منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة هود الآيات من 011-015

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة هود الآيات من 011-015 Empty
مُساهمةموضوع: سورة هود الآيات من 011-015   سورة هود الآيات من 011-015 Emptyالخميس 17 أكتوبر 2019, 2:38 am

إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وكلمة (صَبَرُواْ) هنا موافقة للأمرين الذين سبقا في الآيتين السابقتين، فهناك نزع الرحمة، وكذلك هناك "نعماء" من بعد "ضرَّاء"، وكلا الموقفين يحتاج للصبر؛ لأن كلاّ منا مقدور للأحداث التي تمر به، وعليه أن يصبر لملحظية حكمة القادر -سبحانه- وبدأ الحق -سبحانه وتعالى- هذه الآية بالاستثناء، فقال جل وعلا: (إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ) (هود: 11).

ولولا هذا الاستثناء لكان الكل -كل البشر- ينطبق عليهم الحكم الصادر في الآيتين السابقتين، حكم باليأس والكفر، أو الفرح والفخر دون تذكُّر واهب النعم -سبحانه- ولكن هذا الاستثناء قد جاء ليُطمئن الذين صبروا على ما قد يصيبهم في أمر الدعوة، أو ما يصيبهم في ذواتهم؛ لا من الكافرين؛ لكن بتقدير العزيز العليم.

أو أنهم صبروا عن عمل إخوانهم المؤمنين.

إذن: فالصبر معناه حدُّ النفس بحيث ترضى عن أمر مكروه نزل بها.

والأمر المكروه له مصادر عدة، منها: أمر لا غريم لك فيه كالمرض مثلاً.

أو أن يكون لك غريم في الأمر؛ كأن يُسرق منك متاع، أو يُعتدى عليك، وفي هذه الحالة تنشغل برغبة الانتقام، وتتأجج نفسك برغبة النيل من هذا الغريم، أكثر مما تتأجج في حالة عدم وجود الغريم، فحين يمرض الإنسان فلا غريم له.

وفي حالة الرغبة من الانتقام فالصبر يختلف عن الصبر في حالة وجود الغريم.

ولذلك عرض الحق -سبحانه وتعالى- لتأتِّي الصبر حسب هذه المراحل، فسيدنا لقمان يقول لابنه: (وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ) (لقمان: 17).

وفي موضع آخر يقول الحق -سبحانه-: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ) (الشورى: 43).

وفي هذه الآية "لام" التوكيد لتؤكد أن هذا الأمر يحتاج إلى عزم قوي؛ لأن لي فيها غريماً يثير غضبي.

فساعة أرى من ضربني أو أهانني أو سرقني أو أساء إليَّ إساءة بالغة، فالأمر هنا يحتاج صبراً وقوة وعزيمة.

أما في الحالة الأولى -حالة عدم وجود غريم- فالحق -سبحانه- يكتفي فقط بالقول الكريم: (وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ) (لقمان: 17).

ولكنه -سبحانه- أضاف في الآية الأخرى "اللام" لتأكيد العزم، وليضيف -سبحانه- في حالة وجود غريم طلب الغفران، فيقول -سبحانه-: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ) (الشورى: 43).

وهكذا نجد المستثنى، وهم الصابرون على ألوانهم المختلفة.

وهنا يقول -سبحانه-: (إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ) (هود: 11).

وما دام هنا صبر، فالصبر لا يكون إلا على إيذاء.

ولكن إياك أن يكون الإيذاء من خصمك في الإيمان، أو من خصمك في ما دون الإيمان، صارفاً لك عن نشاطك في طاعة الله -سبحانه-؛ لأن الصبر لا يعني أن تكبت غضبك وتعذب نفسك بهذا الكبت بما يصرفك عن مهامك في الحياة، بل يسمح لك الحق -سبحانه- أن تتخلص من غلِّك وحقدك، بمعايشة الإيمان الذي يُخفف من غَلْواء الغضب.

ولكسر حدة الغل أباح لك الحق -سبحانه وتعالى- أن تعتدي على من اعتدى عليك بمثل ما اعتدى؛ لأنه -سبحانه وتعالى- لا يريد لك أن تظل في حالة غليان بالغضب أو القهر بما يمنعك من العمل، بل يريد الحق -سبحانه- أن تتوجه بطاقاتك إلى أداء عملك.

ولذلك لا يلزمك الحق -سبحانه- إلا بحكم العدل فيقول عز وجل: (فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ) (البقرة: 194).

ولكن هناك القادر على التحكم في نفسه، ولذلك يقول الحق -سبحانه-: (وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ) (آل عمران: 134).

ومعنى كظم الغيظ: أن الغيظ موجود، لكن صاحبه لا يتحرك بنزوع انتقامي، مثلما تقول: "كظمت القِرْبة" لأن حامل القربة لو لم يكظم الماء فيها، لتفلَّت الماء منها، أي: أنه يحبس الماء فيها.

وكظم الغيظ درجة ومنزلة، قد لا تكون إيجابية؛ لأن الغيظ ما زال موجوداً؛ ولذلك تأتي مرحلة أرقى، وتتمثل في قول الحق -سبحانه-: (وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ) (آل عمران: 134).

أي: أن تُخرج الغيظ من قلبك وتتسامح.

إذن: فأنت هنا أمام مراحل ثلاث: أن تردَّ الاعتداء عليك بمثله، والمثليَّة في رد الاعتداء أمر لا يمكن أن يتحقق، فمن صفعك صفعة، كيف تستطيع أن تضبط كمية الألم في الصفعة التي تردها إليه؟

إن المتحكم في ردِّ الاعتداء هو الغضب، والغضب لا يقيس الاعتداء بمثله، فلا يتحقق العدل المطلوب؛ لهذا يكون الصبر خيراً مصداقاً لقوله تعالى: (وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ) (النحل: 126).

فإن أزدتَ من قوة صفعتك تكون معتدياً.

ولعلنا نذكر مسرحية "تاجر البندقية" لشكسبير، وبطلها هذا التاجر اليهودي الذي أقرض رجلاً مالاً، وكان صَكُّ القرض يفرض أن يقتطع اليهودي رطلاً من لحم المقترض إن تأخر في السداد.

وتأخَّر المقترض في السداد، وأراد المرابي اليهودي أن يقتطع رطلاً من لحم المقترض، وعُرِض الأمر على القاضي، وكان القاضي رجلاً حكيماً، وأراد أن يصدر حكماً يتلمس فيه العدالة، فقال القاضي: لا مانع أن تأخذ رطلاً من لحم الرجل؛ هات السكين، واقطع رطلاً واحداً بلا زيادة أو نقصان؛ لأننا سنأخذ مقابل تلك الزيادة من لحمك أنت بنفس السكين، وكذلك إن قطعت من اللحم ما يقل عن الرطل، فسنقطع الناقص لك من لحمك أنت عقاباً لك.

وتردَّد المرابي اليهودي؛ لأن الجزار -أيَّ جزار- لا يمكن أن يضبط يده ليقطع رطلاً مكتمل الوزن، بل يقطع أحياناً ما يزيد عن الوزن المطلوب، ويقطع أحياناً ما يقل عن الوزن المطلوب، ثم يكمل أو ينقص الوزن حسب كل حالة.

وانسحب المرابي اليهودي وتنازل عن دعواه، والذي دفعه إلى ذلك هو عدم قدرته على أخذ المثل، فلو كان قد ارتقى قليلاً في مشاعره لما وصل إلى هذا الحكم.

والحق -سبحانه وتعالى- يحضنا على أن نرد العدوان بمثله، وإن أردنا الارتقاء فلنكظم الغيظ، وإن أردنا الارتقاء أكثر فلنخرج الغيظ من القلب ولنكن من العافين عن الناس؛ لننال محبة ، لأنه -سبحانه- يقول: (وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ) (آل عمران: 134).

وفي هذا يرتقي المؤمن بمنهج الله -سبحانه-، فيجعل المعتدَى عليه هو الذي يُحسن.

وحين تريد أن تفسر حب الله -سبحانه- للمحسنين فلسفيّاً أو منطقياً أو اقتصادياً، ستجد القضية صحيحة، والله -سبحانه وتعالى- يقول: (وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ) (النور: 22).

فإن أساء أخوك إليك سيئة، فإما أن ترد بالمثل، أو تكظم الغيظ أو ترقى إلى العفو، وبذلك تكون من المحسنين؛ لأنك إذا كنت قد ارتكبت سيئة، وعلمت أن الله -سبحانه وتعالى- يغفرها لك، ألا تشعر بالسرور؟

إذن: فما دُمْت تريد أن يغفر  لك السيئة عنده، فلماذا لا تعفو عن سيئة أخيك في حقك؟

وقول الحق -سبحانه-: (أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ) (النور: 22).

وقد جاء الحق -سبحانه- هنا من ناحية النفس، فجعل عفو العبد عن سيئة العبد بحسنة، فلعفو العبد ثمن عند؛ لأن العبد سيأخذ مغفرة ، وفوق ذلك فأنت تترك عقاب المسيء والانتقام منه لربك، وعند التسليم له راحة.

ولو اقتصصتَ أنت ممن أساء إليك، فقصاصك على قدر قوتك، أما إن تركته إلى قدرة ، فهذا أصعب وأشق؛ لأنك تركته إلى قوة القوي.

وهكذا ينال العافي عن المسيء مرتبة راقية؛ لأنه جعل الله -سبحانه وتعالى- في جانبه.

وهناك من يقول: كيف يأمر الدين الناس بأن يحسنوا لمن أساء إليهم؟

ويعلل ذلك بأنه أمر ضد النفس.

ونقول: إن الإحسان إلى المسيء هو مرحلة ارتقاء، وليست تكليفاً أصيلاً؛ لأن الحق -سبحانه- قد أباح أن نرد العدوان بمثله، ثم حثَّ المؤمن على أن يكظم غيظه، أو يرتقي إلى العفو وأن يصل إلى الإحسان، وكل هذه ارتقاءات اليقين بالله -سبحانه وتعالى- وانظر إلى نفسك -ولله المثل الأعلى ومنزَّه -سبحانه- عن كل مَثلٍ- إنْ أردت أن تطبق الأمر على ذاتك حين تجد ولداً من أولادك قد اعتدى على أخيه، فقلبك وعواطفك وتلطفاتك تكون مع المعتدَى عليه.

ومن يقول: كيف يكلّفني الشرع بأن أحسن إلى من أساء إليَّ؟

نقول له: تذكَّرْ قول الحسن البصري رضي الله عنه: "أفلا أحْسِنُ لمن جعل الله في جانبي".

ولو طبَّق العالم هذه القاعدة بيقينٍ وإخلاصٍ لصارت الحياة على الأرض جنة معجَّلة، التسامح، قوامها القرب، ومنهجها الحب.

وهنا في الآية  يقول الحق -سبحانه وتعالى-: (إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (هود: 11).

وإن تسأل أحد: ولماذا ينالون المغفرة؟

نقول: لأنهم صبروا وغفروا؛ لذلك يهديهم  مغفرة من عنده، لأنه صبر على الإساءة، وغفر لمن أساء، فلابد أن يُثيبه ، لا بالمغفرة فقط، ولكن بالأجر الكبير أيضاً.

ويقول -سبحانه- بعد ذلك: (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ...).



سورة هود الآيات من 011-015 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة هود الآيات من 011-015 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة هود الآيات من 011-015   سورة هود الآيات من 011-015 Emptyالخميس 17 أكتوبر 2019, 2:40 am

فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهنا نجد الحق -سبحانه- يأتي بصيغة الاستفهام في قوله تعالى: (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ) (هود: 12).

وهو استفهام في معرض النهي.

ولله المثل الأعلى: أنت قد تقول لابنك لتحثَّه على الاجتهاد: "لعلَّك سُررت من فشل فلان" وفَحْوَى هذا الخطاب، استفهام في معرض النهي، وهو استفهام يحمل الرجاء.

وهنا تجد أن الراجي هو ربك -سبحانه وتعالى- الذي أرسلك بالدعوة.

ولذلك يأتي قول الحق -سبحانه- مُبيِّناً: لا يضيق صدرك يا رسول الله من هؤلاء المتعنتين، الذين يريدون أن يخرجوك عن مقامك الذي تلحُّ دائماً في التأكيد عليه، فأنت تؤكد لهم دائماً أنك بشرٌ، وكان المفروض فيهم أن تكون مطلوباتهم منك على مقدار ما أقررت على نفسك، فأنت لم تَقُلْ أبداً عن نفسك إنك إله، ليطلبوا منك آيات تُخالف النواميس، بل أنت مُبلِّغ عن  وإياك أن يضيق صدرك فلا تُبلغهم شيئاً مما أنزِلَ إليك؛ لأن البلاغَ هو الحُجَّة عليهم، فلو ضاق صدرُك منهم، وأنقصتَ البلاغ الموكَّل إليك؛ لأنهم كلما أبلغوا بآية كذَّبوها، فاعلمْ أن الله -سبحانه وتعالى- سوف يزيد عقابهم بقدر ما كذَّبوا.

وكلمة "ضائق" اسم فاعل، ويعني أن الموصوف به لن يظل محتفظاً بهذه الصفة لتكون لازمة له، ولكنها تعبِّر عن مرحلة من المراحل، مثلما نقول: "فلان نَاجِر" أي: أنه قادر على القيام بأعمال النجارة مرَّة واحدة -أو قليلاً- ولا يحترف هذا العمل.

وكذلك كلمة "ضائق" وهي تعبِّر في مرحلة لا أكثر مِنْ فَرْط ما قابلوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- من إنكار، وما طالبوا به من أشياء تخرج عن نطاق إنسانيته، فقد طالبوا هنا أن ينزل عليه كَنْزٌ.

وقد جاء الحق -سبحانه- بذكر مسألة الكنز؛ ليدلنا على مدى ما عندهم من قيم الحياة، فقيمة القيم عندهم تركزَّتْ في المال؛ ولذلك تمنَّوا لو أن هذا القرآن قد نزل على واحد من الأثرياء، مصداقاً لقول الحق -سبحانه-: (وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (الزخرف: 31).

إذن: فلم يكن اعتراضهم على القرآن، بل على مَنْ نزل عليه القرآن.

وفي الآية الكريمة -التي نحن بصدد خواطرنا عنها-، طلبوا أن ينزل إليه كَنْزٌ، وقد ظنوا أن الثراء سيلهيه هو ومَنْ معه عن الدعوة إلى  ونسوا أنهم قد عرضوا الثروة عليه من قبل.

وهكذا وضح لمن عرض عليه هذا الأمر أن مسألة الكنز لا تشغله -صلى الله عليه وسلم-.

والكَنْزُ -لغويّاً- هو الشيء المجتمع، فإن كانت الماشية -مثلاً- مليئة باللحم يقال لها: "مُكْتَنِزَةٌ لحماً" ولكن كلمة "الكنز" أطلقت على الشيء الذي هو ثمن لأي شيءٍ، وهو الذهب.

ولذلك قال الحق -سبحانه-: (وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة: 34).

ونحن نعلم أن هناك فارقاً بين الرزق المباشر والرزق غير المباشر، فالرزق الغير مباشر هو ما تنتفع به، طعاماً أو شراباً، وهناك شيء يأتي لك بالرزق الغير مباشر؛ لكنه لا يُغني عن الرزق المباشر المستمر.

فلو أن إنساناً في صحراء ومعه قناطير مقنطرة من الذهب، ولا يجد طعاماً ولا شربة ماء، ماذا يفعل له الذهب؟

ولو عرض عليه إنسانٌ آخر رغيف خبز وشربة ماء مقابل كل ما يملك من ذهب لوافق على الفور.

وهنا لا يكون التقييم أن قنطار الذهب مقابل الرغيف وشربة الماء، ولكن قنطار الذهب هنا مقابل استمرار الحياة وضرورة الحاجة.

إذن: معنى كلمة "كنز" هو نقد من الذهب والفضة مجتمعاً، ويقال عنه بالعامية عندنا في مصر: "نقود تحت البلاطة"، ولكن إذا أدَّى صاحب هذا النقد حقَّ  فيما ادَّخره، لا يُعتبر كَنْزاً؛ لأن الشرط في الكَنْزِ أن يكون مَخفيّاً، والزكاة التي تُخرَج من المال المدَّخر توضح للمجتمع أن صاحب المال لا يُخفى ما عنده.

ولذلك لا يُسمَّى الكَنْزُ إلاَّ للشيء المجتمع وممنوع منه حق ، فإنْ أدَّى حقُّ الله -سبحانه- فقد رُفعَتْ عنه الكَنزية؛ لأن الحق -سبحانه وتعالى- يقول: (وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة: 34).

ومن هذا القول الكريم نفهم أن مَنْ يملك مالاً ويؤدِّي حقَّ الله فيه، لا يُعتبر كَنْزاً، وحين تُنقِص الزكاةُ المالَ في ظاهر الأمر، فهي تدفع الإنسان إلى أن يُحْسِن استثمار هذا المال؛ حتى لا يفقده على مدار أربعين عاماً، بحكم أن زكاة المال هي اثنان ونصف في المائة؛ ولذلك يحاول صاحب المال أن يُثمِّره، وهو بذلك يُهيِّىء فرصة لغير واجدٍ وقادرٍ لأن يعمل، وبذلك تقلُّ البطالة.

وقد تكون أنت صاحب المال؛ لكنك لا تفهم أسرار التجارة والصناعة، فتشارك مَنْ يفهم في التجارة أو الصناعة، وبذلك تفتح أبواب فرص عمل لمن لا عمل له وقادر على إدارة العمل.

هذه هي إرادة الحق -سبحانه وتعالى- في أن يجعل من تكامل المواهب نماءً وزيادة، تكامل مواهب الوَجْد -النقود- ومواهب الجَهْد، وبين الوجد والجهد تنشأ الحركة، ويتفق صاحب المال مع صاحب الجهد على نسب الربح حسب العرض والطلب؛ لأن كل تبادل إنما يخضع لهذا الأمر -العرض والطلب- لأن مثل هذا التعاون بين الواجد والقادر ينتج سلعة، والسلعة لا هَوًى لها، ولكن من يملك السلعة ومن يشتري السلعة لهما هوى، فمالكُ السلعة يرغب في البيع بأعلى سعر، ومن يرغب في شراء السلعة يريدها بأقل سعر، لكن السلعة نفسها لا هوى لها.

وما دام العرض والطلب هو الذي يتحكَّم في السلع، فهذا توازن في ميزان الاقتصاد.

وعلى سبيل المثال: إن عُرضت اللحوم بسعر مرتفع، فكبرياء الذات في النفس البشرية تدفع غير القادر لأن يقول: إن تناول اللحم يرهقني صحيّاً.

ويتجه إلى الأطعمة الأخرى التي يقدر على ثمنها؛ لأن السلعة هي التي تتحكم، أما إذا تدخل أحدٌ في تسعير السلع، بأن اكتنز المال، ولم يخرجه للسوق لاستثماره، حينئذ تختفي قدرة الحركة لصاحب المال، ولا يجد صاحب الموهبة مجالاً لإتقان صنعته.

وقول الحق -سبحانه وتعالى- في هذه الآية: (لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ) (هود: 12).

فكلمة "لولا" -كما نعلم- للتمني، وهم تمنوا الكنز أولاً، ثم طلبوا مجيء مَلَك، وكيف ينزل المَلَك؟

أينزل على خِلقته أم على خِلْقته بأن يتجسد على هيئة رجل؟

والحق -سبحانه وتعالى- يقول: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً) (الأنعام: 9).

وإن نزل المَلَك على هيئة رجل فكيف يتعرَّفون إلى أصله كمَلَك؟

وهذا غباء في الطلب.

وأيضاً قال الحق -سبحانه وتعالى-: (وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً * قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً) (الإسراء: 94-95).

ولو أنزله الحق -سبحانه- مَلَكاً فسوف يكون من نفس طبيعتهم البشرية، وسوف يلتقي بهم ويتكلم معهم، ولن يستطيعوا تمييزه عن بقية الناس وسوف يُكذِّبونه أيضاً.

وهنا في الآية -التي نحن بصدد خواطرنا عنها- يقول الحق -سبحانه- رَدًّا له عن هذا الطلب: (إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ) (هود: 12).

وهذا الكلام موجَّه من الله -سبحانه- للرسول -صلى الله عليه وسلم- ليُلقِّنه الحجة التي يرد بها عليهم، وقد قال لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن نفسه إنه نذير وبشير، وقد طلب غيركم الآيات، وحين جاءت الآيات التي طلبوها لم يؤمنوا، بل ظلُّوا على تكذيبهم؛ فنكَّل الحق -سبحانه- بهم.

إذن: فالعناد بالكفر لا ينقلب إلى إيمان بمجرد نزول الآيات، والحق -سبحانه- هو القائل: (وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ) (الإسراء: 59).

أي: أن الآيات التي طلبها الكافرون لم يأت بها الله -سبحانه-؛ لأن الأولين قد كذَّبوا بها؛ ولذلك يبلغ الحق -سبحانه- رسوله -صلى الله عليه وسلم- هنا بقوله: (إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ) (هود: 12).

وهو -صلى الله عليه وسلم- قد نزل عليه القرآن بالنذارة والبشارة.

ويُنهي الحق -سبحانه وتعالى- الآية بقوله: (وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (هود: 12).

وأنت حين توكِّل إنساناً في البيع والشراء والهِبَة والنَّقل، وله حرية التصرف في كل ما يخصك، وترقب سلوكه وتصرُّفه، فإنْ أعجبك ظللتَ على تمسكك بتوكيله عنك، وإن لم يعجبك تصرُّفه فأنت تُلْغي الوكالة، هذا في المجال البشري، أما وكالة الله -سبحانه وتعالى- على الخَلْق فهي باقية أبداً، وإن أبى الكافرون منهم.

يقول الحق -سبحانه- بعد ذلك: (أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ...).



سورة هود الآيات من 011-015 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة هود الآيات من 011-015 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة هود الآيات من 011-015   سورة هود الآيات من 011-015 Emptyالخميس 17 أكتوبر 2019, 2:41 am

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وفي قول الحق -سبحانه وتعالى- هنا بيان لِلَوْنٍ آخر من مصادمة الكافرين لمنهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والإيمان به، فقالوا: إن محمداً قد افترى القرآن.

والافتراء: هو الكذب المتعمَّد، ومعنى الكذب المتعمد أنه كلام يخالف واقعاً في الكون.

فإذا كان الواقع نَفْياً وأنت قلت قضيةَ إثبات؛ تكون قد خالفت الواقع، كأن يُوجد في الكون شرٌّ ما ثم تقول أنت: لا يوجد شرٌّ في هذا المكان، وهكذا يكون الواقع إيجاباً والكلام نفْياً.

وكذلك أن يكون في الواقع نَفْيٌّ وفي الكلام إيجابٌ، فهذا أيضاً كذبٌ؛ لأن الصدق هو أن تتوافق القضية الكلامية مع الواقع الكوني، فإن اختلفتْ مع الواقع الكوني صار الكلام كاذباً.

والكذب نوعان: نوع متعمد، ونوع غير متعمد.

والكذب خرق واقع واختلاق غير موجود.

ويقال: خرقت الشيء أي: أنك أتيت لواقع وبدَّلت فيه.

والحق -سبحانه وتعالى- يقول: (وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (الأنعام: 100).

ويقول أيضاً الحق -سبحانه-: (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) (العنكبوت: 17).

أي: تأتون بشيء من عدم، وهو من عندكم فقط.

ويقول الله -سبحانه-تعالى: (وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ) (الأنعام: 116).

وحين اتهموا محمداً -صلى الله عليه وسلم- بهتاناً بأنه افترى القرآن جاء الرد من القرآن الكريم بمنتهى البساطة، فأنتم -معشر العرب- أهل فصاحة وبلاغة، وقد جاء القرآن الكريم من جنس ونوع نُبوغكم، وما دمتم قد قُلْتم: إن محمداً قد افترى القرآن، وأن آيات القرآن ليست من عند الله، فلماذا لا تفترون مثله؟

وما دام الافتراء أمراً سهلاً بالنسبة لكم، فلماذا لا تأتون بمثل القرآن ولو بعشْر سور منه؟

وأنتم قد عِشْتم مع محمد منذ صِغَره، ولم يكن له شعْر، ولا نثر، ولا خطابة، ولا علاقة له برياضاتكم اللغوية، ولم يزاول الشعر أو الخطابة، ولم يشترك في أسواق البلاغة والشعر التي كانت تُعقد في الجاهلية مثل سوق عكاظ.

وإذا كان مَنْ لا رياضة له على الكلام ولا على البلاغة، قد جاء بهذا القرآن؛ فَلْيكُنْ لديكم - وأنتم أهل قُدْرة ودُرْبة ورياضة على البلاغة أن تأتوا ببعض من مثله، وإن كان قد افترى القرآن فلماذا لا تفترون مثله؟

وأنتم تعرفون المعارضات التي تُقام في أسواق البلاغة عندكم، حين يقول شاعر قصيدة، فيدخل معه شاعر أخر في مباراة ليلقي قصيدة أفضل من قصيدة الشاعر الأول، ثم تُعقد لجان تحكيم تُبَيِّن مظاهر الحُسْن ومظاهر السوء في أي قصيدة.

ولو كان محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- قد افترى القرآن -كما تقولون- فأين أنتم؟

ألم تعرفوه منذ طفولته؟

ولذلك يأمر الحق -سبحانه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: (قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (يونس: 16).

فهَل أثرَ عن محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه قال شعراً أو ألقى خطبة أو تَبارَى في عكاظَ أو المربد أو ذي المجاز أو المَجَنَّة، وتلك هي أسواق البلاغة ومهرجاناتها في تلك الأيام؟

هو لم يذهب إلى تلك الأماكن منافساً أو قائلاً.

إذن: أفليسَ الذين تنافسوا هناك أقدر منه على الافتراء؟

ألم يكن امرؤ القيس شاعراً فَحْلاً؟
لقد كان، وكان له نظير يعارضه.

وكذلك كان عمرو بن كلثوم، والحارث بن حِلَّزة اليشْكُري، كما جاء في عصور تالية آخرون مثل: جرير والفرزدق.

إذن: فأنتم تعرفون مَنْ يقولون الشعر ومَنْ يعارضونهم من أمثالهم من الشعراء.

إذن: فهاتوا مَنْ يفتري مثل سور القرآن، فإنْ لم تفتروا، فمعنى ذلك أن القرآن ليس افتراء.

ولذلك يقول الحق -سبحانه- هنا: (أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) (هود: 13).

فهل كانوا قادرين على قبول التحدي، بأنْ يأتُوا بعشر سُوَر من مثل القرآن الكريم في البيان الآسر وقوة الفصاحة وأسرار المعاني؟

لقد تحدَّاهم بأن يأتوا -أولاً- بمثل القرآن، فلم يستطيعوا، ثم تحدَّاهم بأن يأتوا بعشر سور، فلم يستطيعوا، وتحدَّاهم بأن يأتوا بسورة، ثم تحدَّى أن يأتوا ولو بحديث مثله، فلم يستطيعوا.

وهنا جاء الحق -سبحانه- بالمرحلة الثانية من التحدي، وهو أنْ يأتوا بِعَشْر سُور، ولم يكتف الحق -سبحانه- بذلك، بل طالبهم أن يَدْعُوا مَجْمَعاً من البُلَغَاء، فقال -سبحانه-: (وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ) (هود: 13).

أي: هاتوا كلَّ شركائكم وكل البُلغاء، من دون  الحق -سبحانه وتعالى- هنا يقطع عليهم فرصة الادّعاء عليه -سبحانه- حتى لا يقولوا: سوف ندعو الله؛ ولذلك طالبهم الحق -سبحانه- أن يُجنِّبوه (وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (هود: 13).

أي: إن كنتم صادقين في أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- قد افترى القرآن، وبما أنكم أهل ريادة في الفصاحة فَلْتفتروا عَشْر سُوَرٍ من مثل القرآن، أنتم ومَنْ تستطيعون دعوتهم من الشركاء.

لذلك كان الرد الحكيم من الله في قول الحق -سبحانه- بعد ذلك: (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ...).



سورة هود الآيات من 011-015 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة هود الآيات من 011-015 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة هود الآيات من 011-015   سورة هود الآيات من 011-015 Emptyالخميس 17 أكتوبر 2019, 2:42 am

فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والخطاب هنا موجَّه إلى الذين ادَّعوا أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد افترى القرآن، أو أن الخطاب مُوجَّه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الحق -سبحانه وتعالى- قال في الآية السابقة: (قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ) (هود: 13-14).

أي: إن لم يردُّوا على التحدي، فليعلموا وليتيقَّنوا أن هذا القرآن هو من عند ، بشهادة الخصوم منهم.

ولماذا عدَّل الحق -سبحانه- هنا الخطاب، وقال: (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ) (هود: 14).

أي: من تدعونهم، ثم قال -سبحانه-: (فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ) (هود: 14).

وقد قال الحق -سبحانه- ذلك؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مُطالَبٌ بالبلاغ وما بلغه الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمؤمنين مطلوب منه أن يُبلغوه، وإنْ لم يستجيبوا للرسول -صلى الله عليه وسلم- أو للمؤمنين، ولم يأتِ أحد مع مَنْ يتهم القرآن بأنه مُفترًى مِن محمدٍ.

وقد يكون هؤلاء الموهوبون خائفين من التحدي؛ لأنهم عرفوا أن القرآن حق، وإن جاءوا ليفتروا مثله فلن يستطيعوا، ولذلك فاعلموا -يا مَنْ لا تؤمنون بالقرآن- أن القرآن: (أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ) (هود: 14).

إذن: فالخطاب يكون مرَّة - موجَّهاً للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولأمته.

ولذلك عَدَلَ الحق -سبحانه- عن ضمير الإفراد إلى ضمير الجمع في قوله تعالى: (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ) (هود: 14).

أي: ازدادوا علماً أيها المؤمنون بأن القرآن إنما نزل من عند الله.

والعِلْم -كما نعلم- مراحل ثلاث: علم يقين، وعين يقين، وحق يقين.

أو أن الخطاب مُوجَّه للكافرين الذين طلب القرآن منهم أن يَدْعُوا من يستطيعون دعاءه ليعاونهم في معارضة القرآن: (فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ) (هود: 14).

وأعلى مراتب العِلْم عند الحق -سبحانه- الذي يعلم كل العلم أزلاً، وهو غير علمنا نحن، الذَي يتغير حسب ما يتيح لنا الله -سبحانه- أن نعلم، فأنت قد تكون عالماً بشيءٍ وتجهل أشياء، أوعلمتَ شيئاً وغابتْ عنك أشياء.

ولذلك تجد الأطباء، وأصحاب الصناعات الدقيقة وغيرهم من الباحثين والعلماء يستدرك بعضهم البعض، فحين يذهب مريض لطبيب مثلاً ويصف له دواءً لا يستجيب له، فيذهب المريض إلى طبيب آخر، فيستدرك على الطبيب الأول، فيصف دواء، وقد لا يستجيب له المريض مرة ثانية، وهنا يجتمع الأطباء على هيئة "مجمع طبي" يُقرّر ما يصلح أو لا يصلح للمريض.

ويستدرك كلٌّ منهم على الآخر إلى أن يصلوا إلى قرار، والذي يستدرك هو الأعلم؛ لأن الطبيب الأول كتب الدواء الذي أرهق المريض أو لم يَستجبْ له، وهو قد حكم بما عنده من عِلْم، كذلك بقية الباحثين والعلماء.

وما دام فوق كل ذي علمٍ عليمٌ؛ فالطبيب الثاني يستدرك على الطبيب الأول.       

وهكذا.

ولكن أيوجد أحدٌ يستدرك على الله -سبحانه وتعالى-؟

لا يوجد.

وما دام القرآن الكريم قد جاء بعلم ، فلا علم لبشر يمكن أن يأتي بمثل هذا القرآن.       

(فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ) (هود: 14).

وجاء الحق -سبحانه- هنا بأنه لا إله إلا هو؛ حتى لا يدَّعي أحدٌ أن هناك إلهاً آخر غير الله.

وذكر الله -سبحانه- هنا أن هذا القرآن قد نزل في دائرة: (لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ) (هود: 14).

وما دام الحق -سبحانه- قد حكم بذلك فلنثق بهذا الحكم.

مثال ذلك: هو حكم الحق -سبحانه- على أبي لهب وعلى امرأته بأنهما سيدخلان النار فهل كان من الممكن أن يعلن أبو لهب إسلامه، ولو نفاقاً؟

طبعاً لا؛ لأن الذي خلقَه علم كيف يتصرف أبو لهب.

لذلك نجد بعد سورة المسد التي قررت دخول أبي لهب النار، قول الحق -سبحانه-: (قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ) (الإخلاص: 1).

أي: أن الحق -سبحانه- ما دام قد أصدر حكمه بأن أبا لهب سيدخل وزوجه النار، فلن يقدر أحد على أن يُغيِّر من حكمه -سبحانه-، فلا إله إلا هو.

ويُنهي الحق -سبحانه- الآية الكريمة بقوله تعالى: (فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ) (هود: 14).

وهذا استفهام، أي: طلب للفهم، ولكن ليس كل استفهام طلباً للفهم، فهذا الاستفهام هنا صادر عن إرادة حقيقية قادرة على فرض الإسلام على من يستفهم منهم.

ولكنه -سبحانه- شاء أن يأتي هذا الاستفهام على لسان رسوله ليقابله جواب، ولو لم يكن السائل واثقاً أنه لا يوجد إلا الإسلام لما قالها، ولو لم يكن السائل واثقاً أنه لا جواب إلا أن يُسْلِم السامع، ما جعل جواب السامع حجة على السامع.

وقائل هذا الكلام هو الخالق -سبحانه-، ولله المثل الأعلى، وهو -سبحانه- مُنزَّه عن كل مثل، تجد إنساناً يحكي لك أمراً بتفاصيله، ثم يسألك: هل أنا صادق فيما قلت لك؟.

وهو يأتي بهذا الاستفهام؛ لأنه واثق من أنك ستقول له: نعم، أنت صادق.

وإذا نظرنا في آية تحريم الخمر والميسر -على سبيل المثال- نجد الحق -سبحانه وتعالى- يقول: (إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِي ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ) (المائدة: 91).

 وكأن هذا الاستفهام يحمل صيغة الأمر بأن: انتهوا من الخمر والميسر، واخجلوا مما تفعلون.

إذن: فقول الحق -سبحانه- في آخر الآية الكريمة: (فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ) (هود: 14) يعني: أسلموا، واتركوا اللجاجة بأن القرآن قد جاء من عند محمد، أو أنه افتراه، بل هو من عند الله -سبحانه- الذي لا إله إلا هو.

ويقول الحق -سبحانه- بعد ذلك: (مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا...).



سورة هود الآيات من 011-015 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة هود الآيات من 011-015 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة هود الآيات من 011-015   سورة هود الآيات من 011-015 Emptyالخميس 17 أكتوبر 2019, 2:43 am

مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وكان الكافرون قد تكلموا بما أورده الحق -سبحانه- على ألسنتهم وقالوا: (لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ) (هود: 12).

فهم -إذن- مشغولون بنعيم الدنيا وزينتها.

والحياة تتطلب المقومات الطبيعية للوجود، من ستر عورة، وأكل لقمة وبيت يقي الإنسان ويؤويه.

أما الزينة فأمرها مختلف، فبدلاً من أن يرتدي الإنسان ما يستر العورة، يطلب لنفسه الصوف الناعم شتاء، والحرير الأملس صيفاً، وبدلاً من أن يطلب حجرة متواضعة تقيه من البرد أو الحر، يطلب لنفسه قصراً.

وفي ذلك يقول الحق -سبحانه وتعالى-: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ) (آل عمران: 14).

وكل هذه أشياء تدخل في متاع الحياة الدنيا، ويقول الحق -سبحانه-: (ذٰلِكَ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ) (آل عمران: 14).

إذن: ما معنى كلمة "زينة"؟

معنى كلمة "زينة" أنها حُسْنٌ أو تحسين طارىء على الذات، وهناك فرق بين الحسن الذاتي والحسن الطارىء من الغير.

والمرأة -على سبيل المثال- حين تتزين فهي تلبس الثياب الجميلة الملفتة، وتتحلّى بالذهب البرَّاق، فهو المعدن الذي يأخذ نفاسته من كثرة تلألئه الذي يخطف الأبصار، ولا تفعل ذلك بمغالاة إلا التي تشك في جمالها.

أما المرأة الجميلة بطبيعتها، فهي ترفض أن تتزين؛ ولذلك يسمونها في اللغة: "الغانية"، أي: التي استغنت بجمالها الطبيعي عن الزينة، ولا تحتاج إلى مداراة كِبرَ أذنيها بقُرْط ضخم، ولا تحتاج إلى مداراة رقبتها بعقد ضخم، ولا تحاول أن تداري معصمها الريان بسوار، وترفض أن تُخفِي جمال أصابعها بالخواتم.

وحين تُبالغ المرأة في ذلك التزيُّن فهي تعطي الانطباع المقابل.

وقد يكون المثل الذي أضربه الآن بعيداً عن هذا المجال، لكنه يوضح كيف يعطي الشيء المبالَغ فيه المقابل له.

وفي ذلك يقول المتنبي:
الطِّيبُ أنت إذَا أصَابكَ طِيبهُ والماءُ أنتَ إذا اغتسلتَ الغاسلُ

وهو هنا يقول: إن الطيب إذا ما أصاب ذلك الإنسان الموصوف، فالطيب هو الذي يتطيَّب، كما أن الماء هو الذي يُغْسَل إذا ما لمس هذا الإنسان، وكذلك تأبى المرأة الجميلة أن تُزيِّن نَحْرَها بقلادة؛ لأن نحرها بدون قلادة يكون أكثر جمالاً.

ويقال عن مثل هذه المرأة "غانية"؛ لأنها استغنتْ بجمالها.

ويقال عن جمال نساء الحضر: إنه جمال مصنوع بمساحيق، وكأن تلك المساحيق مثبتة على الوجه بمعجون كمعجون دهانات الحوائط، وكأن كل واحدة تفعل ذلك قد جاءت بسكين من سكاكين المعجون لتملأ الشقوق المجعدة في وجهها.

ولحظة أن يسيح هذا المعجون ترتبك، ويختل مشهد وجهها بخليط الألوان.

ولذلك يقال:
حُسْنُ الحضَارةِ مُجْلُوبٌ بِتَطْريةٍ وفي البدَاوةِ حُسْنٌ غيرُ مَجْلوبِ

إذن: فالزينة هي تحسين الشيء بغيره، والشيء الحسن يستعني عن الزينة.

وهنا يقول الحق -سبحانه وتعالى-: (مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ) (هود: 15).

أي: إن كفرتم بالله فهو -سبحانه- لا يضن عليكم في أن يعطيكم مقومات الحياة وزينتها؛ لأنه رب، وهو الذي خلقكم واستدعاكم إلى الوجود، وقد ألزم الحق -سبحانه- نفسه أن يعطيكم ما تريدون من مقومات الحياة وزينتها؛ لأنه -سبحانه- هو القادر على أن يوفِّي بما وعد.

وهو -سبحانه- يقول هنا: (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ) (هود: 15).

أي: أنهم إن أخذوا بالأسباب فالحق -سبحانه- يُلزم نفسه بإعطاء الشيء كاملاً غير منقوص.

وهم في هذه الدار الدنيا لا يُبْخَسون في حقوقهم، فمن يتقن عمله يأخذ ثمرة عمله.

وهذا القول الكريم يحُلُّ لنا إشكالاً كبيراً نعاني منه، فهناك مَنْ يقول: إن هؤلاء المسلمين الذين يقولون: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويقيمون الصلاة، ويبنون المساجد، بينما هُمْ قومٌ متخلّفون ومتأخّرون عن رَكْب الحضارة، بينما نجد الكافرين وهم يَرْفُلُون في نعيم الحَضَارة.

ونقول: إن لله تعالى عطاءَ ربوبية للأسباب، فمن أحسنَ الأسباب حتى لو كان كافراً، فالأسباب تعطيه، ولكن ليس له في الآخرة من نصيب؛ لأن الحق -سبحانه- يقول: (وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً) (الفرقان: 23).

والحق -سبحانه- يجزي الكافر الذي يعطي خيراً للناس بخيرٍ في الدنيا، ويجزي الصادق الذي لا يكذب من الكفار بصدق الآخرين معه في الدنيا، ويجزي من يمدُّ يده بالمساعدة من الكفار بمساعدة له في الدنيا.

وكلها أعمال مطلوبة في الدِّين، ولكنَّ الكافر قد يفعلها، فيردُّ الله -سبحانه وتعالى- له ما فعل في الدنيا، وإنْ كان قد فعل ذلك ليُقَال: إن فلاناً عَمِلَ كذا، أو فلاناً كان شَهْماً في كذا، فيُقال له: "عملْتَ لِيُقال وقد قِيل".

وإذا كان الكافرون يأخذون بالأسباب؛ فالحق -سبحانه- يعطيهم ثمرة ما أخذوا من الأسباب.

ويجب أن نقول لمن يتهم المسلمين بالتخلُّف: لقد كان المسلمون في أوائل عهدهم متقدمين، وكانوا سادة حين طبَّقوا دينهم، ظاهراً وباطناً، شكلاً ومضموناً.

وعلى ذلك فالتخلُّف ليس لازماً ولا ملازماً للإسلام، وإنما جاء التخلُّف لأننا تركنا روح الإسلام وتطبيقه.

وإنْ عقدنا مقارنة بين حال أوربا حينما كانت الكنيسة هي المسيطرة، كنا نجد كل صاحب نشاط عقلي مُبْدِعٍ ينال القتل عقوبة على الإبداع، وكانت تسمى تلك الأيام في أوربا "العصور المظلمة".

وحينما جاءت الحروب الصليبية وعرفت أوربا قوة الإسلام والمسلمين، ودحرهم المسلمون، بدأوا في محاولة الخروج على سلطان البابا والكنيسة، وعندما فعلوا ذلك تَقَدَّموا.

هم -إذن- عندما تركوا سلطان البابا تقدموا، ونحن حين تركنا العمل بتعاليم الإسلام تخلَّفنا.

إذن: فأيُّ الجَرْعَتيْن خير؟

إن واقع الحياة قد أثبت تقدُّم المسلمين حين أخذوا بتعاليم الإسلام، وتخلفوا حين تركوها.

وهكذا.       

فمعيار التقدُّم هو الأخذْ بالأسباب، فمن أخذ بالأسباب وهو مؤمن نال حُسْن خير الدنيا وحُسْن ثواب الآخرة، ومَنْ لم يؤمن وأخذ بالأسباب نال خير الدنيا ولم يَنَلْ ثواب الآخرة.

والحق -سبحانه وتعالى- هو القائل: (وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ) (النور: 39).

وهكذا يُفاجأ بالإله الذي كذَّب به.

والحق -سبحانه- يقول: (مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيْءٍ) (إبراهيم: 18).

إذنْ: فمن أراد الدنيا وزينتها، فالحق الأعلى -سبحانه- يوفِّيه حسابه ولا يبخسه من حقه شيئاً، فحاتم الطائي -على سبيل المثال- أخذ صفة الكرم، وعنترة أخذ صفة الشجاعة، وكل إنسان أحسن عملاً أخذ أجره، ولكن عطاء الآخرة هو لمن عمل عمله لوجه ، وآمن به.

وحتى الذين دخلوا الإسلام نفاقاً وحاربوا مع المسلمين، أخذوا نصيبهم من الغنائم، ولكن ليس لهم في الآخرة من نصيب.

إذن: فالوفاء يعني وجود عَقْد، وما دام هناك عقد بين العامل والعمل، وأتقن العاملُ العملَ فلابد أن يأخذ أجره دون بَخْس؛ لأن البَخْسَ هو إنقاص الحق.

ويقول الحق -سبحانه- من بعد ذلك: (أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ...).



سورة هود الآيات من 011-015 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة هود الآيات من 011-015
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة هود الآيات من 071-075
» سورة هود الآيات من 076-080
» سورة طه الآيات من 086-090
» سورة سبأ الآيات من 21-25
» سورة يس الآيات من 16-19

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: هـود-
انتقل الى: