ضيف الحلقة :
الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي
موضوع المحاضرة
مسؤوليتنا تجاه ديننا
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه على يوم الدين أما بعد،
فسيرني أن أشكر الأخوة القائمين على هذا العمل الموفق وهذا النشاط النافع وأسال الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً بما يحب ويرضاه الموضوع الذي اختير الحديث فيه في هذه الأمسية يرتبط مع الموضوع الأساس أو الكبير الذي جعل عنواناً لهذه السلسلة من المحاضرات ارتباط العام ببعض أفراده أو ارتباط الكل ببض أجزاءه ذلك أن المسئولية مسئولية كبيرة ومتعددة الجوانب ولعل أعظم أنواع المسئولية ما يتعلق بمسئولية المسلم أو مسئولية المسلمين اتجاه دينهم لعل هذا هو أعظم المسئوليات لأن الشريعة في أساسها وفي كلياتها جاءت بالمحافظة على الدين وبحفظ الدين تستقيم أحوال الناس في الدنيا وفي الأخرة وإذا اختل هذا الجانب ما يتعلق بالدين وضعف تحمل المسلمين لمسئوليتهم اتجاه دينهم اختلت كثيراً من أوجه حياتهم لأن الدين ليس خاص بجانب من جوانب الحياة الدين معناه الطاعة والاستقامة وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى وأن يكون الإنسان عبداً خاصاً لربه والعبد هو المطيع هو الذي استسلم لله سبحانه وتعالى استسلام كاملاً ومن هنا فمسئوليتنا اتجاه ديننا هي أعظم أنواع المسئوليات لأن المسئوليات متعددة ومتشعبة وكما في هذه السلسلة التي جرت في هذا المسجد المبارك تعددت الجوانب أو تعرضت لجوانب عددية ومسئولتنا نحن المسلمين اتجاه ديننا هي مرتبطة أو عنوان لمجدنا لشرفنا وعزتنا بمعنى أن عزنا وشرفنا ومجدنا مرتبط بأداء هذه المسئولية ولا أدل من ذلك وأضح مما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى موجهاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قدوتنا الصالحة وموجه لنا فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون الآية الكريمة الصريحة بأمر رسولنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يستمسك بهذا الوحي والوحي سواء أكان في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ذلك أن هذا الوحي هو الصراط المستقيم إنك بهذا الاستمساك على صراط مستقيم وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون والعلماء رحمهم الله فسروا قوله تعالى وإنه لذكر لك ولقومك بأنه شرف لك ولقومك وهنا ترتبط المسئولية بالعزة وبالمجد والسعادة ابن كثير رحمه الله يقول إنه شرف لهم أي للعرب من حيث أنه نزل بلغتهم فهو أفهم الناس له فينبغي أنت يكونوا أقوم الناس به وأعملهم بمقتضاه بمعنى أنهم أولى بغيرهم وأكثر مسئولية في تحمل هذه الرسالة وهذا الدين على أساس أو باعتبار أن الإسلام نزل بلغتهم وفي بلادهم واختير محمد صلى الله عليه وسلم من العرب من أشرف العرب وبالتالي هذا شرف وهذا ذكر ويرتبط بها المسئولية وفي قول الله سبحانه وتعالى :
وسوف تسألون أي سوف تسألون عن هذا القرآن الذي يتضمن كلية هذا الدين وأجمال هذا الدين لأن السنة النبوية بيانٌ لكتاب الله ووحي من الله سبحانه وتعالى فسوف تسألون ماذا عملتم في هذا القرآن كيف كنتم بالعمل به والاستجابة له وباختصار أشير إلى قضايا معروفة تتعلق بالمسئولية في الإسلام وتميز المسئولية في ديننا عن المسئولية في الأنظمة الوضعية أو القوانين الوضعية أو الحياة البشرية المسئولية في الإسلام تتجلى حقيقتها الكبرى ليس في هذه الدنيا ولكن في الأخرة يتحمل الإنسان المسئولية في هذه الدنيا ومتى يكون الحساب متى يكون الجزاء لتظهر وتتجلى الحقيقة الكبرى بعد الموتنا ويقف الإنسان بين يدي الله سبحانه وتعالى ويتعرض للمسائلة وللحساب هناك تبولوا كل نفسٍ ما أسلفت كل نفس بما كسبت رهينة كلكم راعي وكلكم مسئول عن رعيته متى يسأل هناك أسئلة في الدنيا لكن السؤال الكبير في الأخرة بعد الموت أما في الدنيا فما يأتي من المسئولية ومن المحاسبة هو قليل بالنسبة للمحاسبة في الدار الأخرة قد تكون هناك محاسبة بشرية في الدنيا من ولي الأمر من المسئول عن الشخص من أي إنسان إذا قصر في عمله يساءل ويحاسب لكن هل يكتفا بهذه المحاسبة أبداً محاسبة الكبيرة العظمة تتجلى في الدار الأخرة قد أيضا وهو شيء رباني قد ينعم الله سبحانه وتعالى وهذا من استقام منهج الله وهذا جزاه في الدنيا لكن يكتفا بهذا الجزاء العظيم والحقيقة الكبرى في الدار الأخرة قد يعاقب الله سبحانه وتعالى في هذه الدنيا من عصاه ومن خرج عن الجادة لكن هل يكتفا بهذا الجزاء في الحياة الدنيا وهناك جزاء عظيم وحقيقة كبرى تتجلى في الدار الأخرة ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى :
ولو يؤاخذ الله الناس من ظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى ولذلك آيات أخرى وردت في هذا الأمر ومما يميز المسئولية في الإسلام عن المسئولية في الحياة البشرية أنها تتركز أيضا على ما يكنه الإنسان في قلبه لا يتعامل فقط تكون المعاملة في الظاهر قد يكون الإنسان ظاهر سليم ويدي العمل السليم ولكن الباطن السيئ والعياذ بالله ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات لا ينظر للشكل الظاهري الشكل الخارجي قد يكون وفق الشريعة ولذلك حتى العلماء والفقهاء يفرقون بين الأحكام قال هذا يطبق قضاءً أو حكم قضائي ولكن الديانة بين الإنسان وبين ربه وفي قول الله سبحانه وتعالى قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا فسرها الحسن وقتادة رحمهم الله بقوله على نيته كل يعمل على نيته فهذا ما يميز في المسئولية ويجعل المسلم يستشعر رقابة الله سبحانه وتعالى عليه إذا كان يخشى البشر فقط سيرتب أموره أمام الناس وقد يتحايل لكن ينبغي أن ستشرق رقابة الله عليه ويدرك بأن الله مطلع على حقيقة الأمر وأنه لا تخفى عليه خافية وأن أمامه الدار الأخرة في أداء هذه المسئولية عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال سواء منكم من أسر القول وجهر به ومن هو مستغفر بالليل وسائل بالنهار طبعاً المسئولية التي تتجه للإنسان نوعان مسئولية فردية ومسئولية جماعية المسئولية الشخصية فيما يتعلق بذمة الإنسان بمسئوليته اتجاه تحمل هذا الدين الدعوة له الدفاع عنه إذا كان قادراً على ذلك مسئولية اتجاه أولاده مسئولية اتجاه أخوانه هذه مسئولية فردية وهناك مسئولية تتحملها الأمة مشتركة وهي ما تسمى بفروض الكفايات تتحملها الأمة الإسلامية جميعاً ولعل مسئوليتنا اتجاه ديننا تندرج في نوعين هناك مسئولية فردية شخصية على كل مسلم فيما يتعلق بنفسه وما يتعلق بإخوانه وما يتعلق بهذا الدين حسب قدرته واستطاعته وهناك مسئولية على الأمة المسلمة أجمع ولاة الأمر العلماء الأثرياء كل إنسان له طاقة وقدرة تشترك المسئولية فإذا لم يحقق هذا الأمر تأتم الأمة نسأل الله العافية جميعاً وإذا تحقق هذا الأمر من قبل فئة من الناس تسقط المسئولية باعتبار أن هذا فرض كفاية على الآخرين هناك نقطة لا بد أن نتعرض لها ونحن نتحدث عن مسئوليتنا اتجاه ديننا هذه النقطة ما يتعلق بحفظ هذا الدين وأن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظه وتكفل أيضا بإظهاره في العالمين إن نحن نزلنا الذكر وإن له لحافظون وعلماء البلاغة يقولون أن إطلاق الحفظ في هذه الآية عن متعلقه يفيد العموم بمعنى أنه ليس حفظاً في جانب معين بل لكن حفظاً في كل الجوانب عن التبديل عن التحريف عن الشبه عن أشياء كثيرة إن نحن نزلنا الذكر وإن له لحافظون وفي آيات كثيرة ومنه قول الله سبحانه وتعالى هو الذي أرسل رسوله للهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وعد الله الذين أمنوا ومنكم من عمل الصالحات لاستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ولا يمكن لهم دينهم الذي أرتضى لهم ولا يبدلنهم من بعد خوفهم أما يعبدون آله يشركون بي شيء كل هذه آيات قطعية واضحة في أن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ هذا الدين وتكفل ووعد بإظهاره في العالمين رسولنا صلى الله عليه وسلم قال لخباب ابن الأرت وأصحابه والله ليتم الله هذا الأمر حتى يسير الراكب بين صنعاء وحضر موت لا يخاف إلا الله ولا يخشى إلا الله والذئب على غنمه وقال أيضا في الحديث الأخر لعدي ابن حاتم:
هل رأيت الحيرة قال ما رأيتها ولكني نبأت أو أنبأت عنها قال إن طالت بك حياة فسترى الضعينة تخرج من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله سبحانه وتعالى وقول عدي ابن حاتم أني رأيت الضعينة تخرج من الحيرة حتى تطوف بالكعبة تخشى أو لا تخاف إلا الله هذا أيضا تحقيق واقعي لانتشار هذا الدين ولظهوره إن الله زوا لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغوا ملكها ما زوي لي منها وفي حديث تميم الداري ليبلغنا وهذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدراً ولا وبراً إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيزاً أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر كل هذه آيات وأحاديث واضحة صريحة وحي من الله لإظهار هذا الدين وانتشاره إذاً هذا الدين كرسالة خاتمة لكل الرسائل محفوظ وباقي إلى أن تقوم الساعة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وربنا سبحانه وتعالى ذكر في وصفه للصحابة رضوان الله عليهم بأنه وإن ضعف الدين فدين الله محفوظ وإن ضعفت الأمة فدين الله محفوظ واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس آواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون هذا في وصف المسلمين حين كان في مكة في حالة ضعف وخوف وقلة ويخافون من كل شيء ونصرهم الله حينما انتقلوا إلى دار الهجرة إلى المدينة المنورة ورزقهم من الطيبات وأصبحوا أعزاء بعد أن كانوا في حالة ضعف وفي حالة تأخر الفتوحات الإسلامية التي انتشرت في شرق الدنيا وغربها هذا تحقيق واقعي لهذه النصوص المسلمون تعرضوا في فترات عديدة في تاريخهم لمحن ولأزمات الحملات الصليبية التتار من جهة المشرق كل هذه الحملات خرج الإسلام وخرج المسلمون منها بعد ذلك بانتصار حتى أن ملك التتار نفسه بعد تدمير بغداد ودخول بغداد بحوالي أربعين سنة ستة مئة وخمسة وتسعين للهجرة دخل الإسلام ولما دخل المسلم استبشر الناس ودخل جيشه وأتباعه وانتشر الإسلام في شرق أسيا انتشار كبير فالتجاري في التاريخ الإسلامي تدل على أن الإسلام لا يتعرض لمحنة إلا خرج منها قوي وهذا يذكرنا بالأحداث أو الهجمة على الإسلام اليوم هجمة عنيفة من دول ومن مجتمعات ومن منظمات لا تريد لهذا الإسلام أن ينتشر لا تريد لهذا الإسلام أن يتقدم طبعاً هذه المحنة تذكرنا بما ينبغي أن نقوم به اتجاه ديننا وإن كان الله سبحانه وتعالى حافظاً لدينه ووعد بذلك والتاريخ يدل على هذا لكن ينبغي أن نصبر وأن نثبت وأن ندافع عن ديننا وفي قول الله سبحانه وتعالى لنا عبرة وعظة لتبلغن في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذنً كثيرة وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور إذاً يحتاج الأمر إلى صبر وإلى صدق وإلى تقوى من الله سبحانه وتعالى ابن كثير رحمه الله عند هذه الآية له كلمات رائعة يقول :
فكل من قام بحق أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر فلا بد يؤذى فما له دواء إلا الصبر في الله والاستعانة بالله والرجوع إلى الله حينما تحصل هذه الأمور يصبر الإنسان في الله ويستعين بالله ويرجع إلى الله فإن النصر سيكون معه إن تنصروا الله ينصركم ولا شك أن الإنسان يتساءل ما دام أن الله سبحانه وتعالى حافظ لهذا الدين فما موقع مسئوليتنا نحن من نصر الله له يعني هذا التساؤل يثار أحياناً ما مهمة المسلمين وما مسئولية المسلمين اتجاه هذا الدين ما دام أن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظه ووعد بنصره لا يخفى علينا أن الله سبحانه وتعالى جعل نظام هذه الحياة محكوم بقوانين قوانين تسمى قوانين الأسباب والمسببات سواء ما يتصل بالدين أو بغيره يعني في حياة الصحابة رضوان الله عليهم ربنا لا يعجزه أن ينصر المسلمين على الكافرين في بدر دون أن ينزل الملائكة يقاتلون معهم في الأحزاب قادر على أن يهزم الأحزاب دون أن يوصل ريحاً تهلكهم أو يهزمهم لكن لا بد أن ترتبط من حكمة سبحانه وتعالى أن يكون هناك أخذ بالأسباب بمعنى أن يستنفد المسلمون طاقتهم ويأخذوا بالأسباب التي أمرهم الله سبحانه وتعالى بها وفي مقدمتها المحافظة على هذا الدين والتمسك به والثبات عليه حينما يكون هذا يكون المسلمون أخذوا بأقوى سبب لنصر الله سبحانه وتعالى و المسلمون ينبغي أن يخشوا و أن يتذكروا دائماً قول اله سبحانه و تعالى و إن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكون أمثالكم أيما قوم أعرضوا عن نصرة هذا الدين و إقامة شريعته فإن الله سبحانه و تعالى لا يعجزه أن يستخلف بدلاً منهم آخرين و نحمد الله سبحانه و تعالى أن أمة الإسلام منذ عهد الرسالة لم يحصل فيها ارتداد بالجملة و لكن تحصل حالات بسيطة كما حصل بعد وفاة الرسول ثم يرجع الناس إلى دين الله و هذا أيضاَ مصداق لقول الرسول صلى الله عليه و سلم لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم و لا من خالفهم إلى يوم القيامة و إذا أردا الإنسان أن يلخص أهم و أعظم أنواع المسئولية تجاه الدين نجد أنها في قول الله سبحانه و تعالى ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون هذه الآية الكريمة جمعت رسالة الأمة تجاه دينها سواء أكان هذا في داخل المجتمع المسلم أو في خارج المجتمع المسلم طبعاً الدعوة إلى الله الأمر بالمعروف النهي عن المنكر هذه أعظم مسئولية على الأمة الإسلامية على المسلمين حينما تظهر في المجتمع المسلم الدعوة إلى المسلمين إذا كانوا مقصرين تعليم المسلمين إذا كانوا جاهلين الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لمواجهة المعاصي و التقصير و التهاون في أداء الواجبات الدعوة للأمم الأخرى خارج المجتمع المسلم فالآية الكريمة لخصت مسئولية المسلمين تجاه دينهم تتمثل في تعلم الدين تتمثل في إزالة الجهل الأمية الدينية عن المسلمين تتمثل في وجود طائفة من العلماء يدفعون الشبه و يدافعون عن هذا الدين و يدعون الناس إلى الخير و كما قال صلى الله عليه و سلم العلماء ورثة الأنبياء و بالتالي ينتشر الخير و يحافظ الناس على دينهم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مما يستدعي وجود جماعة سلطة ولي أمر يأمر و ينهى يقيم الحدود كل هذه داخلة في مسئولية الأمة تجاه دينها قد يحصل تقصير من بعض الناس في المجتمع المسلم هذا ليس بغريب لكن الخطورة أن تجمع الأمة نسأل الله العافية أو يكثر في الأمة التهاون و التقصير و الضعف و هنا يحصل ما أشار إليه الرسول صلى الله عليه و سلم و لكنكم أذاك أذاء السيل الأمة الإسلامية الآن أو المسلمون يصل عددهم إلى مليار و ثلاث مئة ألف و قد يصل إلى مليار و نصف عدد هائل إذا قيس من حيث العدد في مساحة من الأرض واسعة لديهم فضوات كثيرة لكن هل تمكن الإسلام في نفوس المسلمين هل العلم بالإسلام و أحكامه متوفر هل تطبيق الشريعة موجود هل شعور المسلمين بأنهم يحملون هم هذا الدين و أنه رسالة الله إلى الناس أجمع هل هو موجود في المسلمين هذا ما ينبغي بالفعل أن تتتابع عليه الدعوات و النصائح و أن يقوم العلماء بواجبهم و أن يكون هناك تعاون بين العلماء و بين ولاة الأمر في هذه القضايا و أن يكشف للعالم أجمع مزايا هذا الدين و أنه دين رحمة و دين خير للإنسانية أما التقصير وعدم التقصير في المجتمعات المسلمة فهذا من طبيعة البشر مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم ومجتمع الصحابة رضوان الله عليهم و هو أفضل المجتمعات و هم خير القرون هناك المقصر هناك المقتصد هناك المتقرب السابق للخيرات و طبيعة الحياة البشرية و طبيعة الإنسان يذنب لكن عليه أن يتوب عليه أن يرجع إلى الله سبحانه و تعالى ربنا سبحانه و تعالى يقول ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق للخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير فمن أهم القضايا التي ينبغي أن ننتبه إليها في مسئوليتنا تجاه ديننا ما يتعلق بالعلم العلم الشرعي لأن فيه حياة المسلمين إذا كثر الجهل فهذا من علامات الساعة نسأل الله العافية إذا كثر الجهل كثرت المعاصي كثر التهاون كثر القصد ضعف الناس في عبادتهم لله سبحانه و تعالى و ذلك من أهم المسئوليات ما يتعلق بالعلم تحمل العلم وأداء أمانة العلم و انتشاره في الناس ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال:
إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم و يثبت الجهل و يشرب الخمر و يظهر الزنا إذا وجدت هذه الأمور و العياذ بالله فهي من أشراط الساعة هذا حديث ثابت و صحيح في الحديث الآخر الذي رواه الإمام أحمد في المسند إن من ورائكم أياماً ينزل فيها الجهل و يرفع فيها العلم و يكثر فيها الهرج قالوا يا رسول الله و ما الهرج قال القتل لا بد و نحن نتحدث عن مسئوليتنا تجاه ديننا هل هي مقتصرة فقط على أننا محاسبون إذا قصرنا و أننا نخشى من العواقب السيئة إذا أهملنا أم أن هناك دواعي و هذا مرتبط ببدء الحديث هذه الليلة كما قلنا إن المسئولية مرتبطة بالشرف ومرتبطة بالعز و مرتبطة بالمجد ليس الأمر قاصراً على هذا بل هناك بواعث و دواعي على تحمل المسئولية تجاه الدين من أهم هذه البواعث أن الإسلام أو كون الإسلام هو النعمة العظمى التي أنعم الله سبحانه و تعالى بها على الناس و على المسلمين في الدرجة الأولى اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمني و رضيت لكم الإسلام دينا فلا نعمة أفضل من الإسلام في الدنيا و في الآخرة كون هذا الدين ليس خاصاً بالعرب فقط جاء للناس جميعاً بإخراج الناس من الظلمات إلى النور لكن يحتاج الأمر إلى تحمل هذه المسئولية و بيان ما في هذا الدين من خير للناس كلها ألف الم راء كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد في قول الله سبحانه و تعالى و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين هذا كما يتحدث علماء البلاغة في حصر كأنهم حصروا رسالة الرسول صلى الله عليه و سلم في الرحمة فعنوان هذا الدين هو الرحمة رحمة في تشريعاته رحمة في آدابه رحمة في عبادته في كل المجالات و العالمين جمع عامل والعالم هو كل من سوى الله سبحانه و تعالى ليس خاصاً للإنس بل حتى للجن و من العلماء من قال لعوالم أخرى لا نعرفها و لا ندركها فهو رسالة للعالم أجمع و لعلنا نتذكر تلخيص ربعي بن عامر بن رستم حينما لخص مزايا الإسلام و قال في كلمته المشهورة التي ينقلها أصحاب السير و أصحاب التاريخ و الذين يتحدثون عن مزايا الإسلام قال الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله و من ضيق الدنيا إلى سعتها هذه الدنيا الضيقة التي يفكر الإنسان في نفسه و في ما يأكل و في ما يشرب و لا فرق بينه و بين البهيمة لا من ضيق الدنيا إلى سعتها بحيث أن الإنسان ينظر للدنيا جميعاً و يعتبر أنها كلها ميدان مثله ولأنه مسئول عنها يفكر في الآخرين يفكر في جاره يفكر في قريبه يفكر في المؤمن يفكر في الإنسان كإنسان و من جو الأديان إلى عدل الإسلام لا شك أن هذه المزايا من أعظم الدواعي و البواعث على أن نحافظ على مسئوليتنا تجاه ديننا و من أهم هذه البواعث أن السعادة التامة في الدنيا و في الآخرة مرهونة بالتمسك بالدين يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم بما يحييكم من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن مما كانوا يعملون أيضاً ابن كثير رحمه الله يفسر هذه الآية يقول:
و الحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت وروي عن ابن عباس أنها هي السعادة غير المسلمين الآن في ضيق نحن نراهم في أوربا و في أمريكا و في مناطق عديدة من العلم أوضاعهم الاجتماعية سيئة نسب الطلاق عالية كثرة الأمراض النفسية الشكوك الانحراف الإجرام حتى أن السويد و هي من أعظم الدول التي تحرص على تطبيق النظام الضمان الاجتماعي و إتاحة الفرص و تهيئة الإمكانات لمواطنيها أدركت و أدر الباحثون فيها حاجتهم إلى الدين حتى تكون النفس هادئة و مطمئنة و أن المسألة ليست مرتبطة فقط بوسائل الحياة الدنيوية إذاً مسألة ارتباط السعادة بالدين هذا من أهم البواعث التي ترتبط بأداء المسئولية تجاه الدين فالمسلم فرداً أو جماعة أو أمة يتحملون هذه المسئولية أداءً للواجب و استشعاراً لما يعود عليهم بالنفع و على البشرية بالنفع الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان يتحدثون عن الأمن عن السلام عن التفاهم بين الشعوب كل هذه موجودة في ديننا و في شريعتنا ما فرضنا في الكتاب من شيء نعم قد يكون هذا واقع لدينا تقصير في فهم هذا الدين و في نقله إلى الآخرين و في تطبيقه في أنفسنا لكن الطريق الصحيح ليس أن نبتعد عنه و لا نتحمل هذه المسئولية بل الطريق الصحيح أن نشد عليه بالنواجذ و أن نراجع حياتنا و أن ننقله للآخرين أختم هذا الحديث بكلمة عن المملكة العربية السعودية و نظرة المسلمين لها ومسئوليته تجاه الدين لا شك أن اختيار الله سبحانه و تعالى أن تنزل هذه الرسالة في مكة المكرمة و في المدينة المنورة و في هذه الجزيرة الحكمة اختار الله هذه البلاد و اختار رسوله صلى الله عليه و سلم من أبناء هذه البلاد الناس في تشريعات الإسلام المسلمين لا بد أن يرتبطوا بمكة المكرمة و بالمدينة المنورة سواء أكان هذا الأمر في الاتجاه للصلاة أو في الحج أو في الرغبة في أداء المزيد من العبادة و كسب الفضل و الأجر العظيم في المدينة المنورة إذاً من مستلزمات هذا الأمر أنهم أمناء على هذه الرسالة الصدر الأول تحمل هذه الرسالة خرج من مكة ترك المال و ترك الأهل خرجوا من الجزيرة و انتشروا يريدون وجه الله و نشر هذا الدين حتى كادت المدينة أن تخلوا من الصحابة و أصبحوا هناك مراجعة ليبقى كبار الصحابة في المدينة لأنها هي المنطلق الدولة الإسلامية إذاً أبناء المملكة أصحاب رسالة و لنا مسئولية متميزة تجاه ديننا و نحمد الله سبحانه و تعالى أن المملكة منذ قيامها الأول قامت على أساس ديني حينما التقى الإمام محمد بن سعود رحمه الله مع الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله و تعاهدا على التمسك بهذه الشريعة و تطويقها و نشرها ثم قامت هذه الدولة في مختلف فتراتها على أساس تطبيق الشرع على جمع كلمة المسلمين و تبع ذلك نشر الإسلام الاهتمام بالتضامن الإسلامي الاهتمام بقضايا المسلمين ما قدمته المملكة من خير عظيم للمسلمين سواء في ديارهم أو في خارجها كل هذا من أداء المسئولية وجهد تشكر عليه لكن ينبغي أن يتنبه أبناء المملكة للأخطار التي تحاك ضدهم و هي ليست موجهة لهم كأشخاص أو لأنهم سعوديون لا لأنهم يحملون هذه الرسالة لأن الدين في هذه البلاد أقوى منه في أي مكان و إن كان دين الله يعم البشرية و أينما وجد فيه خير لكن هنا العمود الفقري للأمة الإسلامية و للمسلمين هنا منطلق رسالة الإسلام.
و لذلك لا بد أن يدرك أبناء المملكة الأخطار التي تحدق بهم لا بد أن يكون هناك حرص على التمسك بهذا الدين لا بد أن يكون هناك تعاون بين عامة الناس و علمائهم و ولاة أمرهم لا بد أن نسمع و نطيع لولاة أمرنا باعتبار أن هذا واجب شرعي و فيه مصلحة أساسية لنا لا بد أن نتنبه إلى كل من يريد نكون حذرين و يقظين لكل من يريد أن يسيء إلى أمننا إلى مجتمعنا إلى ديننا الذين يتكلمون في ولاة الأمر أو يتكلمون في طالب العلم و أهل العلم أو يتحدثون في الطرق التي نسير عليها و الأنظمة التي نسير عليها ينبغي أن نتنبه لخطورة هذا الأمر و أن نحرص على وحدة الكلمة و على جمع الصف و على التعاون في الخير لأن هذا له ارتباط مباشر بانتشار هذا الدين و قوة هذا الدين و المسلمون مخلصون في مختلف أنحاء العالم يقولون إن هذه البلاد هي العمود الفقري للإسلام و للمسلمين و أن أي أمر يؤثر على المملكة و ما فيها من خير ينعكس أثره على المسلمين أينما كل مكان و يتألمون حينما يحصل هناك أخطاء أو إشكالات أو انحرافات تقع سواء ً أكان من سعوديين أو سعوديين أيضاً في خارج البلاد بل يتألمون من الحملة الإعلامية التي توجه ضد المملكة و ما تسير عليه من طريق ينبغي أن نحرص نحن على بنائنا الداخلي و على تعاوننا لأنه كما هو واضح تعاون يرتبط بهذا الدين هذه الدولة منذ تأسيسها و إلى الآن و ستستمر بإذن الله نسأل الله لولاة أمرنا بالتوفيق و العون و النصر إنما قامت على هذا الدين أي دولة في الدنيا تطبق شريعة الله تحرص على الإسلام و المسلمين كما هو موجود في بلادنا طبعاً هناك تقصير و هناك نقص و نسأل الله العافية و نستغفر الله من أي تقصير و نحاول أن نصلح أخطاءنا لكن جمع الكلمة و الاعتصام بحبل الله و التعاون على الخير من أهم المسئوليات و هي تدخل ضمن مسئوليتنا تجاه ديننا العرب قبل رسالة الإسلام لا قيمة لهم و جعفر ابن أبي طالب حينما تحدث إلى النجاشي وصف العرب قال إننا أمة نرتكب كذا و نعمل كذا في الفواحش في الحروب في الفتن التفرق و جمع الكلمة و جاء هذا الدين لإصلاح وضعنا و نقلنا من حالة إلى حالة أخرى إذاً نحن لا نتعصب لأننا سعوديون أو أننا عرب أو لأننا من أبناء الجزيرة لا نتعصب أن الإسلام غير واقعنا و تحملنا المسئولية تجاه ديننا و ينبغي أن نحافظ على المكتسبات الموجودة بأيدينا و الحمد لله كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم فيهما العصمة و فيهما النجاة و من اعتصم بهما نجا لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله و سنته حينما نشد و نعتصم و نحرص كل الحرص على التمسك بهذا الدين مفهماً و عملاً و دعوةً نكون تحملنا مسئوليتنا تجاه ديننا و ستنفتح أمامنا أبواب الخير و هذا الاستقرار و الرفاه في الحياة و المعيشة في المملكة العربية السعودية نحن على يقين بأنه توفيق من الله سبحنه و تعالى بسبب تمسك أبناء هذه البلاد و هذه الدولة و قيامها تحت الرئيس رحمه الله و من خلفه من الحكام بتطبيق الشريعة و الحرص على الجانب الديني لا شك أن هذا يعني هو الذي جعل هذا المجتمع يتميز عن غيره من المجتمعات نسأل الله سبحانه و تعالى أن يوفقنا و أن يوفق ولاة أمورنا و أن يكفينا كل شر و كل فتنة و كل بلاء و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم