خاص للمقبلين على الزواج
إعداد: بندر بن محمد المحيميد
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمـة
الحمد لله القائل: "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً" [الروم: 21].
والصلاة والسلام على رسول الله القائل: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» رواه الطحاوي.
وبعــــــــــــد:
فقد اجتمع لديَّ عدد من تجارب المتزوِّجين حديثًا وما مرُّوا به من نجاحٍات وإخفاقات، فدوَّنت ذلك بعد صياغته إشادةً بالنجاح ليُحتذَى، وتحذيرًا من الإخفاق ليُتَّقَى.
وما كان في هذا العمل من صوابٍ فمن الله وحده، وما كان فيه من خطأٍ فمن نفسي والشيطان.
والله المسؤول أن يمنَّ علينا بالهدى والرشاد والتوفيق والسداد.
وصلى الله وسلم على عبده ونبيِّه محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
* * * * * * * * * *
لماذا التأكيد للمقبلين على الزواج؟
إنَّ وراء توجيه الخطاب إلى المقبلين على الزواج أموراً من أهمها:
1- أنَّ الفترة الأولى من الزواج هي الأهمِّ والأخطر في حياة الزوجين، وهي الأرض التي تُوضع فيها بذور الحُب بينهما، وأيُّ ثمرٍ يخرج من بذر في أرض لم تُحرث ولم تُهيَّأ؟ وقواعد بناء البيت المسلم ينبغي أن تكون راسيةً راسخةً متينة.
2- ما قد يحصل في بعض العلاقات الزوجية في بدايتها من اضطرابٍ سببه عدم التهيئة للحياة الجديدة.
3- غفلة كثيرٍ من الأزواج والزوجات والآباء والأمهات عن الإعداد للزواج من ناحية العلاقات الاجتماعية وكيفية تعامل كل طرف مع صاحبه، فإن كان ثَمَّة إعداد فمن الناحية الجنسية والمالية فحسب، وهذا وحده لا يكفي.
4- الصورة المغلوطة عن الزواج، وأنه ذهاب وإياب وسفر وأحاديث وعلاقات جنسية فقط، ونسوا أنَّ الزواج مسئولية وأمانة مع حبٍّ وسعادة.
من أجل هذا كلِّه كان هذا الحديث وهذه الوصايا ما هي إلاَّ لبنة في بناء الحياة الزوجية، وما يؤكَّد على الزوجين قبل وبعد الزواج هو أن يأخذا من العلم ما يكفيهما لفهم بعضهما البعض وكيفية حلِّ المشاكل وأسباب الحياة الزوجية السعيدة، ففي كتاب الله وسُنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- خيرٌ كثيرٌ، وكذلك يوجد في المكتبات كتُب نافعة وأشرطة جيدة تفيد كثيرًا في هذا الموضوع.
ومن هنا أدعو الآباء والأمَّهات اللذين يعتنون كثيرًا بتجهيز ابنتهم بالملابس والذهب على أهمية ذلك؛ إذ أنَّ الأهم هو مَنْ ستلبس هذه الملابس، كيف تتعامل مع زوجها؟ وكيف تستوعب الخلافات الزوجية؟ وكيف تتعامل مع أهل الزوج؟ ومثل هذه الدعوة أوجِّهها لمن يبذل جهدًا مع الزوج في زيادة الثقافة الجنسية أن يُركِّز أكثر على الجوانب الاجتماعية ولا يترك الأمر لاجتهاد المجتهدين من الأزواج.
وقفـــــــــــة:
* قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يا معشر الشباب، فمَنْ استطاع منكم الباءة فليتزوَّج، فإنه أغضُّ للبصر وأحصنُ للفرج، ومَنْ لم يستطع فعليه بالصَّوم؛ فإنه له وجاء» متفق عليه.
* وقال عليه الصلاة والسلام: «ثلاثة حق على الله عونهم...»، وذكر منهم: «الناكح يريد العفاف» رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة.
* وقال عليه الصلاة والسلام: «تُنكحُ المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك» متفق عليه.
* وقال عليه الصلاة والسلام: «الدُّنيا متاع، وخيرُ متاعها المرأةُ الصالحة» رواه مسلم.
وصايا للمُقبلين على الزواج:
أولاً- الزواج عبادة:
فيحتسب الإنسان فيه ابتداءً الأجر من الله عزَّ وجلَّ أن يُعِفَّ نفسه ويُعِفَّ تلك المرأة، وأن يُنشئَ أسرةً إسلاميةً تتربَّى تحت يديهِ تعبدَ اللهَ تعالى وتخدم دينهُ.
ثانيًا- ما بين العقد والدخول:
من المؤكد -غالبًا- أنه لا يوجد علاقة بين الاثنين قبل كتابة العقد، أمَّا وقد كُتِبَ العقدُ بينهما فهما زوجان في شرع الله، فإن أراد أن ينظرَ إليها ويُجالسها ويُحادثها قبل الدخول بها فله ذلك.
وينبغي لأهل الزوجة إتاحة الفرصة للزَّوج بعد كتابة العقد أن يُقابل زوجته للتشاور معها في أمورهما الخاصة؛ لأنَّ في لقائهما ببعض في هذه الفترة تقريب القلوب أكثر وكسر حواجز الخوف من الحياة الجديدة، مع الحرص على أن تكون الفترة بين العقد والدخول قصيرة جدًّا.
ويُفضِّل عدم حرق الأوراق كلِّها، وألاَّ يطلق العنان للسانه في المديح والثناء والإعجاب المبالغ فيه، والذي قد يناسب أكثر بعد الدخول.
وألاَّ يكثر من إحضار الهدايا، ليُبقِي شيئًا من ذلك لليلة الزفاف ولما بعدها حتى لا تفقد تلك الأيام متعتها.
ومما يُنبَّه عليه في هذه الفترة اتخاذ بعض الأزواج أسلوب «قائمة المحبوبات والمكروهات»، فيذكر لها ما يحبُّ وما يكره، وهذا غير مناسب -بهذا الأسلوب- في هذه الفترة؛ لأنَّ جميع ما يحبه الزوج والزوجة وما يكرهانه يأتي بالتدرُّج بينهما، وأما أن تبدأ الحياة بهذا الأسلوب فغير لائق في فترة ينبغي أن تسود فيها العاطفة، فالأيام كافية لمعرفة كلِّ واحد منهما صاحبه، وحينها يحصل الانسجام بشكلٍ تلقائيٍّ بينهما بإذن الله تعالى.
ثالثًا- ليلة الزواج الأولى:
1- الحرص على أذكار الصباح والمساء؛ فإنها مما يُحفظ به العبد، ويحسن أن يُذَكِّرَ كلُّ واحد منهما صاحبه بها.
2- الحرص على أخذ قدرٍ كافٍ من الراحة نهار يوم الزواج.
3- على الزوج أن يكون في هذه الليلة هو المبادر في الكلام والمُبَاسطة؛ لأنَّ حياء الزوجة لا شكَّ سيمنعها من الكلام ابتداءً، وليحرص على اقتناء العبارات الخفيفة اللطيفة المناسبة لمثل هذا المقام.
ويبدأ الكلام بالحديث عن أحداث الزواج، وماذا حلَّ فيه، ومَنْ رأى من أهلها، وماذا رأى من إكرامٍ وتقديرٍ ودعاءٍ بأن يجمع الله بينهما على الخير، وكذلك الكلام عن الترتيب النهائي للسفر إن كان هناك سفر.
4- على الزوج أن يحرص ألاَّ يكون هناك اتصال جنسي في هذه الليلة إذا رأى انصرافًا من الزوجة وعدم تفاعل منها، حتى يُشعرها بالأمان، فلربما أثَّر عليها سلبًا في المستقبل إمَّا بكراهية الاتصال أو ببُغض الزوج ونحو ذلك.
وليس صحيحًا أنَّ الاتصال من أوَّل ليلة من علامات الفُحولة والرُّجولة، وأنه لا بدَّ أن يحصل من أول ليلة، أبدًا ليس ذلك صحيحًا، بل الاتصال ينبغي أن يتمَّ حسب تهيئة الظروف المناسبة لذلك، ونذكر بأنَّ نسبة التفاعل الجنسي تختلف بين الزوجين، خاصة أول الزواج.
يقول أحد المتزوجين:
إنَّ زوجته قالت له بعد سنوات إنَّ هناك موقِفًا لن تنساه له في حياتها، وهو أنه في الليلة الأولى من الزواج لَمَّا كانت هي مُرهقة وخائفة من رهبة الموقف، تقول: إنها ذهبت لغرفتها لتستريح، فغلبها النوم من آثار التعب والإرهاق، تقول: لما رأيتني نائمة غطيتني ولم تُحاول إزعاجي أو إيقاظي، فشعرت حينها بأمانٍ وراحةٍ نفسية عالية، وعرفت أنك إنسان متفهِّم.
فمثل هذه المواقف ترسَّخ في ذاكرة المرأة وتقوى الحياة الزوجية وتثبت دعائمها.
5- قد تبكي المرأة في ليلة الزواج الأولى، وهذا طبيعيٌّ إلى حدٍّ ما؛ وذلك لخوفها من الموقف وفراقها أهلها وقدومها على حياة جديدة مجهولة بالنسبة لها، فينبغي على الزوج مُراعاة ذلك وعدم استنكاره أو تفسيره بتفسيرات أخرى، بل عليه أن يتجاهل الأمر وكأنه لم يرَ شيئاً.
6- قد يُصاب الرجل بضعفٍ جنسيٍّ طارئ في الليلة الأولى، وهذا طبيعيٌّ جدًّا؛ لأنه أمرٌ جديدٌ في حياته فلا يقلق، فالمشكلة نفسية عارضة، لا عضوية في الغالب.
7- يُستحب توفير بعض الأطعمة الخفيفة المحبوبة للنساء مما يكفيها ويُرضيها؛ لأنَّ غالب الزوجات في هذه الفترة لا تقبل على الأكل، إمَّا عدم رغبة لِما تمرُّ به من ظروف نفسية أو خجل من الأكل -بكفاية- مع الزوج، مما يضطرها أن تأكل في غيبة زوجها، مع مراعاة عدم الالتفات إلى ما تأكله ومحاولة التجاهل.
8- رائعٌ جدًّا أن يُعطي فرصة لزوجته لتخلو بنفسها بُرهةً من الزمن لقضاء حاجاتها الخاصة، وذلك بأن يستأذنها بأنه سيذهب إلى السيارة مثلاً أو سيذهب إلى دورة المياه ونحو ذلك.
9- إنَّ اكتساب المرأة للثقافة الجنسية نابع من حبِّها لإسعاد زوجها، ودليل على وعيها -لا غير- فليعلم ذلك جيدًا.
وقفـــــــــــــة:
* قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا تزوَّج أحدكم امرأة، أو اشترى خادمًا، فليأخذ بناصيتها، وليسمِّ الله عزَّ وجل، وليدعُ بالبركة، وليقل: "اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرِّها وشر ما جبلتها عليه» رواه أبو داود وغيره وصحَّحه الحاكم ووافقه الذهبي.
- الناصية: منبت الشعر في مقدم الرأس.
- جبلتها: خلقتها وطبعتها عليه.
* قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيمَنْ يقول حين يأتي أهله «بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنِّب الشيطان ما رزقتنا»: «فإن قضى الله بينهما ولداً لم يضره الشيطان أبدًا» رواه البخاري.
رابعًا- السفر الأول بعد الزواج:
سبق لنا الإشارة إلى العلاقة بين الزوجين بعد العقد وقبل الدخول، وأنه يتيسَّر لهما التشاور حول السفر، إلى أين، ومتى، وكم تكون المدة؟ ولا شكَّ أن بُعد الزوجين عن أهلهما يتيح لهما قدراً من التعرُّف أكثر والتآلف بينهما.
وإن كان من تنبيهات، فأقول:
1- إن كان السفر لأخذ عمرة فرأيُها مُهم للغاية؛ لما قد يصيب النساء من عوارض، ويُراعَى عند أخذ رأيها عدم التصريح بشيء من تلك العوارض.
2- تعلُّم أحكام السفر فيما يتعلَّق بالطهارة والصَّلاة ونحوها.
3- ألاَّ يكون السفر إلى بلاد الكفار ولا إلى بلدٍ من بلدان المسلمين يكثر فيه التبرج والسُّفور، وإن افتتحا حياتهما بسفرهما إلى الحرمين الشريفين وسؤال الله التوفيق في هذا الزواج فهو خيرٌ لهما من المباهاة بالسفر هنا وهناك مع ما قد يصحب ذلك من منكرات ومحرمات.
4- أن يراقبا الله في السفر كما يراقبانه في الحضر.
5- أيها الزوج، إذا سافرت بهذه الزوجة لأوَّل مرة فتذكَّر أنك أخذتها من بين أهلها، وهذه سُنَّةُ الحياة، وينبغي عليك مُراعاة مشاعرها وتلمُّس حاجتها وإتاحة الفرصة لها بأن تتصل بأهلها، فربما احتاجت لأخذ رأي أمها أو أختها فيما يعرض لها من باب المَشورة لا الشكوى.
6- أيها الزوج، لا تشقّ على زوجتك بإطالة السفر.
7- التزما سُنَّة النبي -صلى الله عليه وسلم- في السفر وخاصة الدُّعاء، فالسفر من الأحوال التي يُستجاب فيه الدعاء، فيدعو كلٌّ منكما ربَّه بأن يوفِّقه في زواجه ويجعله خير زوج لصاحبه وأن يُعينه على القيام بحقوق صاحبه وأن يكفيهما شرَّ الشيطان وكيده، وأن يرزقهما الذرية الصالحة.
8- رصد مبلغ للهدايا -خاصة لأهلها- في السفر الأول من أجمل ما يصنعه الزوج؛ لأنَّ الناس في الغالب يُقيِّمون الزوج على عمله في الأيام الأولى من الزواج، فالصورة التي يرسمها الزوج عنه هي التي تنطبع في الأذهان.
وهذه الهدايا -أيضًا- فيها إشعارٌ لأهل الزوجة بأنك قد أحببت ابنتهم، وأنَّ بوادر الزواج جميلة؛ لأنَّ شأن توفيق البنت في الزواج مما يشغل الأهل كثيرًا، خاصة هذا الزمن.
خامسًا- أيام الزواج الأولى وما بعدها:
وتتلخَّص في أمور:
أولاً- لا يزال كثير من الناس يُسمُّون هذه الفترة «شهر العسل»، والأَولى ترك هذه التسمية لِما فيها من مشابهةٍ للكفار، ولِما فيها من حصر السعادة الزوجية بفترة محدودة.
والأفضل أن تكون الحياة كلَّها عسلاً، ولتكون كذلك فخذ بهذه الوصية:
- تكون الحياة كلها عسلاً عندما نصبّ الاهتمام بمصدر ذلك العسل وهي النحلة، فبعض الناس يطلب من زوجته أن تخدمه وأن تُكرمه وتُكرم أهله وتعتني بالبيت وبضيوفه، وهذا لا شكَّ أنه مطلوب وسيكون بإذن الله، لكنَّ المُشكلة أنَّ كثيرًا من الأزواج يَغفُل عن تلك الزوجة المسكينة وعن حاجتها وعن أهلها، فلا يقوم بأيِّ دورٍ إيجابيٍّ من شأنه أن يكون سببًا في بقاء العسل المُصفَّى، فلا بدَّ من شُكر الزوجة عندما تقوم بعملٍ فيه مصلحةٌ لك مُباشرة أو غير مُباشرة، وأن تُجَدِّد العهد معها كلَّ فترة بكلمةٍ طيبةٍ أو بهديةٍ تُفرحها وتُدخِل السرور عليها... وعند ذلك ستكون حياتكما كلَّها عسلاً مُصفَّىً بإذن الله.
ثانيًا- اجعل في يدها شيئًا من المال؛ لأنها قد تحتاج وتخجل أن تطلب خاصة في أيام حياتكما الأولى، ولأنها أيضًا قد تحتاج إلى شراء بعض الأمور الخاصة جدًّا؛ فقد تقترض من أهلها ليشتروا لها إن لم يكن بيدها مال، فمبادرتك دليل وعيك واهتمامك بها مما يُدَّخر لك في قلبها.
ثالثًا- موضوع الإنجاب مِمَّا يختلف الناس فيه تأخيرًا وتقديمًا، فمنهم مَنْ يرى أنَّ وجود المولود مما يُديم العلاقة ويزيدها قوَّةً بين الزوجين، فمهما حصل بينهما من سوء التفاهم فلن يُفكرا في موضوع الانفصال.
ومنهم مَنْ يرى أنَّ التأخير أفضل ليحصل قدرٌ لا بأس به من التَّوافق بين الزوجين، وحينها يأتي المولود والجو العائلي قد صار مهيَّأً؛ فينشأ الولد وقد انصبَّ اهتمام الزوجين به تربية وتنشئةً.
وليس معنى هذا أن ينظر الزوج إلى الحياة الزوجية -في أيامها الأولى- على أنها مُهدَّدة بالانهيار، ويكون تعامله مع زوجته على أنَّ حياتهما لن تدوم طويلاً، فهذا الشعور من أخطر ما يكون على الزوجين، وما ذكرناه لا يعدو أن يكون أمرًا وقائيًّا لا أكثر.
رابعًا- يُلاحَظ أنَّ نسبة الطلاق تقلُّ كلَّما طالت المُدة بين الزَّوجين وتزيد كلَّما قصرت، وذلك لأنَّ العلاقة العاطفية بين الزوجين -وأعني بها الحب- بدأت من حيث قبول كلِّ واحدٍ منهما للآخر، وما زال هذا الحبُّ يزداد وينمو أكثر وأكثر بعد الدخول بالزوجة، ومن ثمَّ السفر، وكذلك الحال في الأشهر الأولى تكثر كلمات الحب والاحترام والتقدير، إثباتًا من أحدهما للآخر بأنه يُحِبُّ صاحبه ولا يبغي به بدلاً مهما كانت الظروف والأحوال، وبعد أن تستقرَّ الحياة ويأخذ كلُّ واحدٍ من الزوجين موقعه الصحيح في الأسرة، فالزوجة ربة بيت مسئولة عن البيت داخليًّا والزوج في المقابل مسئول عن البيت خارجيًّا من نفقةٍ ورعايةٍ وإشرافٍ، وحينها قد يطرأ عليهما بعض التغيُّر والفتور في العواطف والتعامل بعد تحمُّل المسئولية وبدء الحياة الجادة والعملية.
ونتيجةً لذلك قد يحصل بينهما بعض الاختلاف في وجهات النظر وبعض المشادات الكلامية ونحو ذلك، فيحدِّث كلٌّ منهما نفسه بأنَّ صاحبه كان يكذب عليه عندما كان يصرِّح بحبِّه ومودَّته، وأنه أغلى شيءٍ عنده، وحينها يشعر كلُّ واحدٍ بخيبة أملٍ وتحطُّم كلّ الأحلام التي كان يرسمها في ذهنه عن الزواج، وقد يتسرَّعان أو يتسرَّع أحدهما بطلب الانفصال ويقع الفراق بينهما.
وأحب أن أطمئن الزوجين بأن ما مرَّ بهما يمرُّ في غالب البيوت ويحصل لكثيرٍ من المتزوجين حديثًا، وتفسيره الحقيقي هو أنَّ الزوجين مازالا بحاجةٍ إلى مدَّةٍ أطول للتأقلُم مع الحياة الجديدة؛ فإن صبرا وتفاهما وتناصحا عاشا بإذن الله في أسعد حياة بينهما.
يتبع إن شاء الله...