خطبة عيد الفطر المبـارك
==============
الحمد لله الذي خلق الكون فنظمه وسن الدين وشرعه وخلق الإنسان وكرمه.
الحمد لله الذي خلقنا فسوانا وَمِنَ علينا فهدانا.
الله اكبر الله اكبر الله اكبر كبيرا الله اكبر الله اكبر الله اكبر ولله الحمد الله اكبر كبيراً.
عباد الله:
فإن يومكم هذا يوم شريف فضّله جل وعلا وشرفه وجعله عيداً سعيداً لأهل طاعته، يفرح به المؤمنون لأن الله وفقهم لإكمال الصيام وأعانهم على العبادة والقيام وتلاوة القرآن في شهر رمضان: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
قال (صلى الله عليه وسلم):
"لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ" ففرحنا اليوم بما وفقنا الله من إكمال صيام الشهر، وغداً نفرح الفرح الأكبر برضا الرحمن، عندما ندخل من باب الريان الذي لا يدخله إلا الصائمون المؤمنون.
قال رسول الله -(صلى الله عليه وسلم)-:
"الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: رَبِّ إِنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَيُشَفَّعَانِ".
عباد الله:
المؤمن الصادق لا يشبع من خير حتى يكون منتهاه الفردوس الأعلى من الجنة.
المؤمن الصادق يجني من كل ثمرة خيرها، تجده في الذكر مع الذاكرين وفي الصلاة من الساجدين، وفي الصيام من الصائمين، وفي جميع أنواع البر من المسارعين السابقين, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ»، قطعها لأنها كانت تؤذي المسلمين، وصار يتقلب في الجنة, وعجبي كيف بمن يؤذي المسلمين والمسلمات وينتهك أعراضهم، كيف بمن يقتل مسلماً متعمداً فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً.
ما حدث في المدينة المنورة على صاحبها أفضل صلاة وازكى تسليم وفي محافظتي القطيف وجدة شيء مؤلم، يحز في الخاطر ويبكي العين، ويدمي القلب، فاعلهم داعشي خارجي ارتكب محرماً مضاعفاً، في افضل شهر انه عمل مشين ينم عن خلل في العقيدة والسلوك والفهم, لا ادري كيف يفكر هؤلاء الخوارج لم تسلم منهم حتى مدينة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبالقرب من قبره ومكان نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم, هل يعقل في رمضان والناس صيام وفي مسجد رسول الله قيام؟، وتهجد وبكاء، وهؤلاء يخالفون نهجه وينتهكون حرمته بالتفجير، حسبنا الله ونعم الوكيل.
ألم يسمعوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ، وَلَا صَرْفٌ».
عَنْ عَائِشَةَ هِيَ بِنْتُ سَعْدٍ، قَالَتْ:
سَمِعْتُ سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لاَ يَكِيدُ أَهْلَ المَدِينَةِ أَحَدٌ، إِلَّا انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ المِلْحُ فِي المَاءِ».
وقال المعصوم (صلى الله عليه وسلم):
عن عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ، وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ: «وَلَا يُرِيدُ أَحَدٌ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ إِلَّا أَذَابَهُ اللهُ فِي النَّارِ ذَوْبَ الرَّصَاصِ، أَوْ ذَوْبَ الْمِلْحِ فِي الْمَاءِ» أين هم عن هذه الأحاديث الشريفة وفي شهر رمضان؟.
أيها الإخوة الكرام:
ان بلادنا مستهدفة من أعداء الأمة: ((يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)) يريدون ان يفتّو من وحدتنا، ويخلخلو من لحمتنا، ويضعفو تماسكنا مع ولاة امرنا بل يريدون ان ينقضو على ديننا وخيراتنا، وأنا لهم ذلك.
بلادنا تواجه حربا صهيونية بأقنعة مستأجرة, بلادنا تواجه محنة صفوية بأشكال مختلفة, بلادنا تواجه مدّا تغريبا من بني جلدتنا.
وما جري من الدواعش في مدينة رسول الله يزيدنا يقينا بأمرين:
١- حديث النبي عليه السلام يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان)”.
٢- بفضل الله نزداد في كل محنة ألفة وقوة ولحمة مع قيادتنا وعلمائنا وشعبنا بل يزداد وعي المجتمع بوجوب محاربة هؤلاء.
نسال الله ان يحفظ بلادنا من كل سوء وان يقبل الشهداء ويشفي المرضى.
أيها المسلمون:
يقول (صلى الله عليه وسلم) إن الله تعالى قال له: «... وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا -أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا- حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا".
ان الفتن الداخلية أشد فتكاً وأعم ضرراً؛ فهي تحملهم على أن يهلك بعضهم بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً، وكون بعضهم يسبي بعضاً يدل وبكل وضوح على عمق الأزمة التي تعيشها الأمة؛ فهذا النص يدل على داءين كبيرين يعضان في جسد الأمة: داء التكفير بالباطل، وداء استحلال الدماء المعصومة, وما ذلك إلا بأمرين: الغلو، وضعف الخشية أو غيابها.
فالغلو لا سقف له وهو يستقطب كل يوم في صفوفه طبقات جديدة حيث يأوي إليه كل ضال مضل، ضيق العطن، قليل الفهم والإدراك، وما يعترضنا من داخلنا هذه الأيام ثلاث فئات يجمعها اسم جامع، خوارج العصر وهم الخوارج, وصفويون حاقدون, ومنافقون.
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْشَأُ نَشْءٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ» قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ، أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً، حَتَّى يَخْرُجَ فِي عِرَاضِهِمُ الدَّجَّالُ».
والمشكلة في عصرنا الحاضر تكمن في اشتباه أمرهم لا في تقرير حكمهم، فالخوارج اليوم لا يرون أنهم خوارج بل يدعون أنهم من أهل السنة والجماعة ويقررون عقيدتهم قولاً، لكنهم يخالفونها تطبيقاً وعملاً: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.
وفي غمرة دخان هذه الحرب العالمية التي تشن على الأمة في أماكن عدة، كثيرًا ما يضرب بسلاح فتاك يؤثر في أبنائنا، وهو أكثر خطورة من السلاح المعروف ،خطره كالرصاص ذلك السلاح هو سلاح الكلمة، وهذا الصارم يطعن ويجرح ويقتل!
وقد علم من الواقع أنَّ من الناس من يجرح بلسانه جروحًا لا تندمل مع الزمن، ومن الناس من يقتل بلسانه الكثير من البشر، ومن الناس من يرهب به أممًا! لكنهم اليوم طوَّروا سلاحها على دأبهم في تطوير أسلحة الدمار الأخرى، فغدا إعلامهم الموجَّه المدروس قاتلًا للقيم محترفًا، فتّاكًا بالعقول، مدمرًا للأخلاق.
بل غدا الإرهاب تهمة للابتزاز فإذا أرادوا الضغط على دولة قالوا: تمارس الإرهاب، وإذا أرادوا الضغط على شخص وصموه بالإرهاب! وإذا أرادوا ان يتخلصوا من موقف قالو من اجل الإرهاب.
مع أننا ندرك وجود شرذمة قليلة من منتسبي الإسلام قد وقعوا في الإرهاب المذموم المتضمن للعدوان والبغي الذي أمرت الشريعة بضده ونهت عنه كما في قول الله تعالى: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْـمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، وفي مقابل التوسع في إدخال المسلمين تحت مسمى الإرهاب يخرجون أنفسهم دولًا وجماعات إرهابية، يهودية أو نصرانية أو علمانية لا دينية!
وما المنظمات الداعمة للصهيونية العاملة على حرب الإسلام، والتخويف منه إلا أنموذج صغير للإرهاب المدعوم أو المسكوت عنه غربيًّا! بينما يحاربون في بلدان المسلمين المؤسسات الإغاثية، والتعليمية أو يضيقون عليها بدعوى الإرهاب! مع أنها أبعد ما تكون عن الإرهاب، بل هي تحارب الغلو والتطرف، وتربي الناس على منهج الوسطية! وتعينهم على الخير.
يصدق عَلَيهِم قول الشاعر
يا واعــــظ الناس قد أصبحت متهمًا إذ عِبْتَ منهم أمورًا أنت تأتيها
كمن كسا الناس من عري، وعورتُه للناس بادية، ما إِنْ يـواريـها
الخطبة الثانية
الله أكبر الله أَكبر الله أكبر الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
ان عوامل ضعف الأمة الداخلية والخارجية كثيرة، وكذلك مظاهر انحرافها عن الجادة التي ينبغي أن تصلح لتعود إلى العهد الأول.
والمهم أن ندرك أنه لا يضيرنا عظم التحديات إذا سَلمت الجبهة الداخلية؛ بدءاً بالنفس، ومروراً بالأسرة، وانتهاءً بالأمة.
وأما الأعداء:
{لَن يَضُرُّوكُمْ إلاَّ أَذًى}.
واما المنهج في الوقاية والفوز:
{وَإن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}، فلن تؤثر العوامل الخارجية أثراً يضر ما لم تكن ثمة أسباب داخلية تتفاعل معها، وإذا تحقق أمران تجاوزت الأمة أعظم التحديات...
وهما:
1- سلامة التصور.
2- العمل على تحقيقه واقعاً جميعاً.
وأهم الصوارف عن هذين ثلاثة أمور هي أعظم التحديات التي ينبغي أن نقف معها، وهي:
الأول: الجهل بالدين.
وتأمّل حال الخوارج؛ كانوا بالمصطلح المعاصر من جملة الإسلاميين، وكانوا من أشد الناس عبادة وأحرصهم على إقامة الدين، حتى قال (صلى الله عليه وسلم) لعمر -رضي الله عنه- في شأن رأسهم ذي الخويصرة: «عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا، أَتَاهُ ذُو الخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ، فَقَالَ: «وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ»، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ: «دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ،...» الحديث.
الثاني:
الهوى، وهو أصل كل شر وفتنة وبلاء، وبه كذبت الرسل، وعصي الرب، ودخل النار، وحلت العقوبات.
قال تعالى:
{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ}.
وأما الثالث:
تبديد الجهود وصرف الأوقات في خلافات ونزاعات داخلية بين العاملين، وهذا من أعظم أثر الاثنين قبله.
قَال تعالى:
((وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)).
ومما تستعيد به الأمة مكانها إشاعة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاحتساب في جلب المصالح العامة ودفع المضار، ومن المهم إعادة غرس هذه الفريضة شعبيًا؛ حتى يقر في نفس العامي قبل المتعلم، والمرأة قبل الرجل، أنها فريضة عامة تجب على كل أحد قدر طاقته، ومبلغ علمه، وأنها تشمل الأخلاق والأموال، والإدارة والسياسة، وكل الشأن العام وأنها سبيل للأمن، وحفظ الحقوق، والمراقبة البصيرة، وتقليل الشرور.
قال الله تعالى:
{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، وهذه الخيرية في الأمة باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولكي تستعيد الامة مكانتها يجب تعلُّم القرآن وتعليمه، كما قال في الصحيح: عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» وكذا تعلم سنة رسول الله الصحيحة فمن رمى حِلَق التحفيظ القائمة على خدمة كتاب الله علماً وتعلُّماً بمجانبة الوسطية، ولو باسم الدعوة إلى الوسطية فقد جانب سبيل الوسطية المحمودة في الشريعة.
أيها المسلمون:
إن المكر كبّارٌ، والخطب عصيبٌ، لكن الأمر كما قال الله تعالى لسلفنا الأولين: {وَإن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}، فعلينا بالصبر الإيجابي المقتضي للعمل الدؤوب وترك الاستعجال..
بل أمرنا الله تعالى فقال:
{قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْـمُجْرِمِينَ}.
ومن الواجب على الأمة كي تسترد عافيتها المسلوبة أن تلتف حول ولاة امرها تناصحهم وتعمل معهم في خدمة البلاد ومنافع العباد ومن الواجب على الأمة كي تسترد عافيتها المسلوبة ان تلتف حول الرواد والمصلحين، الذين يريدون الخير لها في العاجلة والآجلة، ويسعون للمصالح الشرعية العامة، مترفعين عن الرغبات الشخصية والمكاسب الذاتية، وقد جعل الله من القبول العام دليلًا تبصر به الأمة؛ فتعرف الصادق من المدخول، والناصح من ذي المآرب، ومن هو معها ممن هو عليها، وأمين بأفراد الأمة؛ أن يكونوا خير عون لهؤلاء البررة الذين صرموا أعمارهم، ولم يحبسوا أنفسهم على خاصة شؤونهم، بل انغمسوا في كل أمر يعلي موقع أمتهم، ويصلح شأن شعوبها، ويحفظ على المجتمعات دينها وأمنها، ويسترجع لها كرامتها وعزتها.
إننا في حاجة ماسة لإشاعة خُلُق المواساة خاصة مع المحتاجين والمهمومين ,المواساة دلالة على أصالة مَعْدنِ مَن تحلّى به، وكرَم نفسه، ودماثة خلقه، وسُمُوّ هِمَّته، ورجاحة عقله؛ بل هو من أخلاق المؤمنين وجميل صفات المحسنين.
بالمواساة تُبنى المعارف، وتتوطد العلاقات، وتتعمق الأُخوة، وتزداد المحبة وتستمر المودة والألفة، ويُحفَظ الجميل، ويَعظُم الوفاء.
وبالمواساة يندحِر وَحْرُ الصدر، ويُحسَن الظن، ويُقبَل العُذر، وتقال العثرات، وتُلتَمَس الأعذار.
أيتها الزوجة المصونة:
الله الله في زوجك وبيتك واهلك اعتني به تحنني عليه اسعديه ((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خُمُسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ»). صحيح ابن حبان.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ قَالَ: «الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ»
حبيبنا الزوج:
استوصوا بالنساء خيراً، ((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ أَوْ لِيَسْكُتْ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا».
أيها الأزواج:
لقد اهتم النبي (صلى الله عليه وسلم) بأسس البناء النفسي والعاطفي للطفل، فقد كان يهتم بالأطفال ويفيض عليهم من حبه وحنانه فيقبلهم ويداعبهم ويلاعبهم ويسأل عنهم ويسلم عليهم ويسر لرؤيتهم ويمسح على رؤوسهم ويضع يده الشريفة على خدهم ويدعو لهم ويضعهم في حجره بل ويصبر عليهم ويستمع إلى أحاديثهم ويثني عليهم ويكني صغيرهم، فالطفل هو الطفل يهفو على الدوام لمن كان له قلب رحيم يعطيه وينميه ويجد في رحابه عاطفة الأبوة الجاذبة.
وإذا أردنا تربية سليمة فعلينا الاهتمام بالصغار والعناية بهم فهم ذخيرة اليوم وعدة المستقبل قال النبي (صلى الله عليه وسلم): «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، مِنَ الْبَغْيِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ».
احذروا من القطيعة تألفوا وتقاربوا وتطاوعوا.
تحية ودعاء وتقدير لرجال امننا البواسل على حدودنا وفي الميدان هنيئا لكم بقول النبي (صلى الله عليه وسلم) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
برغم مآسي الأمة وواقعها المؤلم ومآسيها المتعددة إلا أننا يجب ان نظهر الفرح ليعلم العالم ان في ديننا فسحة وقوة وقدرة نفرح فرحا يظهر سماحة ديننا وأصالة ثقافتنا من قلب رحِمِ الفتنة ينطلق الصوت الكريم بالتفاؤل، يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُفَرَّجَنَّ عَنْكُمْ مَا تَرَوْنَ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْبَلَاءِ، فَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ آمِنًا، وَأَنْ يَدْفَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَفَاتِحَ الْكَعْبَةِ، وَلَيُهْلِكَنَّ اللهُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَلَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللهِ".
هكذا يكون الرجال بالإيمان، يحوّلون الألم إلى أمل، والتشاؤم إلى تفاؤل، والضيقَ إلى سعة، والمحنة إلى منحة، فتتقدّم الحياة وتنمو ويستمرّ عطاؤها. المسلم المتفائل لا يسمح لمسالك اليأس أن تتسلّل إلى نفسه أو تعشّش في زوايا قلبه، قال تعالى: إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ومع ترادفِ صنوف البلاء على يوسف عليه السلام ثبت ولم يقنط ولم ييأس، فجاءه نصر الله وجعله على خزائن الأرض.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين.
الله اكبر الله اكبر ولله الحمد.