أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: ذُو الْكِفْل عليه السلام السبت 09 أكتوبر 2010, 11:46 pm | |
| ذُو الْكِفْل عليه السلام
نُبْذَة:
مِن الْأَنْبِيَاء الْصَّالِحِيْن، وَكَان يُصَلِّي كُل يَوْم مِائَة صَلَاة، قِيَل إِنَّه تَكَفَّل لِبَنِي قَوْمِه أَن يَقْضِي بَيْنَهُم بِالْعَدْل وَيَكْفِيَهُم أَمَرَهُم فَفَعَل فَسُمِّي بِذِي الْكِفَل.
سِيْرَتِه:
قَال أَهْل الْتَّارِيْخ ذُو الْكِفْل هُو ابْن أَيُّوْب عَلَيْه الْسَّلَام وَأَسْمُه فِي الْأَصْل (بَشِّر) وَقَد بَعَثَه الْلَّه بَعْد أَيُّوْب وَسَمَّاه ذَا الْكِفْل لِأَنَّه تَكَفَّل بِبَعْض الطَّاعَات فَوْقِي بِهَا، وَكَان مَقَامُه فِي الْشَّام وَأَهْل دِمَشْق يَتَنَاقَلُوْن أَن لَه قَبْرَا فِي جَبَل هُنَاك يُشْرِف عَلَى دِمَشْق يُسَمَّى قَاسَيُوَن.
إِلَا أَن بَعْض الْعُلَمَاء يَرَوْن أَنَّه لَيْس بِنَبِي وَإِنَّمَا هُو رَجُل مِن الْصَّالِحِيِن مِن بَنِي إِسْرَائِيْل. وَقَد رَجَّح ابْن كَثِيْر نُبُوَّتِه لِأَن الْلَّه تَعَالَى قَرَنَه مَع الْأَنْبِيَاء فَقَال عَز وَجَل: وَإِسْمَاعِيْل وَإِدْرِيس وَذَا الْكِفْل كُل مِّن الصَّابِرِيْن (85) وَأَدْخَلْنَاهُم فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّن الْصَّالِحِيْن (85) (الْأَنْبِيَاء)
قَال ابْن كَثِيْر: فَالَظَّاهِر مِن ذِكْرِه فِي الْقُرْآَن الْعَظِيْم بِالْثَّنَاء عَلَيْه مَقْرُوْنا مَع هَؤُلاء الْسَّادَة الْأَنْبِيَاء أَنَّه نَبِي عَلَيْه مِن رَبِّه الصَّلَاة وَالْسَّلام وَهَذَا هُو الْمَشْهُوْر.
وَالْقُرْآَن الْكَرِيْم لَم يَزِد عَلَى ذِكْر اسْمِه فِي عِدَاد الْأَنْبِيَاء أَمَّا دَعْوَتِه وَرِسَالَتِه وَالْقَوْم الَّذِيْن أُرْسِل إِلَيْهِم فَلَم يَتَعَرَّض لِشَيْء مِن ذَلِك لَا بِالْإِجْمَال وَلَا بِالْتَفْصِيْل لِذَلِك نُمْسِك عَن الْخَوْض فِي مَوْضُوْع دَعْوَتِه حَيْث أَن كَثِيْرا مِّن الْمُؤَرِّخِيْن لَم يُوَرِّدُوا عَنْه إِلَّا الْشَّيْء الْيَسِيْر.
وَمِمَّا يَنْبَغِي الْتَّنَبُّه لَه أَن (ذَا الْكِفْل) الَّذِي ذَكَرَه الْقُرْآن هُو غَيْر (الْكِفْل) الَّذِي ذُكِر فِي الْحَدِيْث الْشَّرِيف وَنَص الْحَدِيْث كَمَا رَوَاه الْأَمَام أَحْمَد عَن ابْن عُمَر رَضِي الْلَّه عَنْهُمَا قَال: (كَان الْكِفْل مِن بَنِي إِسْرَائِيْل لَا يَتَوَرَّع عَن ذَنْب عَمِلَه فَأَتَتْه امْرَأَة فَأَعْطَاهَا سِتِّيْن دِيْنَار عَلَى أَن يَطَأَهَا فَلَمَّا قَعَد مِنْهَا مَقْعَد الْرَّجُل مِن امْرَأَتِه أُرْعِدَت وَبَكَت فَقَال لَهَا مَا يُبْكِيْك؟ أَكْرَهْتُك؟ قَالَت: لَا وَلَكِن هَذَا عَمَل لَم أَعْمَلْه قَط وَإِنَّمَا حَمَلَتْنِي عَلَيْه الْحَاجَة.. قَال: فَتَفْعَلِيْن هَذَا وَلَم تَفْعَلِيْه قَط؟ ثُم نَزَل فَقَال أَذَهَبِي بِالْدَّنَانِيْر لَك، ثُم قَال: وَالْلَّه لَا يَعْصِي الْلَّه الْكِفْل أَبَدا فَمَات مِن لَيْلَتِه فَأَصْبَح مَكْتُوْبا عَلَى بَابِه: قَد غَفَر الْلَّه لِلْكِفْل).
رَوَاه الْتِّرْمِذِي وَقَال: حَدِيْث حَسَن وَرُوِي مَوْقُوْفا عَلَى ابْن عُمَر وَفِي إِسْنَادِه نَظَر. فَإِن كَان مَحْفُوْظا فَلَيْس هُو ذَا الْكِفْل وَإِنَّمَا لَفْظ الْحَدِيْث الْكِفْل مِن غَيْر إِضَافَة فَهُو إِذَا رَجُل آَخَر غَيْر الْمَذْكُوْر فِي الْقُرْآَن. وَيَذْكُر بَعْض الْمُؤَرِّخِيْن أَن ذَا الْكِفْل تَكَفَّل لِبَنِي قَوْمِه أَن يَكْفِيَهُم أَمْرِهِم وَيَقْضِي بَيْنَهُم بِالْعَدْل فَسُمِّي ذَا الْكِفْل وَذَكَرُوَا بَعْض الْقِصَص فِي ذَلِك وَلَكِنَّهَا قِصَص تَحْتَاج إِلَى تُثَبِت وَإِلَى تَّمْحِيْص وَتَدْقِيق.
الْرَّجُل الْصَّالِح:
أَمَّا مَن يَقُوْل أَن ذُو الْكِفْل لَم يَكُن نَبِيا وَإِنَّمَا كَان رَجُلا صَالِحا مِن بَنِي إِسْرَائِيْل فَيُرَوِّي أَنَّه كَان فِي عَهْد نَبِي الْلَّه الْيَسَع عَلَيْه الْسَّلَام.
وَقَد رُوِي أَنَّه لَمَّا كَبِر الْيَسَع قَال لَو أَنِّي اسْتَخْلَفْت رَجُلا عَلَى الْنَّاس يَعْمَل عَلَيْهِم فِي حَيَاتِي حَتَّى أَنْظُر كَيْف يَعْمَل؟ فَجَمَع الْنَّاس فَقَال: مَن يَتَقَبَّل لِي بِثَلَاث اسْتَخْلِفْه: يَصُوْم الْنَّهَار، وَيَقُوْم الْلَّيْل، وَلَا يَغْضَب.
فَقَام رَجُل تَزْدَرِيْه الْعَيْن، فَقَال: أَنَا، فَقَال: أَنْت تَصُوْم الْنَّهَار، وَتَقُوْم الْلَّيْل، وَلَا تَغْضَب؟ قَال: نَعَم. لَكِن الْيَسَع -عَلَيْه الْسَّلَام- رَد الْنَاس ذَلِك الْيَوْم دُوْن أَن يَسْتَخْلِف أَحَدا.
وَفِي الْيَوْم الْتَّالِي خَرَج الْيَسَع -عَلَيْه الْسَّلَام- عَلَى قَوْمِه وَقَال مِثْل مَا قَال الْيَوْم الْأَوَّل، فَسَكَت الْنَّاس وَقَام ذَلِك الْرَّجُل فَقَال أَنَا. فَاسْتَخْلَف الْيَسَع ذَلِك الْرَّجُل.
فَجَعَل إِبْلِيْس يَقُوْل لِلْشَّيَاطِيْن: عَلَيْكُم بِفُلَان، فَأَعْيَاهُم ذَلِك. فَقَال دَعُوْنِي وَإِيَّاه فَأَتَاه فِي صُوْرَة شَيْخ كَبِيْر فَقِيْر، وَأَتَاه حِيْن أَخَذ مَضْجَعَه لِلْقَائِلَة، وَكَان لَا يَنَام الْلَّيْل وَالْنَّهَار، إِلَا تِلْك الْنَّوْمَة فَدَق الْبَاب.
فَقَال ذُو الْكِفْل: مِن هَذَا؟ قَال: شَيْخ كَبِيْر مَظْلُوْم. فَقَام ذُو الْكِفْل فَفَتَح الْبَاب. فَبَدَأ الْشَّيْخ يُحَدِّثُه عَن خُصُوْمَة بَيْنَه وَبَيْن قَوْمِه، وَمَا فَعَلُوْه بِه، وَكَيْف ظَلَمُوْه، وَأَخَذ يُطَوِّل فِي الْحَدِيْث حَتَّى حَضَر مَوْعِد مَجْلِس ذُو الْكِفْل بَيْن الْنَّاس، وَذَهَبَت الْقَائِلَة.
فَقَال ذُو الْكِفْل: إِذَا رُحْت لِلْمَجْلِس فَإِنَّنِي آَخُذ لَك بِحَقِّك. فَخَرَج الْشَّيْخ وَخَرَج ذُو الْكِفْل لِمَجْلِسِه دُوْن أَن يَنَام. لَكِن الْشَّيْخ لَم يَحْضُر لِلْمَجْلِس. وَانْفَض الْمَجْلِس دُوْن أَن يَحْضُر الْشَّيْخ. وَعَقَد الْمَجْلِس فِي الْيَوْم الْتَّالِي، لَكِن الْشَّيْخ لَم يَحْضُر أَيْضا.
وَلَمَّا رَجَع ذُو الْكِفْل لِمَنْزِلِه عِنْد الْقَائِلَة لِيَضْطَجِع أَتَاه الْشَّيْخ فَدَق الْبَاب، فَقَال: مِن هَذَا؟ فَقَال الْشَّيْخ الْكَبِيْر الْمَظْلُوْم. فَفُتِح لَه فَقَال: أَلَم أَقُل لَّك إِذَا قَعَدْت فَأْتِنِي؟ فَقَال الْشَّيْخ: إِنَّهُم اخْبَث قَوْم إِذَا عَرَفُوْا أَنَّك قَاعِد قَالُوْا لِي نَحْن نُعْطِيَك حَقِّك، وَإِذَا قُمْت جْحْدُوْنِي.
فَقَال ذُو الْكِفْل: انْطَلِق الْآَن فَإِذَا رُحْت مَجْلِسِي فَأْتِنِي. فَفَاتَتْه الْقَائِلَة، فَرَاح مَجْلِسِه وَانْتَظِر الْشَّيْخ فَلَا يَرَاه وَشَق عَلَيْه الْنُّعَاس، فَقَال لِبَعْض أَهْلِه: لَا تَدَعَن أَحَدا يُقَرِّب هَذَا الْبَاب حَتَّى أَنَام، فَإِنِّي قَد شَق عَلَي الْنَوَم.
فَقَدِم الْشَّيْخ، فَمَنَعُوْه مِن الْدُّخُوْل، فَقَال: قَد أَتَيْتَه أَمْس، فَذَكَرْت لَّذِي الْكِفْل أَمْرِي، فَقَالُوَا: لَا وَالْلَّه لَقَد أَمَرَنَا أَن لَا نَدَع أَحَدا يُقَرِّبُه.
فَقَام الْشَّيْخ وَتَسَوَّر الْحَائِط وَدَخَل الْبَيْت وَدْق الْبَاب مِن الْدَّاخِل، فَاسْتَيْقَظ ذُو الْكِفْل، وَقَال لِأَهْلِه: أَلَم آَمُرْكُم أَلَّا يَدْخُل عَلَي أَحَد؟ فَقَالُوَا: لَم نَدَع أَحَدا يَقْتَرِب، فَانْظَر مِن أَيْن دَخَل.
فَقَام ذُو الْكِفْل إِلَى الْبَاب فَإِذَا هُو مُغْلَق كَمَا أَغْلَقَه؟ وَإِذَا الْرَّجُل مَعَه فِي الْبَيْت، فَعَرَّفَه فَقَال: أَعَدُو الْلَّه؟ قَال: نَعَم أَعْيَيْتَنِي فِي كُل شَيْء فَفَعَلَت كُل مَا تَرَى لِأُغْضِبَك. فَسَمَّاه الْلَّه ذُا الْكِفْل لِأَنَّه تَكَفَّل بِأَمْر فَوَفَى بِه!
|
|