منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة   مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Emptyالثلاثاء 16 فبراير 2016, 10:47 pm

مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Untitl10
مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة
إعداد: علي بن يحيى المــــــــرزوقي
غفر الله لنا وله وللمسلمـــــــــــــــــين
مصدر هذه المادة: الكتيبات الإسلامية
دار الصميــــــــــــــــــــــــــــــــعي
----------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
تـقـــــــــــــديــــــــــــم
الحمد لله الغفور الرحيم وهو بكل خلق عليم، أحمده وأشكره وأسأله حبه وحب من يحبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخليله وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

وبعد، فهذه نبذة مفيدة كتبها بعض الشباب من أهل العلم والإدراك جمع فيها فصولاً نافعة في محبة العبد لربه وأسباب ذلك وآثاره وترتب محبة الله تعالى لأوليائه وعباده المتقين، وآثار هذه المحبة من التوفيق والإلهام والحفظ والحماية، وهكذا محبة المؤمن لأنبياء الله ورسله لاسيما خاتمهم وأفضلهم وهو محمد صلى الله عليه وسلم وسبب ذلك وعلامات هذه المحبة والاقتصاد فيها والرد على أهل الغلو والإطراء، وكذا محبة الصحابة ومحبة المؤمن لكل أهل الإسلام وما يترتب على هذه المحبة، وقد أوعز في أثناء ذلك إلى علامات هذه المحبة وفوائدها حيث إن الكثير في هذا الزمان إنما يحبون الإنسان لأمر عاجل مؤقت كما قال ابن عباس رضي الله عنهما في زمنه " قد كانت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئًا"، فجزى الله الكاتب على جهده وما بذله خير الجزاء ونفعهم الله بهذه الرسالة وما بعدها وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
28/ 12/ 1412ﻫ
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
----------------------------
الحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــب
توطئـــــــــــــــــــــــــــــــــــة:
الحب أعظم عامل في الحياة وأعظم قوة في قلب الإنسان تسوقه إلى أعمال رفيعة، وتقوده إلى حيث لم يكن راغبًا، فهو ملك يتصدر عرش العواطف والأحاسيس، وينطلق من حالات خاصة في الروح يبذل في سبيلها كل غالٍ ورخيص.

ولا يتصور وجود مخلوق أوجده الله تعالى وهو يعيش دون الحب حتى الحيوان والجماد:
من عاش في الدنيا بغير حبيب
فحياته فيها حياة غريب


وقال آخر:
ولا خير في الدنيا إذا أنت لم تزر
خليلاً ولم ينظر إليك حبيب


ويقول آخر:
أفٍ للدنيا متى ما لم يكن
صاحب الدنيا محب بلا حبيب

والحب:
إيمان وإيثار وتضحية، بل هو عقيدة ونور يبيد الظلام وهو عبادة ورغبة وصبر وطهارة وسرور عن عقل وتبصُّر وقوة إرادة يقرب الفضيلة والتعفف والحشمة والألفة.

وصلاح العبد أن يصرف قوى حبه كلها لله وحده بحيث يحب الله بكل قلبه وروحه وجوارحه فيوحّد محبوبه ويوحّد حبه.

وتوحيد المحبوب أن يبقى في قلبه بقية حب حتى يبذلها، فهذا الحب غاية صلاح العبد ونعيمه وقرة عينيه.

وليس لقلبه صلاح ولا نعيم إلا بأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن تكون محبته لغير الله تابعة لمحبة الله، فلا يحب إلا الله.

ومتى انصرفت قوة الحب إلى جهة أخرى لم يبق فيها متسع لغيرها، ومن أمثال الناس: " ليس في القلب حُبَّان، ولا في السماء ربَّان ".

ومتى انقسمت قوى الحب بين عدة أطراف ضعفت لا محالة.

وكل عاقل يعلم أن اللذة بحصول المحبوب، بحسب قوته ومحبته، فكلما كانت المحبة أقوى كانت لذة المحبة أكمل، فلذة من اشتد ظمئه بإدراك الماء الزلال ومن اشتد جوعه بأكل الطعام الشهيّ أكمل.

الحب:
معناه، أسماؤه، وأشكاله


* معناه:
قيل هو اسم لصفاء المودة؛ لأن العرب تقول، صفاء وبياض الأسنان ونضارتها حبَبَ الأسنان.

وقيل الحبّان:
ما يعلو الماء عند المطر الشديد وعليه غليان القلب وثورانه عند العطش والاهتياج إلى لقاء المحبوب، وقيل هو من القرط للزومه الأذن، وقيل غير ذلك.

* أسماؤه:
ذكــر ابن القيم رحمه الله أسماء المحبة وأوصلها إلى الستين اسمًا وزيادة، كما تعرض إلى اشتقاق هذه الأسماء ومعانيها.

ونسبة هذه الأسماء بعضها إلى بعض، وأطال الحديث فيها، ورغم هذا إلا أنه لم ير واحدًا من هذه الأسماء، لأنه يرى أن المحبة: لا تحتاج إلى تعريف، إنما التعريف يكون حال الإشكال والاستعجام على الفهم، يقول رحمه الله في سياق رده على أبي العباس بن العريف الذي يقول عن المحبة: "... وهي على الإجمال قبل أن تنتهي إلى التفصيل وجود تعظيم في القلب يمنع الانقياد لغير محبوبه".

يقول ابن القيم:
وقد قيل في المحبة حدود أكثر من هذا وكل هذا تعنُّت، ولا توصف المحبة ولا تُحد بحدٍّ أوضح من المحبة ولا أقرب إلى الفهم من لفظها.

ثم يوضح أن التعظيم للمحبوب ما هو إلا أثر من آثار المحبة لا أنه نفس المحبة، فإن المحبة إذا كانت صادقة أوجبت للمحب تعظيمًا لمحبوبه تمنعه من انقياده إلى غيره.

فالمحبة إذن أكبر من أن يحدها لفظ فليست هي اسمًا كمسماها ولا لفظها بيّن لمعناها.

وهذا الاختلاف الشديد في بيان معنى المحبة راجع لأنها من الأمور الوجدانية والتي لا تُرى بالأبصار، فيشترك الواضعون لها في الصفة وتتفاوت بينهم درجاتها ولا تنحصر، فكل من أدرك بعض علاماتها عبّر بحسب ما أدركه.

* أشكاله:
الحب بين الناس في أشكاله وأنواعه دائر بين نفوس ثلاثة:
1) نفس سماوية علوية مشغولة بما يقربها إلى الرفيق الأعلى وذلك قوتها وغذاؤها.
فتسمو روح الإنسان فيه وتتغلب على حواس الجسد المعروفة وتقوى عليه، وتتكشف بها الروح وتتذوق بها أشياء غير محسوسة وغير معروفة لدى الآخرين، ولا يتمادى بصاحبه في إفراط وتجاوز في إطلاق التصور حتى يخرج من طيف الحبيب عن الصورة الحقيقية، وتسكب عليه اختراعات الهوس والوجد والتمايل، ولذا تصير إلى معنى "الاتحاد"، وادعاء المعرفة فيها تصل إلى الضلال البعيد.

2) ونفس سبعية غضبية منصرفة إلى البغي والعدوان والتكبر، فلذاتها وغذاؤها في ذلك.


3) ونفس حيوانية شهوانية مستغرقة في الشهوات ومنصرفة إلى الأكل والشرب والوصول إلى المرأة والتمتع بقربها وأغراضها>
هذا هو الحب المُبتذل السَّقيم -حب الزِّنا- حب الفارغين الباطلين والذي سرعان ما تنطفئ جذوته وتخمد ناره المتأججة بقضاء الوطر وبلوغ اللذة، فيذهب نور الوجه ويقذف بصاحبه إلى حضيض البؤس والرذيلة والإجرام إلى أن يجني من وراء ذلك ثمار الآلام والخسران والحسرات ويورث الأسف والتلف، لذة منعت لذة خيرًا منها وأجَلّ، وفوتت أعظم اللذات والسرائر.

كذلك الحب لا إتيان معصية
لا خير في لذة من بعدها سَقَرُ

ومن هذا أيضًا الحب العذري الذي ينتهي بإصابة إحداهما بعاهات جسدية ونفسية تنتهي بالهلاك.

وكم ناحل بين تلك الخيام
تحسبه من أطنابها

ومن الحب الهيامي والتفاخري (حب الظهور)، وحب الوطن والنفس والهوى، والشعر والتمثيل والرقص والموسيقى والجنون، وحب المال والجاه والريّاسة والمدح والثناء والشكر، وقد تصل هذه المرتبة إلى التي سبقتها، وسيأتي بمشيئة الله بيان كل نوع في ذلك وموقف أهل السنة من هذا كله.

عملي في الكتاب:
كتابي هذا يتكون من جزأين، ويدور حول بيان أقسام الحب الثلاثة المذكورة أعلاه، ولسوف أقتصر في هذا الجزء على النوع الأول وهو: "الحب الإلهي".

وسأترك القسمين الباقيين للجزء الثاني بمشيئة الله تعالى والذي يدور حول حقيقة الحب عند الصوفية وحب النفس والحب الساقط.

ولقد قسمت هذا البحث كالآتي:
1- توطئه الحب.

2- الحب: معناه، أسماؤه، أشكاله.
3- محبة الله لعبده.
4- محبة العبد لربه.
5- محبة الرسول صلى الله عليه وسلم.
6- محبة المؤمنين.
7- المصادر والمراجع.
8- الفهرس.

-----------
محبة الله لعبده:
- أهل السُنّة يثبتون محبة الله تعالى ورضاه لعبده، وأنه -سبحانه- يستحق أن يُعبد لذاته ويُحبُّ لذاته، ويحمد نفسه ويُثني على نفسه ويُمجّد نفسه ويفرح بتوبة التائبين، ويُحِب أن يُحَبْ ويرضى عن عباده المؤمنين.

فمحبة الله تعالى لعبده صفة زائدة على رحمته وإحسانه وعطائه، وذلك من أثر المحبة وموجبها فأنه سبحانه لمّا أحبّهم كان نصيبهم من رحمته وإحسانه وبرّه أتمّ نصيب، وقد ورد في القرآن الكريم لفظ "الحب" أكثر من ثمانين موضعًا بين إثبات ونفي.

فقد وصف الله تعالى نفسه بأنه يُحب عباده المؤمنين، وبأنه الودود، قال البخاري: "والود خالص الحب".

ومما ورد في القرآن قولــه تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"، وقال: "يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ"، وقال: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ" (الصف: 4).

فبذل النفس لا يكون إلا عند خلوص النفس في محبة الله.

وقال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ" (البقرة: 222)، وقــال: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" [البقرة: 195].

وهنالك أناس قد نفى الله عنهم المحبة وتجــردوا من هذه الأنعام العظيمة قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (القصص: 77)، وقــــال: "واللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ" (الأنفال: 8).

ومن السُّنة وردت عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم – بثبوت محبة الله لعباده المؤمنين أذكر منها: قوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة: «إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل في السماء إن الله يُحب فلانًا فأحبوه فيُحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض»، قال هرم بن حبان: ما أقبل عبد على الله بقلبه إلا أقبل الله عز وجل بقلوب المؤمنين إليه يرزقه مودتهم ورحمتهم.

وفي حديث عائشة: "الرجل الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم في سريّة فكان يقرأ في صلاته (قل هو الله أحد)، ولما قيل للنبي ذلك قال سلوه لأي شيء يفعل ذلك، فقال الرجل: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي: "أخبره أن الله يحبه".

ومجمل محبة الله لعبده متعلقة بأداء الفرائض وبالتقرب إليه بالنوافل بعدها – روى البخاري حديث أنس قوله لأصحابه في الحديث القدسي قال الله تعالى: «مَنْ أهان لي وليًا فقد بارزني، وما تقرَّب إليَّ عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، فبيَ يسمع وبيَ يبصر وبيَ يمشي، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولابد له منه».

والأمر بالفرائض جازم، ويقع بتركها المعاقبة بخلاف النفل في الأمرين وإن اشترك مع الفرائض في تحصيل الثواب، فكانت الفرائض أكمل فلهذا كانت أحب إلى الله تعالى وأشد تقربًا.

والغرض كالأصل والأُس، والنفل كالفرع والبناء، في إتيان الفرائض على الوجه المأمور به امتثال الأمر، واحترام الأمر، وتعظيمه تعالى والانقياد له، وإظهار عظمة الربوبية وتلك هي العبودية، فكان التقرب بذلك أعظم العمل، ومؤدي النفل لا يفعله إلا إيثارًا للخدمة فيجازى بالمحبة التي هي غاية من يتقرب بخدمته.

وهو سبحانه قد قضي بالموت فهو يريد أن يموت فسمى ذلك ترددًا ثم بيّن أنه لا بد من وقوع ذلك.. وذلك خير له.

وحب الله لعبده لا يقدر على قيمته وإدراكه إلا من عرف الله وعرف عظمته وقدرته وعرف ربه في تفرده وفي ملكوته، وإن هذا لفضل عظيم إن الله يخلق عبدًا من تراب ثم يحبه وبأمر بحبه.

وخالص المحبة هي الخُلّة:
وهي كمال المحبة المستغرقة للمحب:
قد تخللت الروح مني
وبذا سُمي الخليل خليلاً


وقد اتخذ الله لنفسه خليلين من أهل الأرض: إبراهيم ومحمد -عليهما الصلاة والسلام- قال تعالى: "وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً" (النساء: 125).

وفي الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم- «لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الله».

مع أنه -صلى الله عليه وسلم- أحب شخصًا، فكان زيد حبِّ رسول الله وكذلك ابنه أسامة، فوصف نفسه -صلى الله عليه وسلم- بمحبة أشخاص، فعلم من ذلك أنه أخص من مطلق المحبة بحيث هي من كمالها وتخللها في المحبة حتى يكون المحبوب بها محبوبًا لذاته لا لشيء آخر يؤدي إلى تأخر المحبة عن ذلك الغير، فمن كمالها أنها لا تقبل الشركة والمزاحمة، ففيها كمال التوحيد وكمال الحب، وقد وجد ذلك في نبينا -صلى الله عليه وسلم-.
يتبع إن شاء الله...


مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة   مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Emptyالثلاثاء 16 فبراير 2016, 11:14 pm

مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة 14eaxax
مـحـبـة الـعـبـد لـربـه:
محبة العبد لربه من أعظم واجبات الإيمان عند أهل السُنّة وأكبر أصولها وأجل قواعدها، بل هي أصل كل عمل من أعمال الإيمان ولوازمه، والله سبحانه وتعالى يُحِب أن يُحَب ويرضى ما هو الغاية المقصودة في رضاه ويحب الوسيلة تبعًا لذلك.

وقد نطق الكتاب والسنة بذكر محبة العبد لربه كما في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ" (البقـرة: 165)، أشد حبًا من حب الأتباع لمتبوعيهم.

وقال: "وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ".

وقد جعل النبي –صلى الله عليه وسلم– تقديم محبة الله ورسوله على غيرهما من خصال الإيمان ومن علامات وجود حلاوة الإيمان: « ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه فقد وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مِمَّا سواهما...» الحديث متفق عليه، ولا شك أن هذا أعظم الحب، فإن وجود حلاوة الإيمان بحب الله عمَّنْ سواه، ووجود محبة الرسول من محبة الله، وهذا يقتضي كمال الذُّل والخضوع، وهو أصل دعوة الرُّسل: فإفراد الله "بالإلهية" المتضمنة لمحبة الله وحده من كل وجه وليس شيء يُحب لذاته من كل وجه إلا الله تعالى، وكذلك لا تصلح "الإلهية" إلا له، ذلك لأن "التأليه": المحبة والطاعة والخضوع، والإله هو الذي يألهه العباد حبًا وذلاً ورجاءً وتعظيمًا وطاعة، وأصل "التأله": التعبد، والتعبد آخر مراتب الحب.

فإن أول مراتب الحب:
العلاقة ثم الصبابة ثم الغرام ثم العشق، ثم الشوق ثم التيم وهو التعبد.

ومحبة العباد على نوعين:
1) محبة محمودة:
وهي محبة الله، وهي أصل السعادة ورأسها، ولا تكتفي هذه وحدها للنجاة من عذاب الله والفوز بثوابه؛ فإن المشركين واليهود وعبَّاد الصليب وغيرهم يحبون الله.

فلابد إذن من:
أ- محبة ما يحبه الله:
وهذه هي التي تُدخل الإسلام وتخرج من الكفر، وأحب الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها.

ب- الحب لله وفيه:
وهي من لوازم ما يحبه الله.

2- محبة مذمومة:
وهي المحبة مع الله، هذه محبة الكافرين الذين اتخذوا أوليائهم أندادًا من دون الله، فهذه من أعظم أنواع المحبة المذمومة.

والمحبة أصل كل عمل ديني، وكل عمل ديني متضمن للمحبة مع الذلّ، والعبادات وسائل تقرب إلى المحبوب، فمحبة العبادات والطاعات علامة لمحبة الله، وإلا فمن لا يحب الله لا يحب طاعته وعبادته، فالذي يعمل بِعِوَض –مثلاً– لينال منه خيرًا أو لدفع عقوبة عنه فإنه يكون معاوضًا له أو مفتديًا منه لا يكون محبًا له، فمحبة الله لا تعلق لها بمجرد العوض، فقد يستأجر الرجل من لا يحبه بحال، فعلم أن ما وصف الله به عباده المؤمنين من أنهم يحبونه يمتنع أن يكون معناه مجرد محبة العمل الذي يناله به بعض الأغراض المخلوقة من غير أن يكون ربهم محبوبًا أصلاً.

فالخوف والرجاء والإنابة والتوكل والخشوع والخضوع وغير ذلك من العبادات مستلزمة للمحبة – فإن الراجي الطامع إنما يطمع فيما يحبه لا فيما يبغضه، والخائف يفر من الخوف لينال محبوبه، ولهذا كانت الجنة دار المحبين، وهي اسم جامع لكل خير، ومن ذلك الخير التمتع بالنظر إلى وجه الرب المحبوب.

وهنا يتبيّن زوال الاشتباه في قول مَنْ قال:
"ما عبدتك شوقًا إلى جنتك ولا خوفًا من نارك، وإنما عبدتك شوقًا إلى رؤيتك".

فإن هذا القائل ظنَّ هو ومَنْ تبعه أن الجنة لا يدخل في مُسماها إلا الأكل والشرب واللباس والنكاح والسَّماع ونحو ذلك مما فيه التمتع بالمخلوقات، فعلم أن الجنة هي: الدار الجامعة لكل نعيم وأعلى ما فيه: النظر إلى وجه الله تعالى وهو من النعيم الذي ينالونه في الجنة.

فاستوجب هنا حب الله بفعل أوامره واجتناب ما نهى عنه وزجر وتحمل المشاق وإيثار ذلك على أغراض الدنيا ولهذا قيل: مَنْ عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومَنْ عبد الله بالخوف وحده فهو حروري، ومَنْ عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومَنْ عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن.

ولا شك أن ذكر الله من أعظم الوسائل التي تثمر عنها المحبة والمحبة إذا لم تكن مقترنة بالخوف فإنها لا تنفع صاحبها، بل قد تضره، لأنها توجب الإذلال والانبساط، وربما زلت بكثير من الجهال إلى أنهم يستغنون بها عن الواجبات باعتقادهم أن القصد من العبادات إنما هو عبادة القلب وإقباله على الله ومحبته له وتألهه له، فإذا حصل المقصود فالاشتغال بالوسيلة باطل!
* * *
الـجـهـــــاد:
الحب يتطلب الجهاد وبذل النفس والنفيس من أجل المحبوب ولأن المحب يحب ما يحبه محبوبه ويبغض ما يبغض محبوبه فهو موافق له في محبوبه ومكروهه وولايته وعداوته.

ومن المعلوم أن مَنْ أحب الله الحب التام والحب الواجب فلابد له من بغض أعدائه وأهل معصيته يبغضهم بقدر معصيتهم، فصاحب الكبيرة مبغوض أكثر ممن أتى بالصغائر وهكذا.. نحب الشخص بقدر ما فيه حبًا لله ولرسوله ونبغضه بقدر ما يكون بعيدًا عن الله ورسوله.

ومَنْ أحب الله لا يجوز له موالاة ومحبة مَنْ حآد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب، فإن حب الله يفسده مودة الكافرين.

وإذا علم تحريم موالاة أعداء الله تعالى وموادتهم، فليعلم أيضًا أن الأسباب الجالبة لمودتهم كثيرة منها: مصافحتهم وزيارتهم وتولي أعمالهم والتزيي بزيهم والفرح بأعيادهم والتأدب بآدابهم وتعظيمهم بالقول والفعل:
أتحب أعداء الحبيب وتدَّعي
حبًا له ما ذاك في إمكان
شرط المحبة أن توافق من تحب
على محبته بلا عصيان
فإذا ادَّعيت له المحبة مع
خلافك مما يحب لأنت ذو بهتان

وحاصل ما تقدم أن مَنْ أحب قومًا حُشر معهم.
وجاء رجل لرسول الله –صلى الله عليه وسلم– وهو يخطب على المنبر فقال له متى الساعة؟ فقال له النبي: «ما أعددت لها؟» قال الرجل: والله يا رسول الله ما أعددت لها كثير صوم ولا صلاة، لكني أحب الله ورسوله، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أنت مع مَنْ أحببت».

لـمـاذا نـحـب اللـه؟
أفضل نعمة يرجع بها العبد لربه نعمة الخلق والإيجاد ثم الهداية، وأسرع دواعي المحبة ورودًا على الذهن هي تلك النعم التي يخوض العبد فيها خوضًا، وهي على كثرتها وسعتها محصورة به سبحانه: "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا" (النحل: 18)، "وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ" (النحل: 53).

وهذه المحبة أيضًا متولدة من الإدراك الكامل لقدرة الله وجماله وجلاله ولطفه وإحسانه وجمال خلقه وإبداعه في عزة وإتقان "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ" (سورة النمل).

إن شئت في فلك أو شئت في ملك
أو شئت في مدر أو شئت في حجر
فالكل ينطق أن الله خالقه
وهو المليك ورب النفع والضرر

وقال آخر:
يقولون أين الله أين عجائبه
وذا الكون سِفر واضح وهو كاتبه
فأي امرئٍ في الجوِّ يرسل طرفه
إذا ما بدت أقماره وكواكبه
عجائب ربي في الأنام كثيرة
ولكن جهل المرء لا شك غالبه

فاغتباط القلب واطمئنانه إلى محبوبة المنعم المفيض من خلال آياته في الكون لأعظم برهان وأكبر دليل على حب الله، فيصبح القلب بذلك مشغولاً به ذاكرًا له، يجد لذة الارتياح في طاعته وعدم مخالفته ولا ضائق به صدره إذا ناله شيء في سبيله صابرًا محتسبًا غير متبرِّم به.

* وتتلخص محبة العبد لربه والأسباب الجالبة لها بالآتي:
1) معرفة نعم الله عليه وعظيم كرمه ومنّه ومطالعة ذلك: "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا..."  (النحل: 18).

2) معرفة الله وحب سماع أسمائه وأوصافه – والإيمان بعلو الله المطلع على كل شيء ليكون في القلب إمامًا يقصده ويتقرب إليه ويتوجه إليه فمن عرف الله أحبه ومن أحبه أطاعه، فطاعة المحبوب عنوان محبته.

تعصى الإله وأنت تزعم حبه
هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقًا لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع

3) محبة الأذكار والاشتغال بها على كل حال:
فإن المحب لا يشبع من ذكر محبوبه، وكذلك محبة القرآن الجالبة لحبه وتدبره وتفهم معانيه، بحيث يُغني سماعه عن سماع غيره.. وعلى مدى محبة الله تكون محبة كلامه، فمن أحب محبوبًا أحب حديثه والحديث عنه كما قيل:
إن كنت تزعم حبي
فلم هجرت كتابي
أما تأملت ما فيه
من لذيذ خطابي

4) اتباع الرسول –صلى الله عليه وسلم– فيما أمر وفيما نهى وتقديم محابه على محاب النفس عند غلبات الهوى.

5) الجهاد في سبيل الله تعالى.

6) التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض.

7) محبة الناس له دليل على محبة الله تعالى له ووضع محبته في قلوب الناس.

الشعور بالحاجة إلى هداية الله له والفقر إليه في كل لحظة.

9) انكســار القلـب بالكلية بين يدي الله تعالى والإذلال له، وهذا من أعظمها..

تذلَّل لِمَنْ تهوى لتكسب عزّه
فكم عزةٍ قد نالها المرء بالذُّل

10) محبة الخلوة وقت النزول الإلهي لمناجاته ولتلاوة كلامه.
يقول تقي الدين بن شقير: خرج شيخ الإسلام بن تيمية يومًا فخرجت خلفه، فلما انتهى إلى الصحراء وانفرد عن الناس بحيث لا يراه أحد سمعته يتمثل بقول الشاعر:
وأخرج من بين البيوت لعلَّني
أحدث عنك القلب بالسِّرُّ خاليًا
وكل حبيب ذاكر لحبيبه
يرجى لقاه كل يوم ويطمع

11) الغيرة على محارم الله وأقوى الناس حبًا أعظمهم غيرة، وأقلها أن يغار على نفسه وهواه وشيطانه.
يتبع إن شاء الله...


مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة   مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Emptyالثلاثاء 16 فبراير 2016, 11:48 pm

مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة 0204120202372p5iazmbbvhpi2i2im1ijf9qr
مـحـبــــة الـنـبـي:
واجبنا نحو نبينا صلى الله عليه وسلم:
* محبته:
محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- دين يدين به كل مسلم بل هو أمر واجب لا خيار فيه فهو حبيبنا وحُبه يفوق حب النفس والأهل والمال.

وهذه المحبة تدور على أمور:
1) النفع والإحسان والحرص من قبل المحبوب على المحب:
ولا يختلف اثنان على أن نبينا -صلى الله عليه وسلم- نفعنا وأحسن إلينا وحرص علينا أكثر من حرصنا على أنفسنا، وليس أحد أحرص علينا بعد الله من محبة نبينا وشفقته لنا، وقد وصفه الله بذلك في كتابه في قوله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" (الأنبياء: 107).

هذه الرحمة حقيقية نال منها الخلق نصيبًا وتفاوتوا فيها حتى الكافر نال منها فأمن من عذاب الاستئصال الذي حصل للأمم السابقة، بل حتى البهائم نالت من رحمته –صلى الله عليه وسلم– فأمرنا بعدم إتعابها وإيذائها وحسن معاملتها – أخرج مسلم من حديث أبي هريرة أنه قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم– ادعُ على المشركين، فقال: «إني لم أبعث لعَّانًا إنما بعثت رحمة» م8/ 24.

وفي المستدرك بسند على شرط الشيخين (1 /35) أن النبي –صلى الله عليه وسلم– قال: «إنما أنا رحمة مُهداة» صحيح مرسل كما في السلسلة (1/ 259) للألباني.

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثلي كمَثل رجل استوقد نارًا، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن، ويغلبنه فيقتحمن فيها، قال: فذالكم مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلم عن النار، هلم عن النار، فتغلبوني تقحَّمون فيها» م رقم (2285).

وعن عبد الله بن عمرو قال: تلا رسول الله –صلى الله عليه وسلم– قول الله تعالى: "رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (ابراهيم: 36).

وقوله سبحانه على لسان عيسى عليه السلام: "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (المائدة: 118).

فرفع يديه وقال: «اللهم أمتي أمتي» وبكى، فقال الله عز وجل" «يا جبريل اذهب إلى محمد فسله ما يبكيه، وربك أعلم؟ فأتاه جبريل فسأله؟ فأخبره بما قال –وهو أعلم– فقال الله: «يا جبريل، اذهب إلى محمد فقل له: إنا سنرضيك في أمتك ولانسوؤك» م، الجامع 8/ 546 وصححه ابن حبان (2513).

قال الشورى:
وإرسال جبريل إظهار شرف النبي –صلى الله عليه وسلم-.

قال الباقري:
أرجى آية في القرآن: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى" (الضحى: 5)، ومن مقتضيات حديث مسلم أن لا يُعذب اللهُ أحدًا من أتباعه، ومَنْ زلَّ فباب التوبة وارد، وقد اختار النبي –صلى الله عليه وسلم– الشفاعة مقابل دخول نصف أمته دون حساب.

روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي –صلى الله عليه وسلم– قال: «لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة...».

2) الذي من أجله يُحَب الإنسان:
إذا كان منبع الكمالات الفضائل والمحاسن:
فلا خلق الله ولا صور ولا برأ من نفس أشرف منه –صلى الله عليه وسلم– فإنه أعظم المخلوقات حسانًا:-
لو لم تكن فيه آيات مبينة    كانت بديهته تنبيك بالخبر

فوجد فيه –صلى الله عليه وسلم– سبباً للمحبة والكمال والإحسان فمحبته تفوق حب النفس والمال والولد، قال -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين».

وأخرج البخاري من حديث عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي –صلى الله عليه وسلم– وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب –رضي الله عنه– فقال له عمر: «يا رسول الله، لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي» فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك» فقال عمر: فإنه الآن، والله لأنت أحب إليَّ من نفسي" فقال رسول الله –صلـى الله عليه وسلم-: «الآن يا عمر».

قال الله تعالى: "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ"، وقوله –صلى الله عليه وسلم– في حديث أبي هريرة في قصة الصلاة على من عليه دين: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم» م (3/ 11)، والنسائي (1/ 234).

3) ترجمة محبته –صلى الله عليه وسلم– يكون بأمرين:
أ – اتباع شرعه والالتزام بهديه والمحافظة على سنته واتباعه في جميع أمره.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنه– أن النبي –صلى الله عليه وسلم– قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به».

وعن ابن عباس قوله –صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ تمسَّك بسُنتي عند فساد أمتي له أجر شهيد».

بيد أن محبته –صلى الله عليه وسلم– يجب أن تقاس بمقياس الشرع ومعيار الكتاب والسُنّة، فشتان بين المحبة الحقيقية والمحبة المدعاة المزيفة وفصل ما بينهما تحقيق المتابعة للمحبوب: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ" (آل عمران: 31)، فالمحبة لا تقوم على الألفاظ والمظاهر والشكليات والذكريات والمناسبات في ليالٍ معلومات دون اتباع مدى الحياة إلى الممات.

أنظر لنفسك أيها المحب من أي الفريقين أنت:
يقول ابن القيم في ذلك:
أتحب أعداء الحبيب وتدعي    حبًا له ما ذاك في إمكان
وكذا تهادي جاهدًا أحبابه    أين المحبة يا أخا الشيطان
شرط المحبة أن توافق من تحب    على محبته بلا عصيان
فإذا أدعيت له المحبة مع    خلافك مايحب فأنت ذو بهتان


ولما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على حق دعواهم، فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حُرقة الشجيّ، فلا قبول للدعوة إلا بالبينة: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ..." وقال طائفة من السلف: نزلت هذه الآية بعد أن ادعى قوم أنهم يحبون الله، فبيَّن سبحانه أن محبته توجب اتباع الرسول.

ذلك: أنه ليس بعد الله سبحانه أحد أمن علينا من رسولنا –صلى الله عليه وسلم– ومحبته في الحقيقة من محبة الله، فَمَنْ أحب الله فلابد له من محبة الرسول ذلك أن محبة الله لم تُعرف إلا من طريقه: "قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" (التوبة: 24).

ويقول النبي –صلى الله عليه وسلم-:
«أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة، وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي».

قال القاضي عياض: المحبة ثلاثة أقسام: -
1) محبة إجلال وإعظام كمحبة الوالد.
2) محبة شفقة ورحمة كمحبة الولد.
3) ومحبة مشاكله واستحسان كمحبة سائر الناس.
فجمع النبي –صلى الله عليه وسلم– أصناف المحبة في محبته.

ب) كثرة الصلاة عليه:
من المعلوم أن مَنْ أحب شيئًا لهج بذكره:
يقول الشاعر:
فإن نطقت فلم ألفظ بغيركم    وإن سكت فأنتم عند إضماري

قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" (الأحزاب: 56).

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صلّى عليَّ صلاةً صلّى اللهُ عليهِ بهَا عشرًا».

وعند أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي –صلى الله عليه وسلم– قال: «مَنْ صلّى عليَّ صلاةً واحدةً صلى الله عليه وملائكته سبعين صلاة»، والحديث حسن ولا تعارض بين الروايتين، ففي المسند وصحيح ابن حبان عن أبي طلحة أن النبي –صلى الله عليه وسلم– أصبح يومًا طيب النفس يرى في وجهه البشر، فقال أبو طلحة: يا رسول الله، أصبحت اليوم طيب النفس يُرى في وجهك البشر؟ قال: «أجل، أتاني جبريل فأخبرني أنه من صلِّى عليّ صلاة واحدة، كتب الله له عشر درجات ومسح عنه عشر سيئات، وصلى عليه مثلها».

والصلاة تبلغه وتصله ويرد عليها، أما يوم الجمعة فتزيد الصلاة ويحصل زيادة تعريف.

ودلت الأحاديث عنه –صلى الله عليه وسلم– أنه مَنْ اشتغل بكثرة الصلاة والسلام عليه، كفاه الله ما أهمه وأغمه من أمر الدارين وحصل له السعادة فيهما.

ففي المسند والمستدرك والترمذي بسند صحيح، عن أُبيّ بن كعب قال: كان النبي –صلى الله عليه وسلم– إذا ذهب ثلثا الليل قام ونادى بأعلى صوته: «يا أيها الناس، اذكروا الله؛ جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه» –يكررها مرتين– فقال أُبَيّ يا رسول الله: إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت»، فقال أُبَيّ: الرُّبع، فقال النبي: «ما شئت، وإن زدت فهو خيرٌ لك»، فقال أبَيّ: أجعل لك نصف صلاتي؟، فقال النبي: «ما شئت، وإن زدت فهو خير لك»، قال: أجعل لك صلاتي كلها، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم– «إذن يكفيك الله همَّك ويغفر ذنبك».

وهذه حقيقة، فَمَنْ لازم ذكر الله تعالى وكثرة الصلاة عليه –صلى الله عليه وسلم– ذهبت عنه الغموم والهموم، وهي تزيد الانشراح وتوسع الأرزاق.

ومن شقاء الإنسان قلة الصلاة عليه، فإن أولى الناس بالشفاعة ودنو المنزلة والمجالسة منه –صلى الله عليه وسلم– الذين يكثرون عليه الصلاة، فعن ابن مسعود قال إن النبي –صلى الله عليه وسلم– قال: «أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة». رواه الترمذي وابن حبان.

قال أبو نعيم: "وفي ذلك منقبة لأهل الحديث لا تجدها لعصابة من أهل الأرض".
أهل الحديث هم أصحاب النبي    وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا

وعن عائشة –رضي الله عنها– قالت: زينوا مجالسكم بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فدعوى محبة النبي –صلى الله عليه وسلم– بحاجة إلى دليل وبرهان، لأن من تعلق بشيء رآه بنومه غالبًا، وأذكر هنا طرفة فيها عبرة للذين يدعون محبة النبي –صلى الله عليه وسلم– دون اتباع لهديه والعمل بسنته.

"في مجلس من مجالس العلم وبعد أن انتهى الشيخ من الحديث عن محبة النبي –صلى الله عليه وسلم– اعترضه أحد تلامذته بأنه يحب النبي –صلى الله عليه وسلم– حبًا جمًا لكنه لم يره في المنام، فدعاه الشيخ للمبيت عنده تلك الليلة وقدّم له عشاءً أكثرَ فيه من الملح، فطلب التلميذ ماءً ليذهب شدَّة المُلوحة، لكن الشيخ اعتذر عن وجود الماء، ونام التلميذُ تلك الليلة عند الشيخ، وفي منامه بدأت مياه الأمطار والأنهار وسيل الوديان ترد عليه في منامه من كل مكان، فلما أصبح أخبر الشيخ بالذي رآه في نومه، فقال له الشيخ: "صدق عطشك فرأيت الماء، ولو صدقت محبتك للنبي لرأيته".

جـ) الاستعداد التام لبذل الأنفس والأموال دونه صلى الله عليه وسلم:
بذل النفس دونه كمـــا كان أكثر هذه الأمة له حبًا إذ كانوا من شدة حبهم له يقونه صلى الله عليه وسلم في الحرب بنفوسهم حتى يصرعوا حوله:
ولي فؤاد إذا لجّ الغرام به    هام اشتياقًا إلى لقيا معذِّبه
يُفديك بالنفس من لو قد يكون له    أعز من نفسه شيء فداك به

ولا يتم لعبد مقام الإيمان حتى يكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحبَّ إليه من نفسه فضلاً عن أبناءه وآبائه: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين».

وكذلك حكَّم الصحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم– في أموالهم ونفوسهم، يقاتلون من بين يديه ومن خلفه، وقد مرَّ حديث عمر في حب النبي أكثر من النفس.


وقال قيس بن أصرم الأنصاري:
ثوى في قريش بضع عشرة حجةً        يذكر لو يلقى حبيبا مؤاتيَا
ويعرض في أهل المواسم نفسه    فلم يرَ من يؤوي ولم يرَ داعيَا
فلما أتانا واستقرَّ به النوى    وأصبح مسرورًا بطيبه راضيَا
بذلنا له الأموال من حِل مالنا    وأنفسنا عند الوغى والتآسيَا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم    جميعًا وإن كان الحبيب المصافيَا
ونعلم أنَّ الله لا ربَّ غيره    وأن رسول الله أصبح هاديَا


وهذا زيـد بن الدثنة يخرجه أهل مكة من الحرب كي يقتلوه فيجتمعون حوله فيقول أبو سفيان: "أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمدًا –صلى الله عليه وسلم– عندنا الآن في مكانك فنضرب عنقه وإنك في أهلك؟ قال: والله لا أحب أن محمدًا الآن في مكانه هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي".
يتبع إن شاء الله...


مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة   مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Emptyالأربعاء 17 فبراير 2016, 12:14 am

مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Images?q=tbn:ANd9GcRKFtdhoWMobnh6WbnEeOgcjG3NDbjeGTfKLwFl1f9fBhMEYxgs
لماذا نحب النبي صلى الله عليه وسلم:
إن محبتنا لنبينا –صلى الله عليه وسلم– لها كثير من الدواعي والمبررات أذكر بعضها:
أ – أوجب الله محبته وطاعته وقرنها بمحبته وطاعته قال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ..." (آل عمران: 31).

وقال تعالى: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ" (النساء: 80).

فالله سبحانه وتعالى اصطفاه واختاره على خلقه لرسالته، وجعله سيد ولد آدم وأتم خلقه وخُلقه وأدبه وأحسن تأديبه.

وأفضل الخلق على الإطلاق    نبينا، فهل عن الشقاق

وقد ثبت في الصحيح وغيره أن الله إذا أحب عبدًا وضع له المحبة والقبول في السماء والأرض فإذا كان هذا في الناس الذين هم دون النبي محمد فكيف به –صلى الله عليه وسلم–؟.

ب- لرأفتـه ورحمته بأمته وحرصه على هدايتها وإنقاذها من النار قال تعالى: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" (التوبة: 128).

وفي حديث مسلم: أنه –صلى الله عليه وسلم– بكى على أمته وتردد جبريل بينه وبين ربه، إلى أن قال له ربه: «إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك».

ج- دينه خير دين وشريعته وتعاليمه أحسن الشرائع والتعاليم، يرغب دائمًا في التسهيل على أمته والتيسير عليها، وكان –صلى الله عليه وسلم– ما يُخير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، وهو القائل: «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا».

د – عطفه وشفقته وصفحه، أنه –صلى الله عليه وسلم– ادّخر لأمته دعوته إلى يوم القيامة لتكون هي الشفاعة لهم في أشد الأزمات وأحرجها.

وكان دائمًا يدعو لأمته ويهتم بشأنهم، فما طلب أحدٌ من أن يدعو له إلا قال: «اللهم اغفر لفلان.. اللهم اغفر لآل فلان»، وما أحد طلب مرافقته في الجنة إلا أرشده إلى التشمير والاجتهاد ودعا الله له بذلك.

وكان يقول: «لا يبلغني أحد منكم عن أحد من أصحابي فأني أحب أن أخرج إليهم وأنا سليم الصدر».

وكان يسمع بكاء الصبي فيتجوَّز في صلاته، ودخل الحسن وهو  يصلِّي فركب ظهره وهو ساجد فأبطأ –صلى الله عليه وسلم– في سجوده حتى نزل، فلما سُئِلَ عن إطالته قال: «إنَّ ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله».

ولا أدل عن صفحه وعفوه وحلمه مما فعله حين نصره الله على قريش وفتح مكة، فلم تأخذه نشوة النصر ولم يستبد به الظفر، بل طأطأ رأسه على رحله.

ﻫ- حسن عشرته وكمال أدبه وبسط خلقه مع أصناف الخلق، فكان –صلى الله عليه وسلم– أوسع الناس صدرًا وألينهم عريكة وأصدقهم بهجة وأكرمهم عشرة، وكان يؤلِّف ولا ينفِّر ويكرم كريم قوم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم شر أو سوء، وكانت تأخذ الجارية بيده تذهب به حيث شاء فيقضي حاجتها، وكان دائم البشر، سهل الخلق لين الجانبـ ليس بفظٍ ولا غليظ ولا صخَّاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح، يتغافل عما يشتهي، يجيب من دعاه ويقبل الهدية ويكافئ عليها، وكان يمازح أصحابه، ويبدأ من لقيه بالسلام ويبدأ أصحابه بالمصافحة، يكرم من دخل عليه ويؤثره بالوسادة، وكان يكني أصحابه ويغير أسماءهم ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمةً لهم، ولا يقطع على أحد حديثه، وكان أكثر الناس تبسمًا وأطيبهم نفسًا وريحًا.

و- وفاؤه وحسن عهده وتمام وعده: كان –صلى الله عليه وسلم– يدعو إلى الصلة وحسن العهد، فيرسل الهدية إلى أصحاب خديجة بعد موتها وغيرها..

هذه بعض صفاته –صلى الله عليه وسلم– وأخلاقه الحميدة العطرة هذا بعض من كل، فهنالك نظافته، وفصاحة لسانه وبلاغة كلامه وشجاعته ونجدته وحياؤه وإغضاؤه وأمانته وعفته وصدق لهجته وحسن حديثه، إلى غير ذلك مما يحتاج إلى مجلد كبير.

وبالجملة فقد كان –صلى الله عليه وسلم– محلى بصفات الكمال البشرية، أدبه ربه فأحسن تأديبه، وأثنى عليه بقوله: "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ".

لذا كانت هذه الخلال محببة إلى القلوب تذهب فيها النفوس كل مذهب.

اللهم إنا نسألك حبك وحب نبيك محمد –صلى الله عليه وسلم– وحب كل عملٍ يقربنا إلى ذلك فهذا واجب علينا، ذلك لأن "محبوب المحبوب محبوب".

وقد أثبت النبي –صلى الله عليه وسلم– المحبة لأناس يأتون بعده بمئات السنين وأخبر عنهم أن أحدهم يتمنى رؤيته بكل ما يملك.

فعن أبي هريرة قال أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– قال: «من أشد أمتي لي حبًا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله» م حم.

ولا ينبغي أن يُفهم أن المؤمنين الذين يأتون بعد النبي –صلى الله عليه وسلم– أفضل من الصحابة، كلا، فقد قرر العلماء أن مَنْ صَحِبَ النبي ورآه مرةً من عمره وحصل له شرف الصحبة أفضل من كل مَنْ يأتي بعده، فإن فضيلة الصُّحبة لا يعدلها شيء ولا يماثلها عمل حتى: «لو أنفق أحدكم مثل أُحد ذهبًا ما بلغ مُدّ أحدهم ولا نصيفه» م.

قال النووي:
وسبب تفضيلهم أن نفقتهم كانت في وقت الضرورة، وضيق الحال وفي نُصرة النبي وحماية له وذلك معدوم بعده، وكذا جهادهم وسائر طاعتهم، بل لشفقتهم وبرّ قلوبهم وتوددهم وخشوعهم وطاعتهم وإيثارهم وحبهم للنبي صلى الله عليه وسلم.

* علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم في القلب:
1) فَقْدُ رؤيته يكون أشد عليه من فقد أي شيء آخر.
2) تمني حضور حياته –صلى الله عليه وسلم– كي يبذل نفسه وماله دونه.
3) امتثال أوامره وتجنب نواهيه.
4) الانتصار لسنته والذب عنها وعن شريعته
.

فإذا توفرت هذه في شخص فليحمد الله على وجود حلاوة حب للنبي في قلبه، وإذا فقدها أو بعضها فليحاسب نفسه ولا يحاول خداع نفسه والآخرين.

لكن المشاهَد والواقع أنه حتى العامي عنده حب لنبيه ويتلهف شوقًا وحنانًا لفدائه بعزةٍ واندفاع بماله وولده، لكن هذه المحبة الكاملة المغمورة بسلطان الهوى والطبع وغواية الشيطان ومشاغل الدنيا.

قال القرطبي ما خلاصته:
"إن كل مؤمن إيمانًا صحيحًا لا يخلو من وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة، حتى أن كثيرًا من المستغرقين في الشهوات إذا ذكر النبي اشتاق لرؤيته بحيث يؤثرها على أهله وماله، لما وقر في قلوبهم من محبته، غير أن ذلك سريع الزوال لتوالي الغفلات".

قال سهل بن عبد الله:
"علامة حب الله، حب القرآن، وعلامة حب القرآن، حب النبي، وعلامة حب النبي، حب السُّنة، وعلامة حب الله وحب القرآن وحب النبي وحب السُّنة، حب الآخرة، وعلامة حب الآخرة، أن يحب نفسه، وعلامة حب نفسه، أن يبغض الدنيا، وعلامة بغض الدنيا، ألا يأخذ منها إلا الزاد والبُلغة".

التحذير من الغلو فيه صلى الله عليه وسلم
الغلو:
وهو مجاوزة الحب فيه ورفعه عن مستوى العبودية إلى مستوى الألوهية.

وقد حذر النبي –صلى الله عليه وسلم– في أكثر من حديث من الغلو فيه وإطرائه وإنزاله فوق منزلته بحيث تؤدي إلى المساس بحقوق الله ومنزلته تعالى ففي البخاري والمسند أن ابن عباس –رضي الله عنهما– قال: سمعت عمر يخطب على المنبر فقال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم– يقول: «لا تطروني كما أطرت النصارى بن مريم، فإنما أنا عبد الله، فقولوا عبد الله ورسوله».

وعن ابن عباس –رضي الله عنهما– أن رجلاً جاء للنبي –صلى الله عليه وسلم– فقال له: "ما شاء الله وشئت" فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «أجعلتني لله ندًا؟!.. قـل ماشاء الله وحده»، رواه ابن حبان والنسائي وذكره في الأدب المفرد إلا أنه قال: «... لله عدلاً» والطحاوي، والبيهقي وحسنه الألباني السلسلة (1/ 57).

قال ابن كثير:
وهذا منه -صلى الله عليه وسلم- لحماية جناب التوحيد لما ذكر هذا الرجل المشيئة مقرونة مع مشيئة الله تعالى مع "الواو" التي تفيد التسوية، ومشيئة الله لا تتعلق وغيره بمشيئته ".

والله تعالى يقول: "وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ" (الإنسان: 30).

فما شئتَ كان وإن لم أشأ    وما شئتُه إن لم تشأ لم يكن

وهذا مثل الألفاظ الشركية المنتشرة اليوم، كقولهم: باسم الشعب، باسم الكلمة باسم الشرف والوطن، أو يحلف بالنبي وحياته أو بالجاه أو بالكعبة، أو السجود لمسئول أو الانحناء أمامه أو خفض الرأس إشارة للسجود، فهذا كله لا يجوز.

فعن ابن أبي أوفى أن معاذًا لما قدم من الشام سجد للنبي –صلى الله عليه وسلم– فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «ما هذا يا معاذ؟!»، فقال: أتيت الشام فوجدتهم يسجدون لبطارقتهم.. فأنت أحق بالسجود منهم، فقال: «يا معاذ، إنه لا ينبغي السجود إلا لله، ولو أمرت أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» ابن حبان وتكرر هذا عن أكثر من صحابي، كما في السنن.
 
تنبيهات
1) القسم بالنبي –صلى الله عليه وسلم-:
ذكر شيخ الإسلام ابن قدامه في كتابه العظيم المغني (11 /209) على متن الخرقي أنه جوّز الحلف بالنبي، وذهب إلى أنه كما يجوز الحلف بالركن الأول يجوز بالثاني وقال هو قول لأحمد-!!


أقول:
نحن في شك بأن إمام أهل السنة قال مثل ذلك، بل نجزم كل الجزم بأنه لم يفعله، وقد أخطأ ابن قدامه رحمه الله وغفر له عن نسبة ذلك لإمام أهل السنة، ويقول هذا دليل عقلي لا يبنى عليه الأحكام، فلا يجوز مساواة الركن الأول بالركن الثاني لعدم الشبه والمماثلة.

2) أورد صاحب المستدرك حديثين:
* الأول عن عمر مرفوعًا قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب، أسألك بحق محمدٍ لما غفرت لي؟ قال الله: يا آدم وكيف عرفت محمدًا ولم أخلقه... » الحديث.

* الثاني: قول القائل: «لولاك ما خلق الله الأفلاك».

وقال الحاكم في ذلك بصحة الإسناد – لكن تعقبه الذهبي بقوله: "بل موضوع، وهذا من فعل الدجاجة".

وأيضًا تكلم عليهما شيخ الإسلام في رده على البكري.

* ادعاؤهم أنه –صلى الله عليه وسلم– يعلم الغيب:
ودعاه في تفريج الهموم وطلب الرحمة وقضاء الحوائج والاستغاثة به وأنه متصرف في الكون كما يريد كقول البوصيري:
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة    تمشي إليه ساق بلا قدم
ولن يفوت الغني منه يدا تربت    إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به    سواك عند حلول الحادث الصمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها    ومن علومك علم اللوح والقلم


فما بقي لله سبحانه بعد هذا؟! بعد أن تكون الدنيا والآخرة من بعض جود النبي –صلى الله عليه وسلم– فإن "مِنْ" هنا تبعيضية، وكذلك علم اللوح والقلم من بعض علـوم النبي –صلى الله عليه وسلم– نعوذ بالله من ذلك.

والله سبحانه يقول لنبيه: "قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ" (الأنعام: 50).
يتبع إن شاء الله...


مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة   مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Emptyالأربعاء 17 فبراير 2016, 12:38 am

حب المؤمنين بعضهم لبعض:
أولاً – حب الصحابة:
مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة Images?q=tbn:ANd9GcQj843jonDuGxj6Yrp-6lQfiL_boSMd5CfztWkDIhe0sgAq0B-k
من أصول أهل السنة والجماعة محبة أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم– والترضي عنهم والاستغفار لهم واعتقاد أنهم أفضل الأمة، وذكرهم بالخير وترك الخوض فيما حصل بينهم من الفتن، فقد أحبهم الله تعالى وأثنى عليهم في كتابه، وأحبهم رسوله –صلى الله عليه وسلم– في قوله: «لا تسبوا أصحابي والذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه».

وقال –صلى الله عليه وسلم-
«لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق».

فخير القرون قرنهم في كل خير، في الأعمال والأقوال والاعتقاد وفي كل عقل وفضيلة ودين وبيان وعبادة.

يقول ابن تيمية:
"وكلامهم قليل وبركتهم كثيرة، وكلامنا كثير وبركتنا قليلة، أصابوا الحكم المشروع والهدي المتبوع، أبر الأمة قلوبًا وأعمقهم علمًا وأقلهم تكلفًا وأقومهم هديًا وأحسنهم حالاً وهديًا".

وقل خير قول في الصحابة كلهم        ولا تكن طعّانًا تعيب وتجرح
فقد نطق الوحي المبين بفضلهم    وفي الفتح آي للصحابة تمدح


ومن حبنا لهم أننا نمسك عمّا وقع من خلاف وشجار بينهم:
واحذر من الخوض الذي قد يذري        بفضلهم مما جرى لو تدري
فإنه من اجتهاد قد صدر    فقد أدل الله من لهم هجر


ومن حبنا لهم –رضي الله عنهم– أنهم نسوا لذاتهم وهجروا راحاتهم وغادروا أوطانهم وبذلوا مهجهم وعظيم أموالهم فكانوا كما قال الله سبحانه فيهم: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" (آل عمران: 110)، هم الذين رسخت في قلوبهم محبة رسوله –صلى الله عليه وسلم– حتى أصبحوا يفدونه بأعز شيء لديهم، دهش منهم أبو سفيان بقوله: "ما رأيت من الناس أحدًا أحبَّ أحدًا كحُب أصحاب محمدٍ لمحمدًا".

وأذكر هنا موقفًا من مواقف الصحابة في حبهم للنبي –صلى الله عليه وسلم–:
"لما بلغ رسول الله خروج قريش من مكة متجهًا نحو المدينة، قال: «أشيروا عليَّ أيها الناس»، وكان يريد بكلمته الأنصار، الذين بايعوه على نصرته على اعتداء داخل مدينتهم ولم يبايعوه على الدفاع خارج مدينتهم، فلما أحس الأنصار أنه يريدهم وكان "سعد بن معاذ" صاحب رأيهم التفت إلى رسول الله وقال: لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: «أجل»، قال سعد: يا رسول الله! لقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامضِ لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك وما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبر في الحرب صدق عند اللقاء، لعلّ الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله، فأشرق وجهه –صلى الله عليه وسلم– بالمسرة وبدا عليه كل نشاط ".

ثانيًا- محبة العلماء:
أصول المحبة القائمة بيننا وتفريعها إنما يكون في الله ولله وهذا لا يأتي إلا بالعلم والمعرفة، فما أحب الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم– إلا بالعلم، ولا ارتقت منزلة عالم ولا حرمته إلا بالعلم وكذا معرفة الله وأوليائه.

ومحبة ما يحبه الله ومن يحبه الله من كمال الإيمان، فمن أحب الله أحب أولياءه ونصر أنصاره، وكلما قويت محبة العبد لله في قلبه قويت هذه الأعمال المترتبة عليها وبكمالها يكمل توحيد العبد.

وإن دين الله –الإسلام– الذي عليه أهل السنة:
أن البشر بشر ولا معصوم إلا رسول الله –صلى الله عليه وسلم– أما الصحابة وهم المثل الأعلى في إنسانيتهم وهم مع ذلك يخطئون ويصحح بعضهم أخطاء بعض وهم مع هذا أرفع في المنزلة وطهارة القلب وصفاء النية وسلامة المقاصد.

فأهل السنة من الصحابة ومن دونهم يخطئون لكن لا يتفقون على الخطأ ومَنْ ينشد محبة الله ورسوله أو يدَّعي ذلك فعليه محبة أولياء الله ورسوله ولا يتكلم في أحدٍ إلا أن يكون عن علم ومعرفة وعدل، ونحن في زمن قلَّ فيه مَنْ يعلم وقلّ فيه مَنْ يُنصف فأصبح الكلام في العلماء وعباد الله الصالحين وأولياءه المتقين مرتعًا يقصده الجهلة.

وحديث مجالس تؤكل فيه اللحوم وتشرب فيه الدماء كشرب اللبن لفساد القصد أو التفريط في النظر أو لعجزٍ عنه.

وليعلم الأحبة:
أنه ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ولكن من الناس مَنْ لا ينبغي أن تُذكر عيوبه، ومَنْ كان فضله أكثر من نقصه جبَّ فضله نقصه – وقد أحسن القائل:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحدٍ    جاءت محاسنه بألف شفيع

فوجب التحري في النقل وضبط الكلام وعدم الاقتصار على ورود الشائعات وفهم قول القائل ومراده، فإذا عرف صلاح المتكلم مثلاً حمل كلامه على المحمل الحسن وحسن الظن بقائله، وليس كل واحد يُخبر بما يُقال.

ثالثًا- حب المؤمنين:
الحب بين المؤمنين صفة لازمة تنبثق من الإيمان، فلا أخوة ولا محبة دون إيمان، ولهذا كانت المحبة عقيدة قوية راسخة ذات ركائز روحية وإنسانية لا افتعال فيها ولا تزوير، وبذلك ترتفع الأخوة وتسمو عن كل منفعة دنيوية.

والحب بين المؤمنين له حقوق ينقسم إلى قسمين:
1) حقوق عامة:
وهذه بين المسلمين عامة، كإفشاء السلام ورده وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس وإبرار القسم ونصر المظلوم والتنفيس عن المكروب، والابتعاد عن الغيبة والنميمة، وغير ذلك.

2) حقوق خاصة:
وهذا المقصود من مبحثنا هذا، وهذا هو الحب في الله، فبين هؤلاء حقوق وخصوص، والأخ هنا من له أخوة الإسلام والإيمان معًا.

وسأذكر هنا بعض الأمور التي يجب على أهلها أن يتزينوا بها لكي يكون هنالك حقيقة الحب في الله:

ا- حق الأخوة في النفس:
وذلك بالإغاثة بالنفس على قضاء الحوائج والقيام بها قبل السؤال مع البشاشة وإظهار الفرح بذلك ومنها تفقد أحواله والسؤال عنه.

قال الحسن:
"إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة".

ب- حق الأخوة في المال:
وهذا أمر عزيز قلّ من يتخلق به في زماننا.


يقول الغزالي في الإحياء:
والمواساة بالمال مع الأخوة على ثلاثة مراتب:-
- أدناها: أن تقوم بحاجة أخيك من تلقاء نفسك.
- وأوسطها: أن تنزله منزلة نفسك فتشاطره نصف مالك.
- وأعلاها: أن تؤثره على نفسك وتقدم حاجته على حاجتك بأن تنزل له عما يحتاج إليه من مالك وإيثار ذلك، وهذه انتهاء درجة المتحابين.

وإذا نظرنا لواقعنا اليوم وكلام الغزالي لا شك أننا سنجد اختلافًا كبيرًا، وسنلاحظ الفرق الشاسع بين محبة المؤمنين الأوائل لبعضهم ومحبتنا لبعضنا.

لقد ضرب الصحابة في ذلك أروع الوقائع من الأخوة والمحبة حتى كان الأخ يتنازل لأخيه عن إحدى زوجاته ويقسم له ماله.

هذه محبة زالت عندها العصبية الجاهلية وتوارى الحسب والنسب والغنى والجاه وتحطمت فوارق التمييز.

فتحوا قلوبهم لإخوانهم الوافدين المهاجرين على غير إرغام بعيدًا عن نطاق العصبية لأنَّ المسلم أخو المسلم.

فنجد اليوم من يظلم أخاه ويسومه وهو مطمئن يأتيك بتأويلات تطمئن لها نفسه هو بما تشبَّعت به من تقاليد وأعراف بعيدة كل البعد عن الصدق، فلا بد من الإحساس بالأخوة وحبهم في الله والشفقة والرحمة والشعور بشعورهم والإحساس بإحساسهم، فهذا سبيل المحبة الحقيقية في الله لا المحبة المدَّعاة، وهذا سبيل النجاة وراحة البال لمن ينشدها بعيدة كل البعد عن الأطماع والمنافع والغايات المادية.

ج – حق الأخوة في حفظ اللسان:
كف اللسان عن الأخوة والأحبة إلا بخير فلا لمز ولا سخرية واستهزاء وكذب في حديث وتنابذ بالألقاب، وإفشاء السر والتطلع على خبايا النفس وإشهارها أمام الآخرين.

فإذا أقيمت آصرة المحبة بين الأخوة على أساسها كانت هي التطبيق العملي والمثل الواقعي والسبيل لملء القلوب بالإيمان «ولن تؤمنوا حتى تحابوا»، إن مهمتنا فهم الحب في الله وإرساء قواعده وركائزه في نفوس الآخذين به والداعين إليه، والذي هو مبدأ التعامل بين المؤمنين والتي ربّى عليها رسول الله –صلى الله عليه وسلم– الجيل الأول.

وإليك أيها الأخ الحبيب المحب الوسائل الجالبة لإرساء قواعد المحبة بين المؤمنين:
وسأوردها إليك دون شروح لأن الشروح عليها متوفرة ومبسوطة في كتب أهل العلم.

فمن هذه الوسائل:
1) أن تكون المحبة مقرونة بالإيمان.
2) أن تكون خالصة لا تشوبها مصلحة ذاتية ولا منفعة شخصية.
3) أن تكون قائمة على التناصح، وكتم السر وستر العيب وحُب النفع.
4) قائمة على التعاون والتكافل حتى يكونون كالجسد الواحد.
5) سلامة الصدر واتساعه عند اختلاف وجهات النظر وعدم الحسد له والعمل على تأمينه له كما تحب لنفسك «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» سبق تخريجه.
6) حُسن الظن والإغضاء عن الهفوات وتقبل النصيحة والتواصي.
7) صيانة عرض المسلم غاية الصيانة من الظن المجرد، فلا بد من التثبت والتريث في قبول الأخبار وسد باب النقل حتى لا يتسمع أحد في أحد، فإن المستمع شريك القائل، قال الشافعي: " قبول السعاية أضر من السعاية، لأن الأولى دلالة والثانية إجازة وليس من دلّ على الشيء قبل وأجاز".
حفظ العهد والدعاء له ولأهله حاضرًا أو غائبًا حيًّا أو ميتًا.
9) إظهار الاهتمام به والمشي في حاجته ومسرته.
10) إذا أحبه فليخبره «إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه» ت حسن ( 2393) وصححه ابن حبان ( 2514 ).
11) السؤال عن اسمه واسم أبيه.
12) التغافر والتسامح والعفو عن الزلاّت والبُعد عن كثرة العتاب.

قال أبو الدرداء:
"إذا تغير حال أخوك عما كان عليه فلا تدعه لأجل ذلك، فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم أخرى".

وقال الشافعي:
"ومن صدق في أخوة أخيه قبل علله وسد خلله وعفا عن زلَله.
13) اجتماع الأخوة على خير وهدى:

يقول ابن القيم:
"والاجتماع على قسمين:
- اجتماع على مؤانسة الطبع وشغل الوقت فهذا مضرته أرجح من منفعته.
- اجتماع على التعاون والتواصي وتدارس العلم والموعظة والتذكير بالآخرة فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها.
وهذا آخر الجزء الأول من: «مفهوم الحب عن أهل السنة والجماعة».

أسأل الله أن يُلهمنا رشدنا ويُرشدنا لحبه وحب نبيه وحب عباده الصالحين: "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا".
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
تمت
-----------------
المصادر والمراجع:
-----------------
1- شرح الطحاوية: للشيخ عبد الرحيم الطحان..

2- روضة المحبين: للعلامة ابن القيم..
3- الجواب الكافي: للعلامة ابن القيم..
4- الفتاوى لشيخ الإسلام: ابن تيمية...
5- الفكر التربوي عند ابن القيم: للدكتور حسن الحجاجي.
6- سلسلة البحوث الاجتماعية (3-5): عمر كحالة...
7- الحب بين العبد وربه: أحمد المحامد...
8- ثلاثة رسائل في المحبة: عبد الله الجار الله...
9- الأخوة والحب في الله: حسني جرار...
10 – نفائس الحلة في التآخي والخلة: للرومي والهزّاع..
----------------------------------------------------

فهــــــــــرس
------------
تقديم
الحب
الحب: معناه، أسماؤه، وأشكاله
محبة الله لعبده
محبة العبد لربه
الجهاد
محبة النبي (صلى الله عليه وسلم)
لماذا نحب النبي (صلى الله عليه وسلم)؟
التحذير من الغلو فيه (صلى الله عليه وسلم)
تنبيهات
حب المؤمنين بعضهم لبعض
المصادر والمراجع
فهرس

تم بحمد الله.


مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
مفهوم الحب عند أهل السنة والجماعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عقيدة أهل السنة والجماعة
» طريقة أهل السنة والجماعة في عبادة الله
» طريقة أهل السنة والجماعة في حق الصحابة رضي الله عنهم
» الباب الأَوَّل: الأمر بلزوم السنة والجماعة
» طريقة أهل السنة والجماعة في حق الرسول صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــائل الـشهـــور والأيـــام :: عــيــــــد الـحــــــــب 15 فـبـــــرايــر-
انتقل الى: