منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 شرح الحديث رقم (28)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

شرح الحديث رقم (28) Empty
مُساهمةموضوع: شرح الحديث رقم (28)   شرح الحديث رقم (28) Emptyالخميس 26 فبراير 2015, 7:04 pm

ح28: حديث العرباض بن سارية: 

(وعظنا رسول الله موعظة وجلت منها القلوب...) 

---------------------------------------------------------------

28- عَنْ أَبي نَجِيحٍ العِرْباضِ بنِ سَاريةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: وَعَظَنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْها القُلوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْها العُيُونُ , فَقُلْنا: يا رسولَ اللهِ، كَأنَّها مَوْعِظَةُ مُودِّعٍ فَأَوْصِنا. قالَ: ((أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا, فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ , تَمَسَّكُوا بِهَا , وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ , وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)). رواهُ أبو داوُدَ والتِّرمِذِيُّ ، وقالَ: حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.

------------------

شرح فضيلة الشيخ: 

محمد حياة السندي

------------------

(1) تَرْجَمَةُ الصَّحَابِيِّ رَاوِي الحَديثِ:

العِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ السُّلَمِيُّ، كانَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، وهُوَ أَحَدُ البَكَّائِينَ، وَكَانَ يَقُولُ: إنَّهُ رَابِعُ الإِسْلاَمِ، وَنَزَلَ حِمْصَ، مَاتَ بعدَ السَّبْعِينَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَ.

الشَّرْحُ:

عَنْ أبي نَجِيحٍ قالَ: (وَعَظَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً).

(وَجِلَتْ) خَافَتْ وَرَقَّتْ (مِنْها) لأَِجْلِهَا (القُلوبُ، وَذَرَفَتْ) سَالَتْ (مِنْها) لِسَمَاعِهَا دُموعُ العُيونِ؛ لأِنَّها خَرَجَتْ مِنْ مِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ، وَقَلْبٍ نَقِيٍّ، وَلِسَانٍ تَقِيٍّ، وَوَقَعَتْ على قُلُوبٍ صَافِيَةٍ عَنِ الأرجَاسِ، مُشَاهِدَةٍ لِمُحْصِي الأَنْفَاسِ.

(فَقُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّهَا) كأَنَّ هذهِ المَوْعِظَةَ البَلِيغَةَ، (مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ) أَحْبَابَهُ وَأَصْحَابَهُ، وَهُوَ لا يَتْرُكُ في مَوْعِظَتِهِ مَا يَرَاهُ خَيْرًا لأَصحَابِهِ،(فَأَوْصِنَا) بمَا هُوَ نافِعٌ لَنَا في الدَّارَيْنِ.

(( قالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ)) أَنْ تَتَّقُوهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، بِفِعْلِ مَا يُقَرِّبُ إِلَيْهِ وَتَرْكِ مَا يُبْعِدُ عَنْهُ في السِّرِّ وَالعَلَنِ، وَالتَّقْوَى خَيرُ الزَّادِ لِلمَعَادِ وَسَبَبُ الإِكْرامِ عندَ ربِّ العبَادِ، {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[سورة المطففين الآية: 6].

((وَالسَّمْعِ)) لأَقوَالِ وُلاَةِ الأُمُورِ.

((والطَّاعَةِ)) في غَيرِ الإثْمِ؛ إذْ لا طاعةَ لِمخْلُوقٍ في مَعْصِيَةِ الخَالِقِ.

((وَإِنْ تَأَمَّرَ عَليْكُمْ عَبْدٌ))حَبَشِيٌّ مَمْلُوكٌ، مُتَغَلِّبًا أَوْ نَائِبًا عَنِ الخَلِيفَةِ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوهُ؛ فَإِنَّ الإِطَاعَةَ- إِذَا أَمَرَ بِغَيْرِ الإثْمِ - في الحقيقةِ للهِ الَّذِي أَمَرَ بالطَّاعَةِ لا لَهُ.

((فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا)) في أَمْرِ الدينِ، حتَّى يَصِيرَ الناسُ ثلاثةً وَسَبْعِينَ فِرْقَةً يُكَفِّرُ بَعْضُهُم بَعْضًا أَوْ يَبْتَدِعُونَ أَوْ يَفْسُقُونَ، وَتَتَعَصَّبُ كُلُّ طائفَةٍ لِمَا تَذْهَبُ إليهِ، وَتُقَاتِلُ على ذلكَ في أَمْرِ الإِمَارَةِ، حتَّى يَكُونُوا خُلَفَاءَ مُخْتَلِفَةً، وَأُمَرَاءَ مُتَفَرِّقَةً، كُلٌّ يَدَّعِي أَنَّ الحقَّ مَعَهُ، مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ أُمُورِهِمُ الظُّلْمُ وَالبَغْيُ.

فإذَا كانَ الأمرُ كذَلكَ ((فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ)) من الأَئِمَّةِ المُتَّبَعِينَ، والعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ مِنْ بَعْدِي، ((عَضُّوا عَلَيْهَا بالنَّوَاجِذِ))بالذَّالِ المُعْجَمَةِ أَي: الأَنْيَابِ.

أَي: اسْتَمْسِكُوا بِهَا أَشَدَّ الاسْتِمْسَاكِ، ولا تَتْرُكُوهَا أَبَدًا، إذَا أَرَادَ أهلُ السَّوءِ مِنْكُمْ تَرْكَهَا؛ فإنَّ النَّجَاةَ فيهَا والْهُدَى بِحَذَافِيرِهِ في التَّعَلُّقِ بِأَذْيَالِهَا.

((وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ)) أَي: احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ عَنِ الوقُوعِ في البِدَعَاتِ عَمَلاً وَاعْتِقَادًا.

((فإنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ)) في الدِّينِ ((ضَلاَلةٌ)) عنِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ بِقَدْرِهَا.

ومعرفةُ السُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ ومَا وَافَقَهَا مِنْ أَهَمِّ المَهَمَّاتِ لِيُؤْخَذَ بِهَا؛ لأَنَّها سَفِينَةُ النَّجَاةِ، ومَعْرِفَةُ البِدَعَاتِ مِنْ أَوْكَدِ الأُمُورِ، لِيُحْتَرَزَ عَنْهَا؛ لأِنَّها سببُ الهَلاَكِ، ومَنْ لَمْ يَعْرِفِ الشَّرَّ يَقَعْ فيهِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ عَنْ ذَلِكَ غَافِلُونَ، وَلِلسُّنَنِ السُّنِّيَّةِ تَارِكُونَ، وَلِلْبِدْعَةِ القَبِيحَةِ فَاعِلُونَ. إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، مَا أَعْظَمَ هَذِهِ المُصِيبَةَ في الدينِ.

---------------------

المنن الربانية لفضيلة الشيخ: 

سعد بن سعيد الحجري

--------------------

الحديثُ الثامنُ وَالعشرونَ:

عَنْ أَبِي نَجِيحٍ العِرْبَاضِ بنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، وَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَأَوْصِنَا. قَالَ: ((أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ؛ فإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلافاً كَثِيراً، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ)). حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

الرَّاوِي:

أبو نَجِيحٍ العِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ السُّلَمِيُّ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، سَكَنَ الشامَ، وَتُوُفِّيَ فِي العامِ الخامسِ وَالسبعِينَ مِن الهجرةِ.

موضوعُ الحديثِ: 

وُجُوبُ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَمُحَارَبَةِ البِدْعَةِ.

المُفْرَدَاتُ:

(وَعَظَنَا مَوْعِظَةً): 

الوَعْظُ: هوَ النُّصْحُ وَالتَّذْكِيرُ بالعَوَاقِبِ... وَكانتْ هذهِ الموعظةُ بعدَ صلاةِ الصبحِ.

وَهذا يَدُلُّ على: 

أَهَمِّيَّةِ المَوْعِظَةِ وَاخْتِيَارِ الوقتِ المُنَاسِبِ لها، وَتَخَوُّلِ الناسِ بها، وَحَاجَةِ الناسِ لها، وَتَرْبِيَةِ القلوبِ بها.

وَقدْ كانَ هَدْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المَوَاعِظِ كَمَا يَلِي:

1-كَانَ يَعِظُ أَصْحَابَهُ في غيرِ الخُطَبِ الراتبةِ كَخُطَبِ الجُمَعِ وَالأَعْيَادِ؛ امْتِثَالاً لأمرِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} [النساء: 63].

وَقولِهِ: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125].

2-كانَ يَتَخَوَّلُهُمْ مِن الحِينِ إِلى الحِينِ.

قَالَ ابْنُ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (كَانَ الرسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بالموعظةِ مِن الحينِ كراهةَ السآمَةِ علينا). 

وَالتَّخَوُّلُ: التَّعَهُّدُ.

(بَلِيغَةً): أيْ: مُؤَثِّرَةً، تَبْلُغُ سُوَيْدَاءَ القلبِ وَتُؤَثِّرُ فيهِ، فَتَكُونُ قدْ بَلَغَتْ أَعْمَاقَ القلبِ؛ لِتُظْهِرَ آثَارَهَا وَتَجْنِيَ ثِمَارَهَا، وَذلكَ لِعِظَمِ مَعَانِيهَا وَإِيصَالِهَا لقلوبِ السامِعِينَ.

وَالبلاغةُ في الموعظةِ مُسْتَحْسَنَةٌ؛ لأنَّها أَقْرَبُ إِلى قَبُولِ القلوبِ وَاسْتِجْلابِهَا.

(وَجِلَتْ منها القلوبُ): الوَجَلُ: هوَ الخوفُ، وَالمرادُ بهِ المحمودُ الذي يَدْعُو إِلى مُراقبةِ الربِّ وَالعملِ بطاعتِهِ، وَلا تَوْجَلُ القلوبُ إِلاَّ إِذا خَلَتْ مِن الشواغلِ، وَسَمِعَتْ للخِطَابِ، وَرَغِبَتْ في الثوابِ، وَخَشِيَتْ مِن العقابِ، وَانْقَشَعَتْ عنها سُحُبُ المعصيَةِ، وَتَنَوَّرَتْ بِنُورِ الإِسلامِ.

والوَجَلُ للقلوبِ مَحْمُودٌ؛ إِذْ مَدَحَ اللَّهُ أهلَهُ فَقَالَ:{وَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ...} الآيَةَ [الأنفال: 2].

وَقالَ تَعَالَى:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ...} الآيَةَ [الحديد: 16].

_ وَقالَ ثابتٌ البُنَانِيُّ: ( إِنِّي أَعْلَمُ مَتَى تُسْتَجَابُ دَعْوَتِي. قَالُوا: مَتَى؟

قَالَ: إِذا وَجِلَ قَلْبِي وَاقْشَعَرَّ جِلْدِي وَذَرَفَتْ عَيْنِي).

وَمِثْلُ ذلكَ قَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ.

(وَذَرَفَتْ منها العُيُونُ): (ذَرَفَتْ): بِمَعْنَى سَالَتْ وَفَاضَتْ بالدَّمْعِ مِنْ تَأَثُّرِ القَلْبِ وَوَجَلِهِ. 

فَتَأَثُّرُ العينِ ثَمَرَةٌ مِنْ ثمراتِ تَأَثُّرِ القلبِ وَرِقَّتِهِ، وَدَمْعُ العينِ مِنْ خشيَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَحْمُودٌ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ...} الآيَةَ [المائدة: 83].

وَقالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)).

(مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ): أيْ مُفَارِقٍ، مِنْ وَدَعَ الشيءَ؛ أيْ: فَارَقَهُ.

وَفَهِمُوا ذلكَ مِنْ مُبَالَغَتِهِ في تَخْوِيفِهِمْ وَتَحْذِيرِهِمْ على خلافِ ما كَانُوا يَعْهَدُونَهُ فيهِ، أَوْ لأنَّهُ عَرَّضَ بالمفارقةِ؛ إِذْ زَهَّدَهُمْ في الدُّنيا وَرَغَّبَهُمْ في الآخرةِ.

(فَأَوْصِنَا): أي اعْهَدْ إِلينَا بِوَصِيَّةٍ جامعةٍ كَافِيَةٍ نَنْتَفِعُ بها في الدُّنْيا وَالآخرةِ.

وَفي هذا حِرْصُ الصحابةِ على الخيرِ، وَاغْتِنَامُهُمْ للمواعظِ وَالنَّصَائِحِ، وَالتَّذْكِيرُ بحاجةِ الناسِ لها.

(أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ): مَضَى الكلامُ عَن التَّقْوَى وَثَمَرَاتِهَا وَأَهَمِّيَّتِهَا في حديثِ أبي ذَرٍّ وَمُعَاذٍ.

(والسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ): أيْ سَمْعِ أَوَامِرِ وُلاةِ الأمورِ مِن المسلمينَ الَّذِينَ يَحْرِصُونَ على الخيرِ، وَيَحْذَرُونَ مِن الشرِّ، وَيُقِيمُونَ الشرعَ، وَيَأْمُرُونَ بالمعروفِ، وَيَنْهَوْنَ عَن المنكرِ، وَطَاعَتِهِمْ في غيرِ معصيَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِمَا في ذلكَ مِن المصالحِ العاجلةِ وَالآجِلَةِ، وَاجْتِمَاعِ كَلِمَةِ المسلمينَ، وَإِظهارِ قُوَّتِهِمْ، وَحَقْنِ دِمَائِهِمْ، وَأداءِ حُقُوقِهِمْ، وَرَدِّ كَيْدِ عَدُوِّهِمْ، وَسعادةِ الدنيا، وَتَنْظِيمِ مصالحِ العِبَادِ، وَإِقامةِ الحدودِ وَغَيْرِهَا.

(وإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ): وَفي بعضِ الرواياتِ: ((وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ)).

وَالمرادُ: وَإِنْ كَانَت الإِمارةُ في المَوَالِي وَالعَبِيدِ، فَيَجِبُ طَاعَتُهُمْ فِي غيرِ معصيَةِ اللَّهِ؛ لاجتماعِ الأُمَّةِ وَنَبْذِ الفُرقةِ. أَو المرادُ ولايَةُ العبيدِ حَقِيقَةً، وَهذا مِمَّا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ.

وَلا يُنَافِي هذا القولَ: ((الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ))؛ لأنَّ المقصودَ أَنْ يَكُونَ هذا العَبْدُ الحَبَشِيُّ وَالِياً للإِمامِ الذي مِنْ قُرَيْشٍ، أَوْ هذا مِنْ بَابِ ضَرْبِ المَثَلِ، مِثْلُ: ((مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِداً وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ)).

وَالإِمارةُ: هيَ الولايَةُ؛ أيْ: يكونُ الآمِرَ الذي يُطَاعُ، وَالولايَةَ التي يُمْتَثَلُ أَمْرُهَا.

وَالعبدُ: هوَ الرقيقُ، وَاصطلاحاً: عَجْزٌ حُكْمِيٌّ يَقُومُ بالإِنسانِ سَبَبُهُ الكُفْرُ.

وَالحَبَشِيُّ؛ أيْ: مِن الحَبَشَةِ، وَخُصَّ لكثرةِ العبيدِ منهم، أَوْ لأنَّهُم المَعْرُوفُونَ بالعُبُودِيَّةِ، أَوْ لِشِدَّةِ سَوَادِهِمْ.

(فإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافاً كَثِيراً): فيهِ تَوْطِئَةُ النفوسِ للاستقامةِ على المنهجِ القويمِ وَالثباتِ على الصراطِ المستقيمِ، وَنَبْذِ الخلافِ وَالفُرْقَةِ، وَالاعتصامِ بحبلِ اللَّهِ المتينِ، وَتَجَنُّبِ الأهواءِ وَالشهواتِ.

وَهذا يَدُلُّ على وُقُوعِ الخلافِ وَالافتراقِ في أُصُولِ الدِّينِ وَفروعِهِ، وَفي الأقوالِ وَالأفعالِ وَالاعتقاداتِ. وَهذا مُوَافِقٌ لقولِهِ: ((وَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً)).

وَسَبَبُ الاختلافِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أُمُورٌ:

منها: كثرةُ المَعَاصِي، قِلَّةُ الطاعاتِ، الاختلاطُ بالكفَّارِ، تَرْجَمَةُ كُتُبِ الكُفَّارِ، وُرُودُ الشُّبُهاتِ، الانْغِمَاسُ في المَلَذَّاتِ، الوُقُوعُ في الشهواتِ، وَغيرُهَا.

(فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المَهْدِيِّينَ): فيهِ أَمْرٌ باتِّبَاعِ السُّنَّةِ عندَ وُرُودِ الفتنةِ وَكثرةِ الخلافِ؛ لأنَّها عِصْمَةٌ وَنَجَاةٌ.

وَالسُّنَّةُ: هيَ الطريقُ المسلوكةُ، فَيَشْمَلُ ذلكَ التَّمَسُّكَ بما كَانَ عَلَيْهِ هوَ وَخلفاؤُهُ الرَّاشِدُونَ مِن الاعتقاداتِ وَالأقوالِ وَالأعمالِ، وَهذهِ السُّنَّةُ الكاملةُ.

وَ(الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ): هُم الذينَ خَلَفُوهُ بعدَ مَوْتِهِ في ولايَةِ أَمْرِ الأُمَّةِ، وَأوَّلُهُمْ: أَبُو بكرٍ، ثمَّ عُمَرُ، ثمَّ عُثْمَانُ، ثمَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عنهم.

وَالخليفةُ: لَقَبٌ لِمَنْ تَوَلَّى إِمْرَةَ المُؤْمِنِينَ.

وَالرَّاشِدُ: هوَ الذي عَرَفَ الحَقَّ وَاتَّبَعَهُ. وَوُصِفَ الخلفاءُ بذلكَ؛ لأنَّهُم عَرَفُوا الحقَّ وَقَضَوْا بهِ.

وَالمَهْدِيُّ: هوَ الذي عَرَفَ الحقَّ وَاتَّبَعَهُ، وَيُقَابِلُهُ الْغَوِيُّ: وَهوَ الذي عَرَفَ الحقَّ وَلم يَتَّبِعْهُ، وَالضَّالُّ: هُوَ الذي لمْ يَعْرِفْهُ بالكُلِّيَّةِ.

(عَضُّوا عَلَيْهَا بالنَّوَاجِذِ): أيْ تَمَسَّكُوا بها أَشَدَّ التَّمَسُّكِ كَتَمَسُّكِ العَاضِّ بِأَضْرَاسِهِ على الشيءِ لا يَتْرُكُهُ.

وَ(النَّوَاجِذُ): هيَ الأَضْرَاسُ، وَالمرادُ: اثْبُتُوا على هذا المنهجِ القويمِ؛ لِتَسْلَمُوا مِن الأهواءِ وَالشياطينِ.

(وإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ): أي احْذَرُوا ما اسْتُحْدِثَ في الدِّينِ وَليسَ منهُ؛ لأنَّهُ خلافُ السُّنَّةِ، وَقدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ))، وَقدْ أَكْمَلَ اللَّهُ الدِّينَ وَأَتَمَّ النِّعْمَةَ.

(فإِنَّ كلَّ بِدْعَةٍ ضَلالةٌ): أيْ ما أُحْدِثَ مِمَّا ليسَ في الكتابِ وَالسُّنَّةِ فهوَ بِدْعَةٌ.

وَالبدعةُ: هيَ ما أُحْدِثَ على خلافِ المشروعِ مِمَّا ليسَ عَلَيْهِ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ.

وَ(كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ) يَضِلُّ بها أَهْلُهَا عَن الصراطِ المستقيمِ، وَرُبَّمَا خَرَجُوا بها عَن الإِسلامِ.

الفَوَائِدُ:

1- مَشْرُوعِيَّةُ الوَعْظِ وَالتذكيرِ.

2- الحرصُ على نفعِ الناسِ.

3- جوازُ الموعظةِ بعدَ الصلواتِ.

4- البلاغةُ في الموعظةِ.

5- تَحْرِيكُ القلوبِ بالذِّكْرِ.

6- أَعْظَمُ المواعظِ ما وَجِلَ منهُ القلبُ.

7- فَضْلُ البُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ.

8- ذَكَاءُ الصحابةِ.

9- الاسْتِزَادَةُ مِن الخيرِ.

10- وُجُوبُ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى.

11- أَعْظَمُ الوَصَايَا تَقْوَى اللَّهِ.

12- وُجُوبُ طاعةِ وَلِيِّ الأمرِ في غيرِ مَعْصِيَةٍ.

13- تَحْرِيمُ الخروجِ على الإِمامِ المُسْلِمِ.

14- طَاعَةُ وَلِيِّ الأمرِ عِبَادَةٌ.

15- الإِيمانُ بِمُعْجِزَاتِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

16- الصبرُ على الحقِّ عندَ الفتنةِ.

17- أنَّ سَبَبَ الفتنةِ تَرْكُ السُّنَّةِ وَالخروجُ على الأَئِمَّةِ.

18- وُجُوبُ التَّمَسُّكِ بالسُّنَّةِ.

19- صِحَّةُ الاحتجاجِ بِسُنَّةِ الخلفاءِ الراشِدِينَ.

20- وُجُوبُ مَحَبَّةِ الصَّحَابَةِ.

21- عَدَمُ اجْتِمَاعِ الصحابةِ على ضَلالةٍ.

22- قَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ إِذا لمْ يُعَارَضْ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ آخَرَ.

23- التَّحْذِيرُ مِن البِدَعِ.

24- الحَذَرُ مِن المذاهبِ الهَدَّامَةِ.

25- أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ.

يتبع إن شاء الله...



شرح الحديث رقم (28) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
شرح الحديث رقم (28)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مشكل علم مصطلح الحديث في العصر الحديث
» شرح الحديث رقم (41)
» الحديث رقم (16)
» الحديث رقم (32)
» شرح الحديث رقم (40)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـحــــديث الـنبــوي الـشـريف :: شروح الأربعون النووية :: شرح مجموعة من العلماء-
انتقل الى: