حزب السلامة الوطني (الرفاه الإسلامي)
التعريف:
حزب السلامة حزب (*) إسلامي تركي يعمل على إعادة بناء الحياة وصياغتها من جديد على أساس مبادئ الإسلام، وقد اختار الطريق السياسي وسيلة لتحقيق أفكاره على أرض الواقع، واضعاً كل طاقاته للوقوف أمام التيار العلماني الذي سيطر على تركيا إثر زوال الدولة العثمانية.
وقد غير اسم الحزب حديثاً إلى حزب الرفاه الإسلامي.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
• المؤسس نجم الدين أربكان:
المولود عام 1926م بمدينة سينوب على البحر الأسود، يرجع بنسبه إلى أسرة عريقة، تخرج من كلية الهندسة باستانبول عام 1948م وأوفد إلى ألمانيا لينال الدكتوراه عام 1953م من جامعة آخن في المحركات والترموديناميك.
ـ كان متفوقًا على جميع أقرانه خلال مراحل الدراسة المختلفة.
ـ يذكر ملف الجامعة التكنيكية بألمانيا عنه: "أنه كان أثناء دراسته يكثر من شيئين: الصلاة وعمل المشروعات".
ـ احتل عدداً من المناصب الجامعية العليا في بلده، ونشر عدداً من الأبحاث العلمية المختلفة والتي تدور حول المحركات والآليات.
ـ أول انعطاف سياسي له كان في عام 1968م عندما صار عضواً في مجلس إدارة اتحاد غرف التجارة والصناعة التركي.
ـ في انتخابات عام 1969م رشح أربكان نفسه مستقلاً عن قونية، وقد فاز بمعظم أصواتها وذلك بمؤازرة عشرة آلاف شاب من خريجي المعاهد الدينية.
ـ عقد نجم الدين عدة مشاورات مع الشخصيات الإسلامية البارزة، وبعدها شكَّل مع مجموعة من أصدقائه (حزب النظام الوطني) في 26 يناير 1971م الذي اتخذ رمزاً له قبضة يد منطلقة في الهواء وإصبع الشهادة موجهاً نحو الأمام.
ـ في أبريل 1971م اصطنعت له بعض التهم حيث قدُّم للمحكمة التي أصدرت أمراً بإلغاء حزبه الذي لم يستمر سوى (16) شهراً، مع مصادرة ممتلكاته ومنع شخصياته من العمل من خلال أي حزب سياسي آخر، ومنعهم من تأسيس أي حزب جديد كما أنه لا يجوز لهم ترشيح أنفسهم ولو كانوا مستقلين.
ـ ازدادت موجة العنف والاضطراب في تركيا من أوائل 1971م وقد أيقنت الحكومة حينها أن عودة الإسلاميين إلى الساحة قد يوازن الأمور.
ـ لم يكن بإمكان أربكان أن يتقدم للحصول على ترخيص للحزب الجديد حيث تقدم عنه كل من:
1 ـ عبد الكريم دوغر: مدير شركة الآزوت، والذي صار فيما بعد وزيرًا للتكنولوجيا.
2 ـ طورهان أكيول: وهو من رجال الاقتصاد.
ـ تمَّ تأسيس حزب السلامة فعلاً وبترخيص حكومي في 11/ 10/ 1972م.
ـ إثر انتخابات 14/ 10/ 1973م شكَّل حزب (*) السلامة مع حزب الشعب ائتلافاً وزاريًّا أحرز فيه أربكان منصب نائب رئيس الوزراء كما نال الحزب سبع وزارات هي وزارات الدولة والداخلية والعدل والتجارة والجمارك والزراعة والتموين والصناعة.
ـ سقطت هذه الوزارة بعد تسعة أشهر ونصف.
ـ انضم حزب السلامة إلى حزب الحركة وحزب العدالة لتشكيل الائتلاف الوزاري الجديد في 1 /8 /1977م.
ـ في 5/ 12/ 1978م طالب المدعي العام التركي فصل أربكان عن حزبه بدعوى أنه يستغل الدين في السياسة وهو أمر مخالف لمبادئ أتاتورك العلمانية.
ـ في 12/ 9/ 1980م قاد الجنرال كنعان ايفرين انقلاباً تسلم الجيش بموجبه زمام الأمور في البلاد.
ـ اعتقل نجم الدين مع 33 من قادة حزبه ورجالاته البارزين، وحدد يوم 24 /4 /1981م موعداً لمحكمة عسكرية.
ـ في الأشهر الأولى من عام 1985م خرج أربكان من السجن ووضع تحت الإقامة الجبرية التي استمرت حتى أواخر العام ذاته، وقد حضر إلى مكة معتمرًا مع بداية عام 1986م، وقد عاود نشاطه من جديد من خلال حزبه الجديد المسمى بحزب الرفاء.
ـ في أوائل عام 1996م استطاع الحزب اكتساح منافسيه في الانتخابات التشريعية في البلاد وبذلك تولى البروفيسور نجم الدين أربكان رئاسة الوزارة للمرة الثانية.
• حسن أقصاي: من كبار رجال حزب السلامة، وقد شغل منصب وزير الشؤون الدينية.
الأفكار والمعتقدات:
• لا يوجد ثمة خلاف بين أفكار حزب النظام الوطني وأفكار حزب السلامة ذلك لأن تغيير الاسم لم يكن غير أمر شكلي.
• ترتكز أهداف حزب السلامة على خمسة مبادئ:
ـ السلام والأمن في الداخل.
ـ امتزاج الأمة بالدولة.
ـ تركيا الكبيرة من جديد.
ـ النهضة الأخلاقية.
ـ النهضة المادية.
• في 26 /4/ 1980م ألقى نجم الدين أربكان خطاباً أمام البرلمان التركي دعا فيه إلى:
ـ أمم متحدة للأقطار الإسلامية.
ـ سوق إسلامية مشتركة.
ـ إنشاء عملة إسلامية واحدة (الدينار الإسلامي).
ـ إنشاء قوة عسكرية تدافع عن العالم الإسلامي.
ـ إنشاء مؤسسات ثقافية تبني الوحدة الثقافية والفكرية على أساس المبادئ الإسلامية.
• من آراء وأفكار الحزب الأخرى:
ـ ضرورة عودة المؤسسات المهمة التي تكرس العقيدة الإسلامية.
ـ العمل على إرجاع الناس إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
ـ الحكم وسيلة لمرضاة الله وخدمة للأمة.
ـ إصلاح التعليم ليكون أداة موجهة إلى الأخلاق الفاضلة.
ـ افتتاح المصانع في الأناضول واستيعاب الشباب للعمل فيها بدلاً من هجرتهم للعمل في أوروبا مما يفقدهم دينهم وأخلاقهم.
ـ ضرورة مقاطعة السوق الأوروبية المشتركة.
ـ إصلاح جهاز الإعلام ليخدم مصالح الأمة وينمي ثقافتها.
ـ لابد من قيام التصنيع الثقيل وكذلك التصنيع الحربي.
• أثناء مشاركة الحزب في الحكم رفع شعار "مصنع لكل ولاية" وقد وضع هذا الشعار موضع التنفيذ لكنه لم يمهل ليتم إنجازه الذي بدأ به ومن تصوراته:
ـ فتح عدد كبير من المدارس للأئمة والخطباء.
ـ تدريس مادة الأخلاق (*) في المدارس واعتبارها مادة إجبارية.
ـ السماح للأتراك بالسفر برًّا إلى الحج.
ـ العفو السياسي والذي يشمل الإسلاميين.
ـ الدعوة إلى إلغاء الربا بكل أشكاله.
ـ الدعوة إلى عودة الكتابة بالحروف العربية وإقصاء الكتابة بالحرف اللاتيني.
ـ بناء المساجد في المدن والقرى وتشكيل إدارة قوية للأوقاف الإسلامية.
ـ مناصرة القضية الفلسطينية واعتبارها قضية إسلامية، وقد ظهر ذلك في:
1 ـ الوقوف ضد التوجه الإسرائيلي في الحكومة التركية.
2 ـ المطالبة بقطع علاقات تركيا مع إسرائيل إثر إطلاق دعوتها إلى نقل العاصمة إلى القدس.
3 ـ الفوز بالاقتراع على حجب الثقة عن وزير الخارجية التركي خير الدين أركمان وإقالة هذا الوزير من منصبه بسبب ولائه الشديد للغرب ولإسرائيل.
4 ـ مؤتمر قونية الإسلامي الذي خرج فيه مائة ألف مسلم يوم 6/9/1980م وهم يرددون شعارات إسلامية يطالبون فيها بتطهير القدس من اليهود ويطالبون بفتح باب الجهاد (*) من أجل تحريرها.
5 ـ فتح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في تركيا.
6 ـ الإشادة بالمواقف المشرفة التي وقفها السلطان عبد الحميد من القضية الفلسطينية.
ـ تنمية شعور الاعتزاز بالانتماء إلى أمة الإسلام.
ـ التأكيد على أن (اليمين واليسار والوسط) إنما هي أوجه مختلفة لعملة علمانية واحدة تقف على قدم واحدة أمام التيار الإسلامي، وترسيخ فكرة أن حزب (*) العدالة ليس بأقل شرًّا ولا أهون خطباً من حزب الشعب في موقفهما المعادي للإسلام.
• قال أربكان مرة: "إنهم قد اتهمونا بالرجعية والتخلف، لكنهم يخجلون إذا علموا أن نواب حزب السلامة في البرلمان وهم خمسون نائباً يشكلون 95% من مثقفي المجلس".
• تصدى الحزب للماسونية وطلب إعادة النظر في محافلها وعمل على الكشف عن حقيقتها المعادية للدين (*) والوطن.
• في الفترة التي شارك فيها الحزب في السلطة تدخلت القوات التركية وأحرزت نصراً عسكريًّا مؤزراً في قبرص.
• دعا الحزب إلى العمل من أجل تغيير الدستور التركي الكمالي.
• في يناير 1975م استصدر الحزب من البرلمان قانوناً يجيز لبني عثمان العودة إلى ديارهم بعد أن طردوا منها منذ صدور قرار 3 /3 /1924م عقب استيلاء أتاتورك على الحكم.
• هناك صحيفتان تعبران عن وجهة نظر الحزب (*) هما: مللي جازيت وبني دور.
• يؤخذ على الحزب أنه يعنى بالتجميع والكثرة العددية على حساب الاهتمام بنشر التوحيد الخالص والعقيدة السلفية ، التربية والعمل الهادئ.
الجذور الفكرية والعقائدية:
• أفكارهم ومعتقداتهم سنية في جوهرها ومستمدة في كثير منها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
• استفاد حزب السلامة من الشعور الديني المتنامي الذي هيأته جماعة النور وعملت على ترسيخه والمحافظة عليه في تركيا وذلك على الرغم من أن أنصار النور لم يلتحقوا جميعاً بالحزب الجديد.
• يعد حزب السلامة امتداداً لحزب النظام الوطني، وحزب الرفاه الحالي امتداداً لهما جميعاً.
• إن الأراضي التركية هي مسرح هذا الحزب (*) الإسلامي الذي يسعى إلى إيقاظ الروح الإسلامية والمحافظة على التراث الإسلامي فيها بعد أن كادت هذه الجذوة أن تنطفئ بسبب التغريب والعلمنة.
• لقد زاد عدد المدارس الإسلامية بسبب حزب السلامة ليصل إلى 2800 مدرسة لتحفيظ القرآن، وبلغ عدد مدارس الأئمة والخطباء 172مدرسة، وأربعة معاهد عليا يدرس بها 24 ألف طالب فضلاً عن 5000 مدرس لتدريس مادة الأخلاق (*) والتي هي في جوهرها مادة الدين (*) في تركيا.
ويتضح مما سبق:
أن حزب السلامة الوطني أو ما يعرف الآن بحزب الرفاه، رغم أنه لا يحمل لافتة أو تسمية إسلامية، بسبب أنظمة تركيا العلمانية، التي لا تسمح بالترخيص لأي حزب أو جماعة دينية، إلا أنه يتبنى أيديولوجية (*) إسلامية تقوم على الإيمان بالله والاهتمام بالأخلاق والاعتزاز بحضارة الإسلام والعودة بتركيا إلى تراثها الإسلامي.
(مع التنبه إلى المؤاخذات التي سبقت الإشارة لها).
مراجع للتوسع:
**********
ـ العلمانية وآثارها على الأوضاع الإسلامية في تركيا، عبد الكريم مشهداني، منشورات المكتبة الدولية بالرياض، مكتب الخافقين بدمشق، ط1، 1403هـ/ 1983م.
ـ الحركة الإسلامية الحديثة في تركيا، مصطفى محمد، ألمانيا الغربية، ط1، 1404هـ/1984م.
ـ الموسوعة الإسلامية "جزءان"، فتحي يكن، دار البشير، عمان، ط1، 1403هـ/1984م.
ـ مجلة الشهاب البيروتية، العدد الخامس، السنة التاسعة، 1974م.
ـ مجلة الشهاب البيروتية، العدد السادس، السنة التاسعة، 1975م.
ـ مجلة المجتمع الكويتية، العدد 296، السنة السابعة، أبريل 1976م.
ـ صحيفة الميثاق المغربية، العدد 291، ربيع الثاني، 1399هـ.
ـ مجلة القبس الكويتية، 12 أبريل 1977م، وهي تنقل عن صحيفة انجلس تايمز.