منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الفصل الأول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل الأول Empty
مُساهمةموضوع: الفصل الأول   الفصل الأول Emptyالسبت 26 يناير 2019, 8:00 pm

الباب الثالث
أهمية القرآن في حياة المسلمين.
وحقــــوق القرآن على المسلمين.


وفيه فصلان:
الفصل الأول: أهمية القرآن في حياة المسلمين.
الفصل الثاني: حـقــــوق القرآن على المسلمين.

الفصل الأول
أهمية القرآن في حياة المسلمين.

وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: مكـــانـــــة القــــــرآن فـــــي حيـــــاة المسلمين.
المبحث الثاني: الأهــداف الأساسيـة للقرآن في حياة المسلمين.
المبحث الثالث: منهـــج القــــــرآن فـــــي إصــــــلاح المسلمين.
المبحث الرابع: الآثار العظيمة للقرآن في حيـاة الأمة الإسلامية.

 
تمهيد
إن المسلمين جميعًا على تباين أقطارهم، وتباعد ديارهم، واختلاف أشكالهم وألسنتهم وألوانهم، لا غنى لهم عن القرآن العظيم طرفة عين، ولا أقل من ذلك؛ لأنه المنهاج الأمثل الذي ارتضاه الله لهم، وبين لهم فيه كل شيء، من العقائد، والعبادات والمعاملات، والحقوق الشخصية.

ومهمة القرآن العظيم لا تقف عند حد الاعتقاد الصحيح وتوحيد الخالق، بل تزيد عليه تهذيب السلوك، وتربية القلب والعقل، وتصحيح المعاملات، وتطبيق قواعد العدل على النفس والغير.

وإذا كان الإنسان لا وجود له، ولا حياة، بغير الروح والقلب والعقل، فإن المسلمين لا كيان لهم، ولا حياة، ولا منزلة، بغير القرآن العظيم، فهو لهم الضياء والغذاء والشفاء.

لو تنشده أمتنا الإسلامية في عصرنا لوجدت فيه مبتغاها من التشريعات الفردية والجماعية والعلائق الأسرية، والمعاملات الاقتصادية والقوانين المدنية والأنظمة الدولية.

وبعبارة أدق وأوجز:
إن أمتنا الإسلامية تجد في القرآن الحكيم كل ما تحتاج إليه في حياتها العامة والخاصة، والدين والدنيا.

ولقد اشتمل القرآن العظيم على ست آلاف ومائتين وست وثلاثين آية احتوت جملة وتفصيلًا على العبادات والعقائد والتكاليف والأصول والأحكام، والمعاملات، وعلاقة الأمة الإسلامية بغيرها في السلم والحرب، وسياسة الحكم، وإقامة العدل، والعدالة الاجتماعية، والتضامن الاجتماعي،
 
وكل ما يتصل ببناء المجتمع المسلم في نواح شتى، ورسم الشخصية الإسلامية الكاملة خلفًا وأدبًا وعلمًا وعملًا (1040).

وإن هذا القرآن العظيم يهدي المسلمين للتي هي أقوم في دنياهم وأخراهم، ويحفظ لهم طريق الإصلاح والصلاح، وينظم لهم شئونهم تنظيمًا محكمًا سديدًا.

هذا القرآن الكريم يريد للمسلمين جميعًا أن يكونوا قوة في أنفسهم وعلى أعدائهم، لا يظلمون ويعتدون، ولا يظلمون ويقهرون، ولكن عليهم أن يردوا الظلم والاعتداء، ثم لا يستزيدون.

هذا القرآن المجيد إذا تدبره المسلم حق التدبر وعلم أهدافه استطاع أن يُبعد عن نفسه أخلاق الجاهلية الأولى بكل ما تحمله من مفاسد وضلالات.

هذا القرآن الحكيم إذا رجع إليه المسلمون وفهموه على وجهه الصحيح استطاعوا بناء قوة تقدر على خوض معركة الحياة الضارية بعزم وحزم، وهي متسلحة بسلاح العلم والتقوى والإيمان، والفضائل والأخلاق التي لم يعد لها مكان في هذه الحضارة المادية المعاصرة المتغلبة على القلوب والعقول والأبدان (1041).

وفي هذا القرآن العزيز المخرج للمسلمين في كل مكان وزمان، يعتصمون به في روابطهم، ويقيمون أحكامه في حياتهم، ويجاهدون به
 
أعداءهم، ويصلحون به دنياهم، ويستقبلون به آخرتهم، ولقد اقتضت سنة الله تعالى أن تكون هداية هذا القرآن سببًا رئيسًا لنجاتهم، قال تعالى: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 123-124] (1042).

وسيكون الحديث بعون الله وتوفيقه في هذا الفصل الهام عن أربعة مباحث.

وهي على النحو الآتي:
المبحث الأول
مكانة القرآن في حياة المسلمين.

وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول: القـــــــــرآن أكـــــبر عوامل توحد المسلمين.
المطلب الثاني: القــــــــرآن منهـــــــــج تربية للمســـــلمين.
المطلب الثالث: القــــــــرآن مصـــــــــــــدر الشــــــــــــريعة.
المطلب الرابع: القــــــــرآن منهـــــــاج لحيــــــاة المسلمين.
المطلب الخامس: القرآن يوجه المسلمين إلى السنن الثابتة.

 
تمهيد
إن القرآن المبين لم يغادر صغيرة ولا كبيرة فيها صلاح المجتمع المسلم والفرد المسلم إلاَّ أمر بها، وحذر من تركها والزهد فيها.

فللقرآن العظيم في نفوس المؤمنين مكانة عظيمة ليست لأي كتاب آخر على الإطلاق.

وكفى بالمسلمين شرفًا أن القرآن العظيم هو كلام ربِّ العالمين، نزله بواسطة رسوله الملكي الأمين، على رسوله البشري سيد الأنبياء والمرسلين، بلسان عربي مبين، فتعبد المسلمين بتلاوته وكفى بذلك تعظيمًا في نفوسهم.

إنَّ الكتاب الذي يصل للناس من مؤلف قدير يعرفونه، يكون عزيزًا عندهم بمقدار ما يعرفونه عن ذلك المؤلف من مكانة علمية، فكيف بكتاب رب العالمين القادر المقتدر العليم الحكيم؟

وإنَّ الكتاب الذي يُعطي الناس جزءًا صغيرًا من المعلومات، وفي باب واحد من أبواب المعرفة، يكون عزيزًا لديهم بمقدار فائدتهم منه، فكيف بالكتاب الذي يحوي الخير كله ويدل عليه؟

وإنَّ الكتاب الذي أعلم أن قراءتي له ترفع منزلتي بين أصحابي، يكون عزيزًا عند بمقدار هذه الرفعة، فكيف بالكتاب الذي يرفع منزلتي في الملأ الأعلى، وعند رب العالمين؟

وإنَّ الكتاب الذي يقدمه إلي أستاذي، وأعلم أن قراءتي له ستزيد درجاتي عنده، أكون حريصًا على قراءته بقدر ما يزيدني من درجات وعلامات، فكيف بالكتاب الذي تكون تلاوته تعبدًا يرفع درجاتي عند الله تعالى؟

ولله المثل الأعلى في السماوات والأرض، وهو العزيز الحكيم.

فلا يوجد كتاب في تاريخ البشرية كله نال من المكانة في نفوس أصحابه كما نال القرآن العظيم في نفوس المسلمين.

ولا يوجد أيضًا كتاب قرئ وحفظ في تاريخ البشرية بقدر ما قُرئ هذا الكتاب، ولا عجب أن سماه الله تعالى «القرآن» فهو الكتاب المقروء، الذي لا تفتر قراءته في ليل أو نهار أو سر أو جهار، في صلاة أو ذكر أو حلقة أو درس (1043).

وستظهر لنا مكانة القرآن العظيم في حياة المسلمين من خلال المطالب الآتية:
المطلب الأول القرآن أكبر عوامل توحد المسلمين:
فالله تعالى أوجب على المسلمين كافة التمسك بكتابه العظيم، والرجوع إليه عند الاختلاف وكذلك السنة، وأمرهم بالاجتماع على الاعتصام بالكتاب والسنة، اعتقادًا وعملًا.

وذلك سبب لاتفاق كلمتهم، وانتظام شتاتهم، الذي تتم به مصالح الدين والدنيا، والسلامة مع الاختلاف.

وأمر بالاجتماع، ونهى عن الافتراق الذي حصل لأهل الكتابين، قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) [آل عمران: 103].

فالاعتصام يوجب على المسلمين أن يجعلوا اجتماعهم ووحدتهم على كتاب الله تعالى، عليه يجتمعون، وبه يتحدون، لا بجنسيات يتبعونها، ولا بمذاهب يبتدعونها، ولا بسياسات يخترعونها (1044).

والقرآن العظيم هو حبل الله تعالى الموصل إلى هداه، كما جاء ذلك في حديث زيد بن أرقم -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا وإني تارك فيكم ثقلين: أحدهما كتاب الله عز وجل، هو حبل الله (1045)، من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على ضلالة» (1046).

وهو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض، كما جاء ذلك في حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض» (1047).
* * *
المطلب الثاني القرآن منهج تربية للمسلين:
إنَّ إعداد الأمة فردًا وجماعةً، والعمل على نقلتها السريعة من وضع مترد إلى وضع أسمى وأفضل وأقوم، ليس بالأمر الهين اليسير، بسبب إصرار الناس على ما ألفوه وورثوه، فيصبح جزءًا من حياتهم، فيحتاج الأمر إلى التدرج بهم من حال إلى حال؛ لتحسين أوضاعهم في جميع المجالات.

ولهذا جاء القرآن العظيم منهج تربية للمسلمين، فأيقظ فيهم عوامل الخير، وبواعث العقل، وحول طاقاتهم وبدل أحوالهم، ووجههم توجيهًا عاليًا وقويمًا، فانتقلت الأمة من حال الضعف إلى حال القوة، ومن حال المرض إلى حال الصحة، ومن التخلف والتفرغ والضياع إلى ذروة التقدم والوحدة والوئام والتعاون، حتى أصبحت خير أمة أخرجت للناس.

ولم يأت الأمر من فراغ بل كان القرآن العظيم يوجه أفراد المجتمع الإسلامي في جميع مجالات التربية: العقدية والعبادية والأخلاقية والثقافية والاقتصادية والسياسية.

ولا يوجد كتاب في التربية – قديمًا كان أو حديثًا – يحوي الثروة التربوية العظمى في الأهداف والمحتويات والأساليب، مقرونة بالتسامي والواقعية والشمول والاتزان كالقرآن العظيم (1048).

فهو يحوي –بين دفتيه– جميع عناصر التربية الصالحة للمسلمين، وكل كلمة فيه تعد توجيهًا تربويًا لإنشاء «المسلم الصالح» في هذه الأرض.

سواء أكان أمرًا بعبادة، أو توجيهًا أخلاقيًا، أو نهيًا عن أمر لا يحبه الله ولا
 
يرضاه لعباده، أو تشريعًا منظمًا لحياة المسلمين، أو قصةً من قصص المؤمنين أو قصص المكذبين، أو حديثًا عن اليوم الآخر، ووصفًا لمشاهد الحساب والثواب والعقاب، أو توجيهًا عقليًا لتدبر آياته في الكون أو سننه في الحياة.

فكل هذه الأمور جاءت للتربية والتوجيه (1049).
* * *
المطلب الثالث القرآن مصدر الشريعة:
القرآن العظيم مصدر الشريعة الإسلامية السمحة المنظمة لحياة المسلمين، وهو دستورها القائم أبد الدهر، وقد استغنى به المسلمون في الصدر الأول فأغناهم عن كل شيء، فلم يمدوا أبصارهم إلى غيره، ولم يأخذوا لدينهم ودنياهم إلا بما توحي به إليهم كلماته، وتوحي به إليهم آياته.

فمن الأصول العظيمة التي تجمع المسلمين، وتعمل على حمايتهم، أن مصدر تشريعهم واحد، من إله واحد، ليس مستوردًا من الشرق، ولا من الغرب، ولا هو من الأفكار التي دبجها البشر، وروح لها سماسرة القوانين الوضعية، ولا يقبل أن يُخذ بعضه ويترك بعضه (1050).

ومن ثَمَّ فلا شيء في حياة المسلم السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأخلاقية أو الفكرية أو الروحية يُرجع فيه إلى مصدر آخر غير هذا الكتاب (1051)، ولا شيء في حياته يجوز أن يخرج عن تعاليم هذا الكتاب، مهما استجد في حياته من أمور!

لقد أنزل الله هذه الشريعة لتحكم حياة الناس إلى قيام الساعة، فقول مرضى القلوب: إن هذه الشريعة قد نزلت قبل أربعة عشر قرنًا، فهي لا تصلح للتطبيق اليوم، معناه – تعالى الله عن ذلك: أن الله لم يعلم وقت تنزيل هذا القرآن أنه ستجد في حياة الناس أمور غير التي كانت قبل انقطاع الوحي، ولا يوجد لها في الشريعة حكم يشملها!

وقد عرف المسلمون خلال التاريخ أن نظام حياتهم كله قد شملته أحكام الشريعة، وأن عليهم –حين يجد في حياتهم أمر– أن يستنبطوا له حُكمًا من الشريعة الثابتة الأركان.

وعرفوا –فوق ذلك– أنه توجد أمور تركها رب العزة بغير نص، لا نسيانًا منه جلت قدرته، ولكن رحمة منه بعباده، كما أخبر بذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فهذه أمور يجتهدون فيها بما يحقق مصالح الناس دون أن يخالفوا مقاصد الشرع (1052).
* * *
المطلب الرابع القرآن منهاج لحياة المسلمين:
ينبغي على كل مسلم أن يعلم يقينًا أن الله تعالى نزل القرآن العظيم (تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ) [النحل: 89]، فهو منهاج عملي يتضمن الأصول الموجهة لحياة الفرد، وعلاقته بالرب سبحانه، وعلاقته بالكون والحياة من حوله، وعلاقته بنفسه، وعلاقته بأسرته وجيرانه ومجتمعه، وعلاقته بأمته المسلمة، وعلاقته بغير المسلمين، ممن يسالمونه وممن يحاربونه.

علاقته بالله تعالى:
أن يعبده ولا يشرك به شيئًا: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ) [الزمر: 11-15].

وعلاقته بالكون:
أن يتأمله وينظر فيه ليهتدي به إلى خالقه ومبدعه: (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) [يونس: 101].

(أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ) [الأعراف: 185].

وعلاقة المسلم بالحياة الدنيا:
أن يتخذها مزرعة للحياة الأخرى، وأن يستمتع بطيباتها دون أن يجعلها له غاية، وأن يعمل لدنياه كأنه يعيش فيها أبدًا، ويعمل لآخرته كأنه يموت غدًا، وبذا يجمع الحسنيين، ويسعد في الدارين، كما قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) [الأعراف: 32].

وقال تعالى:
(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) [القصص: 77].
 
وعلاقة المسلم بنفسه:
أن يوجه قواها كلها في طلب الحق، وفعل الخير، ومجاهدة الباطل والشر، وأن يزكي نفسه: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) [الشمس: 7-10].

وعلاقة المسلم بأسرته:
بحسن العشرة، والقيام بحق القوامة والرحمة: وحسن المعاملة، وحسن تربيتها، وإيقافها على حقوقها والواجبات التي عليها قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم: 21].

(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) [البقرة: 228].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم: 6].

كما بيَّن علاقة الأولاد بوالديهم في مثل قوله تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء: 23-24].

(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) [لقمان: 15].

وأشار إلى علاقة الآباء بأولادهم في مثل قوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا) [الإسراء: 31].

وبمثل دعاء عباد الرحمن: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [الفرقان: 74].

والأسرة هي نظر القرآن العظيم هي الأسرة الموسعة الممتدة التي تشمل الإخوة والأخوات، بل الأعمام والعمات، والأخال والخالات، من أولي القربى والأرحام، وقد قال تعالى: (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ) [الأنفال: 75].

وعلاقته بجيرانه وجماعته المسلمة من حوله:
ذكرها القرآن في مثل قوله تعالى في آية الحقوق العشرة: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) [النساء: 36].

وعلاقته بأمَّته الكبرى – أمة الإسلام:
أن ينصح لها، ويعد نفسه جزءًا منها، يعطيها ويأخذ منها، ويغار عليها، ويذود عنها، داعيًا إلى الخير آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، مجاهدًا في سبيل الله، كما قال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران: 104].

(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) [التوبة: 71].

وللأمة كلِّها حق عليه:
–وخصوصًا الضعفاء من فئاتها المختلفة، مثل اليتامى والمساكين وابن السبيل– كما قال تعالى: (مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ) [الحشر: 7].

وعلى المسلم أن يكون ولاؤه لأمته، المنبثق من ولائه لله تعالى ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن يعادي من يعاديها، كما قال تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) [المائدة: 55-56].

وعلاقته بغير المسلمين:
بيَّنتها آيتان من كتاب الله تعالى، هما بمثابة الدستور في تحديد العلاقات بين المسلمين وغيرهم، يقول الله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة: 8-9].

فللمُسالِمين من غير المسلمين:
القسط، وهو العدل الذي يحبه الله تعالى ويحب أهله، والبر، وهو الإحسان، وهو أمر فوق العدل.

وأما غير المُسالِمين:
 –ممن قاتلوا المسلمين في دينهم وأخرجوهم من ديارهم– فلهم ما يستحقونه من مناصبة العداء، ورفض الولاء: (وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وفيهم يقول تعالى: (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ) [البقرة: 190] (1053).
 
المطلب الخامس القرآن يوجه المسلمين إلى السنن الثابتة:
القرآن العظيم يوجه أنظار المسلمين إلى السنن الربانية التي تستقيم بها حياة البشر على الأرض، ليتعرفوا عليها وتقوم حياتهم بمقتضاها، لأنها سنن ثابتة لا تتغير ولا تتبدل: (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) [فاطر: 43].

فمن هذه السنن:
أن المؤمنين متى استقاموا على أمر الله تعالى فإن الله يستخلفهم، ويمكن لهم في الأرض، ويمنحهم الأمن والطمأنينة، ويبارك لهم في حياتهم أيضًا: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) [النور: 55].

(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) [الأنبياء: 105].

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) [الأعراف: 96].

ويبين القرآن للمسلمين أن تمكينهم في الدنيا هو لإصلاح الأرض، ثم تكون لهم العاقبة الحسنة في الآخرة، فينعمون بالجنة والرضوان: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج: 41].

أما الكفار فيمكَّنون ابتلاء وفتنة، وحين يُوغلون في البعد عن الله تفتح عليهم أبواب القوة والاستمتاع، وتنهال عليهم الأسباب من كل جانب.

وليس ذلك رضى من الله عليهم، بل ليزدادوا إثمًا، ثم يأخذهم الله تعالى أخذ عزيز مقتدر: (حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [يونس: 24].

(فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) [الأنعام: 44].

ومن السنن الربانية الثابتة التي يبينها القرآن للمسلمين:
أن أعمال البشر من سيئة أو حسنة تترتب عليها نتائج حتمية لا يمكن تغييرها: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41].

(وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [الإسراء: 16].

(ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) [الأنفال: 53].

(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11].

(وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [محمد: 38].

والنتائج تترتب بقدر من الله.

ولكن الله يخبرنا أنه يجري قدره في الأرض بحسب ما يكون من سلوك الناس (1054).



الفصل الأول 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل الأول Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الأول   الفصل الأول Emptyالسبت 26 يناير 2019, 8:09 pm

المبحث الثاني
الأهداف الأساسية للقرآن في حياة المسلمين.

وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: الهدايــــــة إلــــــــــى الله تعــــــــــالى.
المطلب الثاني: إيجاد المجتمـــــــع القرآني المتعاون.
المطلب الثالث: تحصين الأمة الإسلامية من أعـدائها.

 
تمهيد
يُخطئ كثير من المسلمين عندما يقصرون مهمة القرآن العظيم على الأموات فقط دون الأحياء، فيلتفت إلى القرآن عندما يموت المسلم، وترتفع أصوات أجهزة التسجيل بالقرآن لعدة أيام، ويحضر بعض القراء إلى البيوت والمقابر في مناسبات العزاء وتأبين الموتى.

أما أن يتعامل الأحياء مع القرآن، ويبحثوا عن حكمه وأهدافه ليحققوها فيهم وفي مجتمعاتهم، فهذا الذي لم يفكر فيه هذا الصنف من الناس.

وبعضهم يجعل القرآن لمجرد البركة، حين يحولونه إلى حجب وتمائم ورقى يضعونها على الأجساد أو البيوت أو السيارات، استحضارًا للبركة ودفعًا للضرر، كما زعموا.

وبعضهم يفتتح بالقرآن الكريم المؤتمرات أو الكلمات أو اللقاءات أو الاحتفالات من باب التيمن والتبرك، وتعطير الأجواء بذكره، لكنهم لا يريدون أن يفتحوا للقرآن نفوسهم وقلوبهم ليحييهم بما فيه من حياة، ولا يريدون أن يفتحوا له مؤسساتهم ومناهجهم ووزاراتهم وتشريعاتهم لتتحول إلى هدى ورحمة وعدل (1055).

وإن من أبرز الأهداف الأساسية للقرآن العظيم في حياة المسلمين ما يلي:
المطلب الأول الهداية إلى الله تعالى:
أنزل الله تعالى القرآن لمقصد عظيم ألا وهو هداية البشر إليه وإلى طريقه المستقيم، وقيادتهم إلى جنته ورضوانه، وإنقاذهم من إبليس ومن المصير الذي يقودهم إليه، إن استجابوا له.
قال تعالى: (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [المائدة: 15-16].

فالقرآن العظيم يهدي البشر إلى طرق النجاة والسلامة ومناهج الاستقامة، وينجي من اتبعه من المهالك، ويوضح له أبين المسالك، فيصرف عنه المحذور، ويحصل له أبين الأمور، وينفي عنه الضلالة، ويرشده إلى أقوم حاله (1056).

إنَّ القرآن العظيم كالمصباح لهذه الأمة، فلا سبيل لهدايتها إلاَّ به، قال تعالى: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء) [فصلت: 44].

وكثيرًا ما يوصف القرآن في الآيات الكريمة بأنه نور وهدى للناس.

ولقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: «يا علي! سل الله الهدى والسداد، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، وبالسداد تسديدك السهم» (1057).

فمعنى الهداية بصفة عامة:
معرفة الطريق الصحيح الموصل للهدف الذي يسعى المرء لبلوغه.

ولقد أخبرنا الله جل جلاله بأنه ليس هناك إلا طريق واحد يؤدي إلى هذا الهدف، ألا وهو: الصراط المستقيم.

قال تعالى: (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) [الأنعام: 153].

والطرق التي تحيط بالصراط كثيرة، ويقف على رأس كل منها شيطان يدعو الناس إليه، كما أخبرنا بذلك المعصوم -صلى الله عليه وسلم-.

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: خط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطًا بيده، ثم قال: «هذا سبيل الله مستقيمًا»، قال: ثم خط عن يمينه وشماله، ثم قال: «هذه السُّبل، ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه»، ثم قرأ: (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ) [الأنعام: 153] (1058).
 
فهذا الطريق المستقيم ينبغي على المسلم أن يعرفه من بين الطرق الأخرى المحيطة به، وأن يسير فيه طيلة حياته حتى يلقى الله تعالى.

والله تبارك وتعالى لا يترك الإنسان بدون دليل يدله على الصراط، ويهديه إليه، وهو القرآن العظيم، قال تعالى حكاية عن مقولة الجن لقومهم: (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الأحقاف: 30].

وقال تعالى: (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء: 9].

فهداية القرآن للناس تتم من خلال كشفه وإنارته لكل الجوانب التي تتعلق بحركة الإنسان الخارجية، وكذلك كل ما يوجد بداخله من جوانب غامضة، وأسئلة محيرة، وتصورات خاطئة، يكشفها القرآن العظيم، ويوجهها الوجهة الصحيحة، وهو ما يعبر عنه «بسبل السلام» في قوله تعالى: (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [المائدة: 15-16] (1059).

«قيل: السلام هو الله عز وجل، وسبيله دينه الذي شرع لعباده، وبعث به رسله، وقيل: السلام هو السلامة، كاللذاذ واللذاذة بمعنى واحد، والمراد به طرق السلامة» (1060).
 
فالهدف الرئيس إذًا للقرآن العظيم هو الوصول بمن يتبعه إلى بر الأمان في كل ما يتعلق به من أمور الدنيا قبل الآخرة.

«و(مَنْ) من ألفاظ العموم تصدق على الفرد والجماعة، فكل من اتبع رضوان الله بأن عمل بما في كتابه واستضاء بنوره فاتخذه إمامًا وحاكمًا، وتخلق بما فيه من الأخلاق يهديه الله سبيل السلام، أي طرق السلامة في الدنيا والآخرة، فلا يسلك سبيلًا إلا صحبته السلامة.

(وَيُخْرِجُهُم) أي المستضيئين بنور القرآن (مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) وظلمات الحياة كثيرة، والنور هو زوالها، ولذلك أُفرد، (بِإِذْنِهِ) أي بتوفيقه وإرادته، (وَيَهْدِيهِمْ) في جميع أعمالهم (إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، وهو الاعتدال في أعمالهم وأحكامهم بلا إفراط ولا تفريط؛ لتمسكهم بالقرآن الذي هو الميزان» (1061).

وفي هذه الآية الكريمة أوضح دليل على أن القرآن العظيم «يخرج كل أمة –آمنت به، وعملت بمقتضاه، واتخذته إمامًا وحكمًا– من ظلمات الشقاء المادي والروحي إلى نور السعادة الكبرى، حتى تكون أسعد الأمم في حياتها من جميع الوجوه، ولا تكاد تساويها في ذلك أمة أخرى من الأمم المخالفة، وذلك بعينه هو ما حدث للعرب الذين استضاؤوا بنور القرآن، ولكل أمة استضاءت به بعدهم» (1062).
 
ونستطيع أن نقرر بكلِّ ثقة:
أن الإيمان بالقرآن العظيم، والاعتصام به، شرط في الاستضاءة بنوره، والخروج من ظلمات الشقاء؛ ذلك أن الله تعالى يقول، وقوله الحق: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا) [النساء: 174-175].

والرَّحمة هنا:
هي السعادة الدنيوية والأخروية جميعًا، أي سعادة البدن والروح، العاجل والآجل.

والفضلُ هنا:
زيادة الإكرام والإنعام لمتبعي ذلك النور -القرآن- فوق ما يخطر ببالهم حتى يُدهشوا ويُغبطوا.

فمن اعتل إيمانه بالله، ولم يعتصم بالقرآن، ولم يعمل به، ولا اتخذه إمامًا وحكمًا، لا يستضيء بنوره، ولا يخرج من ظلمات شقائه البتة (1063).

وخلاصة القول:
إن هداية القرآن العظيم هداية شاملة للأمة بكل أفرادها ومرافقها ومجالاتها وحياتها، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الشورى: 52].

فالقرآن روح ولن يهدي إلا إذا روح، والقرآن نور، والله تعالى يهدي بهذا الروح، وبهذا النور، وهو الذي شرف رسوله -صلى الله عليه وسلم- ليهدي بهذا القرآن العظيم إلى صراط الله المستقيم.
* * *
المطلب الثاني إيجاد المجتمع القرآني المتعاون:
وهو المجتمع المكون من الأفراد القرآنيين المتعاونين فيما بينهم، والذي نشأ وتربى على منهج القرآن الحكيم وأسسه ومبادئه وتوجيهاته.

وعندما يتربى المجتمع على نصوص القرآن، وينمو في جو قرآني، ويهتدي بأنواره، يكون مجتمعًا حيًا حياةً عزيزةً كريمة، وإلا فهو مجتمع ميت يجتر آلامه ومآسيه، ويتجرع ذله وجهله وهوانه كل لحظة.

وقد أدرك الصحابة الكرام رضي الله عنهم أنه لابد من التعاون فيما بينهم؛ ليظفروا بعون الله وتأييده ونصره وتمكين الدين في الأرض، فكانوا يتواصون فيما بينهم على التعاون والاجتماع ونبذ التفرق والخلاف.

وذلك انطلاقًا من الآيات الكريمة الآتية:
1- قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا) [آل عمران: 103].

قال ابن عاشور -رحمه الله- (1064):
«والحبل: ما يشد به للارتقاء، أو التدلي، أو للنجاة من غرق، أو نحوه، والكلام تمثيل لهيئة اجتماعهم والتفافهم على دين الله ووصاياه وعهوده بهيئة استمساك جماعة بحبل ألقي إليهم من منقذ لهم من غرق أو سقوط، وإضافة الحبل إلى الله قرينة هذا التمثيل.

وقوله: (جَمِيعًا) حال، وهو الذي رجح إرادة التمثيل، إذ ليس المقصود الأمر باعتصام كل مسلم في حال انفراده اعتصامًا بهذا الدين، بل المقصود الأمر باعتصام الأمة كلها، ويحصل في ضمن ذلك أمر كل واحد بالتمسك بهذا الدين، فالكلام أمر لهم بأن يكونوا على هاته الهيئة».

والله تبارك وتعالى حث عباده المؤمنين أن يقيموا دينهم بالتعاون فيما بينهم، ويستمسكوا بحبله الذي أوصله إليه، وجعله السبب بينهم وبينه، وهو دينه وكتابه، والاجتماع على ذلك وعدم التفرق، وذكرهم ما هم عليه قبل هذه النعمة العظيمة، وهو: أنهم كانوا أعداء متفرقين.

فجمعهم بهذا الدين، وألف بين قلوبهم، وجعلهم إخوانًا متعاونين، وكانوا على شفا حفرة من النار، فأنقذهم من الشقاء، ونهج بهم طريق السعادة (1065).

2- قوله تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 105].

حذر الله المؤمنين أن يسلكوا مسلك المتفرقين، الذين جاءهم الدين، الموجب لقيامهم به، واجتماعهم، فتفرقوا واختلفوا وصاروا شيعًا.

ولم يصدر ذلك عن جهل وضلال، وإنما صدر عن علم وقصد سيء، وبغي من بعضهم على بعض، ولذلك هددهم بقوله: (وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (1066).
 
وفي هذه الآية الكريمة إشارة إلى أن الاختلاف المذموم هو الاختلاف في أصول الدين والذي يُفضي إلى تكفير بعض أفراد الأمة بعضًا أو تفسيقه، فيؤدي بعد ذلك إلى الافتراق.

أما الاختلاف في فروع الدين المبنية على اختلاف مصالح الأمة الإسلامية في مختلف الأقطار والأعصار، فهذا ليس بمذموم، وهو المعبر عنه بالاجتهاد.

والمتتبع لتاريخ المذاهب الإسلامية لا يجد افتراقًا نشأ بين المسلمين إلا عن اختلاف في العقائد والأصول، دون الاختلاف في الاجتهاد في فروع الشريعة (1067).

3- قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2].

أمر الله عباده المؤمنين أن يتعاونوا فيما بينهم على فعل الخيرات وهو البر، وترك المنكرات وهو التقوى، وفي الوقت ذاته نهاهم عن التناصر فيما بينهم على الباطل وأنواع المآثم والمحارم (1068).

والبر: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال الظاهرة والباطنة، من حقوق الله، وحقوق الآدميين.

والتقوى: اسم جامع لترك كل ما يكرهه الله ورسوله، من الأعمال الظاهرة والباطنة.
 
والإثم: هو التجري على المعاصي، التي يأثم صاحبها.

والعدوان: هو التعدي على الخلق، في دمائهم، وأموالهم وأعراضهم (1069).

مظاهر التعاون وفوائده:
للتعاون مظاهر كثيرة جدًا: منها التعاون في الفكر، والتعاون في المال، والتعاون في الأجسام والأعمال، والتعاون النفسي والوجداني في الأفراح والأحزان (1070).

وفائدة التعاون بين المسلمين:
«تيسير العمل، وتوفير المصالح، وإظهار الاتحاد والتناصر، حتى يصبح ذلك خلقًا للأمة» (1071).

من أجل ذلك أمر الله تعالى في كتابه العظيم بمبدأ التعاون، إلا أنه قيده بأن يكون تعاونًا على البر والتقوى، لا تعاونًا على الإثم والعدوان.

ولذلك حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على فضيلة التعاون في مناسبات كثيرة، منها ما يلي:
1- تشبيه المتعاونين بالبنيان المرصوص.
عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا». ثم شبك بين أصابعه (1072).
 
«قال ابن بطال: والمعاونة في أمور الآخرة وكذا في الأمور المباحة من الدنيا مندوب إليها» (1073).

2- تشبيه المتعاونين بالجسد الواحد.
عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد (1074) بالسهر والحمى» (1075).

«قال القاضي عياض، فتشبيه المؤمنين بالجسد الواحد تمثيل صحيح، وفيه تقريب للفهم، وإظهار للمعاني في الصور المرئية، وفيه تعظيم حقوق المسلمين، والحض على تعاونهم، وملاطفة بعضهم بعضًا» (1076).

3- حث الرجال والنساء على التعاون.
فمما جاء في حثِّ الرجال: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، قال: بينما نحن في سفر مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ جاء رجل على راحلة له. قال: فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له».
 
قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل (1077).

قال النووي -رحمه الله- (1078):
«وفي هذا الحديث الحث على الصدقة، والجود، والمواساة، والإحسان إلى الرفقة والأصحاب، والاعتناء بمصالح الأصحاب.

وأمر كبير القوم أصحابه بمواساة المحتاج، وأنه يكتفي في حاجة المحتاج بتعرضه للعطاء، وتعريضه من غير سؤال.

وهذا معنى قوله فجعل يصرف بصره، أي متعرضًا لشيء يدفع به حاجته.

وفيه مواساة ابن السبيل، والصدقة عليه إذا كان محتاجًا، وإن كان له راحلة وعليه ثياب، أو كان موسرًا في وطنه.

ولهذا يُعطى من الزكاة في هذه الحال والله أعلم».

ومما جاء في حثِّ النساء: عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت: كنا نداوي الكلمى (1079)، ونقوم على المرضى، فسألت أختي النبي -صلى الله عليه وسلم-: أعلى إحدانا بأس، إذا لم يكن لها جلباب، ألا تخرج؟ قال: «لتلبسها صاحبتها من جلبابها (1080)، ولتشهد الخير، ودعوة المسلمين» (1081).
 
قال النووي -رحمه الله- (1082):
«وفيه الحث على حضور العيد لكل أحد، وعلى المواساة والتعاون على البر والتقوى».

4- الثناء على المتعاونين:
عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الأشعريين إذا أرملوا (1083) في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم (1084)» (1085).

قال ابن حجر -رحمه الله- (1086):
«في الحديث فضيلة عظيمة للأشعريين قبيلة أبي موسى، وتحديث الرجل بمناقبه، وجواز هبة المجهول، وفضيلة الإيثار والمواساة، واستحباب خلط الزاد في السفر وفي الإقامة أيضًا».

ولا ريب أنَّ التَّعاون الجماعي أثره ملموس في تحقيق مصالح الناس، الدنيوية والأخروية، فلم تظهر جلائل الأعمال الكبرى إلاَّ في ظلِّ التَّعاون، ويستوي في ذلك ما كان منها علميًا، أو عمليًا.

ومن ذلك سَدُّ ذي القرنين الذي حدثنا القرآن العظيم عنه (1087)، فهو عمل من أضخم الأعمال التي قام بها الناس في العصور القديمة بفضل التعاون فيما بينهم.

ولقد أوجد القرآن العظيم مجتمع الصحابة الأول –المجتمع القرآني المتعاون– وهو قادر على إيجاد المجتمعات وبنائها وتعاهدها إذا صدقت في الإقبال عليه والتفاعل معه والحياة به والاستجابة له.

كما أرشد الله تعالى بذلك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال: 24].

ومن رفض دعوة الله تعالى ودعوة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فقد رفض الحياة كليًا، واختار لنفسه الموت المعنوي، موت القلوب والعقول لا الأجساد.
* * *
المطلب الثالث تحصين الأمة الإسلامية من أعدائها:
يُعَدُّ القرآن العظيم «مُعلِّم الأمة ومرشدها ورائدها وحادي طريقها على طول الطريق.

وهو يكشف لها عن حال أعدائها معها، وعن جبلتهم وعن تاريخهم مع هدى الله كله.

ولو ظلَّت هذه الأمة تستشير قرآنها؛ وتسمع توجيهاته؛ وتقيم قواعده وتشريعاته في حياتها، ما استطاع أعداؤها أن ينالوا منها في يوم من الأيام.. ولكنها حين نقضت ميثاقها مع ربها؛ وحين اتخذت القرآن مهجورًا –وإن كانت ماتزال تتخذ منه ترانيم مطربة، وتعاويذ ورقى وأدعية –أصابها ما أصابها» (1088).

إنه منذ بدء نزول القرآن الحكيم، وحتى عصرنا هذا، والحرب الضروس المعلنة من الأعداء عليه وعلى أهله لم تتوقف لحظة واحدة.

«مرة بإثارة الشبه والافتراءات حول القرآن الكريم، كما قال الله عز وجل: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ) [الفرقان، 4].

(وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [الفرقان: 5].

(بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ) [الأنبياء: 5].
 
ومرَّة بتعذيب المؤمنين بهذا القرآن الداعين إليه، على نحو ما وقع لبلال، وخباب، وابن مسعود، وآل ياسر وسائر المستضعفين في مكة، وعلى نحو ما وقع ويقع للمسلمين على مر العصور ...، بهدف قطع هؤلاء عن القرآن وصرفهم إلى المبادئ الهدامة التي ينشرونها في الناس ويحمونها بالحديد والنار.

ومرة بالإغراء في صورة من صور الإغراء: مالًا أو وظيفة أو جاهًا أو نحو ذلك، على نحو ما صنع عتبة بن ربيعة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ومرة بالدخول في حظيرة هذا القرآن اليوم والخروج عليه غدًا، محدثين زلزالًا في نفوس الضعفاء من المؤمنين: أن لو كان في هذا القرآن خير ما تركوه، كما قال الله – عز وجل: (وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [آل عمران: 72].

وقابل المسلمون – لاسيما علماؤهم – كل كيد بما يناسبه، مرة بتفنيد الشبهات ورد الافتراءات، ومرة بالصبر والتحمل، ومرة بالاستعلاء على شهوات الأرض وزخارف الحياة الدنيا، ومرة، ومرة....» (1089) (*).

فالقرآن العظيم يمدُّ هذه الأمة بوسائل النصر على أعدائها، ويعرفها أسلحة القتال المؤثرة وأساليب الجهاد المتنوعة، ويعرفها سبب العداء، والهدف من هذه الحرب الضَّروس، وشخصيات أعدائها ونفسياتهم، وأساليبهم ومكائدهم، ومكرهم ومراوغاتهم، وشبههم وأسلحتهم وأدواتهم، ويضع أيديها على عدة النصر وزاد الطريق وقوة المواجهة، وهذا ما أمده القرآن من قبل للصحابة الكرام في جهادهم، وما فتئ مستعدًا ومهيئًا وقادرًا بعون الله تعالى في كل مكان وزمان، فأين المجاهدون المقبلون عليه؟ الحاملون له؟ المتحركون به؟ المواجهون للأعداء من خلاله وعلى هديه؟

قال الله تعالى: (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) [الفرقان: 52].

وهو توجيه رباني للرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأمته من بعده، أن تجاهد الكافرين بالقرآن العظيم جهادًا كبيرًا في شَتَّى المجالات، وتعُدَّهُ السِّلاح الأوَّل الفعَّال في هذا الجهاد (1090).
* * *
المبحث الثالث
منهج القرآن في إصلاح المسلمين.

وفيه ستة مطالب:
المطلب الأول: التدرج في التشريع.
المطلب الثاني: الإقنـــــــــــــــــــاع.
المطلب الثالث: التكــــــــــــــــــرار.
المطلب الرابع: تهذيب الغرائز واستثمــــــارها إيجابيًا.
المطلب الخامس: التوازن الدنيـــــــوي والأخـــــــروي.
المطلب السادس: استقراء التاريخ لأخذ العظة والعبرة.

 
نزل القرآن العظيم في أمة مُفكَّكة ومتنازعة، فلم يكن لها اقتصاد قائم، ولا نظام محكم، ولا سياسة مرسومة، فانتشلها من ركام الجاهلية وظلماتها، إلى شموخ الإسلام وعزته.

ومهما حاول المصلحون في كل مكان وزمان أن يسلكوا غير مسلك القرآن في إصلاح المسلمين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.

وسيكون الحديث عن منهج القرآن العظيم في إصلاح الأمة الإسلامية من خلال المطالب الآتية:
المطلب الأول التدرج في التشريع:
لقد اقتضت حكمة الله تعالى التدرج بهؤلاء العرب الذين نزل فيهم القرآن وأُشربت قلوبهم شعائر الجاهلية وليس من اليسير اجتثاثهم منها أو نزعها دفعة واحدة من عقولهم وقلوبهم.

فقد بدأ القرآن الحكيم بتصحيح القعيدة أولًا، فنزلت الآيات التي تدعو إلى عبادة الله وحده وتحذر من عبادة الأوثان، وتدعو إلى التفكر في المخلوقات، والتوصل بذلك إلى عظمة الخالق جل جلاله، وساقت القصص والشواهد في إثبات العقيدة الصحيحة، ونزلت بعد ذلك الآيات المتعلقة بأصول الشريعة كالصلاة، والزكاة، والصيام، والأخلاق، وغيرها.

ومن الشَّواهد على ذلك، حديث عائشة رضي الله عنها حيث قالت:
«إنما نزل أوَّل ما نزل منه –أي القرآن– سورة من المفصَّل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدًا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزِّنى أبدًا» (1091).
* * *
المطلب الثاني الإقناع:
كثيرًا ما ترد في القرآن الحكيم عبارات: (لعلكم تعقلون) (لقوم يتفكرون) (لقوم يفقهون) (أفلا يسمعون) (قليلًا ما تذكرون) (أنى يؤفكون) (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) بعدما يسوق القرآن الكريم عقيدة من عقائده أو حكمًا من تشريعه يعقب بمثل هذه العبارات حتى لا يبقى عذر لمستمع.

وقد ذم القرآن الحكيم الذين لا يعملون عقولهم ولا يتأملون ولا يتدبرون بعبارات شتى، كقوله تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179]، وقوله: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) [الأنفال: 22].

فالقرآن العظيم يدعو المسلمين في كل مكان وزمان إلى التفكر والتدبر والتأمل في الأدلة والحجج والبراهين وأمور العقيدة وأحكام الشريعة، حتى يصل المسلم إلى اقتناع من عقله، وطمأنينة من قلبه، ويقف على محجة واضحة ظاهرة تنير له طريق الحق.
* * *
المطلب الثالث التَّكرار:
من طبيعة النَّفس الإنسانية النِّسيان، وعلاجه في التَّكرار، والقرآن العظيم هو كتاب التربية لهذه الأمة، والتربية ليست قولة تقال مرة وتنتهي، فكل من مارس التربية –مع صغير أو كبير– يعلم إلى أي مدى يحتاج من يتلقى التربية التذكير الدائم حتى يستقيم على الأمر المطلوب، ومن ثم يستطيع أن يقدر الهدف التربوي من عملية التكرار في القرآن العظيم.

قال تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات: 55].

وقال تعالى: (فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى) [الأعلى: 9-10].

ومن هنا ندرك أن التكرار لا يأتي اعتباطًا، إنما يأتي لهدف مقصود.

وأكثر الموضوعات تكرارًا وتنوعًا في القرآن العظيم: موضوعات العقيدة والمتمثلة في أركان الإيمان الستة، وكذلك قصص الأنبياء، وقصة آدم والشيطان، وأخلاقيات الإيمان (1092).
 
وعندما يدعو القرآن العظيم إلى عقيدة التوحيد مثلًا، كثيرًا ما يكرر ذلك في السورة الواحدة، ولكن بألوان شتى، فنراه مرة يصرح، وأخرى يلمح، وثالثة يوجز، ورابعة يطنب، وأحيانًا يسوق العقيدة مجردة، وأحيانًا يتبعها الدليل، وتارة يورد دليلًا واحدًا، وتارة جملة أدلة، وتارة يضرب لها الأمثال، وتارة يسوقها في قصة، ويعقب عليها بالوعد مرة، وبالوعيد مرة أخرى (1093).

وخَيرُ مثال على ذلك:
ما نجده في سورة الأنعام، والذي يدور محورها حول «العقيدة وأصول الإيمان» فقد تناولت القضايا الكبرى الأساسية لأصول العقيدة والإيمان.

ويمكن تلخيصها فيما يلي:
1- قضية الألــــــوهيـــــــة.
2- قضية الوحي والرسالة.
3- قضية البعث والجـــزاء.


فقد تنوعت وتكررت هذه القضايا في سورة الأنعام بألوان شتى، وأساليب مختلفة موزعة على السورة كلها، حسب مقتضيات الأحوال، والسياق الواردة فيه تلك الدلائل؛ لأجل إثبات التوحيد الخالص لله رب العالمين، وإفراده بالعبادة، وإظهار بديع صنعه، وإبطال الشرك والوثنية التي كانت سائدة قبل نزول القرآن العظيم (1094).

فلا يشعر القارئ بتكرار، بل يجد في كل مرة صورة أخرى مختلفة عن التي سبقتها أو ستأتي بعدها، مما يكون له أبلغ الأثر في إصلاح الفرد المسلم والجماعة المسلمة.
* * *
المطلب الرابع تهذيب الغرائز واستثمارها إيجابيًا:
لقد ركب الله تعالى في الإنسان غرائز متعددة ابتلاءً وامتحانًا، وجاء القرآن العظيم بتهذيب هذه الغرائز وتوظيفها واستثمارها إيجابيًا لصالح المسلم.

فهذَّب غريزة الخوف مثلًا، واستثمرها إيجابيًا في الترهيب من وقوع العذاب في الدنيا، ومن النار وجحيمها في الآخرة، وما جرى للأمم السابقة من أنواع العذاب والابتلاء، ووصف ما أعد الله لأهل النار يوم القيامة.

وهذَّب القرآن الحكيم غريزة المحبَّة، كالأثرة، وحب التملك، وتحدث عما أعده الله تعالى للمؤمنين يوم القيامة، وأفاض في وصف الجنة: أنهارها وأشجارها وفاكهتها وطيورها ومائها وألبانها وخمرها وحورها العين، مما يُشبع غريزة حب التملك، كقوله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا) [الإنسان: 20].

وهذَّب غريزة حُبَّ البقاء، وسخرها ووظفها واستثمرها في الدفاع عن حياض الدين، وبشرهم بأن الذين يقتلون في سبيل الله أحياء عند ربهم يرزقون، ووصف حال أهل الجنة من الصحة والسلامة من الأمراض والنصب والجوع والعطش (1095)، مما كان له أثره الذي لا يُنكر في الجهاد الإسلامي على مر العصور المختلفة.

وهذَّب غريزة حُبِّ الاقتداء، فطهرها ونقاها من الاقتداء الأعمى الضار، ودعا إلى القدوة والأسوة الحسنة والإتباع المحمود: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21].

وقال سبحانه مخاطبًا نبيه:
(قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) [آل عمران: 31].

وقال سبحانه: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام: 90].

وهكذا سلك القرآن الحكيم المسلك الحكيم في بقية الغرائز، وكان لذلك أثره في الإتباع والانقياد لشرع الله تعالى وسلامة المكلفين.

فمن عظمة القرآن ورفعته وعلوِّ شأنه:
أنه يُعلي الغرائز ولا يلغيها.
* * *
المطلب الخامس التوازن الدنيوي والأخروي:
النصوص القرآنية الكثيرة كلها تشهد وتحث المسلم على التوازن بين مطالب الدنيا ومطالب الآخرة، وأنَّ القرآن حين دعا إلى العمل للآخرة لم يهدم الدنيا، وحين أمر بالكسب في الدنيا لم يغفل الآخرة، فكان وسطًا بين مطالب الروح والجسد، والغيب والشهادة، قال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) [القصص: 77].

وأعلن القرآن الحكيم أن ثواب الدنيا والآخرة عند الله تعالى: (مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) [النساء: 134].
 
وذم الذين يطلبون حسنة الدنيا وحدها، فقال سبحانه: (فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ * وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [البقرة: 200-202].
* * *
المطلب السادس استقراء التاريخ لأخذ العظة والعبرة:
القرآن المجيد، وإن لم يكن كتاب تاريخ، إلا أنه استعمل التاريخ ووظفه أحسن توظيف، وأخذ خلاصته وعصر عصارته.

ففي القرآن أخبار كثيرة عن الأمم السابقة مما جرى للأنبياء مع أقوامهم، وما نتج من ذلك من أنواع العذاب الذي وقع عليهم، أو الحوار والجدل سواء كان بين الأنبياء وآبائهم، كحديث إبراهيم عليه السلام مع أبيه، أو مع أبنائهم كحديث نوح عليه السلام مع ابنه، أو مع إخوانهم كقصة يوسف وأخوته، أو مع ملوكهم كحديث إبراهيم عليه السلام مع الذي آتاه الله الملك، أو حديث موسى عليه السلام مع فرعون، أو كان جدالًا عامًا، أو قصة عن الأمم الماضية والقرون الخالية، أو خلق آدم عليه السَّلام، وما جرى له مع إبليس لعنه الله.

والمقصود من إيراد هذه القصص أو الحوادث التَّاريخية في القرآن أمور عديدة من أهمها:
1- جذب انتباه القارئ للقصة، قال تعالى: (لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ) [يوسف: 7].

وقال أيضًا: (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الأعراف: 176].

2- أخذ العظة والعبرة، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ) [يوسف: 111].

3- إبراز الأفكار شاخصة في أشخاص يؤمنون بها، كما تبرز فكرة ادعاء الألوهية بشخص فرعون مثلًا، قال تعالى: (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى) [النازعات: 24-26].

فمن خلال قراءة القرآن العظيم يستقرئ القارئ التاريخ، ويستوعب تلك العبر والعظات (1096).

المبحث الرابع
الآثار العظيمة للقرآن في حياة الأمة الإسلامية:
إن الله تبارك وتعالى شرَّف الأمة المسلمة بإنزال القرآن إليها، وخصها بذلك دون سائر الأمم، قال الله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) [فاطر: 32].

وبقدر عناية المسلمين بالقرآن تكون رفعتهم وعلو مكانتهم، وبقدر إهمالهم له يكون ضياعهم وهلاكهم، مصداقًا لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين» (1097).

ماذا كان العرب قبل نزول القرآن إليهم، وكيف أصبحوا بعد ذلك؟، إن البون شاسع والفرق كبير.

كانوا قبائل متحاربة متناحرة لأتفه الأسباب، من أبرز ملامحهم وصفاتهم: عبادة الأصنام، وشرب الخمور، ووأد البنات، والجهل، والفقر وسوء الأحوال، ومما يصور جهلهم وحماقتهم قوله تعالى: (وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا) [الأنعام: 136].

ولذا قال ابن عباس -رضي الله عنهما (1098)- موضحًا جهل العرب آنذاك: «إذا سرَّك أن تعلم جهل العرب، فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ) [الأنعام: 140]».

والمراد بقتل الأولاد: وأد البنات.
 
كما يذكر جهلهم في الجانب الخلقي قوله تعالى: (وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) [آل عمران: 103].

ويذكر جهلهم في الجانب العقدي قوله تعالى حكاية عنهم: (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) [ص: 5].

وغير ذلك من الآيات الكثيرة.

ومما جاء في السنة من أحوالهم المزرية، ما جاء في حديث أبي رجاء العطاردي -رضي الله عنه- قال: «كنا في الجاهلية نعبد الحجر، فإذا وجدنا حجرًا أخير منه (1099)، ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد جمعناه جثوة من تراب (1100) ثم جئنا بالشاة لحلبناه عليه ثم طفنا به» (1101).

هذا وصف موجز لبعض أحوال العرب قبل نزول القرآن، ثم من الله عليهم بنزوله، وأنقذهم به من ظلمات الجاهلية من الكفر والمعاصي إلى نور الإيمان والطاعات وهداهم سواء السبيل.

بل نقلهم من رعاة إبل وغنم إلى قادة أمم وشعوب، ومن قبائل متحاربة متناحرة فيما بينها إلى أمة متآلفة متحابة شعارها: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (1102).

وشعارها كذلك: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (1103).

ووعدهم الله تعالى على ذلك بالعزة والكرامة في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا: فسيادة الأمم والتمكين في الأرض وسعة الأرزاق وحلول البركات قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) [الأعراف: 96].

وقال: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا) [الجن: 16].

وأما في الآخرة: فالفوز برضوان الله تعالى والدرجات العالية في جنات النعيم.

ولقد عرف المسلمون الأوائل رضي الله عنهم مكانة القرآن والهدف الذي أُنزل من أجله، فطبقوه في واقع حياتهم، وتركوا عاداتهم وأعرافهم السابقة، فأعزهم الله بالقرآن، فسادوا الدنيا بأسرها حتى بلغ ملكهم من المحيط الهندي شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا، وأصبحوا خير أمة أخرجت للناس.

والأمة الإسلامية في وقتنا الحاضر أصبحت في مؤخرة الأمم وتنكَّبت عن ركب الحضارة، وتداعت عليها أسافل الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فأصبحت غثاءً كغثاء السَّيل؛ لبعدها عن دينها، وتركها هدي القرآن العظيم ومنهجه في الحياة، ولا صلاح لها ولأحوالها إلا بعودتها إلى كتاب ربها، والعمل به والتحاكم إليه، وجعله دستورًا للحياة، فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها: كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- (1104).



الفصل الأول 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل الأول Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الأول   الفصل الأول Emptyالسبت 26 يناير 2019, 8:10 pm

الهوامش:
1040.        انظر: مع كتاب الله، أحمد عبد الرحيم السايح، مجلة الجامعة الإسلامية، (عدد: 40)، (ربيع الأول 1398هـ)، (ص(23-27).
1041.        انظر: هذا القرآن، لعبد الحي العمراني (ص9-11).
1042.        انظر: القرآن الكريم بين الدراسة والتطبيق، محمد الراوي، مجلة الجامعة الإسلامية، (عدد: 50-51)، (ربيع الآخر – رمضان 1401هـ)، (ص177-188).
1043.        انظر: ركائز الإيمان، (ص208-209).
1044.        انظر: تفسير القرطبي (4/159). تفسير المنار، محمد رشيد رضا. (4/20). مع كتاب الله، (ص25).
1045.        (حبل الله): قيل: المراد بحبل الله عهده. وقيل: السبب الموصل إلى رضاه ورحمته. وقيل: هو نوره الذي يهدي به.
1046.        رواه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، (4/1874)، (ح2408).
1047.        رواه أحمد في مسنده (3/14). وابن أبي شيبة في مصنفه، (7/176)، (ح5). وصححه الألباني في صحيح الجامع: (2/826)، (ح4473). والصحيحة: (ح2024).
1048.        انظر: فلسفة التربية في القرآن الكريم، عمر أحمد عمر (ص7، 19).
1049.        انظر: ركائز الإيمان، (ص209).
1050.        انظر: جوانب من عظمة القرآن الكريم، (ص193). مع كتاب الله، (ص23).
1051.        وشرحه وتفصيله في سنة الرسول ?.
1052.        انظر: ركائز الإيمان، (ص210).
1053.        انظر: كيف نتعامل مع القرآن العظيم؟ (ص489-494). مباحث في علوم القرآن، (ص18). ذلك الكتاب لا ريب فيه، محمود عبد الوهاب فايد، مجلة الجامعة الإسلامية، (عدد: 11)، (محرم 1391هـ)، (ص46-54). القرآن الكريم بين الدراسة والتطبيق، محمد الراوي، مجلة الجامعة الإسلامية، (عدد: 50-51)، (ربيع الآخر – رمضان 1401هـ)، ص(177-188).
1054.        انظر: ركائز الإيمان، (ص215-217). جوانب من عظمة القرآن الكريم، (ص183-194).
1055.        انظر: مفاتيح للتعامل مع القرآن، (76-77).
1056.        انظر: تفسير ابن كثير، (3/85).
1057.        رواه الحاكم واللفظ له، (4/298)، (ح7700). والنسائي في الكبرى، (5/460)، (ح9562). وأحمد في المسند (1/134)، (ح1124). وصححه الألباني في صحيح الجامع: (2/1316)، (ح7952).
1058.        رواه الحاكم في المستدرك، (2/261)، (ح2838) وقال: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه». وأحمد في المسند، واللفظ له، (1/465)، (ح4437). وقال محققو المسند (7/436): «إسناده حسن من أجل عاصم، وهو ابن أبي النجود، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي بكر – وهو ابن عياش – فمن رجال البخاري، وأخرج له مسلم في (المقدمة)».
1059.        انظر: العودة إلى القرآن، د. مجدي الهلالي (ص19-21).
1060.        تفسير البغوي، (2/22).
1061.        مباحث في القرآن الكريم، د. محمد تقي الدين الهلالي، مجلة البحوث الإسلامية بالرياض، (عدد: 9)، (جمادى الأولى 1404هـ)، (ص86-87).
1062.        المصدر نفسه، (ص85).
1063.        انظر: المصدر نفسه، (85-86).
1064.        التحرير والتنوير، (3/174).
1065.        انظر: تفسير السعدي، (1/260).
1066.        انظر: المصدر نفسه، (1/261).
1067.        انظر: التحرير والتنوير، (3/184).
1068.        انظر: تفسير ابن كثير، (3/15).
1069.        انظر: تفسير السعدي، (1/452-453).
1070.        انظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها، عبد الرحمن الميداني (2/202-203).
1071.         التحرير والتنوير، (5/20).
1072.        رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا، (4/1905)، (ح6026). ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، (4/1999)، (ح2585).
1073.        فتح الباري شرح صحيح البخاري، (10/553).
1074.        (تَدَاعى له سائر الجسد): أي دعا بعضه بعضًا إلى المشاركة في ذلك، ومنه قولهم: «تداعت الحيطان». أي: تساقطت، أو قربت من التساقط. «انظر: صحيح مسلم بشرح النووي، (16/356)».
1075.        رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، (4/1901)، (ح6011). ومسلم في صحيحه واللفظ له، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، (4/1999)، (ح2586).
1076.        فتح الباري شرح صحيح البخاري، (10/540).
1077.         رواه مسلم في صحيحه، كتاب اللقطة، باب استحباب المواساة بفضول المال، (3/1354)، (ح1728).
1078.        صحيح مسلم بشرح النووي، (12/259).
1079.        (الكلمى): أي الجرحى، والكلمى جمع كليم أي جريح. «انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، (1/549)».
1080.        (لِتُلبسها صاحبتُها من جلبابها): المراد به الجنس، أي تغيرها من ثيابها ما لا تحتاج إليه. ولذلك قال النووي رحمه الله: «الصحيح أن معناه: لتلبسها جلبابًا لا تحتاج إليه عارية». «انظر: فتح الباري، (1/549). شرح النووي على مسلم، (6/420)».
1081.        رواه البخاري في صحيحه، واللفظ له، كتاب الحيض، باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين، (1/121)، (ح324). ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة العيدين، باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى، (2/605)، (ح890).
1082.        صحيح مسلم بشرح النووي، (6/421).
1083.         (أرملوا): أي فنى طعامهم، وأصله من الرمل، كأنهم لصقوا بالرمل من القلة، كما جاء في قوله تعالى: {ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16]. «انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، (5/161)».
1084.        (فهم مني وأنا منهم): قال النووي رحمه الله: «معناه المبالغة في اتحاد طريقتهما، واتفاقهما في طاعة الله تعالى». «شرح النووي على مسلم، (16/245)».
1085.        رواه البخاري في صحيحه، كتاب الشركة، باب الشركة في الطعام والنهد، والعروض، (2/478)، (ح2486). ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل الأشعريين رضي الله عنهم، (4/1944)، (ح2500).
1086.        فتح الباري شرح الصحيح البخاري، (5/161).
1087.        ذُكر سد ذي القرنين ضمن سياق آيات سورة الكهف رقم: (94-98).
1088.         في ظلال القرآن، (2/859).
1089.        دوافع عناية المسلمين بالقرآن الكريم، د. السيد محمد السيد نوح (ص67-69). للاستزادة في هذا الموضوع الهام، انظر: أثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية ضد الأفكار الهدامة، عبد الله بن عبد الرحمن الجربوع.
1090.        انظر: مفاتيح للتعامل مع القرآن، (ص81-82).
1091.        رواه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، باب تأليف القرآن (3/1612)، (ح4993).
1092.        انظر: دراسات قرآنية، (ص245-247).
1093.        انظر: مناهل العرفان، (2/333).
1094.        انظر: بلاغة تصريف القول في القرآن الكريم، (ص380).
1095.        انظر: المصدر نفسه، (2/259-260).
1096.        انظر: خصائص القرآن الكريم، (ص76-86).
1097.        رواه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه، (1/559)، (ح817).
1098.        رواه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب، باب قصة زمزم وجهل العرب، (3/1095)، (ح3524).
1099.        المراد بالخيرية هنا: الخيرية الحسية من كونه أشد بياضًا أو نعومة أو نحو ذلك من صفات الحجارة المستحسنة. (فتح الباري: 8/91).
1100.        (جثوة من تراب): بضم الجيم وسكون المثلثة، هي القطعة من التراب تجمع فتصير كومًا. (فتح الباري: 8/91).
1101.        رواه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة، (3/1322)، (ح4376).
1102.        رواه مسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، (4/2074)، (ح2699).
1103.        رواه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، (1/29)، (ح13).
1104.        انظر: الأحاديث والآثار الواردة في فضائل سورة القرآن الكريم دراسة ونقد، (ص13-16). السيرة النبوية من الكتاب والسنة دراسة وتحليل، د. عبد المهدي بن عبد الهادي (ص97-100). سيرة ابن هشام، (1/206). منهاج الإسلام في إصلاح البشرية، د. عبد الله عبد الحي (ص93-103).



الفصل الأول 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل الأول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الأول: العصر الجاهلي.. الفصل الأول: الإنسانية في الاحتضار
» الباب الأول: الفصل الأول: مسوغات الخروج على عثمان
» الباب الثالث: السلطات العامة - الفصل الأول: السلطة التشريعية - الفرع الأول: أحكام مشتركة
» الباب الأول: الفصل الأول تعريف الإرهاب
» البـــــاب الأول ابـــن الجزري: دراسة حياته - الفصل الأول نشأة ابن الجزري وتكوينه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رسالة ماجستير: عظمة القرآن :: الباب الثالث :: الفصل الأول-
انتقل الى: