قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
موضوع: آداب ذكر الله تعالى الأحد 18 مايو 2014, 7:35 pm
آداب ذكر الله تعالى
ذكر الله تعالى هو روح جميع العبادات، وهو المقصود من كل الطاعات والقربات، وهو أفضل من جميع الأعمال الصالحات، وهو منتهى حياة المؤمن ونورها وغايتها وخلاصتها في الدنيا والآخرة .
قال تعالى: "ولذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ" العنكبوت 45 .
وقال سبحانه "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)" طه 14 .
روي عن معاذ -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلا سأله أي المجاهدين أعظم أجراً؟ قال: "أكثرهم لله تعالى ذكراً . قال: فأي الصالحين أعظم أجراً؟ قال: "أكثرهم لله تعالى ذكراً" .
ثم ذكر الصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أكثرهم لله تعالى ذكراً . فقال أبو بكر لعمر: يا أبا حفص ذهب الذاكرون بكل خير فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أجل" . رواه أحمد والطبراني .
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟" قالوا بلى، قال: "ذكر الله تعالى" رواه الترمذي عن أبي الدرداء .
وقال: "أحب الأعمال الى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله" رواه ابن حبان والطبراني عن معاذ .
ولكل عبادة من العبادات وقت معين وشروط محددة، ولكن ذكر الله تعالى لا يحدده مكان، ولا يحدده زمان، ولكنه مطلوب على جميع الأحوال، وفي كل الأوقات، قال تعالى "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ" آل عمران 191 .
(وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه) رواه مسلم عن عائشة .
وقد أوحى الله لموسى: (يا موسى أتحب أن أسكن معك بيتك؟) فخر لله ساجداً ثم قال: يا رب وكيف ذلك؟ فقال يا موسى: (أما علمت أني جليس مَن ذكرني وحيثما التمسني عبدي وجدني (ولم يطلب الله سبحانه من عبادة الإكثار من شيء، إلا ذكر الله فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42)" الأحزاب .
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "سبق المفردون" ، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: "الذاكرون الله كثيراً والذاكرات" رواه مسلم عن أبي هريرة .
وقال معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله تعالى فيها .
بل إنه جعل إحدى علامات المنافقين أنهم يذكرون الله تعالى ولكنه الذكر القليل الذي لا يُثمر محبة، ولا يورث خشية، ولا يُحدث تقوى ولا إيماناُ قال تعالى: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142)" النساء .
وإذا كان الإيمان شجرة باسقة جذورها العقيدة الصحيحة ، وفروعها العمل الصالح النافع، وثمارها الأخلاق الكريمة الطيبة، فإن ماءها الذي تسقى به والذي فيه استمرار حياتها إنما هو ذكر الله تعالى قال عليه الصلاة والسلام: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت" رواه البخاري .
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده إن القرآن والذكر ينبتان الإيمان في القلب كما ينبت الماء العشب" رواه الديلمي .
ومن بين شرائع الإسلام الحقة انتقى منها معلمها الأول أنفعها وأكثرها ضرورة للتمسك به، والثبات عليه، (فقد جاء رجل اليه -صلى الله عليه وسلم- وقال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ، فأخبرني بشيء أتشبث به؟ قال: "لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله" رواه الترمذي) .
كيف لا وذاكر الله تعالى جليس ربه الذي يفيض عليه من علمه وحكمته ومراقبته بحسب صلته به وقوة توجهه إليه، قال تعالى: "فاذكروني أذكركم" البقرة 151 .
وقال في الحديث القدسي: (أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه) رواه البيهقي وابن حبان عن أبي هريرة .
وقال عليه الصلاة والسلام: "إن ذكر الله شفاء، وإن ذكر الناس داء" رواه البيهقي ، وقال أحد الصالحين: إني أعلم متى يذكرني ربي سبحانه، ففزعوا منه وقالوا: وكيف تعلم ذلك؟ فقال: إذا ذكرته ذكرني. وذكر الله تعالى هو العاصم من الوقوع في الخطايا، وهو الوازع للنفس يكفها عن غفلتها وميلها الى الباطل، واتباعها للهوى، قال تعالى: "وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28)" الكهف.
وقال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ أصبح وأمسى ولسانه رطب من ذكر الله يُمسي ويُصبح وليس عليه خطيئة" رواه الأصبهاني عن أنس .
وذكر الله تعالى هو العمل المرتجى للنجاة من عذاب الله تعالى، إذ أن أشد العذاب الذي يصيب الإنسان إنما يأتيه بسبب الغفلة عن الله، وما وقع مَنْ وقع، ولا زل مَنْ زل، ولا أذنب مَنْ أذنب إلا بسبب غفلته عن الله تعالى قال الله عز وجل: "وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)" الزخرف.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله"، قالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا ان تضرب بسيفك حتى ينقطع، ثم تضرب به حتى ينقطع، ثم تضرب به حتى ينقطع" رواه مسلم .
ومجالس الذكر التي يجتمع عليها الذاكرون، فتلتقي أرواحهم في بوتقة واحدة، ويستمد ضعيفها من قويها، وتستمد جميعها من مصدر الخير والكمال والفضل والعطاء، والنور والهدى والإيمان، هي رياض الجنة، ومجالس الرضوان قال تعالى: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ" الكهف 28" .
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده" رواه مسلم .
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فيما يرويه عن ربه: يقول الله تعالى يوم القيامة: "سيعلم أهل الجمع اليوم مَنْ أهل الكرم؟ قيل: مَنْ أهل الكرم يا رسول الله؟ قال: "أهل مجالس الذكر في المساجد" رواه أبو يعلى وأحمد .
وأي شرف أعظم لهذا الإنسان الضعيف، من قول الملك العظيم، الكريم الجليل حين يخاطبه في الحديث القدسي فيقول: (أنا عند ظن عبدي بي . وأنا معه حين يذكرني . إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي . وإن ذكرني في ملإ، ذكرته في ملإ هم خير منهم . وإن تقرب مني شبراً، تقربت إليه ذراعاً . وإن تقرب إلي ذراعاً، تقربت منه باعاً . وإن أتاني يمشي، أتيته هرولة) متفق عليه عن أبي هريرة، ويقول: (يا ابن آدم إذا ذكرتني شكرتني وإذا نسيتني كفرتني) رواه الطبراني والديلمي عن أبي هريرة .
ويقول: (مَنْ شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين) رواه البخاري والبزار والبيهقي عن ابن عمر .
وإذا كان الذكر هو الصلة الروحية بين العبد وربه، فلابد للوصول بها الى مرتبة القبول، ولتؤتي ثمارها على الوجه الأفضل، من آداب يلتزمها الذاكر بين يدي خالقه ومولاه..
نذكر منها:
1 »» الوضوء قبل الذكر، قال سيدنا عمر -رضي الله عنه-:(إن الوضوء الصالح يطرد عنك الشيطان).
2 »» الجلوس باتجاه القبلة ساكناً خاشعاً، استعداداً لمناجاة الله تعالى.
3 »» إرادة وجه الله تعالى بذكره، وامتثال أمره وطاعته، وابتغاء مرضاته، دون الالتفات إلى شيء من حظوظ النفس، أو مراءاة الناس، أو مراقبة الآخرين.
قال تعالى: "قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ" آل عمران: 29 .
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج على حلقة من أصحابه فقال: "ما أجلسكم؟" قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومَنَّ به علينا . قال: "آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟" قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك. قال: "أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني ان الله عز وجل يباهي بكم الملائكة" رواه مسلم .
4 »» الابتداء بتطهير النفس بالاستغفار والتوبة الى الله من كل الذنوب والخطايا والغفلات .
وعن الأغرّ المزني -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" رواه مسلم .
5 »» يفضل إغماض العينين، لئلا يشتغل بشيء من متاع الدنيا، ولصرف القلب والفكر إلى تدبر معاني الذكر، ومراقبة الله سبحانه وتعالى.
6 »» إختيار الأوقات المناسبة لذكر الله تعالى، والتي يكون فيها المرء خالياً من الشواغل، ونفسه مستعدة لتلقي النور والفيض الإلهي، وقلبه مشتاق لمناجاة الله تعالى، كأوقات السحر، والأصيل، وعقب الصلوات المكتوبة، وفي الليالي المباركة، والأيام الفضيلة ..
قال تعالى: "وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (25)" الإنسان .
وقال سبحانه: "وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (26)" الإنسان .
وقال سبحانه: "الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ (17)" آل عمران .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال فيما يرويه عن ربه: (ابن آدم اذكرني بعد الفجر وبعد العصر ساعة أكفك ما بينهما) رواه مسلم وأبو نعيم .
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم يُصلي ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة" رواه الترمذي وأحمد .
وعن عمرو بن عنبسة -رضي الله عنه- أنه سمع النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون مِمَّنْ يذكر الله تعالى في تلك الساعة فكن" رواه الترمذي وأبو داود . 7 »» استحضار عظمة الله وجلاله، وأسمائه الحسنى، وصفاته العليا، بحسب حالة الذكر والفتح الذي يفتح عليه فيه، والتفكير في كل لفظ يذكره، ومراقبة القلب يردده مع اللسان، حتى يصل الى الهيبة والتضرع والعبودية الحقة، ولا يفرغ حتى يشعر بطمأنينة القلب بذكر الله تعالى .
قال أحد العارفين: لا اعتداد بذكر اللسان ما لم يكن ذلك من ذكر في القلب، وذكره تعالى يكون لعظمته فيتولد منه الهيبة والإجلال، وتارة لقدرته فيتولد منه الخوف والخشية، وتارة لنعمته فيتولد منه الحب والشكر، وتارة لأفضاله الباهرة فيتولد منه التفكير والاعتبار، فحق للمؤمن أن لا ينفك أبداً عن ذكره على أحد هذه الأوجه .
وعن العباس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا اقشعرّ جلد العبد من خشية الله تحاتّت عنه خطاياه كما يتحاتّت عن الشجرة البالية ورقها" رواه الطبراني .
8 »» يُستحب البكاء مصاحباً لذكر الله تعالى، ويُساعد عليه التوجه الكلي الى الله عز وجل حتى يمتلئ القلب من خشية الله، أو ذكر تقصيره في جنب الله وما مضى من عمره وهو في الغافلين .
عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عينان لا تمسهما النار أبداً، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله" رواه أبو يعلى .
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقول: "سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله -وذكر منهم- ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" متفق عليه .
وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: ليس شيء أحب الى الله تعالى من قطرتين وأثرين، قطرة دموع من خشية الله، وقطرة دم تهراق في سبيل الله، وأما الأثران: فأثر في سبيل الله تعالى، وأثر في فريضة من فرائض الله تعالى" رواه الترمذي .
9 »» أفضل الذكر ما كان خفياً في القلب، وسريّاً في أعماق النفس، وذلك بملاحظة القلب بذكر اسم الله تعالى مع كل نبضة من نبضاته، وملاحظة نور الله تعالى يتدفق إليه مع كل قطرة تفد إليه .
قال الجنيد من الأعمال ما لا يطلع عليه الحفظة، وهو ذكر الله بالقلب وما طويت عليه الضمائر من الهيبة والتعظيم واعتقاد الخوف وإجلال أوامره ونواهيه .
وقال الشيخ محيي الدين بن العربي: واشتغل بذكر الله بأي نوع شئت من الأذكار وأعلاها -قدراً ورتبة ونتيجة- الاسم الأعظم وهو قولك: الله. الله. الله لا تزيد شيئاً، ولكن ذكرك الاسم الجامع الذي هو الله الله الله، وتحفّظ أن يفوه به لسانك وليكن قلبك هو القائل، ولتكن الأذن مصغية لهذا الذكر .
وقال النووي: الذكر يكون بالقلب ويكون باللسان، والأفضل ما كان بالقلب واللسان جميعا، فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل .
وقال الغزالي: اعتكفت أذكر الله تعالى بهذا الاسم: الله، الله، حتى انكشفت لي العوالم فرأيت ما أبوح به وما لا يمكن أن أبوح به .
قال تعالى: "وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (8)" المزمّل.
وقال تعالى: "وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ الأعراف 205.
وعن سعد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خير الذكر الخفيّ، وخير الرزق ما يكفي" رواه البيهقي وابن حبّان .
وعن ضمرة بن حبيب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اذكروا الله ذكرا خاملاً" . قيل وما الذكر الخامل؟ قال: "الذكر الخفيّ" رواه ابن المبارك .
وقال أحدهم: بقلــب فاذكـــــــر الله خفيّا ******* عن الخلق بلا حرف وقال وهذا الذكر أفضل كل ذكر ******* بهذا قد جرى قول الرجال
10 »» مطالبة النفس بثمرات الذكر بعد الفراغ منه، وذلك بالمحافظة على الطاعات، ومجانبة اللهو واللغو والإثم والمحرمات، والاستقامة في الأقوال والأفعال والمعاملات .
قال الحسن -رضي الله عنه-: الذكر ذكران: ذكر الله تعالى بين نفسك وبين الله عز وجل ما أحسنه وما أعظم أجره، وأفضل من ذلك ذكر الله سبحانه عند ما حرم الله عز وجل .
وقال أحد العارفين: المؤمن يذكر الله تعالى بكله، لأنه يذكر الله بقلبه فتسكن جميع جوارحه إلى ذكره فما يبقى منه عضو إلا وهو ذاكر في المعنى، فإذا امتدت يده إلى شيء ذكر الله فكف يده عما نهى الله عنه، وإذا سعت قدمه إلى شيء ذكر الله فغض بصره عن محارم الله، وكذلك سمعه ولسانه وجوارحه مصونة بمراقبة الله تعالى، ومراعاة أمر الله، والحياء من نظر الله، فهذا هو الذكر الكثير الذي أشار الله إليه بقوله سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42)" الأحزاب .
وعن أنس-رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال فيما يرويه عن ربه سبحانه: (مَنْ ذكرني حين يغضب، ذكرته حين أغضب، ولا أمحقه فيمَنْ أمحق" رواه الديلمي .
وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أحبّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان" رواه أبو داود .
11 »» اختتام الذكر بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وبالدعاء .
12 »» يُستحب الاجتماع على الذكر، لما فيه من حث الهمم على الطاعة، وتقوية الضعيف وإعانته على نفسه، والتقاء القلوب وتغذية ذاكرها لغافلها، وإشاعة جو الألفة والمحبة في الله، واكتساب بركة الجماعة، وإظهار لشعائر الله وأركان الدين .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال فيما يرويه عن ربه: (أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" رواه البيهقي .
وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليَبعثنّ الله أقواماً يوم القيامة في وجوههم النور على منابر اللؤلؤ يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء .
قال: فجاءنا أعرابي على ركبتيه فقال: يا رسول الله حلّهم لنا لنعرفهم، قال: "هم المتحابون في الله من قبائل شتى وبلاد يجتمعون على ذكر الله ويذكرونه" رواه الطبراني .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما قعد قوم مقعداً لم يذكروا الله ولم يُصلوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة" رواه الترمذي .