ضيف الحلقة :
الشيخ : عبد القادر شيبة الحمد
موضوع الحلقة :
نساء في بيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ( 2 )
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين ومن سلك سبيلهم وترسم خطاهم ونهج مناهجهم إلى يوم الدين أما بعد ،
ونرجع إلى قصة امتحان الصديقة بنت الصديق عائشة أم المؤمنين حبيبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وعن أبيها وعن أهل بيتها أجمعين لما كانوا في غزوة المريسيع من بني المصطلك من خزاعة في السنة الرابعة أو الخامسة من الهجرة اختصم غلامان على الماء غلام لعمر ابن الخطاب وغلام لعبد الله ابن أبي رأس المنافقين فقال غلام الأنصاري غلام عبد الله ابن أبي يا للأنصار وقال غلام عمر يا للمهاجرين وكادت تنشب الفتنة بينهم بين المهاجرين والأنصار حتى سكنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما انتهت الغزوة وقفلوا راجعين عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن طبعاً عبد الله ابن أبي عندما سمع بخبر التقاتل عند البئر قال هكذا محمد وأصحابه كالمثل الذي يقول سمن كلبك يأكلك والله لئن منعنا عنهم الطعام والشراب لتفرقوا عن المدينة والله لئن رجعنا إلى المدينة يقول على نفسه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأزل ويقصد بالأعز نفسه الذليلة الخبيثة الضعيفة ويعني بالأزل أعز خلق الله جميعاً محمد صلى الله عليه وسلم وسمع النبي بذلك أخبره زيد ابن أرقم كما قال عبد الله ابن أبي وجاء جماعة عبد الله ابن أبي الذين يعاونونه ولا يدرون عن نفاقه يحلفون بالله أنه ما قال هذا الكلام حتى أنزل الله عز وجل تثبيت ما قاله زيد ابن أرقم وعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل أن يشتغل المسلمون عن هذه الفتنة فساروا في الليل ليلاً طويلاً وهم راجعون إلى المدينة ولما جاء وقت النزول بالليل أن رسوا في مكان ونزل المسلمون عن رواحلهم وأنزلت عائشة من الهودج كان في رجال مسؤولون كان هؤلاء الرجال مسؤولين عن إركاب عائشة يعني يحملون الهودج وهي في داخله ويضعونه على بعيرها أو ينزلونه عند الاستراحة فأنزلوها في هودجها وابتعدوا عنها في ليلة مظلمة وأرادت أن تقضي حاجتها فلما ذهبت لقضاء حاجتها كانت تعبث وهي جالسة في عنقها فسقط عقد منها وهي تعث به فبدأت تلتمسه وحتى طال بها المدى ورجعت فلما رجعت وجد الجيش قد رحلوا وأن الذين حملوا الهودج يحسبونها فيه لأنها يومها كانت بنت ثلاثة عشر سنة سنها في ذاك الوقت يعني متزوجة لها أربع سنوات كان سنها ثلاثة عشر سنة وكانت خفيفة اللحم فلم يحس الرجال الأربعة الذين يحملون الهودج أو الأكثر أو الأقل عن أن فيه امرأة أو ليست فيه وساقوا بعيرها بهودجها ورجعوا قافلين إلى المدينة وعندما كاد النهار يطلع ألقى الله النوم بمجرد ما عائشة لم تجد الجيش وطبعاً هذا مقام يكاد يفقد كبار الرجال عقولهم فيه إذا ترك الواحد منهم في ليلة مظلمة في مكان نائي بعيد فضرب الله على أذنها ونامت فلم تستيقظ إلا بعد طلوع النهار وإذا صوت قريب ما هو يعني قريب بالحيل منها وهو يقول سبحان الله زوجة النبي محمد كان يراها قبل الحجاب فأناخ لها بعيره وركبت وما كلمته ولا كلمها وأنا أشهد على ذلك بشهادة الله عز وجل ثم بدأ يقود بها بعيرها حتى أدرك رسول الله وهو نازل في الضحى المرتفع نازل قبل وصولهم إلى المدينة لو كان الرجل مريباً ما أخذ بحبل جملها يقودها أمام الرسول كان يهرب منها ولا يأتي بها علانية فلما جاء بها صفوان ابن المعطل السلمي الزكواني رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ عبد الله ابن أبي يفتل ويخيط فتنة كبرى ضد الصديقة بنت الصديق حبيبة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام البريئة الطاهرة رضي الله عنها وقال لأصحابه من المنافقين ولأنصاره من اليهود هذه زوجة محمد باتت مع رجل يفجر بها ولم ينزل الوحي على رسول الله وقتها وبدأ يذيع ويشيع عبد الله هذا الخبر ولا تدري به عائشة وعلم النبي بذلك عليه الصلاة والسلام وبدأ يسأل هو طبعاً ما يحكم على الأمور بنفسه إنما يحكم بما علمه الله عز وجل بما أراه الله تبارك وتعالى ولا يعلم الغيب لا يعلم الجاهليون من الصوفية والخرافية وغيرهم أنه لا يعلم الغيب إلا الله لا يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا أحد في السماوات إلا بعلم من الله عز وجل عالم الغيب فلا يقدر على غيبه أحداً إلا من انتظم الرسول فإنه يسلكها من بين يديه ومن خلفها رصداً يعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصوا كل شيء عددا وسأل رسول الله بعض الصحابة وبدأ بنسائه وصان تقول عائشة وصان الله عز وجل نساء النبي أن يقعن فيه فكل ما سأل النبي امرأة قالت :
والله لا أعلم عنها إلا خيراً ولا أعرف فيها إلا الخير زينب بنت جحش يقول وكانت تساميني بين رسول الله أثنت علي ثناءً وكل نساء النبي الذين كانوا في ذاك التاريخ كلهم أثنوا عليها وسأل علي قال إنك يعني لا تشغلك هذه النساء كثير واسأل الجارية بريرة تصدق فسأل النبي بريرة مولاة عائشة رضي الله عنها ما تقولين في عائشة قالت يا رسول الله إني أعلم أنها جارية حديثة السن تنام عن العجين فتأتي الداجن فتأكله والله لا أعلم عنها إلا خيراً واثنت عليها خيراً كثير وسكت النبي صلى الله عليه وسلم ينتظر ما يوحي الله عز وجل له به وبعد مدة عائشة لا تدري ولا تعلم حتى خرجت ذات ليلة إلى المناصع عند البقيع لتقضي حاجتها كما تقول لم تكن الكنف قريباً من ديارنا هي رجعت إلى البيت عند بيت النبي ولم يحدثها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أحد من نساءه بهذا الخبر كلهم كفوا عنها لكن قدر لها أن يصيبها مرض وتقول وكنت أعجب أن رسول الله صار يعاملني معاملة ما كان يعاملني بها إذا مرضت قبل ذلك كان يقف على الباب ويقول كيف تيكم يعني كيف حال البنت ويرجع وأنا استنكر ذلك لكن ما أسأل ما أعرف حتى خرجت ذات ليلة إلى المصاع لقضاء حاجتي قبل أن تتخذ الكنف قريباً من دارنا كنا على عادة العرب الأول نستنكر أن يكون في البيت مرحاض أو كنيف معنى كلامها وخرجت معي أم مصلح ابن أثاثة أم مصلح وهي بنت خالة أبي بكر خرجت مع عائشة رضي الله عنها إلى المناصع فلما كانت في بعض الطريق عثرت أم مصلح في ملايتها فسقطت على الأرض ولعنت مصلحاً قالت تعس مصلح فغضبت عائشة غضباً شديداً على أن تقول هذا الكلام وقالت أتسبين رجلاً شهد بدراً يعني من أهل بدر وهم أعلى أصحاب محمد درجة أعلاهم كيف تسبينه طبعاً عائشة تعلم أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما تقولون في أهل بدر قال هم خيرنا قال وكذلك نحن نقول عمن حضر بدراً من الملائكة يعني الذين حضروا بدر من الملائكة صاروا هم والشاعر يقول يا بدر أهلك جاروا وعلموك التجلي وقبحوا لك وصلي وحسنوا لك هجري فليفعلوا ما شاؤوا فإنهم مهما أرادوا فإنهم أهل بدر فأهل بدر لهم منزلة كبيرة في عين جميع أصحاب محمد ومصلح ابن أثاثة كان من أهل بدر وقد كان الناس في ذاك الوقت أربعة أقسام كان الناس في فتنة عائشة أربعة أقسام قسم وهو رجل وامرأة قسم لا يتكون إلا من رجل وامرأة المرأة أم أيوب الأنصارية والرجل أبو أيوب الأنصاري اللذين نزل النبي في بيتهما أول ما نزل المدينة دخل أبو أيوب على أم أيوب وقال يا أم أيوب ما تقولين فيما قال الناس في عائشة قالت وأنت يا أبا أيوب ما تقول فيما قال الناس في عائشة قال قولي أنت قالت له بل قل أنت فقالت له لو كنت أنا مكان عائشة أخون النبي محمداً قال لها ولو كنت أنا مكان صفاء المعطل أخون النبي محمداً طبعاً هذا كان أفضل المواقف من الرجل والمرأة وطلب الله من جميع المسلمين أن يتأسوا بأبي أيوب وأم أيوب عندما يقول ) لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ ( النور (آية:12) هكذا لأبي أيوب وأم أيوب عندما سمعت عائشة أم مصلح وهي تقول تعس مصلح قالت أتسبين رجلاً شهد بدراً قالت يعني يا هبله أو يا قليلة الفكر أنت ما تدرين ماذا قال قالت ماذا قال تقول قال مع الناس قصة الإثك كذا وكذا قالت سبحانك هذا بهتان عظيم قالت فزدت مرضاً على مرضي ورجعت إلى بيتي واستأذنت رسول الله في الخروج إلى أبي وأمي فأذن لي فدخلت إلى أمي وقلت يا أماه ما سمعت ما قال الناس قالت سمعت ما قال الناس قالت ما تقولين قالت يا ابنتي أصبري فإنه لم تكن امرأة وطيئة يعني جميلة حسنة عند زوج يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها الكلام مع أن الله عصم نساء النبي أن لا يتكلم أحد فيمن رضي الله عنهم وسألت أبا بكر ما تقول قال يا ابنتي ما أقول شيء مالي كلام ودخل رسول الله على عائشة عند أبيها وأمها وقال يا عائشة إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه وإن كنت بريئة فسيبرئك الله وكانت تقول أنا ما كنت حفظت القرآن الكثير منه ما كنت جارية حديثة السن لأحفظ كثير منه معناه كانت فقيهة رضي الله عنها وحافظة لما حفظت من القرآن قالت التفت إليه لأمي أجيبي عني رسول الله قالت والله ما أستطيع أن أجيب رسول الله قالت قلت لأبي قال ما عندي ما أجيب به رسول الله قالت أنا والله لو قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني بريئة ما صدقتموني ولو قلت أني كذا والله يعلم أني لست كذلك لصدقتموني والله ما لي ولكم مثل إلا أبا يعقوب إذ قال فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ثم التفت إلى الجدار وبدأت أبكي حتى تكاد تقطع كبدي من البكاء ومعي جاريتي نصار والنبي قاعد فأنزل الله عز وجل الوحي ببراءتي هذا دليل ساطع قاطع على براءة الصديقة بنت الصديق حبيبة الله ورسوله وربنا يقول ) لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ( النور (آية:11) وإلى حلقة قادمة إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته