فلما يقال سنة ، يقول له قال: إبراهيم ، من يكون إبراهيم هذا حتى ولو كان أجل الناس ، لا ، وأنظر إلى ما فعله أبو هريرة مع بن عباس في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:" سمعت رسول الله- صلي الله عليه وسلم- يقول: توضئوا مما مست النار " فقال بن عباس: يا أبا هريرة أفلا نتوضأ من الحميم ، أي نحن الآن في الشتاء أو سندخل على الشتاء الشديد هل لا ينفع أن نتوضأ بما ساخن ، هل لا ينفع أن أغتسل بماء ساخن ، أفلا نتوضأ من الحميم ؟ وهذا ماء مسته النار ، والنبي- صلي الله عليه وسلم- يقول توضئوا مما مسته النار ، أفلا نتوضأ من الحميم ؟ يا أبا هريرة: أتوضأ من طعام أجده في كتاب الله حلالًا ، هو أنا سوف آكل اللحم دون طهي ، أم يلزم أن أطهوها وقد أحل الله لي ذلك .أبو هريرة معه نص وبن عباس معه جدل عقلي والاثنين مقابل بعض فأبو هريرة لم يسعه إلا أن يقبض قبضةً من الحصى فيملأ كفه بها ويقول لابن عباس أشهد عدد هذا الحصى أنني :" سمعت رسول الله- صلي الله عليه وسلم- يقول: توضئوا مما مست النار " ، يا ابن أخي إذا حدثتك عن رسول الله - صلي الله عليه وسلم- حديثًا فلا تضرب له الأمثال ، لو أن بن عباس قال لأبي هريرة كما في حديث بن عباس أيضًا أنني رأيت رسول الله- صلي الله عليه وسلم- أكل من كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ لانتهى الإشكال ، لماذا ؟ لأن بن عباس في هذه الحالة أتى بنص ، وعن رسول الله- صلي الله عليه وسلم- .فيكون حديث بن عباس هذا ناسخ لحديث أبي هريرة ، فيكون حديث أبي هريرة في أول العهد ، ثم نسخ هذا " توضئوا مما مست النار" بحيث بن عباس أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أكل من كتف شاة ثم توضأ ، لكن الذي ساء أبو هريرة أن بن عباس أنما قاوم النص بجدل عقلي فلذلك قال له: يا ابن أخي إذا حدثتك عن رسول الله - صلي الله عليه وسلم- حديثًا فلا تضرب له الأمثال , فيقول المروذي هنا أنه لما قال الإمام أحمد عن التزوج أنه سنة فقال قال إبراهيم فصَاح به ولم يدعه يكمل ، وقال له: جِئتَنَا بِبُنَيَاتِ الطريق ؟ إبراهيم بن أدهم كما قال بن عيينة ، سئل إبراهيم لما لا تتزوج ؟ ، فقال له: لو أمكنني أن أطلق نفسي لفعلت ، فالذي مثل هذا كيف يتزوج ؟ أنظر يمقت نفسه إلى هذه الدرجة فهل يضم إليه نفسًا أخرى ؟ هذا مذهب إبراهيم رأى أن هذا يصلحه ، لكن لا يتخذ مذهبًا ، ولا نستطيع أن نقول أنه مشروع لاسيما مع قول النبي- صلي الله عليه وسلم- كما في حديث أنس في الصحيحين ، الحديث المشهور الذي تعرفونه جميعًا .حديث الثلاثة الذين ذهبوا إلى أبيات النبي- صلي الله عليه وسلم- يسألون عن عبادته قال- عليه الصلاة والسلام- تعليقًا على قول واحد منهم: وأما أنا لا أتزوج النساء ، قال:" وأنا أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فبيس مني " ,وكلمة رغب عن: معناها أنه تركها إهمالًا مع حاجته إلى ذلك ، فليس مني ، فلا أقدر أن أتبع مذهب إبراهيم وأقول اتركوا التزوج لأن أنا عندي سنة النبي- صلي الله عليه وسلم- (ولما قيل لأحمد : إن سَريًا السَّقَطِي قال: لما خلق الله تعالى الحروف وقَفَ الأَلِفُ وسجدَ البَاء .)من أين أتيت بهذا الكلام ؟ طبعًا سري بن المغلث هذا إمام جليل القدر من طبقة أحمد ، يروي عن يزيد بن هارون وهشيم بن بشير ، بل وروى عن الفضيل بن عياض ، أي متقدم ، أحمد بن حنبل لما سمع هاتان الكلمتان أو بلغه عن سري السقطي ، قال: نفروا الناس عنه ، لماذا ؟ لأن هذا مجرد رأي لا يستند إلى دليل مع جلالة سري ،
مِنْ تَدَقِيقَاتِ سِرِّيٌّ الْسَّقَطِيُّ فِيْ الْوَرَعِ:وسري هذا كان له تدقيقات في الورع ,وانظر وهو يقول في مرة: حمدت الله- عز وجل- يومًا فأنا أستغفر الله من هذا الحمد ثلاثين سنة ، وهذه مشكلة .هو الواحد ماذا قال ؟ لما أقول الحمد لله ، أستغفر أنني قلت الحمد لله ، ثلاثين سنة وهو يستغفر أنه حمد الله مرة ، قيل له وكيف ذلك ؟ قال: لقيني إنسان كان له دكان في السوق ، وشب حريق فأكل السوق كله ، فلقيني إنسان فقال سلم دكانك فقلت: الحمد لله ، ثم قال: فاعتبرتها خطيئة ، لماذا ؟ كأنه فرح أن الدكاكين الأخرى أحرقت ، أو أنه حمد الله أنه سلم وتلفت أموال الآخرين ، لكن المسألة ليست هكذا ، ربما هذا هاجس نفث في روع سري السقطي كما يأتي لأي أحد ، في بعض الفترات تجد الشيطان يدخل فكرة في رأسك ، فكرة سيئة فتقول أعوذ بالله ، استغفر الله مثلًا ، فعكر عليه الحمد بأن أدخل عليه هذه الفكرة ، فحتى لا يكون غاشًا للمسلمين ولو في داخلة نفسه أخذ يستغفر ربنا من هذا الحمد ، لا .
حديث عند رؤية المبتلى :حديث أبي هريرة في الترمذي وحسنه وله شواهد ضعيفة ، وحديث الترمذي نفسه ليس سالك أيضًا ، إسناده فيه عبد الله العمري ضعيف لكن له طرق أخرى لكن سنحسنه قليلًا هكذا ، ندفعه دفعًا للأمام ، أن النبي- عليه الصلاة والسلام- قال:" من رأى مبتليً فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير مما خلق تفضيلًا لم يصبه هذا البلاء " .اليوم أنا لما أرى أحد مبتلى وأقول الحمد لله الذي عافاني ، فأنا هكذا أكون سعيد أنه مبتلى ، لا ، نحن نحمل هذا الكلام على أنه دخل عليه داخل ، وسواس دخل عليه وهو يحمد الله أنه نجا وفلان هلك فعكر عليه ، فيقول أنا أستغفر الله منذ ثلاثين سنة من هذا الحمد ، فهؤلاء لا شك أنهم أناس أفاضل لكنهم إذا فعلوا شيئًا يخالف الشريعة أو ليس عليه دليل من الشريعة نقول لهم: لا ، مع احترامنا الكامل لكم وتوقيرنا لكم ومعرفتنا بأقداركم ومواضع أقدامكم ، لكن كل شيء يخالف الشرع نحن نأسف لذلك لأننا مع صاحب الشرع- صلي الله عليه وسلم- .
يقول: (واعلم أن المحقق لا يهوله اسم مُعَظَم المحقق في مقابل المحقق من ضده ؟ المقلد ، كلمة المحقق لا تقال إلا لمن حرر موضع الخلاف ، أو حرر أصل المسألة ، وهذا هو العلم ، العلم هو التحرير ، وأنا أريد أن أقول هذا الكلام لإخواننا من الناشئة ، الذي هو اليوم يؤلف كتاب ، أو يؤلف جزء ويعرضه علي ، ومثلًا قد يكون أتى بأسماء ناس من الفضلاء هذا قدم له ، وهذا قدم له يريد أنني أقدم له أيضًا ، فأنا أقول لإخواننا جميعًا حتى لا أقول لكل واحد في أذنه ولكي يكون الكلام عام ، الذي اعتقده في العلم هو التحرير والتحقيق وليس النقل .فإذا جاءني مثلًا بحث أو كتاب ليس فيه هذه الصفة أنا لا أرفع له رأسًا ولا أعتبره علم ، ممكن تعتبر هذا نوع من التشدد ، نوع من التجمد ، اعتبره كيفما شئت ، لكن أنا لا أنقل من كتب الناس وأعمل كتاب ، فأنت لم تعمل شيء ، لابد أنك تبذل الجهد الأول في التعلم حتى يكون لك ذوق واختيار ، صنف لنفسك كما تريد ، اكتب في الخلوة لكي تجرب نفسك ، وليس هناك مانع أنك تعرض المادة التي حققتها على شيخك ، يقول لك هذا خطأ وهذا كذا وكذا حتى إذا استويت يقول لك الآن تكلم ، الآن أكتب ، لكن أنقل من كتب الناس ، هذا أسهل شيء أن أنقل من كتب الناس خاصة في هذه الأيام ، لم يعد ينقل ، يصور ويلصق ، كان زمان يتعب في النقل ، يقول قال بن تيمية ويكتب عشر صفحات ويرفع يده ويخفضها لأن يده ألمته من الكتابة الآن لم يعد نقل ، قص وألصق ، أي في خلال ثلاثة ، أو أربعة أيام أنا ممكن أطلع لك كتاب ، أنا أعرف من أين تؤكل الكتف ، وأعرف هذا الكتاب من أين مدخله ومخرجه من أين ، آن الأوان أن أؤلف ، وأنا كما قلت لكم من قبل فيه واحد أخذ من كتاب مدارج السالكين لابن القيم ثلاثمائة صفحة وعمل الكتاب ، لكنه عمل في أول الكتاب قال بن القيم وفتح القوسين وقفل القوسين بعد ثلاثمائة صفحة .أعطني عقلك هو أنت تعرف القوسين من أين بدئوا أصلًا ، وهذا ينزل وهذا ينزل ، أي أن العلم باعوه جملة وقطاعي ، فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية ، يأتي ببعض الفتاوى في ثلاث مجلدات ويقول الفتاوى العصرية لابن تيمية ، ويأخذها من السبعة والثلاثون مجلد المعروفين ، فتاوى الجهاد لابن تيمية ، فتاوى البيوع لابن تيمية ، فتاوى الطهارة لابن تيمية ، باعوا لنا الفتاوى جملة وقطاعي ، وكثير من الناس يظن أن هذا الكتاب جديد لاسيما إذا تصرف في العنوان .مثلًا يأتي يقول مثلًا السبيل الهاد في أحكام الجهاد لشيخ الإسلام بن تيمية ، أنا وغيري نقع في هذا المطب ، وقعنا مرات كثيرة ، لكن الآن تعلمنا ، فأفتح أول الكتاب وأرى هل هو جاء بمخطوط أم لا وعملي في الكتاب ، أنظر ما عمله ، ما الذي عمله في الكتاب ؟ يقول وأحضرت الكتاب من فتاوى بن تيمية وبذلت الجهد وفوق الجهد وحررت وقررت وغير ذلك ، أول ما أجد هذه الحدوتة أضع الكتاب مكانه ، بعد أن وقعنا مرة واثنين وثلاثة في هذه المسألة .فلما يسمي الكتاب باسم جديد هذا ليس من حقه أن يعمل هكذا ، لأن بن تيمية لم يسميه هكذا ، ولا يجوز لأحد أن يؤلف عنوانًا وينسبه إلى إنسانٍ أخر هذا يعتبر نظام غش ، فأنا أريد أن أقول أن العلم هو التحرير.
يقول الجوزي هنا: ( واعلم أن المحقق )أي صاحب النظر ، وصاحب النظر لا يكون عادةً إلا عالمًا أو طالب علمٍ مجد رجل له ذوق حتى لو كان ذوقًا قليلًا ، فيكون في مقابل المحقق المقلد الذي لا نظر له ، الذي هو يتبع كل ناعق ، فهو هنا.
يقول: (واعلم أن المحقق لا يهوله اكما قال أحمد بن حنبل لأبي داود صاحب السنن ،( يا أبا داود لا تقلدني ولا تقلد مالكًا ولا تقلد الأوزاعي ،ولا تقلد الشافعي وخذ من حيث أخذوا) ، خذ من النص ، خذ من لجة البحر ، لماذا تأخذ من قناتهم وأنت رجل واصل وعندك أدوات الاجتهاد وتقدر أن تنظر ، ما الذي يجعلك تعطل هذه الآلة ، الدار قطني لما أبو بكر الإسماعيلي عمل المستخرج على صحيح البخاري قال كان من حق أبي بكر أن يصنف كتابًا لا يبنيه على كتاب البخاري .لماذا ؟ لأن الإسماعيلي وصل إلى درجة من النظر مع تبحر كامل في الأسانيد فما الذي يجعله يلصق للبخاري ، وينسج على منوال البخاري ، لا استعظامًا لقدر أبى بكر الإسماعيلي .
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كَانَ يَدْعُوَ لِلْشَّافِعِيِّ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً :حتى لفت نظر ابنه عبد الله فقال يا أبت أراك تدعو للشافعي كثيرًا ، فمن هذا الشافعي ؟ قال: ( يا بني الشافعي كان كالشمس للدنيا والعافية للناس فهل عنهما من عوض ؟) ما عرفنا ناسخ الحديث ولا منسوخه ولا عرفوا الأصول وهذا الكلام حتى جاء الشافعي ، ولما إسحاق بن راهويه وهو من أقران أحمد بن حنبل وجد أحمد بن حنبل ترك عمود سفيان بن عينة وذهب لعمود الشافعي ، والشافعي تلميذ سفيان بن عيينة ، وأحمد بن حنبل من أقران الشافعي في سفيان .لما وجد الشافعي يتكلم وجد عقل مختلف مع فصاحة وجزالة ، أنظر بن هشام النحوي المشهور يقول( لو كتب الشافعي الكتب على لغته ما فهمه أحد )، وقالوا: ( لم يحفظ للشافعي تصحيف قط )، قبل ما يذهب لمالك حفظ عشرة ألاف بيت للهزليين ، وهم كانوا من أفصح الخلق ، عشرة ألاف بيت فاستقام لسانه وهذا الكلام .أحمد بن حنبل: خلب لبه الشافعي وبيان الشافعي فأخذ يترك سفيان بن عيينة ويجلس عند الشافعي ، إسحاق بن راهويه قال له من الشافعي هذا ؟ هذا من أسناننا نحن من دور بعض أتترك سفيان بن عيينة وتجالس هذا الفتي ؟ فقال له أحمد: (إن فاتك حديث بعلو أدركته بنزول ، وإن فاتك عقل هذا الفتي أخاف ألا تجده ) وكاد ، ندم إسحاق أنه لم ينازل الشافعي لكن ندم بعد موت الشافعي ، فعندما يكون الشافعي بهذا الحجم ، وحتى أحمد بن حنبل كان يقول: (كانت أقضيتنا _الفقهية _في يد أهل العراق فجاء الشافعي فانتزعها منهم )، وكان يسمون الشافعي: ناصر الحديث .
أهل مكة كانوا يسمون الشافعي ناصر الحديث : فعندما يكون هناك أحد بهذا الحجم يقوم أحمد بن حنبل يقول لأبي داوود: لا تقلد الشافعي ، مع ما للشافعي عند أحمد من المكانة والمنزلة والعلم ، يقول له: لا تقلد ، طالما عندك آلة في النظر لا تعطلها فإن هذا إهدار لنعمة الله عليك . فأنا عندي محقق ومقلد ، بن الجوزي يتكلم في المحققين ، يقول: إن المحقق الذي ذاق العلم لا يهوله اسم معظم طالما أنه خالف . فيقول: ( واعلم أن المحقق لا يهوله اسم مُعَظَم ،كما قال رجل لعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه-: أتَظُنُ أن طلحة والزبيرَ كانا عَلى البَاطلِ ؟ ).وطلحة والزبير قاتلوا عليًا وهم من العشرة وهم من فقهاء الصحابة كذلك . قال: ( أتَظُنُ أن طلحة والزبيرَ كانا عَلى البَاطلِ ؟ فقال له: إن الحقَّ لا يُعرَفُ بالرجالِ أعرِف الحَقَّ تَعرِف أهله ).لأن الرجل ليس بمعصوم .تعظيم الرجال بكل أسف هذا مع عدم استعظام مكانة النبي- صلي الله عليه وسلم- جعلت بعض الناس يقدم كلام الناس على كلام النبي- صلي الله عليه وسلم-كما قال الكرخي وهو من فقهاء الحنفية المتقدمين ، قال: (كل آيةٍ أو حديثٍ يخالف ما عليه أصحابنا فهو مؤول أو منسوخ )، كيف ذلك ؟ أي قول أصحابه صار أصلًا ، إذا آية عارضت قول الأصحاب ، فتكون هذه الآية مؤولة أو منسوخة ، حتى لو أنا لم أكن أعلم الناس ، من الذي يقول هذا الكلام ؟ .من يقول أن النبي- صلي الله عليه وسلم- إذا قال كلامًا يخالف قول الأصحاب يكون كلام النبي- صلي الله عليه وسلم- إما مؤول ليس على ظاهره أو أنه منسوخ ، هذا كلام أورث لوثة التعصب في الأمة ، هذا الكلام الذي مثل ذلك ، والأسماء كبيرة ومعظمة ، لا اسم النبي أعظم منهم ، إذا كنت أنت ستبحث عن العظمة والجلالة وهذا الكلام ، لا أنت ليس بيدك فلس ممسوح في هذه المسألة .حتى الشيخ محمد بن سعيد وكان أحد فقهاء الحنفية المتأخرين ، كان يسكن في المدينة ، له أرجوزة جميلة يقول فيها من ضمن الأبيات:
وقال بعضٌ لو أتتني مائــةُ | من الأحاديثِ رواها الثقةُ |
وجاءني قولٌ عن الإمــامِ | قدمتهُ يا قبحَ ذا الكـلامِ |
من استخف عامدًا بنــصٍ | ما عن النبي جا كفرته العلماء |
فليحذر المغرورُ بالتعصـبِ | من فتنةٍ بردهِ قول النـبي |
واعجب لما قالوا من التعصب | أن المسيحَ حنفي المذهـبِ |
يقول وهذا كلام حقيقي قاله مثل الكرخي الذي أنا ذكرته
وقال بعضٌ لو أتتني مائــةُ | من الأحاديثِ رواها الثقةُ |
وجاءني قولٌ عن الإمــامِ | قدمتهُ |
على ماذا ؟ على مائة حديث ، أو مائة حديث رواها مائة ثقة .
قدمتهُ يا قبحَ ذا الكـلامِ .
من استخف عامدًا بنــصٍ | ما عن النبي جا كفرته العلماء |
عن النبي جا ، أي جاء عن النبي ، وهذه مصيبة ، وفي أواخر القرن التاسع ظهر شراب القهوة ، القهوة التركي الذي نسميها التركي ، وأول ما ظهر هذا الشراب العلماء اختلفوا فيه ، حلال أم حرام ، جماعة قالوا مفتر يلتحق بالمفترات ، وجماعة قالوا لا الأصل في المطعومات الحل ، لا نقدر أن نحرم شيء إلا بدليل ، وظلوا يردوا على بعض ، ويصنفوا رسائل وهذا الكلام ، فجماعة من علماء مصر يحرموا القهوة في هذا الزمان على أساس أنها مفترة وغير ذلك ، وواحد لم يعجبه هذه القصة وقال لم تأتوا بدليل وهذا الكلام ، فعمل ثلاثة أبيات يرد على علماء مصر في هذا الأمر فيقول:
أهل مصر قد تعدوا | والبلا منهم تأسـيَ |
حرموا القهوة ظلمًا | زادهم ظلمًا ومقتًـا |
إن طلبت النــصَ | قالوا بن عبد الحق أفتى |
وقول العالم مهما جلَّ لا يكون دليلًا ، لأن أقوال العلماء يستدل لها لا بها وأحفظ هذا الكلام جيدًا فائدة:،( أقوال العلماء يستدل لها لا بها .)
مَتَىَ يُسْتَدَلُّ بِأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ وَتَكُوْنُ مِثْلَ الْدَّلِيلِ ؟يكون هذا بالنسبة للعامي وليس للمحقق ، الناس العوام الذين ليس لهم نظر لا في الدليل ولا في الشريعة ولا عندهم هذا الكلام ، ولا هذا عملهم ، إذا قال له العالم قولًا صار دليلًا عليه هو ، لكن قول العالم لا يكون دليلًا على مثله ,لذلك هناك .قاعدة: يقول العلماء ( قول المجتهد لا يكون حجة على مجتهدٍ آخر )، لأنهم أكفاء وهما الاثنين يتصرفوا في الدليل مثل بعض ، وعندهم أصول مثل بعض إنما قول العالم هو الدليل بالنسبة للعامي .كما يقول ألشاطبي- رحمه الله- يقول: ( إن قول العالم للعامي كالدليل للمجتهد ،) أي كأنه لا يجوز للعالم أن يخالف الدليل بلا دليل فلا يجوز للعامي أن يخالف قول العالم بلا دليل هَلْ الْعَالَمِ يُقَلِّدُ ؟ قال: نعم ، لكن العالم يختار من يقلده ويصيب ، لاسيما إذا لم يكن في يد العالم حجة ، مثلاً يُسأل أبو حاتم الرازي ، وطبعًا أبو حاتم الرازي من هو جلالة وإمامة اسمه محمد بن إدريس علي اسم الشافعي محمد بن إدريس أيضًا ، سئل عن راوي لم يقل فيه شيء ، قال: (روي عنه سفيان وشعبة وحسبك بهما جلالة ،) ( أو ينقل كلام يحيى بن سعيد القطان في راوي من الرواة وليس له هو فيه كلام ولا نظر )، (أو كما يفعل البخاري ينقل كلام أحمد وابن معين ويحي بن سعيد القطان في الراوي ولا يقول رأيه فيه )، لماذا ؟ لأن معروف إن هؤلاء الجماعة أئمة ، يعرفون الرواة ويعرفون الأحكام علي الرواة . هذا الراوي لم يمر بي لم أذكر أحاديثه مثلًا حتى أستطيع أن أحكم عليه وسُئلت عنه . فنقلت عن غيري من أهل العلم ، فالتقليد موضوع طويل لكن أن أضع عناوين فقط ، ربما يمر بنا إن شاء الله في أثناء الكلام في هذا الدرس هذه المعاني فننثر الكلام في مواضعه .
مَوْقِفِ الْعَامِّيِّ مِنْ قَوْلٍ الْعَالِمُ : الإنسان العامي قول العالم بالنسبة له دليل لا يجوز له أن يخالفه ، لَكِنَّ مَتَىَ يُخَالِفُهُ ؟ إذا حاك في صدره شيء من فتوى العالم أحس إن العالم مضطرب وغير متأكد من الفتوى ، فيذهب إلي عالم أخر ليسأله هذا السؤال ليس تعنتًا ولا لكي يري ماذا هذا يقول وماذا الأخر يقول ؟ هذا لا يجوز للعامي أن يفعل ذلك لكن ينتقل إذا كان في صدره شيء من فتوى الأول ، قال علي بن أبي يطالب للذي قال: (أتَظُنُ أن طلحة والزبيرَ كانا عَلى البَاطلِ ؟ فقال له: إن الحقَّ لا يُعرَفُ بالرجالِ أعرِف الحَقَّ تَعرِف أهله .) هذه الكلمة كلمة جميلة ، لكن لابد أن نضم لها كلمة أخري أن هذا لا يستلزم الطعن في الرجال ، حتى لا يأتي أحد يريد أن يرد علي أي أحد يقول: أعرف الحق تعرف أهله إن الحق لا يعرف بالرجال لا ، إن الرجال هم وثائق الحق ، وهم الذين ينقلون الحق ، فلو جاز الطعن فيهم بغير وجه كان ذلك طعنًا علي الحق ، أنا لست كل ما أأتي لك وأقول لك شيء تقول: أنت رجل والحق لا يعرف بالرجال بل الرجال يعرفون بالحق ، ويرد ، لا أنا الذي نقلت الحق لك ، فالطعن في الرجال بغير وجه حق طعنًا علي الحق نفسه ، فأنت لا تأخذ الجملة هذه بمفردها لأن هذه مذلة أقلام .
قال بن الجوزي- رحمه الله تعالي-: (ولَعَمرِي أنه قد وقَرَ في النفوس تعظيم أقوامٌ فإذا نُقِلَ عنهم شَيءٍ فسَمِعَه جاهل بالشرع قَبِلَه لتعظِيمَهُم في نفسه) .ثم ذكر مثلًا (عن أبي يزيد البسطامي قال: تَرَاعَنَت عليَّ نفسِي فَحلَفتُ أَلا أشربَ الماء سَنة) يريد أن يؤدب نفسه ، فلن يشرب الماء سنة كاملة .يقول: (وهذا إذا صَحَ عنه .)احتراز أنا عملت تقريبًا ثلاث أرباع المحاضرة الأخيرة في رمضان عن إذا صح هذه لذلك لن أعيد الكلام عنها . ( وهذا إذا صَحَ عنه كَان خَطأ قبيحًا وزلةً فَاحشةً لأَنَّ الماءَ يُنفِذُ الأَغذِيةَ إِلى البَدنِ وَلا يَقُومُ مَقَامَهُ شَيءٌ ، فَإِذَا لم يَشرَب فَقَد سَعَى في أَذى بَدَنِهِ وقد كَان يُستَعذَبُ الماء لِرسُولِ الله- صلى الله عليه وسلم- )هذا خطأ من أبي يزيد البسطامي ، أبي يزيد اسمه تيفور بن عيسي ، خطأ سنرد عليه خطأه ، وأبو يزيد كان رجل له مجاهداته في السنة ، أبو يزيد يقول كلامه الجليل . يقول يناجي ربه- تبارك وتعالي- يقول: ( هذا فرحي بك وأنا أخافك ، فكيف فرحي بك إذا أمنتك ).وهذا الفرق بين حال أهل الدنيا ، وحال أهل الجنة . أهل الدنيا من المتقين يعملون العمل ويخافون ألا يتقبل منهم ، كلما زاد الورع يزيد الخوف فيجد حتى يجبر هذا التقصير في العمل وفي الشكر الله- عز وجل- فكلما جد جاءه الخوف قال له وهل فعلت شيئًا ؟ ما فعلت شيئًا ، فيخاف ثم يدركه الرجاء فيجد ، ولا يزال يرتقي بين الخوف والرجاء ، والذي حمله علي أن يرتقي أنه يحب الله ، والذي حمله علي أن يصبر علي حذ الغلاصم ، ونكذ الأراقم ومتون الصوارم ، والبلاء المتلاطم المتراكم محبة الله .وإلا كان يريح رأسه ويركن ، لكنه يعذب ويهان ويحرم وهو ثابت في الأرض ، ما الذي ثبته ؟ محبة الله ، تثبته محبة الله وهو خائف من الله أيضًا أن يرد عليه عمله بعدله- تبارك وتعالي- ، ومع هذا مع خوفه هذا أحبك كل هذا الحب الذي ثبتني رغم البلاء ، فكيف حبي لك إذا دخلت الجنة وما هم منها بمخرجين ، وأراك كل جمعة ، ولا يخطر ببالي شيء إلا رأيته أمامي بغير ذل سؤال فهو ، يقول: هذا فرحي بك وأنا أخافك ، فكيف فرحي بك إذا أمنتك ؟ .يقول: (ليس العجب من حبي لك وأنا عبد فقير ، بل العجب من حبك لي وأنت ملك كبير )أنظر إلي كلامه جميل ليس فيه حشو لا إنه يتكلم هذه الكلمة ، تجلس تشرحها في مجلد لو أنت أحببت تتكلم وأتيت بكلام السلف
وَلِذَلِكَ أَنَا أَقُوْلُ لَكَ أَحْرِصَوا عَلَىَ حِفْظِ كَلَامَ الْسَّلَفِ: لأنه مبارك جميل حلو تحس أنك عبرت عن المعاني الكبيرة في جملة أو في جملتين وكان يقول تيفور وهو أبو يزيد البسطامي ، لماذا أنا أقول هذا الكلام ؟ حتى لا أحد يحتقر أبا يزيد ويظن أنه لما قال كلمة مثل هذه لا ، نحن نقول هذا خطأ نرده عليه ، ونرد عليه بالأدلة لكن له كلام جميل وكان رجل صاحب إتباع قصة الجنيدي والجماعة الصوفية ينسبون أنفسهم إليهم أو يستلبوهم ويسرقوهم منا معاشر أهل السنة والجماعة وينسبوهم لأنفسهم مثل الجنيدي مثلًا .
قِصَّةِ الْجُنَيْدِيُّ.الجنيدي هذا مظلوم ، كل ما واحد يسمع اسم الجنيدي يسب الجنيدي لماذا ؟ صوفي ، لا ، الجنيدي هذا كان على الكتاب والسنة والأئمة القدامى جميعًا كانوا على الكتاب والسنة ، صح كانت تتفلت منهم حاجات كانوا يعتبرونها مثل الكبسولات ، علاج نفسي ، علاج لحظي ، يعملوا لأنه يرى أن نفسه تتداوى بمثل هذا الكلام ، لكن ليس معنى أننا نهجر ، ولذلك أنا كثيرًا إذا ورد عن إمام من الأئمة كلام يرد ، فأحضر له كلام أخر يبين مذهبه ويبين مكانته حتى لا ينزل من النفوس .
يقول: ( إن الله خلق خلقًا كثيرًا يمشون على الماء .)ويقول أيضًا: (وخلق خلقًا يطيرون في الهواء .)فيقول: ( فلا تغتروا لا بهذا ولا بذاك حتى تنظروا كيف هو عند الأمر والنهي وحفظ حدود الشرع .)وهذا الكلام الذي قاله الليث بن سعد يقول: ( إذا رأيت الرجل يمشي على الماء وهو في مخالفة الشرع فإنه مؤيد بشيطان هو الذي يحمله )، فلما بلغت هذه الكلمة الشافعي قال: قصر الليث ، بل لو رأيته يطير في الهواء هذا مؤيد بشيطان .وليست القصة قصة هذا يعمل كذا وإن شاء الله إن أحيانا الله وأحياكم إلى الاثنين القادم سنتكلم عن كرامات الأولياء ، سنريكم الفرق بين كرامات الأولياء وسيكون مجلس فيه ضحك وفرفشه لأننا سنأتي بكرامات هؤلاء الجماعة ، وسترى العجب العاجب ما بين الفرق بين كرامات الأولياء حقًا ، وكرامات الأدعياء الذين يقولون هؤلاء معدودين في كرامات الأولياء . القصة كلها ليست قصة أن رأيته يطير في الهواء أو يمشي على الماء ، تنظر إليه في الأمر والنهي ، لما يأتي واحد مثلًا يقول أنا كنت دائمًا أحضر مجلس شيخي وما تغيبت عنه قط ، ثم وهو يمشي في يوم من الأيام قابلته امرأة قالت ابني في الجيش وأرسل لي خطاب وأنا أميه لا أستطيع القراءة وأريدك أن تقرأ لي هذا الخطاب ، فدخل إلى البيت ليقرأ لها الجواب ، فقالت له اجلس هنا في الصالون حتى أحضر لك الجواب ، الجواب الذي أحضرته عبارة عن حاجة ملونة ، فوجئ بأن امرأة كأنها في يوم عرسها ، حدث عنده اضطراب ، فقالت له: أنا سأصرخ وأنوح وأقول أنك كنت تتهجم عليه ، فما هو المطلوب ؟ المطلوب معروف وأنك لتعلم ما نريد .فقال لها قليلًا من الوقت وأعطني فرصة لأدخل الحمام ، فدخل الحمام وجعل يدعو الله أن ينجيه من الكرب العظيم ، وفجأة شباك الحمام صار سلم فنزل على السلم إلى الشارع ، والمرأة منتظرة بالبيت ، وهو نزل وذهب إلى البيت فلما ذهب لشيخه ذهب وهو متأخر ، فلما جلس في المجلس قال له الشيخ ما الذي أخرك ؟ قال له كان فيه موضوع ، قال له يا بني قل ، قال له: يا بني قل أنا الذي نصبت لك السلم .أظن أي مؤلف دراما لا يخطر على باله أن يفعل هذه التمثيلية ، أنا الذي نصبت لك السلم ، وهذه الحكاية أنا سمعتها من خطيب كان على المنبر زمان منذ عشرين أو خمسة وعشرين سنة ، ولا أقول لك ما الذي حدث من الجماهير ، بخلاف الذين تعجبوا مع أنها حكاية لا يمكن تدخل على ذهن واحد عنده أي نور ، أنا الذي نصبت لك السلم ، فحاجة مثل هذه توضع في كرامات الأولياء .لا ، كرامات الأولياء لها شروط ، وليس أي أحد يقول أي حاجة أسلم له وهذا هو الفرق ما بين التحقيق والتحرير وما بين النقل ، لا ، كرامات الأولياء لكي تثبت أن هذه كرامة لها شروط ، واحد ، اثنين ، ثلاثة ، أربعة ، خمسة ، هكذا مثلًا ، وإذا لم تتحقق الشروط فهذه ليست الكرامة .لذلك نحن نقول أبو اليزيد البسطامي يقول: تريد أن تعرف قدر الرجل أنظر إليه عند الأمر والنهي ، وعند حدود الشرع ، يقف عند النهي ، يقف عند الأمر ، حافظ لحدود الشرع أنا أصدق أن هذا الرجل رجل فاضل ، لكن على غير ذلك يكون ليس كذلك .