مسألة جمـع النيـات
يـكــثـر الســؤال عنــها خــاصة في شـوال
كتبه: إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
غـفــر الله لــه ولــوالــديــه وللـمـسـلـمـين
=======================
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
فهذه مسألة مهمة يكثر جداً السؤال عنها، أحببت أن أفرد لها مقالاً -على حسب طلب بعض الأفاضل- لعل فيها منفعة.
وهذه المسألة هي:
"جمع النيات في العمل الواحد".
فأقول وبالله التوفيق:
1. يجب أن نعلم أولاً الأعمال التي هي قائمة بذاتها، ولها فضلها، والأخرى المطلقة التي ليست كذلك.
2. فمثلاً: صلاة الضحى وصلاة تحية المسجد:
إذا تمعنَّا في الأحاديث النبوية نجد أن صلاة الضحى لها حكم مستقل وفضل خاص، فهي بذلك قائمة بذاتها.
وصلاة تحية المسجد:
ليست كذلك، فمَنْ دخل المسجد وصلّى فريضة سابقة أو سنة الفجر أو صلاة الاستخارة أو وجد الجماعة قائمة فصلى معهم: فإنه أدَّى ما عليه ولم يقع في المحذور، وليس عليه أن "يقضي" صلاة تحية المسجد.
والمسألة هنا:
أن الشارع الحكيم نهى الداخل إلى المسجد عن الجلوس إلا بعد أن يصلي ولم يأمره بصلاة معينة! فأي صلاة أداها خرج من النهي وامتثل للأمر.
فمَنْ دخل المسجد وصلّى بنية تحية المسجد -وحدها- لم تجزأه عن سنة الظهر -مثلاً-.
وإذا دخل فصلى بنية سنة الظهر:
لم يقع في النهي عن الجلوس قبل الصلاة، وليس عليه قضاء تحية المسجد!
وهذا بخلاف الصورة الأولى:
فإنه لو صلّى بنية تحية المسجد، ثم أقيمت صلاة الظهر فإن له أن يقضي صلاة السُّنَّة بعد الفرض!
3. وإذا علم الإنسان ما يشابه "تحية المسجد" وما يشابه "صلاة الضحى": انحلت له إشكالات هذه المسألة.
4. ومما يشبه صلاة تحية المسجد:
أ. الأمر بالصلاة مع الجماعة لِمَنْ كان قد صلّى.
وفي ذلك الحديث المشهور في "السُّنن" وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على مَنْ دخل معهم الفجر ولم يصل بحجة أنه قد صلى في رحله، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يصليا مع الجماعة وتكون لهما نافلة.
والمقصود:
أن هذا الداخل لو صلى مع الجماعة بأية نية أجزأته، إذ ليس المقصود أن يصلي صلاة الجماعة، إنما المقصود أن لا يجلس في المسجد والناس يصلون.
وعليه:
فلو أدرك هذا الداخل ركعتين ثم سلم الإمام: فله أن يسلم معه!
ولو أدرك ركعة واحدة -في العشاء مثلاً- أو ثلاث: فله أن يسلم معه -بنية صلاة الوتر-.
ب. صيام الاثنين والخميس:
وذلك لأنه ليس هناك فضل خاص بصيام هذين اليومين -كصيام عرفة أو عاشوراء مثلاً-، وإنما المقصود: أن الأعمال تُرفع إلى الله كل اثنين وخميس، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يُرفع عمله وهو صائم!
فلو كان صائماً قضاءً أو نذراً أو كفارةً أو من شوال أو من أيام البيض: فكل ذلك يصدق عليه الحديث، فرفع عمله وهو صائم!
ولذلك:
نستحب لِمَنْ أراد أن يصوم "الست من شوال" أن يتحرَّى الاثنين والخميس.
ولا نقول هنا بجمع النية! لأن صيام الاثنين والخميس ليسا قائمين بذاتيهما، بل المسألة أصلا لا ترد، إذ كيف سيجمع نية مطلقة مع نية مقيدة؟!
5. والأصح:
أنه لا يجوز للمسلم أن يجمع بين عبادتين لكل واحدة منهما فضل خاص، أو أمر مستقل خاص.
فمثلاً:
لا يجمع بين قضاء رمضان والنذر.
ولا كذلك بين قضاء رمضان والست من شوال، وذلك لأن المقصود من الحديث أن يصوم الإنسان (36) يوم -أو شهراً وستة أيام- فإذا جمع بين النيتين صام شهراً واحداً فقط!
وهذا مخالف لمقصود الحديث وهو أن يصوم شهراً وستة أيام، وقد جاء في السنة ما يوضح أن هذا هو مقصود الحديث، فقد روى ابن ماجه بسندٍ صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها".
والله أعلم.
كتبه:
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
أبو طارق