منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة طه الآيات من 126-130

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة طه الآيات من 126-130 Empty
مُساهمةموضوع: سورة طه الآيات من 126-130   سورة طه الآيات من 126-130 Emptyالثلاثاء 14 أبريل 2020, 12:42 am

قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَىٰ (١٢٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أي: نعاملك كما عاملتنا، فننساك كما نسيت آياتنا.

والآيات جمع آية، وهي الأمر العجيب، وتُطلق على الآيات الكونية التي تلفت إلى المكوِّن سبحانه، وتُطلَق على المعجزات التي تؤيد الرسل، وتثبت صِدْق بلاغهم عن الله، وإنْ كانت الآيات الكونية تُلفِت إلى قدرة الخالق -عز وجل- وحكمته، فالرسول هو الذي يدلُّ الناس على هذه القوة، وعلى صاحب هذه الحكمة والقدرة التي يبحث عنها العقل.

أيها المؤمنون هذه القوة هي الله، والله يريد منك كذا وكذا، فإنْ أطعتَه فَلَك من الأجر كذا وكذا، وإنْ عصيتَه فعقابك كذا وكذا، ثم يؤيد الرسول بالمعجزات التي تدلُّ على صِدْقه في البلاغ عن ربه.

وتُطلَق الآيات على آيات الكتاب الحاملة للأحكام وللمنهج.

وأنت كذَّبْتَ بكل هذه الآيات ولم تلتفت إليها، فلما نسيت آيات الله كان جزاءَك النسيان جزاءً وفَاقاً.

والنسيان هنا يعني الترك، وإلا فالنسيان الذي يقابله الذكر مُعْفىً عنه ومعذور صاحبه.

أما قوله: (وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ) (طه: 126) أي تُنسَى في النعيم وفي الجنة، لكنك لا تُنسى في العقاب والجزاء.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ...).



سورة طه الآيات من 126-130 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة طه الآيات من 126-130 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة طه الآيات من 126-130   سورة طه الآيات من 126-130 Emptyالثلاثاء 14 أبريل 2020, 12:42 am

وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ (١٢٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى: (كَذٰلِكَ..) (طه: 127) أي: مثل هذا الجزاء (نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ..) (طه: 127) والإسراف: تجاوز الحدِّ في الأمر الذي له حَدٌّ معقول، فالأكْل مثلاً جعله الله لاستبقاء الحياة، فإنْ زاد عن هذا الحدِّ فهو إسراف.

دَخْلك الذي يسَّره الله لك يجب أن تنفق منه في حدود، ثم تدَّخر الباقي لترقى به في الحياة، فإنْ أنفقتَه كله فقد أسرفْتَ، ولن تتمكن من أن تُرقِّى نفسك في ترف الحياة.

ولذلك يقول الحق سبحانه: (إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ..) (الإسراء: 27).

وللإسلام نظرته الواعية في الاقتصاديات، فالحق يريد منك أنْ تنفق، ويريد منك ألاَّ تُسرِف وبين هذين الحدَّيْن تسير دَفّة المجتمع، ويدور دولاب الحياة، فإنْ بالغتَ في حَدٍّ منهما تعطلتْ حركة الحياة، وارتبك المجتمع وبارت السلع.

وقد أوضح الحق سبحانه هذه النظرة في قوله: (وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) (الفرقان: 67).

فربُّك يريد منك أنْ تجمع بين الأمرين؛ لأن التقتير والإمساك يُعطِّل حركة الحياة، والإسراف يُجمِّد الحياة ويحرمك من الترقي، والأخذ بأسباب الترف؛ لذلك قال تعالى: (فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً) (الإسراء: 29).

وقد يكون الإسراف من ناحية أخرى: فربُّك عز وجل خلقك، وخلق لك مُقوِّمات حياتك، وحدَّد لك الحلال والحرام، فإذا حاولتَ أنت أنْ تزيد في جانب الحلال مما حرمه الله عليك، فهذا إسراف منك، وتجاوز للحدِّ الذي حَدَّه لك ربك، تجاوزتَ الحدَّ فيما أحلَّ لك، وفيما حرَّم عليك.

وقد يأتي الإسراف من ناحية أخرى: فالشيء في ذاته قد يكون حلالاً، لكن أنت تأخذه من غير حِلِّة.

فإذا نقلنا المسألة إلى التكاليف وجدنا أن الله تعالى أحلَّ أشياء وحرَّم أشياء، فلا تنقل شيئاً مما حُرِّم إلى شيء أحلَّ، ولا شيئاً مما أُحلَّ إلى شيء حُرِّم، كما قال سبحانه: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ..) (الأعراف: 32).

وخاطب نبيه -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- بقوله: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ..) (التحريم: 1).

إذن: فربّك لا يُضيِّق عليك، وينهاك أنْ تُضيِّق على نفسك وتُحرّم عليها ما أحلَّ لها، كما يلومك على أنْ تُحلِّل ما حرّم عليك لأن ذلك في صالحك.

وكما يكون الإسراف في الطعام والشراب وهما من مُقوِّمات استبقاء الحياة، يكون كذلك في استبقاء النوع بالزواج والتناسل، إلى أنْ تقوم الساعة، فجعل الحق سبحانه للممارسة الجنسية حدوداً تضمن النسل والاستمتاع الحلال، فمَنْ تعدَّى هذه الحدود فقد أسرف.

ومن رحمته تعالى أنه يغفر لِمنْ أسرف على نفسه شريطةَ أن يكون مؤمناً: (قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ..) (الزمر: 53).

وقوله تعالى: (وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ..) (طه: 127) فأنزل الإسراف منزلةَ تالية لعدم الإيمان؛ لذلك قال بعدها: (وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّه..) (طه: 127) لأنه حين ينقل الحلال إلى الحرام، أو الحرام إلى الحلال، فكأنه عطّل آيات الله.

ثم يقول تعالى: (وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ) (طه: 127) إذن: فالكلام هنا عن الدنيا، فلا تظن أن الله يُؤخِّر للكافر كُلَّ العذاب، فهناك أشياء تُعجِّل له في الدنيا لا تُؤخَّر.

وأول مَا لا يُؤخَّر ويُعجل الله به في الدنيا عقوبة الظلم، فلا يمكن أنْ يموتَ الظالم قبل أن يرى المظلوم ما صنعه الله به، وإلاّ فالذين لا يؤمنون بالقيامة ولا بالجزاء كانوا فجروا في الخَلْق وَعاثُوا في الأرض، فمن حكمة الله أن نرى لكل ظالم مصرعاً حتى تستقيم حركة الحياة، ولو لم يكُنْ الإنسان مؤمناً.

والحق سبحانه حين يريد أنْ يُعذِّب يتناسب تعذيبه مع قدرته تعالى، كما أن ضربة الطفل غير ضربة الشاب القوي.

إذن: مَا يناله من عذاب في الحياة هين لأنه من الناس، أمّا عذاب الآخرة فشيء آخر؛ لأنه عذاب من الله يتناسب مع قدرته تعالى (وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ) (طه: 127) أبْقَى؛ لأن عذاب الدنيا ينتهي بالموت، أو بأن يرضى عنك المعذِّب ويرحمك، وقد يتوسط لك أحد فيزيل عنك العذاب، أمّا في الآخرة فلا شيء من ذلك، ولا مفرَّ من العذاب ولا مَلْجأ.

ثم يقول الحق سبحانه: (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ...).



سورة طه الآيات من 126-130 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة طه الآيات من 126-130 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة طه الآيات من 126-130   سورة طه الآيات من 126-130 Emptyالثلاثاء 14 أبريل 2020, 12:44 am

أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَىٰ (١٢٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الهداية: الدلالة والبيان، وتهديه أي: تدلّه على طريق الخير.

والاستفهام في (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ..) (طه: 128) والاستفهام يَرِد مرة لتعلم ما تجهل، أو يرد للتقرير بما فعلتَ.

فالمُراد: أفلم ينظروا إلى الأمم السابقة وما نزل بهم لَمَّا كَذَّبوا رُسُلَ الله؟

كما قال في آية أخرى: (وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ) (الصافات: 137).

وقال سبحانه: (وَٱلْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ * وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ * أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ * ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ * وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ) (الفجر: 1-10).

أَلاَ تروْنَ كل هذه الآيات في المكذبين؟

ألاَ ترون أن الله ناصرُ رسُلَه؟

ولم يكُنْ سبحانه ليبعثهم، ثم يتخلى عنهم، ويُسلِمهم، كما قال سبحانه: (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ) (الصافات: 173) وقال: (وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ..) (الحج: 40).

وبعد هذا كله يُعرِض المكذبون، وكأنهم لم يروا شيئاً من هذه الآيات.

وساعة ترى (كَمْ) فاعلم أنها للشيء الكثير الذي يفوق الحصر، كما تقول لصاحبك: كم أعطيتُك، وكم ساعدتُك.

أي: مرات كثيرة، فكأنك وكلته ليجيب هو بنفسه، ولا تستفهم منه إلا إذا كان الجواب في صالحك قطعاً.

فمعنى (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ..) (طه: 128) يعني: يُبيّن لهم ويدلُّهم على القرى الكثيرة التي كذَّبت رسلها، وماذا حدث لها وحاق بها من العذاب، وكان عليهم أنْ يتنبهوا ويأخذوا منهم عِبرة ولا ينصرفوا عنها.

وقوله تعالى: (يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ..) (طه: 128) كقوله: (وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ) (الصافات: 137) فليس تاريخاً يُحكَى إنما واقع ماثل تروْنَه بأعينكم، وتسيرون بين أطلاله (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ) (طه: 128) أي: عجائب لمَنْ له عقل يفكر.

وكلمة (النُّهَى) جمع نُهية، وهي العقل، وهذه الكلمة تحلُّ لنا إشكالات كثيرة في الكفر، فالبعض يظن أن الله تعالى خلق لنا العقل لنرتع به في مجالات الفكر كما نشاء، وننفلت من كل القيود.

إنما العقل من العقال الذي يُعقَل به البعير حتى لا ينفلتَ منك، وكذلك عقلُك يعقِلك، ويُنظِّم حركتك حتى لا تسير في الكون على هَواك، عقلك لتعقل به الأمور فتقول: هذا صواب، وهذا خطأ.قبل أن تُقدِم عليه.

فالسارق لو عقل ما يفعل ما أقدمَ على سرقة الناس، وما رأيك لو أبحنا للناس جميعاً أنْ يسرقوك، وأنت فرد، وهم جماعة؟

الحق ساعةَ يعقل بصرك أنْ يمتدَّ لما حرم عليك فلا تقُلْ: ضيق عليَّ، لأنه أمر الآخرين أنْ يغضُّوا أبصارهم عن محارمك، والغير أكثر منك، إذن: فأنت المستفيد.

فإنْ أردتَ أن تُعربد في أعراض الناس، فأَبِح لهم أن يُعربِدوا في أعراضك.

والنبي -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- لما جاءه شاب يشكو عدم صبره على غريزة الجنس، يريد أن يبيح له الزنا والعياذ بالله، فأراد -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- أن يُلقِّنه درساً يصرفه عن هذه الجريمة، فماذا قال له؟

قال: "يا أخا العرب، أتحب هذا لأمك؟
أتحب هذا لأختك؟
أتحب هذا لزوجتك؟"

والشاب يقول في كل مرة: لا يا رسول الله جُعِلْتُ فداك.

ولك أنْ تتصوَّر ماذا ينتاب الواحد منّا إنْ سمع سيرة أمه وأخته وزوجته في هذا الموقف.

ثم يقول -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- للشاب بعد أن هزَّه هذه الهزة العنيفة: "كذلك الناس لا يحبون لذلك لأمهاتهم، ولا لزوجاتهم، ولا لأخواتهم، ولا لبناتهم.

وهنا قال الشاب: "فو الله ما همَّتْ نفسي لشيء من هذا إلا وذكرتُ أمي وزوجتي وأختي وابنتي".

إذن: فالعقل هو الميزان، وهو الذي يُجرِي المعادلة، ويُوازِن بين الأشياء، وكذلك إنْ جاء بمعنى النُّهى أو اللُّب فإنها تؤدي نفس المعنى: فالنُّهى من النهي عن الشيء، واللب أي: حقيقة الشيء وأصله، لا أنْ يكون سطحيّ التفكير يشرد منك هنا وهناك.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ...).



سورة طه الآيات من 126-130 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة طه الآيات من 126-130 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة طه الآيات من 126-130   سورة طه الآيات من 126-130 Emptyالثلاثاء 14 أبريل 2020, 12:44 am

وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الكلام عن آيات الله في المكذبين للرسل وما حاق بهم من العذاب وقد مَرَّ عليها القوم دون أن يعتبروا بها، أو يرتدعوا، أو يخافوا أن تكون نهايتهم كنهاية سابقيهم، وربما قال هؤلاء القوم: ها نحن على ما نحن عليه دون أن يصيبنا شيء من العذاب: لا صَعْق ولا مَسْخ ولا ريح، فبماذا تهددنا؟

لذلك يوضح لهم الحق -سبحانه وتعالى- هذه المسألة: ما منعنا أنْ نفعل بكم ما فعلنا بسابقيكم من المكذبين بالرسل، ما منعنا من إذلالكم وتدميركم إلا شيء واحد هو كلمة سبقتْ من الله.

(وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى) (طه: 129).

فما هذه الكلمة التي سبقتْ من الله، ومنعتْ عنهم العذاب؟

المراد بالكلمة قوله تعالى لنبيه -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم-: (وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الأنفال: 33).

فهذه الكلمة التي سبقت مني هي التي منعتْ عنكم عذابي، والرسول -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- يوضح هذه المسألة فيقول: "بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم مَنْ يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً".

فإنْ قال قائل: الله يهدد الذين كذبوا محمداً -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- بأنْ يُنزل بهم ما أنزل بالمكذِّبين من الأمم السابقة، وها هم كفار مكة يُكذّبون رسول الله دون أن يحدث لهم شيء.

نقول: لأن لهم أمانين من العذاب، الكلمة التي سبقتْ، والأجل المسمّى عند الله (وَأَجَلٌ مُّسَمًّى) (طه: 129) فلكل واحد أَجَلٌ معلوم.

معنى: (لَكَانَ لِزَاماً..) (طه: 129) أي: لزم لزاماً أنْ يحيق بهم ما حاقَ بالأمم السابقة.

ثم يقول الحق سبحانه: (فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ...).



سورة طه الآيات من 126-130 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة طه الآيات من 126-130 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة طه الآيات من 126-130   سورة طه الآيات من 126-130 Emptyالثلاثاء 14 أبريل 2020, 12:46 am

فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ (١٣٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فما دام أن القوم يُكذِّبون رسول الله، وهم في مأمن من العذاب، فلابُدَّ أن يتمادوا في تكذيبهم، ويستمروا في عنادهم لرسول الله؛ لذلك يتوجه الحق -سبحانه وتعالى- إلى الناحية الأخرى فيعطي رسوله -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- المناعة اللازمة لمواجهة هذا الموقف (فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ..) (طه: 130) لأن لك بكل صبر أجراً يتناسب مع ما تصبر عليه.

والصبر قد يكون مَيْسوراً سهلاً في بعض المواقف، وقد يكون شديداً وصَعْباً ويحتاج إلى مجاهدة، فمرَّة يقول الحق لرسوله: اصبر.

ومرة يقول: اصطبر.

فما الأقوال التي يصبر عليها رسول الله؟

قولهم له: ساحر.

وقولهم: شاعر وقولهم: مجنون وكاهن، كما قالوا عن القرآن: أضغاث أحلام.

وقالوا: أساطير الأولين.

فاصبر يا محمد على هذا كله؛ لأن كلَّ قولة من أقوالهم تحمل معها دليل كذبهم.

فقولهم عن رسول الله: ساحر، فمَن الذي سَحَره رسول الله؟

سحر المؤمنين به، فلماذا -إذن- لم يسحرْكم أنتم أيضاً، وتنتهي المسألة.

إذن: بقاؤكم على عناده والكفر به دليل براءته من هذه التهمة.

وقولهم: شاعر، كيف وهم أمة صناعتها الكلام، وفنون القول شعره ونثره، فكيف يَخْفى عليهم أسلوب القرآن؟

والشعر عندهم كلام موزون ومُقفّى، فهل القرآن كذلك؟

ولو جاء هذا الاتهام من غيركم لكان مقبولاً، أما أنْ يأتيَ منكم أنتم يا مَنْ تجعلون للكلام أسواقاً ومعارض كمعارض الصناعات الآن، فهذا غير مقبول منكم.

وسبق أنْ قلنا: إنك إذا قرأتَ مقالاً مثلاً، ومَرَّ بك بيت من الشعر تشعر به وتحسُّ أذنك أنك انتقلتَ من نثر إلى شعر، أو من شعر إلى نثر.

فخُذْ مثلاً قول ابن زيدون: "هذا العَذْل محمود عواقبه، وهذه النَّبْوة غمرة ثم تنجلي، ولن يريبني من سيدي أنْ أبطأ سَيْبه، أو تأخر غير ضنين غناؤه، فأبطأ الدِّلاء فَيْضا أملؤها، وأثقل السحائب مشياً أحفلها، ومع اليوم غد، ولكل أجل كتاب، له العتب في احتباله، ولا عتبَ عليه في اغتفاله، فَإنْ يكُنِ الفعلُ الذي سَاءَ واحِداً فَأفْعالُه اللائي سَرَرْنَ أُلُوفُ".

على الفور تحس أذنك أنك انتقلتَ من نثر إلى شعر.

فإذا ما قرأتَ في القرآن مثلاً قوله تعالى: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ للَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَراً إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ * قَالَتْ فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَٱسَتَعْصَمَ..) (يوسف: 30-32).

فهل أحسستَ بانتقال الأسلوب من نثر إلى شعر، أو من شعر إلى نثر؟

ومع ذلك لو وزنتَ: (فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ..) (يوسف: 32) لوجدتَ لها وزناً شِعْرياً.

وقوله تعالى: (نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ) (الحجر: 49).

لو أردتها بيتاً شعرياً تقول: (نبىء عبادي أني * أنا الغفور الرحيم).

ومع ذلك تقرأها في سياقها، فلا تشعر أنها شعر؛ لأن الأسلوب فريد من نوعه، وهذه من عظمة القرآن الكريم، كلام فَذٌّ لوحده غير كلام البشر.

أما قولهم: "مجنون" فالمجنون لا يدري ما يفعل، ولا يعقل تصرفاته ولا يسأل عنها، ولا نستطيع أنْ نتهمه بشيء فنقول عنه مثلاً؛ كذاب أو قبيح؛ لأن آلة الاختيار عنده مُعطّلة، وليس لديه انسجام في التصرفات، فيمكن أن يضحك في وجهك، ثم يضربك في نفس الوقت، يمكن أن يعطيك شيئاً ثم يتفل في وجهك.

والمجنون ليس له خُلق، والحق سبحانه يخاطب رسوله -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم-: (نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم: 1-4).

والخُلق هو المَلَكة المستقرة للخير، فكيف يكون محمد مجنوناً، وهو على خلق عظيم؟

ثم هل جرَّبْتُم عليه شيئاً مما يفعله المجانين.

