| المجلد الأول | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: المجلد الأول الأربعاء 27 يونيو 2018, 11:49 pm | |
| الكتاب لسيبويه (إمَامُ العَرَبِيَّةِ وشَيْخُ النُّحَاةِ) أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الملقب بـ سيبويه المولود عام: 140هـ والمتوفي عام: 180هـ
محتويات الكتاب مقدمة موقع الحكواتي المجلد الأول المجلد الثاني المجلد الثالث المجلد الرابع المجلد الخامس المجلد السادس المجلد السابع المجلد الثامن المجلد التاسع المجلد العاشر.
المجلد الأول نبذة: جاء أبوابًا في أربعة أجزاء، بدأه المؤلف بباب في علم الكلم من العربية، واختتمه بباب في الجر، وقد اشتمل الكتاب على ألف وخمسين بيتًا من الشعر.
وفيه قال محمد بن يزيد: "لم يُعمل كتاب في علم من العلوم مثل كتاب سيبويه؛ وذلك أن الكتب المُصنَّفة في العلوم مضطَّرة إلى غيرها، وكتاب سيبويه لا يحتاج مَنْ فَهِمَه إلى غيره".
سيبويه أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر البصري، المعروف بسيبَوَيه (140هـ 760م - 180هـ 796م) إمَامُ العَرَبِيَّةِ وشَيْخُ النُّحَاةِ" الذي إليه ينتهون، وله كتاب في النحو يُسمَّى "الكتاب" وهو أول كتاب منهجي يُنسّق ويدوّن قواعد اللغة العربية، «لم يكتب الناس في النحو كتاباً مثله».
ولد في مدينة البيضاء قرب شيراز في بلاد فارس، كان مولى بني الحارث بن كعب، ثم مولى آل الربيع بن زياد الحراثي [2].
وقَدِمَ إلى البصرة غُلاماً، وقدا اختلف في موعد قدومه تحديداً [3]، ونشأ فيها وأخذ عن علمائها، وعلى رأسهم الخليل بن أحمد الفراهيدي.
له وصف لمخارج حروف اللغة العربية هو الأدق حتى الآن.
توفي في شيراز عام 796م.
مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم قال أبو عبيد الله محمد بن يحيى: قرأت على ابن ولاّد وهو ينظر في أبيه.
وسمعته يقرأ على أبي جعفر أحمد بن محمد المعروف بابن النحّاس.
وأخذه أبو القاسم بن ولاد عن أبيه عن المبرد.
وأخذه المبرد عن المازني عن الأخفش عن سيبويه.
الحمد لله الذي افتتح بالحمد كتابه وجعله آخر دعاء أهل الجنة فقال جلّ ثناؤه: "وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين".
وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى آله الطيبين.
قال لنا أبو جعفر أحمد بن محمد: لم يزل أهل العربية يفضّلون كتاب أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر المعروف بسيبويه حتّى لقد قال محمد بن يزيد: "لم يُعمل كتاب في علم من العلوم مثل كتاب سيبويه وذلك أن الكتب المصنّفة في العلوم مضطرة إلى غيرها وكتاب سيبويه لا يحتاج من فهمه إلى غيره".
وقال أبو إسحاق: إذا تأملت الأمثلة من كتاب سيبويه تبينت أنه أعلم الناس باللغة.
قال أبو جعفر: وحدثني علي بن سليمان قال حدثني محمد بن يزيد أن المفتشين من أهل العربية ومن له المعرفة باللغة تتبعوا على سيبويه الأمثلة فلم يجدوه ترك من كلام العرب إلاّ ثلاثة أمثلة: منها الهندلع وهي بقلة، والدراقس وهو عظم في القفا، وشمنصير وهو اسم أرض.
وقال أبو إسحاق: حدثني القاضي إسماعيل بن إسحاق قال: حدثني نصر بن علي قال: سمعت الأخفش يقول: يُعد من أصحاب الخليل في النحو أربعة: سيبويه والنضر بن شميل وعلي بن نصر -وهو أبو نصر ابن علي- ومؤرّج السدوسي.
قال: وسمعت نصراً يحكي عن أبيه قال: قال لي سيبويه حين أراد أن يضع كتابه: تعال حتى نتعاون على إحياء علم الخليل.
قال أبو جعفر: وقد رأيت أبا جعفر بن رستم يروي كتاب سيبويه عن المازني غير أن الذي اعتمد عليه أبو جعفر في كتاب سيبويه إبراهيم ابن السري لمعرفته به وضبطه إياه.
وذكر أن علي بن سليمان حكى أن أبا العباس كان لا يكاد يقرئ أحداً كتاب سيبويه حتى يقرأه على أبي إسحاق لصحة نسخته ولذكر أسماء الشعراء فيها.
قال الجرمي: نظرت في كتاب سيبويه فإذا فيه ألف وخمسون بيتاً.
قال أبو جعفر: وسمعت محمد بن الوليد يقول: نظرت في نسخة كتاب سيبويه التي أمليت بمصر فإذا فيها مائتا حرف خطأ.
قال: ورأيت أبا إسحاق قد أنكر الإسناد الذي في أولها إنكاراً شديداً.
وقال: لم يقرأ أبو العباس محمد بن يزيد كتاب سيبويه كله على الجرمي ولكن قال أبو إسحاق: قرأته أنا على أبي العباس محمد بن يزيد وقال لنا أبو العباس: قرأت نحو ثلثه على أبي عمر الجرمي فتوفيّ أبو عمر فابتدأت قراءته على أبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش وقال الأخفش: كنت أسأل سيبويه عمّا أشكل عليّ منه فإن تعصّب عليّ الشيء منه قرأته عليه.
وأما أبو القاسم بن ولاّد فإنه حدّثنا عن أبيه أبي الحسين قال: حدّثني أبو العباس المبرد قال: قرأ المازني كتاب سيبويه على الجرمي وساءل الأخفش عنه وقرأه الجرميّ على الأخفش.
قال: وحدثني المبرد قال: قرأت بعض هذا الكتاب على الجرمي وبعضه على المازنيّ ومنه ما قرأته عليهما جميعاً.
قال: وسمعت المبرد يقول: قد أدرك أبو عمر من أخذ عنه سيبويه واختلف إلى حلقة يونس.
وحدّثنا أبو القاسم بن ولاد عن أبيه قال: حدثنا أبو العباس قال: حدثني الزيادي أبو إسحاق قال: عمدت إلى أبي عمر الجرميّ أقرأ عليه كتاب سيبويه ووافيت المازنيّ يقرأ عليه في أثناء "هذا باب ما يرتفع بين الجزأين" فكنّا نعجب من حذقه وجودة ذهنه.
وكان قد بلغ من أوّل الكتاب إلى هذا الموضع.
قال أبو الحسين بن ولاّد: يعني أن المازني كان قد بلغ على الأخفش إلى هذا الموضع.
وسمعت أبا القاسم بن ولاّد يقول: كان أبي قد قدم على أبي العباس المبرّد ليأخذ منه كتاب سيبويه فكان المبرد لا يمكّن أحداً من أصله وكان يضنّ به ضنّة شديدة فكلّم ابنه على أن يجعل له في كل كتاب منها جعلاً قد سمَّاه فأكمل نسخه.
ثم إن أبا العباس ظهر على ذلك بعد فكان قد سعى بأبي الحسين إلى بعض خدمة السلطان ليحبسه له ويعاقبه في ذلك فامتنع أبو الحسين منه بصاحب خراج بغداد يومئذ وكان أبو الحسين يؤدّب ولده فأجاره منه.
ثم إن صاحب الخراج ألظّ بأبي العباس يطلب إليه أن يقرأ عليه الكتاب حتّى فعل.
قال أبو عبد الله: فقرأته أنا على أبي القاسم وهو ينظر في ذلك الكتاب بعينه وقال لي: قرأته على أبي مِرَارًا.
عدل سابقا من قبل أحــمــد لــبــن AhmadLbn في الخميس 28 يونيو 2018, 8:28 pm عدل 1 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الأربعاء 27 يونيو 2018, 11:53 pm | |
| هذا باب علم الكلم من العربية فالكلم: اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل.
فالاسم: رجل وفرس وحائط.
وأما الفعل: فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء وبنيت لما مضى ولما يكون ولم يقع وما هو كائن لم ينقطع.
فأما بناء ما مضى فذهب وسمع ومكث وحمد.
وأما بناء ما لم يقع فإنه قولك آمراً: اذهب واقتل واضرب.
ومخبراً: يقتل ويذهب ويضرب ويقتل ويضرب.
وكذلك بناء ما لم ينقطع وهو كائن إذا أخبرت.
فهذه الأمثلة التي أخذت من لفظ أحداث الأسماء ولها أبنية كثيرة ستبين إن شاء الله.
والأحداث نحو الضرب والحمد والقتل.
وأما ما جاء لمعنى وليس باسم ولا فعل فنحو: ثمّ وسوف وواو القسم ولام الإضافة ونحوها. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:08 am | |
| هذا باب مجاري أواخر الكلم من العربية وهي تجري على ثمانية مجارٍ: على النصب والجرّ والرفع والجزم والفتح والضمّ والكسر والوقف.
وهذه المجاري الثمانية يجمعهنّ في اللفظ أربعة أضرب: فالنصب والفتح في اللفظ ضرب واحد والجرّ والكسر فيه ضرب واحد وكذلك الرفع والضمّ والجزم والوقف.
وإنما ذكرت لك ثمانية مجار لأفرق بين ما يدخله ضرب من هذه الأربعة لما يحدث فيه العامل -وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه- وبين ما يبنى عليه الحرف بناءً لا يزول عنه لغير شيء أحدث ذلك فيه من العوامل التي لكلّ منها ضرب من اللفظ في الحرف وذلك الحرف حرف الإعراب.
فالرفع والجر والنصب والجزم لحروف الإعراب.
وحروف الإعراب للأسماء المتمكّنة وللأفعال المضارعة لأسماء الفاعلين التي في أوائلها الزوائد الأربع: الهمزة والتاء والياء والنون.
وذلك قولك: أفعل أنا وتفعل أنت أو هي ويفعل هو ونفعل نحن.
والنصب في الأسماء: رأيت زيداً والجرّ: مررت بزيد والرفع: هذا زيد.
وليس في الأسماء جزم لتمكنها وللحاق التنوين فإذا ذهب التنوين لم يجمعوا على الاسم ذهابه وذهاب الحركة.
والنصب في المضارع من الأفعال: لن يفعل والرفع: سيفعل والجزم: لم يفعل.
وليس في الأفعال المضارعة جر كما أنه ليس في الأسماء جزم لأن المجرور داخل في المضاف إليه معاقب للتنوين وليس ذلك في هذه الأفعال.
وإنما ضارعت أسماء الفاعلين أنك تقول: إن عبد الله ليفعل فيوافق قولك: لفاعل حتّى كأنّك قلت: إن زيداً لفاعل فيما تريد من المعنى.
وتلحقه هذه اللام كما لحقت الاسم ولا تلحق فعل اللام.
وتقول سيفعل ذلك وسوف يفعل ذلك فتلحقها هذين الحرفين لمعنى كما تلحق الألف واللام الأسماء للمعرفة.
ويبّن لك أنها ليست بأسماء أنك لو وضعتها مواضع الأسماء لم يجز ذلك.
ألا ترى أنّك لو قلت إنّ يضرب يأتينا وأشباه هذا لم يكن كلاماً!
إلا أنها ضارعت الفاعل لاجتماعهما في المعنى.
وسترى ذلك أيضاً في موضعه.
ولدخول اللام قال الله جلّ ثناؤه: "وإن ربّك ليحكم بينهم" أي لحاكم.
ولما لحقها من السين وسوف كما لحقت الاسم والألف واللام للمعرفة.
وأما الفتح والكسر والضم والوقف فللأسماء غير المتمكنة المضارعة عندهم ما ليس باسم ولا فعل مما جاء لمعنى ليس غير نحو سوف وقد وللأفعال التي لم تجر مجرى المضارعة وللحروف التي ليست بأسماء ولا أفعال ولم تجئ إلاّ لمعنى.
فالفتح في الأسماء قولهم: حيث وأين وكيف والكسر فيها نحو: أولاد وحذار وبداد.
والضم والفتح في الأفعال التي لم تجر مجرى المضارعة قولهم: ضرب وكذلك كل بناء من الفعل كان معناه فعل.
ولم يسكنو آخر فعل لأن فيها بعض ما في المضارعة تقول: هذا رجل ضربنا فتصف بها النكرة وتكون في موضع ضارب إذا قلت هذا رجل ضارب.
وتقول: إن فعل فعلت فيكون في معنى إن يفعل أفعل فهي فعل كما أنّ المضارع فعل وقد وقعت موقعها في إن ووقعت موقع الأسماء في الوصف كما تقع المضارعة في الوصف فلم يسكّنوها كما لم يسكنو من الأسماء ما ضارع المتمكن ولا ما صيّر من المتمكن في موضع بمنزلة غير المتمكن.
فالمضارع: من عل حرّكوه لأنهم قد يقولون من عل فيجرونه.
وأما المتمكن الذي جعل بمنزلة غير المتمكن في موضع فقولك ابدأ بهذا أول ويا حكم.
والوقف قولهم: اضرب في الأمر ولم يحركوها لأنها لا يوصف بها ولا تقع موقع المضارعة فبعدت من المضارعة بعدكم وإذ من المتمكنة.
وكذلك كل بناء من الفعل كان معناه افعل.
والفتح في الحروف التي ليست إلا لمعنى وليست بأسماء ولا أفعال قولهم: سوف وثم.
والكسر فيها قولهم في باء الإضافة ولامها: بزيد ولزيد.
والضم فيها: منذ فيمن جرّبها لأنها بمنزلة من في الأيام.
ولا ضم في الفعل لأنه لم يجيء ثالث سوى المضارع.
وعلى هذين المعنيين بناء كل فعل بعد المضارع.
واعلم أنك إذا ثنّيت الواحد لحقته زيادتان: الأولى منهما حرف المد والين وهو حرف الإعراب غير متحرّك ولا منوّن يكون في الرفع ألفاً ولم يكن واواً ليفصل بين التثنية والجمع الذي على حد التثنية ويكون في الجر ياء مفتوحا ما قبلها ولم يكسر ليفصل بين التثنية والجمع الذي على حدّ التثنية.
ويكون في النصب كذلك ولم يجعلوا النصب ألفاً ليكون مثله في الجمع وكان مع ذا أن يكون تابعاً لما الجر منه أولى لأن الجرّ للاسم لا يجاوزه والرفع قد ينتقل إلى الفعل فكان هذا أغلب وأقوى.
وتكون الزيادة الثانية نوناً كأنها عوض لما منع من الحركة والتنوين وهي النون وحركتها الكسر وذلك قولك: هما الرجلان ورأيت الرجلين ومررت بالرجلين.
وإذا جمعت على حدّ التثنية لحقتها زائدتان: الأولى منهما حرف المد والين والثانية نون.
وحال الأولى في السكون وترك التنوين وأنها حرف الإعراب حال الأولى في التثنية إلا أنها واو ومضموم ما قبلها في الرفع وفي الجر والنصب ياء مكسور ما قبلها ونونها مفتوحة فرقوا بينها وبين نون الاثنين كما أنّ حرف اللين الذي هو حرف الإعراب مختلف فيهما.
وذلك قولك: المسلمون ورأيت المسلمين ومررت بالمسلمين. ومن ثم جعلوا تاء الجمع في الجر والنصب مكسورة لأنهم جعلوا التاء التي هي حرف الإعراب كالواو والياء والتنوين بمنزلة النون لأنها في التأنيث نظيرة الواو والياء في التذكير فأجروها مجراها.
واعلم أنّ التثنية إذا لحقت الأفعال المضارعة علامة للفاعلين لحقتها ألف ونون ولم تكن الألف حرف الإعراب لأنك لم ترد أن تثنّي يفعل هذا البناء فتضم إليه يفعل آخر ولكنك إنما ألحقته هذا علامة للفاعلين ولم تكن منونة ولا يلزمها الحركة لأنه يدركها الجزم والسكون فتكون الأولى حرف الإعراب والثانية كالتنوين فكلما كانت حالها في الواحد غير حال الاسم وفي التثنية لم تكن بمنزلته فجعلوا إعرابه في الرفع ثبات النون لتكون له في التثنية علامة للرفع كما كان في الواحد إذ منع حرف الإعراب.
وجعلوا النون مكسورة كحالها في الاسم ولم يجعلوها حرف الإعراب إذ كانت متحركة لا تثبت في الجزم ولم يكونوا ليحذفوا الألف لأنها علامة الإضمار والتثنية في قول من قال: أكلوني البراغيث وبمنزلة التاء في قلت وقالت فأثبتوها في الرفع وحذفوها في الجزم كما حذفوا الحركة في الواحد.
ووافق النصب الجزم في الحذف كما وافق النصب الجر في الأسماء لأن الجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء والأسماء ليس لها في الجزم نصيب كما أنه ليس للفعل في الجر نصيب.
وذلك وكذلك إذا لحقت الأفعال علامة للجمع لحقتها زائدتان إلا أنّ الأولى واو مضموم ما قبلها لئلا يكون الجمع كالتثنية ونونها مفتوحة بمنزلتها في الأسماء كما فعلت ذلك في التثنية لأنهما وقعتا في التثنية والجمع ههنا كما أنهما في الأسماء كذلك وهو قولك: هم يفعلون ولم يفعلوا ولن يفعلوا.
وكذلك إذا ألحقت التأنيث في المخاطبة إلاّ أن الأولى ياء وتفتح النون لأن الزيادة التي قبلها بمنزلة الزيادة التي في الجمع وهي تكون في الأسماء في الجر والنصب وذلك قولك: أنت تفعلين ولم تفعلي ولن تفعلي.
وإذا أردت جمع المؤنث في الفعل المضارع ألحقت للعلامة نوناً وكانت علامة الإضمار والجمع فيمن قال أكلوني البراغيث وأسكنت ما كان في الواحد حرف الإعراب كما فعلت ذلك في فعل حين قلت فعلت وفعلن فأسكن هذا ههنا وبني على هذه العلامة كما أسكن فعل لأنه فعل كما أنه فعل وهو متحرك كما أنه متحرك فليس هذا بأبعد فيها -إذا كانت هي وفعل شيئاً واحداً- من يفعل إذ جاز لهم فيها الأعراب حين ضارعت الأسماء وليست باسم وذلك قولك: هن يفعلن ولن يفعلن ولم يفعلن.
وتفتحها لأنها نون جمع ولا تحذف لأنها علامة إضمار وجمع في قول من قال أكلوني البراغيث.
فالنون ههنا في يفعلن بمنزلتها في فعلن.
وفعل بلام يفعل ما فعل بلام فعل لما ذكرت لك ولأنها قد تبنى مع ذلك على الفتحة في قولك هل تفعلن.
وألزموا لام فعل السكون وبنوها على العلامة وحذفوا الحركة لمّا زادوا لأنها في الواحد ليست في آخرها حرف إعراب لما ذكرت لك.
واعلم أن بعض الكلام أثقل من بعض فالأفعال أثقل من الأسماء لأن الأسماء هي الأولى وهي أشد تمكّنا فمن ثم لم يلحقها تنوين ولحقها الجزم والسكون وإنما هي من الأسماء. ألا ترى أن الفعل لابد له من الاسم وإلا لم يكن كلاماً والاسم قد يستغني عن الفعل تقول: الله إلهنا وعبد الله أخونا.
واعلم أن ما ضارع الفعل المضارع من الأسماء في الكلام ووافقه في البناء أجرى لفظه مجرى ما يستثقلون ومنعوه ما يكون لما يستخفون وذلك نحو أبيض وأسود وأحمر وأصفر فهذا بناء أذهب وأعلم فيكون في موضع الجرّ مفتوحاً استثقلوه حين قارب في الكلام ووافق في البناء.
وأما مضارعته في الصفة فإنك لو قلت: أتأتني اليوم قوي وألا بارداً ومررت بجميل كان ضعيفاً ولم يكن في حسن أتاني رجل قوي وألا ماء بارداً ومررت برجل جميل.
أفلا ترى أن هذا يقبح ههنا كما أن الفعل المضارع لا يتكلم به إلا ومعه الاسم لأن الاسم قبل الصفة كما أنه قبل الفعل.
ومع هذا أنك ترى الصفة تجري في معنى يفعل يعني هذا رجل ضارب زيداً فإن كان اسماً كان أخفّ عليهم وذلك نحو أفكل وأكلب ينصرفان في النكرة.
ومضارعة أفعل الذي يكون صفة للاسم أنه يكون وهو اسم صفة كما يكون الفعل صفة وأما يشكر فإنه لا يكون صفة وهو اسم وإنما يكون صفة وهو فعل.
واعلم أن النكرة أخف عليهم من المعرفة وهي أشد تمكناً لأن النكرة أول ثم يدخل عليها ما تعرّف به.
فمن ثم أكثر الكلام ينصرف في النكرة.
واعلم أن الواحد أشد تمكناً من الجميع لأن الواحد الأول ومن ثم لم يصرفوا ما جاء من الجميع ما جاء على مثال ليس يكون للواحد نحو مساجد ومفاتيح.
واعلم أن المذكر أخفّ عليهم من المؤنث لأن المذكر أول وهو أشد تمكناً وإنما يخرج التأنيث من التذكير.
ألا ترى أن "الشيء" يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يعلم أذكر هو أو أنثى والشيء ذكر فالتنوين علامة للأمكن عندهم والأخف عليهم وتركه علامة لما يستثقلون.
وسوف يبيّن ما ينصرف وما لا ينصرف إن شاء الله.
وجميع ما لا ينصرف إذا أدخلت عليه الألف واللام أو أضيف انجرّ لأنها أسماء أدخل عليها ما يدخل على المنصرف.
ودخل فيها الجر كما يدخل في المنصرف ولا يكون ذلك في الأفعال وأمنوا التنوين.
فجميع ما يترك صرفه مضارع به الفعل لأنه إنما فعل ذلك به لأنه ليس له تمكن واعلم أن الآخر إذا كان يسكن في الرفع حذف في الجزم لئلا يكون الجزم بمنزلة الرفع فحذفوا كما حذفوا الحركة ونون الاثنين والجميع.
وذلك قولك لم يرم ولم يغز ولم يخش.
وهو في الرفع ساكن الآخر تقول: هو يرمي ويغزو ويخشى.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:10 am | |
| هذا باب المسند والمسند إليه وهما ما لا يغنى واحد منهما عن الآخر ولا يجد المتكلم منه بداً.
فمن ذلك الاسم المبتدأ والمبني عليه.
وهو قولك عبد الله أخوك وهذا أخوك.
ومثل ذلك يذهب عبد الله فلا بدّ للفعل من الاسم كما لم يكن للاسم الأول بدّ من الآخر في الابتداء.
ومما يكون بمنزلة الابتداء قولك: كان عبد الله منطلقاً وليت زيداً منطلق لأن هذا يحتاج إلى ما بعده كاحتياج المبتدأ إلى ما بعده.
واعلم أن الاسم أول أحواله الابتداء وإنما يدخل الناصب والرافع سوى الابتداء والجار على المبتدأ.
ألا ترى أن ما كان مبتدأ قد تدخل عليه هذه الأشياء حتى يكون غير مبتدأ ولا تصل إلى الابتداء ما دام مع ما ذكرت لك إلا أن تدعه.
وذلك أنك إذا قلت عبد الله منطلق إن شئت أدخلت رأيت عليه فقلت رأيت عبد الله منطلقاً أو قلت كان عبد الله منطلقاً أو مررت بعبد الله منطلقاً فالمبتدأ أول جزء كما كان الواحد أول العدد والنكرة قبل المعرفة. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:12 am | |
| هذا باب اللفظ للمعاني اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين واختلاف اللفظين والمعنى واحد واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين.
وسترى ذلك إن شاء الله تعالى.
فاختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين هو نحو: جلس وذهب.
واختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق.
واتفاق اللفظين والمعنى مختلف قولك: وجدت عليه من الموجدة ووجدت إذا أردت وجدان الضّالة.
وأشباه هذا كثير. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:14 am | |
| هذا باب ما يكون في اللفظ من الأعراض اعلم أنهم مما يحذفون الكلم وإن كان أصله في الكلام غير ذلك ويحذفون ويعوّضون ويستغنون بالشيء عن الشيء الذي أصله في كلامهم أن يستعمل حتى يصير ساقطاً.
وسترى ذلك إن شاء الله.
فما حذف وأصله في الكلام غير ذلك.
لم يك ولا أدر وأشباه ذلك.
وأما استغناؤهم والعوض قولهم: زنادقة وزناديق وفرازنة وفرازين حذفوا الياء وعوّضوها الهاء.
وقولهم أسطاع يسطيع وإنما هي أطاع يطيع زادوا السين عوضاً من ذهاب حركة العين من أفعل.
وقولهم اللهم حذفوا " يا " وألحقوا الميم عوضاً. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:16 am | |
| هذا باب الاستقامة من الكلام والإحالة فمنه مستقيم حسن ومحال ومستقيم كذب ومستقيم قبيح وما هو محال كذب.
فأما المستقيم الحسن فقولك: أتيتك أمس وسآتيك غداً وسآتيك أمس.
وأما المستقيم الكذب فقولك: حملت الجبل وشربت ماء البحر " ونحوه.
وأما المستقيم القبيح فأن تضع اللفظ في غير موضعه نحو قولك: قد زيداً رأيت وكي زيداً يأتيك وأشباه هذا.
وأما المحال الكذب فأن تقول: سوف أشرب ماء البحر أمس. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:18 am | |
| هذا باب ما يحتمل الشعر اعلم أنه يجوز في الشعر ما لا يجوز في الكلام من صرف ما لا ينصرف يشبّهونه بما قد حذف واستعمل محذوفاً كما قال العجّاج: يريد الحمام.
وقال خفاف بن ندبة السلمىّ: كنواح ريش حمامة نجدية ومسحت بالثتين عصف الإثمد وكما قال: دار لسعدى إذه من هواكا وقال: فطرت بمنصلي في يعملات دوامي الأيد يخبطن السريحا وكما قال النجاشي: فلست بآتيه ولا أستطيعه ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل وكما قال مالك بن خريم الهمداني: فإن يك غثا أو سميناً فإنني سأجعل عينيه لنفسه مقنعاً وقال الأعشى: وأخو الغوان متى يشأ يصرمنه ويعدن أعداء بعيد وداد وربما مدوا مثل مساجد ومنابر فيقولون مساجيد ومنابير شبّهوه بما جمع على غير واحده في الكلام كما قال الفرزدق: وقد يبلغون بالمعتلّ الأصل فيقولون رداد في رادّ وضننوا في ضنّوا ومررتم بجواري قبل.
قال قعنب بن أم صاحب: مهلاً أعاذل قد جرّبت من خلقي أنّى أجود لأقوام وإن ضننوا ومن العرب من يثقّل الكلمة إذا وقف عليها ولا يثقلها في الوصل فإذا كان في الشعر فهم يجرونه في الوصل على حاله في الوقف نحو: سبسبّا وكلكلاّ لأنهم قد يثقلونه في الوقف فأثبتوه في الوصل كما أثبتوا الحذف في قوله لنفسه مقنعاً وإنما حذفه في الوقف.
قال رؤبة: ضخم يحب الخلق الأضخما يروي بكسر الهمزة وفتحها.
وقال بعضهم: " الضّخمّا " بكسر الضاد.
وقال أيضاً ي مثله وهو الشماخ: له زجل كأنه صوت حادٍ إذا طلب الوسيقة أو زمير وقال حنظلة بن فاتك: وأيقن أن الخيل إن تلتبس به يكن لفسيل النخل بعده آبر وقال رجل من باهلة: أو معبر الظهر ينبي عن وليته ما حج ربه في الدنيا ولا اعتمروا وما له من مجدٍ تليدٍ وما له من الريح حظ لا الجنوب ولا الصبا وقال: بيناه في دار صدقٍ قد أقام بها حيناً يعللنا وما نعلله ويحتملون قبح الكلام حتى يضعوه في غير موضعه لأنه مستقيم ليس فيه نقيض فمن ذلك قوله: صددت فأطولت الصدود وقلما وصال على طول الصدود يدوم وإنما الكلام: وقل ما يدوم وصال.
وجعلوا ما لا يجري في الكلام إلا ظرفاً بمنزلة غيره من الأسماء وذلك قول المرار بن سلامة العجلي: ولا ينطق الفحشاء من كان منهم إذا جلسوا منا ولا من سوائنا وقال الأعشى: وما قصدت من أهلها لسوائكا وقال خطام المجاشعي: وليس شيء يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجهاً.
وما يجوز في الشعر أكثر من أن أذكره لك ههنا لأن هذا موضع جمل وسنبين ذلك فيما نستقبل إن شاء الله. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:21 am | |
| هذا باب الفاعل الذي لم يتعده فعله إلى مفعول والمفعول الذي لم يتعد إليه فعل فاعل ولا يتعدى فعله إلى مفعول آخر وما يعمل من أسماء الفاعلين والمفعولين عمل الفعل الذي يتعدى إلى مفعول وما يعمل من المصادر ذلك العمل وما يجري من الصفات التي لم تبلغ أن تكون في القوة كأسماء الفاعلين والمفعولين التي تجري مجرى الفعل المتعدي إلى مفعول مجراها وما أجري مجرى الفعل وليس بفعل ولم يقو قوته وما جرى من الأسماء التي ليست بأسماء الفاعلين التي ذكرت لك ولا الصفات التي هي من لفظ أحداث الأسماء وتكون لأحداثها أمثلة لما مضى ولما لم يمض وهي التي لم تبلغ أن تكون في القوة كأسماء الفاعلين والمفعولين التي تريد بها ما تريد بالفعل المتعدي إلى مفعول مجراها وليست لها قوة أسماء الفاعلين التي ذكرت لك ولا هذه الصفات كما أنه لا يقوى قوة الفعل ما جرى مجراها وليس بفعل. والفاعل والمفعول في هذا سواء يرتفع المفعول كما يرتفع الفاعل لأنك لم تشغل الفعل بغيره وفرغته كما فعلت ذلك بالفاعل.
فأما الفاعل الذي لا يتعداه فعله فقولك: ذهب زيدٌ وجلس عمروٌ.
والمفعول الذي لم يتعده فعله ولم يتعد إليه فعل فاعل فقولك: ضرب زيد ويضرب عمرو.
فالأسماء المحدث عنها والأمثلة دليلة على ما مضى وما لم يمض من المحدث به عن الأسماء وهو الذهاب والجلوس والضرب وليست الأمثلة بالأحداث ولا ما يكون منه الأحداث وهي الأسماء. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:27 am | |
| هذا باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعول وذلك قولك: ضرب عبد الله زيداً.
فعبد الله ارتفع ههنا كما ارتفع في ذهب وشغلت ضرب به كما شغلت به ذهب وانتصب زيد لأنه مفعول تعدي إليه فعل الفاعل.
فإن قدمت المفعول وأخرت الفاعل جرى اللفظ كما جرى في الأول وذلك قولك: ضرب زيداً عبد الله لأنك إنما أردت به مؤخراً ما أردت به مقدماً ولم ترد أن تشغل الفعل بأول منه وإن كان مؤخراً في اللفظ.
فمن ثم كان حد اللفظ أن يكون فيه مقدماً وهو عربي جيد كثير كأنهم إنما يقدمون الذي بيانه أهم لهم وهم ببيانه أغنى وإن كانا جميعاً يهمانهم ويعنيانهم.
واعلم أن الفعل الذي لا يتعدى الفاعل يتعدى إلى اسم الحدثان الذي أخذ منه لأنه إنما يذكر ليدل على الحدث.
ألا ترى أن قولك قد ذهب بمنزلة قولك قد كان منه ذهاب.
وإذا قلت ضرب عبد الله لم يستبن أن المفعول زيد أو عمرو ولا يدل على صنفٍ كما أن ذهب قد دل على صنف وهو الذهاب وذلك قولك ذهب عبد الله الذهاب الشديد وقعد قعدة سوء وقعد قعدتين لما عمل في الحدث عمل في المرة منه والمرتين وما يكون ضرباً منه.
فمن ذلك: قعد القرفصاء واشتمل الصماء ورجع القهقري لأنه ضرب من فعله الذي أخذ منه.
ويتعدى إلى الزمان نحو قولك ذهب لأنه بني لما مضى منه وما لم يمض فإذا قال ذهب فهو دليل على أن الحدث فيما مضى من الزمان وإذا قال سيذهب فإنه دليل على أنه يكون فيما يستقبل من الزمان ففيه بيان ما مضى وما لم يمض منه كما أن فيه استدلالاً على وقوع الحدث.
وذلك قولك قعد شهرين وسيقعد شهرين وتقول: ذهبت أمس وسأذهب غداً فإن شئت لم تجعلهما ظرفاً فهو يجوز في كل شيء من أسماء الزمان كما جاز في كل شيء من أسماء الحدث.
ويتعدى إلى ما اشتق من لفظه اسماً للمكان وإلى المكان لأنه إذا قال ذهب أو قعد فقد علم أن للحدث مكاناً وإن لم يذكره كما علم أنه قد كان ذهاب وذلك قولك ذهبت المذهب البعيد وجلست مجلساً حسناً وقعدت مقعداً كريماً وقعدت المكان الذي رأيت وذهبت وجهاً من الوجوه.
وقد قال بعضهم ذهب الشام يشبهه بالمبهم إذ كان مكاناً يقع عليه المكان والمذهب.
وهذا شاذ لأنه ليس في ذهب دليل على الشام وفيه دليل على المذهب والمكان.
ومثل ذهبت الشام: دخلت البيت.
ومثل ذلك قول ساعدة بن جوية: لدن بهز الكف يعسل متنه فيه كما عسل الطريق الثعلب ويتعدى إلى ما كان وقتاً في الأمكنة كما يتعدى إلى ما كان وقتاً في الأزمنة لأنه وقت يقع في المكان ولا يختص به مكان واحد كما في الزمن كان مثله لأنك قد تفعل بالأماكن ما تفعل بالأزمنة وإن كان الأزمنة أقوى في ذلك.
وكذلك ينبغي أن يكون إذ صار فيما هو أبعد نحو ذهبت الشام وهو قولك ذهبت فرسخين وسرت الميلين كما تقول ذهبت شهرين وسرت اليومين.
وإنما جعل في الزمان أقوى لأن الفعل بنى لما مضى منه وما لم يمض ففيه بيان متى وقع كما أن فيه بيان أنه قد وقع المصدر وهو الحدث.
والأماكن لم يبن لها فعل وليست بمصادر أخذ منها الأمثلة والأماكن إلى الأناسي ونحوهم أقرب.
ألا ترى أنهم يخصونها بأسماء كزيد وعمرو وفي قولهم مكة وعمان ونحوها ويكون منها خلق لا تكون لكل مكان ولا فيه كالجبل والوادي والبحر.
والدهر ليس كذلك.
والأماكن لها جثة وإنما الدهر مضى الليل والنهار فهو إلى الفعل أقرب. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:33 am | |
| هذا باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعولين فإن شئت اقتصرت على المفعول الأول وإن شئت تعدى إلى الثاني كما تعدى إلى الأول.
وذلك قولك: أعطى عبد الله زيداً درهماً وكسوت بشراً الثياب الجياد.
ومن ذلك: اخترت الرجال عبد الله ومثل ذلك قوله عز وجل: " واختار موسى قومه سبعين رجلاً " وسميته زيداً وكسيت زيداً أبا عبد الله ودعوته زيداً إذا أردت دعوته التي تجري مجرى سميته وإن عنيت الدعاء إلى أمر لم يجاوز مفعولاً واحداً.
ومنه قول الشاعر: أستغفر الله ذنباً لست محصيه ** رب العباد إليه الوجه والعمل وقال عمرو بن معد يكرب الزبيدي: أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ** فقد تركتك ذا مال وذا نشب وإنما فصل هذا أنها أفعال توصل بحروف الإضافة فتقول: اخترت فلاناً من الرجال وسميته بفلان كما تقول: عرفته بهذه العلامة وأوضحته بها وأستغفر الله من ذلك فلما حذفوا حرف الجر عمل الفعل.
ومثل ذلك قول المتلمس: آليت حب العراق الدهر أطعمه ** والحب يأكله في القرية السوس يريد: على حب العراق.
وكما تقول: نبئت زيداً يقول ذاك أي عن زيد.
وليست عن وعلى ههنا بمنزلة الباء في قوله: " كفى بالله شهيداً " وليس بزيد لأن عن وعلى لا يفعل بها ذاك ولا بمن في الواجب.
وليست أستغفر الله ذنباً وأمرتك الخير أكثر في كلامهم جميعاً وإنما يتكلم بها بعضهم.
فأما سميت وكنيت فإنما دخلتها الباء على حد ما دخلت في عرفت تقول عرفته زيداً ثم تقول عرفته بزيد فهو سوى ذلك المعنى فإنما تدخل في سميت وكنيت على حد ما دخلت في عرفته بزيد.
فهذه الحروف كان أصلها في الاستعمال أن توصل بحرف الإضافة.
وليس كل الفعل يفعل به ذها كما أنه ليس كل فعل يتعدى الفاعل ولا يتعدى إلى مفعولين.
ومنه قول الفرزدق: منا الذي اختير الرجال سماحةً وجوداً إذا هب الرياح الزعازع نبئت عبد الله بالجو أصبحت كراماً مواليها لئيماً صميمها .
هذا باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعولين وليس لك أن تقتصر على أحد المفعولين دون الآخر وذلك قولك: حسب عبد الله زيداً بكراً وظن عمرو وخالداً أباك وخال عبد الله زيداً أخاك.
ومثل ذلك: رأى عبد الله زيداً صاحبنا ووجد عبد الله زيداً ذا الحفاظ.
وإنما منعك أن تقتصر على أحد المفعولين ههنا أنك إنما أردت أن تبين ما استقر عندك من حال المفعول الأول يقيناً كان أو شكاً وذكرت الأول لتعلم الذي تضيف إليه ما استقر له عندك من هو.
فإنما ذكرت ظننت ونحوه لتجعل خبر المفعول الأول يقيناً أو شكاً ولم ترد أن تجعل الأول فيه الشك أو تقيم عليه في اليقين.
ومثل ذلك: علمت زيداً الظريف وزعم عبد الله زيداً أخاك. وإن قلت رأيت فأردت رؤية العين أو وجدت فأردت وجدان الضالة فهو بمنزلة ضربت ولكنك إنما تريد بوجدت علمت وبرأيت ذلك أيضاً.
ألا ترى أنه يجوز للأعمى أن يقول: رأيت وقد يكون علمت بمنزلة عرفت لا تريد إلا علم الأول.
فمن ذلك قوله تعالى: "ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت" وقال سبحانه: "وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم" فهي ههنا بمنزلة عرفت كما كانت رأيت على وجهين.
وأما ظننت ذاك فإنما جاز السكوت عليه لأنك قد تقول ظننت فتقصر كما تقول ذهبت ثم تعمله في الظن كما تعمل ذهبت في الذهاب.
فذاك ههنا هو الظن كأنك قلت: ظننت ذاك الظن.
وكذلك خلت وحسبت.
ويدلك على أنه الظن أنك لو قلت خلت زيداً وأرى زيداً لم يجز.
وتقول: ظننت به جعلته موضع ظنك كما قلت نزلت به ونزلت عليه.
ولو كانت الباء زائدة بمنزلتها في قوله عز وجل: "كفى بالله" لم يجز السكت عليها فكأنك قلت: ظننت في الدار.
ومثله شككت فيه. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:34 am | |
| هذا باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى ثلاثة مفعولين ولا يجوز أن تقتصر على مفعول منهم واحد دون الثلاثة لأن المفعول ههنا كالفاعل في الباب وذلك قولك: أرى الله بشراً زيداً أباك ونبأت زيداً عمراً أبا فلان وأعلم الله زيداً عمراً خيراً منك.
واعلم أن هذه الأفعال إذا انتهت إلى ما ذكرت لك من المفعولين فلم يكن بعد ذلك متعدي تعدت إلى جميع ما يتعدى إليه الفعل الذي لا يتعدى الفاعل وذلك قولك: أعطى عبد الله زيداً المال إعطاء حميلاً وسرقت عبد الله الثوب الليلة لا تجعله ظرفاً ولكن كما تقول: يا سارق الليلة زيداً الثوب لم تجعلها ظرفاً.
وتقول: أعملت هذا زيداً قائماً العلم اليقين إعلاماً وأدخل الله عمراً المدخل الكريم إدخالاً لأنها لما انتهت صارت بمنزلة ما لا يتعدى. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:36 am | |
| هذا باب المفعول الذي تعداه فعله إلى مفعول وذلك قولك: كسى عبد الله الثوب وأعطى عبد الله المال. رفعت عبد الله ههنا كما رفعته في ضرب حين قلت ضرب عبد الله وشغلت به كسى وأعطى كما شغلت به ضرب.
وانتصب الثوب والمال لأنهما مفعولان تعدى إليهما مفعول هو بمنزلة الفاعل.
وإن شئت قدمت وأخرت فقلت كسى الثوب زيد وأعطى المال عبد الله كما قلت ضرب زيداً عبد الله.
فأمره في هذا كأمر الفاعل.
واعلم أن المفعول الذي لا يتعداه فعله إلى مفعول يتعدى إلى كل شيء تعدى إليه فعل الفاعل الذي لا يتعداه فعله إلى مفعول وذلك قولك: ضرب زيد الضرب الشديد وضرب عبد الله اليومين اللذين تعلم لا تجعله ظرفاً ولكن كما تقول: يا مضروب الليلة الضرب الشديد وأقعد عبد الله المقعد الكريم.
فجميع ما تعدى إليه فعل الفاعل الذي لا يتعداه فعله إلى مفعول يتعدى إليه فعل المفعول الذي لا يتعداه فعله.
واعلم أن المفعول الذي لم يتعد إليه فعل فاعل في التعدي والاقتصار بمنزلة إذا تعدى إليه فعل الفاعل لأن معناه متعدياً إليه فعل الفاعل وغير متعد إليه فعله سواء.
ألا ترى أنك تقول ضربت زيداً فلا تجاوز هذا المفعول وتقول ضرب زيد فلا يتعداه فعله لأن المعنى واحد.
وتقول: كسوت زيداً ثوباً فتجاوز إلى مفعول آخر وتقول: كسى زيد ثوباً فلا تجاوز الثوب لأن الأول بمنزلة المنصوب لأن المعنى واحد وإن كان لفظه لفظ الفاعل. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:38 am | |
| هذا باب المفعول الذي يتعداه فعله إلى مفعولين وليس لك أن تقتصر على أحدهما دون الآخر.
وذلك قولك: نبئت زيداً أبا فلان.
لما كان الفاعل يتعدى إلى ثلاثة تعدى المفعول إلى اثنين.
وتقول أرى عبد الله أبا فلان لأنك لو أدخلت في هذا الفعل الفاعل وبنيته له لتعداه فعله إلى ثلاثة مفعولين.
واعلم أن الأفعال إذا انتهت ههنا فلم تجاوز تعدت إلى جميع ما تعدى إليه الفعل الذي لا يتعدى المفعول.
وذلك قولك: أعطى عبد الله الثوب إعطاء جميلاً ونبئت زيداً أبا فلان تنبيئاً حسناً وسرق عبد الله الثوب الليلة لا تجعله ظرفاً ولكن على قولك يا مسروق الليلة الثوب صير فعل المفعول والفاعل حيث انتهى فعلهما بمنزلة الفعل الذي لا يتعدى فاعله ولا مفعوله ولم يكونا ليكونا بأضعف من الفعل الذي لا يتعدى. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 12:40 am | |
| هذا باب ما يعمل فيه الفعل فينتصب وهو حال وقع فيه الفعل وليس بمفعول كالثوب في قولك كسوت الثوب وفي قولك كسوت زيداً الثوب لأن الثوب ليس بحال وقع فيها الفعل ولكنه مفعول كالأول.
ألا ترى أنه يكون معرفة ويكون معناه ثانياً كمعناه أولاً إذا قلت كسوت الثوب وكمعناه إذا كان بمنزل الفاعل إذا قلت كسى الثوب.
وذلك قولك: ضربت عبد الله قائماً وذهب زيد راكباً.
فلو كان بمنزلة المفعول الذي يتعدى إليه فعل الفاعل نحو عبد الله وزيد ما جاز في ذهبت ولجاز أن تقول ضربت زيداً أباك وضربت زيداً القائم لا تريد بالأب ولا بالقائم الصفة "ولا البدل" فالاسم الأول المفعول في ضربت قد حال بينه وبين الفعل أن يكون فيه بمنزلته كما حال الفاعل بينه وبين الفعل في ذهب أن يكون فاعلاً وكما حالت الأسماء المجرورة بين ما بعدها وبين الجار في قولك: لي مثله رجلاً ولي ملؤه عسلاً وكذلك ويحه فارساً وكما منعت النون في عشرين أن يكون ما بعدها جراً إذا قلت: له عشرون درهماً.
فعمل الفعل هنا فيما يكون حالاً كعمل مثله فيما بعده ألا ترى أنه لا يكون إلا نكرة كما أن هذا لا يكون إلا نكرة ولو كان هذا بمنزلة الثوب وزيد في كسوت لما جاز ذهبت راكباً لأنه لا يتعدى إلى مفعول كزيد وعمرو.
وإنما جاز هذا لأنه حال وليس معناه كمعنى الثوب وزيد فعمل كعمل غير الفعل ولم يكن أضعف منه إذ كان يتعدى إلى ما ذكرت من الأزمنة والمصادر ونحوه.
واسم الفاعل والمفعول فيه لشيء واحد فمن ثم ذكر على حدته ولم يذكر مع الأول ولا يجوز فيه الاقتصار على الفاعل كما لم يجز في ظننت الاقتصار على المفعول الأول لأن حالك في الاحتياج إلى الآخر ههنا كحالك في الاحتياج إليه ثمة." |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 1:09 am | |
| هذا باب الفعل الذي يتعدى اسم الفاعل إلى اسم المفعول وسنبين لك إن شاء الله. وذلك قولك: كان ويكون وصار وما دام وليس وما كان نحوهن من الفعل مما لا يستغنى عن الخبر.
تقول: كان عبد الله أخاك فإنما أردت أن تخبر عن الأخوة وأدخلت كان لتجعل ذلك فيما مضى.
وذكرت الأول كما ذكرت المفعول الأول في ظننت.
وإن شئت قلت: كان أخاك عبد الله فقدمت وأخرت كما فعلت ذلك في ضرب لأنه فعل مثله وحال التقديم والتأخير فيه كحاله في ضرب إلا أن اسم الفاعل والمفعول فيه لشيء واحد.
وتقول: كناهم كما تقول ضربناهم وتقول: إذا لم نكنهم فمن ذا يكونهم كما تقول إذا لم نضربهم فمن يضربهم.
قال أبو الأسود الدؤلي: فإن لا يكنها أو تكنه فإنه أخوها غذته أمه بلبانها فهو كائن ومكون كما تقول ضارب ومضروب.
وقد يكون لكان موضع آخر يقتصر على الفاعل فيه تقول: قد كان عبد الله أي قد خلق عبد الله.
وقد كان الأمر أي وقع الأمر.
وقد دام فلان أي ثبت.
كما تقول رأيت زيداً تريد رؤية العين وكما تقول أنا وجدته تريد وجدان الضالة وكما يكون أصبح وأمسى مرة بمنزلة كان ومرة بمنزلة قولك استيقظوا وناموا.
فأما ليس فإنه لا يكون فيها ذلك لأنها وضعت موضعاً واحدا ومن ثم لم تصرف تصرف الفعل الآخر.
فمما جاء على وقع قوله وهو مقاس العائذي: "أي إذا وقع".
وقال الآخر عمرو بن شأس: بني أسد هل تعلمون بلاءنا إذا كان يوماً ذا كواكب أشنعا إذا كانت الحو الطوال كأنما كساها السلاح الأرجوان المضلعا أضمر لعلم المخاطب بما يعنى وهو اليوم.
وسمعت بعض العرب يقول أشنعا ويرفع ما قبله كأنه قال: إذا وقع يوم ذو كواكب أشنعا.
واعلم أنه إذا وقع في هذا الباب نكرة ومعرفة فالذي تشغل به كان المعرفة لأنه حد الكلام لأنهما شيء واحد وليس بمنزلة قولك: ضرب رجل زيداً لأنهما شيئان مختلفان وهما في كان بمنزلتهما في الابتداء إذا قلت عبد الله منطلق. تبتدئ بالأعرف ثم تذكر الخبر وذلك قولك: كان زيد حليماً وكان حليماً زيد لا عليك أقدمت أم أخرت إلا أنه على ما وصفت لك في قولك: ضرب زيداً عبد الله.
فإذا قلت: كان زيد فقد ابتدأت بما هو معروف عنده مثله عندك فإنما ينتظر الخبر.
فإذا قلت: حليماً فقد أعلمته مثل ما علمت. فإذا قلت كان حليماً فإنما ينتظر أن تعرفه صاحب الصفة فهو مبدوء به في الفعل وإن كان مؤخراً في اللفظ.
فإن قلت: كان حليم أو رجل فقد بدأت بنكرة ولا يستقيم أن تخبر المخاطب عن المنكور وليس هذا بالذي ينزل به المخاطب منزلتك في المعرفة فكرهوا أن يقربوا باب لبس. وقد تقول: كان زيد الطويل منطلقاً إذا خفت التباس الزيدين وتقول: أسفيها كان زيد أم حليماً وأرجلاً كان زيد أم صبياً تجعلها لزيد لأنه إنما ينبغي لك أن تسأله عن خبر من هو معروف عنده كما حدثته عن خبر من هو معروف عندك فالمعروف هو المبدوء به.
ولا يبدأ بما يكون فيه اللبس وهو النكرة.
ألا ترى أنك لو قلت: كان إنسان حليماً أو كان رجل منطلقاً كنت تلبس لأنه لا يستنكر أن يكون في الدنيا إنسان هكذا فكرهوا أن يبدءوا بما فيه اللبس ويجعلوا المعرفة خبراً لما يكون فيه هذا اللبس.
وقد يجوز في الشعر وفي ضعف من الكلام.
حملهم على ذلك أنه فعل بمنزلة ضرب وأنه قد يعلم إذا ذكرت زيداً وجعلته خبراً أنه صاحب الصفة على ضعف من الكلام وذلك قول خداش بن زهير: فإنك لا تبالي بعد حول أظبي كان أمك أم حمار وقال حسان بن ثابت: كأن سبيئة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء وقال أبو قيس بن الأسلت الأنصاري: ألا من مبلغ حسان عني أسحر كان طبك أم جنون أسكران كان ابن المراغة إذ هجا تميماً بجوف الشام أم متساكر فهذا إنشاء بعضهم.
وأكثرهم ينصب السكران ويرفع الآخر على قطع وابتداء. وإذا كان معرفة فأنت بالخيار: أيهما ما جعلته فاعلاً رفعته ونصبت الآخر كما فعلت ذلك في ضرب وذلك قولك: كان أخوك زيداً وكان زيد صاحبك وكان هذا زيداً وكان المتكلم أخاك.
وتقول: من كان أخاك ومن كان أخوك كما تقول: من ضرب أباك إذا جعلت من الفاعل ومن ضرب أبوك إذا جعلت الأب الفاعل.
وكذلك أيهم كان أخاك وأيهم كان أخوك.
وتقول: ما كان أخاك إلا زيد كقولك ما ضرب أخاك إلا زيد. ومثل ذلك قوله عز وجل: "ما كان حجتهم إلا أن قالوا ": "وما كان جواب قومه إلا أن قالوا".
وقال الشاعر: وقد علم الأقوام ما كان داءها بثهلان إلا الخزي ممن يقودها وإن شئت رفعت الأول كما تقول: ما ضرب أخوك إلا زيداً.
و "قد" قرأ بعض القراء ما ذكرنا بالرفع.
ومثل قولهم: من كان أخاك قول العرب ما جاءت حاجتك كأنه قال: ما صارت حاجتك ولكنه أدخل التأنيث على ما حيث كانت الحاجة كما قال بعض العرب: من كانت أمك حيث أوقع من على مؤنث.
وإنما صير جاء بمنزلة كان في هذا الحرف وحده لأنه كان بمنزلة المثل كما جعلوا عسى بمنزلة كان في قولهم: "عسى الغوير أبؤساً" ولا يقال: عسيت أخانا.
وكما جعلوا لدن مع غدوة منونة في قولهم لدن غدوة.
ومن كلامهم أن يجعلوا الشيء في موضع على غير حاله في سائر الكلام وسترى مثل ذلك إن شاء الله.
ومن يقول من العرب: ما جاءت حاجتك كثير كما يقول من كانت أمك.
ولم يقولوا ما جاء حاجتك كما قالوا من كان أمك لأنه بمنزلة المثل فألزموه التاء كما اتفقوا على لعمر كان في اليمين. وزعم يونس أنه سمع رؤبة يقول: ما جاءت حاجتك فيرفع.
ومثل قولهم ما جاءت حاجتك إذ صارت تقع على مؤنث قراءة بعض القراء: "ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا" و "تلتقطه بعض السيارة".
وربما قالوا في بعض الكلام: ذهبت بعض أصابعه وإنما أنث البعض لأنه أضافه إلى مؤنث هو منه ولو لم يكن منه لم يؤنثه لأنه لو قال: ذهبت عبد أمك لم يحسن.
ومما جاء مثله في الشعر قول الشاعر الأعشى: وتشرق بالقول الذي قد أذعته كما شرقت صدر القناة من الدم إذا بعض السنين تعرقتنا كفى الأيتام فقد أبى اليتيم لأن "بعض" ههنا سنون.
ومثله قول جرير أيضاً: لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع ومثله قول ذي الرمة: مشين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها مر الرياح النواسم وقال العجاج: طول الليالي أسرعت في نقضى وسمعنا من العرب من يقول ممن يوثق به: اجتمعت أهل اليمامة لأنه يقول في كلامه: اجتمعت اليمامة يعني أهل اليمامة فأنث الفعل في اللفظ إذ جعله في اللفظ لليمامة فترك اللفظ يكون على ما يكون عليه في سعة الكلام.
ومثل "في هذا" يا طلحة أقبل لأن أكثر ما يدعو طلحة بالترخيم فترك الحاء على حالها.
ويا تيم تيم عدي أقبل.
وقال الشاعر جرير: يا تيم تيم عدي لا أبا لكم لا يلقينكم في سوءة عمر وسترى هذا مبيناً في مواضعه إن شاء الله.
وترك التاء في جميع هذا " الحد والوجه.
وسترى ما "إثبات التاء فيه حسن إن شاء الله" من هذا النحو لكثرته في كلامهم.
وسيبين في بابه".
فإن قلت: من ضربت عبد أمك أو هذه عبد زينب لم يجز لأنه ليس منها ولا بها ولا يجوز أن تلفظ بها و "أنت" تريد العبد هذا باب تخبر فيه عن النكرة بنكرة وذلك قولك: ما كان أحد مثلك وما كان أحد خيراً منك وما كان أحد مجترئاً عليك.
وإنما حسن الإخبار ههنا عن النكرة حيث أردت أن تنفي أن يكون في مثل حاله شيء أو فوقه ولأن المخاطب قد يحتاج إلى أن تعلمه مثل هذا.
وإذا قلت كان رجل ذاهباً فليس في هذا شيء تعلمه كان جهله.
ولو قلت كان رجل من آل فلان فارساً حسن لأنه قد يحتاج إلى أن تعلمه أن ذاك في آل فلان وقد يجهله.
ولو قلت كان رجل في قوم عاقلاً لم يحسن لأنه لا يستنكر أن يكون في الدنيا عاقل وأن يكون من قوم.
فعلى هذا النحو يحسن ويقبح.
ولا يجوز لأحد أن تضعه في موضع واجب لو قلت كان أحد من آل فلان لم يجز لأنه إنما وقع في كلامهم نفياً عاماً.
يقول الرجل: أتاني رجل يريد واحداً في العدد لا اثنين فيقال: ما أتاك رجل أي أتاك أكثر من ذلك أو يقول أتاني رجل لا امرأة فيقال: ما أتاك رجل أي امرأة أتتك.
ويقول: أتاني اليوم رجل أي في قوته ونفاذه فتقول: ما أتاك رجل أي أتاك الضعفاء.
فإذا قال: ما أتاك أحد صار نفياً "عاماً" لهذا كله فإنما مجراه في الكلام هذا.
ولو قال: ما كان مثلك أحداً أو ما كان زيد أحداً كان ناقضاً لأنه قد علم أنه لا يكون زيد ولا مثله إلا من الناس.
ولو قلت ما كان مثلك اليوم أحد فإنه يكون أن لا يكون في اليوم إنسان على حاله إلا أن تقول: ما كان زيد أحداً أي من الأحدين.
وما كان مثلك أحد على وجه تصغيره فتصير كأنك قلت: ما ضرب زيد أحداً وما قتل مثلك أحداً.
والتقديم والتأخير في هذا بمنزلته في المعرفة وما ذكرت لك من الفعل.
وحسنت النكرة "ههنا" في هذا الباب لأنك لم تجعل الأعرف في موضع الأنكر وهما متكافئان كما تكافأت المعرفتان ولأن المخاطب قد يحتاج إلى علم ما ذكرت لك وقد عرف من تعنى بذلك كمعرفتك.
وتقول: ما كان فيها أحد خير منك وما كان أحد مثلك فيها وليس أحد فيها خير منك إذا جعلت فيها مستقراً ولم تجعله على قولك فيها زيد قائم أجريت الصفة على الاسم.
فإن جعلته على قولك فيها زيد قائم "نصبت" تقول: ما كان فيها أحد خيراً منك وما كان أحد خيراً منك فيها إلا أنك إذا أردت الإلغاء فكلما أخرت الذي تلغيه كان أحسن.
وإذا أردت أن يكون مستقراً تكتفي به فكلما قدمته كان أحسن لأنه إذا كان عاملاً في شيء قدمته كما تقدم أظن وأحسب وإذا ألغيت أخرته كما تؤخرهما لأنهما ليسا يعملان شيئاً.
والتقديم ههنا والتأخير " فيما يكون ظرفاً أو يكون اسماً في العناية والاهتمام مثله فيما ذكرت لك في باب الفاعل والمفعول.
وجميع ما ذكرت لك من التقديم والتأخير " والإلغاء والاستقرار عربي جيد كثير فمن ذلك قوله عز وجل: "ولم يكن له كُفُوًا أحد".
وأهل الجفاء من العرب يقولون: ولم يكن كفواً له أحد كأنهم أخروها حيث كانت غير مستقرة.
وقال الشاعر: لتقربن قرباً جلذياً ما دام فيهن ** فصل حيا فقد دجا الليل فهيا هيا هذا باب ما أجري مجرى ليس في بعض المواضع بلغة أهل الحجاز ثم يصير إلى أصله وذلك الحرف "ما".
تقول: ما عبد الله أخاك وما زيد منطلقاً.
وأما بنو تميم فيجرونها مجرى أما وهل أي لا يعلمونها في شيء وهو القياس لأنه ليس بفعل وليس ما كليس ولا يكون فيها إضمار.
وأما أهل الحجاز فيشبهونها بليس إذ كان معناها كمعناها كما شبهوا بها لات في بعض المواضع وذلك مع الحين خاصة لا تكون لات إلا مع الحين تضمر فيها مرفوعاً وتنصب الحين لأنه مفعول به ولم تمكن تمكنها ولم تستعمل إلا مضمراً فيها لأنها ليس كليس في المخاطبة والإخبار عن غائب تقول لست "ولست" وليسوا وعبد الله ليس ذاهباً فتبنى على المبتدأ وتضمر فيه ولا يكون هذا في لات لا تقول: عبد الله لات منطلقاً ولا قومك لاتوا منطلقين.
ونظير لات في أنه لا يكون إلا مضمراً فيه: ليس ولا يكون في الاستثنار إذا قلت أتوني ليس زيداً ولا يكون بشراً. وزعموا أن بعضهم قرأ: "ولات حين مناص" وهي قليلة كما قال بعضهم في قول سعد بن مالك القيسي: من فر عن نيرانها فأنا ابن قيس لا براح جعلها بمنزلة ليس فهي بمنزلة لات في هذا الموضع في الرفع.
ولا يجاوز بها هذا الحين رفعت أو نصبت ولا تمكن في الكلام كتمكن ليس وإنما هي مع الحين كما أن لدن إنما ينصب بها مع غدوة وكما أن التاء لا تجر في القسم ولا في غيره إلا في الله إذا قلت تالله لأفعلن.
ومثل ذلك قوله عز وجل: " ما هذا بشراً " في لغة أهل الحجاز.
وبنو تميم يرفعونها إلا من درى كيف هي في المصحف.
فإذا قلت: ما منطلق عبد الله أو ما مسئ من أعتب رفعت. ولا يجوز أن يكون مقدماً مثله مؤخراً كما أنه لا يجوز أن تقول: إن أخوك عبد الله على حد قولك: إن عبد الله أخوك لأنها ليست بفعل وإنما جعلت بمنزلته فكما لم تتصرف إن كالفعل كذلك لم يجز فيها كل ما يجوز فيه ولم تقو قوته فكذلك ما.
وتقول: ما زيد إلا منطلق تستوي فيه اللغتان.
ومثله قوله عز وجل: " ما أنتم إلا بشر مثلنا " لما تقو ما حيث نقضت معنى ليس كما لو تقو حين قدمت الخبر.
فمعنى ليس النفي كما أن معنى كان الواجب وكل واحد منهما يعني وكان وليس إذا جردته فهذا معناه.
فإن قلت ما كان أدخلت عليها ما ينفى به.
فإن قلت ليس زيد إلا ذاهباً أدخلت ما يوجب كما أدخلت ما ينفي.
فلم تقو ما في باب قلب المعنى كما لم تقو في تقديم الخبر.
وزعموا أن بعضهم قال وهو الفرزدق: فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم إذ هم قريش وإذا ما مثلهم بشر وهذا لا يكاد يعرف كما أن " لات حين مناص " كذلك.
ورب شيء هكذا وهو كقول بعضهم: هذه ملحفة جديدة في القلة.
وتقول: ما عبد الله خارجاً ولا معن ذاهب ترفعه على أن لا تشرك الاسم الآخر في ما ولكن تبتدئه كما تقول: ما كان عبد الله منطلقاً ولا زيد ذاهب إذا لم تجعله على كان وجعلته غير ذاهب الآن.
وكذلك ليس.
وإن شئت جعلتها لا التي يكون فيها الاشتراك فتنصب كما تقوم في كان: ما كان زيد ذاهباً ولا عمرو منطلقاً.
وذلك قولك: ليس زيد ذاهباً ولا أخوك منطلقاً وكذلك ما زيد ذاهباً ولا معن خارجاً.
وليس قولهم لا يكون في ما إلا الرفع بشيء لأنهم يحتجون بأنك لا تستطيع أن تقول ولا ليس ولا ما فأنت تقول ليس زيد ولا أخوه ذاهبين وما عمرو ولا خالد منطلقين فتشركه مع الأول في ليس وفي ما.
فما يجوز في كان إلا أنك إن حملته على الأول أو ابتدأت فالمعنى أنك تنفي شيئاً غير كائن في حال حديثك.
وكان " الابتداء " في كان أوضح لأن المعنى يكون على ما مضى وعلى ما هو الآن.
وليس يمتنع أن يراد به الأول كما أردت في كان.
ومثل ذلك قولك إن زيداً ظريف وعمرو وعمراً فالمعنى في الحديث واحد وما يراد من الإعمال مختلف " في كان وليس وما ".
وتقول: ما زيد كريماً ولا عاقلاً أبوه تجعله كأنه للأول بمنزلة كريم لأنه ملتبس به إذا قلت أبوه تجريه عليه كما أجريت عليه الكريم لأنك لو قلت: ما زيد عاقلاً أبوه نصبت وكان كلاماً.
وتقول: ما زيد ذاهباً ولا عاقل عمرو لأنك لو قلت ما زيد عاقلاً عمرو لم يكن كلاماً لأنه ليس من سببه فترفعه على الابتداء والقطع من الأول كأنك قلت: وما عاقل عمرو.
ولو جعلته من سببه لكان فيه له إضمار كالهاء في الأب ونحوها ولم يجز نصبه على ما لأنك لو ذكرت ما ثم قدمت الخبر لم يكن إلا رفعاً.
وإن شئت قلت: ما زيد ذهباً ولا كريم أخوه إن ابتدأته ولم تجعله على ما كما فعلت ذلك حين بدأت بالاسم.
ولكن ليس وكان يجوز فيهما النصب وإن قدمت الخبر ولم يكن ملتبساً لأنك لو ذكرتهما كان الخبر فيهما مقدماً مثله مؤخراً وذلك قولك: ما كان زيد ذاهباً ولا قائماً عمرو. وتقول ما زيد ذاهباً ولا محسن زيد الرفع أجود وإن كنت تريد الأول لأنك لو قلت ما زيد منطلقاً زيد لم يكن حد الكلام وكان ههنا ضعيفاً ولم يكن كقولك ما زيد منطلقاً هو لأنك قد استغنيت عن إظهاره وإنما ينبغي لك أن تضمره.
ألا ترى أنك لو قلت ما زيد منطلقاً أبو زيد لم يكن كقولك ما زيد منطلقاً أبوه لأنك قد استغنيت عن الإظهار فلما كان هذا كذلك أجري مجرى الأجنبي واستؤنف على حاله حيث كان هذا ضعيفاً فيه.
وقد يجوز أن تنصب.
قال الشاعر وهو سواد ابن عدي: لا أرى الموت يسبق الموت شيء نغص الموت ذا الغنى والفقيرا فأعاد الإظهار. وقال الجعدي: إذا الوحش ضم الوحش في ظللاتها سواقط من حر وقد كان أظهرا لعمرك ما معن بتارك حقه ولا منسئ معن ولا متيسر وإذا قلت: ما زيد منطلقاً أبو عمرو وأبو عمرو أبوه لم يجز لأنك لم تعرفه به ولم تذكر له إضماراً ولا إظهاراً فيه فهذا لا يجوز لأنك لم نجعل له فيه سبباً.
وتقول: ما أبو زينب ذاهباً ولا مقيمة أمها ترفع لأنك لو قلت: ما أبو زينب مقيمةً أمها لم يجز لأنها ليست من سببه وإنما عملت ما فيه لا في زينب.
ومن ذلك قول الشاعر وهو الأعور الشني: هون عليك فإن الأمور بكف الإله مقاديرها فليس بآتيك منهيها ولا قاصر عنك مأمورها لأنه جعل المأمور من سبب الأمور ولم يجعله من سبب المذكر وهو المنهي.
وقد جره قوم فجعلوه المأمور للمنهي والمنهى هو الأمور لأنه من الأمور وهو بعضها فأجراه وأنثه كما قال جرير: إذا بعض السنين تعرقتنا كفى الأيتام فقد أبي اليتيم ومثل ذلك قول الشاعر النابغة الجعدي: فليس بمعروف لنا أن نردها صحاحاً ولا مستنكر أن تعقرا كأنه قال: ليس بمعروف لنا ردها صحاحاً ولا مستنكر عقرها والعقر ليس للرد.
وقد يجوز أن يجر ويحمله على الرد ويؤنث لأنه من الخيل كما قال ذو الرمة: مشين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها من الرياح النواسم كأنه قال: تسفهتها الرياح وكأنه قال: ليس بآتيتك منهيها وليس بمعروفةٍ ردها حين كان من الخيل والخيل مؤنثة فأنث.
ومثل هذا قوله تعالى جده: " بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " أجرى الأول على لفظ الواحد والآخر على المعنى.
هذا مثله في أنه تكلم به مذكراً ثم أنث كما جمع ههنا وهو في قوله ليس بآتيتك منهيها كأنه قال: ليس بآتيتك الأمور.
وفي ليس بمعرفة ردها كأنه قال: ليس بمعرفة خيلنا صحاحاً.
وإن شئت نصبت فقلت: ولا مستنكراً أن تعقرا ولا قاصراً عنك مأمورها على قولك: ليس زيد ذاهباً ولا عمرو ومنطلقاً أو ولا منطلقاً عمرو.
وتقول: ما كل سوداء تمرةً ولا بيضاء شحمة وإن شئت نصبت شحمةً. وبيضاء في موضع جر كأنك أظهرت كل فقلت ولا كل بيضاءً.
قال الشاعر أبو داود: أكل امرئٍ تحسبين امرأ ونار توقد بالليل نارا فاستغنيت عن تثنية كل لذكرك إياه في أول الكلام ولقلة التباسه على المخاطب.
وجاز كما جاز في قولك: ما مثل عبد الله يقول ذاك ولا أخيه وإن شئت قلت: ولا مثل أخيه.
فكما جاز في جمع الخبر كذلك يجوز في تفريقه.
وتفريقه أن تقول: ما مثل عبد الله يقول ذاك ولا أخيه يكره ذاك.
ومثل ذلك ما مثل أخيك ولا أبيك يقولان ذاك.
فلما جاز في هذا جاز في ذلك.
هذا باب ما يجري على الموضع لا على الاسم الذي قبله وذلك قولك: ليس زيد بجبان ولا بخيلاً وما زيد بأخيك ولا صاحبك.
والوجه فيه الجر لأنك تريد أن تشرك بين الخبرين وليس ينقض إجراؤه عليك المعنى.
وأن يكون آخره على أوله أولى ليكون حالهما في الباء سواءً كحالهما في غير الباء مع قربه منه.
وقد حملهم قرب الجوار على أن جروا: هذا جحر ضبٍ خربٍ ونحوه فكيف ما يصح معناه.
ومما جاء من الشعر في الإجراء على الموضع قول عقيبة الأسدي: لأن الباء دخلت على شيء لو لم تدخل عليه لم يخل بالمعنى ولم يحتج إليها وكان نصباً.
ألا ترى أنهم يقولون حسبك هذا وبحسبك هذا فلم تغير الباء معنى.
وجرى هذا مجراه قبل أن تدخل الباء لأن بحسبك في موضع ابتداءٍ.
ومثل ذلك قول لبيد: فإن لم تجد من دون عدنان والداً ودون معدٍ فلتزعك العواذل والجر الوجه.
ولو قلت: ما زيد على قومنا ولا عندنا كان النصب ليس غير لأنه لا يجوز حمله على على.
ألا ترى أنك لو قلت: ولا على عندنا لم يكن لأن عندنا لا تستعمل إلا ظرفاً وإنما أزدت أن تخبر أنه ليس عندكم.
وتقول: أخذتنا بالجود وفوقه لأنه ليس من كلامهم وبفوقه. ومثل ودون معدٍ قول الشاعر وهو كعب بن جعيل: ألا حي ندماني عمير بن عامر إذا ما تلاقينا من اليوم أو غدا وقال العجاج: كشحا طوى من بلد مختاراً من يأسه اليائس أو حذارا وتقول: ما زيد كعمرو ولا شبيهاً به وما عمرو كخالدٍ ولا مفلحاً النصب في هذا جيد لأنك إنما تريد ما هو مثل فلان ولا مفلحاً.
هذا وجه الكلام.
فإن أردت أن تقول ولا بمنزلة من يشبهه جررت وذلك قولك ما أنت كزيد ولا شبيهٍ به فإنما أردت ولا كشبيهٍ به.
وإذا قلت ما أنت بزيد ولا قريباً منه فإنه ليس ههنا معنى بالباء لم يكن قبل أن تجئ بها وأنت إذا ذكرت الكاف تمثل.
وتكون قريباً ههنا إن شئت ظرفاً.
فإن لم تجعل قريباً ظرفاً جاز فيه الجر على الباء والنصب على الموضع. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 6:24 am | |
| هذا باب الإضمار في ليس وكان كالإضمار في إن إذا قلت: إنه من يأتينا نأته وإنه أمة الله ذاهبة.
فمن ذلك قول بعض العرب: ليس خلق الله مثله.
فلولا أن فيه إضماراً لم يجز أن تذكر الفعل ولم تعمله في اسم ولكن فيه الإضمار مثل ما في إنه.
وسوف نبين حال هذا في الإضمار وكيف هو إن شاء الله. قال الشاعر وهو حميد الأرقط: فأصبحوا والنوى عالي معرسهم وليس كل النوى تلقى المساكين فلو كان كل على ليس ولا إضمار فيه لم يكن إلا الرفع في كل ولكنه انتصب على تلقى.
ولا يجوز أن تحمل المساكين على ليس وقد قدمت فجعلت الذي يعمل فيه الفعل الآخر يلي الأول وهذا لا يحسن.
لو قلت كانت زيداً الحمى تأخذ أو تأخذ الحمى لم يجز وكان قبيحاً.
ومثل ذلك في الإضمار قول بعض الشعراء العجير سمعناه ممن يوثق بعربيته: إذا مت كان الناس صنفان: شامت وآخر مثن بالذي كنت أصنع أضمر فيها.
وقال بعضهم: كان أنت خير منه كأنه قال إنه أنت خير منه. ومثله: كاد تزيغ قلوب فريق منهم وجاز هذا التفسير لأن معناه كادت قلوب فريق منهم تزيغ كما قلت: ما كان الطيب إلا المسك على إعمال ما كان الأمر الطيب إلا المسك فجاز هذا إذ كان معناه ما الطيب إلا المسك.
وقال هشام أخو ذي الرمة: هي الشفاء لدائي لو ظفرت بها وليس منها شفاء الداء مبذول ولا يجوز ذا في ما في لغة أهل الحجاز لأنه لا يكون فيه إضمار.
ولا يجوز أن تقول: ما زيداً عبد الله إضماراً وما زيداً أنا قاتلاً لأنه لا يستقيم كما لم يستقيم في كان وليس أن تقدم ما يعمل فيه الآخر.
فإن رفعت الخبر حسن حمله على اللغة التميمية كما قلت: أما زيداً فأنا ضاربٌ كأنك لم تذكر أما وكأنك لم تذكر ما وكأنك قلت: وقال مزاحم العقيلي: وقالوا تعرفها المنازل من منى وما كل من وافى منى أنا عارف وقال بعضهم: وما كل من وافى منى أنا عارف لزم اللغة الحجازية فرفع كأنه قال: ليس عبد الله أنا عارف فأضمر الهاء في عارف.
وكان الوجه عارفه حيث لم يعمل عارف في كل وكان هذا أحسن من التقديم والتأخير لأنهم قد يدعون هذه الهاء في كلامهم وفي الشعر كثيراً وذلك ليس في شيء من كلامهم ولا يكاد يكون في شعر.
وسترى ذلك إن شاء الله.
هذا باب ما يعمل عمل الفعل ولم يجر مجرى الفعل ولم يتمكن تمكنه وذلك قولك ما أحسن عبد الله.
زعم الخليل أنه بمنزلة قولك: شيء أحسن عبد الله ودخله معنى التعجب.
وهذا تمثيل ولم يتكلم به.
ولا يجوز أن تقدم عبد الله وتؤخر ما ولا تزيل شيئاً عن موضعه ولا تقول فيه ما يحسن ولا شيئاً مما يكون في الأفعال سوى هذا.
وبناؤه أبداً من فعل وفعل وفعل وأفعل هذا لأنهم لم يريدوا أن يتصرف فجعلوا له مثالاً واحداً يجري عليه فشبه هذا بما ليس من الفعل نحو لات وما.
وإن كان من حسن وكرم وأعطى كما قالوا أجدل فجعلوه اسماً وإن كان من الجدل وأجري مجرى أفكل.
ونظير جعلهم ما وحدها اسماً قول العرب: إني مما أن أصنع أي من الأمر أن أصنع فجعل ما وحدها اسماً.
ومثل ذلك غسلته غسلاً نعماً أي نعم الغسل. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 6:32 am | |
| هذا باب الفاعلين والمفعولين اللذين كل واحد منهما يفعل بفاعله مثل الذي يفعل به وما كان نحو ذلك وهو قولك: ضربت وضربني زيد وضربني وضربت زيداً تحمل الاسم على الفعل الذي يليه.
فالعامل في اللفظ أحد الفعلين وأما في المعنى فقد يعلم أن الأول قد وقع إلا أنه لا يعمل في اسم واحد نصب ورفع.
وإنما كان الذي يليه أولى لقرب جواره وأنه لا ينقض معنى وأن المخاطب قد عرف أن الأول قد وقع بزيد كما كان خشنت بصدره وصدر زيدٍ وجه الكلام حيث كان الجر في الأول وكانت الباء أقرب إلى الاسم من الفعل ولا تنقض معنىً سووا بينهما في الجر كما يستويان في النصب.
ومما يقوى ترك نحو هذا لعلم المخاطب قوله عز وجل: "والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات" فلم يعمل الآخر فيما عمل فيه الأول استغناءً عنه ومثل ذلك: ونخلع ونترك من يفجرك.
وجاء في الشعر من الاستغناء أشد من هذا وذلك قول قيس بن الخطيم: وقال ضابيء البرجمي: فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وقياراً بها لغريب وقال أبن أحمر: رماني بأمرٍ كنت منه ووالدي بريئاً ومن أجل الطوى رماني فوضع في موضع الخبر لفظ الواحد لأنه قد علم أن المخاطب سيستدل به على أن الآخرين في هذه الصفة.
والأول أجود لأنه لم يضع واحداً في موضع جمع ولا جمعاً في موضع واحد.
ومثله قول الفرزدق: إني ضمنت لمن أتاني ما جنى وأبي فكان وكنت غير غدور ترك أن يكون للأول خبر حين استغنى بالآخر لعلم المخاطب أن الأول قد دخل في ذلك.
ولو تحمل الكلام على الآخر لقلت: ضربت وضربوني قومك وإنما كلامهم: ضربت وضربني قومك.
وإذا قلت ضربني لم يكن سبيل للأول لأنك لا تقول ضربني وأنت تجعل المضمر جميعاً ولو أعملت الأول لقلت مررت ومر بي بزيد.
وإنما قبح هذا أنهم قد جعلوا الأقرب أولى إذا لم ينقض معنىً.
قال الشاعر وهو الفرزدق: ولكن نصفاً لو سببت وسبني بنو عبد شمس من مناف وهاشم وكمتاً مدماةً كأن متونها جرى فوقها واستشعرت لون مذهب وقال رجل من باهلة: ولقد أرى تغنى به سيفانة تصبي الحليم ومثلها أصباه فالفعل الأول في كل هذا معمل في المعنى وغير معمل في اللفظ والآخر معمل في اللفظ والمعنى.
فإن قلت: ضربت وضربوني قومك نصبت إلا في قول من قال: أكلوني البراغيث أو تحمله على البدل فتجعله بدلاً من المضمر كأنك قلت: ضربت وضربني ناس بنو فلان.
وعلى هذا الحد تقول: ضربت وضربني عبد الله تضمر في ضربني كما أضمرت في ضربوني.
فإن قلت: ضربني وضربتهم قومك رفعت لأنك شغلت الآخر فأضمرت فيه كأنك قلت ضربني قومك وضربتهم على التقديم والتأخير إلا أن تجعل ههنا البدل كما جعلته في الرفع.
فإن فعلت ذلك لم يكن بد من ضربوني لأنك تضمر فيه الجمع.
قال عمر بن أبي ربيعة: إذا هي لم تستك بعود أراكة تنخل فاستاكت به عود إسحل لأنه أضمر في آخر الكلام.
وقال المرار الأسدي: فرد على الفؤاد هوى عميداً وسوئل لو يبين لنا سؤالا وقد نغني بها ونرى عصوراً بها يقتدننا الخرد الخدالا وإذا قلت: ضربوني وضربتهم قومك جعلت القوم بدلاً من هم لأن الفعل لا بد له من فاعل والفاعل ههنا جماعة وضمير الجماعة الواو.
وكذلك تقول: ضربوني وضربت قومك إذا أعملت الآخر فلا بد في الأول من ضمير الفاعل لئلا يخلو من فاعل.
وإنما قلت: ضربت وضربني قومك فلم تجعل في الأول الهاء والميم لأن الفعل قد يكون بغير مفعول ولا يكون الفعل بغير فاعل.
وقال امرؤ القيس: فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة كفاني ولم أطلب قليل من المال فإنما رفع لأنه لم يجعل القليل مطلوباً وإنما كان المطلوب عنده الملك وجعل القليل كافياً ولو لم يرد ونصب فسد المعنى.
وقد يجوز ضربت وضربني زيداً لأن بعضهم قد يقول: متى رأيت أو قلت زيداً منطلقاً والوجه متى رأيت أو قلت زيد منطلقٌ.
ومثل ذلك في الجواز ضربني وضربت قومك والوجه أن تقول: ضربوني وضربت قومك فتحمله على الآخر.
فإن قلت: ضربني وضربت قومك فجائز وهو قبيح أن تجعل اللفظ كالواحد كما تقول: هو أحسن الفتيان وأجمله وأكرم بنيه وأنبله.
ولا بد من هذا لأنه لا يخلو الفعل من مضمر أو مظهر مرفوع من الأسماء كأنك قلت إذا مثلته: ضربني من ثم وضربت قومك.
وترك ذلك أجود وأحسن للتبيان الذي يجيء بعده فأضمر من لذلك.
قال الأخفش: فهذا رديء في القياس يدخل فيه أن تقول: أصحابك جلس تضمر شيئاً يكون في اللفظ واحداً.
فقولهم: هو أظرف الفتيان وأجمله لا يقاس عليه ألا ترى أنك لو قلت وأنت تريد الجماعة: هذا غلام القوم وصاحبه لم يحسن.
هذا باب ما يكون فيه الاسم مبنياً على الفعل قدم أو أخر وما يكون فيه الفعل مبنياً على الاسم فإذا بنيت الاسم عليه قلت: ضربت زيداً وهو الحد لأنك تريد أن تعمله وتحمل عليه الاسم كما كان الحد ضرب زيد عمراً حيث كان زيد أول ما تشغل به الفعل.
وكذلك هذا إذا كان يعمل فيه.
وإن قدمت الاسم فهو عربيٌ جيد كما كان ذلك عربياً جيداً وذلك قولك: زيداً ضربت والاهتمام والعناية هنا في التقديم والتأخير سواء مثله في ضرب زيد عمراً وضرب فإذا بنيت الفعل على الاسم قلت: زيد ضربته فلزمته الهاء.
وإنما تريد بقولك مبنى عليه الفعل أنه في موضع منطلق إذا قلت: عبد الله منطلق فهو في موضع هذا الذي بني على الأول وارتفع به فإنما قلت عبد الله فنسبته له ثم بنيت عليه الفعل ورفعته بالابتداء.
ومثل ذلك قوله جل ثناؤه: " وأما ثمود فهديناهم " وإنما حسن أن يبنى الفعل على الاسم حيث كان معملاً في المضمر وشغلته به ولولا ذلك لم يحسن لأنك لم تشغله بشيء.
وإن شئت قلت: زيداً ضربته وإنما نصبه على إضمار فعل هذا يفسره كأنك قلت: ضربت زيداً ضربته إلا أنهم لا يظهرون هذا الفعل هنا للاستغناء بتفسيره.
فالاسم ها هنا مبني على هذا المضمر.
ومثل ترك إظهار الفعل ها هنا ترك الإظهار في الموضع الذي تقدم فيه الإضمار وستراه إن شاء الله.
وقد قرأ بعضهم: " وأما ثمود فهديناهم ".
وأنشدوا هذا البيت على وجهين: على النصب والرفع قال بشر بن أبي خازم: فأما تميم تميم بن مر فألفاهم القوم روبى نياما ومنه قول ذي الرمة: فالنصب عربيٌ كثيرٌ والرفع أجود لأنه إذا أراد الإعمال فأقرب إلى ذلك أن يقول: ضربت زيداً وزيداً ضربت ولا يعمل الفعل في مضمر ولا يتناول به هذا المتناول البعيد.
وكل هذا من كلامهم.
ومثل هذا: زيداً أعطيت وأعطيت زيداً وزيدٌ أعطيته لأن أعطيت بمنزلة ضربت.
وقد بين المفعول الذي هو بمنزلة الفاعل في أول الكتاب.
فإن قلت: زيد مررت به فهو من النصب أبعد من ذلك لأن المضمر قد خرج من الفعل وأضيف الفعل إليه بالباء ولم يوصل إليه الفعل في اللفظ فصار كقولك: زيد لقيت أخاه.
وإن شئت قلت: زيداً مررت به تريد أن تفسر به مضمراً كأنك قلت إذا مثلت ذلك: جعلت زيداً على طريقي مررت به ولكنك لا تظهر هذا الأول لما ذكرت لك.
وإذا قلت: زيد لقيت أخاه فهو كذلك وإن شئت نصبت لأنه إذا وقع على شيء من سببه فكأنه قد وقع به.
والدليل على ذلك أن الرجل يقول أهنت زيداً بإهانتك أخاه وأكرمته بإكرامك أخاه.
وهذا النحو في الكلام كثير يقول الرجل إنما أعطيت زيداً وإنما يريد لمكان زيد أعطيت فلاناً.
وإذا نصبت زيداً لقيت أخاه فكأنه قال: لا بست زيداً لقيت أخاه.
وهذا تمثيل ولا يتكلم به فجرى هذا على ما جرى عليه قولك أكرمت زيداً وإنما وصلت الأثرة إلى غيره.
والرفع في هذا أحسن وأجود لأن أقرب إلى ذلك أن تقول: مررت بزيد ولقيت أخا عمرو.
ومثل هذا في البناء على الفعل وبناء الفعل عليه أيهم وذلك قولهم: أيهم تر يأتك وأيهم تره يأتك.
والنصب على ما ذكرت لك لأنه كأنه قال: أيهم تر تره يأتك فهو مثل زيد في هذا الباب.
وقد يفارقه في أشياء كثيرةٍ ستبين إن شاء الله. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 6:35 am | |
| هذا باب ما يجري مما يكون ظرفاً هذا المجرى وذلك قولك يوم الجمعة ألقاك فيه وأقل يوم لا ألقاك فيه وأقل يوم لا أصوم فيه وخطيئة يوم لا أصيد فيه ومكانكم قمت فيه. فصارت هذه الأحرف ترتفع بالابتداء كارتفاع عبد الله وصار ما بعدها مبنياً عليها كبناء الفعل على الاسم الأول فكأنك قلت: يوم الجمعة مبارك ومكانكم حسن وصار الفعل في موضع هذا.
وإنما صار هذا كهذا حين صار في الآخر إضمار اليوم والمكان فخرج من أن يكون ظرفاً كما يخرج إذا قلت: يوم الجمعة مبارك فإذا قلت: يوم الجمعة صمته فصمته في موضع مبارك حيث كان المضمر هو الأول كما كان المبارك هو الأول.
ويدخل النصب فيه كما دخل في الاسم الأول ويجوز في ذلك يوم الجمعة آتيك فيه وأصوم فيه كما جاز في قولك: عبد الله مررت به كأنه قال: ألقاك يوم الجمعة فنصبه لأنه ظرف ثم فسر فقال ألقاك فيه.
وإن شاء نصبه على الفعل نفسه كما أعمل فيه الفعل الذي لا يتعدى إلى مفعول كل ذلك عربي جيد.
أو نصبه لأنه ظرف لفعل أضمره وكأنه قال: يوم الجمعة ألقاك.
والنصب في: يوم الجمعة صمته ويوم الجمعة سرته مثله في قولك: عبد الله ضربته إلا أنه إن شاء نصبه بأنه ظرف وإن شاء أعمل فيه الفعل كما أعمله في عبد الله لأنه يكون ظرفاً وغير ظرف.
ولا يحسن في الكلام أن يجعل الفعل مبنياً على الاسم ولا يذكر علامة إضمار الأول حتى يخرج من لفظ الإعمال في الأول ومن حال بناء الاسم عليه ويشغله بغير الأول حتى يمتنع من أن يكون يعمل فيه ولكنه قد يجوز في الشعر وهو ضعيف في الكلام.
قال الشاعر وهو أبو النجم العجلي: قد أصبحت أم الخيار تدعى على ذنباً كله لم أصنع فهذا ضعيف وهو بمنزلته في غير الشعر لأن النصب لا يسكر البيت ولا يخل به ترك إظهار الهاء.
وكأنه قال: كله غير مصنوع.
وقال امرؤ القيس: فأقبلت زحفاً على الركبتين فثوب لبست وثوب أجر وقال النمر بن تولب: سمعناه من العرب ينشدونه.
يريدون: نساء فيه ونسر فيه.
وزعموا أن بعض العرب يقول: شهرٌ ثرى وشهرٌ ترى وشهرٌ مرعى.
يريد: ترى فيه.
وقال: ثلاث كلهن قتلت عمداً فأخزى الله رابعة تعود فهذا ضعيف والوجه الأكثر الأعرف النصب وإنما شبهوه بقولهم: الذي رأيت فلان حيث لم يذكروا الهاء.
وهو في هذا أحسن لأن رأيت تمام الاسم به يتم وليس بخبر ولا صفةٍ فكرهوا طوله حيث كان بمنزلة اسم واحد كما كرهوا طول اشهيباب فقالوا: اشهباب.
وهو في الوصف أمثل منه في الخبر وهو على ذلك ضعيف ليس كحسنه بالهاء لأنه في موضع ما هو من الاسم وما يجري عليه وليس بمنقطع منه خبراً مبنياً عليه ولا مبتدأ فضارع ما يكون من تمام الاسم وإن لم يكن تماماً له ولا منه في البناء.
وذلك قولك: هذا رجل ضربته والناس رجلان: رجل أكرمته ورجل أهنته كأنه قال: هذا رجل مضروب والناس رجلان: رجل مكرم ورجل مهان.
فإن حذفت الهاء جاز وكان أقوى مما يكون خبراً.
ومما جاء في الشعر من ذلك قول جرير: أبحت حمى تهامة بعد نجد وما شيء حميت بمستباح يريد الهاء.
وقال الشاعر الحرث بن كلدة: يريد: أصابوه ولا سبيل إلى النصب وإن تركت الهاء لأنه وصف كما لم يكن النصب فيما أتممت به الاسم يعني الصلة.
فمن ثم كان أقوى مما يكون في موضع المبني على المبتدإ لأنه لا ينصب به. وإنما منعهم أن ينصبوا بالفعل الاسم إذا كان صفةً له أن الصفة تمام الاسم ألا ترى أن قولك مررت بزيد الأحمر كقولك مررت بزيد وذلك أنك لو احتجت إلى أن تنعت فقلت: مررت بزيد وأنت تريد الأحمر وهو لا يعرف حتى تقول الأحمر لم يكن تم الاسم فهو يجري منعوتاً مجرى مررت بزيد إذا كان يعرف وحده فصار الأحمر كأنه من صلته. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 7:11 am | |
| باب ما يختار فيه إعمال الفعل مما يكون في المبتدأ مبنياً عليه الفعل وذلك قولك: رأيت زيداً وعمراً كلمته ورأيت عبد الله وزيداً مررت به ولقيت قيساً وبكراً أخذت أباه ولقيت خالداً وزيداً اشتريت له ثوباً.
وإنما اختير النصب ههنا لأن الاسم الأول مبني على الفعل فكان بناء الآخر على الفعل أحسن عندهم إذ كان يبنى على الفعل وليس قبله اسم مبني على الفعل ليجري الآخر على ما جرى عليه الذي يليه قبله إذ كان لا ينقض المعنى لو بنيته على الفعل.
وهذا أولى أن يحمل عليه ما قرب جواره منه إذ كانوا يقولون: ضربوني وضربت قومك لأنه يليه فكان أن يكون الكلام على وجهٍ واحدٍ -إذا كان لا يمتنع الآخر من أن يكون مبنياً على ما بني عليه الأول- أقرب في المأخذ.
ومثل ذلك قوله عز وجل: " يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذاباً أليماً ".
وقوله عز وجل: " وعاداً وثموداً وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً ".
" وكلًا ضربنا له الأمثال ".
ومثله: " فريقًا هدى وفريقًا حق عليهم الضلالة ".
وهذا في القرآن كثير.
ومثل ذلك: كنت أخاك وزيداً كنت له أخاً لأن كنت أخاك بمنزلة ضربت أخاك.
وتقول: لست أخاك وزيداً أعنتك عليه لأنها فعل وتصرف في معناها كتصرف كان.
وقال الشاعر وهو الربيع بن ضبع الفزاري: أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا والذئب أخشاه إن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا وقد يبتد أفيحمل على مثل ما يحمل عليه وليس قبله منصوب وهو عربي جيد.
وذلك قولك: لقيت زيداً وعمرو كلمته كأنك قلت: لقيت زيداً وعمرو أفضل منه.
فهذا لا يكون فيه إلا الرفع لأنك لم تذكر فعلاً.
فإذا جاز أن يكون في المبتدإ بهذه المنزلة جاز أن يكون بين الكلامين.
وأقرب منه إلى الرفع: عبد الله لقيت وعمرو لقيت أخاه وخالداً رأيت وزيد كلمت أباه.
هو ها هنا إلى الرفع أقرب كما كان في الابتداء من النصب أبعد.
وأما قوله عز وجل: " يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم " فإنما وجهوه على أنه يغشى طائفةً منكم وطائفة في هذه الحال كأنه قال: إذ طائفة في هذه الحال فإنما جعله وقتاً ولم يرد أن يجعلها واو عطف وإنما هي واو الابتداء.
ومما يختار فيه النصب لنصب الأول قوله: ما لقيت زيداً ولكن عمراً مررت به وما رأيت زيداً بل خالداً لقيت أباه تجريه على قولك: لقيت زيداً وعمراً لم ألقه يكون الآخر في أنه يدخله في الفعل بمنزلة هذا حيث لم يدخله لأن بل ولكن لا تعملان شيئاً وتشركان الآخر مع الأول لأنهما كالواو وثم والفاء فأجرهما مجراهن فيما كان النصب فيه الوجه وفيما جاز فيه الرفع. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 7:19 am | |
| هذا باب يحمل فيه الاسم على اسم بني عليه الفعل مرةً ويحمل مرةً أخرى على اسم مبني على الفعل أي ذلك فعلت جاز.
فإن حملته على الاسم الذي بني عليه الفعل كان بمنزلته إذا بنيت عليه الفعل مبتدأ يجوز فيه ما يجوز فيه إذا قلت: زيد لقيته وإن حملته على الذي بني على الفعل اختير فيه النصب كما اختير فيما قبله وجاز فيه ما جاز في الذي قبله.
وذلك قولك: عمرو ولقيته وزيد كلمته إن حملت الكلام على الأول.
وإن حملته على الآخر قلت: عمرو لقيته وزيداً كلمته.
ومثل ذلك قولك: زيد لقيت أباه وعمراً مررت به إن حملته على الأب.
وإن حملته على الأول رفعت.
والدليل على أن الرفع والنصب جائز كلاهما أنك تقول: زيد لقيت أباه وعمراً إن أردت أنك لقيت عمراً والأب.
وإن زعمت أنك لقيت أبا عمرو ولم تلقه رفعت.
ومثل ذلك: زيد لقيته وعمرو إن شئت رفعت وإن شئت قلت: زيد لقيته وعمراً.
وتقول أيضاً: زيد ألقاه وعمراً وعمر.
فهذا يقوى أنك بالخيار في الوجهين.
وتقول: زيد ضربني وعمرو مررت به إن حملته على زيد فهو مرفوع لأنه مبتدأ والفعل مبني عليه وإن حملته على المنصوب قلت زيد ضربني وعمراً مررت به لأن هذا الإضمار بمنزلة الهاء في ضربته.
فإن قلت: ضربني زيد وعمراً مررت به فالوجه النصب لأن زيداً ليس مبنياً عليه الفعل مبتدأ وإنما هو ههنا بمنزلة التاء في ضربته وذكرت المفعول الذي يجوز فيه النصب في الابتداء فحملته على مثل ما حملت ما قبله وكان الوجه إذ كان ذلك يكون فيه في الابتداء.
وإذا قلت: مررت يزيد وعمراً مررت به نصبت وكان الوجه لأنك بدأت بالفعل ولم تبتدئ اسماً تبنيه عليه ولكنك قلت: فعلت ثم بنيت عليه المفعول وإن كان الفعل لا يصل إليه إلا بحرف الإضافة فكأنك قلت: مررت زيداً.
ولولا أنه كذلك ما كان وجه الكلام زيداً مررت به وقمت وعمراً مررت به.
ونحو ذلك قولك: خشنت بصدره فالصدر في موضع نصب وقد عملت الباء.
و " كفى بالله شهيداً بيني وبينكم " إنما هي كفى الله ولكنك لما أدخلت الباء عملت والموضع موضع نصب وفي معنى النصب.
وهذا قول الخليل رحمه الله.
وإذا قلت: عبد الله مررت به أجريت الاسم بعده مجراه بعد: زيد لقيته لأن مررت بعبد الله يجري مجرى لقيت عبد الله. وتقول: هذا ضارب عبد الله وزيداً يمر به إن حملته على المنصوب فإن حملته على المبتدإ وهو هذا رفعت.
فإن ألقيت النون وأنت تريد معناها فهو بتلك المنزلة وذلك قولك: هذا ضارب زيد غداً وعمراً سيضربه.
ولولا أنه كذلك لما قلت: أزيداً أنت ضاربه وما زيداً أنا ضاربه.
فهذا نحو مررت بزيد لأن معناه منوناً وغير منون سواء كما أنك إذا قلت: مررت بزيد فكأنك قلت: مررت زيداً.
ومما يختار فيه النصب قول الرجل: من رأيت وأيهم رأيت فتقول: زيداً رأيته تنزله منزلة قولك: كلمت عمراً وزيداً لقيته.
ألا ترى أن الرجل يقول: من رأيت فتقول: زيداً على كلامه فيصير هذا بمنزلة قولك رأيت زيداً وعمراً يجري على الفعل كما يجري الآخر على الأول بالواو.
ومثل ذلك قولك: أرأيت زيداً فتقول لا ولكن عمراً مررت به.
ألا ترى أنه لو قال لا ولكن عمراً لجرى على أرأيت.
فإن قال: من رأيته وأيهم رأيته فأجبته قلت زيد رأيته إلا في قول من قال زيداً رأيته في الابتداء لأن هذا كقولك: أيهم منطلق ومن رسول فيقول فلان.
وإن قال: أعبد الله مررت به أم زيداً قلت: زيداً مررت به كما فعلت ذلك في الأول.
فإن قلت لا بل زيداً فانصب أيضاً كما تقول زيداً إذا قال من رأيت لأن مررت به تفسيره لقيته ونحوها.
فإنما تحمل الاسم على ما يحمل السائل كأنهم قالوا: أيهم أتيت فقلت زيداً.
ولو قلت: مررت بعمرو وزيداً لكان عربياً فكيف هذا لأنه فعل والمجرور في موضع مفعول منصوب ومعناه أتيت ونحوها تحمل الاسم إذا كان العامل الأول فعلاً وكان المجرور في موضع المنصوب على فعل لا ينقض المعنى. كما قال جرير: جئني بمثل بني بدر لقومهم أو مثل أسرة منظورة بن سيار ومثله قول العجاج: كأنه قال: ويسلكن غوراً غائراً لأن معنى يذهبن فيه يسلكن.
ولا يجوز أن تضمر فعلاً لا يصل إلا بحرف جر لأن حرف الجر لا يضمر وسترى بيان ذلك.
ولو جاز ذلك لقلت زيد تريد مر بزيد.
ومثل هذا وحوراً عيناً في قراءة أبي بن كعب.
فإن قلت: لقيت زيداً وأما عمرو فقد مررت به ولقيت زيداً وإذا عبد الله يضربه عمرو فالرفع إلا في قول من قال: زيداً رأيته وزيداً مررت به لأن أما وإذا يقطع بهما الكلام وهما من حروف الابتداء يصرفان الكلام إلى الابتداء إلا أن يدخل عليهما ما ينصب ولا يحمل بواحد منهما آخر على أول كما يحمل بثم والفاء ألا ترى أنهم قرءوا: " وأما ثمود فهديناهم " وقبله نصب وذلك لأنها تصرف الكلام إلى الابتداء إلا أن يوقع بعدها فعل نحو أما زيداً فضربت.
ولو قلت: إن زيداً فيها أو أن فيها زيداً وعمرو أدخلته أو دخلت به رفعته إلا في قول من قال: زيداً أدخلته وزيداً دخلت به لأن إن ليس بفعل وإنما هو مشبه به.
ألا ترى أنه لا يضمر فيه فاعل ولا يؤخر فيه الاسم وإنما هو بمنزلة الفعل كما أن عشرين درهماً وثلاثين رجلاً بمنزلة ضاربين عبد الله وليس بفعل ولا فاعل.
وكذلك ما أحسن عبد الله وزيد قد رأيناه فإنما أجريته - يعني أحسن - في الموضع مجرى الفعل في عمله وليس كالفعل ولم يجيء على أمثلته ولا على إضماره ولا تقديمه ولا تأخيره ولا تصرفه وإنما هو بمنزلة لدن غدوةً وكم رجلاً فقد عملا عمل الفعل وليسا بفعل ولا فاعل.
ومما يختار فيه النصب لنصب الأول ويكون الحرف الذي بين الأول والآخر بمنزلة الواو والفاء وثم قولك: لقيت القوم كلهم حتى عبد الله لقيته وضربت القوم حتى زيداً ضربت أباه وأتيت القوم أجمعين حتى زيداً مررت به ومررت بالقوم حتى زيداً مررت به.
فحتى تجري مجرى الواو وثم وليست بمنزلة أما لأنها إنما تكون على الكلام الذي قبلها ولا تبتدأ وتقول: رأيت القوم حتى عبد الله وتسكت فإنما معناه أنك قد رأيت عبد الله مع القوم كما كان رأيت القوم وعبد الله على ذلك.
وكذلك ضربت القوم حتى زيداً أنا ضاربه.
وتقول: هذا ضارب القوم حتى زيداً يضربه إذا أردت معنى التنوين فهي كالواو إلا أنك تجر بها إذا كانت غايةً والمجرور مفعول كما أنك إذا قلت هذا ضارب زيد غداً تجر بكف التنوين.
وهو مفعول بمنزلته منصوباً منوناً ما قبله.
ولو قلت: هلك القوم حتى زيداً أهلكته اختير النصب ليبنى على الفعل كما بني ما قبله مرفوعاً كان أو منصوباً كما فعل ذلك بعد ما بني على الفعل وهو مجرور.
فإن قلت: إنما هو لنصب اللفظ فلا تنصب بعد مررت بزيد وانصب بعد إن فيها زيداً.
وإن كان الأول لأنه في معنى الحديث مفعول فلا ترفع بعد عبد الله إذا قلت عبد الله ضربته إذا كان بعده: وزيداً مررت به.
وقد يحسن الجر في هذا كله وهو عربي.
وذلك قولك لقيت القوم حتى عبد الله لقيته فإنما جاء بلقيته توكيداً بعد أن جعله غايةً كما تقول مررت بزيد وعبد الله مررت به.
قال الشاعر وهو ابن مروان النحوي:
ألقى الصحيفة كي يخفف رحله والزاد حتى نعله ألقاها والرفع جائز كما جاز في الواو وثم وذلك قولك لقيت القوم حتى عبد الله لقيته كأنك لقيت القوم حتى زيد ملقى وسرحت القوم حتى زيد مسرح وهذا لا يكون فيه إلا الرفع لأنك لم تذكر فعلاً فإذا كان في الابتداء زيد لقيته بمنزلة زيد منطلق جاز ههنا الرفع. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 7:25 am | |
| باب ما يختار فيه النصب وليس قبله منصوب بني على الفعل وهو باب الاستفهام وذلك أن من الحروف حروفاً لا يذكر بعدها إلا الفعل ولا يكون الذي يليها غيره مظهراً أو مضمراً.
فما لا يليه الفعل إلا مظهراً: قد وسوف ولما ونحوهن.
فإن اضطر شاعر فقدم الاسم وقد أوقع الفعل على شيء من سببه لم يكن حد الإعراب إلا النصب وذلك نحو لم زيدا أضربه " إذا اضطر شاعر فقدم لم يكن إلا النصب في زيد ليس غير ولو كان في شعر " لأنه يضمر الفعل إذا كان ليس مما يليه الاسم كما فعلوا ذلك في مواضع ستراها إن شاء الله.
وأما ما يجوز فيه الفعل مضمراً ومظهراً مقدماً ومؤخراً ولا يستقيم أن يبتدأ بعده الأسماء فهلا ولولا ولوما وألا لو قلت: هلا زيداً ضربت ولولا زيداً ضربت وألا زيداً قتلت جاز.
ولو قلت: ألا زيداً وهلا زيداً على إضمار الفعل ولا تذكره جاز.
وإنما جاز ذلك لأن فيه معنى التحضيض والأمر فجاز فيه ما يجوز في ذلك.
ولو قلت: سوف زيدا أضرب لم يحسن أو قد زيدا لقيت لم يحسن لأنها إنما وضعت للأفعال إلا أنه جاز في تلك الأحرف التأخير والإضمار لما فابتدءوا بعدها الأسماء والأصل غير ذلك ألا ترى أنهم يقولون: هل زيد منطلق وهل زيد في الدار " وكيف زيد آخذ ".
فإن قلت: هل زيداً رأيت وهل زيد ذهب قبح ولم يجز إلا في الشعر لأنه لما اجتمع الاسم والفعل حملوه على الأصل فإن اضطر شاعر فقدم الاسم نصب كما كنت فاعلاً ذلك بقد ونحوها.
وهو في هذه أحسن لأنه يبتدأ بعدها الأسماء.
وإنما فعلوا ذلك بالاستفهام لأنه كالأمر في أنه غير واجب وأنه يريد " به " من المخاطب أمراً لم يستقر عند السائل.
ألا ترى أن جوابه جزم فلهذا اختير النصب وكرهوا تقديم الاسم لأنها حروف ضارعت بما بعدها ما بعد حروف الجزاء وجوابها كجوابه وقد يصير معنى حديثها إليه.
وهي غير واجبة كالجزاء فقبح تقديم الاسم " لهذا ".
ألا ترى أنك إذا قلت: أين عبد الله آته فكأنك قلت: حيثما يكن آته.
وأما الألف فتقديم الاسم فيها قبل الفعل جائز كما جاز ذلك في هلا " وذلك " لأنها حرف الاستفهام الذي لا يزول " عنه " إلى غيره وليس للاستفهام في الأصل غيره.
وإنما تركوا الألف في من ومتى وهل وهنحوهن حيث أمنوا الالتباس ألا ترى أنك تدخلهاعلى من إذا تمت بصلتها كقول الله عز وجل: " أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي أمناً يوم القيامة ".
وتقول: أم هل فإنما هي بمنزلة قد ولكنهم تركوا الألف استغناء إذ كان هذا " الكلام " لا يقع إلا في الاستفهام.
وسوف تراه إن شاء الله متبينا أيضاً.
فهي ههنا بمنزلة إن في باب الجزاء فجاز تقديم الاسم فيها كما جاز في قولك: إن شاء الله أمكنني من فلان فعلت " كذا وكذا ".
ويختار فيها النصب لأنك تضمر الفعل فيها لأن الفعل أولى إذا اجتمع هو والاسم.
وكذلك كنت فاعلاً في إن لأنها إنما هي للفعل.
وسترى بيان ذلك إن شاء الله.
فالألف إذا كان معها فعل بمنزلة لولا وهلا إلا أنك إن شئت رفعت فيها وهو في الألف أمثل منه في متى ونحوها لأنه ق صار فيها مع أنك تبتدي بعدها الأسماء أنك تقدم الاسم قبل الفعل والرفع فيها على الجواز.
ولا يجوز ذلك في هلا ولولا لأنه لا يبتدأ بعدهما الأسماء.
وليس جواز الرفع في الألف مثل جواز الرفع في ضربت زيدا وعمراً كلمته لأنه ليس هاهنا حرف هو بالفعل أولى وإنما اختير هذا على الجواز وليكون معنى واحداً فهذا أقوى.
والذي يشبهه من حروف الاستفهام الألف. "
واعلم أن حروف الاستفهام كلها يقبح أن يصير بعدها الاسم إذا كان الفعل بعد الاسم: لو قلت: هل زيد قام وأين زيد ضربته لم يجز إلا في الشعر فإذا جاء في الشعر نصبته إلا الألف فإنه يجوز فيها الرفع والنصب لأن الألف قد يبتدأ بعدها الاسم.
فإن جئت في سائر حروف الاستفهام باسم وبعد ذلك الاسم اسم من فعل نحو ضارب جاز في الكلام ولا يجوز فيه النصب إلا في الشعر لو قلت: هل زيد أنا ضاربه لكان جيداً في الكلام لأن ضارباً اسم وإن كان في معنى الفعل.
ويجوز النصب في الشعر. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 5:55 pm | |
| هذا باب ما ينصب في الألف تقول: أعبد الله ضربته وأزيداً مررت به وأعمرا قتلت أخاه وأعمراً اشتريت له ثوباً.
ففي كل هذا قد أضمرت بين الألف والاسم فعلاً هذا تفسيره كما فعلت ذلك فيما نصبته في هذه الأحرف في غير الاستفهام.
قال جرير: أثعلبة الفوارس أم رياحاً عدلت بهم طهية والخشابا فإذا أوقعت عليه " الفعل " أو على شيء من سببه نصبته وتفسيره ههنا هو التفسير الذي فسر في الابتداء: أنك تضمر فعلاً هذا تفسيره.
إلا أن النصب هو الذي يختار ههنا وهو حد الكلام. وأما الانتصاب ثم وها هنا فمن وجه واحد. ومثل ذلك أعبد الله كنت مثله لأن كنت فعل والمثل مضاف إليه وهو منصوب. ومثله أزيداً لست مثله لأنه فعل فصار بمنزلة قولك أزيداً لقيت أخاه.
وهو قول الخليل.
ومثل ذلك: ما أدرى أزيداً مررت به أم عمراً وما أبالي أعبد الله لقيت أخاه أم عمرا لأنه حرف الاستفهام وهي تلك الألف التي في قولك أزيداً لقيته أم عمراً.
وتقول: أعبد الله ضرب أخوه زيداً لا يكون إلا الرفع لأن الذي من سبب عبد الله " مرفوع " فاعل والذي ليس من سببه مفعول فيرتفع إذا ارتفع الذي من سببه كما ينتصب إذا انتصب ويكون المضمر ما يرفع كما أضمرت في الأول ما ينصب فإنما جعل هذا المظهر بينا ما هو مثله.
فإن جعلت زيداً الفاعل قلت: أعبد الله ضرب أخاه زيد.
وتقول: أعبد الله ضرب أخوه غلامه إذا جعلت الغلام في موضع زيد حين قلت أعبد الله ضرب أخوه زيداً فيصير هذا تفسيراً لشيء رفع عبد الله لأنه يكون موقعاً الفعل بما يكون من سببه كما يوقعه بما ليس من سببه كأنه قال في التمثيل وإن كان لا يتكلم به: أعبد الله أهان غلامه أو عاقب غلامه أو صار في هذه الحال " عند السائل وإن لم يكن " ثم فسر.
وإن جعلت الغلام في موضع زيد حين رفعت زيداً نصبت فقلت: أعبد الله ضرب أخاه غلامه كأنه جعله تفسيراً لفعل غلامه أوقعه عليه لأنه قد يوقع الفعل عليه ما هو من سببه كما يوقعه هو على ما هو من سببه وذلك قولك: أعبد الله ضرب أباه وأعبد الله ضربه أبوه فجرى مجرى أعبد الله هو ضرب زيداً وأعبد ضربه زيد كأنه في التمثيل تفسير لقوله: أعبد الله أهان أباه غلامه وأعبد الله ضرب أخاه غلامه.
ولا عليك أقدمت الأخ أم أخرته أم قدمت الغلام أم أخرته أيهما ما جعلته كزيد مفعولاً فالأول رفع.
وإن جعلته كزيد فاعلاً فالأول نصب.
وتقول: آلسوط ضرب به زيد وهو كقولك: آلسوط ضربت به.
وكذلك آلخوان أكل اللحم عليه و " كذلك " أزيداً سميت به أو سمي به عمرو لأن هذا في موضع نصب وإنما تعتبره أنك لو قلت: آلسوط ضربت فكان هذا كلاماً أو آلخوان أكلت لم يكن إلا نصباً " كما أنك لو قلت: أزيداً مررت فكان كلاماً لم يكن إلا نصباً ".
فمن ثم جعل هذا الفعل الذي لا يظهر تفسيره تفسير ما ينصب. فاعتبر ما أشكل عليك من هذا بذا.
فإن قلت: أزيد ذهب به أو أزيد انطلق به لم يكن إلا رفعاً لأنك لو لم تقل " به " فكان كلاماً لم يكن إلا رفعاً كما قلت: أزيد ذهب أخوه لأنك لو قلت: أزيد ذهب لم يكن إلا رفعاً. وتقول: أزيداً ضربت أخاه لأنك لو ألقيت الأخ قلت: أزيداً ضربت.
فاعتبر هذا بهذا ثم أجعل كل واحد جئت به تفسير " ما هو " مثله.
واليوم والظروف بمنزلة زيد وعبد الله إذا لم يكن ظروفاً وذلك " قولك ": أيوم الجمعة ينطلق فيه عبد الله كقولك: أعمراً تكلم فيه عبد الله وأيوم الجمعة ينطلق فيه كقولك: أزيد يذهب به.
وتقول: أأنت عبد الله ضربته تجريه هاهنا مجرى أنا زيد ضربته لأن الذي يلي حرف الاستفهام أنت ثم ابتدأت هذا وليس قبله حرف استفهام ولا شيء هو بالفعل وتقديمه أولى. إلا أنك إن شئت نصبته كما تنصب زيداً ضربته فهو عربي جيد وأمره " ها " هنا على قولك: زيد ضربته.
فإن قلت: أكل يوم زيداً تضربه فهو نصب كقولك: أزيداً تضربه كل يوم لأن الظرف لا يفصل في قولك: ما اليوم زيد ذاهباً وإن اليوم عمراً منطلق فلا يحجز هاهنا كما لا يحجز ثمة. وتقول: أعبد الله أخوه تضربه كما تقول: أأنت زيد ضربته لأن الاسم هاهنا بمنزلة مبتدأ ليس قبله شيء.
وإن نصبته على قولك: زيدا تضربه قلت: أزيداً أخاه تضربه لأنك نصبت الذي من سببه بفعل هذا تفسيره.
ومن " قال: زيدا ضربته " قال: أزيداً أخاه تضربه فإنما نصب زيداً لأن ألف الاستفهام وقعت عليه والذي من سببه منصوب.
وقد يجوز الرفع في أعبد الله مررت به على ما ذكرت لك وأعبد الله ضربت أخاه.
" وأما قولك: أزيداً مررت به فبمنزلة قولك: أزيداً ضربته ".
والرفع في هذا أقوى منه في أعبد الله ضربته وهو أيضاً قد يجوز إذا جاز هذا كما كان " ذلك فيما " قبله من الابتداء وما جاء بعد ما بني على الفعل.
وذلك أنه ابتدأ عبد الله وجعل الفعل في موضع المبني عليه فكأنه قال: أعبد الله أخوك.
فمن زعم أنه إذا قال: ازيداً مررت به إنما ينصبه بهذا الفعل فهو ينبغي له أن يجره لأنه لا يصل إلا بحرف إضافة.
وإذا أعملت العرب شيئاً مضمراً لم يخرج عن عمله مظهراً في الجر والنصب والرفع تقول: وبلد تريد: ورب بلد. وتقول: زيدا تريد: عليك زيدا.
وتقول: الهلال تريد: هذا الهلال فكله يعمل عمله مظهراً.
ومما يقبح بعده ابتداء الأسماء ويكون الاسم بعده إذا أوقعت الفعل على شيء من سببه نصباً في القياس: إذا وحيث. تقول: إذا عب الله تلقاه فأكرمه وحيث زيدا تجده فأكرمه لأنهما يكونان في معنى حروف المجازاة.
ويقبح إن ابتدأت الاسم بعدهما إذا كان بعده الفعل.
لو قلت: اجلس حيث زيد جلس وإذا زيد يجلس كان أقبح من قولك: إذا جلس زيد وإذا يجلس وحيث " يجلس وحيث " جلس.
والرفع بعدهما جائز لأنك قد تبتدئ الأسماء بعدهما فتقول: اجلس حيث عبد الله جالس واجلس إذا عبد الله جلس.
ولإذا مواضع آخر يحسن ابتداء الاسم بعدها فيه.
تقول: نظرت فإذا زيد يضربه عمرو لأنك لو قلت: نظرت فإذا زيد يذهب لحسن.
وأما إذ فيحسن ابتداء الاسم بعدها.
تقول: جئت إذ عبد الله قائم و " جئت " إذ عبد الله يقوم إلا أنها في فعل قبيحة نحو قولك: جئت إذ عبد الله قام.
ولكن " إذ " إنما يقع في الكلام الواجب فاجتمع فيها هذا وأنك تبتدئ الاسم بعدها فحسن الرفع.
ومما ينتصب أوله لأن آخره ملتبس بالأول قوله: أزيداً ضربت عمراً وأخاه وأزيدا ضربت رجلا يحبه وأزيدا ضربت جاريتين يحبهما فإنما نصبت الأول لأن الآخر ملتبس به إذ كانت صفته ملتبسة به.
وإذا أردت أن تعلم التباسه به فأدخله في الباب الذي تقدم فيه الصفة فما حسن تقديم صفته فهو ملتبس بالأول وما لا يحسن فليس ملتبساً به.
ألا ترى أنك تقول: مررت برجل منطلقة جاريتان يحبهما ومررت برجل منطلق زيد وأخوه لأنك لما أشركت بينهما في الفعل صار زيد ملتبسا بالأخ فالتبس برجل ولو قلت: أزيداً ضربت عمراً وضربت أخاه لم يكن كلاماً لأن عمراً ليس فيه من سبب الأول شيء ولا ملتبساً به.
ألا ترى أنك لو قلت: مررت برجل قائم عمرو وقائم أخوه لم يجز لأن أحدهما ملتبس بالأول والآخر ليس ملتبساً.
من أسماء الفاعلين والمفعولين مجرى الفعل كما يجري في غيره مجرى الفعل وذلك قولك: أزيداً أنت ضاربه وأزيدا أنت ضارب له وأعمراً أنت مكرم أخاه وأزيدا أنت نازل عليه.
كأنك قلت: أنت ضارب وأنت مكرم وأنت نازل كما كان ذلك في الفعل لأنه يجري مجراه ويعمل في المعرفة كلها والنكرة مقدماً ومؤخراً ومظهراً ومضمراً.
وكذلك: آلدار أنت نازل فيها.
وتقول: أعمراً أنت واجد عليه وأخالدا أنت عالم به وأزيدا أنت راغب فيه لأنك لو ألقيت عليه وبه وفيه مما ها هنا لتعتبر لم يكن ليكون إلا مما ينتصب كأنه قال: أعبد الله أنت ترغب فيه وأعبد الله أنت تعلم به وأعبد الله أنت تجد عليه فإنما استفهمته عن علمه به ورغبته فيه في حال مسألتك. ولو قال: آلدار أنت نازل فيها فجعل نازلاً اسماً رفع كأنه قال: آلدار أنت رجل فيها.
ولو قال: أزيد أنت ضاربه فجعله بمنزلة قولك: " أزيداً " أنت أخوه جاز.
ومثل ذلك في النصب: أزيدا أنت محبوس عليه وأزيداً أنت مكابر عليه.
وإن لم يرد به الفعل وأراد به وجه الاسم رفع.
وكذلك جميع هذا فمفعول مثل يفعل وفاعل مثل يفعل.
ومما يجري مجرى فاعل من أسماء الفاعلين فواعل أجروه مجرى فاعله حيث كانوا جمعوه وكسروه عليه كما فعلوا ذلك بفاعلين وفاعلات.
فمن ذلك قولهم: هن حواج بيت الله.
وقال أبو كبير الهذلي: مما حملن به وهن عواقد حبك النطاق فعاش غير مهبل وقال العجاج: أوالفا مكة من ورق الحمى وقد جعل بعضهم فعالاً بمنزلة فواعل فقالوا: قطان مكة وسكان البلد الحرام لأنه جمع كفواعل.
وأجروا اسم الفاعل إذا أرادوا أن يبالغوا في الأمر مجراه إذا كان على بناء فاعل لأنه يريد به ما أراد بفاعل من إيقاع الفعل إلا أنه يريد أن يحدث عن المبالغة.
فما هو الأصل الذي عليه أكثر هذا المعنى: فعول وفعال ومفعال وفعل.
وقد جاء: فعيل كرحيم وعليم وقدير وسميع وبصير يجوز فيهن ما جاز في فاعل من التقديم والتأخير والإضمار والإظهار.
لو قلت: هذا ضروب رؤوس الرجال وسوق الإبل على: وضروب سوق الإبل جاز كما تقول: " هذا " ضارب زيد وعمرا تضمر وضارب عمراًًًً.
هجوم عليها نفسه غير أنه متى يرم في عينيه بالشبح ينهض وقال أبو ذؤيب الهذلي: قلى دينه واهتاج للشوق إنها على الشوق إخوان العزاء هيوج وقال القلاخ: أخا الحرب لباساً إليها جلالها وليس بولاج الخوالف أعقلا وسمعنا من يقول: " أما العسل فأنا شراب ".
وقال: بكيت أخا اللأواء يحمد يومه كريم رؤوس الدارعين ضروب وقال أبو طالب بن عبد المطلب: ضروب بنصل السيف سوق سمانها إذا عدموا زاداً فإنك عاقر وقد جاء في فعل وليس في كثرة ذلك قال وهو عمرو بن أحمر: أو مسحل شنج عضادة سمحج بسراته ندب لها وكلوم وقل: " إنه لمنحار بوائكها ".
وفعل أقل من فعيل بكثير.
وأجروه حين بنوه للجمع كما أجرى في الواحد ليكون كفواعل حين أجري مثل فاعل من ذلك ثم زادوا أنهم في قومهم غفر ذنبهم غير فجر ومما جاء على فعل قوله: حذر أمورا لا تخاف وآمن ما ليس منجيه من الأقدار ومن هذا الباب قول رؤبة: برأس دماغ رؤوس العز ومنه قول ساعدة بن جوية: حتى شآها كليل موهنا عمل باتت طراباً وبات الليل لم ينم وقال الكميت: شم مهاوين أبدان الجزور مخا - ميص العشيات لا خور ولا قزم ومنه قدير وعليم ورحيم لأنه يريد المبالغة "في الفعل".
وليس " هذا " بمنزلة قولك حسن وجه الأخ لأن هذا لا يقلب ولا يضمر وإنما حده أن يتكلم به في الألف واللام أو نكرة ولا تعني به أنك أوقعت فعلاً سلف منك إلى أحد.
ولا يحسن أن تفصل بينهما فتقول: هو كريم فيها حسب الأب.
ومما أجري مجرى الفعل من المصادر قول الشاعر: على حين ألهى الناس جل أمورهم فندلاً زريق المال ندل الثعالب كأنه قال: أندل.
وقال المرار الأسدي: أعلاقة أم الوليد بعد ما أفنان رأسك كالثغام المخلس وقال: بضرب بالسيوف رؤوس قوم أزلنا هامهن عن المقيل وتقول: أعبد الله أنت رسول له ورسوله لأنك لا تريد بفعول ههنا ما تريد به في ضروب لأنك لا تريد أن توقع منه فعلاً عليه فإنما هو بمنزلة " قولك ": أعبد الله أنت عجوز له.
وتقول: أعبد الله أنت له عديل وأعبد الله أنت له جليس لأنك لا تريد به مبالغة في فعل ولم تقل: مجالس فيكون كفاعل فإنما هذا اسم بمنزلة قولك: أزيد أنت وصيف له أو غلام له. وكذلك: آلبصرة أنت عليها أمير.
فأما الأصل الأكثر الذي جرى مجرى الفعل في من الأسماء ففاعل.
وإنما جاز في التي بنيت للمبالغة لأنها بنيت للفاعل من لفظه والمعنى واحد وليست بالأبنية التي هي في الأصل أن تجرى مجرى الفعل يدلك على ذلك أنها قليلة.
فإذا لم يكن فيها مبالغة الفعل فإنما هي بمنزلة غلام وعبد لأن الاسم على فعل يفعل فاعل وعلى فعل يفعل مفعول. فإذا لم يكن واحد منهما ولا وتقول: أكل يوم أنت فيه أمير ترفعه لأنه ليس بفاعل وقد خرج " كل " من أن يكون ظرفاً فصار بمنزلة عبد الله ألا ترى أنك إذا قلت: أكل يوم ينطلق فيه صار كقولك: أزيد يذهب به ولو جاز أن تنصب كل يوم وأنت تريد بالأمير الاسم لقلت: أعبد الله عليه ثوب لأنك تقول: أكل يوم لك ثوب فيكون نصباً.
فإن قلت: أكل يوم لك فيه ثوب فنصبت وقد جعلته خارجاً من أن يكون ظرفاً فإنه ينبغي أن تنصب: أعبد الله عليه ثوب.
وهذا لا يكون لأن الظرف هنا لم ينصبه فعل إنما عليه ظرف للثوب وكذلك فيه.
هذا باب الأفعال التي تستعمل وتلغى فهي ظننت وحسبت وخلت وأريت ورأيت وزعمت وما يتصرف من أفعالهن. فإذا جاءت مستعملة فهي بمنزلة رأيت وضربت وأعطيت في الإعمال والبناء على الأول في الخبر والاستفهام وفي كل شيء.
وذلك قولك: أظن زيداً منطلقاً وأظن عمراً ذاهباً وزيداً أظن أخاك وعمراً زعمت أباك.
وتقول: زيد أظنه ذاهباً.
ومن قال: عبد الله ضربته نصب " فقال ": عبد الله أظنه ذاهباً.
وتقول: أظن عمراً منطلقاً وبكراً أظنه خارجاً كما قلت: ضربت زيداً وعمراً كلمه وإن فإن ألغيت قلت: عبد الله أظن ذاهب وهذا إخال أخوك وفيها أرى أبوك.
وكلما أردت الإلغاء فالتأخير أقوى.
وكل عربي " جيد ".
وقال اللعين يهجو العجاج: أبالأراجيز يا ابن اللؤم توعدني وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور أنشدناه يونس مرفوعاً عنهم.
وإنما كان التأخير أقوى لأنه " إنما " يجيء بالشك بعدما يمضي كلامه على اليقين أو بعدما ما بتبدئ وهو يريد اليقين ثم يدركه الشك كما تقول: عبد الله صاحب ذاك بلغني وكما قال: من يقول ذاك تدري فأخر ما لم يعمل فيأوله كلامه. وإنما جعل ذلك فيما بلغه بعدما مضى كلامه على اليقين وفيما يدري.
فإذا ابتدأ كلامه على ما في نيته من الشك أعمل الفعل قدم أو أخر كما قال: زيداً رأيت ورأيت زيداً.
وكلما طال الكلام ضعف التأخير إذا أعملت وذلك قولك: زيداً أخاك أظن فهذا ضعيف كما يضعف زيداً قائماً ضربت لأن الحد أن يكون الفعل مبتدا إذا عمل.
ومما جاء في الشعر معملاً في زعمت زعمت قول أبي ذؤيب: فإن تزعميني كنت أجل فيكم فإني شربت الحلم بعدك بالجهل عددت قشيراً إذ عددت فلم أسأ بذاك ولم أزعمك عن ذاك معزلا وتقول: أين ترى عبد الله قائماً وهل ترى زيداً ذاهباً لأن هل وأين كأنك لم تذكرهما لأن ما بعدهما ابتداء كأنك قلت: أترى زيداً ذاهباً وأتظن عمراً منطلقاً.
فإن قلت: أين وأنت تريد أن تجعلها بمنزلة " فيها " إذا استغنى بها الابتداء قلت: أين ترى زيد وأين ترى زيداً. واعلم أن " قلت " إنما وقعت في كلام العرب على أن يحكى بها وإنما تحكى بعد القول ما كان كلاماً لا قولاً نحو قلت: زيد منطلق لأنه يحسن أن تقول: زيد منطلق ولا تدخل " قلت ".
وما لم يكن هكذا أسقط القول عنه.
وتقول: قال زيد إن عمراً خير الناس.
وتصديق ذلك قوله جل ثناؤه: " وإذا قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك " ولولا ذلك لقال: " إن " الله " ".
وكذلك " جميع " ما تصرف من فعله إلا " تقول " في الاستفهام شبهوها بتظن ولم يجعلوا كيظن وأظن في الاستفهام لأنه لا يكاد يستفهم المخاطب عن ظن غيره ولا يستفهم هو إلا عن ظنه فإنما جعلت كتظن كما أن ما كليس في لغة أهل الحجاز ما دامت في معناها وإذا تغيرت عن ذلك أو قدم الخبر رجعت إلى القياس وصارت اللغات فيها كلغة تميم.
ولم تجعل " قلت " كظننت لأنها إنما أصلها عندهم أن يكون ما بعدها محكياً فلم تدخل في باب ظننت بأكثر من هذا كما أن " ما " لم تقو قوة ليس ولم تقع في كل مواضعها لأن أصلها " عندهم " أن يكون ما بعدها مبتدأ.
وسأفسر لك إن شاء الله ما يكون بمنزلة الحرف في شيء ثم لا يكون معه على أكثر أحواله وقد بين بعضه فيما مضى. وذلك قولك: متى تقول زيداً منطلقاً وأتقول عمراً ذاهباً وأكل يوم تقول عمراً منطلقاً لا يفصل بها كما لا يفصل بها في: أكل يوم زيداً تضربه.
فإن قلت: أأنت تقول زيد منطلق رفعت لأنه فصل بينه وبين حرف الاستفهام كما فصل في قولك: أأنت زيد مررت به فصارت بمنزلة أخواتها وصارت على الأصل.
قال الكميت: أجهالاً تقول بني لؤي لعمر أبيك أم متجاهلينا وقال عمر بن أبي ربيعة: أما الرحيل فدون بعد غد فمتى تقول الدار تجمعنا وإن شئت رفعت بما نصبت فجعلته حكاية.
وزعم أبو الخطاب - وسألته عنه غير مرة - أنا ناساً من العرب يوقف بعربيتهم وهم بنو سليم وأعلم أن المصدر قد يلغى كما يلغى الفعل وذلك قولك: متى زيد ظنك ذاهب وزيد ظني أخوك وزيد ذاهب ظني.
فإن ابتدأ فقلت: ظني زيد ذاهب كان قبيحاً " لا يجوز البتة كما ضعف أظن زيد ذاهب.
وهو في متى وأين أحسن إذا قلت: متى ظنك زيد ذاهب " ومتى تظن عمرو منطلق لأن قبله كلاماً.
وإنما ضعف هذا في الابتداء كما يضعف: غير شك زيد ذاهب وحقاً عمرو منطلق.
وإن شئت قلت: متى ظنك زيداً أميراً كقولك: متى ضربك عمراً.
وقد يجوز أن تقول: عبد الله أظنه منطلق تجعل هذه الهاء على ذاك كأنك قلت: زيد منطلق أظن ذاك لا تجعل الهاء لعبد الله ولكنك تجعلها ذاك المصدر كأنه قال: أظن ذاك الظن أو أظن ظني.
فإنما يضعف هذا إذا ألغيت لأن الظن يلغى في مواضع أظن حتى يكون بدلاً من اللفظ به فكره إظهار المصدر ههنا كما قبح أ يظهر ما انتصب عليه سقياً.
" وسترى ذلك إن شاء الله مبيناً ".
ولفظك بذاك أحسن من لفظ بظني. فإذا قلت: أظن ذاك عاقل كان أحسن من قولك: زيد أظن ظني عاقل ذاك أحسن لأنه ليس بمصدر وهو اسم مبهم يقع على كل شيء.
ألا ترى أنك لو قلت: زيد ظني منطلق لم يحسن ولم يجز أن تضع ذاك موضع ظني.
وترك ذاك في أظن إذا كان لغواً أقوى منه إذا وقع على المصدر " لأن ذاك إذا كان مصدراً فإنك لا تجيء به لأن المصدر يقبح أن تجيء به ههنا فإذا قبح المصدر فمجيئك بذاك أقبح لأنه مصدر ".
وإذا ألغيت فقلت: عبد الله أظن منطلق فهذا أجمل من قولك: أظنه.
وأظن بغير هاء أحسن لئلا يلتبس بالاسم وليكون أبين في أنه ليس يعمل.
فأما ظننت أنه منطلق فاستغنى بخبر أن تقول: أظن أنه فاعل كذا وكذا فتستغنى.
وإنما يقتصر على هذا إذا علم أنه مستغن بخبر أنه.
وقد يجوز أن تقول: ظننت زيداً إذا قال: من تظن أي من تتهم فتقول: ظننت زيداً كأنه قال: اتهمت زيداً.
وعلى هذا قيل: ظنين " أي متهم ".
ولم يجعلوا ذاك في حسبت وخلت وأرى لأن من كلامهم أن يدخلوا المعنى في الشيء لا يدخل في مثله.
وسألته عن أيهم لم لم يقولوا: أيهم مررت به فقال: لأن أيهم " هو " حرف الاستفهام لا تدخل عليه الألف وإنما تركت الألف استغناء فصارت بمنزلة الابتداء.
ألا ترى أن حد الكلام أن تؤخر الفعل فتقول: أيهم رأيت كما تفعل ذلك بالألف فهي نفسها بمنزلة الابتداء.
وإن قلت: أيهم زيداً ضرب قبح كما يقبح في متى ونحوها وصار أن يليها الفعل هو الأصل لأنها من حروف الاستفهام ولا يحتاج إلى الألف فصارت كأين.
وكذلك من وما لأنهما يجريان معها ولا يفارقانها.
تقول: من أمة الله ضربها وما أمة الله أتاها نصب في كل ذا لأنه أن يلي هذه الحروف الفعل أولى كما أنه لو اضطر شاعر في متى وأخواتها نصب.
فقال: متى زيداً رأيته. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 6:06 pm | |
| باب من الاستفهام يكون الاسم فيه رفعاً لأنك تبتدئه لتنبه المخاطب ثم تستفهم بعد ذلك وذلك قولك: زيد كم مرة رأيته وعبد الله هل لقيته وعمرو هلا لقيته وكذلك سائر حروف الاستفهام فالعامل فيه الابتداء كما أنك لو قلت: أرأيت زيداً هل لقيته كان علمت هو العامل فكذلك هذا.
فما بعد المبتدأ من هذا الكلام في موضع خبره.
فإن قلت: زيد كم مرة رأيت فهو ضعيف إلا أن تدخل الهاء كما ضعف في قوله: " كله لم أصنع ".
ولا يجوز أن تقول: زيداً هل رأيت إلا أن تردي معنى الهاء مع ضعفه فترفع لأنك قد فصلت بين المبتدأ وبين الفعل فصار الاسم مبتدأ والفعل بعد حرف الاستفهام.
ولو حسن هذا أو جاز لقلت: " قد علمت زيد كم ضرب ولقلت: أرأيت زيد كم مرة ضرب على الفعل الآخر.
فكما لا تجد بداً من إعمال الفعل " الأول " كذلك لا تجد بداً من إعمال الابتداء لأنك إنما تجيء بالاستفهام بعدما تفرغ من الابتداء.
ولو أرادوا الإعمال لما ابتدءوا بالاسم ألا ترى أنك تقول: زيد هذا أعمرو ضربه أم بشر ولا تقول: عمراً أضربت.
فكما لا يجوز هذا لا يجوز ذلك.
فحرف الاستفهام لا يفصل به بين العامل والمعمول ثم يكون على حاله إذا جاءت الألف أولاً وإنما يدخل على الخبر. ومما لا يكون إلا رفعاً قولك: أأخواك اللذان رأيت لأن رأيت صلة للذين وبه يتم اسماً فكأنك قلت: أأخواك صاحبانا.
ولو كان شيء من هذا ينصب شيئاً في الاستفهام لقلت في الخبر: زيداً الذي رأيت فنصبت كما تقول: زيداً رأيت.
وإذا كان الفعل في موضع الصفة فهو كذلك وذلك قولك: أزيد أنت رجل تضربه وأكل يوم ثوب تلبسه.
فإذا كان وصفاً فأحسنه أن يكون فيه الهاء لأنه ليس بموضع إعمال ولكنه يجوز فيه كما جاز في الوصل لأنه في موضع ما يكون من الاسم.
ولم تكن لتقول: أزيداً أنت رجل تضربه وأنت إذا جعلته وصفاً للمفعول لم تنصبه لأنه ليس بمبني على الفعل ولكن الفعل في موضع الوصف كما كان في موضع الخبر.
فمن ذلك قول الشاعر: وقال زيد الخير: أفي كل عام مأتم تبعثونه على محمر ثوبتموه وما رضا وقال جرير فيما ليس فيه الهاء: أبحت حمى تهامة بعد نجد وما شيء حميت بمستباح وقال آخر: فما أدري أغيرهم تناء وطول العهد أم مال أصابوا ومما لا يكون فيه إلا الرفع قوله: أعبد الله أنت الضاربه لأنك إنما تريد معنى أنت الذي ضربه.
وهذا لا يجري مجرى يفعل.
ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول: ما زيداً أنا الضارب ولا زيداً أنت الضارب " وإنما تقول: الضارب زيداً على مثل قولك الحسن وجهاً ".
ألا ترى أنك لا تقول: أنت المائة الواهب كما تقول: أنت زيداً ضارب.
وتقول: هذا ضارب كما ترى فيجيء على معنى هذا يضرب وهو يعمل في حال حديثك وتقول: هذا ضارب فيجيء على مغنى هذا سيضرب.
وإذا قلت: هذا الضارب فإنما تعرفه على معنى الذي ضرب فلا يكون إلا رفعاً كما أنك لو قلت: أزيد أنت ضاربه إذا لم ترد بضاربه الفعل وصار معرفة " رفعت " فكذلك هذا الذي لا يجيء إلا على هذا المعنى فإنما وأصل وقوع الفعل صفة للنكرة كما لا يكون الاسم كالفعل إلا نكرة.
ألا ترى أنك لو قلت: أكل يوم زيداً تضربه لم يكن إلا نصباً لأنه ليس بوصف.
فإذا كان وصفاً فليس بمبني عليه الأول كما أنه لا يكون الاسم مبنياً عليه في الخبر فلا يكون ضارب بمنزلة يفعل وتفعل إلا نكرة.
وتقول: أذكر أن تلد ناقتك أحب إليك أم أنثى كأنه قال: أذكر نتاجها أحب إليك أم أنثى.
فأن تلد اسم وتلد به يتم الاسم كما يتم الذي بالفعل فلا عمل له " هنا " كما ليس يكون لصلة الذي عمل.
وتقول: أزيد أني ضربه عمرو أمثل أم بشر كأنه قال: أزيد ضرب عمرو إياه أمثل أم بشر فالمصدر مبتدأ وأمثل مبني عليه ولم ينزل منزلة يفعل فكأنه قال: أزيد ضاربه خير أم بشر.
وذلك لأنك ابتدأته وبنيت عليه فجعلته اسماً ولم يلتبس زيد بالفعل إذ كان صلة له كما لم يلتبس به الضاربه حين قلت: زيد أنت الضاربه إلا أن الضاربه في معنى الذي ضربه والفعل تمام هذه الأسماء " فالفعل لا يلتبس بالأول إذا كان هكذا ".
وتقول: أأن تلد ناقتك ذكراً أحب إليك أم أنثى لأنك حملته على الفعل الذي هو صلة أن فصار في صلته فصار كقولك: الذي رأيت أخاه زيد.
ولا يجوز أن تبتدئ بالأخ قبل الذي وتعمل فيه رأيت " أخاه زيد ".
فكذلك لا يجوز النصب في قولك: أذكر أن تلد ناقتك أحب إليك أم أنثى.
وذلك أنك لو قلت: أخاه الذي رأيت زيد لم يجز وأنت تريد: الذي رأيت أخاه زيد.
ومما لا يكون في الاستفهام إلا رفعاً " قولك ": أعبد الله أنت أكرم عليه أم زيد وأعبد الله أنت له أصدق أم بشر كأنك قلت: أعبد الله أنت أخوه أم بشر لأن أفعل ليس بفعل ولا اسم يجري مجرى الفعل وإنما هو بمنزلة حسن وشديد ونحو ذلك.
ومثله: أعبد الله أنت له خير أم بشر.
وتقول: أزيد أنت له أشد ضرباً أم عمرو فإنما انتصاب الضرب كانتصاب زيد في قولك: ما أحسن زيداً وانتصاب وجه في قولك: حسن وجه الأخ.
فالمصدر هنا كغيره من الأسماء كقولك: أزيد أنت له أطلق وجهاً أم فلان.
وليس له سبيل إلى الإعمال وليس له وجه في ذلك.
ومما لا يكون في الاستفهام إلا رفعاً قولك: أعبد الله إن تره تضربه وكذلك إن طرحت الهاء مع قبحه فقلت: أبعد الله إن تر تضرب فليس للآخر سبيل على الاسم لأنه مجزوم وهو جواب الفعل الأول وليس للفعل الأول سبيل لأنه مع إن بمنزلة قولك: أعبد الله حين يأتيني أضرب فليس لعبد الله في يأتيني حظ لأنه بمنزلة قولك: أعبد الله يوم الجمعة أضرب.
ومثل ذلك: زيد حين أضرب يأتيني لأن المعتمد على زيد آخر الكلام وهو يأتيني.
وكذلك إذا قلت: زيداً إذا أتاني أضرب وإنما هو بمنزلة حين.
فإن لم تجزم الآخر نصبت وذلك قولك: أزيداً إن رأيت تضرب.
وأحسنه أن تدخل في رأيت الهاء لأنه غير مستعمل فصارت حروف الجزاء في هذا بمنزلة قولك: زيد كم مرة رأيته.
فإذا قلت: إن تر زيداً تضرب فليس إلا هذا صار بمنزلة قولك: حين ترى زيداً يأتيك لأنه صار في موضع المضمر حين قلت: زيد حين تضربه يكون كذا وكذا.
ولو جاز أن تجعل زيداً مبتدأ على هذا الفعل لقلت: القتال زيداً حين تأتي تريد القتال حين تأتي زيداً.
وتقول في الخبر وغيره: إن زيداً تره تضرب تنصب زيداً لأن الفعل أن يلي إن أولي كما كان ذلك في حروف الاستفهام وهي أبعد من الرفع لأنه لا يبنى فيها الاسم على مبتدأ.
وإنما أجازوا تقديم الاسم في إن لأنها أم الجزاء ولا تزول عنه فصار ذلك فيها كما صار في ألف الاستفهام ما لم يجز في الحروف الأخر.
وقال النمر بن تولب: لا تجزعي إن منفساً أهلكته وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي وإن اضطر شاعر فأجري إذا مجرى إن فجازى بها قال: أزيد إذا تر تضرب إن جعل تضرب جواباً. وإن رفعها نصب لأنه لم يجعلها جواباً.
وترفع الجواب حين يذهب الجزم من الأول في اللفظ. والاسم ههنا مبتدأ إذا جزمت نحو قولهم: أيهم يأتك تضرب إذا جزمت لأنك جئت بتضرب مجزوماً بعد أن عمل الابتداء في أيهم ولا سبيل له عليه.
وكذلك هذا حيث جئت به مجزوماً بعد أن عمل فيه الابتداء. وأما الفعل الأول فصار مع ما قبله بمنزلة حين وسائر الظروف.
وإن قلت: زيد إذا يأتيني أضرب تريد معنى الهاء ولا تريد زيداً أضرب إذا يأتيني ولكنك تضع أضرب ههنا مثل أضرب إذا جزمت وإن لم يكن مجزوماً لأن المعنى معنى المجازاة في قولك: أزيد إن يأتك أضرب ولا تريد به أضرب زيداً فيكون على أول الكلام كما لم ترد بهذا أول الكلام رفعت.
وكذلك حين إذا قلت: أزيد حين يأتيك تضرب.
وإنما رفعت الأول في هذا كله لأنك جعلت تضرب وأضرب جواباً فصار كأنه من صلته إذ كان من تمامه ولم يرجع إلى الأول.
وإنما ترده إلى الأول فيمن قال: إن تأتني آتيك وهو قبيح وإنما يجوز في الشعر.
وإذا قلت: أزيد إن يأتك تضرب فليس تكون الهاء إلا لزيد ويكون الفعل الآخر جواباً للأول.
ويدلك على أنها لا تكون إلا لزيد أنك لو قلت: أزيد إن تأتك أمة الله تضربها لم يجز لأنك وإذا قلت: زيداً لم أضرب أو زيداً لن أضرب لم يكن فيه إلا النصب لأنك لم توقع بعد لم ولن شيئاً يجوز لك أن تقدمه قبلهما فيكون على غير حاله بعدهما " كما كان ذلك في الجزاء ".
ولن أضرب نفي لقوله: سأضرب كما أن " لا تضرب نفي لقوله: اضرب " ولم أضرب نفي لضربت.
وتقول: كل رجل يأتيك فاضرب " نصب " لأن يأتيك ههنا صفة فكأنك قلت: كل رجل صالح اضرب.
فإن قلت: أيهم جاءك فاضرب رفعته لأنه جعل جاءك في موضع الخبر وذلك لأن قوله: فاضرب في موضع الجواب وأي من حروف المجازاة وكل رجل ليست من حروف المجازاة.
ومثله: زيد إن أتاك فاضرب إلا أن تريد أول الكلام فتنصب ويكون على حد قولك: زيداً إن أتاك تضرب وأيهم يأتك تضرب إذا كان بمنزلة الذي.
وتقول: زيداً إذا أتاك فاضرب.
فإن وضعته في موضع زيد عن يأتك تضرب رفعت فارفع إذا كانت تضرب جواباً ليأتك وكذلك حين.
والنصب في زيد أحسن إذا كانت الهاء يضعف تركها ويقبح.
فأعمله في الأول وليس هذا في القياس لأنها تكون بمنزلة حين وإذا وحين لا يكون واحداً منهما وتقول: الحر حين تأتيني فيكون ظرفاً لما فيه من معنى الفعل.
وجميع ظروف الزمان لا تكون ظروفاً للجثث.
فإن قلت: زيداً يوم الجمعة أضرب لم يكن فيه إلا النصب لأنه ليس ههنا معنى جزاء ولا يجوز الرفع إلا على قوله: كله لم أصنع ألا ترى أنك لو قلت: زيد يوم الجمعة فأنا أضربه لم يكن " ولو قلت: زيد إذا جاءني فأنا أضربه كان جيداً ".
فهذا يدلك على أنه يكون على غير قوله زيداً أضرب حين يأتيك. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 51891 العمر : 72
| موضوع: رد: المجلد الأول الخميس 28 يونيو 2018, 6:16 pm | |
| هذا باب الأمر والنهي والأمر والنهي يختار فيهما النصب في الاسم الذي يبنى عليه الفعل ويبنى على الفعل كما اختير ذلك في باب الاستفهام لأن الأمر والنهي إنما هما للفعل كما أن حروف الاستفهام بالفعل أولى وكان الأصل فيها أن يبتدأ بالفعل قبل الاسم فهكذا الأمر والنهي لأنهما لا يقعان إلا بالفعل مظهراً أو مضمراً.
وهما أقوى في هذا من الاستفهام لأن حروف الاستفهام قد يستفهم بها وليس بعدها إلا الأسماء نحو قولك: أزيد أخوك ومتى زيد منطلق وهل عمرو ظريف.
والأمر والنهي لا يكونان إلا بفعل وذلك قولك: زيداً اضربه وعمراً امرر به وخالداً اضرب أباه وزيداً اشتر له ثوباً.
ومثل ذلك: أما زيداً فاقتله وأما عمراً فاشتر له ثوباً وأما خالداً فلا تشتم أباه وأما بكراً فلا تمرر به.
ومنه: زيداً ليضربه عمرو وبشراً ليقتل أباه بكر لأنه أمر للغائب بمنزلة افعل للمخاطب.
وقد يكون في الأمر والنهي أن يبنى الفعل على الاسم وذلك قولك: عبد الله اضربه ابتدأت عبد الله فرفعته بالابتداء ونبهت المخاطب له لتعرفه باسمه ثم بنيت الفعل عليه كما فعلت ذلك في الخبر.
ومثل ذلك: أما زيد فاقتله.
فإذا قلت: زيد فاضربه لم يستقم أن تحمله على الابتداء.
ألا ترى أنك لو قلت: زيد فمنطلق لم يستقم فهو دليل على أنه لا يجوز أن يكون مبتدأ.
فإن شئت نصبته على شيء هذا تفسيره كما كان ذلك في الاستفهام وإن شئت على عليك كأنك قلت: عليك زيداً فاقتله.
وقد يحسن ويستقيم أن تقول: عبد الله فاضربه إذا كان مبيناً على مبتدأ مظهر أو مضمر.
فأما في المظهر فقولك: هذا زيد فاضربه وإن شئت لم تظهر " هذا " ويعمل كعمله إذا أظهرته وذلك قولك: الهلال والله فانظر إليه كأنك قلت: هذا الهلال ثم جئت بالأمر.
ومما يدلك على حسن الفاء ههنا أنك لو قلت: هذا زيد فحسن جميل كان " كلاماً " جيداً.
ومن ذلك قول الشاعر: وقائلة خولان فانكح فتاتهم وأكرومة الحيين خلو كما هيا هكذا سمع من العرب تنشده.
وتقول: هذا الرجل فاضربه إذا جعلته وصفاً ولم تجعله خبراً.
وكذلك: هذا زيد فاضربه إذا كان معطوفاً على " هذا " أو بدلاً.
وتقول: اللذين يأتيانك فاضربهما تنصبه كما تنصب زيداً وإن شئت رفعته على أن يكون مبنياً على مظهر أو مضمر.
وإن شئت كان مبتدأ لأنه يستقيم أن تجعل خبره من غير الأفعال بالفاء.
ألا ترى أنك لو قلت: الذي يأتيني فله درهم والذي يأتيني فمكرم محموم كان حسناً.
ولو قلت: زيد فله درهم لم يجز.
وإنما جاز ذلك لأن قوله: الذي يأتيني فله درهم في معنى الجزاء فدخلت الفاء في خبره كما تدخل في خبر الجزاء.
ومن ذلك قوله عز وجل: الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ".
ومن ذلك قولهم: كل رجل يأتيك فهو صالح وكل رجل جاء فله درهمان لأن معنى الحديث وأما قول عدي بن زيد: أرواح مودع أم بكور أنت فانظر لأي ذاك تصير فإنه على أن يكون في الذي يرفع على حالة المنصوب في النصب.
يعني أن الذي من سببه مرفوع فترفعه بفعل هذا يفسره كما كان المنصوب ما هو من سببه ينتصب فيكون ما سقط على سببيه تفسيره في الذي ينصب على أنه شيء هذا تفسيره.
يقول: ترفع " أنت " على فعل مضمر لأن الذي من سببه مرفوع وهو الاسم المضمر الذي في انظر.
وقد يجوز " أن يكون " أنت على قوله: أنت الهالك كما يقال: إذا ذكر إنسان لشيء قال الناس: زيد.
وقال الناس: أنت.
ولا يكون على أن تضمر هذا لأنك لا تشير للمخاطب إلى نفسه ولا تحتاج إلى ذلك وإنما تشير له إلى غيره.
ألا ترى أنك لو أشرت له إلى شخصه فقلت: هذا أنت لم يستقم.
ويجوز هذا أيضاً على قولك: شاهداك أي ما ثبت لك شاهداك.
قال الله تعالى جده: " طاعة وقول معروف ".
فهو مثله.
فإما أن يكون أضمر الاسم وجعل هذا خبره كأنه قال: أمرى طاعة " وقول معروف " أو يكون أضمر الخبر فقال: طاعة وقول معروف أمثل. واعلم أن الدعاء بمنزلة الأمر والنهي وإنما قيل: " دعاء " لأنه استعظم أن يقال: أمر أو نهي. وذلك قولك: اللهم زيداً فاغفر ذنبه وزيداً فأصلح شأنه وعمراً ليجزه الله خيراً.
وتقول: زيداً قطع الله يده وزيداً أمر الله عليه العيش لأن " معناه معنى " زيداً ليقطع الله يده.
وقال أبو الأسود الدؤلي: أميران كانا آخياني كلاهما فكلاً جزاه الله عني بما فعل ويجوز فيه من الرفع ما جاز في الأمر والنهي ويقبح فيه ما يقبح في الأمر والنهي.
وتقول: أما زيداً فجدعاً له وأما عمراً فسقياً له لأنك لو أظهرت الذي انتصب عليه سقياً وجدعاً لنصبت زيداً وعمراً فإضماره بمنزلة إظهاره كما تقول: أما زيداً فضرباً.
وتقول: أما زيد فسلام عليه وأما الكافر فلعنة الله عليه لأن هذا ارتفع بالابتداء.
وأما قوله عز وجل: " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ".
وقوله تعالى: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " فإن هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثل قوله تعالى: " مثل الجنة التي وعد المتقون ".
ثم قال بعد: " فيها أنهار من ماء " فيها كذا وكذا.
فغنما وضع المثل للحديث الذي بعده فذكر أخباراً وأحاديث فكأنه قال: ومن القصص مثل الجنة أو مما يقص عليهكم مثل الجنة فهو محمول على هذا الإضمار " ونحوه ".
والله تعالى أعلم.
وكذلك " الزانية والزاني " " كأنه " لما قال جل ثناؤه: " سورة أنزلناها وفرضناها ".
قال: في الفرائض الزانية والزاني " أو الزانية والزاني في الفرائض ".
ثم قال: فاجلدوا فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع كما قال: وقائلة: خولان فانكح فتاتهم فجاء بالفعل بعد أن عمل فيه المضمر.
وكذلك: " والسارق والسارقة " " كأنه قال: و " فيما فرض عليكم " السارق والسارقة أو السارق والسارقة فيما فرض عليكم ".
فإنما دخلت هذه الأسماء بعد قصص وأحاديث.
ويحمل على نحو من هذا " ومثل ذلك ": " واللذان يأتيانها منكم فآذوهما ".
وقد يجري هذا في زيد وعمرو على هذا الحد إذا كنت تخبر " بأشياء " أو توصي.
ثم تقول: زيد فيمن أوصي به فاحسن إليه وأكرمه.
وقد قرأ أناس: " والسارق والسارقة " و " الزانية والزاني " وهو في العربية على ما ذكرت لك من القوة.
ولكن أبت العامة إلا القراءة بالرفع.
وإنما كان الوجه في الأمر والنهي النصب لأن حد الكلام تقديم الفعل وهو فيه أوجب إذ كان ذلك يكون في ألف الاستفهام لأنهما لا يكونان إلا بفعل.
وقبح تقديم الاسم في سائر الحروف لأنها حروف تحدث قبل الفعل.
وقد يصير معنى حديثهن إلى الجزاء والجزاء لا يكون إلا خبراً وقد يكون فيهن الجزاء في الخبر وهي غير واجبة كحروف الجزاء فأجريت مجراها.
والأمر ليس يحدث له حرف سوى الفعل فيضارع حروف الجزاء فيقبح حذف الفعل منه كما يقبح حذف الفعل بعد حروف الجزاء.
وإنما يقبح حذف الفعل وإضماره بعد حروف الاستفهام لمضارعتها حروف الجزاء.
وإنما قلت: زيداً اضربه واضربه مشغولة بالهاء لأن الأمر والنهي لا يكونان إلا بالفعل فلا يستغنى عن الإضمار إن لم يظهر. |
|
| |
| المجلد الأول | |
|