أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: من مناقب السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها الثلاثاء 21 مارس 2017, 11:13 pm | |
| من مناقب السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها ========================= السؤال: لقد ساندَت السيدة خديجةُ رضي الله تعالى عنها رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بداية الدعوة وآمنت به وكانت خير مُعين بعد الله تعالى له، فهل تذكُر لنا فضيلتكم شيئًا من ذلك؟
الجواب: خديجة بنت خويلد -رضي الله تعالى عنها- هي أول من آمن برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت -رضي الله تعالى عنها- تمتلك من الفقه الإيمانيّ ما يجعلها تدرك بفطرتها أن زوجها إنما هو رسول كريم، فعندما نزل الوحي عليه -صلى الله عليه وسلم- لأول مرة في غار حِرَاء جاءها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو في حالة رَوع ويقول: "زمِّلوني زمِّلوني" ولما ذهبت عنه حالة الرَّوع قال لها: "لقد خشيتُ على نفسي".
وكان خشية الرسول من ألّا يكون ما نزَل عليه وحيًا من السماء، لكن خديجة ـ رضي الله عنها ـ بفطرة الإيمان قالت: إنك لَتَصِلُ الرحم، وتَحمل الكَلَّ، وتُكسب المعدومَ، وتَقرِي الضيف، وتُعين على نوائب الحق، واللهِ ما يُخزيك الله أبدًا (جزء من حديث أخرجه البخاريّ 3) كان هذا استنباطًا وقياسًا.
ولو سألنا: من أين أتت خديجة ـ رضي الله عنها ـ بهذا الاستنباط والقياس؟
لقد كان لها من ذكائها ونضجها ما يجعلها تملك الحواسّ التي تجعلها تطمئنّ لصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما قال.
أقول ذلك حتى نفهم أن زواج الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ منها وهي في سن الأربعين بينما كان عمره خمسة وعشرين عامًا إنما كان ذلك من مشيئة الرحمن سبحانه في الإعداد الإلهيّ لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
إن الرجل العاديّ في عمر الخامسة والعشرين لا يمكن أن يفكر إلا في الزواج بمن تصغره بسنوات، لكن الله يهيئ من الظروف حتى يتم زواج خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
خديجة -رضي الله عنها- هي أول زوجة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأن الرسول عندما بلغ الأربعين من عمره وتلقَّى الرسالة كان يحتاج إلى من تفهم وتقدر العبء المُلقَى على عاتقه، كان يحتاج إلى حنان المرأة الناضجة التي تجيد الفهم والقياس.
لأن الله أراد لرسوله الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ظروفًا تجعل من أقرب المحيطين به من هم أكثر فهمًا له.
هكذا كانت خديجة رضي الله تعالى عنها.
ذلك أننا لو افترضنا أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد تزوج في بداية حياته بمن تصغره في العمر وجاءه الوحي لكان استقبالها للحدث الإيمانيّ مختلفًا.
فالحدث الإيمانيّ الجليل كان لا بد أن يجد فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشقة وأن يجد في ذات الوقت حنانًا ممثَّلًا في حنان زوجته الأولى السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
نتأمل حسن استقبالها واستنباطها عندما يخبرها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمجيء الوحي وبما يقوله الملَك جبريل، فتقول له: إذا جاءك الوحي أتستطيع أن تخبرني؟
فيرد رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم.
وعندما جاء الوحي قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لخديجة رضي الله عنها: وهل تَرَين الوحيَ؟
فأخذت خديجة رسول الله في حجرها وقالت له: هل ترى الوحيَ؟
ويرد الرسول: نعم أراه.
فأزاحت خديجة ـ رضي الله عنها ـ الخمار الذي تغطي بها رأسها وسألت النبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم: أما زلت ترى الوحي؟
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا.
فتقول خديجة رضي الله تعالى عنها: اطمئن يا رسول الله، ليس ما يجيء إليك بشيطان إنما هو ملَك من عند الله.
لماذا؟ لأن خديجة ـ رضي الله عنها ـ أزاحت الخمار عن رأسها، والشيطان لا يختفي لمثل هذا التصرف، أما الملَك جبريل فهو حَييّ كريم لا ينظر إلى السافرات.
أية امرأة كانت تستطيع أن تستنبط مثل هذا الاستنباط من مثل هذا الموقف!
أية امرأة كانت تستطيع أن تمتلك هذا القدر من الفهم والحكمة!
وتأخذ خديجة رسول الله إلى ورقة بن نوفل فيخبرهما ورقة بعد أن سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد حكى له ما رآه في الغار بأن هذا هو الناموس الذي كان يأتي موسى عليه السلام، وبشّره ورقة ـ رضي الله تعالى عنه ـ بأنه رسول الله هذه الأمة وشد على يده وقال له: يا ليتني فيها جَذَع، ليتني أكون حيًّا إذ يُخرجك قومك (راجع قصة زواج النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالسيدة خديجة رضي الله تعالى عنها وبدء الوحي، وذلك في كتاب "السيرة النبوية" للشيخ الإمام محمد متولي الشعراوي 101 ـ 120 وهو من إصدارات مكتبة التراث الإسلاميّ). |
|