س 14: متى يجب سوق الهدي؟ ومتى يُسن؟ وما الذي يُسن إشعاره، والذي لا يُسن؟ وأين موضع الإشعار؟ وأين موضع التقليد؟ وما حكمه؟ وإذا نذر هديًا وأطلق فما المجزئ؟ وإذا نذر فهل تجزئ البقرة؟ وتكلم عما إذا عين شيئًا بنذر، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل.
ج: يجب هدي بنذر لحديث: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» ولأنه نذر طاعة، فوجب الوفاء به كغيره من النذر، وسواء كان منجزًا أو معلقًا.
ومن النذر إن لبست ثوبًا من غزلك فهو هدي فلبسه، ونحوه من النذور المعلقة، على شرط إذا وجد وسن سوق حيوان أهداه من الحل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله، فساق في حجة الوداع مائة بدنة، وكان يبعث بهديه إلى الحرم وهو بالمدينة. ولا يجب سوقه أي الهدي؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر به. والأصل عدم الوجوب إلا بالنذر؛ لحديث: «من نذر أن يطيع الله، فليطعه»، ويستحب أن يقفه بعرفة، روي عن ابن عباس، وكان ابن عمر لا يرى هديًا إلا ما وقفه بعرفة. وسن إشعار بدن، وإشعار بقر بشق صفحته اليمنى من سنام أو شق محل السنام، مما لا سنام له من إبل أو بقر حتى يسيل الدم.
وسن تقليدهما مع غنم النعل وآذان القرب والعري؛ لما ورد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: فتلت قلائد بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم أشعرها، ثم بعث بها إلى البيت، فما حرم عليه شيء كان له حلاً متفق عليه. وعن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى مرة إلى البيت غنمًا، فقلدها. رواه الجماعة، وفعله الصحابة أيضًا؛ ولأنه إيلام لغرض صحيح فجاز، كالكي والوسم والحجامة، وفائدته توقي نحو لص لها وعدم اختلاطها بغيرها؛ وأما الغنم فلا تشعر لأنها ضعيفة، وصوفها وشعرها يستره؛ وأما تقليده، فلحديث عائشة –وتقدم قبل ثلاثة أسطر-.
وإذا ساق الهدي من قبل الميقات، استحب إشعاره وتقليده في الميقات؛ لما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا ناقته، فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن، وسلت الدم عنها وقلدها نعلين» الحديث رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. وعن المسور بن مخرمة ومروان، قالا: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة في بضع عشرة مائة من أصحابه، حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدي، وأشعره وأحرم بالعمرة. رواه أحمد والبخاري وأبو داود. وإذا نذر هديًا مطلقًا، فأقل مجزي عن نذره شاة جذع ضأن، أو ثني معز، أو سبع من بدنة، أو بقرة لحمل المطلق في النذر على المعهود الشرعي. وإن ذبح البدنة أو البقرة كانت كلها واجبة لتعينها عما في ذمته بذبحها عنه، وإن نذر بدنة أجزأُته بقرة إن أطلق البدنة لمساواتها لها. وإن نذر معينًا أجزأه ما عينه، ولو كان صغيرًا أو معيبًا أو غير حيوان، كعبد وثوب ودراهم وعقار، والأفضل كون الهدي من بهيمة الأنعام، لفعله -صلى الله عليه وسلم-.
س 15: أين محل الهدي عند الإطلاق وعند التعيين للموضع؟ تكلم بوضوح عن الدماء التي يؤكل منها والتي لا يؤكل منها، واذكر ما تستحضره من الدليل والتعليل.
ج: على الناذر إيصاله إن كان مما ينقل، أو إيصاله ثمن غير منقول كعقار لفقراء الحرم، لقوله تعالى: { ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ } ولأن النذر يحمل على المعهود شرعًا، وسُئل ابن عمر عن امرأة نذرت أن تهدي دارً، قال: تبيعها وتتصدق بثمنها على فقراء الحرم، وكذا إن نذر سوق أضحية إلى مكة أو قال: لله عليَّ أن أذبح فيلزمه للخير.
وإن عين بنذره شيئًا غير الحرم، ولا معصية فيه، تعين ذبحًا وتفريقًا لفقراء ذلك الموضع؛ فإن كان الموضع الذي عينه به صم أو شيء من أمر الكفر أو المعاصي، كبيوت النار، والكنائس ونحوها، فلا يوف بنذر.
لما ورد عن ميمونة بنت كردم قالت: كنت ردف أبي فسمعته يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله، إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة، فقال: «أهي وثن أو طاغية» قال: لا، قال: «أوف بنذرك» رواه أحمد وابن ماجه.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا، مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية. قال: «لصنم؟» قالت: لا. قال: «لوثن؟» قالت: لا، قال: «أوف بنذرك» رواه أبو داود؛ ولأن نذر المعصية يحرم الوفاء به لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لا نذر في معصية الله؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : «ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه».
وسن أكله وتفرقته من هدي التطوع لقوله تعالى: { فَكُلُوا مِنْهَا } وأقل أحوال الأمر الاستحباب، وقال جابر: كنا لا نأكل من بدننا فوق ثلاث، فرخص لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: «كلوا وتزودوا، فأكلنا وتزودنا» رواه البخاري، والمستحب أكل اليسير؛ لحديث جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها» رواه أحمد ومسلم؛ ولأنه نسك، فاستحب الأكل منه كأضحية.
مما يتعلق بالهدي والأضحية
وتعيين هدي التلفظ حاصل ... وإشعاره مع نية وتقلد
وأضحية باللفظ لا باشترائه ... بنيته حال الشراء في الموطد
فما لم يعين منهما لك ظهره ... وما زاد واسترجاع ما لم تقدر
وليس يزيل الملك تعيين هديه ... وأضحية من قبل ذبح بأوطد
فإن شا يهبها أو يبيعها ويبدلن ... بأجود في الأولى ومثل بمبعد
وإن تفتقر فاركب إذا لم يضرها ... ومع ذبحها إيجاب ذبح المؤكد
ويضمنها إن نقصها بركوبها ... لتعليق حق الغير ياذا الترشد
ومن درها فاشرب عن الولد فاضلاً ... وجز متى ينفع وللفقر أجد
ولا تعط جزارًا من اللحم أجرة ... ولا جلدها حتمًا ولا الشعر وارقد
وإن شئت أبقيه لنفعك دائمًا ... إذا كان من أضحية لا من الهدي
وأما الهدايا الواجبات فكلها ... إلى أهلها أوصل بغير تقيد
وإن سرقت من بعد ذبحك أجزأت ... وفي أي وقت مجزئ ذبح معتد
ولا غرم أن ينوي بذبح لربها ... كذلك أن ينوي له في المؤكد
وعن أحمد الزمه في ذا ضمانها ... ولم يجز عن كل على نص أحمد
ومتلفها ألزمه قيمتها وإن ... يكن ربها ألزمه بالمتزيد
من المثل أو من قيمة يوم هلكها ... وقيل من التعيين حتى التفسد
فإن مثلها أدى وأخرجه فاضلاً ... أجز واشترى مقدارها وبه جد
وليس عليه غرم ثاو وضائع ... بلا رهنه وانحر لخوف الردى قد
فإن مات لم يذبحه مع خوف هلكه ... ضمنت لتفريط وإلا فلا أشهد
وإن يتعيب بعد إجراء ذبحه ... وكان له هديًا وأضحية زد
إذا كان عن هدي عليك محتم ... وإلا فلا تضمن إذا لم تنكد
وإن كل هدي واجب عن محله ... فذاك متى أفشى نواه وجدد
ومن دمه عَلِّم بصفحته لكي ... تدل على تحليله كل مرمد
ولا يأكلن منه ولا رفقة له ... وسيان ذو وفر وفقر ملدد
كذا حكم هدي النقل إن لم يعد فإن ... يعد قبل ذبح فهو ملك له طد
ولا فرق في الأحكام بين معين ... بنقل وعما كان في الذمة اطرد
وإن بنو أو ما ضل أو غاب أو عطب ... فضمنه ما في ذمة بمجدد
ولا ترجعن في عاطب ومعيبه ... وضائعه من بعد ذبح بأوكد
وموصل هدي لم يعين محله ... سليمًا فذاك يجزي عن متقصد
ويشرع سوق الهدي من حله وأن ... توقفه في الموقف المتأكد
وإشعار بدن في يمين سنامها ... وتقليد كل نحو نعل مقدد
ولا شيء فيما قد تقدم واجب ... وموج هدي نذره غير ما ابتدى
وتجزئ في الإطلاق شاتك عن دم ... كذا سبع إحدى البدن والبقر احدد
وواجبها سبع إذا ما ذبحتها ... بوجه ووجه كلها واجب جد
ويجزيك ما أجزأك أضحية وما ... يرد بعيب في الضحايا هنا اردد
ومنها تعين يجر إيصاله إلى ... ربا مكة من غير تعيين مقصد
ولو إنه نذر معب وإن ترد ... سوى مكة في النذر يلزم فاقصد
ويشرع ترك الأكل من هدي نقله ... لإخراجه لله جد لا تردد
ولا يطمعن من واجب المهدي محرم ... سوى الأكل من هدي لغير المفرد
يحرم أكل من هدايا نذوره ... وأكلك أيضًا من هدايا التصيد
وقولان في تحليل باقي دمائه ... التي وجبت في المذهب النفل فاعمد
س 16: متى تجب الأضحية؟ وأيما أفضل ذبحها أم الصدقة بثمنها؟ وما صفة العمل بلحمها؟ وما حكم الأكل منها؟ وما الذي يضمن منها؟ وهل لمالكها لإهداء منها، وإذا منع الفقراء اللحم حتى أنتن، فما الحكم؟ وهل يكفي إطعام الفقير عن تمليه، وما حكم الادخار؟ واذكر الدليل أو التعليل.
ج: تجب الأضحية بالنذر لحديث: «من نذر أن يطيع الله فليطع، وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها»، وكذا هدي لحديث: «ما عمل ابن آدم عملاً أحب إلى الله من هراقة، وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فيطيبوا بها نفسًا» رواه ابن ماجه – وقد ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهدى الهدايا والخلفاء بعده، ولو أن الصدقة بالثمن أفضل لم يعدلوا عه. وسن أن يهدي وأن يأكل ويتصدق أثلاثًا؛ لحديث ابن عباس مرفوعًا في الأضحية، قال: «ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤال بالثلث». قال الحافظ: قال أبو موسى: هذا حديث حسن، ولقوله تعالى: { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ } .
قال الحسن: القانع: الذي يسألك، والمعتر: الذي يتعرض لك ولا يسألك.
وقال مجاهد: القانع: الجالس في بيته، والمعتر: الذي يسألك، فجعلها بين ثلاثة، فدل على أنها بينهم أثلاثًا؛ ولقول ابن عمر: الضحايا والهدايا ثلث لك، وثلث لأهل بيتك، وثلث للمساكين، وإن أطعمها كلها أو أكثرها فحسن ولا يجب الأكل منها، ولا الإهداء منها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر خمس بدنات، وقال: «من شاء فليقتطع، ولم يأكل منها شيئًا، ولأنها ذبيحة يتقرب بها إلى الله، فلم يجب الأكل منها كالعقيقة» فيكون الأمر للاستحباب. ويضمن إن أكلها كلها ضمن أقل ما يقع عليه الاسم كالأوقية بمثله لحمًا، وقيل: العادة، وقيل: الثلث، ويعتبر تمليك الفقير فلا يكفي إطعامه؛ لأنه إباحة.
وما ملك مضح أو مهد أكله كأكثرها فله هديته؛ لأنها في معنى أكله، وإلا يملك أكله، ضمنه بمثله لحمًا كبيعه وإتلافه. ويضمن الهدي والأضحية، أجنبي أتلفه بقيمته كسائر المتقومات، وإن منع الفقراء منه حتى أنتن، ضمن نقصه وإن انتفع به وإلا فإنه يضمن قيمته كإعدامه.
ونسخ تحريم الادخار للحوم الأضاحي، لحديث: «كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فأمسكوا ما بدا لكم» رواه مسلم، ولحديث عائشة مرفوعًا: «إنما نهيتكم للدافة التي دفت، فكلوا وتزودوا وتصدقوا وادخروا» قال الشيخ: إلا زمن مجاعة لأنه سبب الادخار، وقال: الأضحية من النفقة بالمعروف، فتضحي المرأة من مال زوجها عن أهل البيت بلا إذنه عند غيبته، أو امتناعه كالنفقة عليهم.
س 17: ما الذي يحرم على مريد الأضحية؟ ومتى أول وقت التحريم وآخره؟ واذكر الدليل والخلاف.
ج: إذا دخل عشر ذي الحجة، حرم على من يضحي أو يضحي عنه أخذ شيء من شعره، أو ظفره، أو بشرته إلى الذبح؛ لحديث أم سلمة مرفوعًا: «إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي». وفي رواية: «ولا من بشرته». وقيل: يكره لقول عائشة - رضي الله عنها -: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يقلدها بيده، ثم يبعث بها، ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي. متفق عليه. والذي يترجح عندي القول الأول. والله سبحانه أعلم.
وقد أجيب عن حديث عائشة، بأنه في إرسال الهدي، ومن «شرح الإقناع»، قال: وأيضًا، فحديث عائشة عام، وحديث أم سلمة خاص، فيحمل العام عليه، وأيضًا فحديث أم سلمة من قوله، وحديث عائشة من فعله. وقوله مقدم على فعله لاحتمال الخصوصية؛ فإن أخذ شيئًا من شعره أو ظفره أو بشرته تاب إلى الله تعالى لوجوب التوبة من كل ذنب. وقال في «شرح الاقتباس»، قلت: وهذا إذا كان لغير ضرورة، وإلا فلا إثم كالمحروم، وأولى ولا فدية عليه إجماعًا، سواء فعله عمدًا وسهوًا. وإذا كان عند المضحي أكثر من واحدة، فإذا ذبح الأولى حل له الأخذ من شعره وظفره وبشرته.
من النظم مما يتعلق بالأضحية
وبادر إلى أضحية مستجيدها ... وليست بذبح واجب في المؤكد
وذبحك نفلاً فائق بذل قيمة ... ولم يجز غير الذبح في فرضها قد
وتجزئ أهل البيت شاة جميعهم ... ولا يمنع الإيجاب أكلاً بأجود
فيشرع إهدا الثلث والصدقات بالثليث ... وجوز أكل ثلث فازهد
وأوسطها أهد وكل أنث ثلثها ... كذا الحكم في هدي التطوع قيد
ويجزئك القدر المسمى وقيل ما ... تهودي وقيل الثلث غير مقيد
ويضمن ما يأتي على الكل ثلثها ... وقيل الذي يجزي تصدقه قد
وإما تعين في الضحايا معيبة ... يجب ذبحها لحمًا وإن تبر جود
ولا نقض من أضحية الميت دينه ... ووراثهُ فيها كحكم الملحد
وفي العشر لا تقطع من الشعر إن ترد ... تضح ولا ظفر وحرم بأجود
3- العقيقة
س 18: ما هي العقيقة؟ وما حكمها؟ ومن المخاطب بها؟ ومتى وقتها؟ وما هي الحكمة فيها؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف.
ج: أصل العقيقة، صوف الجذع، وشعر كل مولود من الناس، والبهائم الذي تولد عليه، يقال: عقيقية وعقة أيضًا بالكسر، وبه سميت الشاة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه عقيقة؛ لأنه يزال عنه الشعر يومئذ فسميت باسم سببها.
وقال زهير يذكر حمارًا وحشيًّا:
أذلك أم أقب البطن جار ... عليه من عقيقته عفاء
وقال امرؤ القيس:
فيا هند لا تنكحي بوهة ... عليه عقيقته أحسبا
هو الذي شعر رأسه شقرة، وقيل: إنه مأخوذ من العق، وهو الشق والقطع، فسميت الذبيحة عقيقة؛ لأنه يشق حلقومها، وهي سُّنة مؤكدة عند الجمهور لأمره - صلى الله عليه وسلم - وفعل أصحابه والتابعين المستفيض، قال مالك: لا اختلاف فيه عندنا، وهو المعمول به في الحجاز قديمًا وحديثًا، وهو مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما.
لما ورد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن العقيقة؟ فقال: «لا أحب العقوق» وكأنه كره الإسم، فقالوا: يا رسول الله، إنما نسألك عن أحدنا يولد له، قال: «من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عقّ عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا» رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة، وابن الجارود، وعبد الحق؛ لكن رجح أبو حاتم إرساله، وأخرج ابن حبان من حديث أنس نحوه.
وقيل: واجبة شرعت فدية يفدي بها المولود، كما فدى الله إسماعيل الذبيح بالكبش، وكانت تفعل في الجاهلية، فأقرها الإسلام وأكدها، وأخبر الشارع أن الغلام مرتهن بها.
فعن سمرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمي» رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي. قال شيخ الإسلام: العقيقة فيها معنى القربان والشكر والصدقة والفداء، وإطعام الطعام عند السرور، فإذا شرع عند النكاح، فلأن يشرع عند الغابة المطلوبة، وهو وجود النسل أولى. وقال أحمد: إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سُّنة واتبع ما جاء به عن ربه. قال ابن القيم: وهذا لأنها سُّنة ونسيكة مشروعة بسبب تجدد نعمة على الوالدين، وفيها سر بديع موروث عن فداء إسماعيل، بالكبش الذي ذبح عنه وفداه الله به، فصار سُّنة في أولاده بعده أن يفدي أحدهم عن ولادته بذبح يذبح، ولا يستنكر أن يكون هذا حرزًا له من الشيطان بعد ولادته كما كان ذكر اسم الله عند وضعه في الرحم حرزًا له من ضرر الشيطان. اهـ. في «تحفة المودود».
وفي العقيقة مصالح، منها: إظهار البِشْر النعمة، ومنها: نشر النسب، ومنها: اتباع سبيل السخاء وعصيان داعي الشح والبخل، فإن فات الذبح في اليوم السابع، ففي أربعة عشر، فإن فات، ففي إحدى وعشرين؛ لحديث بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في العقيقة تذبح لسبع، ولأربع عشرة، ولإحدى وعشرين» أخرجه الحسين بن يحيى بن عباس القطان، ويروى عن عائشة نحوه، ولا تعتبر الأسابيع بعد ذلك، فيعق أي يوم أراد لأنه قد تحقق سببها، وهي سُّنة في حق الأب.
س 19: ما مقدار العقيقة للذكر والأنثى؟ وما حكم ذبحها قبل السابع أو قبل الولادة؟ وهل يجزي فيها شرك في دم؟ وضح ذلك. وما الذي يُسن فعله في اليوم السابع غير الذبح؟ وهل يعق غير الأب، وإذا كبر ولم يعق عنه فما الحكم؟ وهل يعق عن اليتيم؟
ج: السُّنة أن يذبح عن الغلام شاتين، وعن الجارية شاة، لما ورد عن أم كرز الكعبية، أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة؟ فقال: «نعم، عن الغلام شاتان، وعن الأنثى واحدة، لا يضركم ذكرانًا أو إناثًا» رواه أحمد والترمذي وصححه، وتقدم حديث عمرو بن شعيب في الجواب الذي قبل هذا. وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة» رواه أحمد والترمذي وصححه. وفي لفظ: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نعق عن الجارية شاة، وعن الغلام شاتين» رواه أحمد وابن ماجه.
ولأنه إنما شرع للسرور بالمولود، والسرور بالغلام أكثر، ولكونها فداء النفس، أشبهت الدية في كون الأنثى على النصف من الذكر؛ وهذا قول الأكثر.
وكان ابن عمر يقول: شاة شاة؛ لحديث بن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا» رواه أبو داود.
وقال مالك: شاة عن الذكر، والأنثى؛ كما هو قول ابن عمر، والقول الأول عندي أنه أرجح. والله سبحانه أعلم.
قال ابن القيم في الهدي: فإن قيل عقه عن الحسن والحسين، يكفي كبش، يدل على أن هديه أن على الرأس رأسًا. قالوا: ولأنه نسك، فكان على الرأس مثله كالأضحية، ودم التمتع، فالجواب: أن أحاديث الشاتين من الذكر، والشاة من الأنثى،
أولى أن يؤخذ بها لوجوه: أحدها: كثرتها.
ثانيًا: أنها من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحاديث الشاتين من قوله، وقوله عام، وفعله يحتمل الاختصاص.
الثالث: أنها متضمنة لزيادة؛ فكان الأخذ بها أولى.
الرابع: أن الفعل يدل على الجواز؛ وللقول يدل على الاستحباب، والأخذ بهما ممكن فلا وجه لتعطيل أحدهما.
الخامس: أن قصة الذبح عن الحسن والحسين، كانت عام أُحد، والعام الذي بعده، وأم كرز سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - ما روته عام الحديبية، سنة ست بعد الذبح، عن الحسن والحسين، قاله النسائي في كتابه الكبير.
السادس: أن قصة الحسن والحسين، يحتمل أن يراد بها بيان جنس المذبوح، وأنه من الكباش لا في تخصيصه بالواحد، كما قالت عائشة: ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه بقرة، وكن تسعًا؛ ومرادها الجنس لا التخصيص بالواحدة.
السابع: أن الله سبحانه فضل الذكر على الأنثى، كما قال: { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [36: 3] ومقتضى التفاصيل ترجيحه عليها في الأحكام، وقد جاءت الشريعة بهذا التفضيل، في جعل الذكر كالأنثيين في الشهادة، والميراث والدية، فكذلك ألحقت العقيقة بهذه الأحكام.
الثامن: أن العقيقة تشبه العتق عن المولود؛ فإنه رهين بعقيقته، فالعقيقة تفكه وتعتقه، وكان الأولى أن يعق عن الذكر بشاتين، وعن الأنثى بشاة، كما أن عتق الأنثين يقوم مقام عتق الذكر، كما في «جامع الترمذي» وغيره.
عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلمًا كان فكاكه من النار، يجزي كل عضو منه عضوًا منه، وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار، يجزي كل عضو منهما عضوًا منه، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة كانت فكاكها من النار، يجزي كل عضو منها عضوًا منها» وهذا حديث صحيح انتهى باختصار من (ص11، 12، 13، 14).
ويجوز ذبحها قبل السابع، قال في «تحفة المودود في أحكام المولود»: والظاهر أن التقيد بذلك، أي بالسابع، ونحوه استحبابًا، وإلا فلو ذبح عنه في الرابع أو الثامن أو العاشر، وما بعده أجزأه، والاعتبار بالذبح لا بيوم الطبخ والأكل، ولا تجزي بدنة أو بقرة إلا كاملة، فلا يجزي فيها شرك في دم لعدم وروده، وينوي عقيقة لحديث: «إنما الأعمال بالنيات».
ويسن حلق رأس صبي يوم السابع وتسميته؛ لحديث سمرة بن جندب مرفوعًا: «كل غلام رهينته بعقيقته تذبح يوم سابعه ويسمى ويحلق رأسه» رواه الأثرم وأبو داود، وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بتسمية المولود يوم سابعه، ووضع الأذى عنه، والعق عنه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. قال ابن القيم: كانت التسمية حقيقتها تعريف الشيء المسمى؛ لأنه إذا وجد وهو مجهول الاسم، لم يكن له ما يقع تعريفه به، فجاز تعريفه يوم وجوده، وجاز تأخير التعريف إلى ثلاثة أيام، وجاز إلى يوم العقيقة عنه، ويجوز قبل ذلك وبعده، والأمر فيه واسع.
واتفقوا على أن التسمية للرجال والنساء فرض، حكاه ابن حزم وغيره، وفي قوله تعالى: { وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ } دليل على جوزه يوم الولادة، وقال - صلى الله عليه وسلم - : «ولد لي الليلة ولد، سميته باسم أبي إبراهيم» متفق عليه. ولهما عن أنس: أنه ذهب بأخيه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ولدته أمه، فحنكه وسماه عبد الله، والتسمية للأب، فلا يسمي غيره مع وجوده.