أما قولهم: إن رسول الله افترى هذا القرآن، كيف وأنتم لم تسمعوا منه قبل البعثة شِعْراً أو خطباً ولم يسبق أن قال شيئاً مثل هذا؟

كيف يفتري مثل هذا الأسلوب المُعجز، وليس عنده صنعة الكلام؟

وإن كان محمد قد افترى القرآن فلماذا لا تفترون أنتم مثله وتعارضونه؟(قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ..) (يونس: 38).

وهكذا تقوم من نفس أقوالهم الأدلة على كذبهم وادعائهم على رسول الله.

ثم يقول تعالى: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا..) (طه: 130).

والتسبيح هو التنزيه لله تعالى، وهو صفة لله قبل أنْ يخلق مَنْ يُسبِّحه ويُنزِّهه؛ لذلك يقول تعالى في استهلال سورة الإسراء: (سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ..) (الإسراء: 1) ؛ لأن العملية مخالفة لمنطق القوانين، فقال: نزّه فعل الله عن أفعالك.

إذن: فسبحان معناها أن التنزيه ثابت لله، ولو لم يوجد المنزَّه، فلما خلق الله الكون سَبَّحتْ السماوات والأرض وما فيهن لله.

فإذا كان التسبيح ثابتاً لله قبل أن يوجد المسبّح، ثم سبح لله أول خلقه، ولا يزالون يُسبِّحون، فأنت أيضاً سبِّح باسم ربك الأعلى.

أي: نزّهه سبحانه ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً وأقوالاً عَمَّا تراه من المخلوقات.

ومعنى (بِحَمْدِ رَبِّكَ..) (طه: 130) لأن من لوازم الخلق أن يكون مختلفاً في الأهواء والأغراض والمصالح، يتشاكلون ويتحاربون على عَرَضٍ زائل، فمنهم الظالم والمظلوم، والقوي والضعيف.

إذن: لابُدَّ من وجود واحد لا توجد فيه صفة من هذه الصفات، ليضع القانون والقسطاس المستقيم الذي يُنظِّم حياة الخَلْق، فهذا التنزُّه عن مشابهة الأحداث كلها، وعن هذه النقائض نعمة يجب أن نشكر الله ونحمده على وجودها فيه، نحمده على أنه ليس كمثله شيء.

فذلك يجعل الكون كله طائعاً، إنما لو مثله شيء فلربما تأبَّى على الطاعة في "كُنْ فيكون".

والتسبيح والتنزيه يعني المقياس الذي يضبط العالم ليس كمقياس العالم، إنما أصلح وأقوى، وهذا في صالحك أنت، فساعةَ أن تُسبِّح الله اذكر أن التسبيح نعمة، فاحمد الله على أنه لا شيءَ مثلُه.

سبِّح تسبيحاً مصحوباً بحمْدِ ربك؛ لأن تنزيهه إنما يعود بالخير على مَنْ خلق، وهذه نعمة تستحق أن تحمدَ الله عليها.

ومثال ذلك -ولله المثل الأعلى- ربّ الأسرة، هذا الرجل الكبير العاقل صاحب كلمة الحق والعدل بين أفرادها، وصاحب المهابة بينهم تراهم جميعاً يحمدون الله على وجوده بينهم؛ لأنه يحفظ توازن الأسرة، ويُنظِّم العلاقات بين أفرادها.

ألم نَقُلْ في الأمثال: (اللي ملوش كبير يشتري له كبير)؟

حتى وإن كان هذا الكبير متعالياً؛ لأن تعاليه لصالح أفراد أسرته، حيث سليزم كل واحد منهم حدوده.

لذلك من أسماء الله تعالى: المتعال المتكبر، وهذه الصفة وإنْ كانت ممقوتة بين البشر لأنها بلا رصيد، فهي محبوبة لله تعالى؛ لأنها تجعل الجميع دونه سبحانه عبداً له، فتَكبُّره سبحانه وتعاليه بحقٍّ: (إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) (يس: 82).

إذن: لا يحفظ التوازن في الكون إلا قوة مغايرة للخَلْق.

وقوله: (قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ) (طه: 130).

أي: تسبيحاً دائماً مُتوالياً، كما أن نعم الله عليك متوالية لا تنتهي، فكلُّ حركة من حركاتك نعمة، النوم نعمة، والاستيقاظ نعمة، الأكل نعمة، والشرب نعمة، البصر والسمع، كل حركة من حركات الأحداث نعمة تستحق الحمد، وكل نعمة من هذه ينطوي تحتها نِعَم.

خُذْ مثلاً حركة اليد التي تبطش بها، وتأمّل كم هي مرِنة مِطْواعة لك كما شئت دون تفكير منك، أصابعك تتجمع وتمسك الأشياء دون أن تشعر أنت بحركة العضلات وتوافقها، وربما لا يلتفت الإنسان إلى قدرة الله في حركة يده، إلا إذا أصابها شلل والعياذ بالله، ساعتها يعرف أنها عملية صعبة، ولا يقدر عليها إلا الخالق عز وجل.

لذلك؛ فالحق -سبحانه وتعالى- يعطينا زمن التسبيح، فيعيشه في كل الوقت (قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ..) (طه: 130).

وآناء: جمع إنْى، وهو الجزء من الزمن، وهذا الجزء يترقَّى حسْب تنبهك لتسبيح التحميد، فمعنى التسبيح آناء الليل، يعني أجزاء الليل كله، فهل يعني هذا أن يظل الإنسانُ لا عملَ له إلا التسبيح؟

المناطقة يقولون عن الجزء من الوقت: مقول بالتشكيك، فيمكن أن تُجزّىء الليل إلى ساعات، فتُسبِّح كل ساعة، أو تترقّى فتسبح كل دقيقة، أو تترقّى فتُسبِّح كل ثانية، وهكذا حسْب مقامات المسبّح الحامد وأحواله.

فهناك من عباد الله مَنْ لا يفتر عن تسبيحه لحظة واحدة، فتراه يُسبِّح الله في كل حركة من حركاته؛ لأنه يعلم أنه لا يؤديها بذاته بدليل أنها قد تُسْلَب منه في أي وقت.

إذن: فأجزاء الوقت تختلف باختلاف المقامات والأحوال، أَلاَ تراهم في وحدة القياس يقيسون بالمتر، ثم بالسنتيمتر، ثم بالمللي متر، وفي قياس الوقت توصّل اليابانيون إلى أجهزة تُحدِّد جزءاً من سبعة آلاف جزء من الثانية.

ثم يقول: (وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ..) (طه: 130) ليستوعب الزمن كله ليله ونهاره، والمقامات والأحوال كلها؛ لذلك يقول بعض العارفين في نصائحه التي تضمن سلامة حركة الحياة: (اجعل مراقبتك لمن لا تخلو عن نظره إليك) فهذا الذي يستحق المراقبة، وعلى المرء أنْ يتنبه لهذه المسألة، فلا تُكنْ مراقبته لمن يغفل عنه، أو ينصرف، أو ينام عنه.

(واجعل شكرك لمن لا تنقطع نعمه عنك) فإذا شربتَ كوب ماءٍ فقُلْ: الحمد لله أن أرواك، فساعةَ تشعر بنشاطها في نفسك قل: الحمد لله.

وساعةَ أنْ تُخرجها عرقاً أو بولاً قل: الحمد لله، وهكذا تكون موالاة حمد الله، والمداومة على شُكْره.

(واجعل طاعتك لمن لا تستغني عنه) فطالما أنك لا تستغني عنه، فهو الأَوْلَى بطاعتك.

(واجعل خضوعك لمن لا تخرج عن مُلْكه وسلطانه) وإلاَّ فأين يمكنك أن تذهب؟

لكن، لماذا أطلق زمن التسبيح بالليل، فقال (آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ..) (طه: 130) وحدده في النهار فقال: (وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ..) (طه: 130)؟

قالوا: لأن النهار عادة يكون محلاً للعمل والسَّعْي، فربما شغلك التسبيح عن عملك، وربنا يأمرنا أن نضربَ في الأرض ونُسهِم في حركة الحياة، والعمل يُعين على التسبيح، ويُعين على الطاعة، ويُعينك أنْ تلبي نداء: الله أكبر.

ألاَ تقرأ قول الله -عز وجل- في سورة الجمعة: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة: 9-10).

ذلك لأن حركة الحياة هي التي تُعينك على أداء فَرْض ربك عليك، فأنت مثلاً تحتاج في الصلاة إلى سَتْر العورة، فانظر إلى هذا الثواب الذي تستر به عورتك: كم يَدٌ ساهمتْ فيه؟

وكم حركة من حركات الحياة تضافرتْ في إخراجه على هذه الصورة؟

أمّا في الليل فأنت مستريح، يمكنك التفرغ فيه لتسبيح الله في أيِّ وقت من أوقاته.

ويلفتنا قوله تعالى: (قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ..) (طه: 130)...

فأيّ طلوع؟

وأيّ غروب؟

وأيُّ ليل؟

وأيّ نهار؟

أهي لمصر أم للجزائر أم للهند أم لليابان؟

إنها ظواهر متعددة وممتدة بامتداد الزمان والمكان لا تنتهي، فالشمس في كل أوقاتها طالعة غاربة، ففي هذا إشارة إلى أن ذِكْر الله وتسبيح الله دائمٌ لا ينقطع.

ثم يذكر سبحانه الغاية من التسبيح، فيقول (لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ) (طه: 130) ونلحظ أن الحق سبحانه يحثُّ على العمل بالنفعية، فلم يقُل: لعلِّي أرضى، قال: لعلك أنت ترضى، فكأن المسألة عائدة عليك ولمصلحتك.

والرضا: أنْ تصلَ فيما تحب إلى ما تؤمِّل، والإنسان لا يرضى إلا إذا بلغ ما يريد، وحقّق ما يرجو، كما تقول لصاحبك: أأنت سعيد الآن؟

يقول: يعني: يقصد أنه لم يصل بعد إلى حَدِّ الرضا، فإنْ تحقَّق له ما يريد يقول لك: سعيد والحمد لله.

فإنْ أحسنتَ إليه إحساناً يفوق ما يتوقعه منك يأخذك بالأحضان ويقول: ربنا يُديم عمرك، جزاك الله خيراً.

إذن: رضا الإنسان له مراحل؛ لذلك فالحق سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي كما روى النبي -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم-: "إن الله يتجلى على خَلْقه في الجنة: يا عبادي هل رضيتم؟ فيقولون: وكيف لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تُعْطِ أحداً من العالمين، قال: أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: يا رب، وهل يوجد أفضل من ذلك؟ قال: نعم، أُحِلُّ عليكم رضواني فلا أسخط بعده عليكم أبداً".

وهكذا يكون الرضى في أعلى مستوياته.

الغاية من التسبيح -إذن- الذي كلّفك ربك به أنْ ترضى أنت، وأن يعودَ عليك بالنفع، وإلا فالحق سبحانه مُسبَّح قبل أن يخلق، أنت مُسبّح قبل أن يخلق الكون كله، ولا يزيد تسبيحك في ملكه تعالى شيئاً.

ويتم لك هذا الرضا حين تُرضِي الله فيرضيك.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا...).



سورة طه الآيات من 126-130 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة طه الآيات من 126-130
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة هود الآيات من 046-050
» سورة طه الآيات من 061-065
» سورة يس الآيات من 36-40
» سورة ص الآيات من 71-75
» سورة ق الآيات من 31-35

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: طه-
انتقل الى: