|
| الفصل الثالث: مؤلفاته في علم التجويد والرسم وتراجم القراء | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: الفصل الثالث: مؤلفاته في علم التجويد والرسم وتراجم القراء الخميس 28 يناير 2016, 11:41 am | |
| الفصل الثالث: مؤلفاته في علم التجويد والرسم وتراجم القراء ------------------------------------------------ تمهيد: لم تكن مؤلفات ابن الجزري مقتصرة على فن القراءات بخصوصه بل شملت فنونا أخرى ذات ارتباط وثيق بالقراءات, وذات أثر بين فيها, ولا نكاد نتصور القراءات من دونها.
فقد ألف ابن الجزري في علم التجويد الذي يعتبر طلبه أسبق من طلب القراءات نفسها، إذ موضوعه حروف القرآن الكريم, وموضوع القراءات كلماته، ولاشك أن إقامة الحروف أسبق من إقامة الكلمات المشكلة من جملة حروف.
وألف أيضا في علم الرسم القرآني الذي يعنى بضبط كيفية قراءة اللفظ القرآني من خلال رسمه، وذلك لما بين المنطوق والمرسوم من علاقة تناوبية إذ يدل أحدهما على الآخر.
وألف كذلك في تراجم القراء وتاريخهم وأسانيد القراءات، وبهذا تدرك صحة القراءة من عدمها. ويكشف عن علل أسانيدها وانفرادات رجالها.
وكل هذه المؤلفات سنبينها من خلال المبحثين التاليين: المبحث الأول: مؤلفاته في علم التجويد. المبحث الثاني: مؤلفاته في تراجم القراء والرسم القرآني. --------------------------------------------- المبحث الأول: مؤلفاته في علم التجويد علم التجويد علم يعنى بتحسين تلاوة القرآن الكريم عن طريق معرفة مخارج الحروف سواء كانت أصلية أم فرعية، وصفاتها سواء كانت ذاتية أم عرضية، وما يلحقها أثناء النطق من تغيير، وما يتبعها عند تركيبها ببعضها من تبديل.
ويعرف ابن الجزري التجويد بقوله: "فالتجويد حلية التلاوة, وزينة القراءة, وهو إعطاء الحروف حقوقها، وترتيبها مراتبها، ورد الحرف إلى مخرجه وأصله، وإلحاقه بنظيره وشكله، وإشباع لفظه، وتلطيف النطق به على حال صيغته وهيئته من غير إسراف ولا تعسف، ولا إفراط ولا تكلف".
وهذا العلم هو الذي يسمى في المصطلح الحديث المعاصر بعلم الأصوات اللغوية, ويعرف بأنه علم يبحث في الأصوات اللغوية من حيث مخارجها وصفاتها وكيفية صدورها.
وهو يبدو لدى الدارسين له بالجامعات الغربية ألا علاقة بينه وبين علم التجويد, وغاية ما يثبتون إشاراتهم إلى جهود سيبويه وابن جني في دراسة الأصوات, وغفلوا عن حقيقة هامة هي أن سيبويه وابن جني ليسا إلا علمين من رواد الدراسات الصوتية العربية وإلا فما هو مركوم من المخطوطات في خزائن التراث مما هو في مجال الدراسات الصوتية مما كتب في علم التجويد وأصوات اللغة شيء كثير، لا يستهان به ولا يليق أن يغفل عنه.
صحيح أن ما يقدمه علم الأصوات اللغوية المعاصر من حقائق صوتية من خلال أجهزته وقياساته الدقيقة ليس هينا، وهو يفتقد في الدراسات التجويدية القديمة.
ومع ذلك فانه لم يقدم -حتى الآن- نتائج مخالفة لما قدمه علماء التجويد الذين عدموا هذه الأجهزة الدقيقة وكان اعتمادهم فقط على ملاحظـاتهم الذاتية المحدودة غير مسـألتين هما:
أولاً: تعريف صفة الجهر، حيث يذهب ابن الجزري إلى أنها منع جريان النفس عند النطق بالحرف لقوة الاعتماد عليه في موضع خروجه، وهو تعريف مشتق من تعريف سيبويه.
بينما يعرف علماء الأصوات صفة الجهر بأنها اهتزاز الوترين الصوتيين، وتعريفهم هذا هو أقل دقة من تعريف القدامى، حيث الاهتزاز غير الانحباس وإن تداخلا معا في بعض الحروف. ثانياً: وصف الحروف الثلاثة: الهمزة والطاء والقاف بأنها مجهورة بينما يراها علماء الأصوات مهموسة.
والحقيقة أن إهمال النتائج التي يقدمها علماء التجويد في مجال الأصوات اللغوية الحديثة يعود إلى إهمال علم التجويد وعزوف الباحثين عنه وعدم الاهتمام به وبكتبه, فهذه خزائن التراث غاصة بمخطوطاته ولكن لا نجد ما حقق منها إلا قليلا.
ويعد ابن الجزري من أحد القدامى الذين أسهموا إسهاما كبيرا في علم التجويد من خلال مؤلفاته التي تناول في بعضها موضوعات علم التجويد عامة واستقل بعضها الآخر بموضوع مخارج الحروف.
وجملة تلك المؤلفات نستعرضها من خلال المطلبين التاليين: المطلب الأول: مؤلفاته في علم التجويد عموماً: لقد كان إنتاج ابن الجزري في موضوعات علم التجويد عموماً مايلي: أولا: التمهيد في علم التجويد: التمهيد مؤلف لابن الجزري تناول فيه جملة من المباحث المتعلقة بالقرآن الكريم والمتعلقة بالقارئ والمقرئ. وميزة هذا المؤلف أنه حوى جملة من المسائل والمباحث التي لم تذكر من قبل ولم ينبه عليها.
وكان ابن الجزري قد استهل كتابه هذا بقوله: "الحمد لله الذي جعل القرآن العظيم مفتاح آلائه، ومصباح قلوب أوليائه وربيعهم الذي يهيم به كل منهم في رياض برحائه, أحمده على توالي نعمائه، وأشكره على كرم لا حد لانتهائه...".
وكانت خاتمته قوله: "... وأجزت لجميع المسلمين روايته عني, راجيا ثواب الله تعالى ومغفرته ورحمته والحمد لله رب العالمين, وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين".
وصادف زمن انتهائه من تأليفه زوال يوم السبت الخامس من ذي الحجة من سنة تسع وستين وسبعمائة, أي حين كان عمره لم يتجاوز الثماني عشر سنة.
وهذا يدل على سعة ملكته العلمية ومدى ذكائه الفطري الذين مكناه من التأليف في هذا السن المبكر سن البلوغ.
وقد أوضح ذلك ابن الجزري حين قال: "...وإن كنا قد أفردنا.. كتابنا التمهيد في علم التجويد، وهو مما ألفناه حال اشتغالنا بهذا العلم في سن البلوغ...".
والسبب الذي دعاه إلى تأليفه هو رغبته في إيقاظ همم الناشئة من قراء زمانه إذ غفلوا عن تجويد ألفاظ القرآن وأخلطوا ما يجوز بما لا يجوز من كيفيات القراءة, وشاع في أوساطهم بدع استدعت في القراءة من وتحزين وقراءة جماعية بصوت واحد بألحان غريبة وبأداء عجيب.
موضوعات الكتاب: تناول ابن الجزري في هذا الكتاب مسائل علم التجويد من خلال أبواب عشرة, وكل باب أدرج تحته عدة فصول.
وجملة تلك الأبواب ما يلي: 1 - صفة قراءة أهل زمانه وما اعتراها من تحريف. 2 - معنى التجويد والتحقيق والترتيل والفروق بينها. 3 - أصول القراءة الدائرة على اختلاف القراءات. 4 - معنى اللحن وأقسامه. 5 - أحكام همزتي القطع والوصل. 6 - معنى الحروف والحركات. 7 - ألقاب الحروف وعللها. 8 - مخارج الحروف مجملة ومفصلة. 9 - أحكام النون الساكنة والمد والقصر. 10 - أحكام الوقف والابتدء.
خصائص الكتاب: امتاز هذا الكتاب بعدة خصائص هي: 1- الوضوح ونصاعة الأسلوب وبساطة العبارات، حيث جاءت معانيه واضحة سهلة, وألفاظه متداولة مألوفة بعيدة عن الغرابة, وأسلوبه بعيد عن التركيب والتعقيد لأنه وضعه للناشئين المبتدئين وتجلى ذلك في حسن التبويب والترتيب.
2- الاهتمام بمسائل الخلاف بحيث لا يورد مسألة إلا وتعرض لذكر الأقوال الواردة فيها وناسبها إلى قائليها ومرجحاً في الأخير أحدها أو ما يراه صواباً مستقيماً.
3- عنايته بنقد الأقوال الواردة في المسائل الخلافية ومناقشتها, والحكم عليها بالصحة أو الضعف, كما يعمل جاهدا على تصحيح الأخطاء التي جاءت في الأقوال التي ينقلها عن الأئمة.
4- الاعتماد على الاستدلال اللغوي في مسائل علم التجويد, وذلك للاشتراك الحاصل بين الأصوات اللغوية وعلم التجويد في وحدة الموضوع غير أنه لا يغفل عن الإشارة إلى التفريق بين ما يجوز لغة وما يجوز قراءة، حيث كل ما يجوز قراءة جاز لغة والعكس غير صحيح، وساعد ابن الجزري في هذا نبوغه في علم اللغة، فهو ليس فارس ميدان القراءات فحسب بل ميدان علوم اللغة أيضاً، ومؤلفاته في اللغة دالة على ذلك.
5 - أولى ابن الجزري في هذا الكتاب عناية بالغة بالتنبيه عن الأخطاء الشائعة بين القراء والتحذير منها والإرشاد إلى كيفية التخلص منها.
6 - الوقوف على علل الأحكام، إذ لا يورد مسألة مجردة عن الحكم فيها، ولا يورد حكماً معزولاً عن دليله، ذلك أن ابن الجزري يجعل من علم التجويد علماً قائماً على الاستدلال لا علماً قاصراً على الرواية، ومسائله محكومة بجملة من القواعد المطردة والأصول الجامعة.
نسبته إلى ابن الجزري: لقد ذكر ابن الجزري هذا المؤلف في مؤلفاته الأخرى، مرات عديدة، مشيراً إليه ومحيلاً عليه، وذكره أيضاً ونسبه إليه الإمام السخاوي وحاجي خليفة واسماعيل البغدادي وبروكلمان. مخطوطاته: يوجد من هذا المؤلف نسخ مخطوطة عديدة منثورة عبر مكتبات التراث العالمية.
وأهم تلك النسخ ما يلي: - نسخة في المكتبة الوطنية بباريس مسجلة برقم: 592/2 عدد أوراقها: 47 مابيـن (100- 147) نسخت في سنة 769هـ أي في سنة تأليف الكتاب، ولعلها نسخة المؤلف نفسها. - نسخة في مكتبة تشستربيتي بدبلن مسجلة برقم: 3653/13 عدد أوراقها: 27 مابين (187-614) نسخت في سنة: 859 هـ. - نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق، مسجلة برقم:304 علوم القرآن، عدد أوراقها: 52 نسخت خلال القرن 10 هجرية. - نسخة في دار الكتب الوطنية بتونس مسجلة برقم: 384 مجموع، أوراقها ما بين: (61/ب، 94/أ) نسخت في سنة 1139هـ. - نسخة في دار الكتاب بصوفيا مسجلة برقم: (509-3871) عدد أوراقها: 103 نسخت في سنة 1170هـ.
طبعاتـه: طبع هذا الكتاب عدة طبعات هي: - طبع بالقاهرة سنة 1326 هـ/1908م في 88 صفحة. - طبعـة الشـركـة المتحدة ببيروت، بتحقيق غانم حسن قدوري سنة 1986م/1406هـ ، في 200 صفحة، ومرة أخرى طبع في سنة 1418هـ/1997م - طبعة مكتبة المعارف بالرياض بتحقيق علي حسين البواب سنة 1985م/1405هـ، في 246 صفحة.
ثانيـاً: قصيدة في التجويد ظاهر من خلال عنوان هذا المؤلف أنه منظومة تناول فيها ابن الجزري موضوعات علم التجويد، وقد ذكرت هذه القصيدة ونسبت إلى ابن الجزري في الفهرس الشامل، ولم أجدها مذكورة في غيره.
مخطوطاته: يوجد من هذه القصيدة نسخة في مكتبة الدولة بميونيخ مسجلة برقم:105 في 22 ورقة، ونسخت في سنة 1159هـ. - نسخة في مكتبة غونا بألمانيا مسجلة برقم: 555. - ونسخة في مكتبة برينستون.
ثالثـاً: المقدمة الجزرية. المقدمة الجزرية هي الاسم الشائع لقصيدة المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه في التجويد، وهي منظومة على بحر الرجز: مستفعلن (ست مرات) مؤلفة من مائة بيت وتسعة أبيات حوت ما لم تحوه الكتب الكبار، وجاءت في أسلوب سهل ونظم سلس مع حسن الاختصار ودقته.
مطلعها: يقول راجي عفو رب سامــع محمد بن الجـزري الشافعـــي الحمد لله وصـلى اللــــه على نبيـه ومصطفــــــاه محمد وآله وصحبــــــه ومقرئ القرآن مــع محبـــه وبعد إن هذه مقدمــــــة فيما على قارئه أن يعلمــــه
وختامها: وقد تقضـي نظمي المقدمــة مني لقارئ القـرآن تقدمــــه أبياتها قـاف زاي في العــدد ومن يحسن التجويـد يظفر بالرشد والحمد لله لهـــا ختـــام ثم الصلاة وبعـد والســــلام على النبـي المصطفى وآلــه وصحبه وتابعـي منوالــــه
موضوعاته: تناول ابن الجزري في هذه الأبيات المائة وتسعة كل مسائل علم التجويد. وذلك من خلال الأبواب التالية: 1. باب في مخارج الحروف وصفاتها. 2. باب التجويد معناه وحكمه. 3. باب في الترقيق وكيفية استعمال الحروف. 4. باب في إدغام المتماثلين والمتجانسين. 5. باب في التفريق بين الحرفين: الظاء والضاد. 6. باب في التحذيرات. 7. باب في أحكام النون الساكنة والتنوين. 8. باب في المدود وأنواعها وأحكامها. 9. باب في الوقف والابتداء أنواعهما وأحكامهما. 10. باب في همزة الوصل.
خواصه: تمتاز هذه القصيدة بالمميزات التالية: 1. تعتبر هذه المنظومة مؤلفاً جامعاً لكل أبواب التجويد ومسائله دون إغفال لبعضها.
2. الإيجاز في إيراد المسائل، والإشارة إلى الحكم الراجح والقول المعتمد لدى الناظم، دون التعرض إلى ذكر الخلاف وحكاية الأقوال وأدلتها.
3. الاعتماد على بساطة الأسلوب وسلاسة النظم وحسن الاختصار ووضوح المعاني وسهولة الألفاظ.
4. اشتمالها على باب بين فيه مفهوم التجويد وحكمه الذي يرى أنه الوجوب العيني على كل قارئ امتثالاً لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- واقتداء بفعله، وهي مسألة قل من تعرض إليها وتناولها بالتفصيل والبيان قبل ابن الجزري.
5. لم يتعلق ما ورد فيها من أحكام بقراءة خاصة أو برواية معينة، وإنما أورد فيها جملة المسائل المتفق عليها بين القراء جميعاً، وما كان من ذلك خاصاً بقراءة ما أشار إليه وأحاله على كتبه في القراءات.
نسبته إلى ابن الجزري لقد ورد هذا المؤلف في مؤلفات ابن الجزري مشيراً إليه وناصاً على أنه من نظمه، كما جاء في مطلع هذه القصيدة التصريح باسمه.
وذكره أيضاً ونسبه إلى ابن الجزري كل من الإمام السخاوي وحاجي خليفة وطاش كبري زاده وإسماعيل البغدادي وبروكلمان وهذا لا يترك شكاً في صحة هذه النسبة.
مخطوطاته لقد نال هذا النظم شهرة عجيبة فذاع صيته وأقدم الأئمة على شرحه وتهافت الطلاب إلى نسخه وحفظه وكان حظ خزائن التراث من نسخه وافراً.
وها نحن نذكر أهم مواضعها: - نسخة في مكتبة جامعة أم القرى بمكة المكرمة مسجلة برقم: (72/4) عدد أوراقها: 3 ما بين (149-151) نسخة في سنة 843 هجرية.
- نسخة في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء مسجلة برقم: 1543، عدد أوراقها 32 ما بين (52-84) ونسخة في سنة 880هجرية.
- نسخة في المكتبة الوطنية بمدريد مسجلة برقم: 223/2، عدد أوراقها: 8، نسخت في سنة 883 هجرية.
- نسخة في دار الكتب الوطنية بتونس مسجلة برقم: 2077، عدد أوراقها: 49، ضمن مجموع، ونسخت في سنة 961هجرية.
- نسخة في المكتبة القادرية ببغداد مسجلة برقم :115، عدد أوراقها:22، ونسخت في سنة 973 هجرية.
- نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق مسجلة برقم:3958 علوم القرآن، عدد أوراقها: 26، و نسخت خلال القرن 10 هجرية.
- نسخة بمكتبة الحرم المكي بمكة المكرمة مسجلة برقم:52 دهاوي علوم القرآن، عدد أوراقها: 8، ونسخت في سنة 1053 هجرية.
- نسخة بالمكتبة التيمورية بالقاهرة مسجلة برقم:مجاميع 317، أوراقها ضمن مجموع فيه 441 ورقة. ونسخت في سنة 1135 هجرية.
- نسخة بمكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض مسجلة برقم2542 عدد أوراقها: 17، ونسخت في سنة 1155 هجرية.
- نسخة بالمكتبة التيمورية بالقاهرة مسجلة برقم:555 ضمن مجموع في26 ورقة، ونسخت في سنة 1183 هجرية.
