أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الاشتياق إلى النبي صلى الله عليه وسلم الأحد 06 مارس 2016, 7:35 am | |
|
اشتياق التابعين ومن بعدهم للنبي صلى الله عليه وسلم: وقيل لعبيد السلماني إن عندنا من شَعْر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً من قِبَل أنس بن مالك، فقال: لئن يكون عندي منه شَعْرَةً أحبُّ إليَّ من كل صفراء وبيضاء -يعني من الذهب والفضة- على ظهر الأرض.
الآن لم يبق من آثار النبي -عليه الصلاة والسلام- شيء، لا سيف ولا عصى ولا ثوب ولا شَعْرَة، وما في المتاحف فهو كذب ولم يثبت، ولكن بقيت سُنَّتَهُ، بقي القرآنُ الذي نزل عليه قبل ذلك، وبقي لنا هذان الوحَيان وآثار أصحابه، وشروح التابعين، وبقي لنا الإيمان به والشوق إليه، وهو الذي قال: ((وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ فِي يَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ يَوْمٌ وَلَا يَرَانِي، ثُمَّ لَأَنْ يَرَانِي أَحَبُّ إِلَيْهِ مَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ مَعَهُمْ)) مسلم (2364).
قال العراقي في طرح التثريب "أي: ((يَأْتِي عَلَى أَحَدِكُمْ يَوْمٌ لأَنْ يَرَانِي فِيهِ لَحْظَةً ثُمَّ لَا يَرَانِي بَعْدَهَا أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ جَمِيعًا)). شرح مسلم. طرح التثريب (7/ 387).
فماذا تكون مشاعر الإمام البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبي داود وأحمد والبيهقي وأهل الحديث كافة وهم يكتبون الحديث عنه ويجولون في البلاد لجمعه، ويسهرون الليل لكتابته، ويدرسون علل الأساليب، ماذا كان شوقهم، وكيف كانت حالتهم، وأهل الإيمان يتمنَّى الواحد منهم أنه رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- لحظة ليحظى بأجر الصحبة.
فَيَبكي إِن نَأَوا شَوقـــــاً إِليهِمُ وَيَبكي إِن دَنَوا خَوفَ الفِـراقِ
وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ)) مسلم (2832)، فالمؤمن الصادق يتمنَّى حقيقة أن يكون قد عاش في عهده أو رآه، يتمنَّى رؤيته ولو لحظة.
نسينا في ودادك كلَّ غالٍ فأنتَ اليومَ أغلى ما لدينا نلامُ على محبتكم ويكـفي لنا شرفٌ نلام وما عليـنا ولما نلقكم لكن شوقـــــاً يذكرنا فكيف إذا التقينــا تسلّى الناس بالدنيا وإنـا لعمر الله بعدك ما سلينا
خرج الركب العراقي حاجّاً في سنة 394هـ، فلما فرغوا من الحج عزم أميرهم على العود سريعاً إلى بغداد وأن لا يقصدوا المدينة النبوية خوفاً من سُرَّاق الحجيج، فقام شابَّان قارئان على جادة الطريق التي منها يُعدل إلى المدينة النبوية –عند المفرق-، وقرآ: {مَا كَانَ لأَهْلِ المَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ} (التوبة: 120).
فضج الناس بالبكاء، وأمالت النوق أعناقها نحوهما، فمال الناس بأجمعهم والأمير إلى المدينة فزاروا وعادوا سالمين إلى بلادهم» تاريخ ابن كثير (11/ 334) والمنتظم (15/ 44).
لم يكن الشوق ولم تكن المحبة ولم يكن الميل من البشر إليه فقط، أراد الجن أن يلتقوا به، أي الصالحين والمؤمنين منهم فالتقوا به أكثر من مرة، وخَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ وَكَانَ عَلَيْهِ سَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ [وفي رِوَايَة: فَصَاحَتْ النَّخْلَة صِيَاح الصَّبِيّ] [فَسَمِعُوا مِنْ حَنِينهَا حَتَّى كَثُرَ بُكَاؤُهُمْ]، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ". البخاري (3583) وهو عِنْد أَبِي نُعَيْم.
وقال -عليه الصلاة والسلام- عن الجذع: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ أَلْتَزِمهُ لَمَا زَالَ هَكَذَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة)). أبو عَوَانَة وَابْن خُزَيْمَةَ وَأَبو نُعَيْم.
وَالجِذعُ حَنَّ إِلَيهِ عِندَ فِراقِهِ شَوقاً حَنينَ الهائِمِ الوَلهــانِ
وكَانَ الْحَسَن البصري إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيث بكى وقال: يَا مَعْشَر الْمُسْلِمِينَ الْخَشَبَة تَحِنّ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَوْقًا إِلَى لِقَائِهِ فَأَنْتُمْ أَحَقّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَيْهِ. الشفا (1/ 304)، صحيح الجامع (2256). وفتح الباري.
كان حجرٌ بمكة يُسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يُبعث. رواه مسلم.
والشجرة أعلمته باجتماع الجن له، وأخبرته ذراع الشاة المسمومة بما فيها.
وكَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ الْأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يسقون عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْجَمَلَ اسْتُصْعِبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ، فجَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبروه -مساكين محتاجين لهذا-، فَقَام معهم حتى أتى الجمل، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: إِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ، فَقَالَ: ((لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ))، فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ). أحمد (12203) قال ابن كثير في البداية والنهاية (6/ 155): إسناده جيد.
أنتَ الذي حنَّ الجمادُ لعطفهِ وشكا لك الحيوانُ يومَ رآكـا والجِذعُ يُسْمَعُ بالحنين أنينُـه وبكـــــــاؤُه شوقًا إلى لُقياكا
قال مالك: «حجّ [أيوب السختياني] حجتين، فكنت أرمقه، ولا أسمع منه، غير أنه كان إذا ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم، بكى حتى أرحمه، فلما رأيت منه ما رأيت، وإجلاله للنبي صلى الله عليه وسلم كتبت عنه». سير أعلام النبلاء (6/ 17).
وقال مصعب بن عبد الله: «كان مالك إذا ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغيَّر لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جُلسائه، فقيل له يوماً في ذلك، فقال: لو رأيتم ما رأيت –يعني من شوق مَنْ قبلي- لما أنكرتم عليَّ ما ترون».
وكان جعفر بن محمد كثير الدعابة والتبسم فإذا ذُكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اصفرَّ لونه، وكان عبد الرحمن بن القاسم يُذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيُنظر إلى لونه كأنه نزف منه الدَّم، وقد جفَّ لسانه في فمه هيبةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان عامر بن عبد الله بن الزبير إذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع.
نزف البكاء دموع عينك فاستعر عيناً لغيـــــــــرك دمعها مدرارُ
وكان الزُّهري مِنْ أهنأ الناس وأقربهم فإذا ذُكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فكأنَّه ما عرفك ولا عرفته.
كان صفوان بن سليم إذا ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى، فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه. الشفا بتعريف حقوق المصطفى، للقاضي عياض 598.
محبته تقتضي طاعته ومعرفة سنته وعدم الغلو فيه: أين نحن من هؤلاء، ما حالنا في حالهم، وما أثر الحب علينا، أين المُحبون، تباعد الزَّمان، وقلَّ الأعوان في نشر السُّنة والخير والحق بالميزان، فصارت السنة عند الكثيرين مجهولة، فاتت السنة الكثيرة، فأين الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- في صلاته في العبادات في خشيته في بكائه في ذكره لربه، في توبته، في مشيته، في أكله وشربه ولبسه وهديه حتى في الخلاء.
أين الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في المحن والسراء والضراء، أين الآية الدالة على المحبة والشوق إليه، أين التنفيذ لقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (آل عمران: من الآية31)، أين طاعته أين الاقتداء بهديه؟
شرطُ المحبةِ أن توافقَ من تحبُّ على محبتِه بلا عصيان فإذا ادّعيتَ له المحبةَ مع خلافِك ما يحب فأنت ذو بهتان
أين الاقتداء به في سنن الفطرة، اللحية وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة وقص الأظافر، الاستنشاق غسل البراجم، والأشاجع، معاقد الأصابع، أين الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- في قراءة حديثه ومعرفة معاني سنته، والدفاع عنها وكبت البدعة والرد على أهل البدعة والمنحرفين والغلاة ما هي علامات السنة، ماذا فعل الصحابة.
ثوى في قريش بضع عشرة حجة يذكــــــــــر لو يلقى حبيباً مؤاتياً ويعرض في أهــل المواسم نفسه فلم ير مــــن يؤوي ولم ير داعياً فلمـــــا أتانا واستقرت به النوى وأصبـــح مسرورا بطيبة راضياً بذلنـــــا له الأموال من حل مالنا وأنفسنــــــا عند الوغى والتآسيا نعادي الذي عادى من الناس كلهم جميعا وإن كان الحبيب المصافيا ونعلـــــــــم أن الله لا رب غيره وأن رســــــول الله أصبح هادياً
وهكذا قاموا معه وهكذا صار يأتمرون بأمره، وهكذا كانوا يصلّون معه ولا يتخلّفون عنه في جهاد، هكذا كانوا ينفذون أمره ويحرصون على مرضاته ويضحون من أجله، ويكرمون أضيافه، ويهدونه في بيوته، وهكذا كانوا يشتاقون إليه، فيصلون عليه ويجعلون أذكاراً وأوراداً من الأدعية كلها صلاة عليه -صلى الله عليه وسلم-، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: ((مَا شِئْتَ))، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟، قَالَ: ((إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ)). الترمذي (2457) وصححه الألباني.
فليس من محبته -عليه الصلاة والسلام- الغلو فيه، ولا رفعه فوق منزلته التي أنزله الله إياها، ليس من محبته الإشراك به مع الله، ليس من محبته أن يُسأل في قبره ويستغاث به بعد موته، ليس من محبته أن تصرف له أنواع من العبادات، ليس من محبته أن تجعل له علوم الدنيا والآخرة وعلم اللوح المحفوظ وعلم الغيب، ليس من محبته هذا الغلو، ليس من محبته التوسل به بعد موته، وليس من محبته التمسح بقبره ولا بشباك القبر وحديد القبر وقفص القبر، ليس من محبته أن تقوم هذه الموالد البدعية بما فيها من الرقص والدف والطبول والقصائد المشتملة على الشركيات والغلو بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.
ليس من محبته أن يؤتى في هذه الموالد بالرقص والمنكرات، وأن تشبع البطون من الحلاوة والبقلاوة والأغنياء يتخمون بطونهم، والفقراء يخرجون من المولد بلا حمّص، ليس هذا من محبته بشيء، ليس هذا من اتباع السنة في شيء، أين الدفاع عنه، أين الذب عن سنته، أين التمسك بهديه، أين قراءة الصحيحين والكتب الأخرى التي فيها الأحاديث ومعرفة معانيها، أين الإتباع أين ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) أين ((خذوا عني مناسككم)) أين التعامل بهديه مع الزوجات وهديه مع الأبناء والأحفاد وهديه مع الأقارب والأباعد والصغار والجيران والخدم والدواب، أين التعامل بهديه مع النساء ومع كبار السن، وهديه في التعامل مع ذوي العاهات، حتى الدواب والبهائم، أين هديه في التعامل مع الأعداء والمنافقين، أين هديه في التعامل مع الأغنياء والفقراء وأهل المصائب والمسلمين الجدد، والمتخاصمين وحتى الأعراب وذوي الطباع الصعبة، أين هديه في التعامل مع العصاة والمذنبين والشباب والسفراء والوفود وغير المسلمين، حتى هديه في التعامل -صلى الله عليه وسلم- مع الناس كافة.
عِرضي فِدَا عرضِ الحبيبِ محمدِ وفـــــــــداه مهجة خافقي وجناني وفــــــــــداهُ كل صغيرِنا و كبيرنا وفـــــــــــداهُ ما نظرت له العينانِ وفــــداه مُلكُ السابقين ومن مضوا وفـــــــــــداه ما سمعت به الأذنانِ وفــــــــداه كلُّ الحاضرين ومُلْكُهم وفـــــــــــداه روح المُغرَمِ الوَلْهانِ وفــــــــداه ملك القادمين ومن أَتَوا أرواحُنــــــــــــــــا تفديه كل أوانِ صلى عليه الرب في عليــــــــــائه إذ زانه بالصدق والإيمـــــــــــــانِ
اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته، اللهم اجعلنا من أتباعه، واحشرنا في زمرته، واسقنا من حوضه، وارزقنا شفاعته، واجعله أحب إلينا من أولادنا، وأموالنا وأزواجنا، اللهم ارزقنا اتباع سنته، والتأسي بهديه، أحينا مسلمين، وتوفنا مؤمنين، وألحقنا بنبينا مع الرفيق الأعلى يا كريم، احشرنا في لوائه، واجعلنا معه في جنات النعيم, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. |
|