رد على مَنْ قال ببدعيـة صـيـــام
ست من شوال وصلاة التهـجــــد
الدكتور: نايف بن أحمد الـحـمـــد
غفر الله له ولوالديه وللمــسلمين
==================
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد...
فقد اطلعت على المقالة التي كتبها جميل يحيى خياط في جريد الوطن عدد (2567) في 28/9/1428هـ المتضمنة إفتاءه ببدعية صلاة التهجد في رمضان وأن الذي ابتدعها الشيخ عبد الله الخليفي رحمه الله تعالى وأنه لا أصل لها في الشرع وكذا قوله أن صيام الست من شوال أقرب إلى البدعة منها إلى السنة.
فأقول مستعينا بالله:
أولاً:
أما صلاة التهجد جماعة في رمضان فلا شك في مشروعيتها فعن عائشةَ رضيَ الله عنها أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم خَرَجَ ليلةً مِن جَوفِ الليلِ فصلَّى في المسجدِ، وصلَّى رجال بصلاتهِ، فأصْبحَ الناسُ فتَحدَّثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلَّى فصلّوا معَهُ، فأصْبحَ الناسُ فتَحدثوا فكثُرَ أهلُ المسجدِ منَ الليلةِ الثالثةِ، فخرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم فصُلِّيَ بصلاتهِ، فلمّا كانتِ الليلةُ الرابعةُ عَجَزَ المسجدُ عن أهلهِ حتى خَرَجَ لصلاةِ الصبح، فلمّا قضَىَ الفجر أقبلَ على الناس فتشهدَ ثمَّ قال: أما بعدُ فإِنهُ لم يَخْفَ عليَّ مَكانُكم. ولكِنِّي خَشِيتُ أن تُفرَضَ عليكم فتعجزِوا عنها. رواه البخاري(1988) ومسلم (1734).
وعن أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه قال:
«صُمْنَا مَعَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حتى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ فقامَ بِنَا حتَى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا في السَّادِسَةِ وقَامَ بِنَا في الخَامِسَةِ حتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا له يا رسولَ الله لو نفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ إنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ. ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتى بَقِيَ ثَلاَثٌ مِنَ الشهْرِ وصَلَّى بِنَا في الثَّالِثَةِ وَدَعَا أَهْلَهُ ونِسَاءَهُ فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الفَلاَحَ، قُلْتُ لَهُ: ومَا الفَلاَحُ؟ قالَ: «السُّحورُ» رواه أحمد (21038) والنسائي (1606) والترمذي (800) وقال حديث حسن صحيح . كما صححه ابن حبان (2522) وغيره ولو أن إماماً من الأئمة الآن صلى بالناس كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه من بعد العشاء حتى قرب السحور لأُقيمت الدنيا ولم تُقعد لفعله استنكارا له بدعوى أن هذا تنفير وما علمنا أن هذه هي الصفة الصحيحة لصلاة التراويح وهي ليست كالفرض من ناحية وجوب تخفيفها.
أما صلاة التهجد على الصفة الموجودة الآن في المسجد الحرام وغيره فإنه لما ضعفت همة الناس وضعف إقبالهم على الطاعة خففوا الصلاة وأطالوا الفصل بينها فقد كان الفصل بين تسليمات التراويح موجوداً وقد سميت التراويح بذلك لأنهم كانوا يستريحون بعد كل تسليمتين.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
"والتراويح جمع ترويحة وهي المرة الواحدة من الراحة كتسليمة من السلام سميت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين وقد عقد محمد بن نصر في «قيام الليل» بابين لمن استحب التطوع لنفسه بين كل ترويحتين ولمن كره ذلك، وحكي فيه عن يحيى بن بكير عن الليث أنهم كانوا يستريحون قدر ما يصلي الرجل كذا وكذا ركعة " ا.هـ فتح الباري 4/777 وانظر: شرح الزرقاني على الموطأ 1/237.
فنلاحظ هنا طول الفصل بين كل صلاة وهو بقدر ما يصلي الرجل كذا وكذا ركعة وهذا الركعات على الصفة التي يصلونها لا كما نصليها والله المستعان.
أما ما ذكره الأخ الكاتب من أن الذي ابتدع ذلك هو الشيخ عبد الله الخليفي إمام المسجد الحرام رحمه الله تعالى فليس صحيحا البتة فقد ذكر هذه الصفة العلماء قديما قبل ولادة الخليفي بمئات السنين قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: "فصل: فأما التعقيب: وهو أن يصلي بعد التراويح نافلة أخرى جماعة أو يصلي التراويح في جماعة أخرى.
فعن أحمد:
أنه لا بأس به، لأن أنس بن مالك قال: «ما يرجعون إلا لخير يرجونه أو لشر يحذرونه، وكان لا يرى به بأساً، ونقل محمد بن الحكم عنه الكراهة إلا أنه قول قديم. والعمل على ما رواه الجماعة.
وقال أبو بكر:
الصلاة إلى نصف الليل أو إلى آخره لم تكره رواية واحدة. وإنما الخلاف فيما إذا رجعوا قبل النوم.
والصحيح:
أنه لا يُكره، لأنه خير وطاعة فلم يكره كما لو أخره إلى آخر الليل. " ا.هـ المغني 2/515 وانظر: الكافي 1/154 المبدع 2/16.
والتعقيب المكروه هو أن أن يتطوع بعد التراويح والوتر جماعة كما في الإنصاف 2/142 شرح منتهى الإرادات .1/245
والناس اليوم لا يصلون التهجد بعد الوتر بل لا يوترون إلا في التهجد فزالت الكراهة عند من يقول بها لأنهم كرهوا الصلاة جماعة بعد الوتر لا قبله.
ثانيا: صيام الست من شوال:
لا شك أن صيامها سنة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم فعن أَبِي أَيوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللّهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوال كَانَ كَصِيَامِ الدهْرِ» رواه أحمد (23149) ومسلم (2711)، وصححه النووي رحمه الله تعالى في شرحه لصحيح مسلم 8/47.
قال الشيخ الجزري:
حديث أبي أيوب هذا لا يُشك في صحته ولا يُلتفت إلى كون الترمذي، جعله حسناً ولم يصححه. مرقاة المفاتيح 4/544.
وقد أطال ابن القيم رحمه الله تعالى في تخريجه وذكر طرقه وشواهده ثم قال:
"وهذه العلل -وإن منعته أن يكون في أعلى درجات الصحيح- فإنها لا توجب وهنه، وقد تابع سعداً ويحيى وعبد ربه عن عمر بن ثابت: عثمان بن عمرو الخزاعي عن عمر، لكن قال عن عمر عن محمد بن المنكدر عن أبي أيوب.
ورواه أيضاً صفوان بن سليم عن عمر بن ثابت ذكره ابن حبان في صحيحه وأبو داود والنسائي، فهؤلاء خمسة: يحيى، وسعيد، وعبد ربه، بنو سعيد، وصفوان بن سليم، وعثمان بن عمرو الخزاعي كلهم رووه عن عمرو. فالحديث صحيح " ا.هـ تهذيب السنن 6/87.
وقال المناوي رحمه الله تعالى:
"قال الصدر المناوي:
وطعن فيه من لا علم عنده وغره قول الترمذي حسن والكلام في راويه وهو سعد بن سعيد، واعتنى العراقي بجمع طرقه فأسنده عن بضعة وعشرين رجلاً رووه عن سعد بن سعيد أكثرهم حفاظ أثبات " ا.هـ فيض القدير 6/161.
وقال السبكي رحمه الله تعالى:
"قد طعن في هذا الحديث مَنْ لا فهم له مغتراً بقول الترمذي إنه حسن يريد في رواية سعد بن سعيد الأنصاري أخي يحيى بن سعيد... وقد اعتنى شيخنا أبو محمد الدمياطي بجمع طرقه فأسنده عن بضعة وعشرين رجلاً رووه عن سعد بن سعيد وأكثرهم حفاظ ثقات منهم السفيانان، وتابع سعداً على روايته أخوه يحيى وعبد ربه وصفوان بن سليم وغيرهم...
ورواه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلّم ثوبان وأبو هريرة وجابر وابن عباس والبراء بن عازب وعائشة ولفظ ثوبان «من صام رمضان فشهره بعشرة ومن صام ستة أيام بعد الفطر فذلك صيام السنة» رواه أحمد والنسائي. " ا.هـ سبل السلام 2/897، وبهذا يتبيَّن لنا عدم تفرُّد سعد بن سعيد بروايته...
أما ما ذكره الكاتب من رد الإمامين أبي حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى لمشروعية صيامها فجوابه:
أولاً:
أن هذا رواية عن أبي حنيفة وليست مذهباً للحنفية، قال ملا علي القاري الحنفي رحمه الله تعالى في شرح الوقاية: "ولا يُكْرَهُ عندنا، وعند الشافعي إِتْبَاعُ عيدِ الفطر بِسِت من شوّال، لقوله صلى الله عليه وسلم "مَنْ صَامَ رمضانَ ثُم أَتْبَعَهُ سِتاً من شوال كانَ كَصِيامِ الدهْرِ". رواه مسلـم وأَبو داود...
وكَرِهَهُ مالكٌ، وهو رِوَايةٌ عن أَبـي حنـيفة وأَبـي يوسف، لاشْتِمَالِهِ علـى التشَبهِ بأَهل الكتاب فـي الزيادة علـى الفروض، والتشبّه بهم مَنْهِي عنه، وعَامةُ الـمُتَأَخِّرِينَ لـم يَرَوْا به بَأْساً...
واختلفوا فـيما بـينهم، فقـيل:
الأَفضلُ وَصْلُهَا بِـيَوْمِ الفِطْرِ لظاهر قوله: «ثُم أَتْبَعَهُ سِتاً»، وقـيل: تَفْرِيقُهَا " ا.هـ
وقال المرغيناني الحنفي رحمه الله تعالى:
"صوم ست من شوّال عن أبي حنيفة وأبي يوسف كراهته وعامة المشايخ لم يروا به بأساً واختلفوا فقيل: الأفضل وصلها بيوم الفطر وقيل: بل تفريقها في الشهر, وجه الجواز أنه قد وقع الفصل بيوم الفطر، فلم يلزم التشبه بأهل الكتاب ووجه الكراهة أنه قد يفضى إلى اعتقاد لزومها من العوام لكثرة المداومة، ولذا سمعنا من يقول يوم الفطر نحن إلى الآن لم يأت عيدنا أو نحوه فأما عند الأمن من ذلك فلا بأس لورود الحديث. اهـ البداية 2/331 ومرقاة المفاتيح 4/531.
وقال المباركفوري رحمه الله تعالى:
"قلت: قول من قال بكراهة صوم هذه الستة باطل مخالف لأحاديث الباب، ولذلك قال عامة المشايخ الحنفية بأنه لا بأس به " ا.هـ تحفة الأحوذي 3/403.
فهذه أقوال علماء المذهب الحنفي فقد ذكروا أن ذلك رواية عن أبي حنيفة وعامة مشايخ المذهب على خلافها.
ثانياً:
أما الإمام مالك رحمه الله فقد قال:
"إنني لَمْ أرَ أَحَداً مِن أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السلَفِ وَإنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذلِكَ وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ لَوْ رَأَوْا فِي ذلِكَ رُخْصَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذلِكَ" الموطأ 2/202...
هذا قوله وتعليل نهيه واضح فيه وهو خشية أن يُلحقه أهلُ الجهل برمضان من ناحية الوجوب والحرمة وقد وقع ذلك من بعض الناس.
قال ملا علي القاري رحمه الله تعالى:
"ووجه الكراهة أنه قد يفضى إلى اعتقاد لزومها من العوام لكثرة المداومة، ولذا سمعنا من يقول يوم الفطر نحن إلى الآن لم يأت عيدنا أو نحوه فأما عند الأمن من ذلك فلا بأس لورود الحديث. اهـ مرقاة المفاتيح 4/544.
والناس الآن قد أمنوا ذلك فلا أعرف أحداً يقول بوجوب صيامها فزال المحظور.
ومع ذلك فقد كان مالك يصومها قال مطرف رحمه الله تعالى وهو من علماء المالكية الكبار: (كان مالك يصومها في خاصة نفسه. قال: وإنما كره صومها لئلا يلحق أهل الجاهلية ذلك برمضان فأما من يرغب في ذلك لما جاء فيه فلم ينهه) ا.هـ تهذيب السنن 6/88.
وقال ابن عبد البر المالكي رحمه الله تعالى:
"وَأما صِيَامُ السِّتةِ الأيامِ مِنْ شَوالٍ عَلى طَلَبِ الفضْلِ وَعَلى التأْوِيلِ الَّذِي جَاءَ بِهِ -حديث- ثَوْبان رضي الله عنه فَإِنَّ مَالِكاً لا يكْرَهُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لأنَّ الصوْمَ جُنةٌ وَفَضْلُهُ مَعْلُومٌ) ا.هـ الاستذكار 3/372.
قال المواق المالكي رحمه الله تعالى:
"قال مطرف:
إنما كره مالك صيام ستة أيام من شوال لذي الجهل لا من رغب في صيامها لما جاء فيها من الفضل.
وقال المازري عن بعض الشيوخ:
لعل الحديث لم يبلغ مالكاً ومال اللخمي لاستحباب صومها. " ا.هـ التاج والإكليل 3/329.
وقال الخرشي المالكي رحمه الله تعالى:
"صَوْمِ (سِتةٍ) مِنْ الأَيامِ (مِنْ شَوالٍ) فَيُكْرَهُ لِمُقْتَدًى بِهِ مُتصِلَةً بِيَوْمِ الْعِيدِ مُتَتَابِعَةً مُظْهرَةً مُعْتَقِدًا سُنِّيَّةَ وَصْلِهَا وَإِلا فَلا يُكْرَهُ انْتَهَى.
الْعَدَوِيُ:
قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لا يُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُقْتَدَى بِهِ وَلَوْ خِيفَ اعْتِقَادُهُ وُجُوبَهُ وَإِنَّهُ إنْ أَخْفَاهُ لا يُكْرَهُ, وَلَوْ اعْتَقَدَ سُنِّيةَ الاتِّصَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا فَالأَوْلَى أَنْ يُكْرَهَ لِمُقْتَدًى بِهِ وَلِمَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ وُجُوبِهِ إنْ وَصَلَهَا وَتَابَعَهَا وَأَظْهَرَهَا وَلِمَنْ اعْتَقَدَ سُنِّيةَ اتِّصَالِهَا " ا.هـ منح الجليل 1/384.
فهذه أقوال علماء المالكية وتنصيصهم على مشروعية صيامها ولكن لو خشي أن تلحق بالفرض تركت من مُقتَدى به لا من غيره ولهذا كان مالك رحمه الله تعالى مع نهيه كان يصومها كما ذكرته سابقاً.
قال ابن مازة رحمه الله تعالى:
"فلفظ مالك ولفظ أبي يوسف دليل على أن الكراهة في حق الجهال الذين لا يميزون "ا.هـ المحيط البرهاني 2/393.
وقال ابن رشد المالكي رحمه الله تعالى:
"وأما الست من شوال، فإنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «مَنْ صام رمضان، ثم أتبعه ستاًّ من شوال، كان كصيام الدهر»، إلا أن مالكاً كره ذلك إما مخافة أن يُلحق الناس برمضان ما ليس في رمضان، وإما لأنه لعلّه لم يبلغه الحديث، أو لم يصح عنده، وهو الأظهر" ا.هـ بداية المجتهد 1/372.
ومع ذلك لم يرتض علماء المالكية ولا الحنفية هذا القول وترك صيام هذه الأيام كما ذكرته أعلاه كما رده غيرهم.
قال الصنعاني رحمه الله تعالى بعد ذكره قول مالك:
"الجواب أنه بعد ثبوت النص بذلك لا حكم لهذه التعليلات وما أحسن ما قاله ابن عبد البر: إنه لم يبلغ مالكاً هذا الحديث يعني حديث مسلم. " ا.هـ سبل السلام 2/896.
وقال الشوكاني:
"وقال أبو حنيفة ومالك:
يكره صومها، واستدلا على ذلك بأنه ربما ظُنّ وجوبها وهو باطل لا يليق بعاقل، فضلاً عن عالم نصب مثله في مقابلة السنة الصحيحة الصريحة، وأيضاً يلزم مثل ذلك في سائر أنواع الصوم المرغب فيها ولا قائل به.
واستدل مالك على الكراهة بما قال في الموطأ من أنه ما رأى أحداً من أهل العلم يصومها، ولا يخفى أن الناس إذا تركوا العمل بسنة لم يكن تركهم دليلاً ترد به السنة." ا.هـ نيل الأوطار 4/306.
أما قول الكاتب في ره للحديث الصحيح:
"والعلة الثانية -وهي ثالثة الأثافي!!- أن الرسول عليه الصلاة والسلام هو ذاته لم يصمها، ولا صامها أحد من الصحابة من بعده ولا أحد من التابعين"ا.هـ.
فلا يخفى على أحد وهن هذا القول وذلك لأن السنة التشريعية إما قولية وهي الأقوى -وصيام ست من شوال منها- وإما فعلية وإما تقريرية وهناك عدد من السنن التقريرية لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أقر أصحابه على فعلها ومع ذلك لم يردها أحد من العلماء بذلك وعدُّوها من السنن النبوية.
اللهم اجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم موافقاً لسنة نبيك الكريم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه:
د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي في المحكمة العامة بالرياض