- نسخة في مكتبة جاريت ببرنستون مسجلة برقم:1254 /200ـ1، عدد أوراقها:37، ونسخت في سنة 1232 هجرية.
طبعاتــه: طبع هذا المؤلف طبعات عديدة، منها ما كان ضمن متون أخرى في القراءات، ومنها ما كان مع أحد شروحه.
ومن تلك الطبعات ما يلي: ـ طبعة مطبعة حسن الطوخي بمصر، وهي طبعة حجرية مشتملة على سبعة متون، وذلك في سنة 1302هـ/1882م.في 200 صفحة.
- وطبعة بمطبعة شرف وهي طبعته على الحروف سنة 1308 هـ/1888م في 200 صفحة.
وأغلب طباعته الأخرى واقعة مع أحد شروحها ومنها مايلي: - طبعة المطبعة الأزهرية المصرية مع شرحها المنح الفكرية للملا علي القارئ، وبهامشها شرح المقدمة لزكريا الأنصاري، سنة 1318هـ في 82 صفحة.
- طبعة مطابع الروضة النموذجية بحمص مع شرحها: الواضح في شرح المقدمة الجزرية في علم التجويد لعزت عبيد الدعاس، سنة 1986م/1406هـ في 125 صفحة.
- طبعة مكتبة الإيمان بالقاهرة، مع شرحها: الدرر البهية في شرح المقدمة الجزرية في علم التجويد تأليف: أسامة بن عبد الوهاب، سنة:1992م/1412هـ في 120 صفحة.
المطلب الثاني: مؤلفاته في مخارج الحروف. ومن إنتاج ابن الجزري مصنفات خاصة أفردها لموضوع مخارج الحروف دون غيره من موضوعات علم التجويد، ذلك لأن هذا الموضوع أصل يقوم عليه علم التجويد.
وما ألفه في ذلك نبينه فيما يلي: أولاً: كتاب في مخارج الحروف. موضوع هذا الكتاب مخارج الحروف وصفاتها وأسماؤها وقد تناول ابن الجزري فيه تفصيل ذلك مع بيان الخلاف الوارد بين العلماء في عدد المخارج وفي إثبات بعضها وإلغاء البعض الآخر.
وذكر هذا المؤلف الإمام النويري في شرحه على طيبة النشر، ولم أجده مذكوراً عند غيرهما.
ولم يأت له ذكر ولا إشارة في الكتب المفهرسة لخزائن المخطوطات مما يدل على أنه مؤلف مفقود.
ثانياً: المقدمة في مخارج الحروف. مخارج الحروف هي جملة المواضع التي تخرج منها الحروف الهجائية سواء كانت أصلية أو فرعية، ووقع الخلاف بين النحاة والقراء في عددها وفي تحديدها، وهذا ما كان موضوع هذا المؤلف.
وقد ذكر هذا المؤلف ونسب إلى ابن الجزري في الفهرس الشامل وجاء فيه أنه توجد منه نسخة مخطوطة في خزانة القراويين للمخطوطات بفاس مسجلة برقم: 1214م (مج 2/ 8 / 69).
ثالثاً: منظومة في مخارج الحروف. موضوع هذه المنظومة موضوع المؤلف السابق، ولست أدري إن كان هذان المؤلفان واحد أم هما اثنان مستقلان.
وقد ذكرت هذه القصيدة باستقلال عن المؤلف السابق في الفهرس الشامل، ونسبت فيه لابن الجزري، ولولا ذكره لهما على أنهما مؤلفان مستقلان لجعلتهما واحداً.
وجاء في الفهرس الشامل أيضاً أن من هذه القصيدة نسخة مخطوطة في مكتبة المعهد الموريتاني مسجلة برقم: 967 خ ب- أ- تقع في ثلاث ورقات.
ملاحظة: لقد أشار ابن الجزري إلى عموم هذه المؤلفات دون أن يذكر أحدها ويعينه بما يفيد أنه ألف في مخارج الحروف فقال في معرض حديثه عنها: "ولا بأس بتقديم فوائد لابد من معرفتها لمريد هذا العلم قبل الأخذ فيه كالكلام على مخارج الحروف وصفاتها... ملخصاً مختصراً إذ بسط ذلك بحقه ذكرته في غير هذا الموضع". يتبع إن شاء الله...
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 10 يونيو 2021, 5:25 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الفصل الثالث: مؤلفاته في علم التجويد والرسم وتراجم القراء الخميس 28 يناير 2016, 12:05 pm | |
| المبحث الثاني: مؤلفاته في تراجم القراء وأسانيد القراءات والرسم القرآني. لقد كانت عناية ابن الجزري بالغة بتصحيح القراءات والتأكيد على شروط قبولها، حيث جعل صحة الإسناد والموافقة للرسم العثماني من أركان قبول القراءة، ولا تمكن معرفة صحة الأسانيد إلا بمعرفة حال رجالها، وهو أهم ما يحتاج إليه المقرئ.
قال ابن الجزري: "...وإذا كان صحة السند من أركان القراءة ... تعين أن يعرف حال رجال القراءات كما يعرف أحوال رجال الحديث".
وقال أيضاً: "ولا بد للقارئ من التنبيه بحال الرجال والأسانيد، مؤتلفها ومختلفها، وجرحها وتعديلها، متقنها ومغفلها، هذا أهم ما يحتاج إليه، وقد وقع لكثير من المتقدمين في أسانيد كتبهم أوهام كثيرة وغلطات عديدة من إسقاط الرجال وتسمية آخرين بغير أسمائهم وتصاحف وغير ذلك".
وتحقيقاً لهذه الغاية -الإحاطة بأحوال رجال القراءات وأسانيدها ومعرفة مدى موافقتها للرسم العثماني- قام ابن الجزري بتأليف جملة من المؤلفات في تاريخ القراء وأسانيد القراءات والرسم العثماني.
وهو ما نستبينه في المطلبين التاليين: المطلب الأول: مؤلفاته في تاريخ القراء. يعرف التاريخ بأنه معرفة أحوال الطوائف وبلدانهم ورسومهم وعاداتهم وصنائع أشخاصهم وأنسابهم ووفياتهم... وموضوعه أحوال الأشخاص الماضية من الأنبياء والأولياء والعلماء والحكماء والملوك والشعراء وغيرهم، والغرض منه الوقوف على هذه الأحوال والاعتبار بها.
وكان الإمام ابن الجزري ممن أسهم في كتابة التاريخ وتدوين أحداثه عن طريق التأريخ لطائفة من العلماء، وهي طائفة القراء والمقرئين، فكانت مؤلفاته التاريخية كلها في تراجم القراء.
وهي المتمثلة فيما يلي: أولاً: الذيل على طبقات القراء للذهبي. طبقات القراء هو الاسم الشهير لمعرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار للإمام أبي عبد الله الذهبي.
وهو كتاب ضخم في تراجم القراء أخذ مادته من تاريخه الكبير، وجعله على سبع عشرة طبقة، وأورد في كل طبقة ما اشتهر من القراء وما عرف بعظم شأنه وكبر قدره في القراءة.
ونظراً لما بين الذهبي وابن الجزري من فترة زمنية ليست يسيرة، حيث استغرقت نحو القرن ونصف القرن من الزمن، ولما اشتملت عليه الفترة من أعلام لا يحصى عددهم في ميدان القراءة، ولما أهمله الإمام الذهبي من أعلام القراءة فلم يترجم لهم إذ اقتصر في كتابه على تراجم القراء الكبار فقط. قام ابن الجزري بكتابة ذيل على كتاب الذهبي ضمنه إضافات على تراجم الذهبي كما أضاف أيضاً تراجم جديدة لم يكن قد اشتمل عليها كتاب معرفة القراء.
قال الإمام محمد بن عبد الرحمان السخاوي: "...أخذ ابن الجزري كتاب الذهبي وضم إليه زيادات كثيرة في التراجم وتراجم مستقلة...".
نسبته إلى ابن الجزري: لقد ذكر هذا الذيل ونسبه إلى ابن الجزري كل من السخاوي وحاجي خليفة وابن عماد الحنبلي ونبه عليه الإمام ابن الحجر فقال: "وذيل طبقات القراء للذهبي وأجاد فيه ".
ولم أجده مذكورا في مؤلفات ابن الجزري، ولم يشر إليه في تراجمه عند ترجمة الذهبي نفسه.
ولم تذكر كتب فهارس المخطوطات أماكن وجود هذا الذيل مما يؤكد أنه من المؤلفات المفقودة.
ثانـيا: غاية النهاية في طبقات القراء غاية النهاية في طبقات القراء هو الاسم الشائع لغاية النهاية في أسماء رجال القراءات أولى الرواية والدراية، وهو أصغر كتابي ابن الجزري في طبقات القراء.
قال حاجي خليفة: "للجزري طبقات كبرى وصغرى،كبراه النهاية وصغراه غاية النهاية".
ومطلعه: "أما بعد: حمداً لله تعالى لا يدرك غايته، ولا يعلم نهايته، والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد صفوة الله من خلقه، وعلى آله وصحبه والتابعين له في خَلقه وخُلقه، فهذا كتاب غاية النهاية، من حصله أرجو أن يجمع بين الرواية والدراية".
وختامه: "هذا آخر ما يسر الله جمعه من غاية النهاية في أسماء رجال القراءات أولي الرواية والدراية ممن علمته بحسب ما تقصيت واجتهدت".
زمن تأليفه: ذكر ابن الجزري أنه ابتدأ في تأليف هذا المختصر في سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بمنزله تجاه مدرسته القرآنية التي أنشأها بدمشق، وفرغ منه يوم الأحد السادس عشر رمضان عام خمس وتسعين وسبعمائة بمنزله من القاعة المعروفة بطغاى الكبرى بالرحبة المعروفة بكتبغا بالقاهرة.
وعلى هذا يكون قد استغرق في اختصار هذا المؤلف نحو اثنتي عشرة سنة، ولعل سبب طول مدة الاختصار يعود إلى عدم استقراره، فقد كان كثير الترحال وطويل الأسفار، مرة طوعاً وأخرى كرهاً، ونحن نرى أن هذا المختصر قد بدأه بدمشق وأتمه بالقاهرة.
ويلاحظ أن هذا الكتاب قد اشتمل على تراجم كانت وفياتها بعد إتمامه بل بعد وفاة مؤلفه، وهذا يدل على أن هناك إضافات ألحقت بهذا الكتاب بعد المؤلف وربما في حياته، ومن تلك ترجمة المؤلف نفسه وترجمة بعض أبنائه، وكان ممن أضاف بعض التراجم ابنه أحمد وابنته سلمى وقد نصا على ذلك.
خصائصه: يمتاز هذا الكتاب بالمميزات التالية: 1- يعد هذا المؤلف المختصر من أصله النهاية أجمع كتب تراجم القراء بما اشتمل عليه مما لم يشتمل عليه غيره مما سبقه، بحيث أضاف إلى تراجم السابقين تراجم جديدة لم تتضمنها كتبهم، كما أضاف جديدا إلى تراجمهم من حيث ذكر أحوال القراء ومعرفة شيوخهم وتلاميذهم، واتصال أسانيدهم والوقوف على أوهام وقع فيها السابقون في هذا الشأن.
2- ويعتبر هذا المؤلف خلاصة ما ذكره الإمامان الحافظان: أبو عمرو الداني في كتابه: طبقات القراء وأبو عبد الله الذهبي في كتابه: معرفة القراء الكبار على الطبقات و الأعصار.
مع إضافة ضعف ذلك مما لم يذكراه، ولا عجب إذاُ من وصف طاش كبرى زاده لهذا الكتاب حين قال: "ولا أجمع ولا أنفع من طبقات الشيخ الجزري".
3- و يعتبر هذا الكتاب كتاب جرح وتعديل لرجال القراءات، وهو يضاهي ما كتبه المحدثون في رواه الحديث، بحيث نجد ابن الجزري لا يكتفي بذكر أسماء التراجم وكتبهم وبلدانهم فحسب بل نجده يؤكد على حال المقرئ من حيث كونه معروفا أو مجهولا، ومن حيث كونه ثقة عدلا أم هو ليس كذلك كما نجده يناقش الخلاف في حال المقرئ إذا اختلف في أمره.
4- يجمع هذا الكتاب بين فني الرواية والدراية كما نص عليه صاحبه في مقدمته، ذلك أن ابن الجزري لم يكتف في هذا الكتاب ببيان ما نقله المقرئ عن شيخه وما نقله إلى تلميذه، وإنما يعمل بعد ذلك على بيان مدى صحة ذلك النقل ومدى اتصال ذلك السند، والحال التي كانت عليها رواية القراءة وطريقة تلقى القراء لقراءاتهم، كما كان يجتهد في كشف علل الأسانيد والشذوذ في القراءة ويبين انفرادات القراء.
5- امتاز هذا الكتاب بخاصية الشمول المكاني، بحيث سمحت رحلاته ابن الجزري الكثيرة، وتنقلاته شرقا وغربا، وظروف عصره التي أوجدت قراء في كل البلدان بأن يظهر ذلك في طبقاته، فلم تكن تراجمه حكرا على القراء الشاميين أو المصريين أو غيرهم فحسب، وإنما شملت قراء بلاد عديدة، وأوطان كثيرة، فقد ترجم للشامي والمصري والعراقي والبغدادي والكوفي والحجازي واليمني والأندلسي والتونسي والبجايي والمغربي والتلمساني والتركي و غيرهم.
6- وامتاز أيضا بخاصية الشمول النوعي، فهو لم يقصر تراجمه على نوع معين من القراء على أساس المذهب العقدي أو الفقهي أو على أساس الجنس أو الوظيفة أو غير ذلك، فقد ترجم للشافعي والمالكي والحنفي والحنبلي والظاهري والزيدي والشيعي والصوفي والمعتزلي والأشعري والرافضي كما ترجم للعلماء والقضاة والزهاد والأمراء والمدرسين والأدباء والخطباء والمؤذنين، وترجم أيضا للنساء كما ترجم للرجال إلا أن ذلك كان قليلا لقلة تصدر النساء للقراءة والإقراء، وشرطه الوحيد في ضابط تراجمه أن يكون من أصحاب القراءة والإقراء.
7 - وامتاز أيضا بخاصية الشمول الزماني حيث لم نجد تراجمه مقتصرة على قراء زمن معين أو طبقة محددة بل ترجم لكل القراء صغارا كانوا أو كبارا متقدمين كانوا أو متأخرين، منذ ظهور القراءات حتى زمانه.
فقد ترجم للقراء من الصحابة وكبار التابعين وصغارهم وتابعيهم ومن بعدهم كما ترجم لقراء زمانه من معاصريه وأصحابه وشيوخه وتلاميذه وأبنائه وغيرهم.
8 - ومن خواصه أيضا أنه يشير إلى المواضع التي ذكر فيها المقرئ المترجم له من كتب القراءات المعتمدة وذلك بطريقة رمزية مختصرة, بحيث يضع الحرف الذي يرمز للموضع بين قوسين مقرونا باسم المقرئ.
وجملة تلك الرموز: النشر (ن) - التيسير(ت) - جامع البيان (ج) - الكامل (ك) - المبهج(مب) - المستنير (س)، الكفاية الكبرى (ف)، الغاية (غا) ولجميع هذه الكتب (ع).
نسبته إلى ابن الجزري لا مجال للشك في نسبة هذا الكتاب إلى ابن الجزري و ذلك لما جاء صريحاً في قول الناسخ لدى مطلعه: "قال سيدنا الشيخ الإمام العلامة... إمام الحفاظ شمش الدين أبو الخير محمد بن محمد بن محمد الجزري الشافعي..." .
وكان ابن الجزري نفسه قد أشار إليه في مصنفاته الأخرى، في منجد المقرئين، ونسبه إليه السخاوي وحاجي خليفة وطاش الكبرى زاده وإسماعيل البغدادي وبروكلمان. مخطوطاته يوجد من هذا المؤلف نسخ مخطوطة عديدة أهمها: - نسخة في مكتبة الاستانة مسجلة برقم: 234، ونسخت عن نسخة قرئت على المؤلف سنة 977هجرية. - نسخة في دار الكتب المصرية بالقاهرة مسجلة برقم: 1616، نسخت خلال القرن العاشر، وأخرى نسخت في سنة 1182هجرية. - نسخة في المكتبة آصفية بحيدر أباد بالهند مسجلة برقم: (222 رجال)، وهي ناقصة ونسخت خلال القرن العاشر عدد أوراقها: 80 ورقة. - نسخة في المكتبة العبدلية بجامع الزيتونة بتونس مسجلة برقم: 426 عدد أوراقها: 264 من الجزء الأول ، نسخت سنة 1095هـ. - نسخة منقوصة في مكتبة مفينسا مسجلة برقم: 268، ولا يوجد منها سوى الجزء الأول فقط، فيها حتى منتصف مادة "محمد" نسخت خلال القرن الحادي عشر، في 129ورقة.
طبعاتـه: طبع هذا الكتاب عدة طبعات هي: - طبع لأول مرة بمصر في جزأين، وعني بنشره ج. برجستر سنة 1351هجرية/1932هجرية، وبعد وفاته تولى النشر برينزل، وأشرف على التصحيح الشيخ علي الضباع.
- وطبع مصوراً على هذه الطبعة في مكتبة المثنى ببغداد، وفي دار الكتب العلمية بيـروت سنـة 1402هجـرية/1982 ميـلادية (ومرة أخرى في سنة 1402هجرية/1988م) وفي مكتبة المتنبي بالقاهرة سنة 1400هـ/1980م.
ويلاحظ على هذه الطبعات أنها تمثل تصويراً للنسخة الأولى التي تولى الشيخ الضباع تصحيحها، وإنها لخالية من التحقيق العلمي حيث عدمت فيها مقابلات النسخ فظلت بها بعض الفراغات والبياضات لم تملأ، كما افتقدت أيضاً للتعليقات والتهميشات على نصها، وهي باختصار ليست سوى إخراج لنسخة من نسخ المخطوط. وهي لا تزال بحاجة إلى من يحققها ويعمل جاهداً على إملاء فراغتها.
ثالثاً: نهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات. نهاية الدرايات هو كبرى طبقات القراء ابن الجزري، وهو يعتبر أصل لمادة الطبقات الصغرى إذ هو مختصر له، ويبدو من خلال مختصره الغاية أنه مؤلف ضخم مكون من مجموعة أجزاء إذ جاء مختصره في مجلدين كبيرين.
قال ابن الجزري: "... اختصرت فيه كتاب طبقات القراء الكبير الذي سميته: نهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات، أتيت فيه على جميع مافي كتابي الحافظين: أبي عمرو الداني وأبي عبد الله الذهبي -رحمهما الله- وزدت عليها نحو الضعف".
هذا حديثه عن مضمون الغاية وهو الطبقات الصغرى فما بالك إذاً بالنهاية الذي هو الطبقات الكبرى.
ويستشف من خلال بعض إحالات ابن الجزري عليه أنه مؤلف أطال فيه كثيراً في ذكر أحوال المترجم لهم وأحداثهم، واستقصى كل ماورد عنهم من أخبار وأقوال، ومن ذلك مثلاً ما جاء ذكره في ترجمة أبي بن كعب حيث قال حين ساق إسناد قراءة نافع من جهته: "وقد بسطت ترجمته في الطبقات الكبرى، وذكرت ما قيل في ذلك، وما قلت من المناسبة فليطالع هناك, وبين طرق حديث: "أقرؤكم أبي ابن كعب".
هذا وقد استغرقت ترجمته المختصرة في الغاية أزيد من الصفحة وذكر أيضا أنه بسط قضية الإمام أبي الحسن السخاوي مع تلميذه في حق جارية له فقال:"وقضيته التي حكاها العدل شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري في تاريخه مع تلميذه في حق جاريته معروفة ذكرتها في الطبقات الكبرى تدل على مقداره".
زمن تأليفه كان ابن الجزري قد أشار في كتابه الغاية إلى زمن تأليف أصل النهاية فقال"وابتدأت بتأليف أصله في شهور سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة, وفرغت منه يوم الأحد سادس عشر من جمادى الأخيرة من سنة أربع وسبعين وسبعمائة بدرب كسك داخل دمشق المحروسة"، وعلي هذا يكون قد استغرق زمن تأليفه نحو السنتين وبضعة أشهر فقط.
نسبته إلى ابن الجزري لاشك في أن هذا الكتاب هو لابن الجزري، ويكفي لتأكيد ذلك ما جاء صريحا عنه في بعض مصنفاته في أكثر من موضع, فقد ذكره في غاية النهاية أكثر من ثلاث مرات، وذكره أيضا في منجد المقرئين.
وذكره أيضا ونسبه إليه كل من السخاوي وحاجي خليفة وإسماعيل البغدادي، وبالرغم من أهمية هذا الكتاب لما جمعه من أحوال القراء، وما قيل فيهم من أقوال وأراء، وما تقصاه في إيراد أخبارهم إلا أنه يعد من المؤلفات المفقودة؛ إذ لا نجد من مفهرسي المخطوطات من ذكر له موضوعا واحدا لنسخة منه. ولولا إحالات ابن الجزري نفسه عليه و إشارات إليه لما عرف هذا الكتاب ولما علم من أمره شيء.
المطلب الثاني: مؤلفاته في أسانيد القراءات والرسم القرآني ويشمل هذا المطلب على ما يلي:
أولاً: مؤلفه في أسانيد القراءات: جامع أسانيد القراءات. لقد عني ابن الجزري بأسانيد القراءات، فاهتم بدراسة اتصالها وصحتها وبيان مدى علوها وكشف عللها, وكان لا يورد قراءة ولا يفردها إلا بعد أن يسوق مجموعة الأسانيد التي بها وصلته القراءة, وكان قد جمع القراءات العشر من نحو ألف طريق كانت كلها غاية في الصحة والعلو.
وحين كثرت أسانيده نتيجة لكثرة شيوخه وتباعد أمصارهم قام بتأليف كتاب ذكر فيه جميع أسانيده في القراءة و أسماه جامع أسانيد القراءات.
وكان ابن الجزري قد استهله بقوله: ".. أما بعد: حمداً لله الذي جعل الإسناد من أركان الدين...".
نسبته إلى ابن الجزري: لم أجد هذا الكتاب مذكوراً ولا مشاراً إليه في مصنفات ابن الجزري ولم أجد أيضاً من ذكره غير د . ششن في نوادره.
مخطوطاته: يوجد من هذا المؤلف نسخة مخطوطة وحيدة في دار المثنوي بتركيا مسجلة برقم:11، ونسخة في سنة 942 ﻫـ في 73ورقة.
ثانيا: مؤلفاته في الرسم القرآني. يراد بالرسم القرآني هيئة كتابة الكلمة القرآنية وحروفها بالصورة التي جاءت بها في المصحف العثماني سواء وافقت الرسم القياسي أم خالفته.
والأصل في المرسوم أن يكون موافقا تماما للمنطوق به, من غير زيادة ولا نقص ولا إبدال, وهذا ما افتقد في المصاحف العثمانية لدى كلمات كثيرة وفي أحرف عديدة.
حيث جاء المرسوم على خلاف المنطوق, وهذه الظاهرة حين استفحلت في رسم المصاحف العثمانية دفعت العلماء إلى تفسيرها, وإيضاح التغاير بين المرسوم والمنطوق, محاولين في ذلك وضع قواعد تخص الرسم القرآني مغايرة لتلك التي وضعت للرسم القياسي العام.
وبالرغم من هذا التباين بين المرسوم والمنطوق القرآنيين فإننا نؤكد أن ثمة علاقة تناوبية بين الرسم القرآني والقراءات الثابتة المتواترة, ولعل إرادة كتبة المصحف العثماني جمع قراءات شتى في رسم واحد كانت أحد الأسباب التي أدت إلى هذه الظاهرة.
وقد عني العلماء بحصر تلك الكلمات القرآنية التي غاير مرسمها منطوقها, ووضعوا لذلك قواعد وأصول يرجع إليها في هذا الشأن، وقد أفرد بعض الأئمة لذلك مؤلفات خاصة جمعت شتات هذا الموضوع، كما فعل الإمام أبو عمرو الداني في كتابه: المقنع في رسم المصحف وغيره.
وكان الإمام ابن الجزري قد أسهم في هذا الشأن بمؤلفين اثنين هما:
أولاً: البيان في خط عثمان. يظهر من خلال هذا العنوان أن ابن الجزري يبحث فيه موضوع الرسم العثماني, وما جاء فيه من تباين بين مرسوم الكلمة القرآنية ومنطوقها من حيث الزيادة نحو "سأوريكم دار الفاسقين"، حيث رسمت بزيادة واو بعد الهمزة، ومن حيث النقصان نحو: "ننجى" في قوله: "فنجى من نشاء"، حيث رسمت بحذف النون الثانية.
ومن حيث الإبدال نحو: "لأهب" في قوله: "لأهب لك غلاماً زكياً"، على رواية الإمام ورش، وغير ذلك مما وقع من مخالفات بين الرسوم والمنطوق القرآنين.
نسبته إلى ابن الجزري لم أجد ابن الجزري يذكر هدا المؤلف فيما وصلنا من مصنفاته وإنما ذكره وأشار إليه كل من إسماعيل البغدادي. ولم تذكر كتب فهارس التراث أي موضع يمكن أن توجد فيه نسخة من هذا الكتاب, وبهذا فإننا نجده في عداد الكتب المفقودة.
ثانيا: الظرائف في رسم المصاحف. وهذا المؤلف أيضا هو في موضوع سابقه, ولم ترد إليه إشارة من ابن الجزري في كتبه, ولم أجده مذكورا منسوبا إليه إلا عند الشيخ الضباع في ترجمته لابن الجزري في مقدمة كتاب: النشر في القراءات العشر.
ولم تشر إليه فهارس المخطوطات مما يدل على فقده هو الآخر أيضاً.
تعليق على مؤلفات ابن الجزري في علم القراءات اتسمت مؤلفات ابن الجزري في الجملة بالسمات التالية: أولاً- التنوع والشمول في علم القراءات, فقد تناولت القراءات بأنواعها: السبع والعشر والثلاث المتممة للعشر والشاذة كما تناولت أصول القراءات وفرشها وأحكامها ومفردات القراء والمسائل المستقلة في الأحكام الخاصة.
كما اشتملت أيضاً على مسائل علم التجويد والرسم القرآني وتراجم القراء ولا تخفى العلاقة بين القراءات وهذه الفنون.
ولم تكن مؤلفات ابن الجزري على لون واحد من ألوان التأليف وإنما كانت متنوعة فقد كانت مؤلفاته نظماً ونثراً وكانت تأليفاً جديداً وشروحاً لمؤلفات أخرى ومختصرات لبعضها وجاء منها ما هو ذيل على كتاب آخر.
ثانياً- الجدة والإبداع في مسائل القراءات وموضوعاتها: المطروحة, فكان ابن الجزري كثيراً ما يشير إلى مسائل لم يسبق إليها، وإلى أحكام لم تحك عَمَّنْ قبله.
ويلمح أيضاً في مؤلفاته تجديد في منهج علم القراءات بحيث نجده أول من عرف القراءات بأنها علم, واخضع مسائله وموضوعاته إلى منهج علم الحديث إذ نجده يعتبر مخرج القراءات كمخرج الحديث من حيث الإسناد والرواية.
ولم يقصر علم القراءات على الرواية فحسب بل جعله علماً يتطلب إلى فن الدراية، وكان قد عاب على من لا دراية له في علم الإسناد وكشف العلل وهو حال الكثير من القراء السابقين.
وبناءً على هذا المنهج الذي انتهجه أعاد النظر في كثير من طرق القراءات تصحيحا وتضعيفا، كما أعاد النظر في كثير من أحكامها ترجيحاً ورداً واجتهد في أحوال بعض الرواة توثيقاً وتجريحاً.
ثالثاً- الإكثار من التأليف في علم القراءات وما يتعلق به؛ حيث بلغت مؤلفاته في ذاك إجمالاً ثمان وأربعين كتاباً منها ستاً وثلاثون في القراءات بأنواعها وستة في التجويد وأربعة في تراجم القراء وأسانيد القراءات واثنان في الرسم القرآني.
ومن خلال هذا يظهر أن حصة الأسد من مؤلفات ابن الجزري كانت في القراءات؛ حيث بلغت في القراءات العشر ستة مؤلفات وفي القراءات السبع أربعا وفي القراءات الثلاث ثلاثاً وفي القراءات الشاذة أربعاً وفي مسائل القراءات ومفردات القراء ستة عشر, و الباقي منها في الرسم القرآني والتجويد وتراجم القراء.
وقد وقفت على عشرة مؤلفات -فقط- من مؤلفاته مطبوعاً وثلاث وعشرين كتاباً منها مخطوطاً وما بقي منها فهو في عداد ما فقد من المؤلفات ونلاحظ أن ما طبع من مؤلفاته لم يكن بالتحقيق العلمي الكافي؛ إذ خلت كثير من المؤلفات المطبوعة من مقابلات النسخ ومن إملاء الفراغات وبياضات المخطوط ومن تصحيح ما صحفه النساخ ووهموا فيه...
وبالرغم من أهمية جهود ابن الجزري في التأليف وقيمتها العلمية فإنها لم تلق العناية اللازمة من التحقيق؛ حيث بقي أزيد من عشرين مؤلفا في القراءات ينتظر من يحققها ويخرجها إلى النور, كما أن ما طبع منها أيضا لا زال في حاجة إلى إعادة تحقيقه تحقيقا علميا و ألا يترك على ما هو عليه.
رابعاً- اعتمد ابن الجزري في جل مؤلفاته المنظومة على الأسلوب الرمزي حيث نجده يرمز للقراء بحروف هجائية يصطلح عليها، وهذا منهج قديم استعمله من قبله جماعة من المؤلفين كالشاطبي وغيره.
|
| | | | الفصل الثالث: مؤلفاته في علم التجويد والرسم وتراجم القراء | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |