ضيف الحلقة :
فضيلة الشيخ : خالد الراشد
موضوع المحاضرة :
توبة صادقة
جعلت الحديث موجهاً للجميع ذكراناً وإناثاً نساءً ورجالاً فالتوبة وظيفة الجميع فها نركب قطار المستغفرين إلى ديار التائبين وننضم إلى قوافل العائدات والعائدين ونبدل الحال من حال إلى حال قبل نزوع مفرق الجماعات وهادم اللذات فلا ندري أين غداً تكون الدار إلى روضة من رياض الجنة أم إلى حفرة من حفر النار ومن أشرقت بدايته أشرقت نهايته ومن كان مع الله كان الله معه إلى من صدق مع الله في توبته إلى من صدق مع الله في توبته أقول أبشر بمحبة الله أبشر بمحبة الله جل جل في علاه كيف التائبين والتائبات شرفاً أن الله يحبهم إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين إن النجاة أحبتي لا تكون إلا باستغفار لا باستهتار وأنه من بذل الأسباب وصل إلى البواب عناصر اللقاء العنصر الأول للإيمان روائح ٌ ولوائح ثم باختصارً مع الثلاثة الذين خلفوا ثم من ترك شيئاً لله ثم لست فاتنة بل ظالمة ثم أخيراً اعتبروا يا أولي الأبصار العنصر الأول للإيمان لوائح وروائحٌ ديننا دين عزة والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين والعزة لا تنال بغير الإيمان ولا عزة حيث لا يكون إيمان والعزة لا توزع ولا تهب كيف ما هب ودب ما كان للهامات أن تنحني لو كان فينا عزة المسلمين قال الحافظ بن كثير في البداية والنهاي قال الحافظ بت كثير في البداية والنهاية مؤرخاً أحداث سنة سبعة وثمانين ومائة قال وفيها نقضت الروم الصلح الذي كان بينهم وبين المسلمين الذي كان عقده هارون الرشيد بينه وبين ملكة الروم الملقبة أغسطه وذلك أن الروم عزلوها وملكوا عليهم من يدعا بنغفور كان شجاعاً فكتب نقفور إلى هارون الرشيد خطاباً يقول فيه من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ يعني الطائر الكبير وأقامت نفسها مقام البيذق طائر صغير لا يطير يمشي على قدميه فحملت أليك من أموالها ما كنت حقيقاً لحمل أمثاله إليها وذلك من ضعف النساء وقلة حيلتهن فإذا قرأت كتابي هذا فردد أليا ما حملته إليك من أموال وأفتدي نفسك به وإلا فالسيف بيني وبينك يهدد هارون الرشيد يقول له إذا قرأت كتابي فردد ما حملته من أموال أليك وإلا فالسيف بيني وبينك فلما قرأ هارون الرشيد كتابه أخذه الغضب الشديد حتى لم يتمكن أحدٌ أن النظر أليه ولا يستطيع مخاطبته وأشفق عليه جلسائه خوفاً منه ثم أمر بحبر وقلم وكتب على ظهر الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم لقد قرأت كتابك لقد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه دون ما تسمعه ثم قام من فوره وأعد الجيوش وسار بها بنفسه حتى نزل بباب هرقلا ففتحها وسبا أبنت ملكها وغنم من الأموال شيئاً كثيراً وخرب وأحرق فخاف كلب الروم نقفور خاف كلب الروم نقفور وطلب من هارون المصالحة والموادعة على خراج يؤديه أليه في كل سنة فوافق هارون ورجع من غزوته الخبر ما ترى لا ما تسمع السؤال الذي أسأل نفسي وأسألكم إياه أين ذهبت العزة أين ذهبت العزة التي كنا يوماً نتفاخر بها فنسموا على أمم الأرض هذا أصاب أمتنا حتى تستكين وماذا وراء هزيمتنا أمام المغضوب عليهم والضالين أما كانت لنا الصافنات الجياد نصول على الظالم المجرم وكانت لنا عزة المؤمنين نباهي بها هامة الأنجمي فماذا دهانا فماذا دهانا لنرضى الهوان أناخ على القدس في مأتمي يلوث بالرجس ساحتها ويختال في ليلها الظلم لعلكم مثلي تتسألون لعلكم مثلي تتسألون وأليكم رد وجواباً على هذا السؤال رسول الهدى لو تبعنا خطاك وكنا من الله لم ننهزمي رسول الهدى لو تبعنا خطاك وكنا مع الله لم ننهزمي نعم وبأعلى الصوت نعم بأعلى الصوت هجرنا خطى سيد المرسلين ووضعنا أيدينا مع المغضوب عليهم والضالين وحاربنا الله جهاراً فأذلنا بعد أن كنا سادة الأرض
أليست هذه بيوت المسلمين التي تبيت على الموسيقى والألحان وجراحات المسلمين في كل مكان أما صنعت الشاشات والقنوات في بيوت المسلمين عجب العجب أما دنس أحفاد القردة والصليبيون والوثنيون أعراضنا أما قتلوا شبابنا وأهانوا شيبنا أما يتموا أطفالنا ورملوا نسائنا أما هدموا مقدساتنا ومساجدنا ومع كل هذه المئاسي لا لزالت أمتنا في ضياع وعم كل هذه المئاسي لزالت أمتنا في ضياع ما بين مقاهي خمر الليلية ونوادي للقمار وفي أحضان بنات الهوى والفجار وتاهت أمتنا ما بين أراء مطروحة وحلول مفضوحة تاهت أمتنا ما بين فناً وإعلاماً واستسلام بعد أن كان شعارنا الأخاذ الله أكبر استبدلنا الذي هو أجنى بالذي خير اسمع بارك الله فيك اسمع رعاك الله استطاع هارون رحمه الله أن يسير الجيوش ويقهر الرومان لأن خلفه الآف من الشباب الذين يغارون على دينهم ويدافعون عن أعراضهم وما كان لهارون أن يفعل ذلك بمفرده وما كان لهارون أن يفعل ذلك بمفرده فأين الشباب اليوم أين الصادقون أين الذين يتوبون ثم يستقيمون ويصدقون إن الأمة اليوم في أمس الحاجة لشبابها وفتياتها الذين يعتزون بدينهم ويتمسكون بعقيدتهم ويفخرون بماضيهم التليد والله والله الذي لا آله إلا هو لا زال في أمتنا خير وفي شبابنا خير وفي فتياتنا خير أهمس لكي همسة مع البداية أهمس لكي أيتها الغالية همسة مع البداية كان هناك فتاة عابدة صوامة قوامة في عمر الورود والأزهار من بنات هذا الجيل تقدم لها شابٌُ فترددت فقيل لها لماذا التردد لماذا لا توافقين قالت أحب الصيام والقيام قالت أحب الصيام والقيام فقيل لها إن خدمة الزوج عبادة وقربة إلى الله فأنت في خير وعبادة فاستخارت ثم قطعت التردد بالموافقة وقالت لكن بشرط وشرط واحدٌ ليس لي شرط سواه وقالوا ما هو قالت وأسمعي بارك الله فيكي قال أن يأذن لي بصيامة ثلاثة أيام من كل أسبوع فهي تعلم أن صيام النافلة لا بد أن يكون بأذن زوجها فاخبروه ففرح بالشرط ووافق وفرحت هي بموافقته وزفت أليه عروسا وبني بيتٌ على تقوى من الله ورضوانه الله أكبر نريد بيوتاًُ تبينا على مثل هذا على تقوى من الله ورضوانه ليتخرج منها الرجال والأبطال وأليك أنت أيضاً وأليك أنت أيضاً همسةُ مع البداية أعلم رعاك الله أن كل الأبطال تخرجوا من مدرسة الليل ففي الظلام تعلموا الإخلاص والأقدام أعلم بارك الله فيك أنك لن تكون فارساً مغواراً بالنهار حتى تتعلم الفروسية والرهبانية بالليل أخبرت عن شاب نحيل الجسم أخبرت عن شابً نحيل الجسم كثير الحياء قليل الكلام همه الإسلام والعمل للدين لم يتجاوز السبعة والعشرين من عمره لنكه ذو رأياٍ وقولٍ سديد والرجولة لا تعد بالسنين ولا بالأعمار يقول أحد الشباب رافقته مراراً في رحلات دعوية كم أصابنا فيها من تعب والإرهاق والمشقة والعناء ومع هذا رأيت منه عجب العجب كان صاحب قيام الليل وليس بأي قيام بل قيام طويل تتعب منه الأقدام أحبتي كثير هم الذين يقومون ولكن أين قيامهم من قيامه يقول الشاب عن ذلك صاحب الجسم النحيل كان يقوم في الليلة الواحدة بخمسة أجزاء من القرآن وما تخلف عن ذلك لليلة واحدة مهما كانت الظروف والأحوال قلت أنا هكذا هم الصادقون قلت أنا هكذا هم الصادقون كما قال الله عنهم كانوا قليل من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون هكذا هم الصادقون كما أخبر تبارك وتعالى عنهم تتجافى جفونهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمع ومما رزقناهم يتفقون فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لها من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون إن أمةً تمتلك أمثال هؤلاء الفتيات والفتيان أمة لا تقهر بأذن الله أمة لا تقهر ولا تغلب بأذن الله ولكنها وضع تحت لكن خطوط ولكنها تمتحن وتبتلى حتى يأتي أمر الله وحينها يفرح المؤمنون وحينها سيعلم الذين ظلموا ألا منقلب ينقلبون العنصر الثاني باختصار مع الثلاثة الذين خلفوا أنه خبر توبة زكاه الله في القرآن ثم أمرنا الله أن نكون منهم ومعهم قال سبحانه وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجئ من الله إلا أليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم ثم أسمع النداء يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين جاء خبرهم عند البخاري مفصلا وأنا أسوقه لكم باختصار أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ليتأهبوا للغزو وكان ذلك في غزوة تبوك كان الحر شديدً والسفر بعيداً والعدو كثير والعدو كثيراً وعنيدا يقول كعب بن مالك راوي الحديث وأحد الثلاثة الذين خلفوا والله ما كنت قطا أقوى ولا أيسر حين تخلفت في تلك الغزوة ولما أنطلق النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه قلت غداً ألحقهم غداً ألحقهم ولم يزل بي ولم يقدر لي ذلك ولقد هممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت ولكن لم يقدر لي ذلك سأل النبي صلى الله عليه وسلم عني وهو في القوم بتبوك فقال رجلٍ يا رسول الله حبسه برداه ونظره في عطفه فقال معاد ابن جبل مدافع عن عرض أخيه قال معاد ابن الجبل بأس ما قلت والله يا رسول الله ما علما عليه إلا خيرا يقول كعب فلما بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم توجه قافلاً أي راجعاً حضرني همي وطفقت أتذكر الكذب وأقول بماذا أخرج من سخطه غداً فلما قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حل بالمدينة قادماً زاح عني الباطل وعلمت أني لن أخرج منه أبدا بشيئاً فيه كذب فأجمعت صدقه علا الله ينقذني بصدقي جاء المخلفون وكانوا بضعة وثمانين فوقفوا يعتذرون ويحلفون قبلا منهم النبي صلى الله عليه وسلم قبل منهم على نيتهم ووكل سرأيهم إلى الله فلما جئته تبسم تبسم المغضب فلما جلست بين يديه قال ما خلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك قلت بلا والله لقد علمت لأن حدثتك بحديث كذبٍ ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك عليا ولأن حدثتك حديث صدقٍ تجد عليا فيه إني لأرجوا فيه عفو الله والله ما كان لي من عذر والله ما كان لي من عذر ووالله ما كنت قط أقوى ولا أيسر ووالله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك فقال صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك يقول كعب فقمت فلامني من لامني وقالوا لي يسعك ما وسع غيرك ويكفيك استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لك فقلت هل قال مثل قولي أحد فذكروا لي رجلين هم مرارة ابن الربيع وهلال ابن أمية فمضيت حينما ذكروهما لي ونهى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا نحن الثلاثة فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي الأرض التي أعرف فلما هي الأرض التي أعرف فلبثنا على ذلك خمسين لليلةً أما صاحباي فقعدا في بيوتهما يبكيان أما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج لشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف بالأسواق ولا يكلمني أحد تأمل الابتلاء في صدق التوبة والبلاء وكنت أتي الرسول صلى الله عليه وسلم أتيه في مجلسه فاسلم عليه بعد صلاته وأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام وأم لا ثم أصلي قريب منه أسارقه النظر فلما طال الأمر وأشتد ذلك عليا تصورت جدار حائط أبي قفادة وهو ابن عمي وأحب الناس أليا وأحب الناس أليا سلمت عليه فما رد السلام قلت أنشدك بالله أنشدك بالله يا أبي قفادة هل تعلمني أحب الله ورسوله فسكت فناشته فسكت فناشته فقال الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي وأخرجت أمشي في سوق المدينة باكياًَ فإذا بنبطي من أهل الشام يقول من يدل على كعب بن مالك فأشاروا الناس أليا فجاءني فدفع لي كتاباً من ملك غسان يقول فيه لقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك يعني النبي صلى الله عليه وسلم لقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار مضيعةٍ أو هوان فلحق بنا نواسك قلت هذا والله من زيادة البلاء فتيممت به التنور ورميه فيه فلما مضت أربعون لليلة من الخمسين جاءنا رسول الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نعتزل نسائنا قلت أطلقها أم ماذا قال بل اعتزلها فقلت لزوجتي الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر ولقد قيل لصاحبي مثل هذا إما امرأة هلال ابن أمية فجاءت إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم فقالت يا رسول الله أن هلال ابن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن اخدمه فقال لا ولكن لا يقربنك فقالت والله ما به حركة إلى شيء ولا زال يبكي من ذلك اليوم إلى يومه هذا يقول كعب رضي الله عنه فلبثت بعد ذلك عشرة ليالي حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا فما صليت الصبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا وأنا على تلك الحال التي ذكر الله قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت إذا بصارخ يصرخ إذا بصارخ يصرخ على جبل سلع بأعلى صوته يا كعب ابن مالك يا كعب ابن مالك ابشر فخررت ساجدا وعرفت انه قد جاء الفرج وان النبي صلى الله عليه وسلم قد إذن بتوبة الله علينا فذهب الناس يبشرونني ويبشرون صاحبي فلما جاءني من يبشرني نزعت ثوبي فكسوته إياهما ببشرى و والله ما املك غيرهما ثم استعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوج بعد فوج يهنئونني بالتوبة يقولون لتهنيك توبة الله عليك فلما دخلت المسجد قام إلي طلحة ابن عبيد الله مهرولا فصافحني وهنئني و والله ما أنساها لطلحة يقول كعب فلما سلمت على النبي صلى الله عليه واله وسلم قال لي ووجهه يبرق من السرور وكان إذا سر أنار وجهه كأنه قطعة قمر قال يا كعب يا كعب ابشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك ابشر يا كعب ابشر بيوم خير مر عليك منذ ولدتك أمك فقلت امن عندك يا رسول الله أم من عند الله قال بل من عند الله قلت امن عندك يا رسول الله أم من عند الله قال بل من عند الله فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله إنما نجاني الله بأصدق إنما نجاني الله بالصدق وان من صدق توبتي أن لا احدث إلا صدق ما بقيت والله ما اعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث أحسن مما أبلاني وانزل الله على رسوله وانزل الله على رسوله آيات تزكي هؤلاء التائبين لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم انه غفور رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم تأمل أيها التائب وتأملي أيتها التائبة في قول النبي صلى الله عليه واله وسلم لكعب ابشر بيوم خير مر عليك منذ ولدتك أمك يا الله ما أجمل التوبة وما أجمل الرجوع إلى الله التوبة ابتلاء وامتحان ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينات أحبتي صدق أقوام في توبتهم فصدق الله معهم فعفا عنهم وزكاهم واسمع واسمعي بعض من آثار توبة الصادقين والصادقات فمنهم من يحزنوا على اقتراف المعصية حزنا لا يفارقه حتى الموت ومنهم من يهجروا الناس ويعتزلهم ويضج في بيته بكاء ومنهم من يتمنى أن يكون تراب حتى لا يحاسبه الله على ذنبه ومعاصيه ومنهمك من يمرغ خديه بالتراب حتى يذوق طعم الذلة عسى الله أن يرحمه ومنهم من يتعلق بأسلاب الكعبة باكيا مطرقا خاشعا يطلب العفو من الله ومنهم من يجوب الصحراء هائما على وجهه يعاهد الله عز وجل أن لا يرجع إلى بيته إلا وقد تاب وتاب عليه الله ومنهم من يعتكف في بيت من بيوت الله يذكر الله ويتلوا القران ويركع ويسجد والدموع تتزاحم في عينيه ندما على ما فرض في جنب الله ومنهم من يحس بالآلام ورعشة ويبكي ويضطرب كالحية ويخر مغشيا عليه حياء من الله ومنهم من يشرق شرقه يموت بعدها خوف من الله ومنهم من بلغ من عبادة ربه انه يوم مات كأنه جزع محترق من عبادة الله أخي أخيه لا غرابة فيما ذكرت لا غرابة فيما ذكرت وقلت فالخوف من الله ارجف قلوب العفات وكاد يخلعها من مكانها فكم رعدت يروق الخوف في القلوب القاسية فذهبت عنها سحب الغفلة وأمطرت دموع الخشية فصفى سماء القلب واستنار وطلعت عليه شمس النهار وسبحان الذي قال عن التائبين يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار وسبحان الذي قال عن التائبين يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار بذكرك يا مولى الورى نتنعم وقد خاب قوم عن سبيلك قد عموا الهي تحملنا ذنوبا عظيمة أسأنا وقصرنا وجودك أعظم الست الذي قربت قوما فوفقوا و وفقتهم حتى أنابوا واسلموا لك الحمد لك الحمد عاملنا بما أنت أهله سامح وسلمنا فأنت المسلم ابشر أيها التائب باستغفار الملائكة ودعائهم لك قال الله الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين امنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم وما صلح من آبائهم وأزواجهم وذريتهم انك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تقهم السيئات يومئذٍ فقد رحمته وذلك هو الفوز المبين اللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون اعلم واعلمي أن الذنوب الصغيرة تكبر وتعظم بأسباب منها الإصرار والمواظبة لذلك قيل لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار قال ابن ألسيري محمد والله لا ابكي على ذنب أذنبته ولكني ابكي على ذنب كنت احسبه هينا وهو عند الله عظيم وتعظم الذنوب أيضا باستصغارها فان الذنب كلما استعظمه المسلم في نفسه صغر عند الله تعالى وكلما استصغره كبر عند الله تعالى جاء في الخبر أن المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه يخاف أن يقع عليه وان المنافق يرى ذنبه كذباب مر على انفه فإطاره أوحى الله إلى بعض أنبيائه لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى كبرياء وعظمة من عصيت وتعظم الذنوب إذا فرح بها أصحابها وتبجحوا بها وبذكرها يظنون أن التمكن من الذنب نعمة ما دروا أنها غفلة وشقاوة يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شاننا كله ولا تكنا إلى أنفسنا طرق طرفة عين تعظم الذنوب إذا تعاظم أصحابها بستر الله إذا تهاون أصحابها بستر الله عليهم وحلمه عنهم وإمهاله إياهم ما درى أولائك أن الله يمهل ولا يهمل وإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون تعظم الذنوب إذا جاهر بها أصحابها فإن في ذلك كشف لستر الله الذي أسدله وتحريك لرغبة الشر في الآخرين ثم والإثم الذي أعظم من ذلك قلة الحياء مع الله قال صلى الله عليه وسلم كل أمتي معافاة إلا المجاهرين يبيت احدهم على ذنب قد ستره الله عليه فيصبح فيكشف ستر الله ويتحدث بذنبه ومن ستر على نفسه ستر الله عليه قال بعضهم لا تذنب فان فعلت فلا ترغب غيرك في الذنب فتكون كالمنافقين الذين قال الله عنهم المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف الحمد لله أن عافانا مما ابتلاكم به وفضلنا على كثير وفضلنا على كثير مما خلق تفضيلا العنصر الرابع أنا لست فاتنة بل ظالمة اسمها فاتنة وهي كاسمها جريئة ومتحررة مثقفة في كل شيء إلا في الدين عندها أن تكون ذات قلب طيب ولا عليها بعد ذلك تخالط من تشاء تلبس ما تشاء وتفعل ما تشاء جمعت ليلة صويحباتها للاحتفال بعيد ميلادها عيد ما انزل الله به من سلطان ورثناه عن الكفار تشبهاً وتقليداً ومن تشبه بقوم حشر معهم والعياذ بالله كانت في أجمل هيئة وأحسن مظهر بدأت تدور بين صديقاتها وتطلق الضحكات هنا وهناك وتسألهن أتدرين يا بنات ماذا ينقص حفلتنا هذه فأجبنها إجابات وهي تقول لا ثم لا وهي مصرة على كسؤالها ثم قالت ثم قالت وهي تجيب على سؤالها بنفسها وتضحك تنقصنا الشيخة علياء تنقصنا الشيخة علياء فانطلقت موجات الضحك من كل مكان فانطلقت موجات الضحك من كل مكان والاستهزاء من كل مكان ثم قالت أحداهن مدافعة لماذا كل هذا الضحك لماذا كل هذا الضحك والاستهزاء على علياء أليست زميلتنا أليست زميلتنا في الصف أليست صديقتنا الم تكن إلى عهد قريب رفيقتنا في سهراتنا وحفلاتنا وغفلتنا وهي ألان في محرابها مع صلواتها وقرانها أنها تبحث عن الآخرة ونحن عن ماذا نبحث فتجاهلنا سؤالها قالت أخرى لقد ذهبنا إليها أي إلى علياء لندعوها إلى عيد الميلاد ولكنها اعتذرت وأعطتنا محاضرة طويلة أعطتنا محاضرة طويلة عريضة في الأخلاق والدين والعادات والتقاليد و التقاليد الاجتماعية قالت فاتنة مسكينة علياء لقد كانت عاقلة متحررة قبل أن يصيبها هذا الهوس الديني الذي اختطفها من بيننا قلت أنا سبحان الله أصبح الدين هوسا وجنونا ثم تابعت فاتنة حديثها وهي تقول فعلا مسكينة علياء لقد انقلبت بسرعة وتسممت أفكارها وتغيرت هيئتها لقد أطالت ثيابها فأصبح منظرها ككبيرات السن والفلاحات لم تعد تؤمن بان خير اللباس ما قل ودل لم تعد تؤمن أن خير اللباس ما قل ودل والأدهى من ذلك شعرها أصبح بضاعة محرمة مغطاة تحت ذلك السواد مسكينة علياء نسيت أن الله يهمه منا القلب وكل ما عدا ذلك شكليات الله اكبر أصبح الحجاب والتمسك بالدين شكليات قاتل الله الشاشات و القنوات ثم تابعت فاتنة حديثها عن علياء أنها تخوفنا من النار وان الله سيحرق به أجسادنا المكشوفة أنها تنذرنا من شيء اسمه الموت ومن شيء آخر تسميه الحساب والحشر بل اسمعوا يا بنات أنها تحملنا مسؤولية إغواء الشباب و إغراء الرجال فقالت أحداهن لقد قتلتها الهواجس والوساوس قتلتها الهواجس والوساوس ونسيت إن الرجال للنساء خلقنا ولهن خلقنا الرجال مسكينة علياء أين ستجد فتى أحلامها أين ستجد السعادة والأنس لقد قتلت نفسها وهي في ريعان الشباب ولا بد أن نصنع شيء لإنقاذها فارتفعت الأصوات لا بد من إنقاذها لا بد من إنقاذها قبل إن تقتل نفسها بطول العبادة ولزوم البيت فلا أسواق ولا حفلات ما هذا الفهم الخاطئ للدين إن الحياة متعة وحرية أما الموت فمالنا وماله الآن نعم سنموت عندما نشيخ ونهرم انه الأمد الطويل ومن أطال الأمد أساء العمل أنتها الاحتفال ودارت سنوات وتخرجت البنات تخرجت فاتنة وتخرجت علياء وثبتت على طريق الاستقامة والالتزام ماذا حصل لفاتنة وماذا حدث لعلياء والأخريات تعالوا أعطوني مسامعكم نتابع القصة من مكان أخر في إحدى المستشفيات في الدور الرابع في غرفة من الغرف صوت أنين مريضة يملئ الغرفة أنها في تلك الغرفة منذ عدة أشهر ولقد إياس الأطباء من حالتها ولقد إياس الأطباء من حالتها وأصبح صوت أنينها معتاد في المستشفى ولا احد يستطيع أن يفعل لها شيء لقد تعودت الممرضات على سماع أنينها وشكواها إما الطبيبة المناوبة الجديدة في المستشفى فلم تستطع أن تتجاهل ذلك الصوت وذلك الأنين فأخذت بعض العقاقير والمهدئات وولجت إلى تلك الغرفة فتحت الباب فإذا بامرأة على السرير في سبه غيبوبة جست نبضها فإذا هو نبض ضعيف على وشك التوقف أصغت إلى تنفسها فكان التنفس مضطربا خافتا فجلست في جانبها وأعطتها بعض المنعشات فأفاقت بعد قليل واستوت على سريرها أدارت المريضة عينيها أدارت عينيها فيما حولها ثم ثبتت نظرها على وجه الطبيبة ثم أخذت تفرك عينيها بيديها الضعيفتين ثم زاد اضطرابها ثم قالت للطبيبة بربك قولي لي بربك قولي لي من أنت قولي لي بالله العظيم من أنت فقالت الطبيبة أنا أنا الطبيبة يا أماه قالت أنا الطبيبة يا أماه فقالت المريضة أنا لا أسألك عن مهنتك أنا أسألك عن أسمك أسألك بالله العظيم ألست أنت علياء أسألك بالله العظيم ألست أنت علياء الطبيبة باستغراب بلا أنا علياء وفي لحظات إذا بالمريضة تطوقها بذراعيها وتضمه إلى صدرها وتقبله وتجهش بالبكاء وزاد استغراب علياء وصعقت من عساها تكون هذه المريضة وهل بها مس من الجنون كيف عرفتني وأنا لم أقابلها من قبل ولم يسبق لي علاجها بل هذه أول ليلة لي في المستشفى كطبيبة مناوبة فرجعت علياء برأسها إلى الوراء وأخذت تنظر إلى المريضة مشدوهة مصعوقة لا تدري ماذا تفعل ثم قالت للمريضة من أنت يا خالة من أنت يا خالة وكيف عرفتي أسمي وهل التقينا من قبل فردت المريضة بصوت تخنقه العبرات نعم يا علياء لقد التقينا مرات ومرات إن أسمك وصورتك لم يفارقا خاطري خاصة عندما أصابني المرض قبل ثلاث سنين آه يا علياء أنا التي أكلت لحمك واستهزأت بك أنا فاتنة أنا فاتنة يا علياء ثم انفجرت بالبكاء والنحيب صدمت علياء ولم تستطع الكلام ثم قالت وهي لا تصدق ما سمعت أقسمت عليك بالله أأنت فاتنة مستحيل فاتنة كانت كاسمها أصغر وأنضر فقالت فاتنة بصوت خافت متقطع نعم أنا التي كان يقال لها ذات يوم فاتنة فأكبت عليها علياء تضمها إلى صدرها وتجهش بالبكاء المر الأليم فلما هدأ البكاء أخذت فاتنة تروي قصة سبع سنين منذ أن افترقت قالت تخرجت من البكلوريا وحاولت إكمال الدراسة فلم استطع كنت لاهية متمردة على كل شيء لم أكن اشك بالله لم أكن اشك بالله لكن كنت اعتقد انه كل ما لله عندي أن أكون طيبة القلب وكفى تعرفت على كثير من شبان وفتيات تعرفت على كثير من شبان وفتيات ثم ارتبط برجل تعرفت عليه في الوظيفة أحبني وأحببته لكننا كنا نعيش حياة غافلة بعيدة عن الله ثم بعد زواجنا بسنوات رزقنا الله بطفلة صغيرة جميلة رائعة سميتها سوسن على أسم صاحبتي التي تعرفينها ثم بدأت أشكو من آلام في بطني فقال الأطباء إنها قرحة فأخذت أتعالج من دون فائدة وأخذت آلامي تزيد وهمومي تزيد وأنا أهرب منها بمزيد من الغفلة والضياع ثم تدهورت صحتي وجاء التشخيص الجديد ليقول بداية تورم خبيث في المعدة وهكذا استحالت القرحة إلى سرطان ثم اخذ السرطان يستفحل ويزيد إلى أن أقعدني هنا أصارع الألم وانتظر الموت في أي لحظة لم أرى أبنتي منذ أربعة أشهر عمرها الآن أربعة سنوات وزوجي لم يأتي لزيارتي منذ أسبوعين لقد تعب من التردد علي لقد تعب من التردد علي كل يوم لعله ملني أو كرهني فلما سمعت علياء قصتها لم تتمالك نفسها وانخرطت في بكاء شديد ثم تمالكت نفسها وقامت إلى فاتنة تضمها إلى صدرها وتواسيها وتخفف عنها لا تجزعي يا فاتنة لا تجزعي يا فاتنة فقد عرفتك شجاعة قوية لا تقنطي من رحمة الله لا تستسلمي لليأس فقد يكتب الله لك الشفاء وقد يكون هذا ابتلاء فاستسلمي إلى قضاء الله وقدره واصبري فالصبر جميل والله مع الصابرين هدأت فاتنا و أخذت تقول عفوك يا رب عفوك يارب لم يبقى لي سواك فهل تقبلني رحماك يا الله ليته الابتلاء ليته لا انه الانتقام انه الانتقام لأولئك الضحايا التي فتنتهم وأغويتهم انه الانتقام لأولئك الضحايا الذين فتنتهم وأغويتهم لكم تجاهلت كلام أمي الحنون كم تجاهلت كلام الناصحين المحبين يا الله كم أغويت من شاب وأفسدت من فتاة ثم أخذت تردد وتقول اقترب مني يا موت اقترب مني يا موت فلطالما خدعتني أوهامي لقد ظننت انك لا تأخذ إلا الكبار والشيوخ وتترك الشباب لقد خدعتني نفسي وغرني طول أملي ثم أخذت تسال علياء أصحيح يا علياء أن القبر مظلم أصحيح يا علياء أن القبر ضيق فتجيب نفسها نعم صحيح وعما قليل سأحمل إليه جسدا باردا هامدا هناك لن يموت معي أهل ولا أحباب ولن يكون معي مال ولا ثياب لن يكون هناك زوج ولا أصحاب يا الله كيف سأفارق صغيرتي سوسن أنا لا زلت صغيرة ولم اشبع من الحياة ثم أمسكت بخصلة من شعر هال ثم قالت أصحيح انك ستتساقط في القبر شعرة شعرة ثم تلمست عينيها وقالت بكما أرى النور كم أسقطت بنظراتي من شاب أحقا سيأكلكما الدود وينهشكما التراب أخذتها علياء بين ذراعيها وضمتها إلى صدرها وأخذت تقرا عليها القران وتدعوا لها بالشفاء وأخذت تقول لها كفى يا فاتنة كفى يا فاتنة لا تقنطي من رحمة الله لا تقنطي من رحمة الله ولا تيأسي من شفاء الله فقالت فاتنة أسألك بالله يا علياء أيغفر الله لي وقد فعلت ما فعلت فقالت علياء بصوت واثق وكيف لا يا فاتنة أليس الله واسع المغفرة أليس الله تواب رحيم الم تسمعي قول الله قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم فقالت فاتنة بربك يا علياء لا تناديني بعد الآن فاتنة ناديني ظالمة ناديني ظالمة نعم ظالمة لقد ظلمت نفسي ظلما كثيرا ثم وبقدرة عجيبة استوت فاتنة على سريرها ورفعت يديها إلى السماء وهي ترتجف وهي ترتجف ضالعة وأخذت تدعوا الله برقة وخشوع اللهم اشهد اللهم اشهد باني قد رجعت إليك وانبت إليك فهذه أنا طريحة على بابك اللهم إن كنت قد كتبت لي الشفاء وهذا ليس صعبا عليك وقد اخفق الأطباء وعجز الحكماء فاشهد يا حكيم اشهد يا حكيم بأنني لن أعصيك أبدا اللهم وان كنت قد قدرت علي الموت عاجلاً فاشهد باني لم ايئس من رحمتك ولن اقنط من مغفرتك طالما بقي في صدري نفس يتردد يا رحمن يا رحمن الدنيا والآخرة يا الله ظلمت نفسي ظلما كبيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت انك أنت الغفور الرحيم