قال ابن القيم: وهذا مما لا نزاع فيه بين الناس؛ ولأنه يدعي يوم القيامة باسمه، واسم أبيه. ولا يعق المولود عن نفسه إذا كبر لأنها مشروعة في حق الأب، فلا يفعلها غيره كأجنبي؛ فإن عق غير الأب، والمولود عن نفسه بعد أن كبر، لم يكره لعدم الدليل عليها. وقيل: يعق عن نفسه استحبابًا، إذا لم يعق عنه أبوه؛ لأنها مشروعة عنه، ولأنه مرتهن بها. قال الشيخ: يعق عن اليتيم من ماله كالأضحية أولى لأنه مرتهن بها بخلاف الأضحية، وقال بعضهم: مشروعة ولو بعد موت المولود.
س 20: تكلم بوضوح عما يلي: ماذا يسن بعد حلق رأس ذكر، الأذان والإقامة في أذني المولود، التحنيك، صفته، حكمه إذا اجتمع عقيقة وأضحية ونوى بالأضحية عنهما، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تمثيل.
ج: يُسن أن يتصدق بزنة شعره فضة، لما ورد عن أبي رافع أن حسن ابن علي - رضي الله عنهما - لما ولد أرادت أمه فاطمة - رضي الله عنها - أن تعق عنه بكبشين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لا تعقي عنه؛ ولكن احلقي شعر رأسه، فتصدقي بوزنه من الورق»، ثم ولد حسين - رضي الله عنه - فصنعت مثل ذلك. رواه أحمد. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين - رضي الله عنهما - كبشًا كبشًا. رواه أصحاب السنن، ولفظ الترمذي: عق النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن بشاة، وقال: «يا فاطمة احلقي رأسه، وتصدقي بزنة شعره فضة» فوزناه فكان وزنه درهمًا أو بعض درهم.
وسن أن يؤذن في أذن المولود اليمنى ذكرًا كان أو أنثى حين يولد، وأن يقام في اليسرى؛ لما ورد عن أبي رافع قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذّن في أذن الحسين، حين ولدته فاطمة الصلاة. رواه أحمد، وكذلك أبو داود والترمذي وصححه، وقالا: الحسن، وللبيهقي عن ابن عباس أنه أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد، وأقام في أذنه اليسرى، وفيه ضعف. وقال ابن اليم وغيره: سر التأذين أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلمات الرب وعظمته، والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام، كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه من الدنيا، وغير مستنكر وصول التأذين إلى قلبه، وتأثره به، وهروب الشيطان من الأذان، وأن تكون الدعوة إلى الله سابقة دعوة الشيطان وغير ذلك من الحكم.
وسن أن يحنك المولود بتمرة بأن تمضع، ويدلك بها داخل فمه، ويفتح فمه حتى ينزل إلى جوفه منها شيء؛ لما في «الصحيحين» من أبي بردة، عن أبي موسى، قال: ولد لي غلام، فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فسماه إبراهيم، وحنكه بتمرة، زاد البخاري: ودعا بالبركة ودفعه إليَّ، وكان أكبر ولد أبي موسى، وروى أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أسماء: أنها حملت بعبد الله ابن الزبير، فولدت بقباء، ثم أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعته في حجره، فدعا بتمرة فمضغها، ثم وضعها في فيه. قال النووي وغيره: اتفق العلماء على استحاب تحنيك المولود عند ولادته بتمر، فإن تعذر، فما في معناه أو قريب منه من الحلو، أو أن يكون المحنك من الصالحين، وإذا اجتمع عقيقة وأضحية، ونوى بالأضحية عنهما أجزأت عنهما.
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه «المودود في أحكام المولود»: كما لو صلى ركعتين ينوي بهما تحية المسجد وسنة المكتوبة، أو صلى بعد الطواف فرضًا أو سُّنة مكتوبة، وقع ما صلاه عنه وعن ركعتي الطواف، وكذا لو ذبح المتمتع والقارن شاة يوم النحر، أجزأ عن دم المتعة أو القران، وعن الأضحية، وفي معناه لو اجتمع هدي وأضحية، فتجزي ذبيحة عنهما لحصول المقصود منهما بالذبح، وهو معنى قول ابن القيم.
س 21: تكلم عما يلي: لطخ رأس الصبي بزعفران، صفة العمل بعظمها ولحمها وأعضائها ما يعطي منها، وهل بينها وبين الأضحية فرق، وماذا يقول عند ذبحها، واذكر شيئًا من فوائدها، وما هي للفرعة، وما هي المعتبرة وما حكمها، اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف.
ج: يستحب أن يلطخ رأسه بالزعفران، أو غيره من الخلوق؛ لما ورد عن بريدة الأسلمي، قال: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة، ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران. رواه أبو داود؛ ولما روت عائشة - رضي الله عنها - قالت: كانوا في الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة، ويجعلونها على رأس المولود، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعلوا مكان الدم خلوفًا.
قال ابن القيم في «التحفة»: وسن لهم أن يلطخوا الرأس بالزعفران الطيب الرائحة، الحسن اللون، بدلاً عن الدم الخبيث الرائحة النجس العين، والزعفران من أطيب الطيب وألطفه وأحسنه لونًا، وكأن حلق رأسه إماطة الأذى عنه، وإزالة للشعر الضعيف ليخلفه شعر أقوى وأمكن منه وأنفع للرأس مع ما فيه من التخفيف عن الصبي، وفتح مسام الرأس ليخرج البخار منها بيسر وسهولة، وفي ذلك تقوية بصره وشمه وسمعه. انتهى. ويستحب أن يفصلها أعضاء ولا يكسر عظمها؛ لما روي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: السُّنة شاتان مكافأتان عن الغلام، وعن الجارية تطبخ جدولاً، ولا يكسر لها عظم ويأكل ويطعم ويتصدق، وذلك يوم السابع.
ويستحب أن يعطي القابلة فخذًا، لما في مراسيل أبي داود عن جعفر ابن محمد، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: «أن ابعثوا إلى القابلة منها برجل»، وكالأكل والهدية والصدقة. روى ابن المنذر عطاء، عن أبي كرز وأم كرز، قالا: قالت امرأة من أهل عبد الرحمن بن أبي بكر لما ولدت امرأة عبد الرحمن نحرنا جزورًا، فقالت عائشة: لا بل السُّنة شاتان مكافأتان يتصدق بهما عن الغلام، وشاة عن الجارية تطبخ ولا يكسر لها عظم فتأكل وتطعم وتتصدق، يكون ذلك في السابع؛ فإن لم يفعل ففي الرابع عشر؛ فإن لم يفعل: ففي إحدى وعشرين.
قال ابن المنذر: وقال الشافعي: العقيقة سُّنة واجبة، ويتقي فيها من العيوب ما يتقي في الضحايا. انتهى. ويجتنب في العقيقة ما يجتنب في الأضحية، فلا تجزي فيها العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها ونحوها، ويباع جلدها ورأسها وسواقطها، ويتصدق بثمنها، بخلاف الأضحية؛ لأن الأضحية أدخل منها في التعبد، والذكر أفضل في العقيقة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين بكبش كبش.
وحكمها حكم الأضحية في الضمان إذا أتلفها، والولد فيذبح معها، واللبن والصوف أو الشعر أو الوبر، فتستحب الصدقة، والذكاة فلا يجزي إخراجها حية والركوب، وما يجوز من الحيوان مما تقدم في الهدي والأضحية كاستحقاق استسمامها، وأن أفضل ألوانها البياض لاشتراكها في تعلق الفقراء بهما. ويقول عند ذبحها: بسم الله، اللهم لك وإليك، هذه عقيقة فلان بن فلان؛ لحديث عائشة، قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اذبحوا على اسمه فقولوا: بسم الله لك وإليك، اللهم هذه عقيقة فلان» رواه ابن المنذر، وقال: هذا حسن.
قال ابن القيم: ومن فوائدها أنه قربان يقرب به عن المولود في أول أوقات خروجه إلى الدنيا، والمولود ينتفع بذلك غاية الانتفاع كما ينتفع بالدعاء، وإحضاره مواضع النسك والإحرام عنه، وغير ذلك.
ومن فوائدها أنها تفك رهان المولود؛ فإنه مرتهن بعقيقته، قال الإمام أحمد: مرتهن عن الشفاعة لوالديه، وقال عطاء بن أبي رباح: مرتهن بعقيقته، قال: يحرم شفاعة ولده، ومن فوائدها أنها فدية يفدي بها المولود كما فدى الله سبحانه إسماعيل الذبيح بالكبش. انتهى. الفرعة هي ذبح أول ولد الناقة، والعتيرة ذبيحة رجب؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا فرع ولا عتيرة» متفق عليه. وقيل: يكرهان، وهذا القول أرجح. والله أعلم.
من النظم ما يتعلق بالعقيقة
عن ابن بشاتين اعققن وعن ابنة ... بشاة لندب لا وجوب بأوكد
فإن لم تجد شاتين بالشاة فاجتز ... عن ابن وفرقها جدولا تسدد
ولا تكسرن عظمًا لها ثم حكمها ... كأضحية في كل حكم معدد
وفى سابع فاذبح ورابع عشرة ... متى فات ثم إحدى وعشرين فاقصد
وحنكه من تمر أوان ولادة ... وفي أذنيه بالأذانين غرد
وفي سابع يسمى ويحلق رأسه ... ومن ورق مقداره زنة جد
ويكره ختن الطفل في سابع على الأصح ... وفي إحدى وعشرين جود
فإن فات أخره لوقت اشتداده ... وأسماءه حسن فعبد وحمد
وعن نفسك اعقق حين تكبر واقضها ... فقد فعل المختار ذا فيه فاقتد
وبيع جلود والسواقط جائز ... وقيمتها أعط الفقير بأجود
وليس بمسنون عتيرة مزجب ... ولا فرعة البدن أول مولد
س22: تكلم بوضوح عما يلي، أحب الأسماء إلى الله التسمية بأكثر من واحد، ما يكره من الأسماء، المحرم من الأسماء، ما لا يكره التسمي به، تغيير الاسم القبيح، الكنى والألقاب.
ج: تقدم أن التسمية للأب، ويُسن أن يحسن اسمه لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنكم تدعون يوم القيامة، بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم» رواه أبو داود. وأحب الأسماء إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن؛ لما ورد عن ابن عمر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن» رواه مسلم في «صحيحه»، وعن جابر قال: ولد لرجل منا غلام، فسماه القاسم، فقلنا: لا نكنيك أبا القاسم، ولا كرامة، فأخبر النبي –عليه الصلاة والسلام-، فقال: «سم ابنك عبد الرحمن» متفق عليه. وكل ما أضيف إليه اسم من أسماء الله فحسن، كعبد الرحمن، وعبد الرحيم، وعبد السلام، وعبد القادر، وعبد العظيم، وعبد الحميد، وعبد المحسن، وعبد الرزاق، وعبد الخالق، وعبد السميع، وعبد المهيمن، وعبد المجيد.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «يا بني عبد الله، إن الله قد أحسن اسمكم»، وكذا أسماء الأنبياء –عليهم الصلاة والسلام- كإبراهيم، ونوح، ومحمد، وموسى، وعيسى، وسليمان وشببها لحديث ونهب الجشمي مرفوعًا: «تسموا بأسماء الأنبياء» الحديث رواه أحمد، وحديث: «تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي» وتجوز التسمية بأكثر من واحد، كما يوضع له اسم وكنية ولقب. قال ابن القيم: وأما أسماء الرب تعالى وأسماء كتابه، وأسماء رسوله، فلما كانت نعوتًا دالة على المدح والثناء، لم تكن من هذا الباب، بل من باب تكثير الأسماء لجلالة المسمى وعظمته وفضله؛ قال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى}.
وفي «الصحيحين» من حديث جبير بن معظم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لي خمسة أسماء أنا محمد، وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي» انتهى. والاقتصار على اسم واحد أولى، لفعله - صلى الله عليه وسلم - في أولاده. ويكره من الأسماء حرب، ومرة، وحزب، ونافع، ويسار، وأفلح، ونجيح، وبركة، ويعلى، ومقبل، ودافع، ورياح، والعاصي، وشهاب، والمضطجع، ونبي ونحوها؛ وكذا ما فيه تزكية كالنقي، والزكي، والأشرف، والأفضل، وبرة.
قال القاضي: وكل ما فيه تفخيم وتعظيم؛ روى مسلم في «صحيحه» عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تسمين غلامك يسارًا، ولا رباحًا، ولا نجاحًا ولا أفلح؛ فإنك تقول: أثم هو، فلا يكون». وفي «التحفة»: وفي معنى هذا مبارك، ومفلح، وخير، وسرور، ونعمة وما أشبه ذلك؛ فإن المعنى الذي ذكره له النبي - صلى الله عليه وسلم - التسمية بتلك الأربعة موجود فيها، فإنه يقال: أعندك سرور، أعندك نعمة، فيقول: لا، فتشمئز القلوب من ذلك، وتتطير به، وتدخل في باب المنطق المكروه.
وفي الحديث: أنه كره أن يقال خرج من عند برة مع أن فيه معنى آخر يقتضي النهي، وهو تزكية النفس بأنه مبارك، ومفلح. وقد لا يكون كذلك، كما رواه أبو داود في «سننه»: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تسمى برة، وقال: «لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم»، وفي «سنن ابن ماجه»: عن أبي هريرة، أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها فسماها النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب، ومنها التسمية بأسماء الشياطين كخنزب، والولهان، والأعور، والأجدع.
قال الشعبي عن مسروق: لقيت عمر بن الخطاب، فقال: من أنت؟ قلت: مسروق بن الأجدع، فقال عمر -رضي الله عنه-: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الأجدع شيطان»، وفي «سنن ابن ماجه» وزيادات عبد الله في مسند أبيه، من حديث أبي بن كعب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال: «إن للوضوء شيطانًا يقال له الولهان، فاتقوا وسواس الماء» وشكا إليه عثمان بن أبي العاصي، من وسواسه في الصلاة، فقال: «ذلك شيطان يقال له خنزب» وذكر أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن هشام، عن أبيه: أن رجلاً كان اسمه الحباب، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله، وقال: «الحباب شيطان».
ومنها أسماء الفراعنة، والجبابرة كفرعون وقارون وهامان والوليد، قال عبد الرزاق في «الجامع»: أخبرنا معمر عن الزهري، قال: أراد رجل أن يسمي ابنًا له الوليد، فنهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال: «أنه سيكون رجل يقال له الوليد، يعمل في أمتي بعمل فرعون في قومه»، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشتد عليه الاسم القبيح، ويكرهه من الأشخاص والأماكن والقبائل والجبال، حتى إنه مر في مسير له بين جبلين، فقال: ما اسمهما؟ فقيل: فاضح ومخز، فعدل عنهما، ولم يمر بينهما! وكان –عليه السلام- شديد الاعتناء بذلك.
ومن تأمل السُّنة، وجد معاني الأسماء مرتبطًا بها حتى كأن معانيها مأخوذة منها، وكأن الأسماء مشتقة من معانيها، فتأمل قوله –عليه الصلاة والسلام-: «أسلم سلمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله»، وقوله لما جاء سهيل بن عمرو يوم الصلح: «سهل أمركم»، وقوله لبريدة لما سأله عن اسمه، فقال: «بريد»، قال: «يا أبا بكر، برد أمرنا»، ثم قال: «ممن أنت؟» قال: من أسلم، فقال لأبي بكر: «سلمنا»، ثم قال: «ممن؟» قال: من سهم، قال: «خرج سهمك»، ذكره أبو عمر في استذكاره حتى أنه كان يعتبر ذلك في التأويل، فقال: رأيت كأنا في دار عقبة بن رافع، فأتينا برطب من رطب بن طاب، فأولت العاقبة لنا في الدنيا والرفعة لنا، وأن ديننا قد طاب.
وإذا أردت أن تعرف تأثير الأسماء في مسمياتها، فتأمل حديث بن المسيب عن أبيه، عن جده، قال: أتيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: «ما اسمك؟» قلت: حزن، فقال: «أنت سهل»، فقال: لا أغير اسمًا سمانيه أبي، قال ابن المسيب: فما زالت تلك الحزونة فينا بعد. رواه البخاري في «صحيحه». والحزونة: الغلظة، ومنه أرض حزونة وأرض سهلة. وتأمل ما رواه مالك في «الموطأ»: عن يحيى بن سعيد: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال لرجل: ما اسمك؟ قال: جمرة، قال: أبن من؟ قال: ابن شهاب، قال: ممن؟ قال: من الحرقة، قال: أين مسكنك؟ قال: بحرة النار، قال: بأيتها؟ قال: بذات لظى، قال عمر: أدرك أهلك فقد هلكوا واحترقوا؛ فكان كما قال عمر. انتهى.
ويحرم التسمية بملك الأملاك، وسلطان السلاطين، وشاهنشاه؛ فقد ثبت في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أخنع اسم عند الله رجل يُسمى ملك الأملاك»، وفي رواية: أخنى بدل من أخنع. وفي رواية لمسلم: «أغيظ رجل عند الله يوم القيامة، وأخبثه رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله»، ومعنى أخنع وأخنى: أوضع. وقال ابن القيم –رحمه الله-: وفي معنى ذلك كراهية التسمية بقاضي القضاة، وحاكم الحكام؛ فإن حاكم الأحكام في الحقيقة هو الله، وقد كان جماعة من أهل الدين يتورعون عن إطلاق لفظ قاضي القضاة وحاكم الحكام قياسًا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك. وهذا محض القياس. قال: وكذلك تحرم التسمية بين الناس، وسيد الكل، كما يحرم بسيد ولد آدم؛ فإن هذا ليس لأحد إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده، فهو سيد ولد آدم، فلا يحل لأحد أن يطلق على غيره ذلك. انتهى.
ويحرم التسمية بما لا يليق إلا بالله كقدوس، والبر، وخالق، ورحمان؛ لأن معنى ذلك لا يليق بغير الله تعالى.
وقال ابن القيم: ومما يمنع تسمية الإنسان به أسماء الرب تبارك وتعالى، فلا يجوز التسمية بالأحد، والصمد، ولا بالخالق، ولا بالرازق، وكذلك سائر الأسماء المختصة بالرب تبارك وتعالى، ولا تجوز تسمية الملوك القاهر، والظاهر، كما لا يجوز تسميتهم بالجبار، والمتكبر، والأول، والآخر، والباطن، وعلام الغيوب. انتهى. عن أبي شريح، إنه كان يكني أبا الحكم، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : «إن الله هو الحكم وإليه الحكم»، فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت فرضي كلا الفريقين، فقال: «ما أحسن هذا، فمال من الولد؟» قلت: شريح ومسلم وعبد الله، قال: «فمن أكبرهم؟» قلت: شريح، قال: «فأنت أبو شريح» رواه أبو داود وغيره.
قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى، وعبد عمرو، وعبد علي، وعبد الكعبة، ومثله عبد النبي، وعبد الحسين، وعبد المسيح؛ قال ابن القيم: وقوله - صلى الله عليه وسلم - : «أنا ابن عبد المطلب»، فليس من باب إنشاء التسمية بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء، قال –رحمه الله-: وأما الأسماء التي تطلق عليه وعلى غيره كالسميع والبصير، والرؤوف، والرحيم، فيجوز أن يخبر بمعانيها عن المخلوق، ولا يجوز أن يتسمى بها على الإطلاق، بحيث يطلق عليه كما يطلق على الرب تعالى.
قال: ومما يمنع منه التسمية بأسماء القرآن وسوره، مثل: طه، ويس، وحم، وقد نص مالك على كراهة التسمية بياسين، ذكر السهيلي؛ وأما ما ذكره العوام: أن يس وطه من أسماء النبي –عليه الصلاة والسلام- فغير صحيح، ولا حسن، ولا مرسل، ولا أثر عن صحابي؛ وإنما هذه الحروف مثل: ألم وحم وآلر ونحوها. انتهى.
ويحرم أن يقال لمنافق أو كافر: يا سيدي، ويستحب تغيير الاسم القبيح؛ لما ورد عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير اسم عاصية وقال: «أنت جميلة».
وفي «صحيح البخاري» عن أبي هريرة: أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها، فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب. وفي «سنن أبي داود» من حديث ابن المسيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما اسمك؟» قال: حزن، قال: «أنت سهل»، قال: لا، السهل بوطأ ويمتهن. قال سعيد: فظننت أنه سيصيبنا بعده حزونه.
وروى أبو داود في «سننه»، عن أسامة بن أخدري: أن رجلاً كان يقال له أسرم، كان في النفر الذين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: «ما اسمك؟» قال: أصرم، قال: «بل أنت زرعة».
قال أبو داود: وغير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اسم العاص، وعزيز، وعقلة، وشيطان، والحكم، وغراب، وشهاب، وحباب، فسماه هاشمًا، وسمى حربًا سلمًا، وسمى المضطجع المنبعث، وأرضًا يقال له عفرة: خضرة، وشعب الضلالة: سماه شعب الهدى، وبنو الزنية سماهم بنو الرشدة، وسمى بنو غوية: بني رشدة.
قال أبو داود: تركت أسانيدها للاختصار، وغيَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - اسم المدينة، وكان يثرب فسماها طيبة، كما في «الصحيحين» عن أبي حميد، قال: أقبلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من تبوك حتى أشرفنا على المدينة، فقال: «هذه طيبة»، ولا بأس بالكنى كأبي فلان وأبي فلان، وأم فلان وأم فلانة.
وتباح تكنية الصغير، في «الصحيحين» من حديث أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقًا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جاء يقول له: «يا أبا عمير، ما فعل النفير؟»، وكان أنس يكنى قبل أن يولد له بأبي حمزة، وأبو هريرة كان يكنى بذلك ولم يكن له ولد إذ ذاك.
وأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة أن تكنى بأم عبد الله، وهو عبد الله ابن الزبير، وهو ابن أختها أسماء بنت أبي بكر، هذا هو الصحيح لا الحديث الذي روى أنها سقطت من النبي - صلى الله عليه وسلم - سقطًا فسماه عبد الله وكناها به؛ فإنه حديث لا يصح، قاله في «التحفة». وقال: ويجوز تكنية الرجل الذي له أولاد بغير أولاده، ولم يكن لأبي بكر ابن اسمه بكر، ولا لعمر ابن اسمه حفص، ولا لأبي ذر ابن اسمه ذر، ولا لخالد ابن الوليد ابن اسمه سليمان، وكان يكنى أبا سليمان، والكنية نوع تكثير وتفخيم للمكنى وإكرام له.
كما قال الشاعر:
أكنيه حين أناديه لأكرمه ... ولا ألقبه والسوءة اللقب
وفي «الإقناع وشرحه»: ولا ينكر التكني بأبي القاسم بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وصوبه في تصحيح الفروع، قال: وقد وقع فعل ذلك من الأعيان، ورضاهم به يدل على الإباحة، وقال في الهدي: والصواب أن التكني بكنيته ممنوع، والمنع في حياته أشد، والجمع بينهما ممنوع منه. اهـ. فظاهره التحريم، ويؤيده حديث: «لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي» اهـ. ومن لقب بما يصدقه فعله جاز.
ويحرم من الألقاب ما لم يقع على مخرج صحيح؛ لأنه كذب، ولا بأس بترخيم الإسم المنادى كقوله -صلى الله عليه وسلم- لزوجته الصديقة بنت الصديق: «يا عائش» بحذف التاء، وكقوله -صلى الله عليه وسلم- لبنته فاطمة الزهراء: «يا فاطم»، ولا بأس بتصغير الإسم مع عدم أذى بذلك، كتصغير أنس إلى أنيس، إذ قد يُراد بالتصغير التعظيم والتعجيب، ولا يقل سيد لرفيقه يا عبدي، ولا لأمته يا أمتي؛ وفي الحديث الصحيح: «ولا يقل أحدكم عبدي وأمتي». والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.