الدرس الرابع والعشرون: اعتكافه صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر
عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ) رواه الشيخان.
فيا أيها العبد:
1- إذا تيسر لك أن تعتكف العشر الأواخر من رمضان بملازمة المسجد بطاعة الله تعالى فافعل متأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وطاعة الله تعالى فتلازم المسجد للصلاة والذكر وقراءة القرآن وغيرها من الطاعات وتكون في اعتكافك مع فعل الطاعات ملتمساً ليلة القدر وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ) رواه مسلم.
2- اعتكف العشر الأواخر من رمضان كل سنة حتى تموت وإذا أراد أهلك من زوجات أو بنات أو غيرهن الاعتكاف فلا بأس وفي الحديث عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، (كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ) رواه الشيخان.
3- إذا اعتكفت في المسجد فامتثل أمر الله في الاعتكاف ومن ذلك عدم المباشرة للزوجة بشهوة وكذلك المعتكفة لا تباشر زوجها بشهوة وقد قال تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187].
4- إذا كنت معتكفاً في المسجد فلا تخرج إلا لحاجة (كقضاء الحاجة والطعام والشراب إذا كان يمنع من المسجد) ونحو ذلك لحديث عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: (وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا) رواه البخاري.
5- إذا اعتكفت في المسجد لطاعة الله تعالى فلا تخرج من المسجد ولكن انشغل في المسجد بالطاعات والقُرَب الى الله تعالى ولا تشغل وقتك بالكلام الفارغ أو التلفون في غير طاعة الله ونحو ذلك ولا تعد مريضاً.
6-إذا كبرت في السن مثلاً وظننت دنو أجلك فأكثر من الطاعات مستغلاً بقية العمر بل ليكن هذا هو دأبك حتى لو كنت شاباً ولكن كلما كبرت فإنك تقرب من الموت فإن تيسر لك أن تعتكف أكثر من عشر في آخر حياتك فافعل للحديث الذي رواه أَبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا) رواه البخاري.
7- إذا لم يتسر لك اعتكاف العشر الأواخر من رمضان كلها فاعتكف بعضها (اعتكف الوتر من العشر الأواخر ليالي 21و 23و 25و 27و 29 وإن لم تعتكف هذه الليالي فاعتكف ليلة 27 فإن لم تعتكف ليلة 27 فاعتكف ولو بعض الساعات في المسجد لأنه لا يشترط للاعتكاف زمان معين فإذا دخلت المسجد فانو الاعتكاف ساعة أو ساعتين أو أقل أو أكثر.
8- أيتها المرأة إذا اعتكفت في المسجد فاحذري الفتنة سواء أن تفتني الناس أو أن يفتنك الناس واتقي الله في ذلك.
9- إذا اعتكفت أيها الرجل فلزوجتك وأهلك أن يزوروك في المسجد للتحدث معك بعض الوقت اليسير لحديث صفِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ، فِي الْمَسْجِدِ، فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ) رواه الشيخان، وطبق منهج النبي صلى الله عليه وسلم فعلى المعتكف أن لا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّهَا قَالَتْ: (السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدَ جَنَازَةً وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلَا يُبَاشِرَهَا وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلَّا لِمَا لَابُدَّ مِنْهُ وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ) رواه أبو داود.
10- إذا لم تعتكف في رمضان فاعتكف العشر الأول من شوال لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَضْرِبَ خِبَاءً فَأَذِنَتْ لَهَا فَضَرَبَتْ خِبَاءً فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الْأَخْبِيَةَ فَقَالَ مَا هَذَا فَأُخْبِرَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَالْبِرَّ تُرَوْنَ بِهِنَّ فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ) رواه البخاري.