منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 المسلمة التقيَّة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المسلمة التقيَّة Empty
مُساهمةموضوع: المسلمة التقيَّة   المسلمة التقيَّة Emptyالسبت 05 نوفمبر 2016, 7:58 am

المسلمة التقيَّة 2012-837762926
المسلمة التقية
عصام بن محمد الشريف
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
==================
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
الحمد لله رب العالمين... حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، شرع لعباده الشرائع لينالوا بها أعلى الدرجات، وينجوا بها من الهلاك والدركات.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الفضل العظيم والخير العميم.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى الكريم.. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا.

أما بعد:
فهذه رسالة إلى كل مسلمة، أصف لها فيها طريق التقوى ومعالمه، وكيفية سلوكه، ونماذج لنساء صالحات كي تقتدي بهن.

وأعني بـ"المسلمة التقية" تلك الفتاة أو المرأة التي آمنت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًا ورسولاً، ورضيت بمنهج الله تعالى وشريعته ودينه دربًا وطريقًا.

فهي ليست تلك الفتاة التي أخذت الدين إرثًا عن آبائها وأجدادها، أو تقليدًا لغيرها من النساء.

ولا تلك الفتاة التي أخذت من دينها ظاهره فقط، وغفلت عن باطنه وحقيقته، فإن الدين كلٌ لا يتجزأ، مظهر ومخبر، سلوك وعقيدة، فهي لا تُفرّط في شيء من دينها بأي حال من الأحوال، فولاؤها كله لدينها ولعقيدتها.

إن المسلمة التقية لا ينتهي طموحها عند بعض المظاهر أو الشعائر التعبدية، لا ينتهي مثلاً عند حد الحجاب، وترك سماع ومشاهدة الملاهي المحرمة، بل إنها لا تزال في جهاد وترق في تحقيق العبودية لربها تبارك وتعالى إلى الموت، تصديقًا لقوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99].

إن المسلمة التقية -حقيقة- هي التي تعلم أنها قدوة لغيرها من نساء المسلمين.

لذا فهي حريصة أشد الحرص على ألا يخالف سلوكها قولها، كما قال تعالى على لسان نبيه شعيب عليه الصلاة والسلام: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88]؛ لأن من الخطورة بمكان أن يتكلم الإنسان بلسانه ويُكذب ذلك بأفعاله.

وصدق مَنْ قال:
يا واعظ الناس قد أصبحت متهمًا
إذا عبت منهم أمـــوراً أنت تأتيها
أصبحت تنصحهم بالوعظ مجتهدًا
والموبقــات -لعمري- أنت جانيها


إن مظاهر التقوى عند المسلمة لا تظهر في شيء دون آخر، بل لابد أن تكون في كل شيء؛ في عبادتها، وفي سلوكها، وفي مخبرها، وفي مظهرها، وفي عقيدتها، وفي أخلاقها.

وحتى في هيئتها:
==========
في شكلها، وقيامها، ومشيتها، وحركاتها، وفي أعمالها وأقوالها، في كل شيء.

يا أيتها المسلمة التقية:
=============
إن أهل التقوى هم ملوك الدنيا، كما أنهم هم ملوك الآخرة، وهم أهل السعادة الحقيقية، والشرف العظيم في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طـه: 132]، وقال تعالى أيضًا: {وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 35].

فهيا سويًا نسير في هذه الرسالة لنعرف:
=======================
معنى التقوى، وأهميتها وفضلها، وما يعين المسلمة على بلوغها، وصفات المسلمة التقية، ثم نتأمل في نماذج الرعيل الأول؛ كيف دفعتهن التقوى إلى الترقي في مراتب الإيمان، والقرب من رب الأرض والسموات.

هو الموت فاصنع ما أنت صـانع
وأنت لكأس المــوت لابد جـارع
ألا أيها المــــرء المخادع نفسـه
رويداً أتدري مــن أراك تخــادع
ويا جامع الدنيــــــا لغيــر بلاغة
ستتركها فانظـر لمــن أنت جامع
فكــم قد رأيت الجــــــــامعين قد
أًصبحت لهم بين التراب مضاجع


وكتبه:
عصام بن محمد الشريف
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
الاثنين 4 رمضان 1422هـ
الموافق 19 نوفمبر 2001م
================
معنى التقـوى
========
اختلفت تعبيرات العلماء في تعريف التقوى مع أنها تدور كلها حول مفهوم واحد؛ وهو أن يجعل العبد بينه وبين الله وقايةً تقيه سخط الله تعالى وغضبه.

قال ابن رجب رحمه الله:
==============
"وأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه، فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك، وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه" (1).

وقال ابن القيم رحمه الله:
==============
"وأما التقوى فحقيقتها العمل بطاعة الله إيمانًا واحتسابًا، أمرًا ونهيًا، فيفعل ما أمر الله به إيمانًا بالأمر وتصديقًا بوعده، ويترك ما نهى الله عنه إيمانًا بالنهي وخوفًا من وعيده" (2).

وقال ابن عباس رضي الله عنهما:
===================
"المتقون الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى، ويرجون رحمته في التصديق بما جاء به".

وقال طلق بن حبيب:
===========
"التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله".

وقال ابن مسعود في قوله تعالى:
==================
{اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102]، قال: "أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر".

وقال عمر بن عبد العـزيز:
================
"ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرَّم الله وأداء ما افترض الله، فَمَنْ رزق بعد ذلك خيرًا فهو خير إلى خير".

وقال بعض العلماء: 
===========
"التقوى أن تهتم بتزيين سرك ومخبرك وباطنك أكثر من اهتمامك بمظهرك".

أهمية التقـوى وفضلها
=============
إن معرفة المسلمة لأهمية التقوى وفضلها تدفعها ولا شك إلى سلوك كل سبيل يوصلها إلى تقوى الله تبارك وتعالى، وهذا هو المقصود.

وتظهر أهمية التقوى وفضلها في:
====================
1ـ أنها وصية الله عز وجل للأولين والآخرين، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ...} [النساء: 131].

2ـ أنها وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته، كما في حديث العرباض بن سارية: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدًا حبشيًا، فإنه مَنْ يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومُحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة" (3).
3ـ أنها وصية جميع الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، كما قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 105، 106].
وقال تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 123، 124].
وكذلك هي وصية صالح ولوط وشعيب وموسى عليهم أفضل الصلاة والتسليم.
4ـ أنها أفضل زاد يتزود به العبد، كما قال تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197].
5ـ أن أهل التقوى هم أولياء الله عز وجل وهم أكرم الناس، قال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 62، 63].
وقال تعالى: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: 19].
6ـ أن الله عز وجل أمر المسلمين بالتعاون على التقوى، ونهاهم عن التعاون على ما يخالفها: فقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].

صفـات المسلمة التقية
=============
لابد أن يكون هناك فرق ظاهر بين المسلمة التقية الصادقة، والمسلمة التي تدعي التقوى ولا تسلكها، أو تسلك الطريق الخاطئ، لذا كان ولابد من أن تُجْلَى الصفات الحقيقية للمسلمة التقية.

ولعل أهمها:
=======
1ـ حُبُّ الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا الحب يحملها على وجوب الطاعة المطلقة لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-.

قال ابن القيم رحمه الله (4):
================
"فالمحبة شجرة في القلب، عروقها الذل للمحبوب، وساقها معرفته، وأغصانها خشيته، وورقها الحياء منه، وثمرتها طاعته، ومادتها التي تسقيه ذكره، فمتى خلا الحبُّ عن شيء من ذلك كان ناقصًا".

وعلى ذلك فإن استقرت محبة الله عز وجل ومحبة رسوله -صلى الله عليه وسلم- في قلب المسلمة حملها ذلك على:
================================================================
1ـ الحرص على تدبر تلاوة القرآن.
2ـ الإكثار من النوافل من صيام وصلاة وصدقة ونحو ذلك.
3ـ كثرة ذكر الله عز وجل بالقلب واللسان.
4ـ إفراد النبي -صلى الله عليه وسلم- بالاتباع.
5ـ عدم تقديم قول أي شخص على قول الله وقول رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
6ـ مجالسة أهل الطاعة من النساء الصالحات الدَّيِّنات.
7ـ تذكر الموت والاتعاظ به.
8ـ الاعتزاز بشرائع الإسلام، حتى وإن كانت تخالف هواها.


2ـ مراقبة الله عـز وجل:
==============
فإن المسلمة حين تغفل عن مراقبة الله عز وجل لها واطلاعه عليها، يحملها ذلك على اقتحام حرمات الله فتعصيه ولا تبالي، أما المسلمة التقية فهي تستشعر مراقبة الله عز وجل فتستحي من مخالفته، وتطهر ظاهرها وباطنها مما يغضب الله عز وجل.
 
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "استحيوا من الله تعالى حق الحياء، فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلا، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فَمَنْ فعل فقد استحيا من الله حق الحياء" (5).

قال البيضاوي رحمه الله:
==============
"ليس حق الحياء من الله ما تحسبونه، بل أن يحفظ نفسه بجميع جوارحه عما لا يرضاه من فعل وقول".

وقال الحارث المحاسبي:
==============
"المراقبة علم القلب بقرب الرب".

وكان الإمام أحمد ينشد:
==============
إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل
خلــوت ولكــن قــل علـي رقيب
ولا تحســبن الله يغفــل ســـاعة
ولا أن مـــا يخفــى عليــه يغيب


* فأي مراقبة هذه لمن باعت نفسها بأبخس الأثمان؟!

* وأي مراقبة هذه لمن تبرجت وتعرت وعصت الواحد القهار؟!

* وأي مراقبة هذه لمن لا تتقي الله في لسانها؟

* وأي مراقبة هذه لمن لم تشغل لسانها بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن؟

* وأي مراقبة هذه لمن تعيش لدنياها وتغفل عن آخرتها؟!

* وأي مراقبة هذه لمن لا تتقي الله تعالى في زوجها وأولادها؟!

3ـ مجاهدة نفسها ومغالبة هواهـا:
===================
فالمسلمة التقية دائمًا في صراع مع نفسها وهواها، تجاهدهما وتغالبهما بطاعة الله تعالى والتقرب منه والأنس به، فهي دائمًا تحاسب نفسها، فإن وجدت تقصيرًا ـ ولابد ـ لامتها لومًا شديدًا ووبختها وعصمتها بطاعة الله تعالى.

فإن بقيت على ذلك فإن نفسها ستصغو وتزكو، وسيصبح هواها مقيدًا دائمًا بالشرع، أما من تترك العنان لنفسها وهواها ليقوداها، هلكت وأضاعت نفسها وخسرت خسرانًا مبينًا.

قال الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله:
======================
"إذا همَّت نفسك بالمعصية فذكِّرها بالله، فإذا لم ترجع فذكِّرها بأخلاق الرجال، فإذا لم ترجع فذكِّرها بالفضيحة إذا علم بها الناس، فإذا لم ترجع فاعلم أنك تلك الساعة انقلبت إلى حيوان" (6).

وقد أخبر الله عز وجل أن اتباع الهوى يُضل عن سبيله فقال تعالى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26].

وقد حكم الله تعالى لتابع هواه بغير هدى من الله أنه من أظلم الظالمين فقال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: 50].

4ـ عدم اتباع خطوات الشيطان:
==================
وذلك يتم بمعرفة مكائده ومصائده، والحذر من وساوسه ودسائسه، فيجب على المسلمة ابتداءً أن تعلم أن الشيطان عدوٌ لبني آدم، فلا يمكن أن يأمرها بخير أو ينهاها عن شر، قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6]، وصور مكائد ودسائس الشيطان كثيرة.

ولنضرب مثالاً يوضح ذلك:
===============
يأتي الشيطان -لعنه الله- إلى المسلمة يُحذرها من الحجاب، وأنه تزمت وتشدد في الدين، فكم من محجبة لها تصرفات وسلوكيات غير سوية، وعلى ذلك فالمهم الأخلاق.

فإن وجد عندها إصرارًا على الحجاب، كرَّه إليها الحجاب الشرعي وزين لها الحجاب المتبرج، حتى تظن المسكينة أنها إذا ما ارتدت شيئًا على شعرها فقد تحجبت حتى لو ظهر شيء آخر من عورتها.

حتى إذا وصل الحال بها إلى هذا الحد المزري، زين لها معاصي أخرى وأنه لا تعارض بين هذه المعاصي والحجاب، فلها أن تتخذ صديقًا، وأن تذهب إلى أماكن المنكر لمشاهدة أفلام أو مسرحيات وهكذا.

حتى إذا استطاع أن يوقعها في الزنا لأوقعها وهي لا تزال تضع غطاءً على رأسها!!

لذا فإنه يجب على المسلمة أن تعرف ما تستعين به على الشيطان حتى تحفظ نفسها من شِركه وحبائله وهو:
=============================================================
1ـ الاستعاذة بالله منه، قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 36].
2ـ قراءة المعوذات.
3ـ قراءة آية الكرسي عند النوم.
4ـ قراءة سورة البقرة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة" (7).
5ـ قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة كل ليلة.
6ـ قول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" مائة مرة كل يوم، تكن لقائلها حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي.
7ـ كثرة ذكر الله عز وجل.
8ـ الوضوء والصلاة.
9ـ إمساك فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة الناس، فإن الشيطان إنما يتسلط على ابن آدم وينال منه غرضه من هذه الأبواب الأرب
عة.

5ـ تعظيم شعائر الله عز وجل:
=================
قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].

والشعائر جمع شعيرة:
=============
وهي كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعر به وأعلم، كما قال القرطبي رحمه الله.

فالمسلمة التقية هي التي تُعَظِّمْ طاعة الله وأمره، فيدفعه ذلك إلى طاعته طاعة مطلقة، طاعة الذل والخضوع والحب للواحد القهار، وتعظم كذلك ما نهى الله عنه، فيمنعها ذلك عن معصيته، وصدق مَنْ قال: "أعزوا دين الله يعزكم الله".

فالمسلمة المتمسكة بصلاتها وحجابها، الحافظة للسانها وعورتها، إنما هي في حقيقة الأمر معظمة لشعائر الله.

ألا فلتتب كل مستهترة إلى ربها، ولتبادر بالعمل الصالح قبل فوات الأوان.
يتبع إن شاء الله...


المسلمة التقيَّة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المسلمة التقيَّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسلمة التقيَّة   المسلمة التقيَّة Emptyالأحد 06 نوفمبر 2016, 12:29 am

المسلمة التقيَّة Images?q=tbn:ANd9GcRyJvrAk3-JkjJjroqrSVgX9oP3UFtHKtqlXyB0qtQHLncJ0boT
ما يعين المسلمة على تقوى الله
===================
إن المسلمة لن تتقِ اللهَ تعالى وتصل إلى درجة التقوى الحقيقية إلا بعد أن تتخذ من الوسائل والأسباب ما يوصلها إلى ذلك.

ولعل أهم ما يعين المسلمة على ذلك:
1ـ تحقيق العبودية لله تعالى:
فالعبادة هي الطريق المؤدي إلى بلوغ درجات التقوى، وقد خلق الله الخلق لتحقيق هذه الغاية وتلك الوظيفة، فقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وقال أيضًا: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].

والعبادة بمعناها العام تشمل:
جميع أعمال المرء الإرادية؛ قلبية كانت أو سلوكية، ويمكن تعريفها بأنها: عمل العبد الإرادي الموافق لطلب المعبود (8).

وقد عرفها الإمام ابن تيمية رحمه الله بقوله:
"العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة" (9).

"أما العبادة بمعناها الخاص فهي:
الأعمال المحددة التي كُلِّف العبد بالقيام بها، وهي ما يعبر عنها بـ"الشعائر التعبدية" كالأركان وغيرها من الفرائض، وهي أعمال مقصورة لتحقيق الطاعة للخالق والتقرب إليه، وإعلان الخضوع الكامل له.

ومن هنا كانت العبادة بمعناها الخاص تحمل معنى الغاية والوسيلة في آن واحد، فهي غاية في حد ذاتها لأنها قربة وطاعة لله وخضوع عملي له، وهي وسيلة من جهة أخرى نظرًا لما تحتويه من تحقيق الخضوع لله تعالى والإشعار به" (10).

إن عبودية المسلمة لله تعالى تتحقق عندما تخضع لشرع الله تعالى، وتنقاد لأحكامه التي أحل بها الحلال وحرَّم الحرام، وفرض الفرائض، وحدَّ الحدود، وتقوم بذلك كله بحب وذل له وحده جلَّ وعلا، بحيث تصبح حياتها كلها مصطبغة بالإسلام، في أقوالها وفي أعمالها الظاهرة والباطنة، وأن يكون ولاؤها لهذا الدين وحده، ويظهر ذلك في سلوكياتها ومنهج حياتها، بحيث تعيش لله وحده، وكل ما في الدنيا يندرج تحت حكم الله تعالى.

2ـ العلم النافع:
ونعني به كل علم يقرب من الله سبحانه وتعالى، ويزيد الخشية منه، ويدفع إلى العمل الصالح.

ولا شك أن طلب العلم من أفضل القربات عند الله تعالى، فيه تصح العبادة التي هي "فرض عين" على كل مسلم ومسلمة، كما أن الاستزادة من العلم تعلي قدر المسلمة عند ربها، وترفع منزلتها.

وقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة في بيان شرف العلم وأهله فمنها:
قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9].

وقوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11].

وعند معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَنْ يرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين" (11).

والعلم النافع له من الثمرات العظيمة ما يغرسه في نفس المسلمة من تقوى الله تعالى والخشية منه، بل إن العلم النافع هو الذي يدفع مباشرة إلى تقوى الله تعالى؛ لأنه هو الذي يعرف المسلمة على ربها حق المعرفة، فتخشاه وتهابه، فيدفعها ذلك إلى كل عمل صالح، ويلزم صاحبته بالخلق الفاضل، والأدب الكامل، والاعتصام بالكتاب والسنة، وإخلاص القصد لله سبحانه، وبذلك يثمر ثمراته المرجوة منه.

قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله:
"مَنْ فاته هذا العلم النافع وقع في الأربع التي استعاذ منها النبي -صلى الله عليه وسلم- (12)، وصار علمه وبالاً وحجة عليه، فلم ينتفع به لأنه لم يخشع قلبه لربه، ولم تشبع نفسه من الدنيا، بل ازداد عليها حرصًا ولها طلبًا ولم يُسمع دُعاؤه ـ لعدم امتثاله لأوامر ربه، وعدم اجتنابه لما يسخطه ويكرهه" (13).

3ـ العمل الصالح:
==========
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله:
"كمال الإنسان إنما هو بالعلم النافع والعمل الصالح وهما الهدى ودين الحق" (14).

لذلك فإن الترابط بين العلم والعمل وثيق جدًا، فلا يتصور وجود علم بلا عمل، أو عمل بدون علم.

والعمل الصالح هو الذي يمد المسلمة بالهمة على مجاهدة نفسها والارتقاء في منازل التقوى والقرب من الله تعالى، وكلما ازداد تمسكها بالفرائض ومسارعتها إلى النوافل كان ذلك زادًا لها على تحقيق التقوى، أما إذا تركت بعض الطاعات أو تكاسلت عن بعض النوافل؛ فإن زادها سيضعف، وجوادها سيتعثر.

ولذلك أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن القليل الدائم من العمل خير من الكثير المنقطع فقال: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل" (15).

قال الإمام النووي في بيانه لما يشير إليه هذا الحديث:
"فيه الحث على المداومة على العمل، وأن قليله الدائم خير من كثير ينقطع. وإنما كان القليل الدائم خيرًا من الكثير المنقطع؛ لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص، والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى، ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة" (16).

4ـ محاسبة النفس:
فالمسلمة ينبغي لها أن تقف مع نفسها وقفة حساب وعتاب كي تأمن من شرها وتتحكم في قيادها.

وقد جاءت الآيات والأحاديث مبينة أهمية المحاسبة، فمنها:
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].

وقوله تعالى: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة:1، 2].

قال مجاهد:
الّلوامة هي التي تندم على ما فات وتلوم نفسها.

وقال -صلى الله عليه وسلم-:
"الكَيِّسُ مَنْ دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز مَنْ أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني" (17).

قال الإمام الترمذي:
معنى دان نفسه أي: حاسبها في الدنيا قبل أن يُحاسب يوم القيامة.

ويقول الحسن البصري رحمه الله:
"لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه، ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والعاجز يمضي قدمًا لا يعاتب نفسه".

ويقول أيضًا رحمه الله:
"إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته".

5ـ مداومة التوبة والاستغفار:
فإن العبد لا يخلو من ذنب أو معصية؛ وذلك لبشريته، لذا كان واجبًا عليه أن يداوم على التوبة والاستغفار.

قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [التحريم: 8].

والتوبة النصوح -كما يقول الإمام ابن كثير رحمه الله-:
هي التوبة الصادقة الجازمة التي تمحو ما قبلها من السيئات، وتكفُّه عما كان يتعاطاه من الدناءات، وذلك بأن يقلع عن الذنب في الحاضر، ويندم على ما سلف منه في الماضي، ويعزم أن لا يفعل ذلك في المستقبل (18).

وروى مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها".

وروى أيضًا عن الأغر المزني -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيها الناس؛ توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة".

فسارعي أيتها المسلمة إلى التوبة، ولا تؤخريها أو تسوفيها، فإن ذلك مهلكة وبُعدٌ لك عن طريق التقوى.

قال ابن القيم رحمه الله:
"إن المبادرة إلى التوبة من الذنوب فرض على الفور لا يجوز تأخيرها، فمتى أخرها عصى بالتأخير، فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى، وهي توبته من تأخير التوبة، وقلَّ أن تخطر هذه ببال التائب، ولا يُنجي من هذا إلا توبة عامة مما يعلم من ذنوبه وما لا يعلم" (19).

6ـ الصبر ومجاهدة النفس:
فلتصبر المسلمة على طاعة الله، وتصبر عن معصيته، وتصبر على ما تتعرض له من بلاء، وهذا الصبر بأنواعه الثلاثة يحتاج منها إلى مجاهدة نفسها.

قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].

وقال تعالى أيضًا: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
"علّق سبحانه الهداية بالجهاد، فأكملُ الناس هدايةً أعظمهم جهادًا، وأفرضُ الجهاد جهاد النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا.

فمن جاهد هذه الأربعة في الله، هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد" (20).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "المجاهد مَنْ جاهد نفسه في الله عز وجل" (21).

7ـ صحبة الصالحات، والتأمل في سير النساء الصالحات:
فإن ذلك يكسب المسلمة الصلاح والتقوى، ويرقى بها إلى مدارج القرب من الله تعالى، وتتقي بذلك آفات النفس ومكائد الشيطان.
ولذلك أمرنا الله تعالى بصحبة أهل الصدق والتقوى والحرص على مجالستهم، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].

وقال تعالى أيضًا: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: 28].

وقد أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة إلى ضرورة اختيار الجليس الصالح وصحبته، والبعد عن جلساء السوء وترك مصاحبتهم.

فمن ذلك:
قوله -صلى الله عليه وسلم-: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم مَنْ يُخالل" (22).

وقوله -صلى الله عليه وسلم- أيضًا: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة" (23).

فالصحبة الصالحة كنز لا ينفد، وكلما كان صلاح الأصحاب أكبر ازدادت ثمرات تلك الصحبة؛ وعظمت آثارها في مختلف المجالات.

وبالصحبة يشيع الحب في الله، وتجد المسلمة من تنصحها وتوصيها بالخير وتذكرها بالله.

وبالصحبة تجد المسلمة القدوة الصالحة التي هي الطريق لحسن العاقبة في الآخرة؛ حيث تتأثر بأخلاقهن وسمتهن، وتستفد من علمهن وحديثهن، وتقوى من هِمتها وعزيمتها في الطاعة.

كما ينبغي للمسلمة القراءة في سير النساء الصالحات من الرعيل الأول ومن بعدهن، ولتتأمل أخبارهن، ولتطالع صفحات أعمالهن، فإن في ذلك أكبر دافع للعمل الصالح والتأسي.

8ـ تذكر الموت وأهوال القيامة:
فإن المسلمة التي تذكر الموت دائمًا والنقلة إلى القبر والبعث إلى يوم القيامة فإن ذلك يحررها من أسر الدنيا والشغف بها، كما أنه علاج لكثير من أمراض النفس؛ من الحسد والطمع والأنانية والكبر والغرور، وغير ذلك من أمراض النفس.

كما أن تذكر الموت والقيامة أيضًا يدفعان المسلمة إلى التزام التقوى والعمل الصالح.

يقول الحسن البصري رحمه الله:
"حقيقٌ على مَنْ عرف أن الموت مورده، والقيامة موعده، والوقوف بين يدي الجبار مشهده، أن تطول في الدنيا حسرته، وفي العمل الصالح رغبته".

وقال أيضًا رحمه الله:
"ما أكثر عبدٌ ذكر الموت إلا رأى ذلك في عمله، ولا طال أمل عبد قط إلا أساء العمل".

وكان يقول رحمه الله:
"أيها الناس إنا والله ما خُلقنا للفناء ولكن خلقنا للبقاء، وإنما ننتقل من دار إلى دار".
يتبع إن شاء الله...


المسلمة التقيَّة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المسلمة التقيَّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسلمة التقيَّة   المسلمة التقيَّة Emptyالأحد 06 نوفمبر 2016, 12:48 am

المسلمة التقيَّة %D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%D9%85-%D8%A7%D8%B1%D8%B2%D9%82%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AF%D9%89-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%89-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%81%D8%A7%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%86%D9%89
نماذج نسائية رائدة
===========
لقد ضربت النساء -كما ضرب الرجال- المثل والقدوة العالية في تقواههن لله تعالى، وهذه بعض النماذج التي تدلل على ذلك، عسى أن تكون حافزًا لنساء المسلمين للوصول إلى هذه الدرجة السامية، بالتأسي بهذه النماذج الرائدة.

1ـ تحري أكل الحلال والتورع:
ذكر ابن الجوزي رحمه الله: أن امرأة كانت تعجن عجينًا، بلغها أن زوجها قد مات فرفعت يدها عنه وقالت: "هذا طعام قد صار لنا فيه شركاء" (تعني الورثة).

وكانت المرأة من نساء السلف إذا خرج الرجل من منزله، تقول له امرأته أو ابنته: "إياك وكسب الحرام، فإنا نصبر على الجوع والضُّر ولا نصبر على النار".

ذكر الخطيب أنه كان لبشر الحافي الزاهد المشهور أخوات ثلاث، وهن: "مُخَّة"، و"مضغة"، و"زبدة"، وكلهن عابدات زاهدات مثله، وأشد ورعًا أيضًا، ذهبت إحداهن إلى الإمام أحمد فقالت: "إني ربما طفئ السراج وأنا أغزل على ضوء القمر، فهل عليَّ عند البيع أن أُمَيّز هذا من هذا؟" فقال: "إن كان بينهما فرق، فميزي للمشتري".

وذكر الحافظ ابن الجوزي رحمه الله امرأة كانت تستصبح بمصباح، فجاءها خبر زوجها، فأطفأت المصباح، وقالت: "هذا زيت قد صار لنا فيه شركاء".

2ـ الإنفاق في سبيل الله:
كانت زينب رضي الله عنها تجلس الساعات الطويلة بعد الفجر تذكر الله عز وجل، ولما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يا معشر النساء تصدقن ولو من حُليكن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار"، قالت: فرجعت إلى عبد الله -زوجها- وقالت له: إنك رجل خفيف ذات اليد، وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أمرنا بالصدقة، فأْتِهِ فإن كان ذلك يجزئ عني -أي من حُليها- وإلا صرفتها إلى غيرك.

فقال لي عبد الله بن مسعود: بل ائته أنت.

قالت: فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حاجتي حاجتها، قالت: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أُلقيت عليه المهابة، قالت: فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما إلى أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ولا تخبره من نحن؟ (24).

فدخل بلال على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من هما؟" فقال: امرأة من الأنصار وزينب؟ فقال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أي الزيانب؟" فقال: امرأة عبد الله بن مسعود، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لهما أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة".

وروى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى النساء بعد صلاة العيد فكلمهن في الصدقة، فأخذن ينزعن الفُتخ والقرطة والعقود والأطواق والخواتيم والخلاخيل ويلقينها في ثوب بلال، وكان بلال قد بسط ثوبه ليضع فيه النساء صدقاتهن.

وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: "ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء، وجودهما مختلف: أما عائشة فكانت تجمع الشيء حتى إذا اجتمع عندها قسمتْ، أما أسماء فكانت لا تمسك شيئًا لغد".

3ـ الاجتهاد في العبادة:
روى مسلم وغيره عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج من عند جويرية بكرة، حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: "ما زلتِ على الحال التي فارقتك عليها؟" قالت: نعم. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لقد قلتُ بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته".

وعن ابن عباس قال: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ قال: "أرأيت لو كان على أمك دينٌ فقضيته أكان يؤدي ذلك عنها؟" قالت: نعم. قال: "فصومي عن أمك" (25).

وكانت زينب رضي الله عنها أم المؤمنين صالحة، قوامة، صوامة، بارّة، ويقال لها: أم المساكين.

وعن أنس رضي الله عنه قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسجد، فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: "ما هذا الحبل؟" قالوا: حبلٌ لزينب، فإذا فترت تعلقت به، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا حُلُّوه، لِيُصلِّ أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد" (26).

وعن يونس بن ميسرة قال: كنا نحضر "أم الدرداء" وتحضرها نساء عابدات، يقمن الليل كله، حتى إن أقدامهن قد انتفخت من طول القيام.

4ـ الحرص على الستر والحياء والعفاف:
قالت عائشة رضي الله عنها -في قصة الإفك-: "فلما أخذوا رأس البعير فانطلقوا به، فرجعت إلى المعسكر، وما فيه من داعٍ ولا مجيب، وقد انطلق الناس، فتلفعت بجلبابي، ثم اضطجعت في مكاني، إذ مر بي صفوان بن المعطل السلمي، وكان قد تخلف عن المعسكر لبعض حاجاته، فلم يبت مع الناس فرأى سوادي، فأقبل حتى وقف عليَّ، فعرفني حين رآني، وكان قد رآني قبل أن يضرب علينا الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي" (27).

والشاهد منه
مبادرتها رضي الله عنها إلى تغطية وجهها حرصًا على الستر، وإقامة لحدود الله عز وجل.

وعن أم علقمة بن أبي علقمة قالت:
"رأيت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر دخلت على عائشة رضي الله عنها وعليها خمار رقيق يشف عن جبينها، فشقته عائشة عليها، وقالت: أما تعلمين ما أنزل الله في سورة النور (28)؟ ثم دعت بخمارٍ فكستها" (29)، وفي رواية "الموطأ": "وكستها خمارًا كثيفًا" (30).

ودخل عليها رضي الله عنها نسوة من نساء أهل الشام، فقالت: لعلكن من الكُورة (31) التي يدخل نساؤها الحمامات؟ قلن: نعم. قالت: أما إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت ما بينها وبين الله من حجاب" (32).

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتهأ، خرق الله عز وجل عنها ستره" (33).

وذلك لأن الجزاء من جنس العمل.

وعن أنس رضي الله عنه قال: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاطمة بعبدٍ قد وهبه لها، قال: وعلى فاطمة رضي الله عنها ثوب، إذا قَنعَّتْ به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما تلقى قال: "إنه ليس عليك بأسٌ، إنما هو أبوك وغُلامُكِ" (34).

ويُروى عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر أن فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: "يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع النساء أن يُطرحَ على المرأة الثوب فيصفها". فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله ألا أريك شيئًا رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة، فحنتها، ثم طرحت عليها ثوبًا، فقالت فاطمة: "ما أحسن هذه وأجمله تُعرَفُ به المرأة من الرجل (35). فإذا مِت أنا فاغسليني أنت وعليٌ، ولا يدخل عليَّ أحدٌ، فلما توفيت غسلها عليٌ وأسماء رضي الله عنهما" (36).

والشاهد منه:
أن فاطمة عليها السلام استقبحت أن يصف الثوب المرأة وهي ميتة، فلا شك أن وصفه إياها وهي حية أقبح وأقبح.

ومثله:
ما جاء عن نافع وغيره: أن الرجال والنساء كانوا يخرجون بهم سواء، فلما ماتت زينب بنت جحش رضي الله عنها أمر عمر رضي الله عنه مناديًا فنادى: "ألا لا يخرج على زينب إلا ذو رحم من أهلها"، فقالت بنت عميس: "يا أمير المؤمنين ألا أريك شيئًا رأيت الحبشة تصنعه لنسائهم؟"، فجَعلت نعشًا، وغشَّتُه ثوبها، فلما نظر إليه قال: ما أحسن هذا ما أستر هذا!" فأمر مناديًا أن اخرجوا على أمكم (37).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقالت أم سلمة رضي الله عنها: كيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبرًا" قالت: إذن تنكشف أقدامهن، قال: "فيرخين ذراعًا، ولا يزدن عليه" (38).

وعن عطاء بن أبي رباح قال:
قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي. قال: "إن شئت صبرتِ ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله عز وجل أن يعافيك". قالت: أصبر. قالت: فإني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف. فدعا لها (39).

والشاهد فيه:
حرصها على التستر حتى في حال العذر، ففي رواية البزار من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في نحو هذه القصة أنها قالت: "إني أخاف الخبيث أن يجردني" الحديث.

وعن امرأة من الأنصار قالت:
دخلت على أم سلمة رضي الله عنها، فدخل عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكأنه غضبان، فاسْتَتَرْتُ بكُمِّ درعي، فتكلم بكلام لم أفهمه، فقلت: يا أم المؤمنين كأني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غضبان؟ قالت: نعم أو ما سمعتيه؟ قالت: قلت: وما قال؟ قالت: قال: "إن السوء إذا فشا في الأرض فلم يُتناه عنه أنزل الله عز وجل بأسه على أهل الأرض". قالت: قلت: يا رسول الله، وفيهم الصالحون؟ قال: "نعم، وفيهم الصالحون، يصيبهم ما أصاب الناس، ثم يقبضهم الله عز وجل إلى مغفرته ورحمته -أو: إلى رحمته ومغفرته-" (40).

والشاهد قولها:
"فاستترت بكم درعي".

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت له امرأة أخطبها، فقال: "اذهب فانظر إليها، فإنه أجدر أن يؤدم بينكما" (41). فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكأنهما كرها ذلك، قال: فسمعتْ ذلك المرأة، وهي في خِدرها، فقالت: "إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرك أن تنظر فانظر، وإلا فأنشُدك"، كأنها أعظمت ذلك، قال: فنظرت إليها فتزوجتها، فذكر من موافقتها).

وموضع الشاهد منه واضح.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" (42). فخطبتُ جارةً فكنتُ أتخبأ لها، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوُّجها، فتزوجتها".

والشاهد قوله -صلى الله عليه وسلم-:
"فإن استطاع"... إلخ؛ لأنه يبرز حرص المرأة المسلمة على الستر، حتى ليشق على من أراد رؤيتها أن يراها إلا بعناء واستغفال واختباء.

وعن محمد بن مسلمة رضي الله عنه قال: خطبت امرأة، فجعلت أتخبأ لها، حتى نظرت إليها في نَخل لها، فقيل له: أتفعل هذا، وأنت صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟! فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا ألقى الله في قلب امرئ خِطبة امرأة، فلا بأس أن ينظر إليها" (43). ولو كانت هذه المرأة متكشفة معروضة كنساء هذا الزمان ـ إلا من رحم ربك ـ لما احتاج إلى الاختباء.

وفي رواية سهل بن أبي حثمة قال: "رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحاك فوق إجار -وهو السطح الذي ليس حواليه ما يرد الساقط عنه- لها ببصره طردًا شديدًا، فقلت: أتفعل هذا وأنت من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟! فقال" ذكر الحديث.

وعن عاصم الأحول قال:
"كنا ندخل على حفصة بنت سيرين، وقد جعلت الجلباب هكذا، وتنقبت به، فنقول لها: رحمك الله، قال الله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} [النور: 60] هو الجلباب، قال: فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ} [النور: 60]، تقول: هو إثبات الحجاب" (44).

"ولما كان العلامة الكاساني في حلب طلبت منه زوجته الفقيهة فاطمة بنت السمرقندي الرجوع إلى بلاده، فلما همَّ بذلك استدعاه الملك العادل نور الدين، وسأله أن يقيم بحلب، فعرَّفه أنه لا يقدر على مخالفة زوجه، إذ هي بنت شيخه، فأرسل الملك إلى فاطمة خادمًا بحيث لا تحتجب منه، ويخاطبها عن الملك في ذلك، فلم تأذن للخادم، وأرسلت إلى زوجها تقول له: أبَعُدَ عهدُك بالفقه إلى هذا الحد؟ أما تعلم أنه لا يحل أن ينظر إليَّ هذا الخادم؟ وأي فرق بينه وبين الرجال في عدم جواز النظر؟ فأرسل إليها الملك امرأة لتكلمها في هذا" (45).
يتبع إن شاء الله...


المسلمة التقيَّة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المسلمة التقيَّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسلمة التقيَّة   المسلمة التقيَّة Emptyالثلاثاء 08 نوفمبر 2016, 8:00 am

5ـ الجهاد والتضحية والصبر من أجل الدين:
========================
لقد كانت لقريش صولةٌ وانبساطٌ بالأذى على مَنْ آمن من أولئك الضعاف حتى لقد تجاوزوا به حد التعذيب والإيلام، إلى الافتنان في التمثيل، والتأنق في التنكيل، ومن أولئك اللواتي استعذبن العذاب: سميَّة بنت خُبَّاط أم عمَّار بن ياسر، كانت سابعة في الإسلام.

وكان بنو مخزوم إذا اشتدت الظهيرة، والتهبت الرمضاء، خرجوا بها هي وابنها وزوجها إلى الصحراء، وألبسوهم دروع الحديد، وأهالوا عليهم الرمال المتقدة، وأخذوا يرضخونهم بالحجارة.

وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمر بعمار وأمه وأبيه وهم يُعذَّبون بالأبطح في رَمضَاء مكة فيقول: "صبرًا آل ياسر؛ موعدكم الجنة" (46).

حتى تفادى الرجلان ذلك العذاب المرَّ بظاهرة من الكفر أجرياها على لسانهما، وقلباهما مطمئنان بالإيمان، وقد عذر الله أمثالهما بقوله تعالى: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106].

فأما المرأة فاعتصمت بالصبر، وقرَّت على العذاب، وأبت أن تعطي القوم ما سألوا من الكفر بعد الإيمان، فذهبوا بروحها، وأفظعوا قِتلتها، فقد أنفذ النذل أبو جهل بن هشام حربته فيها، فماتت رضي الله عنها، وكانت أول شهيدة في الإسلام.

قال ابن حجر:
وأخرج ابن سعد بسند صحيح عن مجاهد قال: أول شهيد في الإسلام سمية والدة عمار بن ياسر، وكانت عجوزًا كبيرة، ضعيفة، ولما قُتل أبو جهل يوم بدر قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمار: "قَتَلَ اللهُ قَاتِلَ أمِّكَ" (47)اهـ.

وغير سميَّة كثيرات احتملن ما احتملت:
=====================
فمنهن:
مَنْ كانوا يلقونها ويحملون لها مكاوي الحديد، ثم يضعونها بين أعطاف جلدها، ويدعون الأطفال يعبثون بعينها حتى يذهب بصرها، ومِمَّنْ عُذِّبَ بهذا العذاب زنيّرة جارية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان هو وجماعة من قريش يتولون تعذيبها.

ولما ذهب بصرها قال المشركون: ما أصاب بصرها إلا اللات والعزى، فقالت لهم: والله ما هو كذلك، وما تدري اللاتِ والعزى مَنْ يعبدهما، ولكن هذا أمر من السماء والله قادر على أن يرد عليَّ بصري، قيل: فرد عليها بصرها، فقالت قريش: هذا من سحر محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد اشتراها أبو بكر وأعتقها رضي الله عنها (48).

ومنهن:
مَنْ كانوا يسقونها العسل، ويوثقونها بالأغلال، ثم يلقونها بين الرمال، ولها حرٌ يذيب اللحم ويصهر العظم، حتى يقتلها الظمأ (49).

ومنهن:
أم شُريك غزيَّة بنت جابر بن حكيم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: وقع في قلب أم شُريك الإسلام وهي بمكة، فأسلمت ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرًا، فتدعوهن، وترغبهن في الإسلام، حتى ظهر أمرها لأهل مكة، فأخذوها، وقالوا لها: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم، قالت: فحملوني على بعير ليس تحتي شيء موطأ ولا غيره، ثم تركوني ثلاثًا لا يطعموني، ولا يسقوني، فنزلوا منزلاً، وكانوا إذا نزلوا وقفوني في الشمس واستظلوا، وحبسوا عني الطعام والشراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذا بأثر شيء بارد وقع عليَّ منه ثم عاد، فتناولته، فإذا هو دلو ماء، فشربت منه قليلاً ثم نزع مني، ثم عاد فتناولته، فشربت منه قليلاً، ثم رفع، ثم عاد أيضًا، فصنع ذلك مرارًا حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدي وثيابي، فلما استيقظوا إذا هم بأثر الماء، ورأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: انحللت فأخذت سقاءنا فشربت منه؟ فقلت: لا والله ما فعلت ذلك، كان من الأمر كذا وكذا، فقالوا: لئن كنت صادقة فدينك خير من ديننا، فنظروا إلى الأسقية فوجدوها كما تركوها، فأسلموا لساعتهم (50).

وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه -قبل أن يُسلم- يتولّى تعذيب جارية مسلمة لبني المؤمّل، فلا يزال يضربها بالسياط، حتى إذا ملَّ قال لها: إني أعتذر إليك أني لم أتركك إلا ملالة، فتقول له: كذلك فعل الله بك (51).

وقالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: لما توجَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة، حمل أبو بكر معه جميع ماله - خمسة آلاف، أو ستة آلاف- فأتاني جدي أبو قحافة وقد عمي، فقال: إن هذا قد فجعكم بماله ونفسه، فقلت: كلا، قد ترك لنا خيرًا كثيرًا، فعمدت إلى أحجار فجعلتهن في كوَّة البيت، وغطيت عليها بثوب، ثم أخذت بيده، ووضعتها على الثوب، فقلت: هذا تركه لنا، فقال: أما إذا ترك لكم هذا، فنعم.

وعن ابن إسحاق قال:
حُدثتُ عن أسماء، قالت: أتى أبو جهل في نفر، فخرجت إليهم، فقالوا: أين أبوك؟ قلت: لا أدري والله أين هو؟ فرفع أبو جهل يده، ولطم خدي لطمة خرَّ منها قرطي، ثم انصرفوا (52).اهـ.

وخرجت أم أيمن مهاجرة، وليس معها زاد ولا ماء، فكادت تموت من العطش، فلما كان وقت الفطر -وكانت صائمة- سمعت حسًا على رأسها، فرفعته، فإذا دلو معلق، فشربت منه حتى رويت، وما عطشت بقية عمرها (53).

آمنت أم كلثوم بنت عقبة -وهو سيد من سادات قريش- دون رجال بيتها، وفارقت خدرها، ومستقر أمنها ودَعَتِها، تحت جُنْح الليل، فريدة شريدة، تطوي بها قدماها ثنايا الجبال، وأغوار التهائم بين مكة والمدينة، إلى مفزع دينها ودار هجرتها، إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم أعقبتها بعد ذلك أمها، فاتخذت سنتها، وهاجرت هجرتها، وتركت شباب أهل بيتها وكهولهم، وهم في ضلال يعمهون (54).

ذلك قليل من كثير مما يشهد للمرأة المسلمة باحتكام الدين في ذات نفسها، واستهانتها بالدم والروح في سبيله.

ومن هذا القبيل مواقف تكشف وضوح قضية "الولاء والبراء" في حس المرأة المسلمة وضوحًا لا يخالطه شائبة ضعف، أو انهزام، أو هوادة مع مَنْ حادَّ الله عز وجل ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

فهذه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، وقد جاءت أمها "قُتَيلة" راغبة في صلتها، فتوقفت حتى سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إن أمي قَدِمَتْ وهي راغبة، أفأصلها؟ قال: "نعم، صلي أمك" (55).

وفيها نزل قوله تبارك وتعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].

وعن يزيد بن الأصم:
قال: تلقيتُ عائشة، وهي مقبلة من مكة، أنا وابن أختها ولدٌ لطلحة، وقد كنا وقعنا في حائط بالمدينة، فأصبنا منه، فبلغها ذلك؛ فأقبلت على ابن أختها تلومه، ثم وعظتني موعظةً بليغة، ثم قالت: أما علمت أن الله ساقك حتى جعلك في بيت نبيه، ذهبت والله ميمونة، ورُمي بحبلك على غاربك! أما إنها كانت من أتقانا لله، وأوصلنا للرحم (56).

وعن يزيد:
أن ذا قرابة لميمونة دخل عليها، فوجدت منه ريح شراب، فقالت: لئن لم تخرج إلى المسلمين، فيجلدوك، لا تدخل عليَّ أبدًا (57).

كذلك تأثرت المرأة بأدب الإسلام، وخرجت به عما احتكم بها في الجاهلية من عادة نافرة، وتقليد ذميم.

وكان من أول ما لقنت المرأة من أدب الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، الاعتصام بالصبر إذا دجا الخطب وجل المُصاب.

وقد تقدم ذكر خبر الخنساء، وما ذهب به الدهر من حديث جزعها، وتصدع قلبها، واضطرام حشاها على أخيها، لقد استحال كل ذلك إلى صبرٍ أساغه الإيمان، وجمَّله التُّقى، فلم تأس على فائت من متاع الحياة الدنيا.

أولئك أبناؤها، هم أشطار كبدها، ونياط قلبها، خرجوا إلى القادسيَّة وكانوا أربعة، فكان مما أوصتهم به قولها: (يا بني إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما هجَّنتُ حسَبَكم، وما غيَّرتُ نسبكم، واعلموا أن الدار الآخرة خير من الدار الفانية.

اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون، فإذا رأيتم الحرب قد شمَّرت عن ساقها، وجلَّلتم نارًا على أرواقها، فيمِّموا وطيسَها (58)، وجالدوا رسيسها (59)، تظفروا بالغُنْم والكرامة في دار الخُلْد والمقامة".

فلمَّا كشَّرت الحرب عن نابها، تدافعوا إليها، وتواقعوا عليها، وكانوا عند ظن أمهم بهم حتى قُتلوا واحدًا في إثر واحد.

ولمَّا وافتها النُعاة بخبرهم، لم تزد على أن قالت: "الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من الله أن يجمعني بهم في مُستقر الرحمة" (60) (61).

6ـ إزالة الجهل عن نفسها بتعلم العلم الشرعي:
============================
لقد بلغ حرص النساء المسلمات على العلم غايته حتى تطلبن المجالس الخاصة بهن للتعليم مع أنهن يستمعن في المسجد لتعليمه ومواعظه -صلى الله عليه وسلم-.

كذلك نجد النبي -صلى الله عليه وسلم- يسن للنساء سنة مؤكدة، ألا وهي: شهود مجامع الخير يتزودون منها.

فعن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق (62)، والحُيَّض وذوات الخُدور، فأما الحُيَّض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين... قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: "لتلبسها أختها من جلبابها" (63).

وجاء في "فتوح البلدان" للبلاذري أن أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كانت تتعلم الكتابة في الجاهلية على يد امرأة كاتبة تدعى "الشفاء العدوية" (64), فلما تزوجها -صلى الله عليه وسلم- طلب إلى الشفاء أن تعلمها تحسين الخط وتزيينه كما علمتها أصل الكتابة (65).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "نِعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين" (66).

لقد أقبلت المرأة المسلمة على العلم منذ أكرمها الله تعالى بالإسلام، فنهلت من معينه، وأخذت منه بسهم وافر.

فهذه:
الصديقة بنت الإمام الصديق الأكبر، خير مَنْ طلعت عليه الشمس بعد الأنبياء والمرسلين، رفيق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الغار، ومُعينه في الأسفار، ووزيره في عهده، وخليفته بحق من بعده، رضي الله عنه وعن ابنته، القرشية، التيمية، المكية، أم المؤمنين، زوجة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة، وحبيبة خليل الله -صلى الله عليه وسلم-، الفقيهة الربانية، المبرأة من فوق سبع سموات، أفقه نساء هذه الأمة على الإطلاق.

تزوج بها سيد الأولين والآخرين -صلى الله عليه وسلم- وهي بنت تسع سنوات، وهو -صلى الله عليه وسلم- ابن أربع وخمسين سنة، وأقام معها تسع سنوات، ومات عنها وهو ابن ثلاث وستين سنة، وهي لم تخط بعد إلى التاسعة عشرة، على أنها ملأت أرجاء الأرض علمًا، فهي في رواية الحديث نسيج وحدها، وعت من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم تعه امرأة من نسائه، وروت عنه ما يروِ مثله أحد من الصحابة إلا أبا هريرة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين.

قال الحافظ الذهبي رحمه الله:
(روت عنه -صلى الله عليه وسلم- علمًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وعن أبيها، وعن عمر، وفاطمة، وسعد، وحمزة بن عمرو الأسلمي، وجُذامة بنت وهب) (67).

عاشت بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمسين سنة، وتوفيت ولها من العمر ثمان وستون سنة.

قال الحافظ الذهبي رحمه الله:
"وكانت امرأة بيضاء اللون، ومن ثم يقال لها: الحُميراء، ولم يتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- بكرًا غيرها، ولا أحب امرأة حُبَّها، ولا أعلمُ في أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بل ولا في النساء مطلقًا امرأة أعلم منها، وذهب بعض العلماء إلى أنها أفضل من أبيها وهذا مردود، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا، بل نشهد أنها زوجة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة، فهل فوق ذلك مفخر؟" (68)اهـ.

وعن أنس مرفوعًا:
"فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" (69).

وعنها رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا عائشُ، هذا جبريل وهو يقرأ عليك السلام" قالت: "وعليه السلام ورحمة الله، ترى ما لا نرى يا رسول الله" (70).

لقد كانت رضي الله عنها إحدى المجتهدات، من أنفذ الناس رأيًا في أصول الدين ودقائق الكتاب المبين، وكانت رضي الله عنها تحسن أن تقرأ، ولم يكن يعرف ذلك إلا عدد محدود من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكم كان لها رضي الله عنها من استدراكات على الصحابة وملاحظات، فإذا علموا بذلك منها رجعوا إلى قولها (71).

قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه:
ما أشكَلَ علينا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثٌ قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا (72).

وقال مسروق:
رأيت مشيخة أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- يسألونها عن الفرائض (73).

وقيل لمسروق:
كانت عائشة تُحسن الفرائض؟ قال: والله لقد رأيت أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- الأكابر يسألونها عن الفرائض (74).

وقال عطاء بن أبي رباح:
كانت عائشة أفقه الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة (75).

قال الزهري:
لو جمع علم الناس كلهم وأمهات المؤمنين، لكانت عائشة أوسعهم عِلمًا (76).

وعنه أيضًا قال:
لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل (77).

قال الذهبي رحمه الله:
مسند عائشة يبلغ ألفين ومائتين وعشرة أحاديث، اتفق لها البخاري ومسلم على مائة وأربعة وسبعين حديثًا، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين، وانفرد مسلم بتسعة وستين (78).

وذكرها رضي الله عنها الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في طبقاته في جملة فقهاء الصحابة، ولما ذكر ابن حزم أسماء الصحابة الذين رويت عنهم الفتاوى في الأحكام على مزية كثرة ما نقل عنهم، قدَّم عائشة على سائر الصحابة، وقال الحافظ أبو حفص عمر بن عبد المجيد القرشي الميانشي في كتاب "إيضاح ما لا يسع المحدث جهله": اشتمل كتاب البخاري ومسلم على ألف حديث ومائتي حديث من الأحكام فروت عائشة من جملة الكتابين مائتين ونيفًا وتسعين حديثًا لم يخرج عن الأحكام منها إلا يسير، قال الحاكم أبو عبد الله: فحُمِل عنها ربع الشريعة (79).

وعن عروة بن الزبير قال:
ما رأيت أحدًا أعلم بفقهٍ ولا بطبٍ ولا بشعرٍ من عائشة رضي الله عنها (80).


المسلمة التقيَّة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المسلمة التقيَّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسلمة التقيَّة   المسلمة التقيَّة Emptyالثلاثاء 08 نوفمبر 2016, 8:01 am

الهوامش:
======
(1)     جامع العلوم والحكم.

(2)     الرسالة التبوكية ص15.
(3)     رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم، وصححه الألباني، صحيح الجامع 2549.
(4)     روضة المحبين ص409.
(5)     رواه الترمذي والحاكم وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني، صحيح الجامع 935، المشكاة 1608.
(6)     علمتني الحياة ص32.
(7)     رواه مسلم.   
(8)     العبادة، د. محمد أبو الفتوح البيانوني ص16.
(9)     العبودية ص38.
(10)     العبادة للبيانوني.
(11)     رواه البخاري.
(12)     يقصد حديث مسلم: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها".
(13)     فصل علم السلف على الخلف.
(14)     مدارج السالكين (1/ 6).
(15)     رواه مسلم.
(16)     شرح النووي على صحيح مسلم (6/ 71)، وانظر: أدب الدين والدنيا للماوردي ص113.
(17)     رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
(18)     تفسير القرآن العظيم (4/ 418).
(19)     مدارج السالكين (1/ 272، 273).
(20) الفوائد ص59.   
(21)     رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم 1322.
(22)     رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، وحسنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" برقم 1937.
(23)     رواه البخاري ومسلم.
(24)     إخلاصًا لله تعالى وإخفاءً للعمل.
(25)     رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما.
(26)     رواه البخاري والنسائي وغيرهما.
(27)     رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
(28)     تشير رضي الله عنها إلى قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31].
(29)     أخرجه ابن سعد ومالك بنحوه والبيهقي. انظر: الحجاب للألباني ص57.
(30)     الموطأ للإمام مالك (3/ 103).
(31)     الكورة: اسم يقع على جهة من الأرض مخصوصة كالشام والعراق وفلسطين، ونحو ذلك. اهـ من جامع الأصول (7 /339).
(32)     رواه أبو داود رقم 4009، 4010 في الحمام ـ في فاتحته، والترمذي رقم 2803، 2804 في الأدب، باب ما جاء في دخول الحمام، وقال: "هذا حديث حسن". وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم 5692.
(33)     صححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم 2708.
(34)     أخرجه أبو داود (4 /62) رقم 4106، كتاب اللباس، باب في العبد ينظر إلى شعر مولاته، وعنه البيهقي (7 /95)، وصححه الألباني في "الإرواء" (6 /206).
(35)     وفي رواية أنها قالت لها: "ستركِ الله كما سترتني". انظر: سير أعلام النبلاء (2/ 129، 132)، المستدرك (3/ 162).
(36)     أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 43)، والسياق له، والبيهقي (4/ 34، 35)، وفي سنده جهالة. قال ابن التركماني: "في سنده من يحتاج إلى كشف حاله" اهـ.
(37)     رواه ابن سعد في "الطبقات" (8/ 97)، وسير أعلام النبلاء (2/ 213).
(38)     رواه الترمذي رقم 1731 في اللباس، باب ما جاء في جر ذيول النساء، وقال: "حسن صحيح"، والنسائي (8 /209) في الزينة، باب ذيول النساء، وأبو داود رقم 4119 في اللباس، باب قدر الذيل، وفي رواية قال: (رخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمهات المؤمنين في الذيل شبرًاً، فاستزدنه، فزادهن شبرًا، فكن يرسلن إلينا فنذرع لهن ذراعًا). والشاهد في هذه الرواية قوله: "فاستزدنه" مما يدل على شدة حرصهن على الستر.
(39)     أخرجه البخاري (10/ 114 ـ سلفية)، رقم 5652 في المرضى، باب فضل من يصرع من الريح، وقولها: "إني أتكشف"، قال الحافظ: المراد أنها خشيت أن تظهر عورتها وهي لا تشعر. اهـ (10/ 115).
(40)     رواه الإمام أحمد في المسند (6 /418)، وقال في الفتح الرباني: أورده الهيثمي، وقال: "رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح" اهـ. قلت: هو السند الأول من طريق يزيد بن هارون، ورواه أيضًا الطبراني في "الكبير"، وأبو نعيم في "الحلية" اهـ. (19/ 175).
(41)     روى شطره الأول الترمذي رقم 1087، وحسَّنه في النكاح، باب ما جاء في النظر إلى المخطوبة، والنسائي واللفظ له (6 /69، 70) في النكاح، باب إباحة النظر قبل التزويج، وصححه ابن حبان (1236ـ موارد).
ورواه بطوله ابن ماجه رقم 1888 (1/ 575)، والإمام أحمد (4 /245)، وقال في "الفتح الرباني": "صححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبي" اهـ. (16/ 154).
(42)     أخرجه أبو داود 2082 في النكاح، باب الرجل ينظر إلى لامرأة وهو يريد تزويجها، والإمام أحمد (3/ 334، 360)، والحاكم (2/ 165)، وقال: صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ في "الفتح" (9/ 181): "سنده حسن" اهـ. وقال في "بلوغ المرام": رجاله ثقات. اهـ.
(43)     رواه سعيد بن منصور في "سننه" رقم 519، وابن ماجه 1864، والإمام أحمد (4/ 225)، وإسناده ضعيف فيه الحجاج بن أرطأة، وهو مدلس، وقد عنعنه، وقواه الألباني بطرقه في "الصحيحة" رقم 98.
(44)     أخرجه البيهقي (7 /93).
(45)     انظر: عودة الحجاب للشيخ محمد إسماعيل (3/ 100ـ 105).
(46)     الإصابة (7 /713).
(47)     الإصابة (7/ 713).
(48)     سيرة ابن هشام (1/ 126) وقد أعتق أبو بكر الصديق رضي الله عنه ممن كان يعذب في الله سبعة، وهم: بلال، وعامر بن فهيرة، زنيرة، وجارية بني المؤمل، والنهدية، وابنتها، وأم عُبَيس. الإصابة (8 /257).
(49)     المرأة العربية (2 /73).
(50)     الإصابة (8/ 248)، حلية الأولياء (2/ 66)، الطبقات لابن سعد (8 /110، 111).
(51)     الطبقات (2/ 178)، وانظر: المرأة العربية (2/73، 74).
(52)     سير أعلام النبلاء (2/ 290).
(53)     انظر: حلية الأولياء (2/ 76)، الطبقات (8 /162).
(54)     انظر: الطبقات (8/ 167)، المرأة العربية (2/75).
(55)     رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد.
(56)     أخرجه ابن سعد (8/ 99)، والحاكم (4/ 32).
(57)     أخرجه ابن سعد (8/ 99).
(58)     الوطيس: المعركة، أو الضرب فيها.
(59)     الرسيس: الأصل.
(60)     انظر: الاستيعاب لابن عبد البر (4/ 297)، والإصابة (7/ 615، 616).
(61)     انظر: عودة الحجاب للشيخ محمد إسماعيل (2/ 514ـ 546).
(62)     العواتق: جمع عاتق، وهي البنت البالغة، والتي قاربت البلوغ؛ لأنها تعتق من الخروج لخدمة أهلها، لتمكث في البيت إلى أن تتزوج.
(63)     أخرجه البخاري (2/ 386) في العيدين، والحيض، والحج، ومسلم رقم 890 في صلاة العيدين، باب ذكر إباحة خروج النساء إلى العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة.
(64)     الشفاء بنت عبد الله العدوية، كانت من عقلاء النساء وفضلائهن، وهي من المهاجرات الأول، كان عمر يقدمها في الرأي، ويرعاها، ويفضلها، وربما ولاها شيئًا من أمر السوق. انظر: الإصابة (7 /727، 728).
(65)     تربية الأولاد في الإسلام (1/ 277)، وانظر: المجموع (9/55).
(66)     أخرجه مسلم رقم 332 في الحيض، باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فِرصة من مسك في موضع الدم.
(67)     سير أعلام النبلاء (2/ 135).
(68)     السابق (2/ 140).
(69)     أخرجه البخاري (7/ 73) في فضائل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، باب فضل عائشة، وفي الأطعمة، باب الثريد، ومسلم رقم 2446 في فضائل الصحابة، باب فضل عائشة رضي الله عنها، والترمذي رقم 3887.
(70)     أخرجه البخاري (7/ 83) في فضل عائشة، وبدء الخلق، والأدب، والاستئذان، ومسلم رقم 2447 في فضائل الصحابة: باب فضائل الصحابة، باب فضائل عائشة رضي الله عنها، وأبو داود رقم 5232، والترمذي رقم 3886.
وقال الزركشي رحمه الله: "قال أبو الفرج: وإنما سلَّم عليها ولم يواجهها لحرمة زوجها، وواجه مريم لأنه لم يكن لها بعل؛ فمن نُزِّهت لحرمة بعلها عن خطاب جبريل، كيف يسلط عليها أكف أهل الخطايا؟!" اهـ. ص55.
(71)     انظر: الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة للزركشي، والسمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين للمحب الطبري ص33ـ 94.
(72)     أخرجه الترمذي رقم 3883، وقال: "حسن صحيح".
(73)     الإجابة للزركشي ص 58.
(74)     أخرجه الدارمي (2/ 342، 343)، وابن سعد في "الطبقات" (8/ 45)، والحاكم (4/ 11).
(75)     سير أعلام النبلاء (2/ 185).
(76)     المستدرك (4 /11).
(77)     قال الهيثمي في "المجمع": رواه الطبراني ورجاله ثقات. اهـ. (9/ 243)، وكذا الحاكم (4/ 11).
(78)     سير أعلام النبلاء (2/ 139).
(79)     الإجابة للزركشي ص59.
(80)     الإصابة (8 /18).


المسلمة التقيَّة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المسلمة التقيَّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسلمة التقيَّة   المسلمة التقيَّة Emptyالثلاثاء 08 نوفمبر 2016, 5:42 pm

فصل: صور من سيرة المسلمة العالمة
======================
حفصة بنت سيرين:
أم الهذيل، الفقيهة، الأنصارية:

قال هشام بن حسان:
قرأت حفصة بنت سيرين القرآن وهي ابنة اثنتي عشرة سنة، وماتت وهي ابنة تسعين.

وعنه أن ابن سيرين كان إذا أُشكل عليه شيء من القرآن قال: اذهبوا فسلوا حفصة كيف تقرأ.

وعنه قال:
اشترت حفصة جارية أظنها سِنْدية، فقيل لها: كيف رأيتِ مولاتك؟ فذكر إبراهيم كلامًا بالفارسية، تفسيره: أنها امرأة صالحة، إلا أنها أذنبت ذنبًا عظيمًا، فهي الليل كله تبكي وتصلي.

وعنه قال:
قد رأيت الحسن وابن سيرين، وما رأيت أحدًا أُرَى أنه أعقلُ من حفصة.

وعن عبد الكريم بن معاوية قال:
ذُكر لي عن حفصة أنها كانت تقرأ نصف القرآن في كل ليلة، وكانت تصوم الدهر، وتفطر العيدين وأيام التشريق.

وعن هشام:
أن حفصة كانت تدخل في مسجدها فتصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، ثم لا تزال فيه حتى يرتفع النهار، وتركع، ثم تخرج فيكون عند ذلك وضوءها ونومها، حتى إذا حضرت الصلاة عادة إلى مسجدها إلى مثلها.

وعن مهدي بن ميمون قال:
مكثت حفصة في مُصلاها ثلاثين سنة لا تخرج إلا لحاجة أو لقائلة (1).

عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة (ت98 أو 106هـ):
الأنصارية، النجارية، المدنية، الفقهية، تربية (2) عائشة وتلميذتها، قيل: لأبيها صحبة، وجدها سعد من قدماء الصحابة، وهو أخو النقيب الأكبر أسعد بن زرارة.

كانت عالمة فقيهة، كثيرة العلم، حدثت عن عائشة، وأم سلمة، ورافع بن خديج، وأختها أم هشام بنت حارثة، وحدَّث عنها ولدها أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن، وابناه حارثة، ومالك، وابن أختها القاضي أبو بكر بن حزم وابناه: عبد الله ومحمد، والزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وآخرون.

وحديثها كثير في دواوين الإسلام.

روى أيوب بن سويد، عن يونس، عن ابن شهاب، عن القاسم بن محمد أنه قال لي: يا غلام، أراك تحرص على طلب العلم، أفلا أدلك على وعائه؟ قلت: بلى. قال: عليك بِعَمْرة فإنها كانت في حجر عائشة رضي الله عنها. قال: فأتيتها، فوجدتها بحرًا لا يُنزَف (3).

وهذه ابنة سعيد بن المسيب لما أن دخل بها زوجها وكان من أحد طلبة والدها، فلما أن أصبح أخذ رداءه يريد أن يخرج، فقالت له زوجته: إلى أين تريد؟ فقال: إلى مجلس سعيد أتعلم العلم. فقالت له: اجلس أعلمك علم سعيد (4).

مُعاذة بنت عبد الله (ت83هـ):
السيدة العالمة، أم الصهباء العدوية البصرية العابدة، زوجة السيد القدوة صِلة بن أشيَم، رَوَت عن علي بن أبي طالب، وعائشة، وهشام بن عامر، حدَّث عنها أبو قلابة الجرمي، ويزيد الرِّشك، وعاصم الأحول، وعمر بن ذرّ، وإسحاق بن سويد، وأيوب السختياني، وآخرون، وحديثها محتج به في الصحاح، وثقها يحيى بن معين.

قال الحافظ الذهبي رحمه الله:
بلغنا أنها كانت تُحيْي الليل عبادة وتقول: عجبتُ لعين تنام، وقد علمت طول الرقاد (5) في ظلم القبور.

ولما استُشهد زوجها صلة وابنها في بعض الحروب، اجتمع النساء عندها، فقالت: مرحبًا بكنَّ إن كنتنَّ جئتنَّ للهناء، وإن كنتن جئتُنَّ لغير ذلك فارجعن.

وكانت تقول:
والله ما أحب البقاء إلا لأتقرب إلى ربي بالوسائل، لعله يجمع بيني وبين أبي الشعثاء وابنه في الجنة (6). اهـ.

أم الدرداء الصغرى:
السيدة العاملة الفقيهة، هُجَيمة بنت يحيى الوصَّابِيَّة، الحِميَريَّة الدمشقية.

روت علمًا جمًا عن زوجها أبي الدرداء، وعن سلمان الفارسي، وكعب بن عاصم الأشعري، وعائشة، وأبي هريرة، وطائفة.

وعرضت القرآن وهي صغيرة على أبي الدرداء، وطال عمرها، واشتهرت بالعلم والعمل والزهد.

وقال ابن جابر وعثمان بن أبي العاتكة:
كانت أم الدرداء يتيمةً في حِجر أبي الدرداء، تختلف معه في بُرنُس، تصلي في صفوف الرجال، وتجلس في حِلق القرآن تعلَّم القرآن، حتى قال لها أبو الدرداء يومًا: الحقي بصفوف النساء.

وعن جُبير بن نُفير، عن أم الدرداء، أنها قالت لأبي الدرداء عند الموت:
إنك خطبتني إلى أبويَّ في الدنيا، فأنكحوك، وأنا أخطبك إلى نفسك في الآخرة. قال: فلا تنكحين بعدي، فخطبها معاوية، فأخبرته بالذي كان فقال: عليك بالصيام.

قال مكحول:
كانت أم الدرداء فقيهة.

وعن عون بن عبد الله قال:
كنا نأتي أم الدرداء، فنذكر الله عندها.

وقال يونس بن ميسرة:
كن النساء يتعبَّدن مع أم الدرداء رضي الله عنها، فإذا ضعُفْنَ عن القيام تعلقنَ بالحبال.

قال إسماعيل بن عبيد الله:
كان عبد الملك بن مروان جالسًا في صخرة بيت المقدس، وأم الدرداء معه جالسة، حتى إذا نُودي للمغرب قام، وقامت تتوكأ على عبد الملك حتى يدخل بها المسجد، فتجلس مع النساء، ويمضي عبد الملك إلى المقام يصلي بالناس.

وعن يحيى بن يحيى الغسَّاني قال:
كان عبد الملك بن مروان كثيرًا ما يجلس إلى أم الدرداء في مُؤخَّر المسجد بدمشق (7).اهـ.

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله:
أم الدرداء الصغرى تابعية عابدة عالمة فقيهة، كان الرجال يقرءون عليها، ويتفقهون في الحائط الشمالي بجامع دمشق، وكان عبد الملك بن مروان يجلس في حلقتها مع المتفقهة، يشتغل عليها وهو خليفة، رضي الله عنها (8).

بنت الإمام مالك بن أنس:
وكان الإمام مالك يُقرأ عليه "الموطأ"، فإن لحن القارئ في حرف أو زاد أو نقص تدق ابنته الباب، فيقول أبوها للقارئ: ارجع، فالغلط معك، فيرجع القارئ، فيجد الغلط (9).

جارية الإمام مالك بن أنس:
وحكي عن أشهب أنه كان في المدينة -على ساكنها أفضل الصلاة والسلام- وأنه اشترى خضرة من جارية، وكانوا لا يبيعون الخضرة إلا بالخبز، فقال لها: إذا كان عشية حين يأتينا الخبز فأتنا نُعطِك الثمن، فقالت: ذلك لا يجوز، فقال لها: ولم؟ فقالت: لأنه بيع طعام بطعام غير يدٍ بيد، فسأل عن الجارية، فقيل له: إنها جارية مالك بن أنس رحمه الله تعالى (10). اهـ.

أم علي تَقِيَّة:
العالمة المصرية الفاضلة أبوها الثقة أبو الفرج غيث بن علي، وولدها النحويّ القارئ أبو الحسين علي بن فضل، صحبت الحافظ المُحَدِّث أبا طاهر السَّلفي بثغر الإسكندرية زمانًا، فذكرها في بعض تعاليقه، وأثنى عليها، وعثر هو يومًا في منزله فانجرح أخمصه، فشقَّت وليدة في الدار خِرقة من خمارها وعصَّبته..


فأنشدت تقية المذكورة في الحال لنفسها تقول:
لو وجــــــدت السبيل بخدِّي
كيف لي أن أقبِّل اليوم رجلاً

     
وقد كتب الشيخ السلفي هذه الواقعة بخطه (11).

والدة الفقيه الواعظ المفسر زين الدين علي بن إبراهيم ابن نجا:
المعروف بـ"ابن نجية" سبط الشيخ أبي الفرج الشيرازي الحنبلي.

قال ناصح الدين بن الحنبلي:
قال لي والدي ـ زين الدين سَعِد بدعاء والدته ـ: كانت صالحة حافظة تعرف التفسير.

قال زين الدين:
كنا نسمع من خالي التفسير، ثم أجيء إليها فتقول: إيش فسَّر أخي اليوم؟ فأقول: سورة كذا وكذا. فتقول: ذَكر قول فلان؟ وذكر الشيء الفلاني؟ فأقول: لا. فتقول: ترك هذا؟!

وسمعت والدي يقول:
كانت تحفظ كتاب "الجواهر"، وهو ثلاثون مجلدة، تأليف والدها الشيخ أبي الفرج، وأقعدت أربعين سنة في محرابها (12).

فاطمة بنت الأستاذ أبي علي الحسن بن علي الدقاق:
الشيخة، العابدة، العالمة، أم البنين النيسابورية، أهْلُ الأستاذ أبي القاسم القُشيري، وأم أولاده، وكانت عابدة، قانتة، متهجدة، كبيرة القدر (13).

أم الخير الحجازية:
تصدرت حلقات وعظ وإرشاد المسلمات بجامع عمرو بن العاص رضي الله عنه في القرن الرابع الهجري (14).

وجاء في مقدمة كتاب "المعلمين" لابن سحنون:
أن القاضي الورع عيسى بن مسكين كان يقرئ بناته وحفيداته. 


قال عياض:
فإذا كان بعد العصر دعا ابنتيه وبنات أخيه ليعلمهن القرآن والعلم، وكذلك كان يفعل قبله فاتح صقلية "أسد بن الفرات" بابنته أسماء التي نالت من العلم درجة كبيرة.

وروى الخشني:
أن مؤدبًا كان بقصر الأمير محمد بن الأغلب، وكان يعلم الأطفال بالنهار، والبنات في الليل (15).

قال الإمام ابن الحاج رحمه الله تعالى:
وقد كان في زماننا هذا سيدي أبو محمد رحمه الله تعالى قرأت عليه زوجته الختمة فحفظتها، وكذلك رسالة الشيخ أبي محمد ابن أبي زيد رحمه الله، ونصف "الموطأ" للإمام مالك رحمه الله تعالى، وكذلك ابنتاها قريبان منها، فإذا كان هذا في زماننا فما بالك بزمان السلف رضوان الله عليهم أجمعين، والعالم أولى من يحمل أهله ومن يلوذ به على طلب المراتب العلية فيجتهد في ذلك جهده، فإنه آكد رعيته، وأوجبهم عليه وأولاهم به (16).
يتبع إن شاء الله...


المسلمة التقيَّة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المسلمة التقيَّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسلمة التقيَّة   المسلمة التقيَّة Emptyالثلاثاء 08 نوفمبر 2016, 5:45 pm

7ـ تعظيم حق الزوج والوفاء له حيًا وميتًا:
=======================
إن الثبات على صدق الوفاء من أفضل ما تتحلى به النساء، ولهذا (درجت المرأة المسلمة على مواتاة زوجها ومصافاته، واستخلاص نفسها له، واحتمال نبوة الطبع منه، وأكثر ما كان صفاء نفسها وسماح خلقها وعذوبة طبعها إذا استحال الدهر بالرجل فرزأه في ماله، أو نكبه في قُوتَّه، أو بدله بكرم المنصب وروعة السلطان، أعرافًا من السجن، وأصفادًا من الحديد.

بل لقد كان وفاؤها له بعد عفاء أثره وامِّحاء خبره عديل وفائها له وهي بين أفياء نعمته، وأكناف داره، وكان إيثار الإسلام له بمَد حدادها عليه أربعة أشهر وعشرة أيام، لا تتجمل في أثنائها، ولا تزدان، ولا تفارق داره إلى دار أبيها - سُنة من سنن هذا الوفاء، وآية من آياته.

لذلك كانت المرأة المسلمة ترى الوفاء لزوجها بعد الموت آثر مما تراه لأبيها وأمها وذوي قرابتها، فكانت تؤثر فضائله، وتذكر شمائله في كل موطن ومقام، بل ربما عرض ذكره وهي بين خليفته من بعده، فلا تتحرج في ذكر فضائله وتفضيله إن كانت ترى الفضل له) (17).

ومن حديث ذلك:
أن أسماء بنت عُميس كانت لجعفر بن أبي طالب، ثم لأبي بكر من بعده، ثم خلفهما عليٌ رضي الله عنه، فتفاخر مرة ولدها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر، كل يقول: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال لها عليٌ: اقضِ بينهما يا أسماء، قالت: ما رأيت شابًا من العرب خيرًا من جعفر، ولا رأيت كهلاً خير من أبي بكر. فقال عليٌ: ما تركت لنا شيئًا، ولو قلت غير الذي قلت لمقتُّكِ (18). فقالت أسماء: إن ثلاثًا أنت أقلهم لخيار (19).

وأوصى أبو بكر رضي الله عنه أن تُغَسله أسماء بنت عميس رضي الله عنها، ففعلت، وكانت صائمة، فسألت من حضر من المهاجرين وقالت: إني صائمة وهذا يوم شديد البرد، فهل عَلَيَّ من غُسل؟ فقالوا: لا. وكان أبو بكر رضي الله عنه قد عزم عليها (20)، لما أفطرت، وقال: هو أقوى لك، فذكرت يمينه في آخر النهار، فدعت بماء، فشربت، وقالت: "والله لا أُتبعه اليوم حِنثًا" (21).

ومن ذلك أيضًا ما روي من أن النساء قُمن حين رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أُحُد يسألن الناس عن أهلهن، فلم يُخبرن حتى أتين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلا تسأله واحدة إلا أخبرها، فجاءته حَمنة بنت جحش، فقال: "يا حمنة، احتسبي أخاك عبد الله بن جحش"، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله، وغفر له. ثم قال: "يا حمنة، احتسبي خالك حمزة بن عبد المطلب" قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله، وغفر له. ثم قال: "يا حمنة، احتسبي زوجك مصعب بن عمير"، فقالت: يا حَرَباه (22). قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن للمرأة لشُعبة من الرجل ما هي له في شيء" (23).

ولعمرك إن في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلاغًا لما أوثرت المرأة به، وأبرَّتْ فيه من فرط الحنو على زوجها، وفضل الوفاء له بعد موته (24).

ولمَّا تسوَّر المجرمون الفسقة على أمير البررة، وقتيل الفجرة، عثمان رضي الله عنه، وتبادروه بالسيوف، ألقت زوجته "نائلة بنت الفرُفصة" بنفسها عليه حتى تكون له وِقاءً من الموت، فلم يرع القتلة الأثمة حرمتها، وضربوه بالسيف ضربة انتظمت أصابعها، ففصلتهن عن يدها، ونفذت إليه، فجندلته، ثم ذبحوه رضي الله عنه (25)، ولما خطبها أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه أبت، وقالت: "والله لا قَعَدَ أحد مني مقعدَ عثمان أبدًا" (26).

ومع أن رغبة الأيِّم عن الزواج وكراهيتها له واعتكافها دونه لم يكن من مبادئ الإسلام في شيء، فقد قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32].

وعن جابر عن أم مبشر الأنصارية:
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب أم مبشر بنت البراء بن معرور (27)، فقالت: إني اشترطت لزوجي ألا أتزوج بعده، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن هذا لا يصلح" (28).

ومع الرخصة لهن في النكاح والتوسع عليهم في أمره، فإن كثيرًا من الأيامى أنفن أن يتبدلن ببعولتهن زوجًا آخر، وفاءً لهم، وبقين على ذكراهم، بل أملاً أن تمتد الزوجية بينهم في الدار الآخرة.

فقد كان مما بشَّر به الإسلام المرأة الصالحة أن المؤمن إذا دخل الجنة ألحق به أزواجه. قال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} [الرعد: 23]، فيجمعهم الله في الجنات منعمين، يتكئون في ظلالها مسرورين فرحين، {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} [يـس: 56]، {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف: 70].

وكان من آيات وفاء كثير من الصالحات لأزواجهن بعد موتهن إمساكهن عن الزواج، لا لغرض إلا ليكن زوجاتٍ لهن في الجنة.

فعن ميمون بن مهران قال:
خطب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أم الدرداء، فأبت أن تزوجه، وقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المرأة في آخر أزواجها" أو قال: "لآخر أزواجها" (29).

وعن عكرمة:
أن أسماء بنت أبي بكر كانت تحت الزبير بن العوام، وكان شديدًا عليها، فأتت أباها، فشكت ذلك إليه، فقال: "يا بنية اصبري، فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح، ثم مات عنها، فلم تزوج بعده جُمع بينهما في الجنة" (30).

وعن حذيفة رضي الله عنه أنه قال لزوجته:
"إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا" (31).

وعن جبير بن نفير عن أم الدرداء:
أنها قالت لأبي الدرداء: "إنك خطبتني إلى أبويَّ في الدنيا، فأنكحوك، وأنا أخطبك إلى نفسك في الآخرة"، قال: "فلا تنكحين بعدي" فخطبها معاوية، فأخبرته بالذي كان، فقال: "عليك بالصيام" (32).

وقال الأصمعي:
خرج سليمان بن عبد الملك، ومعه سليمان بن المهلب بن أبي صفرة من دمشق متنزهين، فمر بالجبَّانة، وإذا امرأة جالسة على قبر تبكي، فهبت الريح، فرفعت البرقع عن وجهها، فكأنها عمامة جَلَت شمسًا، فوقفنا متعجبين، ننظر إليها، فقال لها ابن المهلب: "يا أمة الله، هل لك في أمير المؤمنين بعلاً؟" فنظرت إليهما، ثم نظرت إلى القبر، وقالت:

فإن تسألاني عن هواي، فإنه
وإني لأستحييه والتَّرْبُ بيننا
     

فانصرفنا ونحن متعجبون (33).

وأخيرًا: هذا مثل للزوجة المسلمة الفاضلة ينبغي لكل مسلمة أن تجعله نصب عينيها:
إن فاطمة بنت أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان كان لأبيها - يوم تزوجت- السلطان الأعظم على الشام والعراق والحجاز واليمن وإيران والسند وقفقاسيا والقريم وما وراء النهر إلى نجارا وجنوة شرقًا، وعلى مصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والمغرب الأقصى وإسبانيا غربًا.

ولم تكن فاطمة هذه بنت الخليفة الأعظم وحسب، بل كانت كذلك أخت أربعة من فحول خلفاء الإسلام وهم: الوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، ويزيد بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك، وكانت فيما بين ذلك زوجة أعظم خليفة عرفه الإسلام بعد خلفاء الصدر الأول، وهو أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز.

بنت الخليـــفة، والخليـــفة جَدُّها
أخت الخلائف، والخليفة زوجها (34)


وهذه السيدة التي كانت بنت خليفة، وزوجة خليفة، وأخت أربعة من الخلفاء، خرجت من بيت أبيها إلى بيت زوجها يوم زُفَّتْ إليه وهي مثقلة بأثمن ما تملكه امرأة على وجه الأرض من الحُلّي والمجوهرات، ويقال إن من هذه الحُلّي قرطي مارية (35) اللذين اشتهرا في التاريخ، وتغنى بهما الشعراء، وكانا وحدهما يساويان كنزًا.

ومن فضول القول أن أشير إلى أن عروس عمر بن عبد العزيز كانت في بيت أبيها تعيش في نعمة لا تعلو عليها عيشة امرأة أخرى في الدنيا لذلك العهد، ولو أنها استمرت في بيت زوجها تعيش كما تعيش قبل ذلك لتملأ كرشها في كل يوم وكل ساعة بأدسم المأكولات وأندرها وأغلاها، وتنعم نفسها بكل أنواع النعيم الذي عرفه البشر، لاستطاعت ذلك...

إلا أن الخليفة الأعظم عمر بن عبد العزيز اختار -في الوقت الذي كان فيه أعظم ملوك الأرض- أن تكون نفقة بيته بضعة دراهم في اليوم (36)، ورضيت بذلك زوجة الخليفة التي كانت بنت خليفة وأخت أربعة من الخلفاء، فكانت مغتبطة بذلك لأنها تذوقت لذة القناعة، وتمتعت بحلاوة الاعتدال.

فصارت هذه اللذة وهذه الحلاوة أطيب لها وأرضى لنفسها من كل ما كانت تعرفه قبل ذلك من صنوف البذخ وألوان الترف، بل اقترح عليها زوجها أن تترفع عن عقلية الطفولة، فتخرج عن هذه الألاعيب والسفاسف التي كانت تبهرج بها أذنيها وعنقها وشعرها ومعصميها، مما لا يُسمن، ولا يغني من جوع، ولو بيع لأشبع ثمنه بطون شعب برجاله ونسائه وأطفاله.

فاستجابت له، واستراحت من أثقال الحُلّي والمجوهرات واللآلئ والدرر التي حملتها معها من بيت أبيها، فبعثت بذلك كله إلى بيت مال المسلمين.

وتوفي عقب ذلك أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، ولم يخلّف لزوجته وأولاده شيئًا، فجاءها أمين بيت المال، وقال لها: إن مجوهراتك يا سيدتي لا تزال كما هي، وإني اعتبرتها أمانة لك، وحفظتها لذلك اليوم، وقد جئت أستأذنك في إحضارها، فأجابته بأنها وهبتها لبيت مال المسلمين طاعة لأمير المؤمنين، ثم قالت: "وما كنت لأطيعه حيًا وأعصيه ميتًا".

وأبت أن تسترد من مالها الحلال الموروث ما يساوي الملايين الكثيرة، في الوقت الذي كانت محتاجة فيه إلى دريهمات، وبذلك كتب الله لها الخلود، وها نحن نتحدث عن شرف معدنها ورفيع منزلتها بعد عصور وعصور، رحمها الله، وأعلى مقامها في جنات النعيم (37).
يتبع إن شاء الله...


المسلمة التقيَّة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المسلمة التقيَّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسلمة التقيَّة   المسلمة التقيَّة Emptyالثلاثاء 08 نوفمبر 2016, 5:57 pm

8ـ عدم التسخط على الزوج أو بُغضه بسبب التعدد:
=============================
من مظاهر غربة الدين أن يُنال مِمَّنْ يلتزم برضا الله تعالى بالتزام شرعه وعدم تعدي حدوده، فيسخر الناس منه، ويطعنون فيه، ويسيئون الظن به، ويلمزونه، ويغتابونه، ويتهمونه بتهم باطلة هو منها براء.

وكثير من النساء إذا تزوج عليها زوجها، وقفت منه موقفًا مخالفًا للشريعة وأقامت عليه الدنيا، وأزَّت عليه شياطين الإنس والجن لعله يتراجع، أو يعدل عما قام به.

أما المسلمة التقية -حتى وإن كانت لا تتمنى لزوجها أن يتزوج عليها- فهي تتقي الله تعالى في زوجها، ولا تعصِ الله فيه بسبب التعدد، ويبقى في نهاية الأمر موقفها شامخًا يدل على تقواها لله تعالى.

وأهم مظاهر ذلك:
1ـ التسليم التام لحكم الله تعالى
انطلاقًا من قوله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء: 65].

2ـ التحقيق العملي للإيمان بالقضاء والقدر
وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، انطلاقًا من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة" (38).

فلماذا لا نسمع منك أيتها المقصرة:
"قدَّر اللهُ وما شاء فعل"؟!
لماذا لا نرى أثر الإيمان بعقيدة القضاء والقدر على سلوكك وموقفك مع زوجك؟!
لماذا لا نرى الرضا والتسليم بما قدره الله لك؟!

إن التسخُّط وعدم الرضا بقضاء الله وقدره لا طائل من ورائه إلا الإثم الذي سيُسطّر في كتاب أعمالك، فالقضاء مفروغ منه، والقدر واقع، والأقلام قد جفت، والصحف قد طويت، فلماذا لا تستقبلين قدر الله بنفس إيمانية راضية يغمرها حب الله وحده؟!

3ـ جددي إيمانك بالله، وخذي بكل وسيلة تثبتك على الطريق وتزيد من إيمانك بالله تعالى.
رافقي النساء الصالحات، فهن خير معينٍ لك على الطريق.
أعزي دين الله بالقول والعمل يُعزك الله تعالى.
التعدد في أيام الغربة هذه جهاد للنساء الصالحات، فاحذري أن ترسبي في الاختبار.
جردي نفسك من الهوى والتعصب إلا للإسلام.

4ـ احذري تبني الأفكار المغلوطة والآراء الأفينة
التي يحاول نشرها العلمانيون وأعداء الدين حول قضية تعدد الزوجات، فتصبحي بوقًا لهم لنشر أفكارهم الباطلة وأنت لا تبالين.

5ـ الزمي طريق العدل دائمًا في القول والعمل
انطلاقًا من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135]، ويقوله تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8].
فاحذري أن تنالي من زوجك بالطعن أو الكذب أو الهوى، لا لشيء إلا لأنه تزوج عليك ما دام الرجل عادلاً يتقي الله تعالى في أهله جميعًا.
وتذكري له حسناته وحسن عشرته، ولا تنظري بمنظار أسود فتظهر كل تصرفاته وأقواله أمامك سيئة فتبغضيه.

6ـ طهِّري نفسك من آفاتها وأمراضها
من الغل أو الحقد، أو الرغبة في الانتقام، واعلمي أن النجاة يوم القيامة لمن يأتي الله تعالى بقلب سليم.
وقد سُئِلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: أي الناس أفضل؟ قال: "كل مخموم القلب صدوق اللسان" قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: "هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غلّ ولا حسد" (39).

7ـ لا تحزني وإلا فما جدوى الحزن في النهاية؟!
قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].
فما أدراك؛ لعل في هذا التعدد خير لك في الدنيا والآخرة، والله يعلم وأنت لا تعلمين، وإلا فلن تصبري على أي بلاء يختبرك الله به، لو كان هذا هو الأصل في سلوكك وتصرفك، وهو الحزن والهم والغم، وكأن العالم قد انتهى.

8ـ احذري بعد التعدد أن تتغير معاملتك لزوجك
فلا تعظمي له حقًا ولا تحرصي على مرضاته كما كنت تفعلين قبل التعدد، وإلا فأين أنت منه "فإنما هو جنتك ونارك".
وتذكري دائمًا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه" (40).

وهذه بعض النماذج المشرفة نهديها إلى أصحاب القلوب الحاقدة أو الضعيفة، حتى يتسنى لهم رؤية الواقع الجميل للإسلام عندما يلتزم أهله به حقًا:
أ ـ ذكرت جريدة الأخبار القاهرية في عددها الصادر بتاريخ 22/ 12/ 1417هـ - الموافق 29/ 4 /1997م خبرًا بعنوان "قرعة بين ضرتين" هذا نصه: اضطر مسئولون سعوديون لإجراء قرعة بين زوجتين لأحد المرضى بالفشل الكلوي بعد أن أصرت كل منهما على التبرع له بإحدى كليتيهما، وذكرت صحيفة "عرب نيوز" السعودية التي تصدر بالإنكليزية أن السباق بين الزوجتين كان محمومًا، وأنه على الرغم من فوز الزوجة الثانية بالقرعة إلا أن الزوجة الأولى أصرَّت على أنها هي صاحبة الحق في التبرع لزوجها بالكلية.

ب ـ أرسلت الزوجة الأولى للزوجة الثانية بطاقة تهنئة ليلة بناء زوجها بها قالت لها فيها:
أختي الحبيبة/...
سلام الله عليك ورحمته وبركاته.
لا يسعني في هذه المناسبة السعيدة إلا أن أقول لك دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: بارك الله لك، وبارك عليك وجمع بينكما في خير.
وأدعو الله عز وجل أن يكتب لك السعادة والهناء والتوفيق في حياتك الزوجية الجديدة، كما أدعوه سبحانه أن نظل أختين متحابتين في الله، متعاونتين على طاعته حتى نعطي المثل الأعلى والقدوة الصالحة لأخواتنا المسلمات المرعوبات من تعدد الزوجات، واعلمي يا (...) أني قد رشحتك زوجة لشيخنا الفاضل ـ حفظه الله ـ لما لمست فيك من صفات حميدة، وأخلاق عالية والتزام طيب ـ ولا أزكي على الله أحدًا ـ وأنك سوف تكونين له نعم الزوجة التي تتفانى في خدمة زوجها وإسعاده، وسوف تجدينه إن شاء الله نعم الزوج لك.
فلنحافظ سويًا على هذه النعمة التي منَّ الله علينا بها، ونشكره دائمًا عليها.
وأسأل الله أن يجمعنا دائمًا على خير، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أختك أم(....)

جـ ـ الزوجة الأولى تدعو الله عز وجل وتتضرع إليه فتقول:
اللهم اكتب لزوجي السعادة مع زوجتيه الأولى والثانية، واكتب له السعادة في الدارين الأولى والآخرة.
اللهم انزع من قلبي الغيرة، واملأ قلبي بالحب وحب الخير لزوجي ولزوجته الثانية.

د ـ تقول غالية الجحدري:
أقول وبالله التوفيق: إنني الزوجة الثانية لزوجي، ولقد -والله- خطبت لزوجي المرأة الثالثة برضى من نفسي ولا أدعي أن الأمر عادي، بل إن الغيرة ما زالت موجودة إلا أنه استشعار لهذا الخطر الداهم وإيمان مني بأن المصلحة كل المصلحة فيما اختاره الله لنا، وأنا مستعدة لإثبات ذلك. ولقد رفضت هذه المرأة الثالثة للأسف الموافقة.
وها أنذا أقول مَنْ أرادت أن تتأكد من كلامي وهي امرأة صالحة بإمكاني أن أخطبها له شريطة أن يوافق هو على شخصيتها.

هـ ـ وهذه أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها لما مرضت قبل وفاتها، راحت تدعو أمهات المؤمنين ومنهم عائشة رضي الله عنها وتقول لها: قد كان يا عائشة ما بيننا وبين الضرائر فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك.
فقالت عائشة: غفر الله لك ذلك كله، وتجاوز، وحلَّلَت من ذلك.
فقال: سرتني سرَّك الله.
وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك.

أليس في هذه الصورة المشرقة المثل والقدوة لكل مسلمة كانت زوجة أولى أو ثانية.
فإحدى الزوجات تدعو لنفسها وللزوجة الأخرى بالمغفرة ما كان منهن بسبب الغيرة، فما كان من الزوجة الأخرى إلا ودعت لها أيضًا بالمغفرة وأن يتجاوز الله عنها حتى سُرَّت أم حبيبة بذلك، ثم دعت لها أن يسرَّها الله تعالى كما سرتها.

هذه هي القلوب المطمئنة، الزاهدة في الدنيا، المتوكلة على الله حق توكله، الراضية بما قسم الله لها.
فأين هذه القلوب من القلوب الممتلئة بالشحناء والبغضاء والحقد والضغينة، التي لا تصفح ولا تعفو ولا تدعو إلا على ضرتها. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

و ـ لا تشعر الأخت أم حسَّان بأية غيرة من ضرتها وتعتبرها أختها، وتنظر إليها نظرة احترام وتقدير... كيف وهي التي اختارتها زوجة لزوجها بعد عدة سنوات من الزواج وعدم الإنجاب، ولكن إرادة الله فوق كل شيء فقد حصل الحمل للزوجتين في أوقات متقاربة، وكأنه بركة التعدد وتعظيم شريعة الله تعالى هي التي جاءت بالخير، ولم لا والله تعالى يعطي عباده المتقين ما يحبون.

وتمضي أم حسان قائلة:
أبنائي وأبناؤها لا يشعرون بأي تفرقة بينهما، فالأمور تسير على خير ما يرام، وزوجي الذي استطاع أن يسير بسفينة الحياة الزوجية إلى بر الأمان يستحق كل تقدير واحترام، فأسباب نشوء الغيرة تعود للزوج وأساليبه في التعامل.

وتقول الزوجة الثانية:
بعد الزواج كانت لي رغبة في التعرف على الزوجة الأولى، وافق زوجي وأخبرها بذلك، جاء اللقاء الذي اتسم بالهدوء واللطف، ومع مرور الأيام ازدادت معرفتنا بعضنا ببعض، وأصبح بيننا توافقًا واضحًا، ولم نشعر يومًا بحقد أو اختلاف، وبهذه الطريقة تملكتنا الفرحة والبهجة النابعة من النفوس الصافية والقلوب المطمئنة التي لا تغزوها الكراهية ولا تقترب منها، فمن كان مع الله كان الله معه.

وتضيف:
ما هذا الوفاق -بعد فضل الله تعالى- إلا بفعل العدل الذي أمر الله به وعمل به زوجنا، وهذا التصرف الحسن ضاعف مكانته في قلوبنا.

ز ـ التقت جريدة "الصباحية" بالعروسين "روضة وهنية" وتحدثتا معًا عن حياتهم الجديدة قالتا:
إن الصداقة تربط بينهما، وإنهما يخرجان معًا للتسوق، وينامان معًا في غرفة واحدة بعد أن التحق عريسهما المشترك "أمين" بالقوات المسلحة.

وبعد مضي أكثر من أسبوعين على هذا الزواج التقى "الصباحية" بوالد العريس حيث يقيم "العروسان الجدد" وأبلغا والد العريس "الصباحية" أن العريس ذهب بعد مضي أربعة عشر يومًا على زفافه والتحق بالخدمة الإلزامية بالجيش حيث ما زال أمامه أربعة عشر شهرًا لإتمامها، وقد بدت روضة وهنية "العروسان" والموجودتان في بيت والد الزوج كأختين أكثر منهما "ضرتين"، ويظهر أن هناك علاقة حب وتفاهم بينهما ولا يوجد حتى أي نوع من الجفاء، بل كانتا متفاهمتين بحماسة وكل منهما تستشير الأخرى قبل أي إجابة على أسئلة "الصباحية".

تقول هنية:
إن زواجها من أمين أُجل ليلة واحدة، وأنها أمضت تلك الليلة في بيت والدها.

سألناها:
كيف تقرر أن تكون هي الثانية؟

وأجابت ببساطة:
أنه حسب ترتيب كَتب الكتاب، فقد تقرر حينئذٍ أنها الزوجة الثانية، بينما تكون "روضة" الزوجة الأولى بالرغم أن عقد القران للاثنتين تم في نفس اللحظة.

وتقول روضة:
نحن حقًا صديقتان، ونستغرب لدهشة الناس من ذلك؛ ففي الأمس عندما غادرنا أمين إلى خدمته في الجيش بتنا -أنا وهنية- في غرفة واحدة، وذهبنا بعد الظهر للتسوق معًا، كما أننا خلال الأسبوع الماضي خرجنا مع أمين للتنزه معًا، والآن هو غير موجود بيننا ومع ذلك فنحن لا نفترق، فنحن صديقتان وبنتا عمومة قبل أن نكون زوجتي أمين.

وتقول روضة:
إن أهم شيء هو العدل، وأمين يعدل بيننا تمامًا، فلكل منا غُرفة مستقلة في البيت ومهرنا وتكاليف زواجنا أنا وهنية كانتا متساوية تمامًا، وما دام الزوج عادلاً، فلا يوجد أي داعٍ لأية خلافات أو مشكلات (41).

ز ـ وهذه رسالة أرسلتها زوجة ثانية إلى ضرتها ـ الزوجة الأولى ـ تحت عنوان: "دعيني أقترب منك" (42):
عزيزتي حُصة...
منذ أن دخلت حياة زوجك ـ كزوجة ثانية ـ وأنا أشعر أني ثقيلة عليك، تختلسين النظر إليّ، فإذا ما لهوت عنك حدَّقت في وجهي وأطلت النظر إليّ، أشعر بالكآبة وخيبة الأمل تكسوان مُحياك كلما وقعت عيناك عليّ... كلما حاولت الاتصال بك وإثارة أي حديث معك لمجرد الحديث، يُدفن الموضوع في مهده بإجابة مقتضبة منك.

أعرف أنك امرأة صالحة، ولا تحملين حقدًا عليّ، لكنك ضائقة ذرعًا بي، كأن لسان حالك يقول: أنت غريبة عن حياتي... ولا أرغب في وجودك.

حُصة، إن سعادتي في حياتي الزوجية ستكتمل إذا شعرتُ أنك سعيدة تبادلينني ابتسامات صادقة وتتجاذبين معي أطراف الحديث، وتساعدينني في أن نكون صديقتين، يا ليتنا يا حصة نكون صديقتين... بل أختين... ما الذي يمنع؟

إن زوجي وزوجك رجل عظيم، ذو خلق جم، وأدب رفيع، ويحاول أن يعدل بيننا، ويُكِنُّ لك خالص الحب ولا يذكرك إلا بخير، ويعتز بأنك شريكة حياته، ولأن زوجنا يمتاز بهذه الصفات فإننا يمكن أن نقتسمه.. إنه كل قسم منه هو رجل كامل الصفات بذاته لما يتميز به من كريم الأخلاق وجليل الخصال.

حُصّة، لم أكن أخطط أن أتزوج من رجل متزوج، ولكن نصيبي، وقد شعرت بعد إتمام الزواج أني سعيدة، ويمكن أن أُسهم في بناء عُش زوجي هانئ ومستقر.

حُصة.. دعينا نحاول أن نجعل حياتنا مع زوجنا هانئة مثمرة، دعينا نخفف من مشاعر الغيرة التي تنتابنا... دعينا نحب بعضنا، ونعلم أبنائي وأبناءك الحب والتعاون.

وأقوال مشرفة أيضًا:
============
إن كان هناك جمهرة كبيرة من النساء في أنفسهن شيء من التعدد يصرحن به أو يلمحن به كما ذكرنا، إلا أنه في المقابل توجد مجموعة من النساء توافق عليه -وإن كُنَّ قلة- لكن لن نعدم الخير في أمتنا أبدًا.

فهذه تقول:
أوافق في حالة وجود العدل، ومسكن مستقل لكل زوجة.

وأخرى تقول:
أوافق على المبدأ بدون أية تحفظات.

وأخرى تقول:
أوافق إذا كانت الزوجة الثانية على قدر كبير من الالتزام حتى نتآخى في الله.

وأخرى تقول:
أوافق بدون أي اعتراضات، خاصة إذا كانت الزوجة الثانية لها ظروف إنسانية؛ مثل أن تكون أرملة أو مطلقة.

وتقول طالبة جامعية:
إنه لابد أن يربى الجيل الجديد من الأخوات المسلمات على تقبل هذا الأمر، وأنه لا غضاضة فيه؛ وذلك لأننا للأسف نشأنا في مجتمع ينفر من هذه الشعيرة، ويعتبره حالة خاصة وليس أمرًا عاديًا.

وهذا آخر ما تم جمعه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه
عصام بن محمد الشريف
عفـا الله تعالى عنـا وعنه


المسلمة التقيَّة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

المسلمة التقيَّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسلمة التقيَّة   المسلمة التقيَّة Emptyالثلاثاء 08 نوفمبر 2016, 5:58 pm

الهــوامش
======
(1)     صفة الصفوة (4/24ـ 26)، سير أعلام النبلاء (4/507).

(2) التِّرب: اللِّدَة، والسِّنّ، ومَنْ وُلِد معك.   
(3)     سير أعلام النبلاء (4/507، 508).
(4)     المدخل للإمام ابن الحاج (1/215).
(5)     إحياء علوم الدين. ومما يجب التنبيه عليه "أن الحياة في القبر ليست مجرد رقاد ونوم، بل هي حياة برزخية في نعيم أو جحيم".
(6)     سير أعلام النبلاء (4/508، 509).
(7)     السابق (4/277ـ 279) بتصرف.
(8)     البداية والنهاية (9/47).
(9)     المدخل (1/215).
(10)     السابق.
(11)     من أخلاق العلماء للشيخ محمد بن سليمان رحمه الله، ص37.
(12)     ذيل طبقات الحنابلة (1/440).
(13)     سير أعلام النبلاء (18/479، 480).
(14)     الأخت المسلمة للجوهري، ص64.
(15)     تربية الأولاد في الإسلام (1/278).
(16)     المدخل (1/215، 216).
(17)     انظر: المرأة العربية (2/89).
(18)     وقيل: لعلها: "لو مقتك" أي: أحببتك.
(19)     رواه ابن سعد في "الطبقات" (8/208، 209)، وأبو نعيم في "الحلية" (2/76)، وانظر: سير أعلام النبلاء (2/286، 287)، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أخرجه ابن السكن بسند صحيح عن الشعبي" اهـ. من "الإصابة" (7/491).
(20)     أي: أقسم عليها.
(21)     رواه ابن سعد في "الطبقات" (8/208).
(22)     الحَرَب: السلب. وفي لفظ ابن ماجه (قالت: "واحزناه").
(23)     رواه ابن ماجه في سننه رقم 1590 بلفظ: "إن للزوج من المرأة لشعبة ما هي لشيء"، وكذا ابن سعد في "الطبقات" (8/175)، وابن إسحاق في السيرة بلفظ: "إن زوج المرأة منها لبمكان"، وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" رقم 347، ص120، وكذا في ضعيف الجامع، رقم 1960.
(24)     ومن ثم قال الإمام أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى: "ولا ينبغي لوالدي المرأة، ولا لجميع أهلها أن يطلبوا منها الميل إلى إيثارهم أكثر من ميلها إلى زوجها، فإنها تميل إلى زوجها بالطبع، وقد أخبر عنها الشارع بذلك، فلتعذر في ذلك" اهـ. من "أحكام النساء" ص70.
(25)     الدر المنثور في طبقات ربا الخدور ص517، المرأة العربية (2/117).
(26)     العقد الفريد لابن عبد ربه، كتاب المرجانة الثانية في النساء وصفاتهن جـ3، الأعلام (7/343).
(27)     أي خطبها لزيد بن حارثة بعد أن مات أهله، كما في رواية البخاري في "التاريخ الكبير".
(28)     رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (2/14)، و"الصغير" (2/138)، والحديث حسَّنه الحافظ في "الفتح" (9/219)، وكذا حسَّنه الألباني بشاهده عند البخاري في "التاريخ الكبير"، انظر: الصحيحة، حديث رقم 608.
(29)     انظر: المطالب العالية (1673)، وكنز العمال (45557، 45580)، تاريخ بغداد (9/228)، الفقيه والمتفقه (48)، والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" رقم 1281 بشواهده.
(30)     انظر: "الصحيحة" للألباني (3/276)، "التذكرة" للقرطبي ص576.
(31)     أخرجه البيهفي في سننه (7/69، 70)، وتتمته: "فلذلك حرَّم الله على أزواج النبي  أن ينكحن بعده؛ لأنهم أزواجه في الجنة"، وفيه أبو إسحاق السبيعي.
(32)     سير أعلام النبلاء (4/278).
(33)     الدر المنثور ص465، 466، وأخبار النساء ص138، وهذا الأخير منسوب خطأ لابن القيم الجوزية، كما حققه العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد في "ابن القيم الجوزية: حياته، وآثاره" ص121ـ 126.
(34)     البداية والنهاية (9/193).
(35)     وكان أبوها عبد الملك بن مروان رحمه الله قد أعطاها قُرطي مارية، والدرة اليتيمة، وكان أحب أخواتها إليه، وكان قد دعا لها قائلاً: "اللهم احفظني فيها" فتزوجها ابن عمها عمر بن عبد العزيز. اهـ. من "البداية والنهاية" (9/67).
(36)     وقد خيرها عقب توليه الخلافة بين أن تقيم معه على أنه لا فراغ له إليها، وبين أن تلحق بأهلها، فبكت، وبكى جواريها لبكائها، فُسمعت ضجة في داره، ثم اختارت مقامها معه على كل حال رحمها الله. اهـ. من "البداية والنهاية" (9/198).
(37)     مقدمة "آداب الزفاف في السن المطهرة" للألباني ص84ـ 88، بلقم الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله. طبعة سنة 1409هـ.
(38)     رواه البخاري ومسلم.
(39)     رواه ابن ماجه، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" برقم 948.
(40)     رواه أحمد وابن ماجه، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" برقم 6915.
(41)     فضل تعدد الزوجات، خالد بن عبد الرحمن ص72.
(42)     مجلة الأسرة ـ العدد 18 ـ شعبان 1415هـ ـ يناير 1995م، ص26.


المسلمة التقيَّة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
المسلمة التقيَّة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» محاذير نكاح غير المسلمة
» زواج المسلمة من الكتابيّ
» دروس فضيلة الشيخ: حسين بن علي العلي
» رسالة إلى الأخت المسلمة
» صور من محاذير للمرأة المسلمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأســـــــــرة والــطــفـــــــــــل :: المسلمة التقيَّة-
انتقل الى: