الجمع بين العشائين في رمضان
السـؤال (38076): ما حكم الجمع بسبب سقوط المطر في رمضان وبالتحديد بين المغرب والعشاء؟ وهل تصلى صلاة التراويح في ذلك اليوم أم لا؟.
أجاب عنه د. خالد بن علي المشيقح
الجـواب:
نعم، الجمع لا بأس به، حتى في رمضان بين العشائين، وإذا جمع المغرب والعشاء، فإنه يدخل وقت التراويح،ووقت الوتر بعد الجمع، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- يصلي ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر إحدى عشرة ركعة أخرجه البخاري (994) ومسلم (736).
هل يلزم الصبي إتمام العمرة؟
السؤال (69290): السلام عليكم ورحمة الله، وبعد:
عندما كنت في الثانية عشرة من عمري -تقريباً قبل البلوغ- أحرمت للعمرة، ولما ذهبت ووصلت الطائف مرضت ( قيء) ولم أتمم عمرتي؟ فهل يلزمني شيء؟ علماً بأني قد تيسَّر لي أداء العمرة عدة مرات بعد هذه المرة، وجزاكم الله خيراً على ما تبذلونه من جهد فيه مصلحة الأمة.
أجاب على السؤال: الشيخ/ عبد العزيز بن أحمد الدريهم ( رئيس كتابة عدل المزاحمية)
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..أما بعد:
هذه المسألة مبنية على ما ذكره أهل العلم في إحرام الصبي(أي غير البالغ) هل يلزمه إتمام ما أحرم به أم لا؟اختلف أهل العلم فيها على قولين: أصحهما أنه لا يجب عليه الإتمام، وأنه يقبل ما أتى به في الطاعات، ولا يُلزم بما تركه؛ لأنه غير مكلف، وهذا مذهب الحنفية، وهو ما رجَّحه العلامة الفقيه الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أفطر لعرسه ثلث رمضان
السؤال: شخص مقيم بالمملكة العربية السعودية، تزوج قبل 25سنة، وقد زفت له زوجته من بلده للمملكة في شهر رمضان المبارك، وقد أفطر هو وزوجته عشرة أيام (مع العلم أنهما مقيمان وليسا مسافرين) ظناّ منهما أنه يسعهما الفطر والقضاء وقد قضوا الأيام التي أفطراها فعلاً. ولكنه الآن يسأل هل عليه شيء آخر؟.
أجاب عن السؤال الشيخ/ د. سليمان بن وائل التويجري(عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى).
الجواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
هذا السؤال لم يوضح فيه – السائل- ما يتعلق بالجماع، وأظن أن قصده من طرح هذا السؤال هو أنه قد يكون قد واقع زوجته في نهار رمضان، والمفطرات ليس فيها كفارة عدى الجماع في نهار رمضان، فإن كان عامداً أو ناسياً أو ساهياً، والإنسان إذا جامع في اليوم الواحد في نهار رمضان فإنه يأثم بهذا ويفطر وعليه قضاء هذا اليوم وعليه كفارة وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وهذا هو الذي جاء في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: "بينا نحن جلوس عند النبي –صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله: هلكت، قال: "مالك؟": قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "هل تجد رقبة تعتقها؟"، قال: لا، قال صلى الله عليه وسلم: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟"، قال: لا، قال: "فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟"، قال: لا، قال: فمكث النبي -صلى الله عليه سلم- فبينا نحن على ذلك أتي النبي – صلى الله عليه وسلم- بعرق فيه تمر، قال: أين السائل؟ قال: أنا، قال: خذ هذا فتصدق به، فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ والله ما بين لابيتها أهل بيت أفقر من بيتي، فضحك النبي –صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك" متفق عليه.
فهذا يدل على أن الإنسان إذا وقع على زوجته في نهار رمضان أنه يلزمه مع القضاء الكفارة على الصورة التي مرّ ذكرها في الحديث، فإذا كان وقع عليها في عشرة أيام فكل يوم يحتاج إلى كفارة فيلزمه عشر كفارات -كذلك زوجته-، هذا إذا كانا مقيمين في البلد، أما إذا كانا ليسوا في محل إقامتهما وإنما هما في مكان ليس مكاناً للإقامة وإنما هو استقبل زوجته في غير البلد الذي هو محل الإقامة وهي لا تنوي الإقامة عنده والاستقرار فإنهما حينئذ يكونان في حال سفر، فلا شيء عليهما، وأما إذا كانا في محل الإقامة فعملهما محرم وعليهما القضاء، وذكر أنهما قضوا فعليهما الكفارة كل واحد يعتق عشرة رقاب، أو إن عجزا عن ذلك يصوما عشرين شهراً، فإن عجزا فيطعمون عن كل يوم ستين مسكيناً، أي: ستة آلاف كيلو، وفي هذا المقام أود أن أنبه – السائل- وغيره إلى الاهتمام بأمر الدين والتفقه في أحكام العبادات وأن الإنسان يجب عليه أن ينتبه لأمور دينه من صلاة وصيام وزكاة وحج وعمرة وغيرها فلا يتهاون.
الأمر الثاني: أنصح من أراد الزواج ألا يكون زواجه في رمضان أو قبل رمضان بيسير، وإنما يكون بعد رمضان لئلا يقع فيما وقع فيه – السائل- هذا وبالله التوفيق.
الاعتكاف والاجتهاد في العبادة
السـؤال (61901): ما الأفضل: الاعتكاف مع قل الاجتهاد في العبادة، أم المكوث في المسجد ليالي العشر من المغرب إلى الفجر مع الاجتهاد في العبادة؟.
أجاب عن السؤال الشيخ/ عبد العزيز بن أحمد الدريهم(رئيس كتابة عدل المزاحمية)
الجـواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإن الاعتكاف لم يشرع إلا من أجل الاجتهاد في العبادة والتفرغ الكامل لها والإعراض عما يشغل عنها، فيكون المعتكف متنقلاً بين أنواع العبادات من صلاة وقراءة للقرآن، وذكر لله –تعالى-، ودعاء، وتضرع.
أما الاعتكاف بمعنى المكوث في المسجد مع إضاعة الوقت فيما لا ينفع من أحاديث دنيوية، أو مؤانسات جانبية، فهذا ليس من الاعتكاف المشروع.
وعليه نقول: إذا كان الأصلح لقلبك البقاء في المسجد من المغرب إلى الفجر باجتهاد في هذا الوقت، فلا بأس، ويعتبر هذا اعتكافاً؛ لأنه يجوز الاعتكاف الجزئي ساعة أو ساعتين، ونحو ذلك. وبالله التوفيق.
هل نيتها للصوم منسحبة على كل الأيام
السـؤال (61736): امرأة تصوم القضاء في شوال، ونوت في يوم الأحد ألا تقطع صيامها حتى تنهيه، وكانت كل ليلة إذا أكلت بالعشاء (السحور) تنوي أنه لصيام يوم غد، وإذا نسيت أن تنوي بالعشاء تنوي قبل نومها في نفسها، لكن في يوم أكلت وجبة العشاء ولم تنو نسياناً منها، ولم تنو قبل نومها، فهل نيتها قبل ثلاثة أيام صالحة، وهي أن تكمل ولا تقطعه، هل تفطره وتقضي بدلا عنه، أم تكمل صيامه ويعتبر يوما لها؟ أفيدونا.
أجاب عن السؤال الشيخ/ أ.د. سليمان بن فهد العيسى (أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).
الجـواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فالجواب: أن العلماء – رحمهم الله- ذكروا أنه يجب تعيين النية من الليل لصوم رمضان أو قضائه، أو نذر، أو كفارة، فمن لم يُبيِّت الصيام قبل طلوع الفجر، فلا صيام له. هذا والمرأة السائلة ذكرت أنها نوت ألا تقطع صيام قضائها حتى تنهيه، وأنها إذا أكلت العشاء تنوي أنه لصيام غد، لكنها في يوم أكلت ولم تنو شيئاً.
فنقول: الذي يظهر لي – والله أعلم- صحة صومها قضاءً؛ لأن عشاءها والذي سمته سحوراً إنما هو عشاء من يريد الصوم، بل قد سمته سحوراً، والسحور إنما هو لمن يريد الصيام، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-: (هو حين يتعشى، يتعشى عشاء من يريد الصوم، ولهذا يُفرق بين عشاء ليلة العيد وعشاء ليالي رمضان، وهذا معنى قولهم: ويكفي في النية الأكل والشرب بنية الصوم) انتهى كلامه رحمه الله. والله أعلم.
الإفطار تبعاً لأهل البلد
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا قدم الإنسان من بلد تأخر صومه إلى بلد تقدَّم صومه فمتى يفطر؟
فأجاب فضيلته بقوله:
إذا قدم الإنسان من بلد تأخر صومه إلى بلد تقدَّم صومه فإنه يجب عليه إذا أفطر أهل البلد الذي قدم إليه أن يفطر معهم؛ لأن هذا البلد ثبت فيه دخول الشهر، فكان هذا اليوم يوم عيد، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صيام العيدين(1)، وعلى هذا فيجب على هذا الرجل الذي قدم من بلد تأخر صومه عن أهل هذا البلد الذي قدم إليه، يجب عليه أن يفطر مع أهل البلد الذي قدم إليه، وما نقص فإنه يقضيه بعد العيد، فإذا كان قد صام ثمانية وعشرين يوماً، فإنه إذا أفطر يقضي يوماً، والعكس بالعكس، يعني لو قدم من بلد صاموا قبل البلد الذي قدم إليه فإنه يبقى حتى يفطروا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس(2)».
وقال بعض العلماء: إنه إذا أتم ثلاثين يوماً فإنه يفطر سرًّا، لأن الشهر لا يمكن أن يزيد على ثلاثين يوماً، ولا يعلن إفطاره؛ لأن الناس صائمون.
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (19/73)]
شروط وجوب الصوم
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: على من يجب الصوم؟
فأجاب فضيلته بقوله:
الصيام يجب أداءً على كل مسلم، بالغ، عاقل، قادر، مقيم، خال من الموانع، فهذه ستة أوصاف، فأما الكافر فلا يجب عليه الصوم ولا غيره من العبادات، ومعنى قولنا: لا يجب عليه الصوم أنه لا يلزم به حال كفره، ولا يلزمه قضاؤه بعد إسلامه، لأن الكافر لا تقبل منه عبادة حال كفره، لقوله تعالى: "وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَـٰتُهُمْ إِلاّۤ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ " ولا يلزمه قضاء العبادة إذا أسلم، لقوله تعالى: "قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ" لكنه يعاقب على ما تركه من واجبات حال كفره، لقوله تعالى عن أصحاب اليمين وهم يتساءلون عن المجرمين "مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ * قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ * حَتَّىٰ أَتَـٰنَا ٱلْيَقِينُ" فذكر ترك الصلاة وإطعام المسكين من أسباب دخولهم النار، يدل على أن لذلك تأثيراً في دخولهم النار، بل إن الكافر يعاقب على كل ما يتمتع به من نعم الله من طعام وشراب ولباس، لقوله تعالى: "لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـٰلِحَـٰتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَءَامَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ " فنفي الجُناح عن المؤمنين فيما طعموا يدل على ثبوت الجُناح على غير المؤمنين فيما طعموا، ولقوله تعالى: "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِىۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَـٰتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ قُلْ هِى لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ" فقوله: "لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ" يدل على أن الحكم في غير المؤمنين يختلف عن الحكم في المؤمنين، ولكن إذا أسلم الكافر في أثناء رمضان لم يلزمه قضاء ما سبق إسلامه، فإذا أسلم ليلة الخامس عشر مثلاً فالأيام الأربعة عشر لا يلزمه قضاؤها، وإذا أسلم في أثناء اليوم لزمه الإمساك دون القضاء، فإذا أسلم عند زوال الشمس مثلاً قلنا له: أمسك بقية يومك، ولا يلزمك القضاء. فنأمره بالإمساك؛ لأنه صار من أهل الوجوب، ولا نأمره بالقضاء، لأنه قام بما وجب عليه وهو الإمساك، ولم يكن قبله من أهل الوجوب، ومن قام بما يجب عليه لم يكلف إعادة العبادة مرة ثانية.
أما العقل وهو الوصف الثاني لوجوب الصوم ما يحصل به التمييز بين الأشياء، فإذا لم يكن الإنسان عاقلاً فإنه لا صوم عليه، كما أنه لا يجب عليه شيء من العبادات سوى الزكاة. ومن هذا النوع أي ممن ليس له عقل، أن يبلغ الإنسان سنًّا يسقط معه التمييز، وهو ما يعرف عند العامة «بالهذرات» فلا يلزم المهذري صوم، ولا يلزم عنه إطعام؛ لأنه ليس من أهل الوجوب.
أما الوصف الثالث: فهو البلوغ، ويحصل البلوغ بواحد من أمورٍ ثلاثة:
إما بأن يتم الإنسان خمس عشرة سنة، أو أن يُنبت العانة، وهو الشعر الخشن الذي يكون عند القُبل، أو ينزل المني بلذة، سواءً كان ذلك باحتلام أو بيقظة، وتزيد المرأة أمراً رابعاً وهو الحيض، فإذا حاضت المرأة بلغت، وعلى هذا فمن تم له خمس عشرة سنة من ذكر أو أنثى فقد بلغ، ومن نبتت عانته ولو قبل خمس عشرة سنة من ذكر أو أنثى فقد بلغ، ومن أنزل منياً بلذة من ذكر أو أنثى ولو قبل خمس عشرة سنة فقد بلغ، ومن حاضت ولو قبل خمس عشرة سنة فقد بلغت، وربما تحيض المرأة وهي بنت عشر سنين، وهنا يجب التنبه لهذه المسألة التي يغفل عنها كثير من الناس، فإن بعض النساء تحيض مبكرة، ولا تدري أنه يلزمها الصوم وغيره من العبادات التي يتوقف وجوبها على البلوغ؛ لأن كثيراً من الناس يظن أن البلوغ إنما يكون بتمام خمس عشرة سنة، وهذا ظن لا أصل له.
فإذا لم يكن الإنسان بالغاً فإن الصوم لا يجب عليه، ولكن ذكر أهل العلم أن الولي مأمورٌ بأن يأمر موليه الصغير من ذكر أو أنثى بالصوم ليعتاده، حتى يتمرن عليه ويسهل عليه إذا بلغ، وهذا ما كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يفعلونه، فإنهم كانوا يصوِّمون أولادهم الصغار، حتى إن الواحد منهم ليبكي، فيعطى لعبة من العهن يتلهى بها حتى تغرب الشمس.
وأما الوصف الرابع: فهو أن يكون الإنسان قادراً على الصوم، فإن كان غير قادر فلا صوم عليه، ولكن غير القادر ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكون عجزه عن الصوم مستمرًّا دائماً: كالكبير، والمريض مرضاً لا يرجى برؤه، فهذا يطعم عن كل يوم مسكيناً، فإذا كان الشهر ثلاثين يوماً أطعم ثلاثين مسكيناً، وإذا كان الشهر تسعة وعشرين يوماً أطعم تسعة وعشرين مسكيناً، وللإطعام كيفيتان:
الكيفية الأولى: أن يخرج حبًّا من أرز أو بر، وقدره ربع صاع بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم- أي خُمُس صاع بالصاع المعروف هنا، ويساوي -أعني صاع النبي صلى الله عليه وسلم- كيلوين وأربعين غراماً بالبر الجيد الرزين، يعني أنك إذا وزنت من البر الرزين الدجن ما يبلغ كيلوين وأربعين غراماً فإن هذا صاع بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم-والصاع بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعة أمداد فيكفي لأربعة مساكين، ويحسن في هذا الحال أن تجعل معه إذا دفعته للفقير أن تجعل معه شيئاً يؤدمه من لحم أو غيره، حسب ما تقتضيه الحال والعرف.
والوجه الثاني من الإطعام: أن يصنع طعاماً يكفي لثلاثين فقيراً، أو تسعة وعشرين فقيراً حسب الشهر ويدعوهم إليه، كما ذكر ذلك عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ حين كبر، ولا يجوز أن يطعم شخصاً واحداً مقدار ما يكفي الثلاثين، أو التسعة والعشرين؛ لأنه لابد أن يكون عن كل يوم مسكين.
القسم الثاني من العجز عن الصوم: فهو العجز الذي يرجى زواله، وهو العجز الطارئ: كمرض حدث على الإنسان في أيام الصوم، وكان يشق عليه أن يصوم، فنقول له: أفطر واقض يوماً مكانه، لقول الله تعالى: "وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ".
أما الوصف الخامس: فهو أن يكون مقيماً وضده المسافر، وهو الذي فارق وطنه فلا يلزمه الصوم، وعليه القضاء، لقول الله تعالى: "وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" ولكن الأفضل أن يصوم، إلا أن يشق عليه فالأفضل الفطر. لقول أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان في يوم شديد الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة، أما إذا شقَّ عليه الصوم فإنه يفطر ولابد، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- شُكي إليه أن الناس قد شق عليهم الصيام فأفطر، ثم قيل له: إن بعض الناس قد صام فقال: «أولئك العُصاة، أولئك العصاة» ومتى برئ المريض، أو قدم المسافر إلى بلده وجب عليه القضاء، وله تأخيره إلى أن يبقى بينه وبين رمضان الثاني بقدر الأيام التي عليه.
أما الوصف السادس: فأن يكون خالياً من الموانع، أي من موانع الوجوب، وهذا يختص بالمرأة، فيشترط في وجوب الصوم عليها أداءً ألا تكون حائضاً ولا نفساء، فإن كانت حائضاً أو نفساء فإنه لا يلزمها الصوم، وإنما تقضي بدل الأيام التي أفطرت، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- مقرراً ذلك: «أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم» أي إذا حاضت المرأة فلا صوم عليها، ولكن تقضيه في أيام أخر: كالمريض.
وهنا مسألتان ينبغي التفطن لهما:
المسألة الأولى: أن بعض النساء تطهر في آخر الليل، وتعلم أنها طهرت، ولكنها لا تصوم ذلك اليوم ظنًّا منها أنها إذا لم تغتسل فإنها لا يصح صومها، وليس الأمر كذلك، بل صومها يصح وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر.
وأما المسألة الثانية: فهي أن بعض النساء تكون صائمة، فإذا غربت الشمس وأفطرت جاءها الحيض قبل أن تصلي المغرب، فبعض النساء تقول: إنها إذا أتاها الحيض بعد الفطر وقبل صلاة المغرب فإن صومها ذلك النهار يفسد، وكذلك بعض النساء يبالغ أيضاً ويقول: إذا جاءها الحيض قبل صلاة العشاء فإن صومها ذلك اليوم يفسد، وكل هذا ليس بصحيح، فالمرأة إذا غابت الشمس وهي لم تر الحيض خارجاً فصومها صحيح، حتى لو خرج بعد غروب الشمس بلحظة واحدة فصومها صحيح، هذه ستة أوصاف إذا اجتمعت في الإنسان وجب عليه صوم رمضان أداءً، ولا يحل له أن يفطر، فإن تخلَّف واحد منها فالحكم كما علمت في الجواب من التفصيل.
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (19/75-81)].
الإمساك لزوال العذر
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا أفطر الإنسان لعذر، وزال العذر في نفس النهار، فهل يواصل الفطر أم يمسك؟
فأجاب فضيلته بقوله:
لا يلزمه الإمساك؛ لأن هذا الرجل استباح هذا اليوم بدليل من الشرع، فحرمة هذا اليوم غير ثابتة في حق هذا الرجل، ولكن عليه أن يقضيه، وإلزامنا إياه أن يمسك بدون فائدة له شرعاً ليس بصحيح. ومثال ذلك: رجل رأى غريقاً في الماء، وقال: إن شربت أمكنني إنقاذه، وإن لم أشرب لم أتمكن من إنقاذه. فنقول: اشرب وانقذه. فإذا شرب وأنقذه فهل يأكل بقية يومه؟ نعم يأكل بقية يومه؛ لأن هذا الرجل استباح هذا اليوم بمقتضى الشرع، فلا يلزمه الإمساك، ولهذا لو كان عندنا إنسان مريض، هل نقول لهذا المريض: لا تأكل إلا إذا جعت ولا تشرب إلا إذا عطشت؟ لا، لأن هذا المريض أبيح له الفطر.
فكل من أفطر في رمضان بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يلزمه الإمساك، والعكس بالعكس، لو أن رجلاً أفطر بدون عذر، وجاء يستفتينا: أنا أفطرت وفسد صومي هل يلزمني الإمساك أو لا يلزمني؟ قلنا: يلزمك الإمساك؛ لأنه لا يحل لك أن تفطر، فقد انتهكت حرمة اليوم بدون إذن من الشرع، فنلزمك بالبقاء على الإمساك، وعليك القضاء؛ لأنك أفسدت صوماً واجباً شرعت فيه.
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (19/98)]
إطعام العاجز عن الصوم
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: رجل مريض مرضاً لا يرجى برؤه، ولا يستطيع الصوم، فما الحكم؟ أفتونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير؟
فأجاب فضيلته بقوله:
المريض مرضاً لا يرجى زواله لا يلزمه الصوم؛ لأنه عاجز، ولكن يلزمه بدلاً عن الصوم أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، هذا إذا كان عاقلاً بالغاً، وللإطعام كيفيتان:
الكيفية الأولى: أن يصنع طعاماً غداءً أو عشاءً، ثم يدعو إليه المساكين بقدر الأيام التي عليه كما كان أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ يفعل ذلك حين كبر(1).
والكيفية الثانية: أن يوزع حبًّا من بر، أو أرز، ومقدار هذا الإطعام مد من البر أو من الأرز، والمدّ يعتبر بمد صاع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو ربع الصاع، وصاع النبي -صلى الله عليه وسلم- يبلغ كيلوين وأربعين غراماً، فيكون المدّ نصف كيلو وعشرة غرامات، فيطعم الإنسان هذا القدر من الأرز أو من البر، ويجعل معه لحماً يؤدمه.
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (19/110)]
السفر من أجل الفطر
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم السفر في رمضان من أجل الفطر؟
فأجاب فضيلته بقوله:
الصيام في الأصل واجب على الإنسان، بل هو فرض وركن من أركان الإسلام كما هو معلوم، والشيء الواجب في الشرع لا يجوز للإنسان أن يفعل حيلة ليسقطه عن نفسه، فمن سافر من أجل أن يفطر كان السفر حراماً عليه، وكان الفطر كذلك حراماً عليه، فيجب عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن يرجع عن سفره ويصوم، فإن لم يرجع وجب عليه أن يصوم ولو كان مسافراً، وخلاصة الجواب: أنه لا يجوز للإنسان أن يتحيَّل على الإفطار في رمضان بالسفر؛ لأن التحيل على إسقاط الواجب لا يسقطه، كما أن التحيل على المحرم لا يجعله مباحاً.
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (19/133)]
صوم الحامل والمرضع
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: عن الحامل إذا خافت على نفسها أو خافت على ولدها وأفطرت فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: جوابنا على هذا أن نقول: الحامل لا تخلو من حالين:
إحداهما: أن تكون نشيطة قوية لا يلحقها مشقة ولا تأثير على جنينها، فهذه المرأة يجب عليها أن تصوم؛ لأنها لا عذر لها في ترك الصيام.
والحال الثانية: أن تكون الحامل غير متحملة لصيام: إما لثقل الحمل عليها، أو لضعفها في جسمها، أو لغير ذلك، وفي هذه الحال تفطر، لاسيما إذا كان الضرر على جنينها، فإنه قد يجب الفطر عليها حينئذ. وإذا أفطرت فإنها كغيرها ممن يفطر لعذر يجب عليها قضاء الصوم متى زال ذلك العذر عنها، فإذا وضعت وجب عليها قضاء الصوم بعد أن تطهر من النفاس، ولكن أحياناً يزول عذر الحمل ويلحقه عذر آخر وهو عذر الإرضاع، وأن المرضع قد تحتاج إلى الأكل والشرب لاسيما في أيام الصيف الطويلة النهار، الشديدة الحر، فإنها قد تحتاج إلى أن تفطر لتتمكن من تغذية ولدها بلبنها، وفي هذه الحال نقول لها أيضاً: أفطري، فإذا زال عنك العذر فإنك تقضين ما فاتك من الصوم.
وقد ذكر بعض أهل العلم أنه إذا أفطرت الحامل والمرضع من أجل الخوف على الولد فقط دون الأم، فإنه يجب عليهما مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم، يدفعه من تلزمه نفقة ذلك الطفل، وفي معنى ذلك ـ أي في معنى الحامل والمرضع التي تفطر خوفاً على الولد ـ في معنى ذلك من أفطر لإنقاذ غريق أو حريق ممن يجب إنقاذه فإنه يفطر ويقضي، مثلاً: رأيت النار تلتهم بيتاً، وفيه أناس مسلمون، ولا يمكن أن تقوم بالواجب، (واجب الإنقاذ) إلا إذا أفطرت وشربت لتتقوى على إنقاذ هؤلاء، فإنه يجوز لك بل يجب عليك في هذه الحال أن تفطر لإنقاذهم، ومثله هؤلاء الذين يشتغلون بالإطفاء، فإنهم إذا حصل حريق في النهار وذهبوا لإنقاذه، ولم يتمكنوا منه إلا بأن يفطروا ويتناولوا ما تقوى به أبدانهم، فإنهم يفطرون ويتناولون ما تقوى به أبدانهم؛ لأن هذا شبيه تماماً بالحامل التي تخاف على جنينها، والمرضع التي تخاف على ولدها، والله -تبارك وتعالى- حكيم لا يفرق بين شيئين متماثلين في المعنى، بل يكون حكمهما واحد، وهذه من كمال الشريعة الإسلامية، وهو عدم التفريق بين المتماثلين، وعدم الجمع بين المختلفين، والله عليم حكيم.
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (19/162)]
إمساك من لم يعلم برؤية الهلال ليلاً
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: رجل يقول: إنني في الليلة التي نتحرى فيها دخول شهر رمضان نمت تلك الليلة، ولم أعلم أنه قد دخل شهر رمضان، وبعد خروجي في الصباح تبلغت أن ذلك اليوم صيام، فأمسكت بعد صلاة الفجر قريب طلوع الشمس، فهل صيامي ذلك اليوم صحيح، وهو ليس بنية سابقة قبل الفجر؟
فأجاب فضيلته بقوله:
صيامك صحيح؛ لأن النية تتبع العلم، وأنت لم تعلم بأن هذا اليوم من رمضان وأنت نائم، ونيتك كنية كل مسلم، نيتك أنه إن كان غداً من رمضان فأنت صائم، فمادامت هذه نيتك فقد نمت على نية صحيحة، وإن كانت معلَّقة، لكن تعليق الأحكام وتعليق النيات وتعليق الدعاء وما أشبه ذلك أمر ثابت شرعاً، تعليق الأحكام الشرعية بالشروط ثابت، وتعليق الدعاء بالشروط ثابت، وتعليق النيات أيضاً مثل ذلك تعليق الأحكام الشرعية.
جاءت ضباعة بنت الزبير ـ رضي الله عنها ـ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إني أريد الحج، وأجدني شاكية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حجي واشترطي: إن محلي حيث حبستني. فإن لك على ربك ما استثنيتِ(1)» هذا اشتراط في الحكم، الاشتراط في الدعاء قال الله –تعالى- في آية المتلاعنين: "فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ * وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ" هذا دعاء معلَّق بشرط، وكذلك تقول هي: "وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ" فالدعاء يصح أن يعلق بالشرط، والأحكام الشرعية يصح أن تعلَّق بالشرط إلا إذا ورد النص بخلافها. هذا المسلم الذي نام قبل أن يعلم بأن غداً من رمضان، نائم وهو معتقد في نفسه وجازم على إنه إن كان من رمضان فهو صائم، فإذا لم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر، وتبين له أن هذا اليوم من رمضان فهو على صيامه، وصيامه صحيح.
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (19/178)]
تبييت النية في صيام النفل
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: هل صيام الست من شوال ويوم عرفة يكون لها حكم صيام الفرض، فيشترط فيها تبييت النية من الليل؟ أم يكون لها حكم صيام النفل، بحيث يجوز للإنسان أن ينوي صيامها ولو وسط النهار؟ وهل يكون أجر الصيام وسط النهار كأجر من تسحَّر وصام النهار إلى آخره؟
فأجاب فضيلته بقوله:
نعم صيام النفل يجوز بنية من أثناء النهار، بشرط ألا يكون فعل مفطراً قبل ذلك، فمثلاً لو أن الإنسان أكل بعد طلوع الفجر، وفي أثناء اليوم نوى الصوم نقول هنا: لا يمكن أن يصح صومه، لأنه أكل، لكن لو كان لم يأكل منذ طلع الفجر، ولم يفعل ما يفطر، ثم نوى في أثناء النهار الصوم وهو نافلة، فنقول: هذا جائز؛ لأنه وردت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك حين دخل على أهله فطلب منهم طعاماً، فقالوا: ليس عندنا شيء. فقال: «إني إذاً صائم(1)».
ولكن الوقت لا يكون إلا من وقت النية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات(2)» فما قبل النية فلا يكتب له أجره، وما بعده يكتب له أجره، وإذا كان الأجر مرتباً على صوم اليوم، فإن هذا لم يصم اليوم كاملاً، بل بعض اليوم بالنية، وبناءً على ذلك لو أن أحداً قام من بعد طلوع الفجر ولم يأكل شيئاً، وفي نصف النهار نوى الصوم على أنه من أيام الست، ثم صام بعد هذا اليوم خمسة أيام، فيكون قد صام خمسة أيام ونصفاً، وإن كان نوى بعد مضي ربع النهار، فيكون قد صام خمسة أيام وثلاثة أرباع؛ لأن الأعمال بالنيات، والحديث «من صام رمضان ثم أتبعه ستة أيام من شوال(3)». وحينئذ نقول لهذا الأخ: لم تحصل على ثواب أجر صيام الأيام الستة، لأنك لم تصم ستة أيام، وهذا يقال في يوم عرفة، أما لو كان الصوم نفلاً مطلقاً، فإنه يصح ويثاب من وقت نيته فقط.
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (19/184)]