ضيف الحلقة:
فضيلة الشيخ الدكتور / محمد بن لطفي الصباغ
موضوع الحلقة:
الحديث القدسي
السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين أيها الأخوة والأخوات ما زلت أحدثكم عن الحديث القدسي وقد سبق أن ذكرت لكم تعريفه والفرق بينه وبين القرآن مع أن كلاً منهما من كلام الله عز وجل وكذلك ذكرت لكم الفرق بينه وبين الحديث النبوي وأوردت لكم نماذج من الأحاديث القدسية منها هذا الحديث القدسي العظيم الصحيح حديث أبي ذر الذين مطلعه أن الله عز وجل يقول يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا وقد مضينا في شرح هذه الفقرة في حلقات عدة ونحن ماضون الآن في شرحها إن شاء الله أيها الإخوة والأخوات كلما ابتعدت البشرية عن دين الله وعن شريعته تفاقم بين جنباتها الظلم وتظالم أبنائها والنفس البشرية عندما تتجرد من الدين والإيمان تستيقظ فيها نوازع الشر وما أصدق قول القائل والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلموا نعم لولا أن شريعة الله هذبت طباع الناس الذين أمنوا بها وعملوا وفق أحكامها فكفكفت من سيطرة الشح عليهم وكبحت من جماح العداوة التي لازمتهم منذ أن نزلوا إلى الأرض كما يدل على ذلك قول الله عز وجل ) وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُو ( البقرة (آية:36) نعم كل واحد من الخلق عدو للآخرين من الخلق إن لم يلتزم بالدين وإن لم يؤمن بالله عز وجل ويحكم شريعته لولا أن شريعة الله فعلت ذلك لساد الظلم أرجاء الكون كما هو واقع الآن وإنا لله وإنا إليه لراجعون هذا الظلم الذي نسمع أنبائه اليوم من ظلم القوي للضعيف ومن ظلم الغني للفقير ومن ظلم الكبير للصغير وأنتم تسمعون وتنظرون ما يفعله الطغاة في العراق وفلسطين والشيشان وأفغانستان.
أيها الإخوة والأخوات كان من نتائج هذا الظلم سيادة الحقد بين الناس فلا رحمة ولا تعاطف ولا إنصاف ولا إحسان بل القسوة والعدوان والاضطهاد والطغيان فلقد حول هذا الواقع الأليم الحياة إلى جحيم إلى جحيم لا يطاق ونشط الإجرام وزادت نسبة الانتحار ومن أنواع الظلم التي يقع فيها بعض الناس ولا ينتبه إليها كثير من الناس إهمال تربية الناس أولادهم وعدم تعهدهم بالتوجيه وعدم تنشئتهم على القيم الإسلامية ومن ذلك يا أيها السادة إدخال بعض جهلة المسلمين أولادهم في المدارس التبشيرية يزعمون أنهم يريدون أن يتعلموا اللغة الأجنبية وقد يشاركون أولاد النصارى في عباداتهم وهذا أمر في غاية الخطورة ....
والأب مسؤول بين يدي الله عن تدمير عقيدة ولده إن الله سائل كل والد عن ما قدم لولده ذلكم لأن كل مولود كما أخبر رسول الله صلوات الله وسلامه عليه يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو ينجسانه ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته الرجل راعٍ في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته والزوجة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه حفظ أم ضيع إن أعدائنا حاربونا بالسلاح ولا يزالون يحاربوننا كما أخبر ربنا ) وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ ( البقرة (آية:217) ولكنهم وجدوا أن هذه الطريقة لا تحقق لهم مقصودهم على الوجه الأمثل فأضافوا إلى طريقة القمع والتدمير بالسلاح أضافوا إليها طريقة تسميم الأفكار فأنشئوا في بلادنا مدارس لهم يا سادة لو كان الولد متقناً للغات الأجنبية وللعلوم التجريبية وفقد دينه وخلقه ألا يكون خاسراً الخسارة العظمى لأن من فقد دينه كان في النار إنك يا أيها الأب المؤمن تخشى على ابنك أن يمسه الأذى أو يصيبه المرض أو يبرد في الليل فما بالك في أن يكون جسمه والعياذ بالله كله طعمة للنار لقد قال أحد الكتاب دهمنا الاستعمار العسكري أمس على يد الآباء ويدهمنا الاستعمار الفكري اليوم على يد الأبناء وشتان بين استعباد كان عن اضطرار وجهل واستعباد يكون عن اختيار وعلم والعبودية العقلية أشد خطراً وأسوأ أثراً من العبودية الجسمية لأن هذه لا تتعدى الأجسام والحطام العرض ومثلها مثل الجسم يرجى شفاؤه إذا عرف داؤه أما تلك فحكمها حكم العقل إذا ذهب والروح إذا زهق وهيهات أن ينتظر لمقتول رجعة أو يرجى لمقبول شفاء لقد قال مفتي مصر في مقال نشره في جريدة الوقائع بتاريخ /24/ آب سنة /1881/ تصوروا هذا التاريخ يا أيها السادة أي قبل قرن وربع قرن قال إننا نعيد إنذار الأدباء هداهم الله بأن لا يسلكوا بأولادهم في التربية مسالك توجب لهم قلق الفكر وتشويش البال وأن لا يبعثوا بأبنائهم إلى المدارس الأجنبية التي تغير مشاربهم ومذهبهم وأن ما سبق منا نشره في الأعداد الماضية يبين أن المعاشرة نفسها تؤثر في العقيدة فلا يؤمن على الأطفال من تغيير دينهم وقال رحمه الله إن بعض المسلمين يرسلون أولادهم إلى تلك المدارس طمعاً في تعليمهم بعض العلوم المظنون نفعها في معيشتهم أو تحصيلهم بعض اللغات الأوروبية التي يحسبونها ضرورية لسعادتهم في مستقبل حياتهم وقال ولم يختص هذا التساهل المحزن بالعامة والجهال بل تعدى لبعض المعروفين بالتعصب في دينهم أولئك الضعفاء أولاد المسلمين الذين يدخلون إلى تلك المدارس الأجنبية في سن السذاجة وغرارة الصبا ولا يسمعون في هذه المدارس إلا ما يخالف أحكام الشرع المحمدي بل لا يطرق أسماعهم إلا ما يزري على دينهم وعقائد آبائهم فلا تنقضي سنوات تعليمهم إلا وقد خوت قلوبهم من كل عقد إسلامي وأصبحوا كفاراً تحت حجاب الإسلام إن هذا يا أيها السادة ظلم كبير لأولادنا ولأبنائنا فلنتق الله في هؤلاء الأولاد ولنعلم أننا مسؤولون بين يدي الله عنهم نسأل الله عزّ وجل أن يوفقنا وإياكم إلى ما يرضيه وإلى لقاء أخر إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 0