ضيف الحلقة :
الشيخ إبراهيم الدويش ( الرس – السعودية )
موضوع الحلقة :
تدبر القرآن ( دعاء الركوب )
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على إمام المرسلين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم
أما بعد معاشر الإخوة والأخوات سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وكعادتنا مع كتاب ربنا جل ّ وعلا آية نقف معها وقفات آيتنا أو آياتنا لهذه الحلقة هي الآية الثانية عشر والثالثة عشر والرابعة عشر من سورة الزخرف يقول الله تعالى والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام مما تركبون لتستو على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون هذه الآيات الله عز وجل يذكرنا بشكر نعمته جلّ وعلا في هذه المراكب التي نركبها وكم يشعر الإنسان بنعمة الله عز وجل وهو يركب هذه المراكب التي اختلفت اليوم باختلاف تقنيات العصر الحديث كان الناس يركبون الحمير والبغال والجمال ويركبون السفن واليوم تطورت الأمور وتغيرت الأحوال وأصبح الإنسان يركب السيارة والطائرة والقطار والسفينة وغير ذلك والحق أن الإنسان عندما يقف مع مثل هذه الآيات المباركات يتذكر دعاء الركوب الذي كان صلى الله عليه وسلم يردده عندما يركب الدابة كنت قبل قليل قبل لحظات وأنا أركب الطائرة لتسجيل هذه الحلقات وإذا بالصوت يردد لنا أو يذكرنا بدعاء الركوب
لا أخفيكم والله معاشر الإخوة والأخوات كم يشعر الإنسان بالاغتباط والراحة والأنس والطمأنينة وهو يسمع هذه الأدعية وهذه الأذكار المباركة يرددها مكبر الصوت في الطائرة فيشعر هذا الإنسان بالطمأنينة وهو يركب هذا المركوب بين الأرض والسماء بهذه الأذكار الرائعة الجميلة تشعره بالطمأنينة الله أكبر الله أكبر الله أكبر سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنّا إلى ربنا لمنقلبون التكبير يشعر المسافر بأن الله عز وجل معه الذي هو أكبر من كل شيء ثم يأتي دعاء السفر بكلمات رائعة وجميلة اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في المال والأهل اللهم إنّا نعوذ بك من أعباء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل وكما سيأتي كيف كان صلى الله عليه وسلم يردد هذا الدعاء نقف وقفات معاشر الإخوة والأخوات مع
هذه الكلمات الرائعة الجميلة في السفر هذه الآية وجعل لكم من الفلك والفلك التي هي السفن والأنعام ما تركبون أي ذللها لنا جلّ وعلا لتستو على ظهوره أي لتستو متمكنين مرتفعين على ظهور هذه المركوبات كما قال تعالى والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالا تعلمون ثم قال ثم تذكروا نعمة ربكم فيما سخر لكم وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين
ما معنى مقرنين كما قال أهل التفسير أي مطيقين وما كنا مطيقين ما كنا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى لنا لولا تسخير الله تعالى إياه لنا كيف كنا سنركب الطائرة لو لا نعمة الله عز وجل باختراع هذه الطائرة كيف كنا سنستوي على ظهر السيارة أو حتى أبائنا على ظهر الحمار أو ظهر البعير أو غيرها من المركوبات لولا تسخير الله تعالى جلً وعلا هذه المركوبات فإذا ركب الإنسان هذه الدواب فإنه يردد مثل هذه الأذكار كان صلى الله عليه الصلاة والسلام إذا استوى بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً ثم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين إلى أخر الحديث في هذا الحديث استحباب هذا الذكر عند ابتداء السفر أي سفر كان وقد جاءت أحاديث السفر جاء في السفر أذكار كثيرة جمعتها كتب الأذكار اللهم إني أعوز بك من وَعساء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل الله أكبر تأملوا هذه الكلمات الرائعة الوَعساء بفتح الواو والعين هي المشقة والشدة والمسافر لا شك يتعرض للمشقة والشدة الكآبة هي تغير النفس ما يصيب الإنسان من حزن من ضيق وسوء المنقلب أي المرجع فيرجع كما كان أو خيراً مما كان وكما أسلفت الأحاديث كثيرة في هذه المعاني.
اخرج مسلم وأبو داوود والترمذي والنسائم من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سفر ركب راحلته ثم كبر ثلاثاً ثم قال دعاء السفر أخرج أيضاً مسلم بسنده في صحيح في كتاب مناسك أن ابن عمر علمهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كا إذا استوى بعيره خارجاً إلى سفره كبر ثلاثاً ثم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ثم ردد دعاء السفر المعروف والمعهود من تأمل معاشر الإخوة والأخوات في هذا الدعاء وجد عجباً حقيقة هذا المسافر يريد أن يسافر خرج من أهله ودع أهله هو بحاجة إلى الصاحب له بحاجة إلى صاحب بحاجة إلى من يعينه في سفره وإذا بالمسافر وهو يردد هذا الدعاء من مظانين الدعاء أنت الصاحب في السفر من الله جلّ جلاله السفر أخي الكريم قطعة من نار قطعة من عذاب مهما كانت وسائل النقل مهما كانت سبل الراحة فتبقى حقيقة الغربة والوَعساء والقلق والكآبة والخوف على الأهل والولد والخوف على المال الإنسان في السفر غريب ضعيف مهما بلغ وبأمس الحاجة إلى من يعينه بأمس الحاجة إلى الدليل على الحارس إلى الحافظ هو بأمس الحاجة إلى من يخلفه في أهله في ماله ومن توكل على الله كفاه ومن يتقي الله يجعل له مخرجاً والعبد عندما يتذكر أن الصاحب في السفر قد عاهد نفسه ووعد نفسه أن صاحبه في السفر إنما هو ربه جلّ جلاله الواحد الأحد سبحانه وتعالى فيستشعر عظمة صاحبه في السفر يستشعر أن الله تعالى معه ومن يعشو عن ذكر الرحمن يقيد له شيطان فهو له قرين إن لم يكن ذكرك بالله عز وجل والله عز وجل هو صاحبك فمن كما اخبر الله ،الشيطان فهو له قرين اللذين أمنوا وتطمأن قلوبهم بذكر الله إلا بذكر الله تطمأن القلوب إذاً يكفيك أخي فخراً وطمأنينة وحفظاً أن صاحبك في السفر هو الله الحي القيوم العلي العظيم .
ما أحوجنا جميعاً إخوة الإيمان ما أحوجك أيها المسافر لله في كل لحظة في كل خطوة إنه الله مالك الملك سبحان الله من أنت يا عبد الله حتى يكون صاحبك في السفر مالك الملك جلّ وعلا إنك خلق من خلقه عبد من عبيده ناصيتك بيده مفتقراً غاية الافتقار إليه مضطر أشد الاضطرار إليه الله الواحد القهار يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد سبحان الله اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك ونحن ضعفاء محتاجون إليك خلقتنا من ماء مهين ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقتاً فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشاناه خلقاً أخر فتبارك الله أحسن الخالقين سبحان الله أيها المسافرون من ما الذي يجلب لكم الخير ما لذي يدفع عنكم الشر إنه الله لن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وأن يمسسك بخير فهوعلى كل شيء قدير إنه الله العظيم فلك الحمد يا ربنا خلقتنا ورزقتنا ومن كل شيء أعطيتنا إلهنا كل الخلائق مفتقر إليك لا غنى لأحد منهم عن بابك طرفة عين فإلا من تكلنا يا ربنا من لنا في سفرنا إلا أنت نعم من لنا وقد ضعف السند إلا أنت من لنا سواك يا ربنا إذا ضاقت الطرق وأظلمت الأفق من لنا إذا تبدلت النعم وحلت النقم من لنا إذا قست القلوب وكثرت الذنوب من لنا سواك يا ربي لا إله إلا أنت ولا معبود بحق سواك فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا إلى ضعفنا ولا إلا عجزنا إلهنا أنت صاحبنا في السفر وأنت خليفتنا في المال والأهل إلى هنا سفرنا إما في صحراء وإما في فضاء وإما في بحر وماء فأنت الحافظ لنا وأنت من يقلأنا أنت من يردنا سالمين غانمين إلهنا خضعت لعظمتك العظماء وذل لجبروتك الكبراء العظمة إذارك والكبرياء رداءك أنت أهل الثناء والمجد فمنن بجميل من الثناء المواتي ما ثناء عليك إلا امتنان ومثال للأنعم الفائضات يا محب الثناء يا محب الثناء والمدح إني من حياء خواطري في شتات لعبة النفس هيبة واحترام وتأبت عن بلع ريقي لهاتي حبنا وامتداحنا ليس إلا ومضة منك يا عظيم الهبات لو نظمنا قلائداً من جمانٍ ومعانٍ خلابة بالمئات لو برينا الأشجار أقلام شكرٍ بمداد من دجلة والفرات لو نقشنا ثناءً من دمانا أو بذلنا أرواحاً من الغاليات ما أبدنا عن همسة من معانٍ في حنايا نفوسنا مكنات أو أتينا لذرة من جلال أو شكرنا ألائك الغامرات أي شيء يقوله الشعر لما يتغنى بخالق الكائنات
إذا أيها المسافرون وأنتم ترددون دعاء السفر لما لا تملؤن القلوب بمحبته والنفوس بعظمته والأرواح بهيبته ما لكم لا ترجون لله وقار إن الله عظيم فعظموه في نفوسكم حق التعظيم وتعظيمه لا يمكن أن يكون إلا بطاعته باجتناب معصيته أن يكون المسافر حريصاً على رضا الله عز وجل أن يكون السفر إنما هو في طاعة الله عز وجل عجب لمسافر يردد هذا الدعاء ويشعر أن صاحبه في السفر هو الله جلّ جلاله ثم يتجرأ على الله عز وجل أو يكون قد قصد في نيته أن يسافر من أجل معصية الله عجباً لك يا عبد الله نعم أخي الكريم كيف تردد دعاء السفر ثم وإذا بك قد قصدت السفر في معصية الله انتبه يا عبد الله إن صاحبك في السفر معك أينما كنت إنه يراك في كل مكان لا يمكن أن تختفي عنه طرفة عين يعلم ما بين أيدينا وما خلفنا يعلم جلّ وعلا حاضرنا وماضينا يعرف لماذا أنت سافرت وما قصدك من السفر وماذا تريد من هذا السفر فاتقي الله يا عبد الله وراجع نفسك لا تخفى عليه خافية يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور يعلم حاضرنا وماضينا فتنبه يا عبد الله أسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياكم بسفرنا وحلنا وترحالنا وأن يردنا سالمين غانمين في كل حال هو ولي ذلك والقادر وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .