منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (19-20)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (19-20) Empty
مُساهمةموضوع: السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (19-20)   السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (19-20) Emptyالأربعاء 19 فبراير 2014, 12:18 am

السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (19-20)

السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (19-20) %D8%A8%D8%B1%D9%82

اَوْ كَصَيِّب مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ اَصَابِعَهُمْ فِي اذانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ المَوْتِ وَالله مُحِيطٌ بِالْكَافِرِين َ 19 يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ اَبْصَارَهُمْ كُلَّما اَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَاِذَا اَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَاَبْصَارِهِمْ اِنّ الله عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 20

اعلم! ان مدار النظر في هذه الآية ايضا من ثلاثة وجوه، نظمها بسابقتها، والنظم بين جملها، ثم النظر بين هيئات جملة جملة. 

مثلها في الارتباط كمثل الامْيال العادّة للساعات والدقائق والثواني.

أما وجه النظم بينها وبين سابقتها فهو: 

انه كرر التمثيل واطنب في التصوير اشارةً الى احتياج تصوير حال المنافقين في دهشتهم وحيرتهم الى نوعين منه.

 إذ: خلاصة التمثيل الأول هي:

ان المنافق يرى نفسَه في صحراء الوجود منفردةً عن الأصحاب مطرودةً عن جمعية الكائنات خارجةً عن حكم شمس الحقيقة. 

يصير كلُ شئ في نظره معدوماً ويرى المخلوقات اجنبية كلها، ساكنة وساكتة استولى عليها الوحشة والخمود. وأين هذا من حال المؤمن الذي يرى بنور الايمان كل الموجودات احبّاءه ويستأنس بكل الكائنات؟.

وخلاصة التمثيل الثاني هي:

ان المنافق يظن ان العالَم بأجزائه ينعي عليه بمصائبه ويهدده ببلاياه ويصيح عليه بحادثاته ويحيط به بنوازله كأن الأنواع اتفقوا على عداوته فانقلب النافع ضاراً. 

وما هذه الحالة الا لعدم نقطتي الاستمداد والاستناد كما مر. 

واين هذا من حال المؤمن الذي يسمع بالايمان تسبيحات الكائنات وتبشيراتها؟..

وأيضاً تكرار التمثيل ايماء الى انقسام المنافقين الى الطبقة السفلية العامية المناسبة للتمثيل الاول والى الطبقة المتكبرة المغرورة الموافقة للتمثيل الثاني.

وأما مناسبة هذا التمثيل لمقامه بالنظر الى السامع فهي: ان الصف الأول من مخاطبي القرآن ابناء الفيافي يفترشون الصحارى ويتخيّمون بفسطاط السماء. 

وما منهم الا وقد رأى بنفسه أو سمع من أبناء جنسه مثل هذه الحادثة حتى استأنس بها حسُّ العموم؛ بحيث تؤثّر فيه كضرب المثل.

وأما مناسبته للتمثيل الأول فأظهر من ان يخفى، اذ هو كالتكملة والتتمة له مع الاتحاد في كثير من النقط.

وأما مناسبة التمثيل للممثل له فبخمسة وجوه:

منها: وقوعهما كليهما في شدة الحيرة بانسداد كل طرق النجاة عليهم، وبان ضلت جميعُ أسباب الخلاص عنهم.

ومنها: وقوعهما في شدة الخوف حتى يتخيل كل من المشبه والمشبه به، ان الموجودات اتفقت على عداوته ولا يأمن من بقائه في كل دقيقة.

ومنها: وقوعهما في شدة الدهشة المنتجة لاختبال العقل حتى ان كلاً منهما يتبلّه. كمثل من يرى برق السيوف فيتحفظ بغمض بصره أو يسمع تقتقة البنادق فيتجنب عن الجرح بسد سمعه. أو كمثل من لا يحب غروب الشمس فيمسك دولاب ساعته لئلا يدور جرخ الفلك الدوّار، فما أخبلهم!.. اذ الصاعقةُ لا تنثني بسد الاسماع، والبرقُ المحرق لايترحم عليهم بغضِّ الأبصار. ومن هنا يُرى ان لم يبق لهم ممسك.

ومنها: ان الشمس والمطر والضياء والماء كما إنها منابع حياة الأزاهير وتربية النباتات، وسبب تعفن الميتات ونتن القاذورات؛ كذلك ان الرحمة والنعمة اذا لم تصادفا موقعَهما المنتظر لهما والعارف بقيمتهما، تنقلبان زحمة ونقمة.

ومنها: انه كما يوجد التناسب بين المآلين الذي هو الأصل في انعقاد الاستعارة التمثيلية بلا نظر الى تطبيق الأجزاء؛ كذلك يوجد مناسبات هنا بين أجزائهما؛ اذ الصيِّب حياة النباتات كما ان الاسلامية حياة الأرواح، والبرق والرعد يشيران الى الوعد والوعيد، والظلمات تريك شبهات الكفر وشكوك النفاق.

وأما وجه النظم بين الجمل:

فاعلم! ان التنزيل لما قال (أو كصيب من السماء) مشيراً الى انهم كالذين اضطروا الى السفر في صحراء موحشة في ليلة مظلمة تحت مطر شديد،كأن قطراتِه مصائبُ تصيب مرماها بصَوبها وقد ملأت الجوّ بكثرتها؛ استيقظ ذهن السامع منتظراً لبيان السبب في ان صار الصيّبُ الذي هو في الأصل رحمة مرغوبة مصيبةً هائلة فقال مصوراً لدهشته: (فيه ظلمات) مشيراً الى ان المطر كما هو ظرف لظلمة السحاب ولكثافته؛ كذلك لأجل عمومه وكثرته واحاطته كأنه ظرف للّيلة المُتَفَتِتَة قطراتٍ مسودةً بين قطراته.. ثم ما من سامع يسمع (فيه ظلمات) الا وينتظر لبيان. 

كأن المتكلم سمع صدى الرعد من ذهن السامع فقال: (ورعد) مشيراً الى تهويل الحال وتشديدها بان السماء أميرة الموجودات عزمت على اهلاكهم، وتصيح عليهم برعدها؛ اذ المصاب المدهوش يتخيل من الكائنات المتعاونة على اضراره حركة مزعجة تحت سكونها، ونطقاً مهيباً تحت سكوتها. فاذا سمع الرعد توهَّم انها تتكلم بما يهدده وتصيح عليه؛ اذ بالخوف يحسب كل صيحة عليه.. ثم ان السامع لايسمع الرعد الاّ ويستهل فيبرق في ذهنه رفيقه الدائميّ، ولذلك قال: (وبرق) مشيراً بالتنكير الى انه غريب عجيب. 

نعم! هو في نفسه عجيب؛ اذ بتولده يموت عالمٌ من الظلمات فتطوى وتلقى الى العدم، وبموته فجأة يحيى ويحشر عالم من الظلمات. كأنه نار حينما تنطفئ تورث ملء الدنيا دخاناً. 

ومن شأن المصاب بها ان يمعن النظر ولا يمر بنظر سطحي بناء على الالفة والمناسبة حتى يتكشف عن دقائق صنع القدرة.. ثم بعد هذا التصوير كأن ذهن السامع يتحرك سائلا: كيف يعملون؟ وبِمَ يتشبثون؟ فقال: (يجعلون أصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت) مشيراً الى ان لامناص ولا ملجأ ولا منجى لهم حتى انهم كالغريق يتمسكون بما لايُتَمَسك به. 

فمن التدهش يستعملون الأصابع موضع الأنامل كأن الدهشة تضرب على أيديهم فيدخلون الأصابع من الوجع في الآذان ومن التبله انهم يسدون الآذان لئلا تصيبهم الصواعق.. ثم بعد هذا يتحرى ذهنُ السامع سائلا: أعمّت المصيبة أم خصّت فيُرجى؟ فقال: (والله محيط بالكافرين) مشيراً الى ان هذه المصيبة جزاءٌ لكفرانهم النعمة. يؤاخذهم الله تعالى به لشذوذهم عن القانون الالهي المودع في الجمهور. 

ثم لمَّا سمع شدة الرعد يُحدّث نفسه بـ "ألا يفيدهم البرق بأراءة الطريق"؟ فقال: (يكاد البرق يخطف أبصارهم) مشيراً الى انه كما ان الرعد يعاديهم فلا يستطيعون السمع؛ كذلك البرق يخاصمهم باضاءته فيظلم أبصارهم.. ثم بعد سماع تجاوب الكائنات على عداوتهم ينادي ذهن السامع بـ "فما مصير حالهم وما يفعلون؟ وبمه يشتغلون؟" فقال: (كلما أضاء لهم مشوا فيه واذا اظلم عليهم قاموا) مشيراً الى انهم مشوشون مترددون متحيرون مترقبون لأدنى فرصة ولأدنى رؤية للطريق. 

فكلما تراءت لهم يتحركون لكن كحركة المذبوح لاضطراب أرواحهم، ويتخطون خطى يسيرة مع علمهم بان لافائدة، وكلما غشيتهم الظلمة فجأة ينجمدون في مقامهم.. ثم يستعد ذهنُ السامع للاستفسار بـ "لِمَ لايموتون أو يعمون أو يصمون بالمرّة فيخلصون عن الاضطراب؟" فقال: (ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم) أي ليسوا مستحقين للخلاص من الاضطراب ولهذا لاتتعلق المشيئة باماتتهم ولو تعلقت لتعلقت بذهاب سمعهم وبصرهم. 

ولكن بقاء السمع لاستماع العقاب ووجود البصر لرؤية العذاب أجدر بمن شذ ونشز عن قانونه تعالى..

ثم ان هذه القصة لما احتوت على نقاط يتلوح من معاطفها استطراداً: العظمة والقدرة الالهية وتصرفه تعالى في الكائنات، ولا سيما يتذكر السامع تبعا في تلافيفها عجائب الرعد والبرق والسحاب، كان من حق السامع المتيقظ وجدانُه ان يعلن ويقول: سبحانه ما أعظم قدرةَ مَنْ هذه الكائنات تجلِّي هيبته وهذه المصيبات تجلِّي غضبه. 

فقال: (ان الله على كل شيء قدير).

وأما نظم هيئات جملة جملة:

فاعلم! ان "أو" في (او كصيب) اشارة الى انقسام حال الممثل الى قسمين، ورمز الى تحقيق المناسبة بين التمثيلين وبينهما وبين الممثل له وايماء الى مسلّمية المشابهة.. وأيضا متضمن لـ "بل" الترقية؛ اذ التمثيل الثاني اشدّ هَوْلاً. 

وان "كصيب" لعدم مطابقته للمثل يقتضي تقدير لازم، والسكوت عن اظهار المقدر للايجاز، والايجاز في اللفظ لاطناب المعنى باحالته على خيال السامع بالاستمداد من المقام. 

فبعدم المطابقة كأنه يقول: أو كالذين سافروا في صحراء خالية وليلة مظلمة فاصابتهم مصائب بصيب. 

وان العدول عن لفظ المطر المأنوس المألوف الى الصيب رمز الى أن قطرات ذلك المطر كمصائب ترمى اليهم بقصد فتصيبهم مع فقد الساتر عليهم.

وان ذكر (من السماء )مع بداهة ان المطر لا يجئ الاّ من جهتها ايماء بالتخصيص الى التعميم وبالتقييد الى الاطلاق نظير التقييد في (ومَا مِنْ دابّةٍ في الأرضِ ولا طائر يطير بجناحيه) (1) أي مطبق آخذ بآفاق السماء. 

وما استدل بعض المفسرين بلفظ من السماء هنا وفي آية (ويُنَزِّلُ من السماءِ من جبالٍ فيها مِن بَرَدٍ) (2) على نزول المطر من جرم السماء حتى تخيل "بعض" وجود بحر تحت السماء، فنظرُ البلاغة لايرى عليه سكةَ الحقيقة. 

بل المعنى: من جهة السماء. 

والتقييد لما عرفت. 

وقد قيل السماء ما علاك، فالسحاب كالهواء سماء.

وتحقيق المقام: هو انك ان نظرت الى القدرة تتساوى الجهاتُ أي يمكن النزول من أية جهة كانت. وان نظرت الى الحكمة الالهية المؤسِّسة للنظام الأحسن في الأشياء المستلزِم لمحافظة الموازنة العمومية المرجِّحة لأقرب الوسائل فالمطر انما هو من تكاثف البخار المائي المنتشر في كرة الهواء التي احد أجزائها العشرة ذلك البخار المائيّ المنتشر في أعماقها.

وتوضيحه: ان ذراته اذا امرتها الارادة الالهية، يتمثل كلٌ، ويتسللن من الأطراف ومن كل فج عميق. 

فيتحزَّبن سحاباً هامراً. 

ثم بارادة آمرها يشتدّ تكاثفُ بعضٍ فتصير قطراتٍ تأخذها بأيديهم الملائكةُ الذين هم ممثلو القوانين ومعكس النظامات لئلا يزاحم ويصادم بعضٌ بعضاً فيضعونها على الأرض.

ولأجل محافظة الموازنة في الجوّ لابد من بدلِ ما يتحلل بالتقطر، فيُبخَّر البحر والأرض فيملأ منازلها. 

وأما تخيل بعضٍ وجود بحر سماويّ فمَحْمله انه تصور المجاز حقيقةً؛ اذ لاراءة خضرة الجوّ لون البحر، ولاحتواء الجو على ماء أكثر من البحر المحيط ما استبعد تشبيهه بالبحر.

أما (وينزّل من السماء من جبال فيها من برد) فاعلم! ان الجمود على الظاهر مع التوقد في استعارتها جمود بارد وخمود ظاهر. 

اذ كما تضمن (قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ) (3) استعارة بديعة؛ كذلك يحتوي (مِنْ جِبَالٍ فيها مِنْ بَرَدٍ) على استعارة بديعة عجيبة مستملحة. 

فكما ان ظروف الجنة لم تكن من الزجاجة ولامن الفضة بل في شفافية الزجاج وبياض الفضة ومن حيث ان الزجاجة لاتكون من الفضة لتخالف النوعين اشار الى الاستعارة بالاضافة بذكر "مِن"، كذلك (من جبال فيها من برد) متضمنة لاستعارتين مؤسستين على خيال شعريّ بالنظر الى السامع.

_____________________

(1) سورة الانعام: 38.

(2) سورة النور: 43.

(3) سورة الانسان: 16.

وذلك الخيال مبني على ملاحظة المشابهة والمماثلة بين تمثل العالم العلويّ وتشكل العالم السفليّ. وتلك الملاحظة مبنية على تصور المسابقة والرقابة بين الأرض والجوّ في لبس الصور من يد القدرة كأن الأرض لما برزت بجبالها اللابسة للبيض من حلل الثلج والبَرَد في الشتاء، والمتعممة بها في الربيع. ثم تزينت في الصيف ببساتينها المتلونة فأظهرت في نظر الحكمة بانقلاباتها معجزة القدرة الالهية، قابلَها جوُّ السماء محاكياً لها مسابقاً معها لإظهار معجزة العظمة الالهية فبرز متبرقعاً ومتقمصاً بالسحاب المتقطع جبالا وأطواداً وأودية، والمتلون بألوان مختلفة مصورة لبساتين الأرض، ملوحا ذلك الجو بأجلى دلائل العظمة وأجلها. 

فبناء على هذه الرؤية والمشابهة والتوهم الخياليّ استحسن اسلوب العرب تشبيه السحاب لاسيما الصيفيّ بالجبال والسفن والبساتين والأودية وقافلة الإبل كما تسمع من العرب في خطبهم. 

فيخيل الى نظر البلاغة ان قطعات السحاب الصيفي سيارة وسبّاحة في الجو، كأن الرعد راعيها وحاديها كلما هزّ عصا بَرقه على رؤسهم في البحر المحيط الهوائي اهتزت تلك القطعات وارتجت، وتراءت جبالا صادفت الحشر، أو سفنا يلعب بها يد العاصفة، أو بساتين ترججها من تحتها الزلزلة، أو قافلة شردت من هجوم قطاع الطريق. 

ومع ذلك يسيرون ويجرون بأمر خالقهم حتى كأن كل ذرة من ذرات ذلك البخار تكمَّنتْ في مكانها اوّلا ساكتة ساكنة منتظرة لأمر خالقها. 

ولما ناداها الرعدُ -كالآلة المعروفة في العسكر- بـ"حَيَّ على الاجتماع والاتحاد!" تسارعوا من منازلهم مهطعين الى داعيهم فيحشرون سحابًا. 

ثم بعد ايفاء الوظيفة وأمرهم بالاستراحة يطير كل الى وكره.. فبناء على هذه المناسبة الخيالية، وعلى المجاورة بين السحاب والجبال -إذ الجبل لجذب الرطوبة يتظاهر ويتشكل السحاب عليه بمقداره ويلبس لباسه- وعلى تلون السحاب بنظير بياض الثلج والبرد وتكيفه برطوبتهما وبرودتهما، وعلى وجود الأخوة بينهما ومبادلة الصورة واللباس لهما في كثير من مواضع القرآن ومصافحتهما في منازل التنزيل كمحاورتهما ومعانقتهما في كثير من سطور صحيفة الأرض من كتاب العالم فترى السحاب متوضعا على الجبل ويصير الجبل كأنه مرسى لسفن السحاب ترسى عليه، أو مجلس تتشاور عليه، أو وكر تطير اليه -استحق بحكم المجاورة في نظر البلاغة ان يتبادلا ويستعيرا لوازمهما فيعبّر عن السحاب بالجبل- مع تناسي التشبيه. 

فاذا قد عرفت ما سمعت من المناسبات فـ (يُنزّل من السماء) أيْ من جهة السماء. "من جبال" أي من سحاب كالجبال. "من برد" أي في لونه ورطوبته وبرودته.

فيا هذا! ما أجبرك مع وجود هذا التأويل الذي تقبله البلاغة على اعتقاد نزول المطر بدقيقتين من مسافة خمس مائة سنة المخالف لحكمة الله الذي اتقن كل شئ صنعاً.

أما هيئات جملة: (فيه ظلمات) المسوقة للتهويل؛ فتقديم (فيه) اشارة الى ان خيال المصاب المدهوش والسامع المستحضر خياله لتلك الحال يتوهم ان ظلمات الليالي الكثيرة افرغت بتمامها في تلك الليلة. 

وأما الظرفية مع ان الصيب مظروف فرمز الى ان المتدهش بتلك المصيبة يظن فضاء العالم حوضا قد ملئ من المطر، فما الليل الا مظروف مفتت بين أجزائه.

وأما جمع "الظلمات" فايماء الى تنوعها من ظلمة سواد السحاب وكثافته وانطباقه، ومن تقارب دفعات المطر وتكاثف قطره، ومن تضاعف ظلمة الليل. 

وأما تنكير (ظلمات) فللاستنكار، ولجهل المخاطب فهو تأكيد (ظلمات).

وأما جملة (ورعد وبرق) فاعلم! ان المقصد تصوير حيرتهم ودهشتهم، وان المصاب المتحير يجمع تمام دقته ونظره الى أدنى حادث. 

فلإمعان النظر يتفطنون لما في الرعد والبرق من الانقلابات العجيبة والتحول الغريب. 

اذ بينما يرى المصابون ظلمة استولت على الكائنات وابتلعت الموجودات -نظير العدم- فتنقلب حيرتُهم بالغمِّ اليتميّ والسكوت الميتيّ؛ اذ يرون اظهر دلائل الوجود، وهو تكلم العلويات، ثم ظهورها بكشف الحجاب فينقلب نظرهم الى نظر المدهوش المتحير الخائف؛ اذ كما انهم اذا رأوا ظلمات غير محصورة في فضاء غير متناه، لا ضعفَ فيه بجانبٍ يُبقي لهم أملاً، ينظرون نظر اليأس؛ كذلك اذا فاجأهم بغتة انعدام الظلمات بان افرغت من الفضاء، وملئ بدلها نوراً ينقلب يأسهُم المطلق الى رجاء.

اعلم! ان الرعد والبرق آيتان ظاهرتان من جهة العالم الغيبيّ في أيدي الملائكة الموكلين على عالم السحاب لتنظيم قوانينه. 

ثم ان الحكمة الالهية ربطت الأسباب بالمسَّببَات فاذا تشكل السحاب من بخار الماء المنتشر في الهواء؛ صار قسم حاملاً "للالكتريك" المنفي وقسم حاملاً "للالكتريك" المثبت؛ فحينما يتقاربان يتصادمان دفعة فيتولد البرق. 

ثم بالهجوم والانقلاع دفعة وامتلاء موضعه بآخر لعدم الخلو، يهتز وتتموج الطبقات فيتولد صدى الرعد. ولا تجري هذه الحالات الا تحت نظام وقانون يتمثلهما مَلَك الرعد والبرق. 

وأما ظرفية الصيّب لهما مع ان الظرف هو السحاب فلأن المدهوش والسامع المتدهش بدهشته يرى الصيب محيطا بكل شئ لإحاطته بنفسه. 

وأما إفراد الرعد والبرق مع جمع الظلمات، فاشارة الى ان منشأ الدهشة تخيل المصاب تكلمَ السماء وتهديدَها بالإرعاد، وكشفَ الحجاب بالابراق، وهما معنى مصدريّ للكلام واليد البيضاء. 

وأيضا كل منهما نوع واحد وان تعددت أفراده.

وأما تنوين (رعدٌ وبرقٌ) فبدل من الصفة، أي: رعد قاصف وبرق خاطف، ودالة على عدم الالفة بهما بسبب التفطن بالدقة لما فيهما من العجائب.. وأيضاً فيها ايماء الى انهم لايعرفون ذلك الرعد والبرق لسد السمع وغض البصر.

وأما هيئات جملة (يجعلون أصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت)

فاعلم! انها جواب لسؤال مقدر واستيناف حسن؛ اذ السامع لما توجه الى هذه القصة الحسية التمثيلية حصل له ميلان شديد لكشف حال المصيبة. 

ثم بعد ان كمّل التصوير التصويرَ وقضى منه الوطر انثنى مجرى الميلان الى كشف حال المصاب. 

فكأنه يقول السائل: كيف حال المصاب حينئذ وبم يتشبث للنجاة؟ فأجاب القرآن بقوله: (يجعلون اصابعهم).. الخ. 

أي لامناص لهم، انما هم كالغرقى يتمسكون بغير متمسك فيريدون التحفظ من مجانيق(1) السماويين بسد الأسماع. 

وكونه سبباً محالٌ، فلا سبب.

وأما لفظ (يجعلون) بدل "يدخلون" فايماء الى انهم تحروا الأسباب فما صادفوا الا ماسببيته بجعلهم وظنهم فقط.. وصورة المضارع المستحضرة للحال فرمز الى ان السامع في مثل هذا المقام المهيج للحيرة يحضر بخياله زمان الواقعة ومكان الحادثة. 

ثم في المضارع استمرار تجددي. 

وفي استمراره ايماء الى تواتر تقتقة السحاب.

_____________________

(1) جمع منجنيق: آلة حربية ترمى بها القذائف.

وأما (أصابعهم) بدل "أناملهم" فاشارة الى شدة الحيرة باستعمال الأصابع موضع الأنامل.

وأما في (اذانهم) فايماء الى شدة الخوف من صدى الرعد حتى يخيل اليهم انه لو دخل الرعد في شبكة الآذان لطيّر الأرواح من أبواب الأفواه. 

وفيه رمز لطيف الى انهم لما لم يفتحوا آذانهم لنداء الحق والنصيحة عوقبوا من تلك الجهة بنعرات الرعد، فسدوا هنا ما سدوا هناك، كمن اخرج كلاما شنيعا مِن ِفيهِ يُضْرَب على فمه فيدخُل يمين الندامة في فيه ويضع يسار الخجالة على عينه.

وأما (من الصواعق) فاشارة الى اتحاد الرعد والبرق على اضراره؛ اذ الصاعقة صوت شديد معه نار محرقة تصرع من صادف.

وأما (حذر الموت) فاشارة الى ان البلاء جذّ (1) اللحم الى العظم، وجاز الأحوال الى الحياة، فما يعنيهم الاّ غم الموت وحفظ الحياة.

وأما هيئات جملة (والله محيط بالكافرين)

فاعلم! ان "الواو" تقتضي المناسبة، وما المناسبة الا بين هذه وبين التابع لمآل السابقة. 

فكأن هذه "الواو" تقرأ عليهم: "هم قوم فروا من العمارة ونفروا من الحضارة وعصوا قانون كون الليل سباتا ولم يطيعوا نصيحة الناصح فظنوا النجاة بالخروج الى الصحراء فخابوا وأحاط بهم بلاء الله".

وأما لفظ (الله) فرمز الى قطع آخر رجائهم؛ اذ المصاب انما يلتجئ ويتسلى اولاً وآخراً الى رحمة الله، فحين استحقوا غضب الله تعالى انطفأ ذلك الرجاء.

وأما لفظ (محيط) فايماء الى ان هذه المصائب المحيطة آثار غضبه تعالى، فكما ان السماء والسحاب والصيّب والليل تهجُم عليهم من الجهات الست؛ كذلك غضبه تعالى وبلياته محيطة بهم.. وأيضاً علمه تعالى وقدرته محيطان بكل الكائنات، وأمره شامل لكل الذرات. 

_____________________

(1) جذّه وجزّه: قطعه. جذّه وجزّه: قطعه.

فكأن (محيط) يتلو عليهم: لاتنفذون من أقطار السموات والأرض، (فأينما تولوا فثمَّ وجه الله ).(1)

وأما تعلق "الباء" فرمز الى انهم وقعوا فيما هربوا عنه فصاروا هدفا للسهام.

وأما التعبير بالكافرين فاشارة الى اراءة تمثال الممثل - أعني المنافقين - في مرآة التمثيل، لئلا يتوغل فيه ذهن السامع فينسى المقصد.. ورمز الى ان المشابهة وصلت الى درجة، وتضايق المسافة بينهما الى حدّ يتراءيان معا، فتمتزج الحقيقة بالخيال.. وأيضاً ايماء الى ظلمة قلوبهم اذ وجدانهم أيضاً يعذبهم لقصورهم وجنايتهم؛ اذ من رأى جزاء جنايته لايستريح وجدانه.

وأما هيئات جملة: (يكاد البرق يخطف أبصارهم) فاستينافها يشير الى ان السامع يقول: ألا ينتفعون بالبرق المخفف لبلاء الظلمة عنهم؟ فأُجيبَ بأنهم يخافون من الضرر فضلاً عن الفائدة.

وأما (يكاد) (2) فيشير باعتبار خاصته المشهورة الى وجود سبب زوال البصر لكن لم يزل لوجود مانع.

وأما (يخطف) باعتبار استعماله كاختطفته الغُول والعُقاب ففيه بلاغة لطيفة تبرق للذهن وتشير الى ان البرق يسابق شعاع العين من قبل ان يصل الى الأشياء ليأخذ صورها يمرّ هو عليه فيقطعه ويضرب على جفنه فيذهب بنوره. 

كأن نور العين لما خرج من بيته مسرعاً لأجتناء صور الأشياء يسارع البرق الذي هو شعاع عين الليل، فيأخذ من يد شعاع العين صورته قبل ايصاله الى المخزن، أي يختلس البرق صورته من يده.

وأما (أبصارهم) فرمز -بناء على كونها مرآة للقلوب- الى عمل بصائر المنافقين المتعامية عن البراهين القاطعة القرآنية.

وأما هيئات جملة (كلما أضاء لهم مشوا فيه واذا اظلم عليهم قاموا) فاستينافها يشير الى ان السامع حينما رأى اختلاف المصيبة وتغيرها سأل عن شأنهم في الحالتين فأجيب بذلك.

_____________________

(1) سورة البقرة: 115.

(2)كاد من افعال المقاربة وضعت لمقاربة الخبر من الوجود لعروض سببه، لكنه لم يوجد إما لفقد شرط او لعروض مانع (ب).

وأما (كلما) في الاضاءة و "اذا" في الاظلام فاشارة الى شدة حرصهم على الضياء ينتهزون ادنى الضياء فرصة. 

وأيضا "كلما" متضمن لقياس مستقيم استثنائي.

وأما (اضاء لهم) بلام الاَجْلية والنفع فرمز الى ان المصاب المدهوش يستغرق في حاجة نفسه حتى يظن الضياء الذي تنشره يد القدرة في العالم لآلاف حِكمٍ كلية أنه المراد به خاصة، ويد القدرة انما ارسلته لأجله.

واما (مشوا) مع اقتضاء الفرصة السير السريع فاشارة الى ان المصيبة اقعدتهم فما سيرهم السريع الاّ مشي وحركة على مهل.

واما (فيه) فاشارة الى ان مسافة حركتهم الضياءُ الذي هو لون الزمان فكأنه يحدد لهم المكان.

واما (واذا) فـ "الواو" رمز الى تجديد المصيبة لتشديد التأثير. 

واما الاهمال والجزئية في "اذا" عكس "كلما" فاشارة الى شدة نفرتهم وتعاميهم، فتأخذهم وهم منغمسون في آن الفرصة.

وأما (اظلم) بالاسناد الى البرق فاشارة الى ان الظلمة بعد الضياء اشد. 

وايماء الى ان خيال المصاب لما رأى البرق طرد الظلمة ثم ذهب وامتلأ موضعه بالظلمات يتخيل انه انطفأ واورث دخاناً.

وأما (عليهم) الملوِّح بالضرر فاشارة الى ان الاظلام ليس تصادفيا بل جزاء لعملهم. 

ورمز الى ان المدهوش يتخيل الظلمةَ المالئة للفضاء كأنها تقصد -من بين الأشياء- ذلك الانسان الصغير الذليل وتجعله خاصة هدفَ هجومها وإضرارها.

واما (قاموا) بدل "سكنوا" فاشارة الى انهم بالمصيبة وشدة التشبث تقوّسوا كالراكعين كما هو شأن المجدِّين في العمل.

وأما هيئات جملة (ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم) فالـ "واو" بسر الربط تلوّح الى ان يد القدرة تتصرف تحت حجاب الأسباب، وان نظر الحكمة يراقب من فوق جميع العلل.

وأما (لو) فمتضمنة لقياس استثنائيّ غير مستقيم. 

أي عدم المشيئة علة لعدم ذهابهما؛ كما ان عدم الذهاب دليل على العلم بعدم المشيئة بذهابهما. 

وأيضاً رمز الى ان السبب بلغ النهاية.

وأما (شاء) فاشارة الى ان الرابط بين السبب والمسبَّب انما هي المشيئة والارادة الإلهية. 

فالتأثير للقدرة، وما الاسباب إلا حجاب العزة والعظمة لئلا تباشر يد القدرة بالأمور الخسيسة في ظاهر نظر العقل.

وأما التصريح بلفظة (الله) فاشارة الى زجر الناس عن الإِبتلاء بالأسباب والانغماس فيها. 

وأيضا لدعوة الأذهان الى رؤية يد القدرة خلف كل الأسباب.. وأما حذف مفعول "شاء" وان كان واجبا بالقاعدة المطردة فيجوز بقرينة اخواته ان يكون ايماء الى عدم تأثر المشيئة والارادة الالهية بأحوال الكائنات وعدم تأثير الأشياء في الصفات الالهية كما تتأثر ارادة البشر بحسن الأشياء وقبحها وعظمتها وصغرها.

واما (لذهب) فاشارة الى ان الأسباب ليست مسلطة ومستولية على المسببات حتى اذا رُفعت بقيت المسببات في جوف العدم تلعب بها يد التصادف وتشتّتها بالاتفاق، بل يد القدرة حاضرة خلف الأسباب. 

اذا أخرجت الأشياءَ تأخذها يدُ الحكمة الالهية بقانون الموازنة والانتظام، ترسلها الى مواقع اُخر ولاتهملها. كما ان الحرارة اذا خرّبت بُنية الماء، فبالنظام المندمج في الهواء يذهب البخار في مجرى معين ويسوقه صانعه الى موقع معين.. وكذا في "ذهب" رمز الى ان الحواس الخمس الظاهرة ليست متولدة عن الطبيعة ولا لازمة لتجاويف السمع والبصر، بل انما هي هداياه تعالى وعطاياه. وما التجاويف والأسباب الاّ شرائط عادية.

وأما التعدية بالباء بدل الهمزة فايماء الى ان يد القدرة لا تطلق الأشياء عن حبل الأسباب، غَاربُها على عنقها (1) بل تضع ازمّتها بيد نظام.

واما افراد "السمع" مع جمع "البصر" فاشارة الى افراد المسموع وتعدد المبصر، اذ الف رجل يسمعون شيئاً واحداً مع تخالف المبصرات.

_____________________

(1) اصل المثل: حبلكِ على غاربك.ِ والغارب: اعلى السنام. وهذا كناية عن الطلاق، اى: اذهبى حيث شئتِ (مجمع الامثال).

وأما هيئات جملة (ان الله على كل شيء قدير) فاعلم! انها فذلكة لتحقيق الدهشة في التمثيل والممثل له تشير الى انه كما لا تهمل دقائق أحوال المصابين المتمثلة لجزئيات أحوال المنافقين؛ كذلك يُرى في كل ذرة تصرف القدرة الالهية.

واما (ان) فمع اشارتها الى ان هذا الحكم من الحقائق الراسخة، رمز الى عظمة المسألة ووسعتها ودقتها، وعجز البشر وضعفه وقصوره عنها المولِّدة للأوهام المنتجة للتردّد في اليقينيات.

واما التصريح بلفظة (الله) فايماء الى دليل الحكم، اذ القدرة التامة الشاملة لازمة للالوهية.

وأما (على) فايماء الى ان القدرة المخرجة للاشياء من العدم لا تتركها سُدىً هَملاً، بل ترقب عليها الحكمة وتربيها.

وأما (كل) فاشارة الى ان آثار الأسباب، والحاصل بالمصدر من الأفعال الاختيارية أيضا بقدرته تعالى.

وأما لفظ (شيء) بمعنى مشئ أي ما تعلقت به المشيئة، فاشارة الى ان الموجودات بعد وجودها لاتستغني عن الصانع بل تفتقر في كل آن لبقائها -الذي هو تكرر الوجود- الى تأثير الصانع.

وأما لفظ (قدير) بدل "قادر" فرمز الى ان القدرة ليست على مقدار المقدورات فقط، وانها ذاتية لا تغير فيها، ولازمة لاتقبل الزيادة والنقصان لعدم امكان تخلل ضدها حتى تترتب شدة ونقصانا.. وتلويح الى ان القدرة كالجنس وكميزان الصرف، أعني: (فَعَلَ) لجميع الأوصاف الفعلية من الرزاق والغفار والمحيي والمميت وغيرها. تفكر فيما سمعت حق التفكر!.



السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (19-20) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (19-20)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (01-04)
» السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (05-08)
» السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (09-13)
» السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (14-16)
» السورة الاولى من الزَّهْرَاوَيْنِ (17-18)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: إشارات الإعجاز-
انتقل الى: