الدرس الحادي والعشرون: النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان
عن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ) رواه الشيخان.
فيا أيها العبد:
1- إذا دخلت عليك العشر الأواخر من رمضان فشد المئزر بالاجتهاد في العبادة لأنه صلى الله عليه وسلم يشد المئزر في العشر الأواخر من رمضان وقد قال النووي في معنى شد المئزر: فقيل هو الاجتهاد في العبادات زيادة على عادته صلى الله عليه وسلم في غيره ومعناه التشمير في العبادات يقال شددت لهذا الأمر مئزري أي تشمرت له وتفرغت وقيل هو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات.
2- اجتهد في العبادات في العشر الأواخر أكثر من الاجتهاد في غيرها وأكثر من الطاعات من صلاة وذكر وتسبيح وتكبير وتهليل وتحميد وقراءة قرآن وغيرها من الطاعات فتقرب إلى الله بتلك العبادات وتأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قالت عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ) رواه مسلم، وعند الترمذي: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا).
3- اعلم أن الليالي العشر الأواخر من رمضان هي أفضل ليالي السنة عند بعض اهل العلم فاعتن بهذه العشر الأواخر من رمضان وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وعشر ذي الحجة أفضل من غيره لياليه وأيامه وقد يقال ليال العشر الأخير من رمضان أفضل وأيام تلك أفضل قال أبو العباس والأول أظهر ورمضان أفضل الشهور ويكفر من فضل رجباً عليه.
4- مما يدل على فضل الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان أن فيها ليلة القدر (في وتر العشر الأواخر) فإذا اعتكفت في أول شهر رمضان ووسط رمضان فعد إلى الاعتكاف في العشر الأواخر لأنه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَإِنِّي نَسِيتُهَا أَوْ أُنْسِيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ كُلِّ وِتْرٍ وَإِنِّي أُرِيتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَرْجِعْ قَالَ فَرَجَعْنَا وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً قَالَ وَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمُطِرْنَا حَتَّى سَالَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ قَالَ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ) رواه مسلم.
5- شمر إلى فعل الطاعات في العشر الأواخر تشميراً عظيماً تقربًا إلى الله تعالى وتأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم لحديث عَلِيٍّ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوقِظُ أَهْلَهُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ويرفع المئزر) رواه احمد.
6- اهتم بقيام العشر الأواخر من رمضان لحديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْبَوَاقِي مَنْ قَامَهُنَّ ابْتِغَاءَ حِسْبَتِهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ يَغْفِرُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَا تَأَخَّرَ، وَهِيَ لَيْلَةُ وِتْرٍ تِسْعٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ خَامِسَةٍ أَوْ ثَالِثَةٍ أَوْ آخِرِ لَيْلَةٍ" رواه أحمد.