكم له ، أحتكم إلي فلان . سَبَبِ نُزُوْلِ قَوْلُهُ تَعَالَي: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُوْنَ ...... ﴾نزلت في رجل يهودي ورجل منافق من المنافقين ، اليهودي قال: نذهب إلي رسول الله ﷺ ليحكم بيننا ، المنافق قال: لا ، نذهب لكعب بن الأشرف ، اليهودي يقول له: نذهب للرسول ﷺ ، وهذا يقول: لا نذهب لكعب بن الأشرف اليهودي معروف ، وهذه الآية مثلها مثل أختها أيضًا التي في سورة النساء:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾(النساء:61_60) ، هذه نزلت كما رواه أبي حاتم الطبراني في الكبير بسند صحيح عن بن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان أبو برزة الإسلامي الصحابي قبل أن يسلم كان كاهنًا يحكم بين اليهود فوقعت خصومة بين جماعة من المسلمين فأرادوا أن يتحاكموا إلي أبي برزة وتركوا التحاكم إلي رسول الله ﷺ فنزلت هذه الآية , لذلك الربع هذا ربع الطاعة في سورة النساء الذي أوله:﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾(النساء:58) ، ربع الطاعة كله جاء في وجوب طاعة الله ورسول حتى قال الله تبارك وتعالي بعدها بآيات:﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَا ﴾(النساء :65) . أنت فعلًا تريد أن تعرف أنت حققت العبودية في الخصومة علي وجهها راقب فقرات هذه الآية:﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ ثاني شيء:﴿ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ ﴾ ، لأن ممكن يكون الحق عليك أنت,كما في سنن أبي داوود أن رجلين اختصما إلي النبي ﷺ فقضي النبي ﷺ لرجل علي الآخر ، فقال المقضي عليه: حسبي الله ونعم الوكيل ، فأنظر الرسول ﷺ علق ، وماذا قال علي هذه المسألة ؟ حسبي الله ونعم الوكيل دائمًا يجهر بها الإنسان عندما يكون مظلوماً، فالرسول- ﷺ علق علي هذه المسألة وقال : " إن الله يلوم علي العجز " .أنت تتخذ الأسباب الصحيحة ، فإذا اتخذتها وجاء الأمر علي غير مرادك فقل: حسبي الله ونعم الوكيل ، لكن لا تتخذ الأسباب الخطأ وتمشي في الطريق الخطأ ، وأول ما يقضي عليك تقول: حسبي الله ونعم الوكيل , أنا عندي أول شيء لا بد أن أتحاكم إلي الرسول ، إلي الشريعة في الخصومات ،والشريعة لم تترك بابًا من أبواب التعامل بين الخلق في أي منحل إلا ولها فيها حكم عرفه من عرف ، وجهله من جهل الشيء الأول: وجوب التحاكم إلي الله ورسوله .الشيء الثاني: لا تعترض إذا كان الذي يقضي بينك قضي قضاءً صحيحاً وأنت رضيت بقضائه .الشيء الثالث: أنت مقضي عليك ، وطلع الحق عليك﴿وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَا ﴾ وهذه هي الرضا الذي يشعر به المرء انفتاح الصدر بعد ثبوت الحكم عليه ، هذا معني:﴿ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَا ﴾ أي لا يجد في صدره حرجًا ولا اعتراضًا علي حكم الله ورسوله ، وطبعًا هذه درجة عالية . سبب نزول قوله تعالي: ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ...... ﴾هذه الآية نزلت علي سبب كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن الزبير قال: خاصم الزبير رجل من الأنصار في شَرجة من شِراج الحرة ، كل واحد له أرض والزبير يريد أن يسقي ، وجاره يريد أن يسقي ، أرض الزبير في العالي وأرض الأنصاري جاره منخفضة عن أرض الزبير ، فالرجل الأنصاري يريد أن يسقي الأول ، فالزبير يقول: لا ، المياه لا تطلع في العالي أتركني أن أسقي والماء كثير لكي يطلع علي الأرض عندي ، وبعد ذلك أنت أقل قدر من الماء سوف ستروي ، قال: لا ، قال: نذهب ونحتكم إلي النبي ﷺ.فلما ذهب إلي النبي ﷺ - وكان يعرف حقيقة الموضوع ، قال:" اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلي جارك " ، غضب الأنصاري وقال له: أن كان بن عمتك ؟ لأنه ابن عمتك تقدمه عليه وتجعله يسقي قبلي ؟ أن كان بن عمتك ؟ فتلون وجه النبي ﷺ وقال:" اسقي يا زبير ثم أحبس الماء " لن يسقي أرضه ، قال الزبير: فأحسب أن هذه الآية نزلت فينا في آية الخصوم ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَا ﴾ . يتبع إن شاء الله.. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الحلقة العاشرة من مدرسة الحياة الخميس 12 مايو 2011, 11:50 pm | |
| لا فرق بين الشيء اليسير والشيء الكبير في الابتلاء: وقد يمتحن العبد بالشيء اليسير تحقيقًا لهذا المبدأ ترك الاعتراض والتسليم أنظر إلى قوله -تبارك وتعالي-: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾(النور:62) ، ما الصعوبة في أن يستأذن أحد أن يذهب إلى البيت ، لكي يُجعل مثل هذا الأمر علامة على الإيمان: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ ، أنظر إلى ألفاظ الآية كأن فيها حصر الإيمان على هذا الذي يستأذن ، مع أن الاستئذان في نظرنا حاجة بسيطة ، أنا أقدر أن أستأذن وأمشى ، ولن أحمل جبل على أكتافي حتى أستأذن .لكن الله- عز وجل- يبتلي عباده بالشيء الكبير ويبتلي عباده بالشيء اليسير وممكن هذا الشيء اليسير يقع فيه أمم ، مع أنه يسير ، كما ابتلى الله- عز وجل- إبراهيم- عليه السلام- بأشياء بكل أسف ، مثل الشيخ محمد عبده اعترض على أثر بن عباس في الصحيح ، وهو صحيح الإسناد إلى بن عباس ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ﴾(البقرة:124) ، بن عباس قال: ابتلاه بخمسة في البدن تقليم الأظفار وأشياء مثل ذلك ، فاعترض الشيخ محمد عبده وقال: أي صبي صغير تقول له قص أظافرك سيقص أظافره ، لكن كون ربنا- عز وجل- ينوه بابتلاء إبراهيم فلابد أن تكون حاجة ضخمة جدًا ، لا لا يلزم أن تكون حاجة ضخمة .ولما يرد على بن عباس قوله وهو أقعد لفهم الآيات وأقعد بالتفسير بدون حجة إلا أنه ممكن أي صبي صغير يستطيع أن يفعلها ، لا ، المسألة أبعد غورًا من هذا لكن طبعًا المدرسة التي تتمرس على دراسة السنة وعلي معرفة السنة عندها اعتراضات بالجملة على هذا الكلام ، لم يذوقوا حلاوة النصوص .مثل أول أمس وأنا أسمع برنامج في إذاعة القرءان الكريم تكلم صاحبه عن السلفية وعن الإمام أحمد بن حنبل وقال أن أحمد بن حنبل ليس من أهل النظر كان يعمل مقارنة بين مدرسة الحديث والمعتزلة ، فطبعًا أخذ يمجد في المعتزلة وقال أن هؤلاء المعتزلة هم الذين حاولوا أن يجمعوا بين الشتيتين ، أعملوا عقولهم ورفضوا بعض المرويات التي تتقبلها العقول .وهم الذين ردوا على الفلاسفة وكسروا شوكة الفلاسفة ، إنما أصحاب المرويات ومذهب الإمام أحمد على رأس هذه الطائفة أنهم كانوا يقفون عند ظاهر اللفظ ولا يتدبرون المعاني ، وهذا كلام واحد لم يعرف أحمد بن حنبل أصلاً ولم يعيش مع النصوص ، يعيش طوال حياته برأسه ، ولذلك هذا الإنسان من أكثر الناس اعتراضًا علي المرويات ، ونحن لا نعارض أن نقف عند ظاهر اللفظ بل هذا هو الأصل ، وإذا تعارض طاهر النص مع مفهوم النص نقدم ظاهر النص .لكن ليس للدرجة أن يترك ظاهر النص ويغطس تحت ويقول أنا أبحث عن روح النص ، أنا أعمل روح النص ، فهل لكي تعمل روح النص تعطل النص؟ فهؤلاء أناس لم يتمرسوا كما قلت لكم في المرة الماضية . الْتَّمَرُّسِ عَلَيَّ مُبَاشَرَةً الْنُصُوصِ الْشَّرْعِيَّةِ يَحْتَاجُ إِلَىَ يَقَظَةٍ حَتَّىَ تَتِمَّ لَهُ الْمَلِكَةُ: لابد ، لا يمر بك نص إلا لما تقف عنده وتأخذ منه أي حاجة ، لا تترك النص يمضى دون أن تستعمل منه شيء ، استعمله بنسبة عشرة بالمائة ، خمسة عشر بالمائة ، إذا كان من باب المستحبات ، أما إذا كان واجبًا تأتي به مائة بالمائة ، إلا إذا عجزت فيكون عجزك بحسبه . لكن لا يوجد نص يمر عليك إلا تقف وتستعمله ، إذا استعملت هذا النص وهذا النص وهذا النص صار عندك ملكة استعمال النصوص ، لا ، أهل الحديث من مدرسة الحديث التي على رأسها ليس أحمد بن حنبل كما هو يقول ، على رأسها كل أئمة الإسلام الفقهاء ، على رأسها مالك والليث والشافعي وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة والفضيل بن عياض وحتى الفضيل له كلمة جميلة في هذا المعني ,كان الفضيل بن عياض قليل الرواية يذهب إليه الناس يريدون أن يأخذوا الحديث فلم يكن يحدث مع ثقته والدار قطني قال فيه ثقة جبل ، لا يعرف له خطأ ، فالكل يريد أن يأخذ الحديث منه فقال لهم أنتم مفتونون ، حدثني ال: (إذا أخذت اللقمة ورميتها خلف ظهرك فمتى تشبع ؟ ) أعمش قال المفروض أن هذه اللقمة ليس لها إلا مكان واحد فقط وهي أن تضعها في فمك وتأكلها ، فأنت تأخذها وترميها وراء ظهرك ثم تأتي وتشتكي الجوع ، يريد أن يقول تأخذ الحديث وتكتبه في الدفاتر ، صار عندك بعلو بعدما صار عند الآخرين بنزول ، أنت تفردت به وليس موجود عند الآخرين ، هل هذا كل الذي يهمك في الموضوع ، ولا تستعمله ولا تنفذه ، وهذا معنى كلام الأعمش .فهؤلاء العلماء كلهم كانوا فقهاء وكانوا مفسرين لكتاب الله- عز وجل- وهم في الأصل محدثون ، الشافعي: اسمه ناصر الحديث وهو الذي أوقف قطار أبي حنيفة وأصحابه ، هو الذي أوقفهم ، كما قال أحمد كانت أقضياتنا في أيدي أهل العراق ، حتى جاء الشافعي فانتزعها منهم ، فسماه أهل مكة: ناصر الحديث ، ومناظراته مع محمد بن حسن فضلاً عن من دون محمد ، في فهمه وعلمه وفي جلالته كثيرة ومشهورة .فلما يأتي ويقول أن مدرسة الحديث أصلاً هذه مدرسة ظاهرية ، تقف عند ظاهر النص ، هؤلاء الجماعة عندهم عقول ورؤسهم كبيرة وعندهم فهم واسع وغير ذلك ، فهذا رجل عرف للمعتزلة حقهم ولم يعرف لأهل الحديث حقهم .ونحن نريد أن نقول: الوقوف عند النص هي علامة العبودية ، أنظر هذه الآية نزلت لاعتراض الأنصاري ولأنه اتهم النبي- صلى الله عليه وسلم- بالمحاباة للزبير بن العوام للقرابة التي بينهما فنفي الله- عز وجل- الإيمان عن من لم يحكِّم الرسول ﷺ في أي خصومة تكون ، ثم يرضى بحكم النبي ﷺ حتى وإن كان الحكم عليه بخلاف المنافقين أول ما يظهر تباشير أن الحكم له يقول نحتكم إلى فلان ، لو عرف أن الحكم عليه لا يمكن يقبل قال الله- عز وجل-:﴿ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ﴾(النور:47-53) ، وهذا هو الجنس الأول وهو جنس هؤلاء المنافقين ، ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ﴾ قال الله- عز وجل- لهم:﴿ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ﴾، المعني الأول:أي طاعتكم معروفة ، إنما هي بالكلام فقط ، ليس بالفعل ، أنتم مكشوفون ومعروفون ، وهذا هو المعني الأول .المعني الثاني: قال العلماء:﴿ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ﴾ ، أي أطيعوا طاعة معروفة الطاعة المعروفة لأهل الإيمان إذا أمرت بالشيء فلابد أن تمتثل له .بن الجوزي يقول: أن القصة عندهم ليست الوقوف عند مراد الشرع بل الوقوف عند أغراضهم . مِثَالُ لِمَنْ يُرِيْدُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ لِهَوَاهُ:واحد مثلاً طلق امرأته ، يقول لك لا تذهب إلى فلان الفلاني ، لماذا ؟ لأنه سيخرب لك البيت ، لأنك لما طلقت المرأة طلقتها في الحيض وهو يوقع الطلاق في الحيض ، اذهب إلي لجنة الفتوى ، وهذه مسألة حدثت وأنا لم أعرفها إلا من المرأة ، الرجل لم يقول لي ، المرأة هي التي قالت ، أول ما دخلوا ، اثنين ، ثلاثة أربعة مفتيين هكذا ، فسأل واحد فقال له من الذي يطلق في الحيض من هؤلاء ، أنت تريد فتوى مخصوص ، إذا عرف أن هذا يطلق في الحيض فلا يذهب ، والمرأة أورع منه تخاف أن تعيش معه في الحرام أو تكون معه في الزنا وغير ذلك ,وهو يريد البيت أن يكون موجود ولا يهدم فهذا معوله على غرضه ، وليس القصد في المسألة معرفة حكم الله- عز وجل- في المسألة ، وغير ذلك كثير ، خذ من هذه المسائل أي أمثلة تنطبق على مثل هذا ، فيكون هذا الإنسان لم يريد أن يحقق العبودية إنما قصد أن يحقق غرض نفسه حتى وصلت المسألة للطلاق ، إن الطلاق سهلت عليهم فعلوها ، لم تسهل عليهم تركوها ، مثل كثير من تاركي الصلاة مع فظاعة هذا الجرم ، وحتى العلماء الذين يقولون أن تارك الصلاة ليس بكافر هم لا يقصدوا أن يسهلوا له الأمور ، لا ، المسألة متعلقة بالكفر فقط ، هل هذا الإنسان يخرج من الملة أم لا يخرج ، وليس أنهم خففوا من جرم هذا المجرم .لأن الرسول ﷺ لما يقول: " إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة "، فأنا لا أفهم كيف يرضى حتى لو أخذ الإثم ، حتى بعض العلماء الذين يقولون هو كافرًا إثمًا فاسق الحكم ، بعض العلماء خص في المسألة حتى لا يعارض الأحاديث ، فهو لما يقول تارك الصلاة كافر ، فأنت تأتي وتقول لا فاسق فأنت ترد على النبي ، ولا يصح أن ترد على النبي- ﷺ حتى ولو كان بالنص .لا يأتي مثلاً واحد يقول لواحد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-( كل بدعة ضلالة )يقول له: لا ، هناك بدعة حسنة ، فهذا يرد على النبي ﷺ ، لا تصح العبارة ، على الأقل العبارة لا تنفع ، فلما النبي ﷺ يقول أن تارك الصلاة كافر فلا يأتي واحد ويقول فاسق ، فهو أراد أن يوفق بين المسألة هذه ، فقال: هو كافرًا إثمًا فاسق الحكم وحتى لو فاسق من الذي يرضى أنن يحمل هذا اللقب ، لقب الفاسق .سأل واحد بن عمر فقال له: يا أبا عبد الرحمن أيؤكل الغراب ؟ ضاقت عليه الدنيا عنده دجاج وبط وأوز وغير ذلك ويريد أن يأكل الغراب ، فيقول له: أيؤكل الغراب ، فقال له: ومن يأكل الغراب وقد سماه رسول الله ﷺ فاسقًا ، يكره سوء الاسم ، بن عمر قال فتواه ، ليس عنده ير هذه الحاجة التي قال النبي عليها فاسق وكيف تبلعها وهل يمكن أن يتم طهيها وهل تستوي .فكيف هذا الإنسان حتى لو لم يكون كافراً كيف يرضى أن يكون فاسقاً ويحمل هذا اللقب ، فهذا لما يعمل في المحل ، صاحب المحل فقط لمجرد أنه قال: لا ، لا تنزل الصلاة فيترك الصلاة ، ثم يأتي ويقول هذا أكل عيش وعندي أولاد وعندي كذا وكذا ويضيع الصلاة ، لا ، يترك العمل فورًا يجب عليه ترك العمل ، يذهب ويعمل في أي مكان آخر ,هناك بعض الناس في لهو لما تقول له أعمل في هذا العمل يقول معذرة أنا لست متعود على هذه الحدوتة ، أنا معي مؤهلات عليا ، وأنا أريد أعمل عمل يناسب تعليمي ، لا ، كان زمان ذلك ، ذهبت هذه الحدوتة ، أنت تخرج من الكلية إلى الرصيف ، هل تنسى نفسك ، أم تعتقد أن هناك عمل لا ، الرصيف ينتظر الجميع الرصيف حصيرة الجميع ، مقل المحمول في يد الجميع هكذا.فأنت طالع وتتكلم لا ، أخرج إلى الرصيف واعمل أي حاجة ، العمل ليس عيب ، لكن لا تأتي وتقول أنا لابد أن أعمل عمل معين لأن أنا متخرج من الكلية المعينة ، انتهي هذا الكلام ، والله إن وجدت خير وبركة ، وإن لم تجد ماذا تريد أن تعمل تتسول من الناس ، تذهب ويعمل في أي عمل يقول لك شرط تحلق لحيتك فتحلقها وتدخل ، لا ، هذا ليس رسم العبودية ، فهؤلاء الذين يمشون مع أغراضهم .بن الجوزي يقول: ( فَعَلِمتُ أن العِقُوبَاتِ وإِن عَظُمَت دُونَ إِجرَامِهِم). في تكسير الأوامر ، أن يلقي بالأمر خلف ظهره ، فنحن نستفيد من هنا أن حقيقة العبودية هي الأمر والنهي ، إذا حقق المرء الأمر وحقق المرء النهي ووقف عند النهي انتهي ,العبد إذا لم يقف مع المناهي فيه عقوبات وأنت لا تدري أي عقوبة ستلحق بك ، فلا تستصغر الذنب ، نهيت عن شيء معين لا تأتي وتفعله لأن ممكن العقوبة كبيرة . وأنت تعرفون حديث أبو هريرة في الصحيحين الذي قال فيه النبي- صلى الله عليه وسلم-:" كان رجلٌ ممن كان قبلكم يمشي في بردين له يتبختر إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة " ؟، لأنه يرتدى ملابس جديدة وينظر إلى كتفيه ومعجب بعضلاته وعنده كبر ، خسف به من يوم أن خسف به حتى اليوم إلى يوم القيامة يتجلجل فيها ، أنت تعرف ما معني يتجلجل ، أي يصعد إلى السماء ثم يسقط على رقبته وهكذا من يوم أن خسف به ، وهذه عقوبة من العقوبات لأنه تعدي ، وهذا لما يرتدي ملابس جيده وعنده كبر .وهذا الكبر النبي ﷺ قال:" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" ، وفي لفظ:" مثقال حبة خردل من كبر " ، هذا الكبر ولا الهوى يدخل مردود جملة وتفصيلاً ، أقل حاجة فيه مثل أكبر حاجة فيه يعاقب العبد بها , .فالإنسان العاقل ينظر في الأوامر وينفذ الواجبات كلها ، عجز عن فعل الواجبات بحسبه ، لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها ، يدخل على المستحبات ويعرف فضل المرء بالمستحبات وليس بالواجبات ، كل ما يفعل المستحبات أكثر كلما كان أفضل ويعرف فضله ، كما أنا قلت لكم قبل ذلك ، الرجل الذي يصلى الصلوات المكتوبة ممكن يضيع قيام الليل ، ممكن ، والذي يقوم الليل هل يضيع الصلاة المكتوبة ، لا ، الذي يصوم رمضان ممكن يضيع النفل ؟ نعم ، الذي يصوم النوافل باستمرار ممكن يضيع رمضان ؟ لا ، فبأي شيء أنت قمت بقياسه ، أنت قدرته بالنفل وليس بالفريضة يقول ابن الجوزي : ( فَإِذا وقَعَت عُقُوبَةٌ لِتُمَحِصَ ذَنبًا صَاحَ مُستَغِيثُهُم: تُرَى هَذَا بِأَي ذَنب ؟) وهذا مثل الذي نسمعه يقول يارب أنا عملت ماذا في ظهر دنيتي ، وهو عمل العمل الذي يسد به عين الشمس ، وهو خرج من الذنب حالاً ، وإذا أصابته مصيبة لتمحص ذنبًا ، بن الجوزي أظهر شيئًا جيدًا في هذه المسألة ، لتمحص ذنبًا أي لكي يغفر له ، فكان المنتظر أن هذا يرجع ويقلع ويخفض رأسه وأذنيه ويعترف بذنبه ، لا ، هذا وقح ويرفع عقيرته علي ربه ثم يقول بأي ذنب أي واحد وككثير ما نرى هذا المنظر .يقول لك أنت ما الأخبار ؟ الحمد لله عملت كل حاجة ، فلما تنظر عمل كل حاجة ، ماذا عمل ؟ ، صلى الفرض وترك السنة ، إذا كان فرضه سليم وأنه ركز فيه وأخذ درجة عالية في الفرض ، حتى لو هو يصلى الفرض والنفل وحتى لو هو يصوم وحتى لو كان يحج أو يذهب للعمرة وغير ذلك ، أليس يغفل كثيرًا المرء منا ، وأنا لا أقصد أحد بعينه ، كلنا هذا الرجل ، أليس يغفل عن ذكر الله- عز وجل- ؟ ، أليست الغفلة عن الذكر ذنب ؟ أنت تعرف لماذا هي ذنب ؟ الَّذِيْ لَا يُسَبِّحُ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُرْزَقَ :تتذكرون الكلام الذي قلناه في المرة الماضية أو, التي قبلها في قول الله- عز وجل- ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾(الإسراء:44) ، وقلت (حليمًا) أول ما تجد صفة الحليم اعلم أن العبد مستحق للعقوبة ، فما هي العقوبة الذي فعلها العبد حتى أتي صفة الحليم ؟ ترك التسبيح ، حديث عبد الله بن عمر بن العاص في مسند الإمام أحمد وصية نوح لما قال أوصيك باثنتين منهم ،" وأوصيك بسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق " ، فالمفترض أنت لا تسبح لا تأكل وهذا هو المفترض، تركت التسبيح فلا تأكل ، جاءك الأكل وجاءك الرزق فأين الشكر ,ترك الشكر في مقابل الرزق ، وهذا هو الذنب الذي فعله العبد ويستحق عليه العقوبة . فَائِدَةْ قَوْلَ سُبْحَانَ الْلَّهِ وَبِحَمْدِهِ:فلا تأتي لمجرد أنك فعلت الفرائض الظاهرة وغير ذلك تأتي وتقول بأي ذنب ، لا ، أقل حاجة ترك التسبيح الواحد يجلس ساعتان أو ثلاثة وهو ساكت ولا يعمل شيء وينظر إلى الهواء ، فلماذا أوقفت لسانك ؟ لما طوال ما أنت تجلس أو تذهب لقضاء شيء تقول سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ، والنبي ﷺ قال كما في سنن الترمذي من حديث جابر " من قال سبحان الله وبحمده عرست له نخلة في الجنة " ، نخلة ، " وما من شجرة في الجنة إلا وساقها من ذهب " كما قال ﷺ ، فأنت لما تجلس وتقول: سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ، سبحان الله وبحمده سبحان الله وبحمده ، كل ثانية سبحان الله وبحمده ، أو كل ثانيتين ، اضرب في ساعة أو ساعتين أو ثلاثة ، ولو كنت مواظب على هذه المسألة كل يوم سيكون لك كم نخلة ، وهذا النخل حاجة زائدة على ملك أخيك الذي كان لا يسبح . افترضنا جدلًا مثلاً أن هذا ملكك في الجنة وهذا ملك أخيك في الجنة ، عندك مائة ألف نخلة وهو عنده مائة ألف نخلة ، الذي قلته أنت زيادة في النخل لا يأخذه هو لأن هذا فضل كان أثرًا لعملك .فحرك اللسان باستمرار بقول: سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ، وهذا أحب الكلام إلى الله- تبارك وتعالي- . يقول ابن الجوزي: (فَمَتَى رَأَيتَ مُعًاقَبًا فَاعلَم أِنَّه لِذِنُوب) .حتى الشيخ الكبير ، أحيانًا تجد واحد سقط حاجباه من الكبر وأولاده ألقوه في الشارع ، ولا أحد يسأل عنه ، لو أنك فتشت في حياة هذا الرجل ممكن تراه مجرمًا ، أمضى حياته كلها في الهزل ، وكم ظلم من الناس ، فلم يرحمه الله- عز وجل- ، أولاده رموه والجزاء من جنس العمل ،( فَمَتَى رَأَيتَ مُعًاقَبًا فَاعلَم أِنَّه لِذِنُوب) ، حتى لو كان شيخًا كبيرًا ويظهر عليه علامات البخل ، وذلك لأنه فرط في حق الله تعالي في شبابه. انْتَهَي الْعَاشِر. |
|