الباب الثاني
مختصر أحكام الصلاة
الفصل الأول:
تعريف الصلاة وفضلها وحكمها:
أولاً: تعريف الصلاة:
هي عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم.
ثانياً: فضل الصلاة:
1- الصلاة هي آكد ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به.
2- الصلوات الخمس يمحو الله بهمن الخطايا، وهي كفارة لما بينهن ما لم ترتكب الكبائر.
3- أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاتُهُ، فَإِذَا صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ خَابَ وَخَسِرَ.
4- من الأهمية بمكان أن نشير إلى فضل الصلاة في جماعة في المسجد، فبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك في قوله: "صَلاَةُ الْجَمَاعَة أفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً". (متفق عليه).
ثالثاً: وجوب الصلاة:
تجب الصلاة على المسلم البالغ العاقل، وإن كانت صلاة الصبي غير واجبة عليه، إلا أنه ينبغي لوليه أن يعلمه الصلاة ويأمره بها إذا بلغ سبع سنين، ويضربه على تركها إذا بلغ عشر سنين؛ حتى يتمرن على الصلاة ويلتزم بها بعد البلوغ.
رابعاً: حكم ترك الصلاة:
الصلاة فريضة من فرائض الإسلام، ولا يجوز لمسلم أن يقصر أو يفرط فيها، فقد قال تعالى: " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ " [الماعون: 4،5].
ومعنى الويل في هذه الآية العذاب الشديد، وقيل: إنه واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار وقيحهم نسأل الله العافية.
ومن ترك الصلاة جحوداً وإنكاراً فهو كافر مرتد بإجماع المسلمين، يستتاب وإلا يقتل لردته.
أما من تركها عمداً وتكاسلاً من غير عذر، فقد اختلف الفقهاء في شأنه، منهم مَن قال أنه فاسق عاصٍ مرتكب لكبيرة وليس بكافر، ومنهم مَن قال أنه كافر خارج عن ملة الإسلام، مستدلين بحديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- حيث قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر، ترك الصلاة " (رواه مسلم)، وحديث بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- حيث قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَن تركها فقد كفر ". (رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح).
الفصل الثاني:
أحكام مواقيت الصلاة:
أولاً: مواقيت الصلاة:
الصلوات المفروضة خمس في اليوم والليلة، ولها أوقات محددة لابد أن تؤدى فيها، لقوله تعالى: " إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتاً " [النساء: 103].
ولا أريد أن أفصل كثيراً في مواقيت الصلاة من حيث ربطها بالشمس من حيث طلوعها وزوالها وغيابها... الخ، وإنما أقول وبكل بساطة أن وقت الظهر من أذان الظهر حتى أذان العصر، ووقت العصر من أذان العصر حتى أذان المغرب، ووقت المغرب من أذان المغرب حتى أذان العشاء، أما وقت صلاة العشاء فهو من أذان العشاء حتى منتصف الليل على القول الراجح، ووقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الصادق (الأذان الثاني) حتى طلوع الشمس.
ولابد من الإشارة هنا إلى عدة أمور:
1- يستحب تعجيل صلاة العصر، فيكره تأخيرها إلى ما بعد اصفرار الشمس إذا كان لغير عذر، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ قَامَ، فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً " (رواه مسلم).
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الذي تفوته صلاة العصر، كأنما وُتِرَ أهله وماله" (متفق عليه)، أي فقد أهله وماله.
وعن بريدة -رضي الله عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: " مَن ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ". (رواه البخاري).
2- آخر وقت صلاة العشاء منتصف الليل على القول الراجح، كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط" (رواه مسلم).
3- قولاً واحداً ينتهي وقت صلاة الفجر بطلوع الشمس، ومَن صلاها بعد هذا الوقت بغير عذر فهو آثم مُقصر.
ثانياً: الأوقات المنهي عن الصلاة فيها:
1. من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس.
2. عند طلوعها حتى ترتفع قيد رمح أي يمضي بعد طلوعها ما يقارب ربع ساعة.
3. عند قيامها في وسط السماء وقت الظهيرة أي قبيل زوالها حتى تزول، أي قبل أذان الظهر بعشر دقائق أو ربع ساعة، ويستثنى من ذلك التطوع يوم الجمعة.
4. من بعد صلاة العصر إلى شروع الشمس في الغروب.
5. إذا شرعت الشمس في الغروب حتى يستكمل غروبها.
الفصل الثالث:
شروط الصلاة:
أولاً: شروط وجوب الصلاة:
1- الإسلام.
2- البلوغ.
3- العقل.
4- الخلو من الموانع (كالطهارة من الحيض والنفاس).
ثانياً: شروط صحة الصلاة:
1- دخول الوقت.
2- الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر وطهارة البدن والثوب والمكان من الخبث.
3- ستر العورة.
4-استقبال القبلة مع القدرة.
الفصل الرابع:
أركان الصلاة وسننها:
أولاً: أركان الصلاة:
وهذه الأركان يجب الإتيان بها في الصلاة، وهي:
1- النية، وهناك من اعتبر النية من شروط صحة الصلاة.
2- القيام في الفرض للقادر عليه.
3- تكبيرة الإحرام.
4- قراءة الفاتحة في كل ركعة، ويستثنى من ذلك المأموم المسبوق الذي أدرك الإمام في الركوع أو لم يجد وقتاً في قيامه لقراءة الفاتحة، وكذلك المأموم في الصلاة الجهرية عند بعض أهل العلم لكن لو قرأها كان أفضل وأحوط.
5- الركوع والطمأنينة فيه.
6- القيام من الركوع والطمأنينة فيه.
7- السجود والطمأنينة فيه.
8- الجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه.
9- الجلوس للتشهد الأخير.
10- التشهد الأخير، وأصح صيغه: (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ).
11- الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد التشهد الأخير، وهو ركن من أركان الصلاة على مذهب الشافعية والمعتمد عند الحنابلة أما الحنفية والمالكية قالوا أنه سنة، وأصح صيغه: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) أو (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)، وهناك صيغ أخرى لكن تكتفي بهذا القدر.
12- التسليمة الأولى.
13- ترتيب الأركان.
ثانياً: سنن الصلاة:
1- سنن الصلاة قبل الدخول فيها:
الأذان والإقامة.
2- سنن الصلاة بعد الدخول فيها مما يسجد لتركه للسهو:
التشهد الأول والجلوس له، وصيغة التشهد الأول نفس صيغة التشهد الأخير التي سبق ذكرها.
3- سنن الصلاة التي لا يسجد لتركها للسهو، وهي كثيرة منها:
أ- السنن القولية:
? دعاء الاستفتاح، وأدعية الاستفتاح كثيرة، منها: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، أو (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، الله اغسلني بالماء والثلج والبَرَد).
? التعوذ أي: قول (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
? البسملة قبل قراءة الفاتحة، أي: قول (بسم الله الرحمن الرحيم).
? التأمين عقب الفاتحة، أي قول: (ءامين).
? قراءة السورة بعد الفاتحة في الصبح والجمعة وفي الأوليين من سائر الصلوات ما عدا صلاة الجنازة فلا يُقرأ بعد الفاتحة.
? تكبيرات الانتقال عند الخفض والرفع في الصلاة.
? الجهر في موضعه والإسرار في موضعه.
? التسبيح في الركوع والسجود.
? التسميع والتحميد، أي: قول سمع الله لمن حمده عند الرفع من الركوع، وقول ربنا لك الحمد عند الاعتدال.
? الدعاء في السجود بما يشاء، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.
? الدعاء بين السجدتين بـــــ(رب اغفر لي) أو (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي، وَعَافِنِي، وَارْفَعْنِي).
? الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد التشهد الأول، وهذا عند الشافعية.
? الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل التسليم.
? التسليمة الثانية.
? الذكر والدعاء بعد الصلاة.
ب- السنن الفعلية:
? اتخاذ سترة في الصلاة.
? رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه وعند القيام من التشهد الأوسط.
? وضع اليدين اليمين على الشمال حال القيام في الصلاة.
? النظر إلى موضع السجود.
? تفرقة المصلي بين قدميه حال القيام وعدم ضمهما.
? قبض ركبتيه بيديه مفرجتي الأصابع في ركوعه واستواء ظهره فيه وعدم رفع الرأس أو خفضه ومباعدة العضدين عن الجنبين.
? تمكين المصلي جبهته وأنفه من الأرض في السجود، ومجافاة عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، وتفريقه بين ركبتيه، ونصب قدميه وضمهما إلى بعضهما البعض، ووضع كفيه حذو منكبيه مبسوطةً مضمومةَ الأصابع ورفع مرفقيه عن الأرض، واستقبال القبلة بأصابع الكفين والقدمين.
? إطالة الجلوس بين السجدتين.
? جلسة الافتراش في جميع الجلسات إلا الجلسة الأخيرة في الصلاة الثلاثية أو الرباعية، فينصب المصلي قدمه اليمنى قائمة على أطراف الأصابع ويفرش رجله اليسرى ويجلس عليها.
? جلسة التورك في الجلسة الأخيرة في الصلاة الثلاثية أو الرباعية، فينصب المصلي قدمه اليمنى ويدخل قدمه اليسرى تحت ساقه اليمنى، ويجلس على مقعدته.
? جلسة الاستراحة وهي جلسة خفيفة بعد السجدة الثانية في الركعة الأولى من كل صلاة، وبعد السجدة الثانية في الركعة الثالثة إن كانت الصلاة رباعية.
? وضع اليدين على الفخذين في الجلوس في التشهد، ويبسط اليسرى ويقبض اليمنى إلا السبابة فإنه يشير بها ويرمي بصره إليها.
? الالتفات يميناً عند التسليمة الأولى ويساراً عند الثانية.
الفصل الخامس: صفة الصلاة الصحيحة:
1- يستقبل المصلي القبلة وينوي الصلاة التي يريد أن يصليها بقلبه دون حاجة للتلفظ باللسان.
2- يكبر المصلي تكبيرة الإحرام، ويرفع يديه مضمومتي الأصابع مستقبلاً بهما القبلة إلى حذو منكبيه (أي كتفيه) أو أذنيه.
3- يقبض يده اليسرى بيده اليمنى ويضعهما على صدره.
4- ينظر إلى موضع سجوده.
5- يقرأ دعاء الاستفتاح، وأدعية الاستفتاح كثيرة، منها: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، أو يقول: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، الله اغسلني بالماء والثلج والبَرَد).
6- يستعيذ، أي يقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، ثم يبسمل أي يقول: (بسم الله الرحمن الرحيم). ثم يقرأ الفاتحة في كل ركعة، ويقرأ بعدها قراءة السورة بعد الفاتحة في الصبح والجمعة وفي الأوليين من سائر الصلوات ما عدا صلاة الجنازة فلا يُقرأ بعد الفاتحة.
7- يركع قائلاً: (الله أكبر)، رافعاً يديه إلى حذو منكبيه (أي كتفيه) أو إلى حذو أذنيه، ويجب أن يسوى ظهره في الركوع حتى لو صبَّ عليه الماء لاستقر، ويمكِّن يديه من ركبتيه كأنه قابض عليهما ويفرج بين أصابعه ويجافي وينحي مرفقيه عن جنبيه، وينظر موضع سجوده.
ويقول في ركوعه (سبحان ربي العظيم) ثلاث مرات. ويسن أن يقول في ركوعه: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)، أو يقول: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح).
8- يرفع رأسه من الركوع قائلاً: (سمع الله لمن حمده)، ويُسَن أن يرفع يديه كما سبق عند تكبيرة الإحرام، ثم يقول بعد أن يستوي قائماً (ربنا لك الحمد)، وزيادة كلمة (والشكر) لم تَرِد في السُّنة، والأولى تركها.
ويجوز أن يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره في هذا القيام، كما فعل في القيام الأول قبل الركوع، ويجوز أن يرسلهما على جنبه.
ولا يرفع يديه عند قول سمع الله لمن حمده كما يرفع يديه عند الدعاء.
9- يسجد قائلاً: (الله أكبر)، ويقدم ركبتيه قبل يديه عند سجوده ويجوز أن يقدم يديه قبل الركبتين. ويجب أن يسجد المصلي على سبعة أعضاء: رجليه، وركبتيه، ويديه، وجبهته مع الأنف، ولا يجوز أن يرفع أي عضو منها عن الأرض أثناء سجوده، ويجعل المصلي في حال السجود كفيه حذو منكبيه أو حذو أذنيه مضمومة الأصابع موجهة رؤوسها للقبلة، وقيل يضع وجهه بين كفيه.
ويُسَن في السجود أن يُبعد عضديه عن جنبيه، لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يسجد حتى يُرى بياض إبطيه، إلا إذا كان ذلك يؤذي من بجانبه.
ويُسَن في السجود أن يُبعد بطنه عن فخذيه.
ويُسَن في السجود أن يفرق ركبتيه، أي لا يضمهما إلى بعض، وأما القدمان فإنه يلصقهما ببعض، ويستقبل القبلة بأصابع القدمين.
ويكره أن يتكئ المصلي بيديه على الأرض في سجوده فيكون كانبساط الكلب.
ويقول في سجوده (سبحان ربي الأعلى) ثلاث مرات.
ويسن أن يقول في سجوده: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)، أو يقول: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح).
10- يرفع رأسه قائلاً: (الله أكبر)، ويسن أن يجلس بين السجدتين مفترشاً رجله اليسرى ناصباً رجله اليمنى.
ويقول وهو جالس بين السجدتين: (رب اغفر لي) ثلاثاً. ويسن أن يقول: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي، وَعَافِنِي، وَارْفَعْنِي).
ويضع يديه في هذه الجلسة على فخذيه، وأطراف أصابعه عند ركبتيه، وله أن يضع يده اليمنى على ركبته اليمنى ويده اليسرى على ركبته اليسرى كأنه قابض لهما، ويجلس جلسة الافتراش (وسيلي بيانها) أو الاقعاء المسنون ويقصد به أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه.
11- يسجد مرة أخرى ويفعل مثل في فعل في السجدة الأولى، ثم يقوم ليتم الركعة الثانية على نحو ما ذكرنا.
12- في نهاية الركعة الثانية يجلس للتشهد الأول مفترشاً (جلسة الافتراش) وتكون هذه الجلسة في جميع الجلسات إلا الجلسة الأخيرة في الصلاة الثلاثية أو الرباعية، وهو أن يجلس على كعب يسراه ويضع أطراف بطون أصابع اليمنى على الأرض.
وتكون هيئة يده اليمنى بأن يقبض أصبعه الخنصر والبنصر ويُحلق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة أو يقبض جميع أصابع يده اليمنى ويشير بالسبابة، أما يده اليسرى فيقبض بها على ركبته اليسرى، وله أن يبسطها على فخذه الأيسر دون قبض الركبة.
ويقول في هذا الموضع: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله).
13- إذا كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية فإنه يجلس في التشهد الأخير (جلسة التورك) فيجلس المصلي على وركه الأيسر وينصب الرجل اليمنى، ويخرج يسراه من جهة يمينه.
وتكون هيئة يديه كما سبق في التشهد الأول، ويقول كما قال في التشهد الأول (التحيات لله... الخ)، ثم يقول بعدها الصلاة الابراهيمية ومن صيغها: (اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد).
أو يقول: (اللهم صلى الله عليه و سلم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد) وهناك صيغ أخرى للصلاة الإبراهيمية ولكن نكتفي بهذا القدر.
14- يُسَن أن يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقبل التسليم أدعية، ومنها: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال)، و(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، و(اللَّهمَّ اغفِرْ لي ما قَدَّمتُ وما أَخَّرْتُ، وما أَسْرَرْتُ ومَا أعْلَنْتُ، وما أَسْرفْتُ، وما أَنتَ أَعْلمُ بِهِ مِنِّي، أنْتَ المُقَدِّمُ، وَأنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إله إلاَّ أنْت)، ثم يدعو بما شاء، كقول (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، وقول (اللهم حاسبني حساباً يسيراً) وغيرها.
15- ثم يسلم عن يمينه وعن يساره، والصحيح الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في التسليم هو قوله: (السلام عليكم ورحمة الله) عن يمينه وشماله.
16- ومن السنة قول الأذكار التالية بعد السلام:
أ- (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام).
ب- (لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجَد منك الجَد).
ت- (لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون).
ث- (اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
ج- (اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً) (بعد السلام من صلاة الفجر).
ح- (اللهم أجرني من النار) (بعد صلاة الفجر والمغرب).
خ- (سبحان الله 33 مرة)، (الحمد لله 33 مرة)، (الله أكبر 33 مرة)، ويقول بعدها تمام المائة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير).
د- قراءة آية الكرسي (مرة واحدة).
ذ- قراءة سورة {قل هو الله أحد}، و{ قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس} (ثلاث مرات بعد صلاتي الفجر والمغرب، ومرة بعد الصلوات الأخرى).
ر- (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير) (مرة بعد كل صلاة إلا الفجر والمغرب 10 مرات).
الفصل السادس:
السنن الرواتب والوتر:
أولاً: السنن الرواتب:
الصلاة من خير ما يتقرب العبد به إلى الله تعالى وبها يتحصل العبد على الرفعة في الجنة، وصلاة السنن تجبر النقص في الفرائض. عن أم حبيبة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة، بُنى له بهن بيتُ في الجنة» قالت أم حبيبة: فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم" (رواه مسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجه).
وعليه فإن السنن الرواتب وفق الجدول التالي:
الصلاة عدد القبلية الراتبة عدد البعدية الراتبة
الفجر 2 -
الظهر 2 أو 4 2
العصر - -
المغرب - 2
العشاء - 2
ملاحظات هامة في السنن:
1- آكد السنن الرواتب ركتا الفجر، وهما سنة الفجر القبلية، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها" (رواه مسلم).
2- إن في المحافظة على صلاة أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها أجر عظيم، فعن أُمّ حَبِيبَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنها-، قالت: قال رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ حَافَظَ عَلَى أرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأرْبَعٍ بَعْدَهَا، حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ" (رواه أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح).
3- ليس للعصر سنة راتبة مؤكدة، لكن هناك حديث حسن يدلل على مشروعية صلاة أربع ركعات قبل صلاة العصر، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رَحِمَ اللهُ امرأً صلى قبل العصر أربعاً" (رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني).
4- هناك حديث يدلل على مشروعية صلاة ركعتين بين الأذان والإقامة، فعن عبد الله بن مُغَفَّلٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قال رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: " بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صَلاَةٌ، بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صَلاَةٌ، بَيْنَ كل أذانين صلاة، قال في الثَّالِثةِ: لِمَنْ شَاءَ " (متفقٌ عَلَيهِ).
والمُرَادُ بِالأَذَانيْنِ: الأذَانُ وَالإقَامَةُ.
5- الأَوْلى لمَن أراد أن يُصلي السنة الراتبة الرباعية كراتبة الظهر القبلية مثلاً أن يُصليها ركعتين ركعتين.
ثانياً: صلاة الوتر:
1- صلاة الوتر سنة مؤكدة عند الجمهور، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إن الله وتر يحب الوتر " (رواه البخاري ومسلم).
2- أجمع أهل العلماء على أن ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر وقت للوتر، وأداء صلاة الوتر آخر الليل أفضل منه في أوله، لكن يستحب تعجيله أول الليل لمن ظن أنه لا يقوم آخر الليل.
3- أدنى الكمال للوتر ثلاث ركعات، فلو اقتصر على ركعة كان خلاف الأولى، وبين الشيخ ابن عثيمين أن الوتر بثلاث ركعات جائز على صفتين، كلتاهما مشروعة، وهما: أن يصلي ركعتين ويسلم ثم يصلي الثالثة وحدها، أو يصلي الثلاث بتشهد واحد، غير أنه لا يشرع أن يصلي ثلاثاً بتشهدين وتسليم كصلاة المغرب، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك في قوله: "لاَ تُوتِرُوا بِثَلاَثٍ تشبهُوا الْمَغْرِبَ" (رواه الحاكم والبيهقي والدارقطني).
4- من صلى الوتر ثم أراد أن يصلي من الليل جاز له ذلك ولا يعيد الوتر.
5- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي ركعتين جالساً بعد الوتر.
6- إذا طلع الفجر ولم يوتر المسلم فالمشروع في حقه أن يقضيه وقت الضحى وتراً مشفوعاً بركعة، وإن قضاه بعد الظهر لا بأس في ذلك.
وقضاء الوتر بالنهار يكون شفعاً، فإذا كان من عادته أنه يوتر بثلاث جعلها أربعاً، وإن كان من عادته أن يوتر بخمس جعلها ستاً، وذلك لحديث عائشة -رضي الله عنها-: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة" (رواه مسلم).
الفصل السابع: مكروهات الصلاة ومبطلاتها:
أولاً: مكروهات الصلاة:
1- عبث المصلي بثوبه أو ببدنه إلا إذا دعت إليه الحاجة.
2- رفع البصر إلى السماء.
3- الالتِفَاتُ لغير حاجة.
4- النظرُ إلى ما يُلهِيهِ عن الصلاة.
5- التَّخَصُّرُ (وهو وضع اليد على الخاصرة).
6- تغميض العينين: لأنه يشبه فعل المجوس عند عبادتهم النيران، وقيل: يشبه فعل اليهود أيضاً، وقد نهينا عن التشبه بالكفار.
7- التمطي والتمغط في الصلاة، فهو عمل ينافي الخشوع.
8- افتراش الذراعين في السجود كانبساط الكلب أو افتراش السبع.
9- تغطية الفم (التلثم) والسدل، والسدل إرسال الثوب حتى يصيب الارض، أو لبس الثوب من غير إدخال اليدين في كمه.
10- اشتمال الصَّمَّاء: أي أن يلتحف بالثوب ولا يجعل ليديه مخرجاً؛ لأن هذا يمنع من كمال الإتيان بمشروعات الصَّلاة، وقيل معناه: أن يشتمل بثوب ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على أحد منكبيه.
11- كَفُّ الشعر والثوب (ومنه تشمير الأكمام).
12- البصاق في جهة القبلة أو عن اليمين لمن يصلي في فلاة.
13- تشبيك الأصابع.
14- فرقعة الأصابع.
15- التطبيق في الركوع: وهو جعل بطن الكف على بطن الكف الأخرى ووضعهما بين الركبتين والفخذين في الركوع.
16- قراءة القرآن في الركوع والسجود.
17- وضع اليد على الأرض في الجلوس في الصلاة إلا لعذر.
18- جلسة الإقعاء: ويعني (إلصاق الإليتين بالأرض ونصب الساقين ووضع اليدين على الأرض).
19- التثاؤب في الصلاة من دون منعه بإطباق الشفتين أو الأسنان أو بوضع اليد على الفم.
20- الاشارة باليدين عند السلام.
21- الصلاة بحضرة الطعام.
22- الصلاة مع مدافعة الأخبثين، والأخبثان هما: البول والغائط.
23- الصلاة عند مغالبة النوم.
24- التزام مكان خاص من المسجد للصلاة فيه غير الإمام.
ثانياً: مبطلات الصلاة:
1- حدوث ما يَنْقُضُ الوضوء.
2- كشف العورة: فإذا انكشفت العورة عمداً، بطلت الصلاة، وإذا انكشف منها جزء كبير وطال الزمن بغير عمد بطلت الصلاة.
3- استِّدْبار القبلة: لأنه شُرِطَ استقبالها لصحة الصلاة، فإن كان عالماً عامداً بطلت صلاته.
4- الزِّيادة في الأركان أو النقص منها عمداً.
5- تقديم بعض الأركان على ما قبلها.
6- فَسْخُ النية أو تغييرها.
7- ترك شرط من شروط الصلاة أو ركن من أركانها بدون عذر.
8- الكلام عمداً لغير مصلحة الصلاة.
9- العمل الكثير عمداً.
10- الأكل والشرب عمداً.
11- مسابقة الإمام عمداً.
12- الضحك بصوت: وهو القهقهة، فإنه يبطلها بالإجماع، لأنه كالكلام بل أشد، ولما في ذلك من الاستخفاف والتلاعب المنافي لمقصود الصلاة.
*******************************
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،،،
كتبه راجي رحمة الغفور:
محمد رفيق مؤمن الشوبكي
الاثنين 27 ربيع الآخر 1436هــ
الموافق 16/ 02/ 2015م
غزة - فلسطين