منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 خطبة إبليس في النار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

خطبة إبليس في النار Empty
مُساهمةموضوع: خطبة إبليس في النار   خطبة إبليس في النار Emptyالخميس 05 أكتوبر 2023, 11:07 pm

خطبة إبليس في النار Ocia_989
خطبة إبليس في النار
قال الحسن:
يقف إبليس يوم القيامة خطيباً
في جهنم على منبر من نار تسمعه الخلائق جميعاً.
تأليف
العبد الفقير إلى عفو ربه
أبي أنس
ماجد إسلام البنكاني
حقوق الطبع والترجمة لكل من يريد طبعه وتوزيعه مجاناً

قال الله تعالى:
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (سورة إبراهيم آية: 22).

بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ لله نحمَدُه، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له. وأشهد أنّ لا إله إلاّ اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسولُه. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴿102﴾) (1).
أمَّا بعد:
فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد، وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

لقد خلق الله سبحانه وتعالى الجنة وخلق لها أهلها، كما خلق النار وخلق لها أهلها، حيث يدخلها كل من كفر بالله أو أشرك معه غيره، ويكون فيها خالداً مخلداً والعياذ بالله.

وعندما يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، يجتمع أهل النار باللَّوم على إِبليس، فيقوم إبليس فيهم خطيباً:
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) (2).

قال ابن الجوزي: قوله تعالى: {وقال الشيطان} قال المفسرون: يعني به إِبليس، {لما قُضي الأمر} أي: فُرغ منه، فدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فحينئذ يجتمع أهل النار باللَّوم على إِبليس، فيقوم فيما بينهم خطيباً ويقول: {إِن الله وَعَدَكم وَعْد الحق} أي: وعدكم كَوْن هذا اليوم فَصَدَقكم {ووعدتكم} أنه لا يكون {فأخلفتكم} الوعد {وما كان ليَ عليكم من سلطان} أي: ما أظهرت لكم حُجَّةً على ما ادَّعيت.

وقال بعضهم: ما كنت أملككم فأُكرهكم {إِلا أن دعوتكم} وهذا من الاستثناء المنقطع، والمعنى: لكن دعوتكم {فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} حيث أجبتموني من غير برهان، {ما أنا بمصرخكم} أي: بمغيثكم {وما أنتم بمصرخيَّ} أي: بمغيثيَّ. قرأ حمزة «بمُصرِخيِّ» فحرك الياء إِلى الكسر، وحرَّكها الباقون إِلى الفتح. قال قُطرب: هي لغة في بني يربوع، يعني: قراءة حمزة.

قال اللغويون: يقال: استصرخني فلان فأصرخته، أي: استغاثني فأغثته. {إِني كفرت} اليوم بإشراككم إِياي في الدنيا مع الله في الطاعة، {إِن الظالمين} يعني: المشركين.

زاد ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير مستشهدا بقول أمية بن أبي الصلت:
ولا تَجَزعوا إنّي لكم غيرُ مُصْرِخٍ     وليس لكم عندي غَنَاءٌ ولا نَصْرُ
وقال القرطبي: قوله تعالى: {وَقَالَ الشيطان لَمَّا قُضِيَ الأمر}، قال الحسن: يقف إبليس يوم القيامة خطيباً في جهنم على منبر من نار تسمعه الخلائق جميعاً.

ومعنى: «لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ» أي حُصِّل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.

وقوله: {إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق} يعني البعث والجنة والنار وثواب المطيع وعقاب العاصي فصدَقكم وعدَه، ووعدتكم أن لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب فأخلفتكم.

وروى ابن المبارك من حديث عُقْبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال: "فيقول عيسى أدلّكم على النبي الأمي فيأتوني فيأذن الله لي أن أقوم فَيثُور مجلسي من أطيب ريح شَمَّها أحدٌ حتى آتي ربي فيشفِّعني ويجعل لي نوراً من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ثم يقول الكافرون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا فيقولون ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا فيأتونه فيقولون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فاشفع لنا فإنك أضللتنا فَيثُور مجلسه من أنتن ريح شَمَّها أحدٌ ثم يَعظُم نَحِيبُهم ويقول عند ذلك: {إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ}. الآية.

«وَعْدَ الْحَقِّ» هو إضافة الشيء إلى نعته كقولهم: مسجد الجامع؛ قال الفرّاء قال البصريون: وعدكم وعد اليوم الحقّ أو وعدكم وعد الوعد الحقّ فصدَقكم؛ فحذف المصدر لدلالة الحال.

{وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ} أي من حجة وبيان؛ أي ما أظهرت لكم حجة على ما وعدتكم وزيّنته لكم في الدنيا، {إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي} أي أغويتكم فتابعتموني.

وقيل: لم أقهركم على ما دعوتكم إليه.

«إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ» هو استثناء منقطع؛ أي لكن دعوتكم بالوسواس فاستجبتم لي باختياركم، {فَلاَ تَلُومُونِي ولوموا أَنفُسَكُمْ}.

وقيل: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ} أي على قلوبكم وموضع إيمانكم لكن دعوتكم فاستجبتم لي؛ وهذا على أنه خَطَب العاصيَ المؤمنَ والكافَر الجاحد؛ وفيه نظر؛ لقوله: «لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ» فإنه يدلّ على أنه خَطَب الكفّار دون العاصين الموحِّدين؛ والله أعلم.

{فَلاَ تَلُومُونِي ولوموا أَنفُسَكُمْ} إِذا جِئتمونيِ من غير حجة. {مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ} أي بمغيثكم. {وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} أي بمغيثيّ.

والصّارخ والمستصرخ هو الذي يطلب النُّصرة والمعاونة، والمُصْرِخ هو المغِيث (3).

قال الطبري: يقول تعالى ذكره: وقال إبليس، «لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ»، يعني لما أدخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهل النار النارَ، واستقرّ بكل فريق منهم قرارهم، أن الله وعدكم، أيها الأتباعُ، النارَ، ووعدتكم النُّصْرة، فأخلفتكم وعدي، ووفى الله لكم بوعده، {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ}، يقول: وما كان لي عليكم، فيما وعدتكم من النصرة، من حجة تثبت لي عليكم بصدق قولي، {إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ}.

وهذا من الاستثناء المنقطع عن الأول، كما تقول: "ما ضربْتُه إلا أنه أحمق"، ومعناه: ولكن، {دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي}. يقول: إلا أن دعوتكم.

وعن عامر -الشعبي- في هذه الآية:
(مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) (4).

قال: خطيبان يقومان يومَ القيامة، إبليسُ وعيسى ابن مريم. فأمَّا إبليس فيقوم في حزبه فيقول هذا القول.

وأمَّا عيسى عليه السلام فيقول: "مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (5).

وأخبرنا الله سبحانه وتعالى ما أعده للكفار في النار أعاذنا الله منها، فقال عز وجل:
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (6).

قال الطبري:
يقول تعالى ذكره {والذين كفروا} بالله ورسوله {لهم نار جهنم} يقول: لهم نار جهنم مخلدين فيها، لاحظ لهم في الجنة ولا نعيمها.

وقوله {كذلك نجزي كل كفور} يقول تعالى ذكره: هكذا يكافئ كل جحود لنعم ربه يوم القيامة بأن يدخلهم نار جنهم بسيئاتهم التي قدموها في الدنيا.

وقوله {وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل} يقول تعالى ذكره: هؤلاء الكفار يستغيثون ويضجون في النار يقولون: يا ربنا أخرجنا نعمل صالحاً: أي نعمل بطاعتك غير الذي كنا نعمل.

وقال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله:
لما ذكر تعالى حال أهل الجنة ونعيمهم، ذكر حال أهل النار وعذابهم فقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} أي: جحدوا ما جاءتهم به رسلهم من الآيات، وأنكروا لقاء ربهم.

{لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ} يعذبون فيها أشد العذاب، وأبلغ العقاب.

{لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ} بالموت {فَيَمُوتُوا} فيستريحوا، {وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} فشدة العذاب وعظمه، مستمر عليهم في جميع الآنات واللحظات.

((وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا)) أي: يصرخون ويتصايحون ويستغيثون ويقولون: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} فاعترفوا بذنبهم، وعرفوا أن اللّه عدل فيهم، ولكن سألوا الرجعة في غير وقتها، فيقال لهم: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا} أي: دهرا وعمرا {يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} أي: يتمكن فيه من أراد التذكر من العمل، متعناكم في الدنيا، وأدررنا عليكم الأرزاق، وقيضنا لكم أسباب الراحة، ومددنا  لكم في العمر، وتابعنا عليكم الآيات، وأوصلنا إليكم النذر، وابتليناكم بالسراء والضراء، لتنيبوا إلينا وترجعوا إلينا، فلم ينجع فيكم إنذار، ولم تفد فيكم موعظة، وأخرنا عنكم العقوبة، حتى إذا انقضت آجالكم، وتمت أعماركم، ورحلتم عن دار الإمكان، بأشر الحالات، ووصلتم إلى هذه الدار دار الجزاء على الأعمال، سألتم الرجعة؟

هيهات هيهات، فات وقت الإمكان، وغضب عليكم الرحيم الرحمن، واشتد عليكم عذاب النار، ونسيكم أهل الجنة، فامكثوا فيها خالدين مخلدين، وفي العذاب مهانين، ولهذا قال: {فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} ينصرهم فيخرجهم منها، أو يخفف عنهم من عذابها (7).

وأخبرنا الله سبحانه وتعالى عنهم بقوله:
(وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ) (8).

وقال الله تعالى: (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ) (9).

قال القرطبي:
قوله تعالى: {وإذ يتحاجون في النار} أي يختصمون فيها {فيقول الضعفاء للذين استكبروا} عن الانقياد للأنبياء {إنا كنا لكم تبعا} فيما دعوتمونا إليه من الشرك في الدنيا {فهل أنتم مغنون} أي محملون {عنا نصيبا من النار} أي جزاءاً من العذاب والتبع يكون واحداً ويكون جمعاً في قول البصريين (10).
**********



خطبة إبليس في النار 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 06 أكتوبر 2023, 12:18 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

خطبة إبليس في النار Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطبة إبليس في النار   خطبة إبليس في النار Emptyالخميس 05 أكتوبر 2023, 11:13 pm


إتباع الشيطان وطاعته
ونذكر بعض الأمور ليس على سبيل الحصر التي يُتبع فيها الشيطان وتكون سبباً لدخول النار والعياذ بالله.

الشرك بالله تعالى
قال الله تعالى: (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) (11).

فالشرك هو أن تجعل لله نداً وهو خلقك وتعبد معه غيره وتصرف العبادة لغيره سبحانه وتعالى من شجر، أو حجر، أو بشر، أو قمر، أو نبي، أو شيخ، أو جني، أو نجم، أو مَلَكٍ وغير ذلك.

وسُئل -صلى الله عليه وسلم-: أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" (12).

والند هو: المثل.

قال تعالى: (وجغل لله أندادًا ليُضل عن سبيله قل تمتع بكفرك إنك من أصحاب النار) (13).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فمن جعل لله نداً من خلقه فيما يستحقه عز وجل من الإلهية والربوبية فقد كفر بإجماع المسلمين. أ.هـ (14).

فالذي يموت مشركاً بالله تعالى والعياذ بالله فهو من أهل النار خالداً فيها.

ومن أنوع الشرك المنتشرة في كثير من بلاد المسلمين:
عبادة القبور، واعتقاد أن الأولياء الموتى يقضون الحاجات ويفرجون الكربات والاستعانة والاستغاثة بهم.

يقول الله عز وجل: (ةمن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون).

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار" (15).
**********
الذبح لغير الله تعالى
وكذلك من أنواع الشرك الأكبر الذبح لغير الله.

قال الله تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق) (16).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لغير اللهِ" (17).

وعن علي رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من لعن والديه ولعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من آوى محدثا ولعن الله من غير منار الأرض" (18).

‌وعن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: "ملعونٌ مَنْ ذبح لغير الله" (19).
**********
ترك الصلاة
قال الله تعالى: (ما سلككم في سقر (42) قالوا لم نك من المصلين (43) (20).

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أولُ ما يُحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن كان أتمَّها كُتبت له تامَّة وأن لم يكن أتمَّها قال الله لملائكته: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكملون بها فريضته؟ ثم الزكاة كذلك ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك" (21).

وعن ابن مسعود، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أول ما يحاسب به العبد الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء" (22).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" (23).

وعن عبدالله بن شقيق العقيلي -رضي الله عنه- قال: "كان أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يَرونَ شيئاً من الأعمال تركُه كُفر، غيرَ الصلاة" (24).
**********
السحر والكهانة والعرافة
قال الله تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿102﴾) (25).

فالسحر كفر، والساحر لا بد أن يكفر، وحد الساحر القتل لأنه كفر بالله تعالى وكسبه حرام.

وأما الكاهن والعراف فكلاهما كافر بالله العظيم إذا ادَّعيا علم الغيب ولا يعلم علم الغيب إلا الله تعالى.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" (26).

وأما الذي يذهب إليهم غير مصدق بأنهم يعلمون الغيب لا يكفر ولكن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً عقوبة له على ما فعل.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً" (27).

وقال بجالة بن عبدة: أتانا كتاب عمر -رضي الله عنه- قبل موته بسنة أن اقتلوا كل ساحر وساحرة (28).

وعن أبي موسى -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر وقاطع رحم ومصدق بالسحر" (29).

وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس منا مَنْ تطيَّر أو تُطّيّر له، أو تُكهنَ له، أو سَحَرَ أو سُحِرَ له، ومَنْ أتى كاهناً فصدَّقهُ بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-" (30).

وعن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي-صلى الله عليه وسلم-، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوما" (31).

ومن الكبائر كذلك التي أمر بها الشيطان، واتبعه كثير من الناس كالزنا، وشرب الخمر، وقتل النفس، وعقوق الوالدين إلى غيرها من المعاصي والآثام والتي يستحق صاحبها العقاب.
**********



خطبة إبليس في النار 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

خطبة إبليس في النار Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطبة إبليس في النار   خطبة إبليس في النار Emptyالخميس 05 أكتوبر 2023, 11:14 pm


عدم القنوط من رحمة الله
كلنا نذنب والسعيد من اتعظ بغيره، وتاب من ذنبه، وأناب إلى ربه، واستيقظ من غفلته.

قال أحدهم لقد نظرت حالي في هذه المرحلة فوجدت أنني قد عشت دهراً من عمري مغروراً، ووجدت أن الأمـن الذي كنت أشعر به كان تغريراً !! وكان الذي كشف لي هذه الحقيقة مجموعة من الأمور تجمع بعضها مع بعض، فكشفت عن العين ما كان مستوراً، وإن لم في يكن حقيقته مستوراً!! فإن القـرآن قد نطق به كثيراً، والرسول صلى الله عليه وسلم قد خطب به على منبره دهراً طويلاً، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم النار رأي العين قال عليه الصلاة والسلام: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً!! (32).

أي من عظمة الله تعالى وشدة عقابه لأهل المعاصي، ومن أهوال يوم القيامة.

وكان صلى الله عليه وسلم إذا خطب عن الجنة والنار احمر وجهه كثيراً، واشتد غضبه، وعلا صوته، كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم (33).

وكـان صلى الله عليه وسلم إذا سمع كلمه يقولها صحابي من كلمات الطمأنينة والثقة والجزم بالجنة لمن عرف صلاحه، يقول: والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي!! (34).

ففي البخاري أن أم العلاء امرأة من نساء الأنصار بايعت النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرته أن عثمان بن مظعون طار لهم في السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين. قالت: أم العلاء، فاشتكى عثمان عندنا، فمَرَّضْتُه حتى توفى، وجعلناه في أثوابه، فدخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: رحمـة الله عليك أبا السائب!! شهادتي عليك: لقد أكرمك الله!! فقال النبي: وما يدريك أنّ الله أكرمه؟
قال: قلت لا أدري، بأبي وأمي يا رسول الله، فمن؟
قال: أما هو فقد جـاءه والله اليقين!! والله إني لأرجو له الخير، وما أدري والله، وأنا رسول الله ما يفعل بي؟!
قالت: فو الله لا أزكي أحداً بعده!! قالت: فأحزنني ذلك فنمت، فرأيت لعثمان عيناً تجري، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته. فقـال: ذلك عمله.

فيا عبد الله قد فتح الله سبحانه وتعالى التوبة لعباده، فقال جل في علاه:
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ*وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ*وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ*أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ*أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ *أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ*بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (35).

قال الشيخ السعدي في تفسيره: يخبر تعالى عباده المسرفين بسعة كرمه، ويحثهم على الإنابة قبل أن لا يمكنهم ذلك، فقال:{قُلْ} يا أيها الرسول ومن قام مقامه من الدعاة لدين اللّه، مخبرا للعباد عن ربهم: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} بإتباع ما تدعوهم إليه أنفسهم من الذنوب، والسعي في مساخط علام الغيوب.

{لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} أي: لا تيأسوا منها، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وتقولوا قد كثرت ذنوبنا وتراكمت عيوبنا، فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل يصرفها، فتبقون بسبب ذلك مصرين على العصيان، متزودين ما يغضب عليكم الرحمن، ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعا من الشرك، والقتل، والزنا، والربا، والظلم، وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار.

{إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} أي: وصفه المغفرة والرحمة، وصفان لازمان ذاتيان، لا تنفك ذاته عنهما، ولم تزل آثارهما سارية في الوجود، مالئة للموجود، تسح يداه من الخيرات آناء الليل والنهار، ويوالي النعم على العباد والفواضل في السر والجهار، والعطاء أحب إليه من المنع، والرحمة سبقت الغضب وغلبته، ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما أسباب إن لم يأت بها العبد، فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة، أعظمها وأجلها، بل لا سبب لها غيره، الإنابة إلى اللّه تعالى بالتوبة النصوح، والدعاء والتضرع والتأله والتعبد،. فهلم إلى هذا السبب الأجل، والطريق الأعظم.

ولهذا أمر تعالى بالإنابة إليه، والمبادرة إليها فقال:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} بقلوبكم{وَأَسْلِمُوا لَهُ} بجوارحكم، إذا أفردت الإنابة،دخلت فيها أعمال الجوارح، وإذا جمع بينهما، كما في هذا الموضع، كان المعنى ما ذكرنا.

وفي قوله{إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} دليل على الإخلاص، وأنه من دون إخلاص، لا تفيد الأعمال الظاهرة والباطنة شيئا. {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ} مجيئا لا يدفع {ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} فكأنه قيل: ما هي الإنابة والإسلام؟ وما جزئياتهما وأعمالهما؟

فأجاب تعالى بقوله: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} مما أمركم من الأعمال الباطنة، كمحبة اللّه، وخشيته، وخوفه، ورجائه، والنصح لعباده، ومحبة الخير لهم، وترك ما يضاد ذلك.

ومن الأعمال الظاهرة، كالصلاة، والزكاة والصيام، والحج، والصدقة، وأنواع الإحسان، ونحو ذلك، مما أمر اللّه به، وهو أحسن ما أنزل إلينا من ربنا، فالمتبع لأوامر ربه في هذه الأمور ونحوها هو المنيب المسلم،. {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} وكل هذا حثٌّ على المبادرة وانتهاز الفرصة. ثم حذرهم {أَن} يستمروا على غفلتهم، حتى يأتيهم يوم يندمون فيه، ولا تنفع الندامة.و {تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} أي: في جانب حقه. {وَإِنْ كُنْت} في الدنيا {لَمِنَ السَّاخِرِينَ} في إتيان الجزاء، حتى رأيته عيانا.

{أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} و"لو" في هذا الموضع للتمني،.أي: ليت أن اللّه هداني فأكون متقيا له، فأسلم من العقاب وأستحق الثواب، وليست "لو" هنا شرطية، لأنها لو كانت شرطية، لكانوا محتجين بالقضاء والقدر على ضلالهم، وهو حجة باطلة، ويوم القيامة تضمحل كل حجة باطلة.

{أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ} وتجزم بوروده {لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً} أي: رجعة إلى الدنيا لكنت {مِنَ الْمُحْسِنِينَ} قال تعالى: إن ذلك غير ممكن ولا مفيد، وإن هذه أماني باطلة لا حقيقة لها، إذ لا يتجدد للعبد لَوْ رُدَّ.

{بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي} الدالة دلالة لا يمترى فيها على الحق {فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ} عن اتباعها {وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} فسؤال الرد إلى الدنيا، نوع عبث، (وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) (36).

قال مغفل لابن مسعود رضي الله عنه: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله عز وجل تاب الله عليه؟» (37).

فقال: نعم سمعته يقول: «الندم توبة» (38).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول:
«إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه» (39).

وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» (40).

قال الله تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) (41).

دلت هذه الآية والحديث الذي قبلها على أن الذنوب كبائر وصغائر، وأن الصغائر كاللمسة، والنظرة تُكفر باجتناب الكبائر مع إقامة الفرائض، وذلك بوعده الصدق وقوله الحق, لا أنه يجب عليه ذلك، والكبائر هي الذنوب التي ورد الوعيد على مرتكبها باللعن أو الغضب أو النار في القرآن والسنة أو في أحدهما، وما عدا الكبائر فالذنوب صغائر ولا بد لتكفير الكبائر من التوبة منها والإقلاع عنها.

وكلنا يعلم حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا ثم قتل تمام المائة ثم أفتاه العالم بأن له توبة. والحديث رواه البخاري ومسلم.

ولكن هنا أمر مهم وهو من تمام التوبة رد الحقوق إلى أصحابها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
فمن تاب من ظلم لم يسقط بتوبته حق المظلوم، لكن من تمام توبته أن يعوضه بمثل مظلمته، وإن لم يعوضه في الدنيا فلا بد له من العوض في الآخرة، فينبغي للظالم التائب أن يستكثر من الحسنات حتى إذا استوفى المظلومون حقوقهم لم يبق مفلسا، ومع هذا فإذا شاء الله أن يعوض المظلوم من عنده فلا راد لفضله كما إذا شاء أن يغفر مادون الشرك لمن يشاء (42).
**********



خطبة إبليس في النار 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

خطبة إبليس في النار Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطبة إبليس في النار   خطبة إبليس في النار Emptyالخميس 05 أكتوبر 2023, 11:17 pm


الأسباب التي تعصم العبد من كيد الشيطان (43).
أذكر بعضها ليس على سبيل الحصر العصمة بإذن الله تعالى من كيد شياطين الإنس والجن، ومن كيد الشياطين:
1- العلم الشرعي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي جهله كثير من المسلمين؛ بل جهلوا كثيرا من أصول الدين، وقواعد العبادات، وقواعد العقائد، فتجد بعضهم يعمل أعمالا تخالف شرع الله عز وجل والعياذ بالله وغالبها الجهل.

فبالعلم ترد الشبهات، وبه تعتصم من الشيطان. وبالعلم يعصم العبد بإذن الله تعالى من كيد الشيطان ووسوته.

2- الأمر الثاني: التوكل على الله سبحانه وتعالى:
التوكل على الله سبحانه، وتفويض الأمر إليه، والاعتماد عليه، وصدق الالتجاء إليه سبحانه وتعالى؛ ما مسه كيد شيطان، سواء من شياطين الجن، أو الإنس.

قال الله تعالى: {وعلى الله فليتوكل المتوكلون} (44).

يقول: وعلى الله فليتوكل كل من كان به واثقا من خلقه فأما من كان به كافرا فإن وليه الشيطان (45).

والله سبحانه وتعالى يقول في أمر الشيطان:
((فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)) (46).

ليس له سلطان على هؤلاء، وليس له حيلة على هذا الصنف من الناس، ولكن إذا حصل التوكل على الله صدقا وحقا؛ إنما سلطانه على الذين يتولونه، والذين هم به مشركون، فمثل هؤلاء هم الذين يستبد بهم الشيطان، ويتلاعب بحياتهم، ويسبب لهم كثيرا من الأسقام، والأمراض والعياذ بالله.

أما الذي يتوكل على الله حق التوكل، ويخافه حق المخافة، توكلا صادقا، ويقينا جازما، واعتمادا مخلصا على الله؛ فإن الشيطان لا يستطيعه بإذن الله سبحانه وتعالى.

وليعلم المسلم أن من لوازم التوكل على الله؛ أن يحرص الإنسان على فعل كل ما أمر الله، وعلى ترك كل ما نهى عنه، ولا سيما المحافظة على الصلاة، وعلى قراءة كتاب الله، والالتزام بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك المواطن التي يعصى الله عز وجل بها.

ومن الأمور التي هي أمان وعصمة من كيد شياطين الجن والإنس ومن السحرة والمنجمين وأعداء الله:


3- المداومة على ذكر الله سبحانه وتعالى:
فإن ذكر الله إذا حافظ عليه العبد؛ كان أمانا من الشياطين، وعصمة من السحرة، والعرافين، وكان أمانا للإنسان من كل مكروه.

ولهذا السبب كان نبينا صلى الله عليه وسلم الذي يجب أن يكون قدوة لنا جميعا، كان يذكر الله سبحانه وتعالى  في كل أحيانه.

ولو أن العبد حرص على ذكر الله سبحانه وتعالى؛ قائما وقاعدا وراكدا، وداخلا وخارجا، ما مسه الشيطان أبدا؛ يقول سبحانه وتعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} (47).

فهذا جزاء من يعش عن ذكر الله، ومن يغفل عن ذكر الله سبحانه وتعالى.

قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس" (48).

قوله: "جاثم" أي لازم الجلوس ودائم اللصوق، على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله: أي ابن آدم بقلبه، أو ذكر قلبه الله "خنس": أي انقبض الشيطان وتأخر عنه واختفى، فتضعف وسوسته وتقل مضرته، "وإذا غفل": أي هو، أو قلبه عن ذكر الله "وسوس": أي إليه الشيطان وتمكن تمكنا تاما منه.

ونحن أيها الإخوان: لو تأملنا حالنا، وأنفسنا وبيوتنا؛ لوجدنا أنفسنا بعيدين كل البعد عن ذكر الله سبحانه إلا من رحم الله تعالى، بدل من أن تكون بيوتنا عامرة بذكر الله؛ نجد أن بيوت كثيراً من المسلمين عامرة بأصوات الشياطين؛ من الموسيقى الفاجرة، ومن الأغاني الماجنة التي تملأ بيوت الكثير من المسلمين والعياذ بالله، ولهذا السبب أيها الإخوان كثرت الأمراض العصبية، وكثرت حالات مس الشياطين، وكثرت حالات السحر؛ لأن بيوتنا لا يُذكَرُ الله فيها إلا قليلاً، فكيف نرجو أماناً وعصمةً من  الشياطين!.

ولقد سمعت بعض المصابين بالمس أجارنا الله وإيَّاكم يتكلم الشيطان على لسانه، ويقول: إنهم: (أي الشياطين) يردون بالمجتمعات التي تحفل بالموسيقى والغناء كثيراً، ويترددون عليها، ويسهل عليهم السيطرة والهيمنة على أهلها والعياذ بالله، وأمَّا الأماكن التي يُتلى فيها كتابُ الله، ويُذكَرُ فيها الله؛ فهم أبعد الناس عنها.

وبلغني عن أحد الإخوان؛ الذي قرأ عن امرأة مصابة بمس الشياطين؛ ذكر أنها كانت تتجرد عن بعض ملابسها، وترقص على صوت الموسيقى والعياذ بالله.

ففي مثل هذه الحالات، وفي حالة الجهل بذكر الله عز وجل، والإعراض عن ذكر الله؛ يسهل على شياطين الجن والإنس الدخول لبني آدم، ومسهم، والسيطرة عليهم، والتحكم فيهم، وجلب الأمراض المختلفة فيهم؛ نسأل الله العافية والسلامة.

أيها الأحباب: يجب أن نتعلم سنة نبينا صلى الله عليه وسلم يجب أن نتعلم ديننا، فإننا ولله الحمد أهل كتاب وأهل سنة، وإن الشارع الحكيم ما ترك شيئا إلا بينه لنا، وحثنا عليه، ورغبنا فيه، وما ترك حالة من حالات الإنسان؛ إلا ووضع لها الأذكار المناسبة اللائقة بها.

بين وشرع لنا الأذكار حالة الدخول، وحالة الخروج، وحالة دخول الخلاء الذي هو مورد الشياطين، وأكثر ما يصاب فيه المصابون فيه، ومنـزل الشياطين، وبين لنا الذكر عند الجماع، وعند الأكل والشرب، وعند لبس الثوب، وعند النوم، وفي كل حالة من حالات الإنسان.

فوالله الذي لا إله غيره؛ لو أن الإنسان حافظ على هذه الأوراد والأذكار؛ ما مسه الشيطان أبدا، ولا ناله السحر أبدا بإذن الله سبحانه؛ إذا حافظ على هذه الأشياء.

على سبيل المثال بيّن لنا صلى الله عليه وسلم أن المحافظ على ذكر الله؛ إذا دخل الخلاء لا تصيبه الشياطين أبدا بما يكره؛ يقول صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم الخلاء فليقل بسم الله بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث". أي من ذكور الشياطين وإناثهم.

وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: أي عند الجماع بسم الله؛ اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا؛ فإن قدر بينهما ولد؛ لم يضره الشيطان أبدا"؛ والمراد لا يضره في أمر دينه ودنياه، حتى يتوفاه الله عز وجل.

فهل نحن محافظون على مثل هذه الأذكار؟! لا شك أن الجواب: (لا)؛ إلا عند القليل ممن عصم الله سبحانه وتعالى.

وبَيَّنَ لنا صلى الله عليه وسلم أن ذكر دخول البيت:
"بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا، اللهم إني أسألك خير المولج، وخير المخرج".

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث: "إذا ذكر الإنسان هذا الذكر اعتزل الشيطان وقال: لا مبيت لك اليوم".

وأما إذا دخل الإنسان ولم يذكر هذا الذكر؛ دخل الشيطان وبات عنده والعياذ بالله، فإن جامع أهله جامع معه؛ وإن أكل أكل معه؛ ولهذا بين صلى الله عليه وسلم وأرشدنا وحثنا؛ إذا ما أراد أحدنا الأكل؛ فليسم الله عز وجل، فإنه إذا فعل ذلك؛ اعتزل الشيطان وقال لنفسه: لا مبيت لك اليوم ولا طعام، وخرج وهرب من هذا البيت الذي ذكر اسم الله عز وجل فيه، وأما إذا أكل بدون ذكر الله؛ فإن الشيطان يأكل معه، ويقوى سلطانه عليه، نسأل الله العافية والسلامة.

وهكذا إذا خرج الإنسان من البيت؛ فقد بين لنا صلى الله عليه وسلم ذكر الخروج، وأن على الإنسان إذا خرج من بيته أن يقول: "بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أذل أو أذل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي"؛ فإنه إذا قال ذلك حفظه الله عز وجل من شر الشياطين.

وكذلك فاتحة الكتاب، فهي عافية من كل بلاء، لمن قالها وتلاها بصدق وإخلاص؛ فلقد تلاها أحد الصحابة مرة واحدة على رجل ملدوغ؛ كما جاء في الصحيحين؛ قرأها عليه مرة واحدة، ولكن بيقين وصدق؛ فقام ونشط؛ كأنما نشط من عقال، وبين صلى الله عليه وسلم أنها الشافية الكافية.

ومن ذلك آية الكرسي: (اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [255البقرة] على الإنسان أن يرددها إذا أصبح، وإذا أمسى، وعند نومه، فإنها أمان من الشياطين، وعصمة من شياطين الإنس والجن، ولا تستطيعها شياطين الجن والإنس؛ كما جاء ذلك في الصحيحين.
**********
تنبيه وتذكرة لكل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
قال الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ * الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (49).

قال الشيخ السعدي:
 يقول تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ" بالبعث والجزاء على الأعمال، حَقٌّ" أي: لا شك فيه، ولا مرية، ولا تردد، قد دلت على ذلك الأدلة السمعية والبراهين العقلية، فإذا كان وعده حقا، فتهيئوا له، وبادروا أوقاتكم الشريفة بالأعمال الصالحة، ولا يقطعكم عن ذلك قاطع، فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا" بلذاتها وشهواتها ومطالبها النفسية، فتلهيكم عما خلقتم له، {وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ" الذي هو {الشَّيْطَانُ} الذي هو عدوكم في الحقيقة {فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} أي: لتكن منكم عداوته على بال، ولا تهملوا محاربته كل وقت، فإنه يراكم وأنتم لا ترونه، وهو دائما لكم بالمرصاد.

إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ" هذا غايته ومقصوده ممن تبعه، أن يهان غاية الإهانة بالعذاب الشديد.ثم ذكر أن الناس انقسموا بحسب طاعة الشيطان وعدمها إلى قسمين، وذكر جزاء كل منهما، فقال: {الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: جحدوا ما جاءت به الرسل، ودلت عليه الكتب {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} في نار جهنم، شديد في ذاته ووصفه، وإنهم خالدون فيها أبدا.

{وَالَّذِينَ آمَنُوا} بقلوبهم، بما دعا اللّه إلى الإيمان به {وَعَمِلُوا} بمقتضى ذلك الإيمان، بجوارحهم، الأعمال {الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لذنوبهم، يزول بها عنهم الشر والمكروه {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} يحصل به المطلوب.

وقال: فلينظر العبد لنفسه وقت الإمكان، وليتدارك الممكن قبل أن لا يمكن، وليوال من ولايته فيها سعادته، وليعاد من تنفعه عداوته وتضره صداقته.

يَا غَافِـلاً عَمَّـا خُلِــــــقْتَ لَهُ انْتَبِـهْ    جَـــدَّ الـرَّحِـــيلُ فَلَسْـتَ بِاليَقْـظَانِ
سَارَ الـرِّفَـاقُ وَخَلَّفُـوكَ مَعَ الألَى    قَنَعُـوا بِذَا الحَظِّ الخَسِيسِ الفَـانِي


اللهم إنا نسألك أن تعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ومن إبليس وأعوانه، ونعوذ بك من النار وما يقرب إليها من قول أو عمل إنك سميع قريب مجيب الدعاء يارب العالمين.

اللهم آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.


وأصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبهذا تم الكتاب، ولله الحمد والمنَّة،

وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.


وكتب
 ماجد إسلام البنكاني
أبو أنس العراقي
15/محرم/1429هـ.
الموافق  25/1/2008م



خطبة إبليس في النار 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

خطبة إبليس في النار Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطبة إبليس في النار   خطبة إبليس في النار Emptyالخميس 05 أكتوبر 2023, 11:19 pm

الهوامش

1.    سورة آل عمران.
2.    سورة الفرقان آية (22).
3.    الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
4.    سورة الفرقان آية (22).
5.    تفسير الطبري.
6.    سورة فاطر آية (36-38).
7.    تفسير السعدي.
8.    سورة الزخرف آية (77).
9.    سورة غافر آية (47-48).
10.    تفسير القرطبي.
11.    سورة المائدة (15/281).
12.    أخرجه البخاري برقم (4207)، ومسلم برقم (86).
13.    سورة الزمر.
14.    مجموع الفتاوى (1/88).
15.    أخرجه البخاري برقم (4227).
16.    سورة الأنعام آية (121).
17.    أخرجه مسلم برقم (1978).
18.    أخرجه مسلم برقم (1978).
19.    صحيح الجامع رقم (5891).
20.    سورة المدثر.
21.    ‌ صحيح الجامع رقم (2574).
22.    صحيح الجامع حديث رقم (2572).‌
23.    صححه الألباني في صحيح الترغيب برقم (564).
24.    صحيح الترغيب(565).
25.    سورة البقرة الآية (102).
26.    صحيح الجامع رقم (5939).
27.    رواه مسلم في صحيحه برقم (1715).
28.    رواه أحمد وأبو داود وعبد الرزاق في المصنف، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود برقم (2624).
29.    صحيح الترغيب (3050).
30.    صحيح الترغيب (3041).
31.    رواه مسلم في كتاب السلام برقم (2230).
32.    رواه البخاري برقم (4345)، ومسلم برقم (2309).
33.    رواه مسلم برقم (867).
34.    رواه البخاري برقم (6615).
35.    سورة الزمر آية (59).
36.    تيسير الكريم الرحمن  (4/90).
37.    أخرجه البخاري برقم (4473)، ومسلم برقم (2770).
38.    أخرجه ابن ماجه وأحمد. وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة برقم (3429)، وصحيح الجامع برقم (6802)، وصحيح الترغيب برقم (3147).
39.    أخرجه البخاري برقم (4473)، ومسلم برقم (2770)، وأخرجه أيضا أحمد في مسنده وأصحاب السنن الأربعة.
40.    أخرجه مسلم برقم (233).
41.    سورة النساء آية رقم (31).
42.    الفتاوى الكبرى (1/111)، ومجموع الفتاوى (18/187).
43.    خطبة من الانترنت بتصرف.
44.    سورة إبراهيم آية (12).
45.    تفسير الطبري (7/425).
46.    سورة النحل آية (98-99).
47.    سورة الزخرف آية (36-37).
48.    رواه البخاري تعليقاً، وانظر مشكاة المصابيح برقم (221).
49.    سورة فاطر (5-7).



خطبة إبليس في النار 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
خطبة إبليس في النار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صوت إبليس يملأ بيتنا..
» الباب الثالث: فِي التحذير من فتن إبليس ومكايده
» الباب الثامن: ذكر تلبيس إبليس على العباد في العبادات
» دروس فضيلة الشيخ: محمد بن شامي مطاعن شيبة
» عذاب أهل النار

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: خـطبــــة إبلـيــــس-
انتقل الى: