الدرس العشرون: صيامه صلى الله عليه وسلم عاشوراء
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) رواه مسلم.
فيا أيها العبد:
1- صُم يوم عاشوراء تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي صامه وهو اليوم العاشر من شهر المحرم وصُم معه يوم التاسع من شهر محرم لحديث عبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: (حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه مسلم.
2- اعلم أن في صيام عاشوراء تكفير للسنة التي قبله فاحرص رحمك الله على صيامه طلباً للأجر والثواب من الله وقد قال صلى الله عليه وسلم: (وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) رواه مسلم.
3- إن كنت أيها المسلم ترغب في مزيد من الفضل والثواب فصم شهر محرم كاملاً لأن صيامه أفضل الصيام بعد رمضان لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ) رواه مسلم.
4- ذهب بعض العلماء إلى أن صيام يوم عاشوراء يُسن للمسلم أن يصوم قبله يوماً أو بعده يوماً مخالفة لليهود في صيامه لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا، أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا"رواه أحمد (ضعيف)، وذهب ابن القيم رحمه الله إلى أن يُصام يوم قبله ويوم بعده ولذا قال في كتابه (أحكام أهل الذمة) ولمَّا كان صوم يوم عاشوراء لا يمكن التعويض عنه بغيره لفوات غير ذلك اليوم أقرأ أن يضم إليه يوماً قبله ويوماً بعده.
(قلت) ولم يثبت في صيام الثلاثة الأيام أي دليل: أي عاشوراء ويوم قبله ويوم بعده وإنما الثابت صيام يوم التاسع والعاشر والله اعلم.
5- لا يصح في التوسعة على النفس والأهل يوم عاشوراء شيء من الأحاديث وأما حديث جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَى أَهْلِهِ طُولَ سَنَتِهِ" رواه البيهقي في الشعب وللحديث طرق فقد قال السخاوي إذا ضم بعضها إلى بعض ازدادت قوة لكن المحققين من أهل العلم ذكروا أن هذا الحديث ضعيف وكل طرقه ضعيفة ولا تخلو من متروك أو متهم فلا يعتمد عليه والله أعلم.