أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: محنة الأقليات المسلمة في العالم الجمعة 26 مايو 2017, 3:01 am | |
| محنـة الأقليـات المسلمة في العـالم الأستــــــاذ: محمد عبد الله السّمَّان تصدرها الامانة العامة للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف ================== إن محنة الأقليات المسلمة في عالمنا المعاصر حقيقة واقعة, لا سبيل إلى تجاهلها فضلاً عن الجهل بها, وأقول محنة الأقليات المسلمة ولا أقول قضية الأقليات المسلمة، لأن هناك فرقاً بين كلمتي محنة وقضية, فالقضية تعني أمراً قائماً متحركاً يعيش في حياة الناس, أو على الأقل في وجدانهم وأحاسيسهم, بينما المحنة وإن كانت كذلك أمراً قائماً إلا أنه لا يشترط أن يكون هذا الأمر متحركاً, يمتزج بأحاسيس الناس, ويجد طريقه إلى المشاركة الوجدانية.
قد لا يكون هذا الحكم على إطلاقه بالنسبة لمحنة الأقليات الإسلامية في عالمنا المعاصر, لأن بعضاً من هذه الأقليات يتحرك على مستوى إقليمي ومستوى عالمي محدود, ولكن الذي أعنيه هنا من منطلق المفهوم الإسلامي الذي يدعو بنص الحديث الصحيح , إلى أن يكون المسلمون في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد , إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى , فمحنة الأقليات المسلمة في عالمنا المعاصر لم تتحول إلى قضية بعد , تشغل أذهان الامة الإسلامية ككل.
وبعيد عن اللوم المتكرر منا على الإستعمار كسبب رئيسي في هذه المحنة , ولكننا لم نسأل أنفسنا: وماذا فعلت الأمة الإسلامية بعد رحيل الاستعمار منذ أكثر من نصف قرن؟ و إذا كانت الأنظمة لا تهتم قليلاً ولا كثيراً بمحنة الأقليات , فماذا عن تقصير الشعوب الإسلامية وقادة الرأي فيها التي لا تكاد المحنة تخطر لهم على بال.
بهذه المقدمة يبدأ المؤلف كتابه كتشخيص للحالة التي تحتاج إلى علاج ودواء , وبداية الطريق لذلك كما يراه الكاتب هو الإحساس الصادق بمعاناة الأقليات المسلمة في العالم , مما يقتضي وجود وسائل إعلام إسلامية قوية مستقلة , تصور المعاناة كما هي كماً وكيفاً , ولن تستطيع ذلك إلا من خلال إحصائيات دقيقة عن عدد الأقليات وظروفهم وأحوالهم , لحل المشكلة ومعالجتها بعد ذلك.
وإنه من المؤلم كما يقول المؤلف أنه لا توجد إحصائيات دقيقة للأقليات المسلمة في كل بلد , رغم كثرة المؤسسات الإسلامية , على عكس الأقليات غير المسلمة في بلاد المسلمين.
يبدأ المؤلف بتصوير الواقع الأليم الذي تعيشه الاقليات المسلمة في العالم , وتكون محطته الأولى من إفريقيا , تلك القارة الوحيدة –كما يقول– من بين القارات الأربع التي يمكن ان نطلق عليها (القارة المسلمة) , حيث يمثل الإسلام فيها أكثر من 50% من سكانها , ومع أن الإسلام دخل القارة منذ عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي فتحت مصر في عهده , إلا أن المعركة في هذه القارة بين الإسلام والثالوث الكريه -كما سمَّاه– التبشير (الصليبية) والصهيونية والماركسية على أشده , وقد قدم المؤلف معلومات مفصلة عن عدد الدول الإفريقية ونسبة المسلمين في كل دولة ومعاناة المسلمين فيها.
ولعل أهم معلومة لفت المؤلف النظر إليها , هي وقوع كثير من المسلمين في خطأ أهداف الاستعمار في بلاد المسلمين , فالجميع يظن أنها أهداف سياسية للسيطرة , واقتصادية لنهب الخيرات , ولكن لا أحد يذكر السبب الأهم والأخطر , ألا وهو السبب العقائدي , فحملات التبشير من أهم وأخطر تلك الاهداف على الإطلاق.
وإذا كانت الأقليات المسلمة تتعرض للاضطهاد بل وللإبادة في ظل نظام بلشفي أو صليبي أو علماني , فإن العجيب أن تتعرض الأكثرية المسلمة لمثل تلك المِحَنْ , في نهاية القرن العشرين , لا لشيء إلا لأنها مغلوبة على أمرها , باعتبار أن الأمَّة في غيبوبة عنها وعن معاناتها.
ثم انتقل المؤلف إلى محنة الأقليات المسلمة في القارة الآسيوية , التي يعتبر المسلمون فيها الكتلة الصلبة في العالم , ويبلغ عدد الأقليات المسلمة في آسيا 270 مليون مسلم التي تساوي 12% من عدد سكان تلك الدول التي تستوعبها , وأكبر تلك الاقليات في الصين , فهم أكثر من 100 مليون , ثم الهند 80 مليون ثم الاتحاد السوفييتي سابقاً 50 مليون , وتواجه تلك الأقليات بالإضافة للصليبية والصهيونية والماركسية , الهندوكية التي تعمل بشراسة في الهند , والبوذية الأكثر شراسة ووحشية والتي تعمل في بورما وتايلاند.
وقد عرض المؤلف لمقال الدكتور حسين مؤنس حول مأساة الإسلام في آسيا , حيث قسَّم الدكتور مؤنس آسيا إلى خمس مناطق جغرافية , الأولى في الجزيرة العربية وبلاد الشام وهي بخير حيث يوجد بها مركز الإسلام , أما الثانية فهي المنطقة الإيرانية , وما يعانيه السنة هناك , أما المنطقة الثالثة فهي شرق شمال إيران التي لا تقل خسارة الإسلام فيها عن خسارة الأندلس , أما الرابعة فهي شبه القارة الهندية التي يسيطر الهندوس عليها , وأما الخامسة جنوب شرق آسيا التي لا تقل معاناة المسلمين فيها عن بقية المناطق , فأين نحن ؟ وهل المسلمون أيقاظ ام نيام؟
وفيما شمل مؤنس المعاناة بشكل عام , قام المؤلف بتناول هذه الدول واحدة واحدة , مسلطا الضوء على واقعها الإسلامي أولا , ومعاناة المسلمين فيها , ومواجهة واحدا أو أكثر من المخاطر الخمسة التي عددها وهي : الصليبية والصهيونية والماركسية الشيوعية والهندوكية والبوذية , في كل دولة من تلك الدول.
ولا ينسى المؤلف أن يتناول معاناة المسلمين في الغرب, ففي بريطانيا تسن القوانين للحد من هجرة المسلمين منذ عام 1965م, كما يواجهون التعصب والعنصرية, وفي فرنسا التي يمثل فيها المسلمون المرتبة الثانية من حيث عدد السكان, يواجه المسلمون الصليبية المقيتة التي ما تزال عالقة في أذهان الفرنسيين كما يقول المؤلف, وليست بقية دول أوروبا بأفضل حالا من بريطانيا وفرنسا, من حيث المعاملة السيئة للإسلام والمسلمين.
إن الأقليات المسلمة في عالمنا المعاصر تواجه تحديات ليست سياسية فحسب, بل كذلك فكرية وحضارية كالماركسية والصليبية والماسونية والعلمانية, دون تمتع هذه الاقليات بمقاومة تذكر لهذه التحديات, خاصة إذا لم تكن لديها رصيدا من الفكر الإسلامي الأصيل.
هذا هو واقع الأقليات المسلمة في عالمنا المعاصر.
فما المخرج من ذلك؟ الجواب مرهون بالجواب عن سؤالين اثنين هما: ماذا قدمنا للأقليات المسلمة في العالم؟ وماذا يجب أن نقدم لها لنخرج بها من محنتها؟
أمَّا جواب السؤال الأول: فهو غير مرض على الإطلاق , بل يدعو إلى الأسى والحزن , ففي المجال السياسي لم نقدم شيئاً, بل إننا نتعاون سياسيا مع الأنظمة المعادية للإسلام, والمضطهدة للأقليات المسلمة في بلادها, ولك أن تتصور مثلا أن أندونيسيا, أكبر دولة إسلامية تشترك في حلف يضم ضمن أعضائه: الفلبين وتايلاند, اللتان تمارسان أشرس الأساليب في حربهما ضد الأقلية المسلمة فيهما.
أمَّا الجانب المادي فما قدمناه كمسلمين يبعث على الخجل , فإذا تركنا الدول الإسلامية الفقيرة التي تعيش على القروض والمعونات , فإن الدول الإسلامية الغنية لم تقدم سولى مبالغ ضئيلة لا تكاد تذكر أمام تلك المقدمة للأقليات غير المسلمة في العالم, وكمثال على ذلك: قدم لمسلمي الهند من الدول الإسلامية الغنية 5 ملايين دولار عام 1984م, بينما تلقت مؤسسات التبشير المسيحي في الهند 120 مليون دولار في نفس العام.
أمَّا في الجانب الروحي والفكري فما قدمناه للاقليات المسلمة في العالم لا يسمن ولا يغني من جوع, وبمقارنة بسيطة في أي دولة بين عدد المبعوثين الإسلاميين سواء من الأزهر أو من غيرها من المؤسسات الإسلامية العالمية, كرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة, أو دار الإفتاء بالرياض.. وبين عدد المبشرين النصارى في نفس الدولة, يمكن أن يظهر الضعف الكبير في الجانب الإسلامي مقارنة بالجانب الآخر, وليس الفرق بالكم فحسب وإن كان مهما, بل بالكيف إذ يتوفر ويتيسر للمبشر من الإمكانيات المادية والثقافية ووسائل التبشير ما لا يوفر للداعية المسلم.
أمَّا ماذا يجب أن نقدم للأقليات المسلمة في العالم؟ فإننا نستطيع أن نقدم الكثير, متى أحسسنا أولاً بمحنتها, وعقدنا العزم ثانياً على العمل من أجلها باستراتيجية واضحة المعالم, تضع في حسابها عدة جوانب أهمها:
أولاً: عوامل النجاح لهذه الاستراتيجية التي تتلخص في ثلاثة مطالب: 1- التخطيط القائم على الدراسة المتأنية والموضوعية معا بحيث تشمل كل جوانب المحنة المادية والنفسية. 2- توافر الإمكانات المادية والأدبية والعلمية والسياسية (تدخل الدولة المسلمة). 3- التأهيل الشامل للقائمين على الدعوة الإسلامية في تلك البلاد.
ثانياً: لابد في كل عمل من معرفة معوقات النجاح فيه لتفاديها وأهم هذه المعوقات: 1- الارتجال الذي يتجاهل التخطيط الشامل ويعتمد على العواطف دون الحقائق. 2- ضعف الإمكانات وعدم ترشيدها. 3- التقلبات السياسية المحلية والدولية وكيفية التعامل معها.
إن الجرائم البشعة التي تمارس ضد الأقليات المسلمة في أكثر بلاد العالم , لما يندى له جبين الإنسانية في القرن العشرين والواحد والعشرين, والحقيقة اننا لا نملك ان نثور على مرتكبي هذه الجرائم أو نسخر من الهيئات الدولية كمجلس الأمن, ما دامت الأمة الإسلامية ذاتها لا تحرك ساكنا.
وأنه لا مخرج من هذه الازمة والمحنة إلا بمرحلتين: الأولى: بتوافر وحدة سياسية قوية للعالم الإسلامي. والثانية: بخطة للعمل على أساس هذه الوحدة, فمتى سيتحقق ذلك؟!! ------------------------- المصدر: http://taseel.com/display/pub/default.aspx?id=2634&mot=1
|
|