طريقة أهل السنة والجماعة في حق الصحابة رضي الله عنهم
أهل السنة والجماعة يعرفون للصحابة قدرهم، وأنهم خير القرون بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم، قال: فيما ثبت عنه من حديث عمران بن حصين: "خير الناس قرني، ثم الذي يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" فالصحابة خير هذه الأمة بلا شك ولكنهم على مراتب بعضهم أفضل من بعض.
قال الله تعالى: (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) (الحديد: 10).
وقال الله تعالى: (لا يَسْتَوِي الْقـَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) (النساء: 95).
ولكن هذه المراتب وهذه الفضائل يجب أن نعرف أن الواحد فيهم له مرتبة على الإطلاق وله مرتبة خاصة.
أي أنه قد يكون أفضل من غيره على سبيل العموم والإطلاق ويكون في غيره خصلة هو أفضل منه فيها وأهل السنة والجماعة يقولون: إن أفضل الصحابة الخلفاء الأربعة، وأفضلهم أبوبكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي يرتبونهم في الفضل حسب ترتيبهم في الخلافة، ولكن لا يلزم من كون أبي بكر أفضل الصحابة ألا يتميز أحد من الصحابة عن أبي بكر بمنقبة خاصة.
وقد يكون لعلي بن أبي طالب منقبة ليست لأبي بكر، وقد يكون لعمر منقبة ليس لأبي بكر، كذلك قد يكون لعثمان، ولكن الكلام على الفضل المطلق والمرتبة الكلية العامة فإن مراتب الصحابة تختلف اختلافاً اتفق عليه أهل السنة والجماعة وهو دلالة القرآن، ودلالة السنة أيضاً.
كذلك أيضاً أهل السنة والجماعة يقولون:
إن بعض الصحابة له مزية ليست لغيرهم فيجب أن ننزلهم في منازلهم، فإذا كان الصحابي من آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام كعلي بن أبي طالب، وحمزة، والعباس، وابن عباس وغيرهم فإننا نحبه أكثر من غيره من حيث قربه من الرسول عليه الصلاة والسلام، لا على سبيل الإطلاق.
فنعرف له حقه بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه لا يلزم من ذلك أن نفضله على غيره تفضيلاً مطلقاً ممن له قدم راسخ في الإسلام أكثر من هذا القريب من الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن المراتب والفضائل هي صفات يتميز الإنسان بصفة منها لا يتميز بها الآخر.
وأهل السنة والجماعة في آل البيت لا يغلون غلو الروافض، ولا ينصبون العداوة لهم نصب النواصب، ولكنهم وسط بين طرفين، يعرفون لهم حقهم بقرابتهم من الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكنهم لا يتجاوزون بهم منزلتهم.