منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  Empty
مُساهمةموضوع: الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)    الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  Emptyالإثنين 06 يناير 2014, 11:32 am

الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية) 
اليهـودية الحاخاميـة (التلمـودية) 
Rabbinical (Talmudic) Judaism 
«اليهودية الحاخامية» أو «اليهودية التلمودية» أو «اليهودية الربانية» أو «اليهودية الكلاسيكية» أو «اليهودية المعيارية» هي شكل العقيدة اليهودية السائد بين معظم الجماعات اليهودية في العالم ابتداءً من حوالي القرن التاسع الميلادي وحتى نهاية القرن الثامن عشر. وهي عبارة استخدمها اليهود القرّاءون ليؤكدوا أن النسق الديني الذي يؤمن به الفريق الديني المعادي لهم لا يتمتع بالمطلقية وإنما هو ثمرة جهود الحاخامات (بمعنى الفقهاء) الذين فسروا التوراة (الشريعة المكتوبة) وابتدعوا الشريعة الشفوية (التوراة الشفوية أو التلمود) وجعلوها الأساس الذي تستند إليه رؤيتهم الدينية والمحور الذي تدور حوله وذلك تمييزاً لها عن اليهودية (التوراتية، إن صح التعبير) التي تستند إلى التوراة وحسب (الشريعة المكتوبة) المرسلة من الإله. ولكن، بتحوُّل القرائين إلى جماعة دينية هامشية، أصبح مصطلحا «يهودية حاخامية» و«يهودية» مترادفين. 
واليهودية السائدة في إسرائيل على المستوى الرسمي هي اليهودية الحاخامية التلمودية، وهو ما يسبب كثيراً من المشاكل لأعضاء الجماعات الدينية أو الإثنية اليهودية الأخرى، مثل: الفلاشاه والسامريين وبني إسرائيل (من الهند)، فهم لا يعترفون بالتلمود ولا يعرفونه أصلاً. والوضع نفسه يسري تقريباً على اليهود الإصلاحيين والمحافظين (رغم ادعاء الفريق الثاني أن يهوديتهم المحافظة إن هي إلا تطوير لليهودية الحاخامية). وفي مقابل هذا، فإن دار الحاخامية في إسرائيل (ممثلة اليهوديـة الحاخامية) لا تعترف بهم كيهود. 
اليهوديــة الربانيــة Rabbinical Judaism 
«اليهودية الربانية» مصطلح مرادف لمصطلح «اليهودية الحاخامية التلمودية». وتستخدم هذه الموسوعة المصطلح الأخير لأننا نترجم كلمة «رابي» إلى كلمة «حاخام» التي كانت شائعة في الدولة العثمانية. وكلا المصطلحين مرادف أيضاً لكلٍّ من «اليهودية المعيارية» و«اليهودية الكلاسيكية». 
اليهوديـة المعياريـة Normative Judaism 
«اليهودية المعيارية» صياغة أخرى لمصطلح «اليهودية الكلاسيكية» أو «اليهودية الحاخامية والتلمودية»، وهو مصطلح يستند إلى تصوُّر أن ثمة جـوهراً ثابتاً لليهـودية، فلُب اليهودية (حسـب هذا التصور) متفق عليه، وهو أن عدم التجانس لا ينصرف إلا إلى الأفكار الفرعية، وأن العقائد اليهودية الأساسية أمر مستقر ومحدد. ولكن، نظراً لتركيب اليهودية الجيولوجي التراكمي، فإن هذا الجوهر من الصعب الوصول إليه، إذ يصعب تقرير الأساسي والفرعي وتمييز اللباب عن القشور. والواقع أن ما يراه مفكر ما لب اليهودية، يجده آخر أمراً ثانوياً، وقد تكون التصورات اليهودية الخاصة بالإله وتأرجحها بين التوحيد والحلولية مثلاً جيداً على ذلك. ويرفض كثير من المفكرين اليهود المحدثين فكرة اليهودية المعيارية مفضلين رؤية اليهودية ككيان عضوي متطور منفتح يتغيَّر بتغيُّر الظروف والبيئة، أي أنها نسق فكري (تاريخاني) غير متجاوز للزمان والمكان. 
ولعل في افتقار اليهودية إلى المعيارية ما جعل بوسع الصهيونية أن تبحث لنفسها عن شرعية من خلال الدين اليهودي نفسه، ثم تنجح في الاستيلاء على اليهودية ككل من خلال علمنتها من الداخل. وهذا أيضاً هو السبب في أن اليهودية التجديدية التي لا تؤمن بالإله أو تسوِّي بينه وبين فكرة التقدم وتقرنه به مازالت تستطيع أن تُطلق على نفسها مصطلح «يهودية». وللسبب نفسه، فإن أكثر من خمسين في المائة من يهود العالم لا يؤمنون بالإله، ومع هذا يصرون على تسمية أنفسهم «يهوداً» (وإن كانوا يقرنون كلمة «يهودي» بكلمة «إثني» حتى يميِّزوا أنفسهم عن اليهود المتدينين أو المعياريين). 
اليهودية الكلاسيكية Classical Judaism 
مصطلح «اليهودية الكلاسيكية» مرادف مصطلح «اليهودية المعيارية». وفي هذه الموسوعة فإننا نشير إلى «اليهودية الكلاسيكية» بتعبير «اليهودية الحاخامية» أو «اليهودية التلمودية». ويمكن أن نقول إن تاريخ ظهورها يرجع إلى ما بعد تدوين التلمود وبداية العصور الوسطى في الغرب (القرن التاسع تقريباً). وقد بدأ نفوذ اليهودية الكلاسيكية ينحسر مع عصر الاستنارة والانعتاق في نهاية القرن الثامن عشر، وانقسمت بعدها اليهودية إلى فرق عديدة. وتُعَدُّ اليهودية الأرثوذكسية استمراراً لليهودية الكلاسيكية أو المعيارية أو الحاخامية. 
التلمــود: تاريــخ Talmud: History 
«التلمود» كلمة مشتقة من الجذر العبري «لامد» الذي يعني الدراسة والتعلم كما في عبارة «تلمود توراه»، أي «دراسة الشريعة». ويعود كل من كلمة «تلمود» العبرية وكلمة «تلميذ» العربية إلى أصل سامي واحد. والتلمود من أهم الكتب الدينية عند اليهود، وهو الثمرة الأساسية للشريعة الشفوية، أي تفسير الحاخامات للشريعة المكتوبة (التوراة). ويخلع التلمود القداسة على نفسه باعتبار أن كلمات علماء التلمود كان يوحي بها الروح القدس نفسه (روح هقودش) باعتبار أن الشريعة الشفوية مساوية في المنزلة للشريعة المكتوبة. والتلمود مُصنَّف للأحكام الشرعية أو مجموعة القوانين الفقهية اليهودية، وسجل للمناقشات التي دارت في الحلقات التلمودية الفقهية اليهودية حول المواضيع القانونية (هالاخاه) والوعظية (أجاداه). وقد أصبح التلمود مرادفاً للتعليم القائم على أساس الشريعة الشفوية (السماعية). ومن هنا، يطلق المسعودي (المؤرخ العربي الإسلامي) على سعيد بن يوسف اسم «السمعاتي» (مقابل «القرائي» أو من يرفض التراث السماعي ويحصر اهتمامه في قراءة التوراة المكتوبة). 
وتتضح الخاصية الجيولوجية اليهودية في التلمود، فهو يضم داخله وجهات نظر شتى متناقضة تماماً، فهو عبارة عن موسوعة تتضمن الدين والشريعة والتأملات الميتافيزيقية والتاريخ والآداب والعلوم الطبيعية. كما يتضمن، علاوة على ذلك، فصولاً في الزراعة وفلاحة البساتين والصناعة والمهن والتجارة والربا والضرائب وقوانين الملكية والرق والميراث وأسرار الأعداد والفلك والتنجيم والقصص الشعبي، بل ويغطي مختلف جوانب حياة اليهودي الخاصة، أي أنه كتاب جامع مانع بشكل لا يكاد يدع للفرد اليهودي حرية الاختيار في أي وجه من وجوه النشاط في حياته العامة أو الخاصة، إن هو أراد تطبيق ما جاء فيه. ويشيرون إلى التلمود بعبارة «كلُّ بو» (أي: كلٌّ به)، فهو يشتمل على كل ما يَعنُّ لليهودي أن يسأل عنه من شريعة دينه. 
والواقع أن التلمود ليس من الكتب الباطنية أو تلك التي تحيط بها هالة من السرية والغرابة والإخفاء (كما يتوهم البعض). وهناك نسخ منه في معظم المكتبات الجامعية المتخصصة في الولايات المتحدة وفي بعض مكتبات مراكز البحوث أو الجامعات في الدول العربية. ويُلاحَظ أن التلمود كتاب ضخم متعدِّد الأجزاء، مجلداته كثيرة وضخمة تصل في بعض الطبعات إلى ما يزيد على عشرين مجلداً. لكن هناك طبعة «إفري مانز تلمود Everyman's Talmud» المختصرة. 
وهناك تلمودان: 
1 ـ التلمودالفلسطيني:
وينسبه اليهود خطأً إلى أورشليم (القدس) فيقولون «الأورشليمي»، ذلك مع أن القدس خلت من المدارس الدينية بعد هدم الهيكل الثاني، وانتقل الحاخامات إلى إنشاء مدارسهم في يفنه وصفورية وطبرية. كما أطلق يهود العراق على التلمود الفلسطيني اسم «تلمود أرض يسرائيل»، وأطلقوا عليه أحياناً اسم «تلمود أهل الغرب» نظراً لوقوع فلسطين إلى الغرب من العراق. 
2 ـ التلمود البابلي: 
وهو نتاج الحلقات التلمودية (أكاديمية - يشيفا) في العراق (بابل)، وأشهرها سورا ونهاردعه وبومبديثا. ويُعرَف هذا التلمود في حالات نادرة جداً باسم «تلمود أهل الشرق». 
وكلا التلمودين مُكوَّن من المشناه والجماراه. والمشناه في كل منهما واحد لا اختلاف بينهما، أما الجماراه فاثنتان: إحداهما وُضعت في فلسطين، والأخرى في العراق. ولما كانت الجماراه البابلية أكمل وأشمل من الجماراه الفلسطينية، فإن التلمود البابلي هو الأكثر تداولاً، وهو الكتاب القياسي عند اليهود. ولذا، فحين يُستخدَم لفظ «التلمود» بمفرده، محلَّى بأداة التعريف، فإن المقصود به هو التلمود البابلي دون سواه، وذلك على أساس الميزة والأفضلية والتفوق. وفي الكتابات العلمية، يشير اللفظ إلى الجماراه وحدها. ويضاف عادةً تعليق راشي على التلمود عند طبعه، وإن كان هذا التعليق لا يُعَدُّ جزءاً منه. ويبلغ عدد كلمات التلمود البابلي مليونين ونصف مليون كلمة في نسخته الأصلية (تشكل الأجاداه 30% منها)، وعلى هذا فإن حجمه يبلغ ثلاثة أضعاف حجم التلمود الفلسطيني. وقد كُتب التلمود بأكثر من لغة، فالمشناه كُتبت بعبرية خاصة تُسمَّى عبرية المشناه، أما الجماراه فكُتبت بالآرامية (كُتبت الجماراه الفلسطينية باللهجة الآرامية الغربية، أما الجماراه البابلية فكُتبت باللهجة الآرامية الشرقية). وتتسم الشروح الواردة في التلمود الفلسطيني بأنها أقصر وأكثر حرفية وقرباً من النص. 
ويُلاحَظ أن بعض المفاهيم القانونية في التلمود البابلي تعكس أثر القانون الفارسي. كما أن التلمودين مختلفان في بعض المواطن، فيُلاحظ مثلاً أن الموقف من الوثنيين في التلمود البابلي أكثر تسامحاً لأن وضع اليهود في بابل كان جيداً، فقد جاء في التلمود البابلي أن الأغيار خارج فلسطين لا يمكن اعتبارهم من الوثنيين. وبينما يُحرِّم التلمود الفلسطيني بيع أية سلع للوثنيين في الأيام الثلاثة التي تسبق أي عيد وثني، فإن علماء بابل حرموا البيع في أيام العيد الوثني وحسب. ومن أهم التطورات التي دخلت الشريعة اليهودية ما جاء في التلمود البابلي من أن: «شريعة الدولة هي شريعتنا»، بل قد ورد في التلمود البابلي دعاء خاص يُتلى أمام ملوك الأغيار ويطلب لهم البركة، نصه: "مبارك هو الذي منح مخلوقاته شيئاً من جلاله". وتعود الآراء والفتاوى التي وردت في التلمود إلى القرن الخامس قبل الميلاد. وقد بدأت عملية جمعها وتدوينها مع القرن الثاني الميلادي، واستمرت عملية التفسير والتدوين حتى القرن السادس. وبعد اكتمال نـص التلمود، اسـتمرت الإضافات والتعـليقات، حتى القرن التاسع عشر، حين أضاف إلياهو )فقيه فلنا) تعليقاته.
ويمكن تلخيص ظهور التلمود وتطوُّره على النحو التالي: 
السنة / الإضافات والتعليقات 
400 - 100 ق.م / الكتبة (سوفريم) يكتبون كتب المدراش بالعبرية.
150 ق.م - 30 م / الأزواج (زوجوت).
100 ق.م - 70 م / الفريسيون دعاة الشريعة الشفوية.
70 - 200 / معلموا المشناه (التنائيم)، يهودا الناسي يجمع أقوال العلماء الدينيين السابقين في المشناه المكتوبة بالعبرية.
200 - 400 / الشراح (أمورائيم) الجماراه الفلسطينية بالآرامية، وقليل من العبرية.
200 - 500 / الشراح (أمورائيم) الجماراه البابلية بالآرامية وقليل من العبرية.
500 - 700 / المفسرون (صبورائيم) تدوين المشناه والجماراه. وبذا يكون قد انتهى تدوين التلمود، وتبدأ مرحلة التعليقات.
700 - 1000 / الفقهاء (جاءونيم) في بابل ينشرون التعاليم التلمودية.
1000 / تعليقات راشي (1040 - 1105)، وتعليقات الشراح الإضافيين (توسافوت) - أهم التعليقات بالعبرية.
1200 / موسى بن ميمون (1135 - 1204) يؤلف مشنيه توراه (تثنية الشريعة).
1300 / يعقوب بن آشر يؤلف سفر هاطوريم (كتاب الصفوف).
1600 / جوزيف كارو (1488 -1575) يؤلف الشولحان عاروخ (المائدة المصفوفة) عام 1564 ، ويشير إلى أن الإيمان بالقبالاه فرض ديني.
1850 / إلياهو (فقيه فلنا) يضيف تعليقاته. 
ويتكون التلمود من عنصرين؛ فهناك العنصر الشرعي والقانوني (هالاخي) الذي يُذكِّرنا بأحكام الفرائض والتشريعات الواردة في أسفار الخروج واللاويين والتثنية، وهناك العنصر القصصي والروائي والأسطوري (أجادي) بما يشمله من الأقوال المأثورة (والأخبار والخرافات والشطحات والخيال) إلى جانب السحر والتراث الشعبي. ومعظم المشناه تشريع (هالاخاه)، بينما معظم الجماراه قصص وأساطير (أجاداه). ويُلاحَظ أن التفسير يستمد أهميته وثقله من مدى قدمه، فالأقدم أكثر ثقةً وأهمية من الأحدث. 
ويشكل التلمود، بسبب ضخامته وطريقة تصنيفه، صعوبة غير عادية في محاولة استخدامه والاستفادة منه. ومن هنا، بدأت جهود تصنيفه بعد الانتهاء منه. وقد كانت أولى هذه المحاولات هي هالاخوت بيسكوت (القوانين المقررة) التي تُنسَب إلى يهوداي جاءون، والقوانين العظمى التي كتبها سيمون كيارا، وكلا العملين يلخصان المادة التلمودية المتعلقة بالشـرائع. 
وظهـرت عـدة مصـنفات أخرى في القرن الحادي عشر، وخصوصاً في العالم العربي، في شمال أفريقيا وأوربا وأهمها: 
1 ـ مشنيه توراه، أي «تثنية التوراة» أو «إعادة الشريعة» التي كتبها موسى بن ميمون في القرن الثاني عشر.
وهي من أهم الأعمال التي صدرت في هذا الحقل. ويختلف منهجه عن التلمود في أنه لا يكتفي بالعرض دون ترجيح. وهو لا يجمع روايات ولا يخوض غمار المناقشات بل نجده يفصل في الأمور حكماً فاصلاً. وقد اتبع ابن ميمون مبدأ عقلانياً، فأقصى عن مادته جميع القواعد الشعبية التي كانت في منزلة الشريعة في زمن التلمود والتي ترجع جذورها إلى الخرافات الشائعة. والموقف الأساسي لديه يتلخص في القول بأن الشريعة والشعائر وُجدت من أجل الإنسان وليس العكس. وقد أعاد موسى بن ميمون توزيع السداريم الستة إلى أربعة عشر كتاباً يُسمَّى الواحد منها «السفر». وقد اشتهر كتابه باسم «يد حزقاه» (أي «اليد القوية») لأن الياء تساوي عشرة والدال تساوي أربعة في حساب الجمل، وفي ذلك ما يرمز إلى الأربعة عشر جزءاً التي يتألف منها الكتاب. 
2 ـ وقد أثّر مصنف ابن ميمون في المصنفات التي جاءت بعده.
ويظهر هذا في كتاب سـفر هاطوريم، أو كتاب الصفوف الذي وضعه يعقوب بن آشر في الأندلس في القرن الرابع عشر حيث اعتمد على تثنية التوراة في تنسيق الأحكام الشرعية وثيقة الصلة بالحياة العملية، وحذف تلك الشرائع التي أصبحت بالية منذ هدم الهيكل. 
3 ـ الشولحان عاروخ.
وقد وضعه جوزيف كارو في القرن السادس عشر، وقد اتبع تقسيم سفر هاطوريم، وهو آخر التصنيفات وأصبح أهمها، وخصوصاً بعد أن قام موسى إيسيرلز (موشى يسرائيليتش) بإضافة شروحه. ويُعَدُّ الشولحان عاروخ المستودع الأساسي للأفكار والقيم الحاكمة في اليهودية الحاخامية أو التلمودية. 
وقد ظل التلمود مجهولاً تقريباً في أوربا المسيحية، ولم يكتشفه المسيحيون إلا في أواسط القرن الثالث عشر، وذلك عن طريق اليهود المتنصرين. ومنذ ذلك التاريخ، أصبح التلمود محط سخط السلطات الدينية لأنها كانت تراه كتاب خرافات مسئولاً عن عدم اعتناق اليهود المسيحية، كما كانت ترى أنه يحتوي على ملاحظات مهينة ضد المسيحية كعقيدة، وضد شخص المسيح. ومما يذكره التلمود عن المسيح أنه كان يهودياً كافراً، وأن تعاليمه كفرٌ بيِّن، وأن المسيحيين كَفَرة مثله، وأن أمه حملت به سـفاحاً من جنـدي رومـاني يُدعى بندارا. ويضم التلمود، فضلاً عن ذلك، أجزاء عن محاكمة المسيح في السنهدرين، ويُقر بأن اليهود هم الذين صلبوا المسيح، وأنهم يتحملون المسئولية كاملة عن ذلك. وقد كانت الكنيسة تنظم مناظرات (مجادلات خلافية) علنية يشترك فيها عادةً يهود متنصرون ملمون بالتلمود ويعرفون جوانبه السلبية. ومن أهم المناظرات، وربما آخرها، تلك المناظرة التي تمت في بولندا في يونيه 1757 ويوليه 1759 بين أتباع يعقوب فرانك وممثلي المؤسسة الحاخامية. وقد كانت الكنيسة تحرق نسخ التلمود التي تُضبَط من آونة إلى أخرى. 
ويُلاحَظ أن تزايد انتشار التلمود بين اليهود يشكل تزايداً في هيمنة الحلولية الواحدية على الفكر الديني اليهودي. ومما ساهم في عملية شيوع التلمود، تحوُّل الجماعات اليهودية إلى جماعات وظيفية، لا ترتبط بالوطن الذي تعيش في كنفه، وإنما بوطن وهمي. وهذا الارتباط يحقق لها قدراً من الهوية شبه المستقلة عن مجتمع الأغلبية، وكان هذا أمراً ضرورياً لها كي تضطلع بوظيفتها التي تتطلب عادةً الحياد والانفصال العاطفي وأحياناً الفعلي. وإذا كانت صهيون الوطن الوهمي البعيد، فإن التلمود أصبح الوطن المتنقل. وتنحو الجماعات الوظيفية منحى حلولياً (في إيمانها بأنها موضع القداسة وفي موقفها المنكر للزمان والمكان). وقد ساهم هذا بكل تأكيد في تَزايُد شيوع التلمود بين أعضاء الجماعات اليهودية. ومما ساعد التلمود على اكتساب مركزية في الفكر الديني اليهودي جهل أوربا المسيحية بوجوده حتى القرن الثالث عشر الميلادي، وهو ما يعني أنه أصبح الرقعة اليهودية الخالصة، بعد أن اعتبرت الكنيسة العهد القديم (كتاب اليهود المقدَّس) أحد كتبها المقدَّسة. ولكل هذا، حل التلمود محل التوراة في العصور الوسطى باعتباره كتاب اليهود المقدَّس الأساسي، حتى أن كثيراً من الحاخامات كانوا يعرفون التلمود أساساً ويعرفون العهد القديم بدرجة أقل. وقد تركزت في التلمود، بعد تدوينه، كل السلطة الدينية والروحية في اليهودية، حتى أن كل قرار في الحياة اليهودية، مهما علا شأن هذا القرار أو صَغُر، قد جرى اتخاذه وفقاً للسلطة التلمودية.
ومع هذا، فقد أخذت قبَّالاة الزوهار، والكتب القبَّالية الصوفية الحلولية الأخرى، تحل ابتداءً من القرن السادس عشر محل التلمود، إلى أن اكتسبت الصدارة في القرن السابع عشر. ويُقـال إن اليهود المنتشرين في الشتتلات، بعيداً عن مراكز الدراسات الحاخاميــة، كانــوا يعرفـون الزوهار، ولا يعرفون إلا أقل القليل عن التلمود. وعلى كل، فإن التلمود كان دائماً كتـاب الأرستقراطية الدينية الحاخامية، فهــو مكتوب بأسلــوب مركب وبلغــة لا تعرفها الجمـاهير التـي كانت لا تعــرف العــبرية ولا الآرامـية (بطبيعة الحال). ولهذا، كانت حركات الاحتجاج الشــعبي بين اليــهود (الصــوفية والمشيــحانية) تأخذ شـكل معـاداة التلمود ومعاداة سلطتـه ومعــاداة المؤســسة التي تدرســه وتهيمن باسمه. وأولى هذه الحركات هـي الحركـة القرائيــة التي لم تكن حركـة شعــبية بـقدر ما كانت حركة عقلانية متأثرة بالفكر الإسلامي. ولكن الحركات الصوفية المشيحانية اليهودية كانت شعبية إلى حدٍّ كبير، وقد اتخذت موقفاً سلبياً من التلمود، فكان المتصوفة ينظرون إليه باعتباره المحارة التي يكمن داخلها المعنى الخفي للتوراة. كما أن الحركات المشيحانية، في القرنين السابع عشر والثامن عشر، رفضته تماماً. ومع هذا، يُلاحَظ أن التفسيرات السائدة داخل كثير من المدارس التلمودية العليا، وداخل الدوائر الحاخامية، كانت تفسيرات قبَّالية. 
ولكن الضربة القاضية جاءت مع حركة التنوير، فحركة التنوير بين أعضاء الجماعات اليهودية، في مراحلها الأولى، كانت ذات اتجاه ربوبي إصلاحي يهدف إلى إصلاح اليهودية دون التخلي عنها. ومن هنا وجَّه دعاة الحركة سهام نقدهم إلى التلمود وأنكروا قداسة الشريعة الشفوية ككل، وأصروا على اعتبار التلمود بمنزلة مجموعة من تفسيرات المشرعين والشارحين يرجع عهدها إلى فترة متأخرة، كما نفوا كل سلطة إلزامية، وأنه في واقع الأمر يعبر عن السلطة الحاخامية، وبينوا ما في التلمود من خرافات وحكايات شعبية تتنافى ـ في تصورهم ـ مع العقل. 
وكان معظم هؤلاء النقاد ممن تلقوا تعليماً غربياً علمانياً، ولذا لم تكن لديهم الكفاءات الأكاديمية اللازمة لفَهْم التلمود أو تفسيره، ومع هذا استمروا في هجومهم الشرس الذي تصاعد بعد ذلك مع تصاعُد حدة حركة التنوير نفسها، التي انتقلت من مرحلة الربوبية إلى مرحلة إلحادية صريحة معادية لا للتفسيرات البشرية وحسب وإنما لأية نصوص مقدَّسة. وأعلن دعاة حركة التنوير أنه لا أمل يُرجى في تطوُّر اليهود إلا بالإطاحة بسلطة التلمود وبينوا للحكومات الغربية مدى خطورة هذا الكتاب وأنه سبب هامشية اليهود وتخلفهم. ولكن الحاخامات الأرثوذكس، أعضاء المؤسسة الدينية الحاخامية الذين كان يدور عالمهم حول التلمود وحده، والذين كانوا لا يعرفون الكثير عما يدور حولهم، ولا يدركون أهمية الإصلاح، دافعوا دفاعاً مستميتاً عن التراث التلمودي ووقفوا بشراسة ضد كل محاولات التطوير. وحينما حاولت حكومات شرق أوربا ووسطها تحديث اليهود، كان الجهد ينصب دائماً على التلمود فكان يُستبعَد تماماً من مدارس اليهود، كما كان يُحرَّم على اليهود أحياناً قراءته لأبنائهم قبل بلوغهم سن الرشد. وفي الوقت الحالي، فإن الأغلبية العظمى من أعضاء الجماعات اليهودية يرفضون التلمود بل يجهلون ما جاء فيه ولا يعرفون حتى حجمه. 
وأثر التلمود والشرع التلمودي واضح في قوانين الأحوال الشخصية في إسرائيل، فالتشريعات التي تضبط قضايا الزواج والطلاق فيها لا تختلف عن الأحكام التلمودية الواردة في أسفار سدر ناشيم. وفي شئون الطلاق، لا يزال سفر جيطين المصدر الأساسي للأحكام المتعلقة بوثيقة الطلاق (جيط) التي يكتبها الزوج. وفي مسائل الزواج وتسجيل المواليد، لا تزال أحكام الشريعة التي حددها التلمود هي الشريعة السائدة، فاليهودي هو المولود لأم يهودية، أو من اعتنق اليهودية على يد حاخام أرثوذكسي. وعملية التهود ليست هينة، إذ يصر الحاخام على التقيد بالشعائر التلمودية، ومن بينها الحمام الطقوسي الذي يجب أن تخضع له الأنثى التي تريد التهود، فتدخل الحمام عارية تماماً، بحضور ثلاثة من الحاخامات وتحت أنظارهم. 
وكذلك تُطبَّق في إسرائيل الشرائع التلمودية الخاصة بقوانين الطعام والقـوانين الزراعية التي وردت في سـفر براخوت من سـدر زراعيم. ويُدرَّس التلمود في إسرائيل، وتقتصر الدراسة في المدارس والمعاهد الدينية على دراسته، كما أن جامعة بار إيلان تشترط على طلابها تحصيل معرفة تمهيدية بالتلمود. 
وقد طُبع التلمود الفلسطيني في البندقية (1523 ـ 1524). كما أن التلمود البابلي كان قد بدأت طباعته في إسبانيا عام 1482. لكن أقدم طبعة كاملة ظهرت في البندقية أيضاً (1520 ـ 1523)، وأشرف على طبعها دانيال بومبرج. وقد أصبحت هذه الطبعة النموذج الأصلي الذي حذت حذوه مختلف الطبعات التي تلتها. وقد نُشـرت الطبعـة القياسـية في فلــنا عام 1886، وهي تحوي تعليقات، وتعليقات على تعليقات في أكثر من عشرين جزءاً. 
فكان يتم طبع المشناه والجماراه في العمود الأوسط، وتُطبَع ببنط أسود، ثم تُطبَع في العمود المجاور لها تعليقات راشي على النحو التالي: 
وقد تُرجم التلمود إلى معظم اللغات الأوربية الأساسية،  
الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  6610
صفحة من سفر ماكوت من سدر نزيقين (طبعة فلنا) ، وهي تناقش مصير إنسان صدر عليه حكم ولكنه فر. وكيف يمكن إصدار حكم آخر عليه. 
1- نهاية الجماراهمن مقطوعة المشناه السابقة. 
2- المقطوعة داخل المربع هي مقطوعة المشناه موضع النقاش في هذه الصفحة. 
3- الجماراه المتعلقة بها. 
أ) مدراش تشريعي (هالاخي) يؤيد ما جاء في المشناه. 
ب) ثلاثة تعليقات قصيرة من حلقات فلسطين وسورا وبومبديثا التلمودية. 
4- علامة تدل على انتهاء الفصل. 
5- مقطوعة مشناه أخرى. 
6- تعليق راشي. 
7- تعليق الشراح الإضافيين (التوسافوت)تناقش نقطة محددة من الجماراه وتعليق راشي. 
8- إحالات لمصادر تلمودية وحاخامية أخرى. 
9- تعليقات كتبها جويل سيركيس (1561 - 1640). 
10- إشارات لمصنفات موسى بن ميمون ، ويعقوب بن آشر. 
11- تعليقات أحد حاخامات شرق أفريقيا من القرن الحادي عشر. 
12- إشارات للكتاب المقدس. 
13- ملاحظات كتبها إلياهو (فقيه فلنا). 
وتُرجمت مختارات قصيرة منه إلى العربية لا تمثل الطبيعة الجيولوجية المتناقضة للفكر التلمودي. ولكنه تُرجم بأكمله إلى الإنجليزية (في لندن) وإلى كثير من اللغات الأوربية الأخرى. 
ويُلاحَظ أن الرقابة الحكومية كانت تفرض على اليهود أحياناً أن يحذفوا بعض الفقرات التي تُظهر عداءً متطرفاً للأغيار، أو أن يُضيِّقوا المجال الدلالي لبعض الكلمات والعبارات العنصرية المتطرفة. ولذا، حلت كلمة «عكوم» بمعنى «عابد الكواكب وأبراج النجوم»، و«كوتي» بمعنى «سامري»، و«كوشي» بمعنى «زنجي»، أو «حبشي» محل «نكري»، أو «جوي» بمعنى «أجنبي» أو «غريب». وحلت كلمة «بابليم»، أي «البابليين»، و«كنعانيم»، أي «الكنعانيين»، محل «أوموت هاعولام»، التي تعني «أُمّمُ العالم». والواقع أن جميع المحاولات تُضيِّق المجال الدلالي لكلمة «الأغيار» وتخصصها، وتجعلها مقصورة إما على الوثنيين وحسب، أو على جماعة محدَّدة من الناس مثل السامريين أو البابليين. وهذا من قبيل استرداد البُعد التاريخي لمصطلح الأغيار (العام) حتى تتكيف نصوص التلمود مع الواقع الجديد حيث لم يَعُد الأغيار وثنيين بل أصبحوا من عبدة الإله. وكان يُسجَّل في مستهل كل صفحة من التلمود إعلان رسمي يقرِّر أن قوانين التلمود ضد الوثنية لا تنطبق على الأمم التي يعيش اليهود بين ظهرانيها، وأنها لا تنطبق إلا على الوثنيين وحسب (وحينما احتلت إنجلترا الهند، قيل إن المقصود هو الهنود، كما ضُمَّ إلى قائمة المعنيين بالهجوم سكان أستراليا الأصليون). وبعض الطبعات تقرر أن المعني بالهجوم هو «اليشماعيلي» وتعني «المسلم العربي».
وكما يقول الحاخام آجوس، فإن هذه الصيغة التي كانت قوانين الرقابة تتطلبها كان يتم تجاهلها في النصوص المختلفة، لأن كتَّاب التلمود وشارحيه لا يعرفون سوى نوعين من البشر: اليهود، وغير اليهود. وحتى حينما كان بعض الزعماء الدينيين اليهود يعترضون على النزعة الحلولية العنصرية المتعالية، كان اعتراضهم ينطلق من أسباب عملية مثل: الخوف من اعتياد اليهود ممارسة الشر، والخوف من الإساءة إلى سمعة اليهود، أو إثارة حنق الأغيار وكرههم. وكثيراً ما كان يتبادل أعضاء الجماعات اليهودية فيما بينهم، دون علم السلطات، مخطوطات خاصة تضم المحذوفات التلمودية، أي تلك النصوص التي حذفتها الرقابة الحكومية. كما كان يُعاد شرح بعض المصطلحات الجديدة، مثل «بابلي» أو «كوتي»، حتى يُعرَف معناها الأصلي والحقيقي لتكون بمعنى «مسيحي». ويُعاد في إسرائيل طبع النسخة الأصلية من التلمـود دون تعـديل. ولما كانـت عملية الطباعـة مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً، فقد نشروا كتاباً في طبعة شعبية رخيصة بعنوان حسرونوت شاس (أي المحذوفات التلمودية). 
وقد صدرت في إسرائيل موسوعة تلمودية ضخمة تُسهِّل عملية الوصول إلى الأحكام الفقهية. ورغم ذلك، ففي إحصاء أُجري عام 1987، قرر 84% من الإسرائيليين أنهم لم يقرأوا التلمود قط ولم يطلعوا على أي جزء منه. وفي الوقت الحالي، يقوم الحاخام آدين ستانيسلاتس بإعداد طبعة جديدة من التلمود (البابلي والفلسطيني) تكون في متناول القارئ العادي، وهي مزودة بترجمة عبرية حديثة للنصوص الآراميـة فضـلاً عن شروح الكلمات الصعبة. وقد طُبعت المشناه والجماراه، وكذلك الشروح المتعلقة بهما ببــنوط طباعية مختـلفة. وقد صدر حتى الآن عشرون جزءاً من التلمود البابلي. ومن المتوقع أن يَصدُر التلمود في أربعين جزءاً خلال خمسة عشر عاماً. وقد ظهرت ترجمة إنجليزية للأجزاء الأولى.
أقســـام التلمــــود Tracts of the Talmud 
ينقسم التلمود إلى المشناه والجماراه. وتبلغ أقسام المشناه ستة، وتُسمَّى «سداريم»، وهي أيضاً أقسام التلمود الأساسية (وذلك باعتبار أن الجماراه تعليق على المشناه وشرح لها). وتنقسم السداريم بدورها إلى أسفار تُسمَّى «ماسيختوت» تنقسم بدورها إلى فصول تسمَّى «براقيم». وقد قام الدكتور أسعد رزوق بوضع وصف موجز لأقسام التلمود (البابلي) وأسفاره حتى يُعرِّف بالموضـوعات والمسـائل الـواردة فيه، وهي: 
أ) السدر الأول: سدر زراعيم (البذور): 
يتألف هذا السدر من أحد عشر سفراً أو مقالة، ويتناول قوانين التوراة الزراعية من الناحيتين الدينية والاجتماعية، ويسهب في شرح الأحكام التوراتية المتصلة بحقوق الفقراء والكهنة واللاويين في غلال الأرض والحصاد. كما يَبسُط القواعد والأنظمة المتعلقة بالفلاحة والحرث وزراعة الحقول والجناين وبساتين الأثمار، والسنة السبتية والعشار، بالإضافة إلى المواد المحظور خلطها في النبات والحيوان والكساء. 
أما أسفار سدر زراعيم فهي: 
1 ـ براخوت (البركات): 
ويتناول هذا السفر صلوات اليهود وعباداتهم والقواعد المتعلقة بالأجزاء الأساسية للصلوات اليومية. 
2 ـ فعاه (زوايا الحقل): 
ويتناول القوانين المتعلقة بزوايا الحقل واللقاط المنسي مما ينبغي تركه للفقراء، وغير ذلك من الفرائض والواجبات التي يرد ذكرها في سفر اللاويين (19/9 ـ 10). 
3 ـ دماي (المشكوك بأمره من المحاصيل): 
يتحدث هذا السفر عن المحاصيل الزراعية، كالذرة وغيرها من منتوجات الأرض، وعن استخراج العشار اللازم منها أو عدمه. 
4 ـ كلائايم (المخاليط أو الأخلاط): 
ويعالج هذا السفر الأحكام التوراتية الواردة في اللاويين (19/19)، والتثنية (22/9 ـ 11)، بالنسبة لخلط البذور المختلفة في الزراعة، أو الجمع بين جنسين من المواد في الثوب. 
5 ـ شفيعوت (السنة السابعة أو السبتية): 
ويبحث في القوانين المتعلقة بإراحة الأرض والإبراء من الديون في السنة السبتية. 
6 ـ تروموت (التقدمات: الرفائع أو جراية الكهنة): 
ويعالج القوانين والفرائض المتعلقة بذلك القسم من الغلال والمحاصيل المعين للكاهن. 
7 ـ معشروت (العشور): 
وموضوعه العشار الأول المتوجب دفعه سنوياً إلى اللاوي من غلة الحصاد، واللاوي بدوره يعطي الكاهن منه نسبة العُشر. 
8 ـ معشر شيني (العشار الثاني): 
يتناول هذا السفر موضوع العشار الثاني الذي يحمله المالك بنفسه إلى أورشليم (القدس) لكي يؤكل هناك. 
9 ـ حلّه (أول العجين): 
ويتعلق هذا السفر بذلك القسم من العجين المفروض إعطاؤه للكاهن. وقد سمي هذا السفر كذلك لأنه يتناول قانون العجين الأول وفرائضه. 
10 ـ الغُرله (بلاختان ـ الغلفاء): 
ويتناول هذا السفر الحظـر على استعمال ثمار الأشجار الصغيرة خلال السنوات الثلاث الأولى، وقواعد الاعتناء بهذه الأشجار في السنة الرابعة طبقاً لما جاء في سفر اللاويين (19/23 ـ 25). 
11 ـ البكوريم (البواكير، الثمار الأولى): 
وهنا أيضاً، فإن هذا السفر ينص على قوانين تقديم الثمار الأولى في الهيكل، ويتضمن وصفاً للشعائر التي ترافق التقدمة. 
ب) السدر الثاني: سدر موعيد (الأعياد والمواسم). 
يؤلف سدر موعيد القسم الثاني من التلمود البابلي في طبعة سونسينو، وهو يتوزع على اثنى عشر سفراً تضمها أربعة مجلدات ضخمة. أما تسمية «موعيد» بمعنى «الموعد» أو «الموسم المقدَّس»، فهي مأخوذة على الأرجح من سفر اللاويين (23/2). والملاحَظ أن المسائل الأساسية التي تتناولها أسفار هذا القسم تتعلق بالسبت والأعياد وأيام الصوم وغير ذلك من المواسم والمناسبات الدينية، بالإضافة إلى الطقوس والشعائر والفرائض والقرابين، وإلى قواعد تنظيم التقويم العبراني «حساب الميقات للأعياد اليهودية.. وكيفية معرفة الأشهر العبرية القمرية من السنة الشمسية لتعيين الأعياد اليهودية». 
يتبع إن شاء الله...


الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)    الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  Emptyالإثنين 06 يناير 2014, 11:41 am

وهنا أيضاً يطالعنا الكثير من شرائع التوراة والشرائع والقوانين المستمدة من خارج التوراة، جنباً إلى جنب: 
1 ـ شبات (السبت): 
يتناول هذا السفر قوانين السبت والقواعد اللازمة لمراعاة عطلة يوم الراحة، كما يتحدث بالتفصيل عن الأعمال المحظورة في ذلك النهار. وفي مواضع أخرى من التلمود، نجد الحاخامات يضعون السبت مقابل جميع الأحكام الأخرى الواردة في التوراة من حيث الأهمية وقد وضع الحاخامات قائمة مفصلة تتضمن تسعة وثلاثين عملاً من الأعمال الأساسية وأضافوا إليها سلسلة أخرى من الأعمال الفرعية وغيرها. 
2 ـ عيروبين (المقادير): 
لفظة «عيروب» تكون بمعنى «الخليط» أو «المزيج»، ومن هنا فإن صيغة الجمع «عيروبين» تكون بمعنى كمية من الأطعمة المحددة التي تُودَع في مكان معيَّن لكي تكون بمنزلة الزاد للمسافرين أثناء عطلة السبت دون أن تبتعد تلك الأمكنة عن بعضها البعض الآخر فيصبح الانتقال خرقاً لقانون السبت. والعيروبين هي المقادير المثالية التي يصح الجمع بينها فيما يتعلق بالأمكنة والأطعمة والمسافات بحيث يؤدي ذلك إلى توسيع حدود السبت. لذا، نجد هذا السفر يتناول القوانين والأنظمة التي تتيح لليهودي حرية الحركة خارج نطاق الحدود الموصوفة وأثناء السبت والأعياد.
3 ـ فصاحيم (خراف الفصح): 
ويتناول هذا السفر قوانين إتلاف الخمائر أثناء عيد الفصح اليهودي، وتقديم الخراف والذبائح قرباناً، ومواسم الرب المقدَّسة. وفي الفصل العاشر والأخير من هذا السفر، ترد التفاصيل المتعلقة بوليمة عشية الفصح والصلوات التي تصاحبها. 
4 ـ شقاليم (الشواقل): 
من «شيقل»،أي «شيكل» وهو «المثقال من الفضة». ويحوي هذا السفر أحكام الضرائب والرسوم التي تتم جبايتها لصيانة الهيكل وتأمين نفقاته وتقديم الذبائح بصورة منتظمة. كما يتحدث بالتفصيل عن الأشياء التي تُنفَق من أجلها الشواقل، ويتضمن القوائم التي تسرد أسماء كبار العاملين الرسميين في الهيكل. 
5 ـ يوما (اليوم): 
يُعرف هذا السفر أيضاً باسم سفر «يوم الغفران» لأنه يتناول أنظمة هذا العيد وفرائضه داخل الهيكل، كما يَبسُط قوانين الصوم وأحكامه ويصف الاحتفالات والطقوس التي كان يترأسها الكاهن الأعظم في ذلك اليوم. 
6 ـ سوكاه (المظلة): 
يحوي هذا السفر قوانين عيد المظال، وكيفية إقامة المظلة أو الخيمة، والإقامة تحتها سبعة أيام. كما يتحدث عن شعائر هذا العيد وصلواته، وعن النباتات الأربعة التي تؤخذ أغصانها لصنع المظلة. 
7 ـ بيصة (بيضة العيد): 
ويُعرف أيضاً باسم «العيد» أو «يوم طوف»، إذ يرسم الحدود التي تتحكم في إعداد الأطعمة أثناء الأعياد. كما يسرد مختلف أنواع الأعمال التي يُحظَر إتيانها أو يُسمَح بها خلال أيام العيد. 
8 ـ روش هشاناه (رأس السنة): 
يتناول المسـائل المتعلقـة بالتقـويم العـبري ورؤية الأهلة للسنة الجديدة، مثلما يحوي القوانين التي تجب مراعاتها في مطلع الشهر السابع (تشري)، أي رأس السنة المدنية عند اليهود. 
9 ـ تعنيت (الصوم): 
ويتناول أحكام الصوم للأيام الرسمية أو المناسبات الطارئة على الصعيدين الشخصي والجماعي، وترتيب الصلوات التي تُتلى في ذلك اليوم. 
10- مجيلاه (لفافة التوراة): 
ويتناول هذا السفر كتاب إستير (بالدرجة الأولى) لأنه يتناول أحكام قراءة قصة إستير في عيد النصيب. كما ترد فيه أحكام أخرى تتعلق بقراءة التوراة أثناء العبادات العامة. 
11 ـ موعيد قاطان (العيد الصغير): 
ويُعرف هذا السفر أيضاً باسم «مشكين»، نسبة إلى الكلمات الأولى في السفر. ويتناول أحكام العمل أثناء الأيام الفاصلة بين أوائل عيد الفصح وأواخره وبين عيد المظال. كما يتحدث عن الفرائض المتعلقة بالحزن والحداد. 
12 ـ حجيجاه (قرابين الأعياد): 
يتناول القوانين والأحكام المتصلة بالقرابين التي تُقدَّم في الأعياد، ويقارن بين شعائر الأعياد الثلاثة الكبرى، بالإضافة إلى الحديث عن فريضة الحج إلى القدس، وأنواع القرابين التي ينبغي تقديمها في مثل تلك المناسبات. ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا السفر يتضمن ذلك الاستطراد الشهير عن التعليم الباطني للتوراة، حيث تكثر التخريجات والشطحات الخيالية التي وجدت تربتها الخصبة في كتاب الزوهار، وكان لها أبعد الأثر في تعاليم القبَّالاه أو التصوف اليهودي. 
جـ) السدر الثالث: سدر ناشيم (النساء). 
تشتمل أسفار هذا القسم من التلمود على قوانين الزواج والطلاق، وغير ذلك من الأحكام التي تحدد العلاقات بين الزوجين، وبين الجنسين بصورة عامة. وهي تبلغ السبعة عدداً، موزعة على أربعة مجلدات في طبعة سونسينو. 
1 ـ يباموت: 
وهذه الكلمة صيغة جمع مؤنث في اللغة العبرية مفردها «يَبَماه»، واليبماه هي امرأة الأخ المتوفي التي يجب على أخيه الباقي على قيد الحياة الزواج منها. وهذا السفر يبدأ بالحديث عن الشرع التوراتي القائل بوجوب زواج الأخ من امرأة أخيه الذي تُوفي دون أن ينجب. كما يتناول الزيجات المحظورة بشكل عام، وحق الفتاة القاصر في إبطال عقد زواجها، بالإضافة إلى التقليد اليهودي المعروف باسم «خلع النعل». و«خلع النعل» يتم عند امتناع الرجل عن أخذ امرأة أخيه عملاً بقوانين زواج الأرملة. 
2 ـ كتوبوت (شئون الزواج والعقود): 
يتناول هذا السفر أحكام الاتفاق حول العروس والغرامة المتوجبة عن الإغواء، بالإضافة إلى واجبات الزوجين وحقوق الأرملة والأولاد المنحدرين من زيجات سابقة. 
3 ـ نزاريم (النذور): 
يصف هذا السفر مختلف أشكال النذور، والأنواع غير الصحيحة منها، وكيفية إلغائها والتراجع عنها. كما يتحدث عن قوة إلغاء النذور التي نذرتها المرأة أو الابنة وألزمت نفسها بها.
4 ـ نازير (النذير أو الناذر): 
ويتحدث هذا السفر عن النذر الذي يُلزم الناذر به نفسه وكيفية التخلي عنه، والأمور المحظورة على الناذر والقيمة التي تُعطَى لنذر النساء والعبيد. 
5 ـ سوطه (المرأة المشبوهة): 
الموضوع الأساسي في هذا السفر هو المحنة التي تتعرض لها المرأة التي يشكك زوجها في إخلاصها، ويتهمها بارتكاب الزنى، والإجراءات التي ترافق ذلك. وهناك موضوعات أخرى تتعلق بالمعادلات والصياغات الدينية، ما يجوز منها بلغات أخرى، وما لا يصح إلا بالعبرية وحدها. كما يتحدث هذا السفر عن الأنواع السبعة من الفريسيين، وعن الإصلاحات التي أوجدها هيركانوس إلى جانب الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين أريسطوبولس وهيركانوس حينذاك. 
6 ـ جيطين (كتب أو ثائق الطلاق): 
ويعرض بالتفصيل للظروف المختلفة التي تؤدي بالرجل إلى مناولة المرأة وثيقة طلاقها عندما يفسخ الزواج. وفي الشرع اليهودي، هناك أسباب معينة (كما هو الحال في الشرائع الدينية الأخرى) تخوِّل الزوج حق إرغام زوجته على قبول الطلاق، والعكس بالعكس. وصيغة المفرد من كلمة «جيطين» هي «جيط» ومعناها «كتاب الطلاق» أو «وثيقة الطلاق». 
7 ـ قدوشيم (التكريس): 
يتناول هذا السفر الشعائر والفرائض المتصلة بالخطوبة والزواج، كما يتحدث عن كيفية اقتناء العبيد والأقنان بصورة شرعية، وتملُّك العقارات، إلى جانب مبادئ الأخلاق وغير ذلك من المسائل المتعلقة بعقود الزواج والقران... إلخ.
د) السدر الرابع: سدر نزيقين (الأضرار). 
وتُقسَّم الأسفار العشرة في هذا الجزء من التلمود إلى قسمين أساسيين:
القسم الأول يضم الأسفار، أو الأبواب الثلاثة الأولى (الباب الأول والأوسط والأخير) وموضوعها العام هو القانون المدني. وفي التلمود الفلسطيني تندرج هذه الأسفار الثلاثة تحت واحد وشامل: قضايا المال. أما القسم الثاني، فيضم مقالتي «سنهدرين»، و«ماكوت» في القانون الجنائي، وتأتي الأسفار الخمسة الباقية كملاحق لهما. 
1 ـ بابا قاما (الباب الأول): 
التسمية آرامية الأصل، والمُسمَّى يتناول أحكام الأضرار اللاحقة بالأملاك، والأذى المرتكب ضد الأشخاص بدافع إجرامي، أو على صعيد الجنحة. كما يعالج قضايا التعويض عن السرقة والسلب واقتراف العنف. ومن أحكامه الشـائعة في شـتى المصنفات والمقتبسـات عن التلمود، ما يلي: إذا نطح ثور الإسرائيلي ثوراً يملكه رجل كنعاني، فإن صاحب الثور اليهودي لا يلتزم بشيء. أما إذا كان الثور الكنعاني هو البادئ بالنطح، فعلى صاحبه أن يتكفل بالتعويض الكامل عن كل عطل وضرر. 
2 ـ بابا متسيعا (الباب الأوسط): 
ويتناول الأحكام المتعلقة بالأشياء المفقودة التي يتم العثور عليها،والبيع والمبادلة والربا والغش والاحتيال واستئجار العمال والبهائم،بالإضافة إلى الإيجار والتأجير والملكية المشتركة للبيوت والحقول. 
3 ـ بابا باترا (الباب الأخير): 
يعالج هذا السفر القوانين المتعلقة بتقسيم أملاك الشراكة والعقارات، وقوانين التجارة، بالإضافة إلى القيود المفروضة على الأملاك الخاصة والعامة وحقوق الملكية والوراثة. كما يتناول مسألة التملك والتمليك، وإعداد مسودات الوثائق. 
4 ـ سنهدرين (المحاكم القضائية): 
ويتناول تأليف مختلف المحاكم القضائية،وإجراءات المحاكمة،وعقوبات الموت والإعدام عن الجرائم الكبرى.فهو مليء بالقوانين المتعلقة بالمحاكمات والتحكيم والإجراءات القضائية في القضايا المالية وفي الجرائم الكبرى.كما يتضمن مواصفات كيفية تنفيذ أحكام الإعدام وعقوبات الموت،إلى جانب العقائد المتصلة بالديانة اليهودية.ويحوي السفر الشيء الكثير مما له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بمحاكمة السيد المسيح والعقوبة التي يجب إنزالها بالخارج على دينه. 
5 ـ مكوت (الجلدات): 
يتحدث هذا السفر عن اليمين الكاذبة والحنـث باليـمين وشـهادة الزور، وعن «مدن اللجوء». بالإضافة إلى الآثام التي عقوبتها الجلد بالسياط، والأحكام المتعلقة بكيفية تنفيذ الجلد (39 جلدة). 
6 ـ شبوعوت (القَسَم أو اليمين): 
يتناول هذا السفر مختلف أنواع اليمين، أي ما يحلفه الشخص بمفرده أمام المحكمة. ويمين المحكمة يصدق على الشهود والمتقاضين، مثلما يصدق على المراقبين والأوصياء. 
7 ـ عيديوت (الشهادات): 
ويتضمن هذا السفر مجموعة من القوانين والأحكام المختلفة. 
8 ـ عفوده زاراه (عبادة الأصنام): 
ويتحدث هذا السفر عن عبدة الأصنام والأوثان: شعائرهم وطقوسهم وأعيادهم. كما يتضمن مواصفات الأحكام التي ينبغي إنزالها بعبدة الأصنام، والذين يشاركونهم، أو يختلطون معهم عن طريق التعامل أو الاتصال الاجتماعي. ويتضمن السفر كثيراً من الأحكام والأقوال ذات الطابع الانتقامي التعويضي.
9 ـ آفوت (سفر الآباء): 
ويتضمن التعاليم والأقوال المأثورة عن آباء التراث اليهودي منذ السنهدرين الأكبر فصاعداً. وهو مليء بالتعاليم الأخلاقية والأقوال الحكمية المنسوبة في معظمها إلى معلمي المشناه (تنائيم). 
10 ـ هورايوت (الأحكام أو القرارات): 
ويتناول هذا السفر الأحكام الخاطئة التي تَصدُر عن السلطات الدينية في المسائل المتعلقة بالشعائر والطقوس. كما يتحدث عما يجب تقديمه من تضحيات وذبائح، إذا تَصرَّف الجمهور وفقاً لهذه التعاليم والأحكام الخاطئة. 
هـ) السدر الخامس: سدر قداشيم (المقدَّسات). 
يدور الموضوع الأساسي في هذا القسم من التلمود حول الطقس القرباني والتضحيات المتعلقة بالهيكل. وكانت معظم الفرائض والأحكام الواردة في أسفاره مرتبطة أشد الارتباط بوجود الهيكل. لكن الحاخامات، في فلسطين وبابل، تابعوا اهتمامهم بالطقوس القربانية والعبادات رغم هدم الهيكل وانقطاع الصلة بين الممارسة الفعلية والغرض الأساسي من وراء تلك الشعائر. ويحاول الحاخام الذي كتب مقدمة هذا الجزء في طبعة سونسينو إرجاع الاهتمام لدى المدارس الدينية المتأخرة بموضوع الطقوس القربانية إلى اعتبارات تاريخية أكاديمية وأخرى عملية على حدٍّ سواء. فمن جهة، كان هناك الأمل اليهودي في تطلُّعه الدائم إلى إعادة بناء الهيكل عاجلاً أم آجلاً واستعادة العبادة القربانية. لذا، فقد رأوا أن من واجبهم الإلمام بقوانين تلك الطقوس التي سوف تؤذن بالرجوع إلى سابق العهد. ومن جهة ثانية، نما اعتقاد الحاخامات بأن دراسة الشرائع والفرائض القربانية يمكنها أن تحل محل طقس الهيكل، وهي بالتالي لا تقل قيمة عن تقديم القرابين والتضحيات في حد ذاتها. 
ويقسَّم هذا السدر إلى أحد عشر سفراً كما يلي: 
1 ـ زباحيم (الذبائح): 
يحتوي هذا السفر على الأحكام المتعلقة بتقديم الذبائح الحيوانية على اختلاف أنواعها وعلى اختلاف المراحل التي تمر بها. كما يضع الشروط التي تجعل القرابين مقبولة أو غير مقبولة. ويسهب السفر في شرح الشعائر المتصلة برش الدماء، وإحراق القطع الدهنية أو الذبيحة الحيوانية كلها، إلى آخر تلك التفاصيل المتعلقة بهذه الممارسات. 
2 ـ مناحوت (قرابين اللحوم والشراب): 
ويصف قواعد إعداد قرابين الطعام والشراب وكيفية القيام بها: من سكب الزيت على القرابين إلى الدقيق الملتوت، ومن حزمة أول الحصيد إلى الرغيفين المخبوزين «خميراً باكورة للرب»، إلى الفطائر الاثني عشر التي تُخبَز من الدقيق أيضاً. 
3 ـ حولين (الدنيويات): 
ويتضمن هذا السفر مواصفات ذبح الحيوانات والطيور للاستهلاك العادي، بالإضافة إلى تعداد مختلف الأمراض التي تجعل أكل تلك الذبائح محرَّماً. وهناك معالجة عامة لجميع قوانين الأطعمة والأحكام التي ينبغي التقيد بها في إعداد الطعام. 
4 ـ بكوروت (البواكير): 
ويتناول القوانين المتعلقة بالمواليد البكر من الحيوان والإنسان. 
5 ـ عراخين (التقديرات): 
ويتضمن هذا السفر قواعد تحديد الكمية التي ينبغي تقديمها وفاءً لنذر ما للهـيكل، بحـيث يجري تقييم الشخص أو الشيء المنذور. ويختلف التقييم باختلاف السن والجنس (الذكر والأنثى)، كما أن تجنيس البهيمة وتقييمها عائد إلى كاهن الهيكل. وعلاوة على التقييـمات المذكورة، يتناول السـفر القـوانين التابعة لسنة اليوبيل. 
6 ـ تموره (الإبدال أو البدل): 
ويتناول قواعد إبدال القرابين وتغييرها: الجيد بالرديء والرديء بالجيد، أي أن الموضوع يتعلق بتبديل بهيمة نجسة بأخرى سَبَق تقديمها على مذبح الهيكل. 
7 ـ كريتوت (الرسوم الجزائية): 
ويعالج الآثام والأخطاء التي تخضع لعقاب القطع (كريتاه) أو الفصل فيما لو جرى اقترافها بمحض الإرادة. أما إذا جرى ارتكاب الخطيئة عن غير قصد، فلابد أيضاً من تقديم القرابين تكفيراً عنها. ويبحث هذا السفر كذلك الحالات التي يتوجب فيها تقديم القرابين بصورة غير مشروطة أو يتوجب فيها تعليق القرابين. 
8 ـ معيله (الإثم والخطيئة): 
ويتناول هذا السفر مسألة انتهاك الحرمات والمقدَّسات وتدنيس الأشياء التابعة للهيكل أو المذبح. 
9 ـ تاميد (التضحية اليومية أو المستمرة): 
ويصف خدمات الهيكل من حيث اتصالها بتقديم القرابين اليومية في الصباح والمساء، وخصوصاً الخراف التي ينبغي تقديمها على المذبح صباحاً وعشية. 
10 ـ متروت (المقاييس والأبعاد): 
يحتوي هذا السفر على مقاييس الهيكل ومواصفاته، سواء فيما يتعلق بالساحات والأبواب والقاعات، أو فيما يتعلق بالمذبح. كما يتضمن وصفاً للخدمات التي يؤديها الكهنة أثناء وجودهم في الهيكل، وأثناء قيامهم بحراسته وتدبير شئونه. 
11 ـ قنِّيم (الأعشاش): 
ويسرد الأنظمة والأحكام المتعلقة بتقديم العصافير والطيور قرباناً للتكفير عن الخطايا والمعاصي التي يقترفها الفقراء. كما يتناول بعض الأحوال والشروط المتصلة بالنجاسة والقذارة. ويبحث حالة الخلط بين الطيور التي تخـص مختلف الأشـخاص أو التي تنتمـي إلى قـرابين مختلفة.
و) السدر السادس: سدر طُهاروت (التطهيرات). 
والواقع أن الموضوع المشترك بين أسفار هذا الجزء السادس والجزء الأخير من التلمود يتصل بأحكام الطهارة والنجاسة (أو الرجاسة) لدي الأشياء والأشخاص. وتؤلف هذه الأحكام جزءاً من مجموعة قوانين تتعلق بالطهارة اللاوية. ومما يجدر التنبيه إليه أن قوانين النجاسة هذه لم تكن سارية المفعول خارج فلسطين، فقد بطل معظمها في فلسطين بعد هدم الهيكل وطويت في عالم النسيان، إلا ذلك القانون المتعلق بأحكام الحيض لدى النساء فما زال ساري المفعول حتى أيامنا هذه. وقد أصبح التشديد محصوراً بالدرجة الأولى في مسألة النجاسة اللاوية وتَعدَّى نطاق العلاقات الزوجية. 
والمعروف أن أحكام الطهارة هذه تستند إلى عدد من الأوامر والنواهي الواردة في أماكن مختلفة من الأسفارالخمسة للتوراة، وبشكل خاص في الإصحاحات (11/15) من سفر اللاويين. 
1 ـ كلائايم (الأواني والأوعية): 
ويتحدث هذا السفر عن قواعد النجاسة في الأواني والأدوات التي تُستخدَم للمنفعة البشرية، فيحاول تبيان الظروف والشروط التي تتحكم في نجاسـتها أو تجـعلها عرضة للتنـجس. والأواني تشمل الأثاث والملابس، وغير ذلك من أدوات الاستعمال. 
2 ـ أُهالوت (الخيام): 
ويتناول الخيام والمساكن باعتبارها ناقلة للنجاسة والرجس، سواء عن طريق جثة الميت، أو بواسطة الأواني والأوعية التي توجد معها تحت سقف الخيمة أو المسكن، حيث تنتقل منها إلى الأشخاص والأدوات الأخرى. 
3 ـ نجاعيم (البَرَص والطواعين والأوبئة): 
يبسط القوانين المتعلقة بمعالجة البَرَص في البشر والألبسة والمساكن. كما يتضمن المواصفات الضرورية لتطهير الأبرص وطرد النجاسة من بدنه. 
4 ـ باراه (العجلة الحمراء ـ البقرة الصغيرة): 
ويتحدث هذا السفر عن الخصائص الواجب توافرها في العجلة الحمراء (باراه أدوما) وصولاً إلى إعداد رمادها للاستخدام في التطهير من النجاسة والرجاسة. 
5 ـ طُهاروت (تطهيرات): 
ويعالج أحكام النجاسة في الأطعمة والأشربة على اختلاف أنواعها ودرجاتها. كما يبين الشروط التي تتحكم في تنجيسها عن طريق الاحتكاك بمختلف مصادر النجاسة ودرجاتها. 
6 ـ مقواؤوت (الآبار والخزانات): 
ويتضمن هذا السفر مواصفات الآبار والصهاريج والخزانات فيما يتعلق بالمتطلبات التي تجعلها صالحة شعائرياً للتطهير والتغطيس. كما يتناول القواعد الحاكمة في جميع أنواع التغطيس الشعائري والطقسي. 
7 ـ نيدّه (الحائض والحيض): 
ويفصل القول في أحكام النجاسة الشرعية التي تنشأ لدى النساء بسبب الحيض والنفاس وبعد الولادة. 
8 ـ مقشيرين (الاستعدادات): 
ويتناول الظروف التي تصبح الأطعمة بموجبها قابلة للنجاسة أو عرضة للتنجس بعد احتكاكها بالسوائل، كما يعدِّد السوائل التي تجعل الأطعمة في تلك الحالة. 
9 ـ زافيم (الزاب ـ السيلان): 
ويتحدث هذا السفر عن نجاسة الرجال والنساء عند الإصابة بأمراض الزهري والسيلان المنوي وغير ذلك. 
10 ـ طِّبول يوم (الغسل اليومي): 
ويبحث في طبيعة النجاسة لدى الشخص الذي قام بالغسل الشعائري (المفروض أثناء النهار) لتطهير نفسه، فإن عليه الانتظار حتى غروب الشمس لكي يُعتبر طاهراً ونظيفاً. 
11 ـ ياديم (اليدان وتطهيرهما): 
ويتناول نجاسة اليدين قبل الغسل وكيفية تطهيرهما بطريقة شعائرية مستمدة من الشريعة الشفوية، والتطهير يتم بالماء. ويتضمن إلى جانب ذلك بحثاً عن بعض أسفار التوراة، كما يسجل شيئاً من المناظرات والخلافات التي دارت بين الصدوقيين والفريسيين. 
12 ـ عقصين (سويقات الثمار وقشورها): 
ويعرض للظروف والشروط التي تصبح بموجبها سويقات النبات والثمر قابلة لنقل النجاسة إلى الثمار والنباتات المتصلة بها والعكس بالعكس،أي كيف تتنجس هذه الأشياء لدى ملامستها الأشياء النجسة.
الموضوعات الأساسية الكامنة في التلمود Major Themes in the Talmud 
منذ نهاية القرن السابع للميلاد، ومع مطلع القرن الثامن، صار التلمود العامل الجوهري في التجربة الدينية للجماعات اليهــودية، إذ أصبـح المعيـار السـائد المقـبول في كل ما يتعـلق بحيــاة اليهــود وأعمـالهم ونشـاطهم الفكــري. حتى أننـا حينـما نتحدث عن «اليهودية» بعد ذلك التاريخ، فإننا في واقع الأمر نتحدث عن «اليهودية الحاخـامية»، أي «التلمـودية». وقد اسـتُـخدم التلمود حتـى نهــاية القـرن التاسـع عشر أساساً للتربية بين أعضاء الجماعات اليهودية، فكان الدارسون في كثير من الجماعات اليهودية في الغرب يستذكرونه سبع ساعات يومياً طوال سبع سنوات. 
والتلمود سجل المحاولات التي بذلها حاخامات اليهود لتفسير العهد القديم بما يتناسب مع وضع اليهود باعتبارهم جماعات منتشرة في العالم وليس باعتبارهم شعباً مستقراً في أرضه له عاصمته وهيكله وديانته المرتبطة بالأرض والعاصمة والهيكل. وهو أيضاً تعبير عن محاولة اليهودية الحاخامية (التلمودية) عزل جماهير اليهود عن بقية الشعوب، وخصوصاً بعد ظهور المسيحية التي اتخذت من العهد القديم كتاباً مقدَّساً، وأكملته وعدلته بالعهد الجديد. والآلية الكبرى لتعميق العزلة هي تغليب الطبقة الحلولية داخل التركيب الجيولوجي اليهودي على غيرها من الطبقات والنزعات بحيث يحل الإله في الشعب ويملؤه قداسةً تعزله عن العالم المدنَّس العادي حوله، وهذه الانعزالية مسألة عادية في معظم المجتمعات الوثنية وفي كثير من المجتمعات التقليدية التي كانت تشجع الفصل بين الطبقات والجماعات الدينية وتسهل عملية إدارة شئونها. بل تُعَدُّ مسألة حيوية وأساسية بالنسبة للجماعات الوظيفية المالية وهو الدور الذي اضطلعت به معظم الجماعات اليهودية في العالم حتى بدايات القرن التاسع عشر. فبدون الانعزالية، لم يكن بإمكان أعضاء الجماعات الوظيفية الاحتفاظ بحيادهم وتعاقديتهم وموضوعيتهم وهي أمور لازمة وأساسية للقيام بالأعمال المالية في المجتمعات التقليدية. ولكن هذه الانعزالية، في حالة الجماعات اليهودية، شأنها في هذا شأن أية جماعة وظيفية أو أقلية تُوجَد في الوضع نفسه، كانت تأخذ في الغالب شكل التعالي على الناس. وقد تعمقت الانعزالية حتى أصبح التعارض بين اليهود وغير اليهود (الأغيار) من المقولات الأساسية في التلمود وفي غيره من الكتابات الفقهية اليهودية. 
والحلولية تيار مهم في العهد القديم، ولكنها تضخمت واتسعت في التلمود بحيث يمكننا اعتبار التصور التلمودي للإله يشكل نكسة للفكر التوحيدي وللرؤية التي طرحها الأنبياء في العهد القديم. فالتلمود يخلع العديد من الصفات الإنسانية واليهودية على الإله. والعصمة ليست من صفاته، فهو يكون مشغولاً خلال اثنتى عشرة ساعة يومياً: يقرأ التوراة في الساعات الثلاث الأولى، ويحكم العالم في الثلاث التالية، ويفكر في إفناء العالم، ثم يترك كرسي القضاء إلى كرسي الرحمة، ويجلس في الساعـات الثـلاث التالية يرزق العـالم كلـه من أكبر الحيوانات إلى أصغرها. وفي الثلاث الأخيرة، يلعب مع التنين أو الحوت. والإله، في التلمود، متعصب بشكل كامل لشعبه المختار، ولذا فهو يعبِّر عن ندمه على تركه اليهود في حالة تعاسة وشقاء حتى أنه يلطم ويبكي. ومنذ أن أمر بهدم الهيكل وهو في حالة حزن وندم، توقف عن اللعب مع التنين الذي كان يسليه، وأصبح يُمضي وقتاً طويلاً من الليل يزأر كالأسد. ولكنه في آخر الأيام، بعد إقامة المجتمع اليهودي الأمثل في العصر المشيحاني، في ظل الدولة المستعادة، يجلس على العرش يقهقه لانتصار شعبه، وعبثآً يتوافد الوثنيون طالبين قبولهم. ويتبدَّى التعصب الإلهي في أنه حينما يأتي الماشيَّح سيصبح كل الناس عبيداً لجماعة يسرائيل. 
وتظهر الحلولية والانعزالية في تلك القداسة التي تحيط بالتلمود. وهو في الواقع ـ كما أسلفنا ـ مجرد تفسير للعهد القديم وضعه الحاخامات، إلا أنه، مثله مثل كل كتب التفسير اليهودية، يكتسب قداسة خاصة. وقد سيطرت أسطورة الشريعة الشفوية على الوجدان اليهودي سيطرة تامة بعد ظهور المسيحية، فكان يُنظر إلى التلمود في بداية الأمر باعتبار أنه يأتي في المرتبة الثانية بعد التوراة، ولكنه أصبح بعد حين يُلقَّب بالتوراة الشفوية، أي صار مساوياً لتوراة موسى في المرتبة، ولم يَعُد في وسع أي يهودي مخالفته. وأخذت درجة قداسته في الازدياد والاتساع حتى أصبح أكثر قداسة من التوراة نفسها. وقد قال أحد الحاخامات: «يا بني كن حريصاً على مراعاة أقوال الكتبة [أي الحاخامات واضعي التلمود] أكثر من حرصك على أقوال التوراة، لأن أحكام التوراة تحوي الأوامر والنواهي. أما شرائع الكتبة، فإن من ينتهك واحـدة منها يجلب على نفسه عقوبة الإله». وقـد جـاء أيضاً أنه: «لا خلاص لمن ترك التلمود واشتغل بالتوراة لأن أقوال علماء التلمود أفضل مما جاء في شريعة موسى، وهي أفضل من أقوال الأنبياء». 
وفي معرض تقديس التلمود والإيمان المطلق بكل ما دوَّنه الحاخامات فيه، ورد في التلمود أن خلافاً ما قد وقع بين الإله وعلماء اليهود حول أمر ما. وبعد أن طال الجدل، تقرَّر إحالة الأمر موضع الخلاف إلى أحد الحاخامات الذي حكم بخطأ الإله الذي اضطر إلى الاعتراف بخطئه. وفي هذا المقام أيضاً، ردد بعض الحاخامات أن الإله يستشير الحاخامات على الأرض إذا صادفته مسألة معضلة يتعذر عليه حلها في السماء. وهكذا اختل التوازن الحلولي، كما هو الحال دائماً، لصالح المخلوقات من الحاخامات على حساب الإله. ويظهر ارتباط الانعزالية بالحلولية في فكرة الاختيار، فقد جاء في التلمود أن الإله اختار اليهود لأنهم اختاروه، وهي عبارة تفترض المساواة بين الإله والشعب. (كان يرددها بن جوريون برضا شديد، وهي تشكل أساس فلسفة بوبر الحوارية، ونقطة انطلاق لكثير من النزعات الحلولية المعاصرة في اليهودية ولصهيونية جوش إيمونيم الحلولية). 
وتساءل كُتَّاب التلمود عن سبب تشبيه اليهود بشجرة الزيتون، وترد الإجابات التالية: 
1 ـ لأن شجرة الزيتون لا تفقد أوراقها، كما أن كل اليهود لن يضيعوا في هذا العالم أو العالم الآتي. 
2 ـ وكما أن الزيتون لا ينتج زيتاً إلا بعد العصر والضغط عليه، فإن أعضاء جماعة يسرائيل لن يعودوا كذلك إلى جادة الصواب إلا بعد الآلام والعذاب. 
3 ـ شُبِّه اليهود بحبة الزيتون لأن زيت الزيتون لا يمكن خلطه مع المواد الأخرى. وكذلك جماعة يسرائيل، لا يمكن أن تختلط مع الشعوب الأخرى. ويدَّعي التلمود أن روح الإله من روح الشعب كما أن الابن جزء من أمه، ولذا فمن يعتدي على يهودي فهو كمن يعتدي على العزة الإلهية، ومن يعادي جماعة يسرائيل أو يكرهها فإنه يعادي الإله ويكرهه، وخصوصاً إذا عرفنا أن الإله كان يقطن بينهم حينما كانوا في أرض الميعاد، وأن الشخيناه (التعبير الأنثوي عن الإله) بقيت معهم حينما نُفوا خارجها إذ أن موسى طلب ذلك من الإله. 
وكان الاختيار في بادئ الأمر تلقائياً نابعاً من رحمة الإله وإرادته الإلهية، ولكن اليهود ـ حسب الرؤية التلمودية الحلولية ـ بينوا أنهم جديرون بهذا الاختيار. ولذا، تحوَّل الاختيار من مجرد منحة من الإله إلى حق من حقوقهم مُلزم له وإلى دين عليه أن يؤديه حتى لو ضلوا الطريق. وقد جاء في التلمود على لسان الإله: «لن أعامل جماعة يسرائيل كالأمم الأخرى، حتى وإن لم تعمل حسنات إلا قليلاً تافهاً كروث الدجاج المتناثر في الحظيرة، فسأجمع هذه الحسنات ليكون لها حسنات كثيرة». وهكذا اختل التوازن الحلولي لصالح اليهود مرة أخرى، وإن كان هناك رأي تلمودي مغاير يرى أن الاختيار تكليف إلهي وعبء مُلقى على كاهل اليهود عليهم أن يضطلعوا به. والتوراة هي ميراث الشعب المختار وحده، ومن يدرسها من الأغيار يستحق الموت (ولكن ثمة رأياً تلمودياً مغايراً يرى أن الوثني الذي يدرس التوراة هو في منزلة الكاهن الأعظم).
هذه النزعة الانعزالية المتعالية توجد في معظم صفحات التلمود المليء بالأحكام الموجهة ضد غير اليهود (وخصوصاً سفر عفوده زاره أو عبادة الأوثان)، فلن يدخل الجنة سوى اليهود. وقد خلق الإله الأغيار على هيئة الإنسان لكي يكونوا لائقين بخدمة اليهود الذين خُـلقت الدنيا من أجلهم، إذ ليس من الملائم أن يقوم حيوان على خدمة الأمير، وهو على صورته الحيوانية. ولا يُعتدُّ بشهادة غير اليهودي أمام المحاكم إلا في حالات قليلة. وإذا وقع أذى بشخص، فمن المهم جداً تحديد هل هذا الشخص يهودي أم لا، بل إن هذا التمييز يسري أيضاً في المعاملات التجارية. وفي مسائل الطهارة، يعتبر الأغيار أنجاساً في حياتهم. ولكن مقابرهم، باعتبار أنها غير مقدَّسة، لا تنجس الكهنة. والعكس صحيح بالنسبة إلى اليهود، فهم طاهرون في حياتهم وقبورهم مصدر نجاسة أساسي للكهنة اليهود. 
ويتناسى التلمود الفرق بين الأخيار والأشرار من الأغيار، رغم أنه تمييز أساسي في العقيدة اليهودية نفسها. بل إن التلمود يطلب أحياناً إلى اليهود أن يسـتخدموا مقياسـين أخلاقيين: أحدهما للتعامل مع اليهود، والآخر للتعامل مع غير اليهود (انظر: بابا متسيعا 95 أ، وبابا قما 113 أ). وقد جاء في التلمود أنه لا يصح أن يباع لليهودي الشيء الذي يحتمل فساده إن تُرك، ولكنه من الممكن أن يُباع لغير اليهودي، كما يُحرَّم على الطبيب اليهودي أن يعالج مريضاً غير يهودي (إلا لدرء أذى الأغيار). 
ولأن التلمود يرى أن اليهود وحدهم يجسدون روح الإله، لذا نجده لا يرحب بالمتهوِّدين. وقد ورد فيه «إن المتهوِّدين مثل القذى في عين جماعة يسرائيل» وهو موقف لا يزال يسيطر على المؤسسة الأرثوذكسية وريثة التراث التلمودي في إسرائيل. وكان اليهودي يشكر إلهه على أن مكانه «بين أولئك الذين يجلسون في بيت الدراسة والمعبد [أي اليهود] ولم تجعل مكاني بين أولئك الذين يذهبون إلى المسارح والسيرك [أي غير اليهود]». وحتى حينما كان بعض المفسرين ينصحون اليهود بعدم الكذب على الأغيار، فإنهم يصرون على ضرورة عدم الاحتكاك بهم، أو الدخول معهم في علاقة. وقد قال أحد الشارحين في القرن السابع عشر في بولندا إن من الواضح أن التوراة تأمر اليهود بأن يحتفظـوا بالكراهـية بينهـم وبين الأغيـار حتى يبعدوا خطر الزواج المُختلَط. ولذا، فلا يمكن السماح بتلك الأفعال التي قد تقلل الكره بين اليهود والأغيار. وتصل النزعة المتعالية ذروتها في عبارة: «اقتل أفضل الأغيار، اسحق رأس أنبل الأفاعي». وقد اقتبس أحد كتيبات الحاخامية العسكرية الإسرائيلية هذه العبارة التلمودية التي أثارت ضجة داخل إسرائيل وتصدَّى لها بعض القادة الدينيين ووصفوها بأنها تشويه للعقيدة اليهودية. 
فالحلولية إذن هي الإطار الفلسفي، والانعزالية والتعالي الإثنيين هما الترجمة العملية لها. ولكن التلمود كتاب جيولوجي ضخم يضم موضوعات شتى وتراكمت فيه رؤى وآراء مختلفة، فكل العقائد اليهودية المعروفة قد دُوِّنت وصُنِّفت فيه، بشكل واضح أحياناً، وبشكل غامض مشوش أحياناً أخرى. كما يضم التلمود أيضاً موضوعات وطرائف لا تنضوي بالضرورة داخل إطار فلسفي واضح، أو رؤية دينية محددة، فهو يتحول أحياناً إلى مجرد وثيقة اجتماعية لا توجه الواقع وإنما تعكسه وحسب. فصفحات التلمود تعكس وضع اليهود الاقتصادي كجماعة وظيفية تعمل بالتجارة. ولذلك، كان على اليهودي، حسب التقاليد التلمودية، أن يتلو ثلاث تسبيحات شكر كل يوم لأن الإله خلقه يهودياً، ولأنه لم يخلقه امرأة ولم يخلقه فلاحاً. وقد جاء أنه «لا يوجد عمل أكثر امتهاناً من فلاحة الأرض». ومع هذا، هناك أقسام طويلة في التلمود عن الزراعة وقوانينها وأفضالها. ومن أهم أنواع التجارة التي مارسها أعضاء الجماعات اليهودية تجارة الرقيق. ولذا، فإننا نجد أن التلمود نظم عملية امتلاك عبد من الأغيار. فهو يُمتلَك بالشراء أو بالصك أو بالخدمة الفعلية. ويوجد في التلمود صيغة لاستمارة يتم ملؤها للحصول على عبد تقول: «هذا العبد تم استعباده بصورة قانونية وليس له أي حق من حقوق الأجراء، وليست له مطالب يقدمها للملك أو الملكة. وليست به أية علامة إنسانية، وهو خال من أية عيوب جسدية ومن أية علامة في الجلد تدل على إصابته بالبرص سواء حديثاً أم في الماضي». وكانت طبقة العبيد مُحتَقرة كما كان يسود الاعتقاد بأنهم كسالى: «هناك عشرة مقاييس من النوم نزلت إلى العالم، فأخذ العبيد تسعة منها وأخذ بقية الناس الواحد المتبقي». ولا يتمتع العبد بثقة كاتبي التلمود، فهو لا يُعَدُّ إنساناً، ولذا فليس بإمكان اليهودي أن يصلي معه أو أن يصلي عليه أو يسير في جنازته. 
ولا يقتصر التلمود على حياة اليهود العامة، وإنما يمتد ليشمل أخص خصوصياتهم. فهو يتناول، ضمن ما يتناول، كل دقائق إعداد الطعام وتناوله والعلاقات الخاصة بين الرجل وزوجته والطمث. وينبعث من صفحات التلمود احتقار عميق للمرأة، وقد كتب أحدهم يقول: «هناك أربع خصائص للنساء: فهن شرهات، ومتصنتات وكسولات وغيورات، وهن أيضاً كثيرات الشكوى وثرثارات». وقد أفاض التلمود بشأن الصفة الأخيرة: "نزلت إلى العالم عشرة مقاييس للكلام، أخذت النساء تسعة منها وأخذ الرجال واحداً". 
والتلمود كتاب طبي أيضاً. ولذا، فإننا نجد فيه وصفات طبية عديدة، فهو ينصح بضرورة التعرض للماء البارد بعد حمام ساخن. كما نجد في التلمود شرحاً لأسباب الإمساك وطريقة معالجته. وينصح التلمود أيضاً بأن من: «يطيل البقاء في المرحاض، يطيل الرب أيامه وسنيه». وهناك صلاة شكر تُتلى بعد تلبية نداء الطبيعة. 
وعلاوة على كل هذا، يمكن اعتبار التلمود كتاب فولكلور يعكس شتى الممارسات والآراء الخرافية التي كانت سائدة في مكان نشأته، سواء في بابل أو في الأماكن الأخرى التي عاش فيها الشارحون. ولأن كُتَّاب التلمود يدورون في نطاق حلولي، فإننا نجدهم يؤمنون بإمكانية التحكم الكامل والتوصل للحل السحري (الغنوصي) وبفاعلية العلاجات العجائبية والعقاقير الشيطانية والسحر والرقى والتعاويذ. والتلمود أيضا كتاب تنجيم وسحر وتفسير أحلام. ومما يُذكَر فيه أن قارئه الراغب في رؤية العفاريت رؤية العين يمكنه ذلك باتباع خطوات تم تحديدها بدقة متناهية، وإن أراد طرد العفاريت فصفحاته تضم تعاويذ تفي بذلك الغرض. وتصل الحلولية إلى ذروتها (أو هوتها) حين يؤكد التلمود أن الحاخامات كانوا قادرين على الخلق، فقد ذكر أن حاخاماً خلق مرة إنساناً بأن نطق اسم الإله الأعظم وأرسله إلى الحاخام زعيرا الذي تحدَّث إليه، ولكنه لم يستطع أن يجيب، فتعجب الحاخام قائلاً: «أنت مخلوق بفعل السحر، ارجع إلى التراب».
وقد أثر التلمود، بما احتوى من نظرة حلولية انعزالية، في كثير من أجزائه، في الفكر الصهيوني، حيث وجد المفكرون الصهاينة ما يدعم اتجاهاتهم. فقد جاء في سفر «عفوده زاره» على سبيل المثال لا الحصـر: «ينبغي ألا تُؤجَّر البيوت لغير اليهود في أرض يسرائيل، ناهيك عن الحقول». وهذه إحدى القواعد الأساسية للصندوق القومي اليهودي. كما أن الصهاينة يقتبسـون من التلمـود عبارات مثل: «من يقيم خارج أرض يسرائيل هو مثل إنسان بدون إله» (كتوبوت 110ب). 
ولكن نظراً لخاصية التلمود الجيولوجية، فإننا نجد أنه يرد فيه عكس هذه الأفكار تماماً، فقد قال الحاخام يهودا: "من يصعد من بابل إلى أرض يسرائيل، فقد انتهك إحدى الوصايا الإلهية". ويستشهد بسفر إرميا (27/22)، ثم يقول: "مثلما أنه ممنوع مغادرة أرض يسرائيل إلى بابل، فمن الممنوع أيضاً مغادرة بابل إلى غيرها من البلدان"، ثم يستطرد قائلاً: "إن من يعيش في بابل كأنه مقيم في أرض يسرائيل" (كتوبوت 111أ). كما توجد في التلمود أيضاً أفكار متناقضة عن العصر المشيحاني، بعضها ذو نكهة صهيونية انعزالية والبعض الآخر معاد لها وله نزعة اندماجية عالمية. 
وتجد التوسعية الصهيونية تبريراً لها في الصورة التي يرسمها التلمود لحدود الأرض في المستقبل، فهي سوف تمتد وتصعد في جميع الجهات، ومن المقدر لأبواب القدس أن تصل إلى دمشق، وسوف يأتي المنفيون لينصبوا خيامهم في الوسط. وقد جاء أيضاً: "إن فلسطين تُدعى أرض الظبي، فكما أن جلد الظبي يعجز عن استيعاب لحمه وجسمه، كذلك هي أرض يسرائيل: عندما تكون مأهولة تجد لنفسها متسعاً، لكنها تتقلص متى كانت غير مأهولة". فحدود هذه الأرض متغيرة، وتزداد بازدياد المستوطنين اليهود فيها. ولا يختلف هذا القول كثيراً عن موقف تيودور هرتزل من الحدود حين بيَّن أن ما سيقرر حدود الدولة هو مدى حاجة الصهاينة: "كلما ازداد عدد المهاجرين ازدادت حاجتنا إلى الأرض". 
يتبع إن شاء الله...


الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)    الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  Emptyالإثنين 06 يناير 2014, 11:50 am

ورغم أن ثمة عناصر صهيونية في التلمود، إلا أنه لا يمكن القول بأنه تسبَّب في ظهور الصهيونية. فالصهيونية حركة سياسية تهدف إلى استعمار فلسطين عن طريق توطين عنصر سكاني غريب فيها، وتعود جذورها أساساً إلى الفكر الألفي الاسترجاعي البروتستانتي وإلى وضع اليهود داخل الحضارة الغربية كجماعة وظيفية وإلى الإمبريالية الغربية. كما أن المؤسسة الحاخامية التلمودية ذات العلاقة الوثيقة بأثرياء اليهود في كل أنحاء العالم، والتي امتزجت مصالحها بمصالحهم بحيث أصبح الفريقان يشكلان النخبة القائدة، كانت تقف ضد فكرة العودة المشيحانية لأن مصالح هذه النخبة (ومصالح الجماعة الوظيفية ككل) كانت مرتبطة تمام الارتباط بمجتمعاتها المختلفة ومتجذرة فيها، ومن هنا كان حرصها على تأسيس حلقات ومدارس تلمودية (أكاديميات ـ يشيفات) تعمل على تخريج حاخامات ملمين بالأوضاع المحلية الخاصة، قادرين على إصدار الفتاوى الملائمة التي تفسر الأوضاع الجديدة وتتكيف معها. وبعد التهجير البابلي، استقلت الحلقات التلمودية في بابل، وحينما ظهرت حضارة الأندلس حرص أثرياء الجماعة اليهودية هناك على استقلال الحلقات فيها. وقد استقل يهود الغرب الإشكناز بحاخاماتهم ومدارسهم التلمودية. 
ولم يكن من مصلحة هؤلاء الأثرياء العـودة إلى فلسـطين، بل كانت مصلحتهم في البقاء في المنـفى. ومن هنا، يتواتر الحديث في التلمود عن أن "شريعة الدولة هي شريعتنا"، وعن ضرورة انتظار الماشيَّح في صبر وأناة حتى يأذن الإله. ومن هنا أيضاً، وقفت المؤسسة الحاخامية التلمودية ضد النزعات المشيحانية الصهيونية التي كانت أسـاساً نزعـات شـعبية تعبِّر عن بؤس فـقراء اليهود، وعدم إدراكهم للعلاقات الدولية أو لطبيعة البؤس الواقع عليهم. وقد ظلت هذه المؤسسة واقفة بقوة ضد كل المشحاء الدجالين تستعدي عليهم السلطات وتجند فقهاءها لإثبات كذبهم كما فعل الحاخام نحميا مع شبتاي تسفي. كما كانت تُكفِّر كل من كان يفكر في العودة وتُوجِّه إليه تهمة أنه ارتكب جريمة التعجيل بالنهاية (دحيكات هاكتس). ويُلاحَظ أن ظهور الصهيونية الحديثة مرتبط بتآكل المؤسسة الحاخامية التلمودية وبانهيار نفوذ التلمود تماماً. وحينما نشر هرتزل كتيب دولة اليهود، عارضه كبار الحاخـامات جميـعاً، وبالذات الأرثوذكـس (التلموديون). ولذا، فإن التلمود، على مستوى من المستويات، كان مسئولاً إلى حدٍّ ما عن تخفيف حدة النزعة المشيحانية في اليهودية، وبالتالي نجح في صد الصهيونية. 
وقد تقصَّى الدكتور أسعد رزوق موقف التلمود من العرب، فوجد أنه (في بعض نواحيه) تعبير عن الانعزالية المتعالية نفسها. وقد جاء في سفر سوكاه (52 ب) أن الإله ندم على خلقه أربعة أشياء: المنفى، والكلدانيين، والإسماعيليين (أي العرب)، ونزعة الشر. وينسب التلمود إلى العرب أعمال السحر، فقد جاء في سفر سنهدرين (67ب) أن عربياً امتشق السيف وقطع به الناقة، ثم قرع جرساً فنهضت دون وجود آثار عليها. والعرب، حسبما جاء في التلمود، خبراء في الطب، وخصوصاً الطب الشعبي. ويرد في التلمود العديد من القصص الطريفة والأعاجيب عن العرب. وهناك قصص ليست في صالح راويها الحاخامي إذ أن بعضها يدل على خبرة العرب وبراعتهم واحترامهم موتى اليهود أكثر من احترام الحاخام إياهم. وأخيراً، فقد جاء في سفر السبت (11 أ) القول التالي: "لا بأس من الخضوع لحكم واحد من أبناء إسماعيل بدلاً من حكم الغريب [أي الأدومي]". وبحسب ما جاء في حاشية الشارح، فإن المقصود بذلك هو تفضيل الحكم العربي على البيزنطي، وهو ما يشكل أساساً تلمودياً للمصالحة مع العرب بل قبولهم حكاماً! 
هذه بعض الأفكار والموضوعات الأساسية في التلمود. ويجب أن نقرر مع جيمس باركس، وهو مؤرخ غير يهودي متعاطف مع اليهودية، قوله: «إنه لم يكن من الصعب أن يقتبس أي دارس للتلمود، وبيسر شديد، كثيراً من الآراء والمشاعر التافهة والمضحكة بل الكريهة، وبوسعه أن يفعل ذلك دون أن يخطئ في الاستشهاد أو يزيف السياق، إذ أن مثل هذه النصوص توجد في الأدب الحاخامي [الجيولوجي] الضخم وغير المترابط». ونحن إذا وافقناه على رأيه هذا، فلن نحيد عن طريق الصواب، فهذا أيضاً هو رأي الحاخام جيكوب آجوس أحد أهم مؤرخي اليهودية. 
وهذا هو أيضاً رأي المؤلف اليهودي الصهيوني برنارد لازار، الذي وصف التلمود بأنه "كتاب ضد المجتمع". وقد لعب دوراً حاسماً في تحويل اليهود إلى شعب واحد، فهو الذي صنع النفس اليهودية وصاغ خصائصها، وهو "خالق الجنس أو صانع العنصر اليهودي"، و"هو الذي علَّم اليهود الاستعلاء والتفوق المليء بعصبية ضيقة وضارية". ولعل مثل هذه الآراء، التي تفسر سلوك اليهود في إطار بعض ما جاء في التلمود، هي المسئولة عن موقف المعادين لليهود الذين يجعلون كل يهودي في كل زمان ومكان مسئولاً عما ورد فيه من آراء متعصبة. ومثل هذا الرأي ينم عن عدم إدراك لطبيعة التلمود أو طبيعة علاقة اليهودية به. فالتلمود ليس كلاًّ متجانساً، كما أن اليهود ليسوا على معرفة بما جاء فيه ككل، وهو لا يحدِّد سلوك اليهود كافة في كل زمان ومكان. والواقع أن من يحوِّل التلمود إلى نموذج تفسيري لسلوك اليهود أو أعضاء الجماعات اليهودية (كما يفعل كثير من الدارسين)، يكون قد حكم على نفسه بالانفصال عن الواقع والفشل الذريع في التنبؤ.
ســــــمات التلــــــمود الأساســـــية Essential Characteristics of the Talmud 
حينما يتم تناول أي نص أياً كانت قداسته، لابد أن يؤخذ في الاعتبار سياقه التاريخي، فلا يمكن فهم ما جاء في العهدين القديم والجديد إلا بفهم الوضع في فلسطين منذ التسلل العبراني في كنعان حتى ظهور المسيح، ولا يمكن فهم ما يقوله المسيح (رغم أهميته الدينية والأخلاقية المطلقة) إلا بإدراك الأبعاد التاريخية في أقواله. فالمطلق رغم مطلقيته، لابد أن يتبدَّى من خلال النسبي (في لحظات) إذ أن الإنسان الذي يعيش في التاريخ لا يمكنه أن يدرك المطلق إلا من خلال النسبي. ورؤية المطلق في علاقته بالنسبي، والإلهي في علاقته بالتاريخي، لا تعني بالضرورة أن يُردَّ الأول برمته إلى الثاني، وإنما تعني أن الثاني هو المجال الذي يتبدى من خلال الأول. وإذا كان هذا ينطبق على الكتب الدينية (المقدَّسة)، فهو لا شك ينطبق بشكل أكبر على كتب الشروح والتفسير، مهما خلعت على نفسها من قداسة وإطلاق. والتلمود هو، في نهاية الأمر، كتاب تفسير وضعته القيادة الدينية لأقليات متناثرة كانت تعيش في قلق وخوف وإحساس بالخطر المحدق بها (الحقيقي والوهمي) في عصور لم يكن يُعترَف فيها بحقوق أعضاء المجتمع، ناهيك عن حقوق أعضاء الأقليات، تلك الأقليات التي كانت تلعب دور الجماعة الوظيفية المرتبطة بالطبقة الحاكمة، ولكنها كانت غير محبوبة منها، كما كانت قريبة من الطبقات الشعبية ولكنها مكروهة منها. 
لقد كانت هذه الجماعة تعيش، إذن، في عزلة عن الجميع (وكان التلمود من أهم وسائل هذا العزل). وقد نتج عن هذا الوضع إحساس زائد بالذات، ولذا فَقَد أعضاء الجماعات اليهودية وقياداتهم قدراً كبيراً من علاقتهم بالواقع وانفصل فكرهم عنه، وأصبح التلمود مجالاً للتعويض عما يلاقونه من اضطهاد، فتحوَّل التلمود إلى صياغـات لفظية يمارسـون من خـلالها الانتقام من أعدائهم، عن طريق الحط من شأنهم وإظهار التفوق اليهودي، وخصوصاً في آخر الأيام بعد عودة الماشيَّح حيث يبطشون ويبطش ربهم بكل أعدائهم. وقد كان شراح التلمود ينغمسون في هذه التهويمات اللفظية في الوقت الذي كانوا يعانون فيه صنوف العذاب ويُعامَلون معاملة الحيوان في بعض الأحيان. ومما له دلالته العميقة أن التلمود البابلي أكثر تسامحاً تجاه الأغيار من التلمود الفلسطيني، نظراً لأن وضع أعضاء الجماعة اليهودية في بابل كان أفضل من وضع أعضاء الجماعة في فلسطين، الأمر الذي صعَّد حدة العمليـة الانتقاميـة التعويضية في فلسطين وخفف من حدتها في بابل. والتلمود كان يُكتَب بلغة أو لغات ميتة لا تفهمها الشعوب التي كان اليهود يعيشون بين ظهرانيها، كما أن عدم وجود الطباعة ووسائل النشر ذات الإمكانيات العالية كان يجعل الحصول على نسخة من التلمود مسألة صعبة، فتحوَّل التلمود إلى جيتو لفظي يمارس فيه اليهودي حريته الوهمية كاملة! 
وقد بدأت عملية التفسير والتعليق على العهد القديم حين كان اليهود يعيشون في وسط حلولي وثني مشرك، الأمر الذي جعل نبرة الفتاوى والشروح الحاخامية الأولى بشأن الأغيار حادة رافضة، وهي حدة تعود إلى العهد القديم نفسه حين وجد اليهود أنفسهم مكروهين يعيشون بين شعوب وثنية (كنعانيين ثم بابليين وفرس وهيلينيين ورومان) وتحت هيمنتها أحياناً، ويشكل التعامل معهم خطراً على الدين التوحيدي الجديد. ومن هنا جاءت النظرة المتطرفة إلى الأغيار، والتي تُسوِّغ الاستيلاء على أملاك الوثنيين وتستنكر تقديم أيِّ نوع من المساعدة إلى عبدة الأصنام. ورغم أن المجتمعات التي كان يعيش فيها أعضاء الجماعات قد تغيَّرت بعد أن تبنت ديانات سماوية توحيدية، فإننا نجد أن اليهودية وقد تحولت إلى عقيدة أقلية، مهددة، تود الحفاظ على هويتها، وتبنت رؤية حلولية متعالية للذات مقابل الآخر. وحدث الخلط بين عبدة الأوثان والمسيحيين، كما يظهر في إشكالية العكوم، فقد وُجِّه إلى التلمود اتهام بأن كلمة «عكوم» الواردة فيه ليست في حقيقتها اختصاراً للعبارة العبرية «عوفيد كوخانيم أومزالوت»، أي «عابد الكواكب وأبراج النجوم»، وإنما اختصار لعبارة «عبودت كريستوس وميريام»، أي «عبدة المسيح ومريم»، أي «المسيحيين». والمسألة موضع نقاش ونظر ولكنها تبين طبيعة الخلط. 
ويتكون التلمود من نص، وشرح، وتعليق، وتعليق على التعليق، وإضافات شتى. وقد استمرت عملية وضعه مئات الأعوام في أزمنة وأمكنة مختلفة، ربما ابتداءً من التهجير إلى بابل حتى تم الانتهاء من تدوينه وإضافة التعليقات في القرن الثاني الميـلادي. واستمرت التعليقات حتى نهاية القرن التاسع عشر، أي أن كتابته استمرت عبر التاريخ واشترك فيها ما يزيد على ألف حاخام. فهو يتكون، إذن، من تراكم مستويات على مستويات أخرى دون أن تتفاعل معها بالضرورة مثل تراكم الطبقات الجيولوجية. ولذا، يمكننا أن نقول إن التلمود ليس الثمرة النهائية للتفكير بقدر ما هو عملية التفكير نفسها، ولكنه على أية حال ليس تفكيراً يتسم بحد أدنى من الوحدة، بل ينبع من حركيات اجتماعية وثقافية واقتصادية مختلفة ويتأثر بها. واستمرت عملية التراكم هذه دون حذف الأفكار الانعزالية الكريهة التي عبر عنها بعض الحاخامات بغير رقابة ذاتية أو خارجية عليها. وقد عمَّق هذا الاتجاه تلك القداسة التي خلعها التلمود على نفسه. وقد أدَّى هذا إلى أن عملية التحرير، والتغيير والتعـديل، أصبحـت أمراً مسـتحيلاً لا يمكـن حتى التفكير فيه، فالنص المقدَّس لا يصح تعديله أو الخوض فيه أو تبديله. 
ومع هذا، فقد جرت محاولة لإعادة صياغة التلمود تهدف إلى تضييق المجال الدلالي لبعض الكلمات، بحيث تحل الكلمة المحددة محل الكلمة العامة حتى لا ينطبق ما جاء فيه من آراء وأحكام على كل الناس في كل زمان ومكان، وبحيث يضيق المجال الدلالي لكلمة مثل «الأغيار» وتحل محلها كلمة «الكنعانيين»، أو «البابليين». 
ولكل ما تقدَّم، لا يتسم التلمود بالاتساق الداخلي، إذ يحوي داخله العديد من الأفكار والأطر الفلسفية المتناقضة. فثمة تعارض بين العقل والطبقة التوحيدية من جهة والنزعة الحلولية من جهة أخرى، وهناك الاهتمام المفرط بالطقوس مقابل الاهتمام بالتجربة الدينية الداخلية. وهناك من النصوص ما يؤيد هذا الموقف أو ذاك. وقد أشرنا أثناء عرضنا بعض أفكار التلمود الأساسية إلى أفكار مثل الشعب المختار وضرورة العودة إلى أرض الميعاد، بل إلى أفكار أكثر تطرفاً تحمل الضغينة والكراهية نحو الآخرين. وقد أشرنا إلى أن التلمود يضم أيضاً أفكاراً متناقضة جداً تتصل بهذه الأفكار المحورية نفسها. ويقتصر المعادون لليهود عادةً على اقتباس الأفكار السلبية الحلولية الانعزالية والمتعالية وحدها متجاهلين الأفكار الإنسانية. وحتى نبين مدى عمق ذلك التناقض، يمكننا أن نقتبس من التلمود بعض النصوص ذات البعد الإنساني العميق التي تتجاوز الانعزالية والحلولية. وسيُلاحَظ على سبيل المثال أن الاختيار يكتسب أبعاداً دينية عالمية، إذ أن الإله سينزل العقاب باليهود: "إن لم يتحدثوا عن قداسته للعالمين". فقد نُفيت جماعة يسرائيل وشُتِّتَتْ بهدف واحد هو "الدعوة لليهودية وكسب المتهودين" (بساحيم 87ب). وهذه النزعة التبشيرية، التي تحدد اليهودية باعتبارها عقيدة لا باعتبارها ميراثاً عرْقياً وإثنياً، تفترض تساوي البشر وتتجاوز الحلولية التي ترى أن الإله محصور بين اليهود مقصور عليهم، وقد تبنت اليهودية الإصلاحية هذا الموقف من عملية التهويد. 
وتصل الإنسانية قمتها في ذلك النص الذي جاء فيه أن الروح القدس تستقر على الجميع، اليهودي وغير اليهودي، الرجل أو المرأة، العبد والجواري، كل امرئ "حسب أفعاله". كما جاء في جطين (616) أن أحـد الحاخـامات أوصى بإطـعام فـقراء الأغيـار مع فـقراء اليهـود، "وبزيارة مرضاهم مثلما نزور مرضانا، وأن يُدفَن موتاهم مع موتانا حتى ندعم سبل السلام".
ومن الأمور الأخرى التي تُعاب على التلمود، باعتباره أحد الكتب الدينية، أنه يتناول من الموضوعات ما قد يرى البعض، استناداً إلى تجربتهم الدينية، أنها لا علاقة له بالدين مثل الطب وطريقة شراء العبيد. ولكن ما هو مقدَّس لا يوجد بمعزل عما هو دنيوي. كما أن كل نمـوذج ديني يُعرِّف ما هـو ديني ومقدَّس وما هـو دنيوي بطريقتـه الخاصة. وقد اتسع نطاق القداسة في اليهودية بسبب الطبقة الحلولية داخلها ليضم كثيراً من مناحي الحياة. فالأوامر والنواهي (متسفوت) والبالغ عـددها 613 تغـطي تقـريباً كل كبيرة وصغيرة في حياة اليهودي. كما أن التلمود ليس كتاباً دينياً وحسب، وإنما هو أيضاً كتاب فلكلور الجماعات اليهودية. والواقع أن تناقضاته الداخلية لا تنصرف إلى موضوعاته ومنطلقاته الدينية والفلسفية وحسب وإنما تنصرف أيضاً إلى نوعه أو جنسه الأدبي، فهو كتاب فقه وقصص وحكم وأمثال. وعلى قارئ التلمود ودارسه أن يفرق بين ما هو ديني وما هو شعبي. 
وفي نهاية الأمر، لابد أن نشير إلى أن كثيراً من الأقوال والأحكام التي وردت في التلمود لا علاقة لها بأي واقع محدد، وإنما هي أحكام خاصة بالهيكل بعد تشييده، أو بدلائل آخر الأيام، وما سيحدث فيها فيما بعدها، الأمر الذي يجعل علاقتها واهية بالسلوك السياسي للأفراد والجماعات. كما أن قضية التفسير أساسية حينما نتناول أي نص ديني. ورغم أن التلمود هو نفسه تفسير، فإنه يخضع دائماً لعملية تفسير من قبل الحاخامات (وتنطوي عملية التفسير على انتقاء واختيار واسـتبعاد). ولما كان التلمـود كتاباً ضخـماً متناقضـاً، فهـو بالضـرورة «حمَّال أوجه»، ويمكن أن يُفسَّر بألف طريقة. وفي كثير من المختارات التي تَصدُر في العصر الحديث، يُلاحَظ أن محرريها يستبعدون العبارات الجارحة والأفكار الكريهة والمواقف العنصرية ويفسرون ما قد يرد منها تفسيراً يضفي عليها معاني إنسانية. وقد تهدف عملية الانتقاء والتفسير هذه إلى إخفاء الجوانب السلبية للتلمود، حتى لا تسبب حرجاً لليهود، ولكن الإحساس بالحرج نفسه يدل على الرغبة في الابتعاد عن المضمون الحلولي العنصري المتعالي.
التلمــود وأعضــاء الجماعــات اليهوديـــة The Talmud and the Jewish Communities 
يفترض المعادون لليهود الذين يهاجمون أعضاء الجماعات اليهودية بسبب ما جاء في التلمود، أن كل يهودي قد درس التلمود بعناية فائقة، وأنه يُخْضع كل حركاته وسكناته لما ورد فيه من تعاليم سلبية. لكن هذا تصوُّر ساذج وتبسيط آلي، فما يحدد سلوك فرد ما، يهودي أو غير يهودي، ليس كتبه الدينية ومُثُله العليا وحسب وإنما مركب هائل من الأسباب التاريخية (الاقتصادية والاجتماعية) التي تختلف باختلاف الزمان والمكان. ولا يمكن فهم سلوك العرب المحدثين في ضوء ما جاء في تراثهم الديني، أو في ضوء ميثاق جامعة الدول العربية، رغم أهمية كل ذلك في تحديد هذا السلوك. والواقع أن دراسة التلمود مسألة شاقة للغاية تتطلب معرفة بالقراءة والكتابة باللغتين العبرية والآرامية، وهما لغتان ساميتان يصعب على الإنسان غير المتخصص دراستهما في الوقت الحاضر. ولذا، لم يكن يقرأ التلمود سوى أعضاء النخبة المتعلمة التي كانت في المراكز الدينية. أما جماهير اليهود، فكانت لا تعرف ما جاء فيه لأنها لم تكن تملك المقومات الثقافية لذلك. بل إن صغار الحاخامات أنفسهم الذين وجدوا في القرى المتناثرة، أو أولئك البعيدين عن المدارس التلمودية العليا، لم يكونوا يعرفون ما جاء فيه. 
وقد تكون علاقة أعضاء أكبر جماعة يهودية في العالم (أي يهود بولندا) في بدايات العصر الحديث بالتلمود مثلاً جيداً على طبيعة العلاقة بين اليهود وهذا المجلد الضخم (التلمود). فقد انتشر اليهود، في القرن السادس عشر، في الشتتلات التي شيدها النبلاء البولنديون (شلاختا) في أوكرانيا وغيرها، فعاشوا بجوار الفلاحين الأوكرانيين المسيحيين السلاف بعيداً عن مراكز الدراسات التلمودية، واكتسبوا عبر السنوات سمات الفلاحين الذين كانوا يعيشون بينهم ومنها فلكلورهم الشعبي وبعض معتقداتهم الدينية (والواقع أن التمييز بين معتقدات دين ومعتقدات دين آخر مسألة صعبة بعض الشيء على المستوى الشعبي، كما أن الديانات الشعبية تركيبات جيولوجية تتسم في معظمها بالحلولية). ولقد أدَّى هذا الوضع إلى انتشار الحركات المشيحانية والصوفية بين اليهود ابتداءً من القرن السابع عشر، وهي حركات شعبية يهودية كانت موجهة ضد المؤسسة الحاخامية التلمودية الأرستقراطية، وكانت تجد تربة خصبة في الأطراف (وخصوصاً في مقاطعة بودوليا) بعيداً عن سلطة المؤسسة. وفي التربة نفسها، ظهرت الحركة الفرانكية والحركة الحسيدية، وكلتاهما حركتان شعبيتان ترفضان سلطة التلمود. وقد كان الفرانكيون يطلقون على أنفسهم اسم «الزوهاريين» نسبة إلى كتاب الزوهار القبَّالي. وقد انضم إلى هذه الحركات أساساً صغار التجار والحرفيين وصغار الحاخامات الذين لم تكن لهم علاقة كبيرة بالمؤسسة التلمودية الأرستقراطية. 
ومع تحديث أغلبية اليهود وعلمنتهم التدريجية داخل الحضارة الغربية، ومع انتقاد اليهودية الإصلاحية للتلمود ورفضها له، ضعفت العلاقة بين اليهود والتلمود حتى اختفت تماماً بالنسبة إلى الأغلبية العظمى. فالأمريكيون اليهود (اليهود الجدد) والإسرائيليون لا يعرفون ما جاء في التلمود، ويُصدَم كثير منهم حينما تُذكَر أمامهم بعض أقواله. ويبدو أن أهم مفكرين دينيين يهوديين في العصر الحديث، مارتن بوبر وفرانز روزنزفايج، لم يدرسا التلمود، وربما لم يقرآه كاملاً. وقد حصل بوبر على أول نسخة منه في عيد ميلاده الستين! وفي استطلاع للرأي أُجري في إسرائيل صرح 84% ممن شملهم الاستطلاع أنهم لم يقرأوا التلمود قط. 
لكل ما تقدَّم، يجب ألا تُجرَّد النصوص التلمودية من سياقها، وألا يُجرَّد التلمود نفسه من سياقه التاريخي، بل يجب أن يُنظَر إليه في كليته لا ككتاب ديني وحسب وإنما أيضاً ككتاب أدب شعبي لا يتسم بكثير من التناسق أو التجانس، كما يجب أن يُقرأ باعتباره كتاباً يحوي الفكرة ونقيضها، وباعتباره كتاباً لا يحدد وحده سلوك الفرد اليهودي الذي عادةً ما يجهل ما جاء فيه. والواقع أن استخدام التلمود كنموذج تحليلي ينم عن الكسل الفكري، فهو رفض للتعمق في كلية الظاهرة اليهودية وتركيبيتها وتنوعها بحيث يصبح كل أعضاء الجماعات اليهودية في كل زمان ومكان مجرد يهود، ويصبح المحدد الأساسي لسلوكهم هو التلمود (وهذا ضرب من ضروب الحلولية المعرفية إذ يتم اختزال الواقع بأسره إلى مستوى واحد ويتم القضاء على التعددية وعلى كل الثنائيات). وينجم عن هذا، بطبيعة الحال، فشل كامل في رصد سلوك أعضاء الجماعات اليهودية أو التنبؤ به. 
كتب التفسير (مدراش) Midrash 
«مدراش» من الكلمة العبرية «درش»، أي «استطلع» أو «بحث» أو «درس» أو «فحص» أو «محص». 
والكلمة تُستخدَم للإشارة إلى ما يلي: 
1 ـ منهـج في تفسير العهـد القديم يحاول التعمق في بعض آياته وكلماته، والتوسع في تخريج النصوص والألفاظ، والتوسع في الإضافات والتعليقات، وصولاً إلى المعاني الخفية التي قد تصل إلى سبعين أحياناً. وهناك قواعد مدراشية للوصول إلى هذه المعاني. ومثل هذه المعاني الخفية، تُذكَر دائماً مقابل الـ «بيشات» أي «التفسير الحرفي». 
2 ـ ثمرة هذا المنهج من الدراسات والشروح، فالتلمود مثلاً يتضمن دراسات مدراشية عديدة، بمعنى أنها اتبعت المنهج المدراشي. ولكن هناك كتباً لا تتضمن سوى الأحكام والدراسات والتفسيرات المدراشية المختلفة ويُطلَق عليها أيضاً اسم «مدراش». 
ويُفترَض أن مثل هذه الكتب المدراشية تعود إلى تواريخ قديمة شأنها في هذا شأن كل فروع الشريعة الشفوية. ويبدو أن العلماء المعروفين باسـم الكتبة (سـوفريم)، بدأوا بعد العـودة من بابل بزعامة عزرا، في دراسة التفسيرات التقليدية للشريعة المكتوبة، وأخذوا يطبقونها على الاحتياجات اليومية للجماعة اليهودية، واستمروا في ذلك حتى بداية ظهور معلمي المشناه (تنائيم). وقد ازدهر الأدب المدراشي في عصر معلمي المشناه (تنائيم)، لكن البدء في تدوين كتب المدراش لم يحدث إلا بعد عدة قرون من إلقاء المواعظ. 
وهناك نحو أربع وعشرين مجموعة مدراشية يمكن تقسيمها إلى عدة أقسام حسب المرحلة التاريخية: 
1 ـ الكتب المدراشية المبكرة (وتم جمعها في الفترة 400 ـ 600). 
2 ـ كتب المرحلة الوسطى (640 ـ 1000). 
3 ـ كتب المرحلة المتأخرة (1000 ـ 1200). 
وهناك مختارات مدراشية من القرن الثالث عشر، إلى جانب مواعظ مدراشية يمكن أن ترد في مجموعات مدراشية مختلفة أو في الجماراه. 
وتنقسم كتب المدراش إلى نوعين: 
1- المدراش التشريعي الهالاخي (مشنوي)، وهي كتب المدراش التي تتضمن، أساساً، المبادئ الهادية إلى أحكام الشرع الديني (هالاخاه) - 
وهي تعليق على النصوص الشرعية، ومن أهمها: 
أ) المخيلتا، وهذه كلمة آرامية تعني «المعيار» أو «المكيال» أو «الوعاء»، وتتضمن تسعة أبواب تُعالَج فيها أحكام شرعية موجودة في نص الكتاب المقدَّس (سفر الخروج) وتبدأ بالإصحاح رقم 12، وترجع المخيلتا إلى القرن الرابع أو القرن الخامس الميلادي. 
ب) مخيلتا الحاخام شمعون بن يوحاي، وهي أيضاً تدور حول ما جاء في سفر الخروج من أحكام. 
جـ) السفرا، أي «الكتابة» أو «الكتاب»، ويُسمَّى أيضاً «توراة الكهنة»، وهو تعليق على سفر اللاويين. 
د) السفري (جمع سفرا)، وهو تعليق على سفر العدد، ابتداءً من إصحاحه الخامس، وعلى سفر التثنية بكامله. 
هـ) سفر زوتا، وهو عن سفر العدد وحده. 
ويختلف المخيلتا والسفري، عن بقية الكتب المدراشية، في المصطلح والمنهج. ويجب هنا أن نذكر ما يُسمَّى «مدراش معلمي المشناه (تنائيم)»، وهو تعليق على سفر التثنية ويتألف من فقرات مدراشية متفرقة وُجدت ضمن مختارات عُثر عليها في اليمن وتُسمَّى «مدراش هاجَّادول» أي «المدراش الأكبر». 
ـ المدراش الأجادي، وهي التي كتبها الشراح (أمورائيم) وتتكون من المواعظ التي ألقوها في المعابد،واتبعوا فيها الأسلوب الأجادي أو الشرح القصصي على سبيل الوعظ.ومن أهم كتب المدراش الأجادية «مدراش رابا» (المدراش الكبير) الذي يتضمن أسفار موسى الخمسة، وتُدعى «بريشت (تكوين) راباه» و«شيموت (خروج) راباه» وهكذا في نشيد الأنشاد وراعوث وإستير وغيرها. وهناك مصنفات مدراشية أجادية أخرى مثل مدراش تنحوما ومدراش جالوت. 
ويتكون التلمود أساساً، وخصوصاً المشناه، من أحكام مدراشية، ولكنه يتميَّز عن هذه الكتب المدراشية بأنه عبارة عن مناقشات وشروح تدور حول نصوص الأحكام الشرعية الناتجة من التفسير المدراشي بحيث لا يستند الشرح والتفسير إلى نصوص العهد القديم استناداً تاماً. فالمشناه تقدم الشريعة مجردة دون الأصل التوراتي، على عكس المدراش الذي يفسِّر نصاً أو نصوصاً توراتية. والاستخدام الشائع الآن لكلمة «مدراش» هو المدراش بالمعنى الأجادي أو القصصي الوعظي. ويُقال إن يهود المدينة في عصر البعثة المحمدية كانوا لا يعرفون التلمود وكانوا يتداولون فيما بينهم بعض كتب المدراش. 
المشــناه Mishnah 
«مشناه» كلمة عبرية مشتقة من الفعل العبري «شنَّاه» ومعناه «يُثنِّي» أو «يكرر». ولكن، تحت تأثير الفعل الآرامي «تانا»، صار معناها «يدرس». ثم أصبحت الكلمة تشير بشكلٍّ محدد إلى دراسة الشريعة الشفوية، وخصوصاً حفظها وتكرارها وتلخيصها. والمشناه مجموعة موسوعية من الشروح والتفاسير تتناول أسفار العهد القديم، وتتضمن مجموعة من الشرائع اليهودية التي وضعها معلمو المشناه (تنائيم) على مدى ستة أجيال (10ـ 220). 
وتُعَدُّ المشناه مصدراً من المصادر الأساسية للشريعة، وتأتي في المقام الثاني بعد العهد القديم الذي يُطلَق عليه لفظ «مقرا» (من «قرأ») باعتبار أن العهد القديم هو الشريعة المكتوبة التي تُقرأ. أما المشناه، فهي الشريعة الشفوية، أو التثنية الشفوية، التي تتناقلها الألسن، فهي إذن تكرار شفوي لشريعة موسى مع توضيح وتفسير ما التبس منها، ولابد من دراسـته (وتسـمية العهد القديم بالمقرا حدثت في العهد الإسلامي، وهي صدى للتفرقة بين القرآن والسنة، فظهرت التفرقة بين المقرا والمشناه). ولهذا، فإن المشناه تُسمَّى «الشريعة الثانية». وتتضارب الآراء المتصلة بمدلول كلمة «مشناه»، فيذهب البعض إلى أنها تشير إلى الشريعة الشفوية بكاملها (مدراش وهالاخاه وأجاداه). ولكن الرأي الآن مستقر على أن المشناه تعني الهالاخاه فقط، حتى أن كلمتي «مشناه» و«هالاخاه» أصبحتا مترادفتين تقريباً. ومع هذا، فإن هناك فقرات أجادية في نهاية كل قسم من أقسام المشناه. وعلى أية حال، فإن فقرة واحدة تتضمن سنة واحدة في الفقهيات التشريعية يُسمَّى «مشناه» وجمعها «مشنايوت». أما كتاب المشناه ككل فيشار إليه أحياناً بأنه «هالاخاه» وجمعها «هالاخوت». 
وقد دوِّنت المشناه نتيجة تراكم فتاوى الحاخامات اليهود (معلمي المشناه) وتفسيراتهم وتضاعفها كمياً بحيث أصبح من المستحيل استظهارها، فبدأ تصنيفها على يد الحاخام هليل (القرن الأول الميلادي)، وبعده الحاخام عقيبا ثم مائير. أما الذي قيدها في وضعها الحالي كتابةً، فهو الحاخام يهودا الناسي (عام 189م) الذي دونها بعد أن زاد عليها إضافات من عنده (ولكن هناك من يقول إنه لم يدونها رغم اقترانها باسـمه، وقد ظـلت الأجيـال تتناقـلها حتى القرن الثامن الميلادي). ويتكون كل من التلمود الفلسطيني والتلمود البابلي من المشناه والجماراه. ووجه الاختلاف بينهما في الجماراه، أما المشناه فهي مشتركة بين التلمودين. والواقع أن لغة المشناه هي تلك اللغة العبرية التي أصبحت تحتوي على كلمات يونانية ولاتينية وعلى صيغ لغوية يظهر فيها تأثر عميق بقواعد الآرامية ومفرداتها، وتُسمَّى عبرية المشناه. ويصل حجم المشناه في الترجمة الإنجليزية إلى 789 صفحة. ولذا، ورغم أنها تعليق على العهد القديم، فإنها أكبر منه حجماً. ويجب التمييز بين المشناه والمدراش، فالمدراش (حتى التشريعي الهالاخي) تعليق على النصوص التوراتية نفسها، أما المشناه فتهدف إلى تقديم المضمون القانوني للشريعة الشفوية بشكل مجرد ودون العودة إلى النصوص التوراتية. 
وتنقسم المشناه إلى ستة أقسام )سداريم): 
1 ـ سدِّر زراعيم، أي البذر أو الإنتاج الزراعي: 
ويُعنى بالقوانين الدينية الخاصة بالزراعة والحاصلات الزراعية وبنصيب الحاخام من الثمار والمحصول. 
2 ـ سدِّر موعيد، أي العيد: 
ويُعنى بالأعياد (والسبت)، والأحكام الخاصة بها. 
3 ـ سدِّر ناشيم، أي النساء: 
وفيه النظم والأحكام الخاصة بالزواج والطلاق. 
4 ـ سدِّر نزيقين، أي الأضرار:
ويتناول الأحكام المتعلقة بالأشياء المفقودة والبيع والمبادلة والربا والغش والاحتيال، كما يُعنى بالحديث عن عصر المسيح ومحاكمته وصلبه. وهذا الكتاب موضع اهتمام الذين حاولوا إرجاع ما يُسمَّى «الأخلاق اليهودية» إلى تعاليم التلمود. 
5 ـ كتاب قُدَاشيم، أي المقدَّسات:
ويحوي الشرائع الخاصة بالذبح الشرعي، والطقس القرباني وخدمة الهيكل. ويُقال إن واضعي المشناه قد أدركوا أنه (بعد القضاء على ثورة بركوخبا) لم يَعُد هناك احتمال في المستقبل القريب لإعادة بناء الهيكل، ولذا فقد وضعوا القوانين الخاصة بالهيكل على مستوى آخر حيث أصبحت دراسة قوانين الهيكل بديلاً دينياً للطقوس المقدَّسة التي يقوم بها الكهنة في المعبد. 
6 ـ كتاب طهاروت أو الطهارة: ويعالج أحكام الطهارة والنجاسة. 
وهذه الكتب الستة أو السداريم (جمع سدر)، أصبحت تُسمَّى «شيشا سداريم»، وهي تنقسم بدورها إلى أحكام فرعية أو مباحث تُسمَّى «ماسيختوت»، ومفردها «مسيخت»، وهي من جذر آرامي بمعنى «نسج»، أو «حاك»، ويُقال لها أيضاً «الأسفار» أو «المقالات». ويتناول كل كتاب موضوعاً بعينه في عدة فصول أو براقيم أو مفاصل. ويتألف كل فصل بدوره من فقرات عديدة تُعرف باسم «هالاخوت» (جمع هالاخاه) وهي الأحكام الشرعية. 
ويرى واضعو المشناه أنها جزء لا يتجزأ من الوحي الذي تلقاه موسى، فهي التوراة (أو الشريعة الشفوية) لا بمعنى أن بعض أجزائها تلقاه موسى شفاهة في سيناء ثم تم تناقلها شفاهة عبر الأجيال من حاخام إلى آخر، وإنما بمعنى أن تقاليد التوراة الشفوية لا تزال مستمرة حتى وقتنا هذا. بل يرى بعض العلماء اليهود أن المشناه هي المقابل اليهودي للعهد الجديد، فكلاهما إكمال للعهد القديم وشريعة موسى. والمشناه هي، في الواقع، الرد اليهودي على العهد الجديد. بل إن بعض العلماء اليهود يرون أن المشناه، شأنها شأن المسيح، هي تجسيد للعقل الإلهي، أي أنها اللوجوس (الكلمة). وإذا كان المسيح هو اللوجوس، وقد أصبح بشراً، فإن هذا التجسيد يأخذ في المشناه شكل لغة قانونية متزنة تشكل وتنظم مسار الواقع. 
وقد ظلت المشناه أهم كتب اليهود المقدَّسة والمصدر الحقيقي للتشريع والأحكام والفتاوى، رغم كل الأبهة الشعائرية التي تحيط بالعهد القديم. ومع هذا، فإن المشناه بدأت تفقد منذ القرن السادس عشر، مثلها مثل باقي أقسام الشريعة الشفوية ككل، شيئاً من أهميتها ومركزيتها، وذلك مع شيوع القبَّالاه وازدياد نفوذ القبَّاليين الذين أخذوا يهاجمون الحاخامات ويُصدرون الفتاوى استناداً إلى الزوهار وأقوال لوريا. وكان القبَّاليون يشيرون إلى المشناه بأنها «مقبرة موسى» ويشيرون إلى الحاخام بلفظ «الحمار المشناوي» (لأنه ينوء تحت طقوس المشناه ويكررها أحياناً دون فهم لمعناها). 
يتبع إن شاء الله...


الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)    الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  Emptyالإثنين 06 يناير 2014, 11:55 am

الجـماراه Gemara 
«جماراه» كلمة آرامية تعني «التتمة» أو «التكملة» أو «الدراسة». وهي عبارة عن التعليقات والشروح والتفسيرات التي وضعها على المشناه الفقهاء اليهود الذين يسمَّون بالشراح (أمورائيم) في الفترة 220 ـ 500م. وهي تأخذ عادةً شكل أسئلة وأجوبة. وتُعَدُّ الجماراه جزءاً من الشريعة الشفوية. لكن تسميتها بالجماراه، أي «المكملة»، هي من قبيل المجاز، فالشراح لم يكتفوا بالتفسير والتوضيح فحسب، بل قاموا بالتعديل حتى تطابق المشناه ظروف الزمان والمكان، أي أنهم فعلوا بالمشناه ما فعله رواة المشناه بالعهد القديم. وكما أن المشناه أطول من العهد القديم، فإن الجماراه أطول من المشناه. وهناك جماراتان إحداهما فلسطينية والأخرى بابلية. ويبلغ عدد كلمات الأولى نحو ثلث عدد كلمات الثانية. وفي القرن الرابع، نسقت مدارس فلسطين التلمودية شروحها في الصورة المعروفة بالجماراه الفلسطينية. أما الجماراه البابلية، وهي أطول من المشناه عشر مرات، فقد جُمعت في مائة عام كاملة، وظل الحاخامات المفسرون (صبورائيم) نحو مائة وخمسين سنة أخرى يراجعون هذه الشروح الضخمة ويصقلونها حتى أخذت صورتها التي لدينا. 
ووجه الاختلاف بين التلمود البابلي والتلمود الفلسطيني ماثلٌ في الجماراه وليس في المشناه، فالمشناه مشتركة بينهما. ولما كانت الجماراه البابلية أكمل وأشمل من الجماراه الفلسطينية، ويزيد حجمها على حجم الجماراه الفلسطينية، فإن التلمود البابلي هو التلمود المتداول الآن بين اليهـود، وهو الكتاب القيـاسي عندهم. والواقع أن كلمة «التلمود»، في الأوساط العلمية، تشير إلى الجماراه وحسب. ولغة الجماراتين هي الآرامية (الآرامية الشرقية في حالة التلمود البابلي والآرامية الغربية في حالة التلمود الفلسطيني)، وقد كُتبتا بأسلوب إيضاحي بسيط. وإذا كان معظم المشناه تشريعياً قانونياً هالاخياً، فإن الجماراه تجمع بين القانون والمواعظ والقصص (أجاداه). 
التشريع والشريعة Halakhah 
مصطلح «التشريع» هو المقابل العربي لكلمة «هالاخاه» العبرية. وهذا المصطلح يعني «القانون» أو «التشريع». وكلمة «هالاخاه» من أصل آرامي، ومعناها الحرفي هو «الطريق القويم»، وإن كان يُقال في التفسيرات الحديثة إن معنى الكلمة الأصلي هو «الضريبة» أو «القاعدة الثابتة». وكلمة «هالاخاه» لها معنى ضيق، وقد ورد لأول مرة في كتابات معلمي المشناه (تنائيم) وكانت تعني في بداية الأمر «الحكم الشفهي الذي يصدره الفقهاء» ثم أصبحت تشير إلى «الفقرة الواحدة المُتضمَنة في سنة واحدة في الفقهيات الشرعية». ثم أصبحت الكلمة تشير إلى الجانب التشريعي لليهودية ككل (وضمن ذلك الشريعة الشفوية) بحيث أصبحت تشمل في نطاقها العرف والعادة والقوانين المحلية والمراسيم الشرعية وهي في ذلك مثل كلمة «لو Law» في الإنجليزية أو «قانون» في العربية، فيمكن أن نشير مثلاً إلى «قانون العقوبات»، وإلى «القانون الجنائي» كما يمكن أن نشير إلى «القانون» بشكل عام. وهكذا يُقال: "ما الهالاخاه المتصلة بهذا الموقف؟"، أي "التشريع الخاص بهذا الموقف"، كما يمكن القول "لقد امتلك فلان ناصية الهالاخاه" أي "التشريع بشكل عام". والكلمة تكاد تكون مرادفة لكلمة «توراة» التي تعني أيضاً «الشريعة» و«القانون» بالمعنى العام. ولعل الفرق يكمن في أن كلمة «توراة» تظل ذات دلالة عامة فقط، بينما كلمة «هالاخاه» تكون أحياناً ذات معنى عام أو معنى خاص.
وحتى لا نخلط، يمكن القول بأن «هالاخاه» تشير إلى الصياغة القانونية المحددة لتفاصيل الشريعة اليهودية، وذلك في مقابل: 
1 ـ المدراش: 
الدارسة والوعظ الذي يعتمد دائماً على الاستشهاد بالتوراة، وعلى البحث عن المعاني الخفية. 
2 ـ الأجاداه: 
التي تعتمد على الوعظ عن طريق القصص. 
ويحتـوي التلمـود على أجزاء هـالاخية تشـريعية، أي قانونية مختلفة، وأخرى أجادية قصصية وعظية. ولكن المشناه تتميز بأنها تحتوي على تشريع أكثر مما تحوي القصص والمواعظ، في حين تتسم الجماراه بأن فيها من الأجاداه (أي من القصص والمواعظ) أكثر مما فيها من الهالاخاه (أي من التشريع). وتُعَدُّ المصادر الأساسية للتشريعات: الشريعة المكتوبة (أي التوراة) والشريعة الشفوية والعرف الساري بين اليهود. 
ويرى بعض الحاخامات أن التشريع بكامله مُوحى به من الإله. بل إن بعضهم يدعي أنه، منذ هدم الهيكل، لم يَعُد هناك من شغل شاغل للإله إلا هذا التشريع. ويُلاحَظ أن كلمة «تشريع» أو «هالاخاه» يضيق نطاقها أحياناً لتشير إلى الشعائر بالدرجة الأولى، بحيث إن الحوار بشأن الهالاخاه أصبح حواراً بشأن الشعائر. وهنا يمكننا أن نقول إن نطاق كلمة «هالاخاه» بهذا المعنى هو تعبير عن الطبقة الحلولية داخل اليهودية.بل إن ترادف كلمة «هالاخاه» بمعنى «قانون» و«هالاخاه» بمعنى «شعيرة» هو نفسه تعبير عن النزعة الحلولية حيث تتلاحم كل الدلالات وحيث يقل التجريد والتسامي. ويتبدَّى النسق الحلولي لا في الإيمان بالله الواحد وإنما في ممارسة عدد هائل من الشعائر التي تعبِّر عن قداسة الممارس وعزلته عن الآخرين. 
ويُلاحَظ أن الفلاسفة الدينيين اليهود في العالم الإسلامي، مثل سعيد بن يوسف الفيومي وموسى بن ميمون، لم يطبقوا تفكيرهم الفلسفي على التشريع والشعائر مكتفين بالتعامل مع القضايا الفلسفية الكبرى المجردة. فموسى بن ميمون، في كتابه مشنيه توراة، وهو مُصنَّفه التشريعي الضخم، يكتب فصلاً فلسفياً تمهيدياً لا علاقة له بالتشريعات اليهودية التي ترد في الكتاب. بل إنه يشير إلى أن التشريعات اليهودية، مثل تحريم طبخ الجدي في لبن أمه وغير ذلك من الوصايا والنواهي والشعائر، هي بقايا عبادات وثنية اختفت منذ زمن قديم، وأنها طريقة إلهية لمخاطبة عقول البسطاء والبدائيين. وبالنسبة للفلاسفة، لا يوجد أي معنى للتشريعات، وإن وجد معنى ما، فهو معنى فلسفي مجرد يُقلل شأن التشريع نفسه. ولكن القبَّاليين نجحوا فيما فشل فيه الفلاسفة، إذ جعلوا التشريع جزءاً من عالمهم السحري، بحيث أصبح تنفيذه كالتميمة السحرية والوسيلة الأكيدة للتأثير في العالم العلوي ومعنى هذا أنهم وصلوا بالنسق الحلولي إلى نتيجته المنطقية. 
وفي إسرائيل، يواجه الناس كثيراً من المشاكل الناجمة عن محاولة تطبيق التشريعات بحذافيرها بعد تفسيرها حرفياً. وقد أنشئ معهد للتكنولوجيا والهالاخاه (التشريع)، الهدف منه حل بعض المشاكل الناجمة عن محاولة إقامة الشعائر التي نص عليها الشرع، فتم تطوير نوع من أنواع النباتات العلفية التي لا تنتشر حتى لا تختلط مع النباتات الأخرى، الأمر الذي يُعَد تحايلاً على التحريم الخاص بعدم الخلط بين النباتات المختلفة. كما تم تطوير طريقة لزراعة الخضر في الماء حتى يمكن إراحة الأرض في السنة السبتية. كما تم التوصل كذلك إلى أدوات كهربائية ذات مفاتيح زمنية يتم ضبطها قبل يوم السبت، بحيث تنير من تلقاء نفسها يوم السبت. 
والتشريعات المختلفة هي محور الخلاف بين الفرق اليهودية في العصر الحديث. ويرى اليهود الأرثوذكس أنهم ملتزمون بتنفيذ كل ما جاء في التــشريعات، وأن نمـط حياتهم يتبع قواعـدها. أما الإصلاحيون، فيرون أن التشريعات مرتبطة بزمان ومكان محددين، وأن قواعدها غير ملزمة لهم. ويرى اليهود المحافظون أنهم ينفذون روح التشريعات دون حرفيتها. وقد تخلَّى معظم يهود العالم عن تنفيذ التشريعات اليهودية من الناحية الفعلية والنظرية، أي أنهم لا يتبعونها من ناحية المبدأ. كما أن هناك أعداداً كبيرة تخلت عنها من ناحية الممارسة وحسب، دون أن تتخلى عنها من ناحية المبدأ. ولم يبق سوى جماعة صغيرة (تتراوح بين 5% و10%) ترى أن ما جاء في هذه التشريعات مُلزم لها وتحاول وضعها موضع التطبيق. 
هالاخــاه Halakhah 
«هالاخاه» كلمة عبرية تعني «التشريع» أو «الشريعة». وعادةً ما يتم الحديث عن «هالاخاه» مقابل «أجاداه» (القصص والمواعظ). ويحتوي التلمود على أجزاء هالاخية وأخرى أجادية، أي على أجزاء تشريعية وأخرى قصصية وعظية. 
التفسيرات القصصية الأسطورية (أجاداه) Agadah 
لفظ «أجاداه» أو «هجاداه» آرامي، ويعني «روى» أو «حكى» أو «قص»، كما يعني أيضاً «أسطورة» أو «حدوتة فلكلورية»، وهو مشتق من أصل عبري غير معروف على وجه الدقة، فيُقال إنه من فعل «هَجْيد» بمعنى «قيل» للإشارة إلى القصص الشفوية مقابل القصص المدوَّنة. وإن كان يُقال إنه مشتق من عبارة «هجَّدْتا لبنيخا»، أي «تخبر ابناءك» (خروج 13/8). وتستخدم هذه الكلمة للإشارة إلى الفقرات والقطع التلمودية التي تعالج الجوانب الأخلاقية أو القصصية الوعظية أو الأدعية أو الصلوات أو مديح الأرض المقدَّسة أو التعبير عن الأمل في وصول الماشيَّح. كما تشير إلى الأجزاء التي تتناول التاريخ والسير والطب والفلك والتنجيم والسحر والتصوف. 
وتُقرَن الأجاداه دائماً بالهالاخاه. وتُعرَف الأجاداه بأنها ذلك الجزء من التعاليم الحاخامية الذي لا يعالج الهالاخاه (أو الجوانب القانونية أو التشريعية). وحتى حينما تتعرض الأجاداه إلى مثل هذه الجوانب، فإنها تقتصر دائماً على الحديث عن الحكمة من إرسال القوانين. ويقول الحاخامات إنه يمكن استخلاص الأجاداه من الهالاخاه، ولكن العكس غير صحيح لأن الهالاخاه هي الأصل والأساس. والأجاداه هي من باب التفسير القصصي، ولذلك فليس لها وزن وثقل الهالاخاه. وتختلط العناصر الأجادية بالعناصر الهالاخية في التلمود. وتتسم المشناه بقلة العنصر الأجادي فيها على عكس الجماراه. وتُطبَع أحياناً المقطوعات الأجادية من التلمود في كتب، ويُطلَق على مثل هذه الكتب أيضاً «أجاداه». 
وتتَّسم القصص الأجادية بمبالغاتها الأسطورية ومعانيها الغريبة. وقد حاول الفلاسفة اليهود الدينيون أن يفسروها تفسيراً عقلانياً، ولكنهم لم يهتموا بها كثيراً. وهذا على عكس المفكرين القبَّاليين الذين اهتموا بها وطوروها واستفادوا منها في تفسيراتهم المفتعلة. وقد أثرت الأجاداه تأثيراً عميقاً في الوجدان الديني الشعبي اليهودي، ونبتت في تربتها القبَّالاه. ويمكن القول بأن الأجاداه والقبَّالاه هما اللذان صاغا هذا الوجدان. أما الجوانب التشريعية في التلمود، فقد كانت مقصورة على الأرستقراطية الدينية التي كانت موجودة في المدارس التلمودية العليا (الأكاديميات - اليشيفات) والمراكز الدينية الكبرى بعيداً عن القرى والمدن الصغيرة. وقد ثار كثير من المفكرين الإصلاحيين على الأجاداه، وإن كانت الصهيونية بنزعتها الأسطورية تقدس التلمود، والجوانب الأجادية فيه بشكل خاص. وتُستخدَم كلمة «هاجاداه» أحياناً للإشارة إلى «أجاداه»، وإن كان معظم العلماء يفضلون استخدام كلمة «أجاداه» على أن يقتصر استخدام كلمة «هاجاداه» على الإشارة إلى صلوات عيد الفصح والكتب التي تضم الأدعية والصلوات الخاصة بهذا العيد. 
أجــاداه Agadah 
انظر: «التفسيرات القصصية الأسطورية (أجاداه)». 
الفـــتاوى Responsa 
«بسْاقوت» بالعبرية من فعل «بسق» بمعنى «قضى» أو «أفتى» أو «حكم». وللفتاوى أهمية خاصة في اليهودية باعتبار أن الشريعة الشفوية (أي تفاسير الحاخامات) تفوق في أهميتها ومنزلتها الشريعة المكتوبة، أي العهد القديم، ومن ثم فإن الشرح الذي يقدمه الفقهاء أهم من المتن الموحى به. ونظراً لتعدد الأوامر والنواهي في اليهودية، واختلاف الظروف التاريخيـة والجغرافـية التي عاش فيها أعضاء الجماعات اليهودية، يجد اليهودي نفسه مضطراً دائماً إلى العودة للحاخامات لاستفتائهم، وخصوصاً أن اليهودية كتركيب جيولوجي تراكمي تحوي قدراً كبيراً من التناقض وعدم التجانس، ومن هنا تراكمت الفتاوى والتفاسير عبر العصور ويضم التلمود عدداً ضخماً منها. 
ولكن المصطلح العبري «شئيلوت أوتشوفوت»، أي «أسئلة وأجوبة»، الذي يُترجَم عادةً بكلمة «فتاوى» بالمعنى الاصطلاحي، يشير إلى الخطابات التي كان يرسلها اليهود إلى أحد الحاخامات، يسألونه رأيه في أحد موضوعات الشريعة وإجابته عليهم. وقد ظهر هذا النوع من الفتاوى، منذ القرن السادس حتى القرن الحادي عشر، في العالم الإسلامي، وقد ارتبط اسم الفقهاء (جاؤنيم) بهذه الفتاوى. ويُلاحَظ أن ترابط العالم الإسلامي، والحركة التجارية النشيطة، ساعدا على تناقل الأفكار، كما أن أسلوب الفتاوى نفسه تأثر بأسلوب الفتاوى الإسلامية المماثلة. وقد لعبت الفتاوى دوراً أساسياً في إشاعة الشريعة الشفوية والتلمود البابلي كمصدرين أساسيين للشريعة. وقد جُمعت بعض هذه الفتاوى في كتيب، ويزيد ما جُمع منها حتى الآن على نصف مليون فتوى. 
ولم يتوقف الحاخامات عن إصدار الفتاوى بعد ذلك التاريخ إذ أن وضع أعضاء الجماعات اليهودية دخلت عليه تغييرات كثيرة مع انتهاء العصور الوسطى، ثم مع الثورة الصناعية وعصر الانعتاق، الأمر الذي أدَّى إلى ضرورة التكيف والبحث في التراث الديني عن سوابق تبرر عمليات التحديث (على المستويات الجمالية والعقائدية) التي دخلت اليهودية. ولكن عدم تجانس النسق الديني اليهودي، وتركيبه الجيولوجي التراكمي، هو الذي جعل من اليسير على المفكرين الدينيين اليهود أن يطرحوا آراء عديدة متناقضة (بعضها توحيدي والبعض الآخر حلولي إلحادي) وجدت كلها تسويغاً لها في التراث الديني. ويُعتبَر موقف اليهودية من الصهيونية مثلاً جيداً على ذلك. فحينما نشأت الصهيونية، عارضتها جميع المنظمات الدينية اليهودية، الأرثوذكسية والإصلاحية، وقد استندوا في ذلك إلى التراث الديني. فالتلمود، في بعض أجزائه، يُحرِّم العودة (التعجيل بالنهاية)، وصدرت فتاوى بذلك. ولكن، بالتدريج، تمت عملية صهينة لليهودية تستند هي الأخرى إلى التراث الديني. وصدرت فتاوى أيضاً بذلك، حتى أصبحت الصهيونية واليهودية مترادفتين في ذهن كثير من أعضاء الجماعات اليهودية أنفسهم. 
وقد أصدر الحاخامات الصهاينة الكثير من الفتاوى لتسهيل عملية الاستيطان الصهيوني، من أهمها الفتوى الخاصة بأن اليهود يمكنهم الاستيطان في فلسطين تمهيداً لعودة الماشيَّح بدلاً من انتظاره. كما أن ثمة فتاوى تؤكد أن ضم الضفة الغربية وغزة تنفيذ لتعاليم دينية. ومن أطرف الفتاوى، تلك الخاصة ببيع أرض يسرائيل لأحد الأغيار، في السنة السبتية، حتى يتمكن المستوطنون الصهاينة من زراعتها، إذ يتعيَّن على اليهود إراحة الأرض مرة كل ستة أعوام إن كانوا يمتلكونها. والفتاوى مرتبطة أساساً بالمؤسسة الحاخامية وتستند إلى التوراة والتلمود. ولكن القبَّاليين، ابتداءً من القرن السادس عشر، أصدروا أيضاً فتاواهم مستندين إلى الزوهار، ومعارضين المؤسسة الحاخامية. ولقد جُـمعت فتاواهم في كتب خاصة حتى يمكن الرجوع إليها عند الحاجة. 
القواعد التكميلية (تاقانوت) Takkanot 
عبارة «القواعد التكميلية» العربية هي المقابل الاصطلاحي لكلمة «تاقانوت» العبرية، ومفردها «تاقاناه» ومعناها «اجتهاد لإصلاح». وعادةً ما يأتي هذا المصطلح العبري في صيغة الجمع «تاقانوت»، ويشير إلى مجموعة القواعد التي وضعها الحاخامات لسد الفراغات التي تركتها التوراة. وقد تراكمت هذه القواعد التكميلية على مر العصور ومن أهمها: ضرورة قراءة التوراة يوم السبت، وأن تُعقَد المحاكم اليهودية يومي الاثنين والخميس، وضرورة أن تعيِّن الجماعات اليهودية مدرسين للمدارس الابتدائية، وأن على الأب أن يعول أولاده القصر. وقد كانت القواعد التكميلية تنظم حياة الجماعات اليهودية، وأصبحت في غاية الأهمية بعد أن أصبحت الجماعات اليهودية جماعات وظيفية إذ كانت لابد أن تتسم بغاية الانضباط والترابط حتى يمكنها أداء وظيفتها. ومن أهم أمثلة القواعد التكميلية، ما يُسمَّى «قوانين الترف». وقد أصدر مجلس البلاد الأربعة عدداً ضخماً من القواعد التكميلية. 
الأعراف (منهاج) Minhag 
«الأعراف» ترجمة لكلمة «منهاج» العبرية ومعناها الحرفي «عادة»، وهو مفهوم في الفقه اليهودي يشير إلى مجموعة من الأعراف التي أصبحت مُـلزمة رغم أنها ليست جزءاً من الشريعة المكتوبة أو الشفوية. وقد تنوعت الأعراف بتنوع البلدان والجماعات، الأمر الذي زاد عدم تجانس اليهودية وخاصيتها الجيولوجية. ومن أهم الأمثلة على ذلك، الخلاف بين السفارد والإشكناز (المنهاج الإشكنازي والمنهاج السفاردي). ولذا، يشير يوسف كارو في الشولحان عاروخ إلى منهاج السفارد، أما موسى إيسيرليز (موشيه يسرائيليتش) فيشير إلى منهاج الإشكنار في مصنفه الذي وضعه تعليقاً على الشولحان عاروخ التي وضعها على المؤلف نفسه. وهناك الخلاف بين منهاج الحسيديين ومنهاج المتنجديم. وفي التلمود، ذهب بعض الحاخامات إلى أن الأعراف السائدة بين الجماعات اليهودية يمكن أن تَجُّب بعض قوانين الشريعة. وهذا يتفق مع الرؤية الحلولية، ومع فكرة الشريعة الشفوية التي تعطي مرتبة ثانوية للنص المقدَّس المكتوب (الموحى به) قياساً إلى اجتهادات الحاخامات. 
القرارات (جزيروت) Gezerot 
«القرارات» ترجمة لكلمة «جزيروت» العبرية التي مفردها «جزيراه» وتعني «قرار» أو «أمر». والقرارت مصطلح يشير إلى عدة مدلولات من بينها الأوامر الإلهية التي لا يُفهَم سببها، و الأوامر التي يصدرها حاكم غير يهودي بمنع ممارسة الشعائر اليهودية والاضطهاد الديني، وأخيراً (وهذا ما يهمنا في هذا المدخل) فإنه يشير إلى قرار تصدره المحاكم الحاخامية بهدف الحفاظ على الشريعة وإحاطتها بسياج (حسبما أوصى رجال المجمع الكبير). ومن أهم هذه القرارات، تلك التي أصدرها تلاميذ هليل وشماي في بداية القرن الأول الميلادي لإقامة حواجز بين اليهود وغير اليهود، وخصوصاً فيما يتعلق بالعلاقات الجنسية. وهذه القرارات الحاخامية مُـلزمة لليهود، وإن حدث وكانت متناقضة مع الشريعة المكتوبة (المُرسَـلة) فإنها تجُب الشريعة. 
بيلبول Pilpul 
«بيلبول» كلمة تُستخدَم للإشارة إلى عدة مناهج لدراسة التلمود والشريعة الشفوية في الأكاديميات التلمودية. والكلمة مشتقة من كلمة «بلبل»، (الأصل «فلفَل») ويُقال إنها من كلمة «بلبل» بمعنى «يبحث»، وهي تعني أسلوب التحليل والتركيب الذي يعتمد على المنطق المحض (الذي يتصف بالتحايل والتخريجات) مقابل المعرفة العابرة بالنصوص (وهو ما يُسمَّى «دراش»). ومنهج البيلبول قديم، إذ كان يُفترض في أعضاء السنهدرين أن يمتلكوا ناصيته، وكذا علماء بابل. وقد استُخدم المنهج في المدارس التلمودية في أوربا في العصور الوسطى، كما استفاد منه أصحاب الشروح الإضافية (توسافوت)، واستُخدم في مـدارس إسـبانيا التلمودية العليا (يشــيفا) في القــرن الرابع عشر، ومن ثم فهو من أهم آليات الشريعة في محاولتها الدائبة إحلال الاجتهاد الحاخامي محل الوحي الإلهي. 
وقد تجمَّد منهج البيلبول وأصبح مجموعة من القواعد التي تستند إلى الإيمان الحلولي بأن الحكماء القدامى (سواء الذين يرد ذكرهم في التلمود أو أولئك الذين كتبوا الشروحات عليه) معصومون وإن اختلفوا في الرأي، فخلافهم لا يعدو أن يكون خلافاً ظاهرياً، وغاية الطالب هي العثور على وسيلة جدلية تَصلُح لإزالة الفروق وتسوية الخلافات. وقد كان العالم يحاول اكتشاف التناقضات الكامنة في التلمود، وفي التعليقات عليه، ثم يطرح الحلول التي تفسر هذه التناقضات، وبعد أن يتم ذلك تُكتَشف التناقضات في الحلول نفسها، ثم تُطرَح حلول جديدة. وتستمر هذه العملية إلى أن يتم توضيح الموضوع موضع النقاش وتُزال أية تناقضات ظاهرة كانت أم كامنة. ولكن النقاش الجدلي كان يأخذ أحياناً شكلاً متطرفاً حتى أصبح الهدف منه شحذ القريحة وحسب، وتحوَّل إلى ضَرب من السفسطة. ولذا، كان المنهج يُستخدَم في خلق بنيً ذهنية منطقيـة وفي التوصـل إلى توازنات فكرية ليـس لهـا أساس علمي أو واقعي. وأصبح المنهج، في النهاية، وسيلة في يد طلاب المدارس التلمودية العليا لتحميل النص بأي معنى يريدون، وهو ما أدَّى إلى تحريف المعنى الحقيقي، كما صار سلاحاً يستخدمه طلاب الوظائف الحاخامية المختلفة بحيث أصبح تَملُّك ناصية المنهج أكثر أهمية من معرفة الشريعة المكتوبة أو الشفوية نفسها. ومع بدايات التحديث والعلمنة في أوربا، كان هذا منهج التفكير الأساسي بين الحاخامـات اليهود، وإن كان قد عارضه الحاخام إلياهو زلمان (فقيه فلنا) الذي حاول أن يبعث التقاليد الحاخامية من الداخل. 
الكتاب الخارجي (برايتا) Baraita 
«الكتاب الخارجي» يقابلها في الآرامية «بْرَّايتاه»، وتشير الكلمة إلى أقوال معلمي المشناه (تنائيم)، والتي استبعدها يهودا الناسي فجمع أهمها في كتاب التذييل (توسفتا). كما يظهر عدد كبير منها متناثراً في التلمود. وتُعَد هذه الأقوال بمنزلة أبوكريفا المشناه، أو كتُبها غير القانونية أو الخارجية، والأحكام الواردة فيها مُـلزمة إلا إذا تناقضت مع ما جاء في المشناه. 
التذييل )توسفتا) Tosephta 
«التذييل» هي المقابل العربي لكلمة «توسفتا» الآرامية وتعني «التذييل» أو «الزيادة» أو «الإضافة». والتوسفتا عمل تشريعي ملحق بالمشناه مكمل لها. وقد ورد في التلمود ذكر لأكثر من تذييل، ولكن لم يبق من ذلك سوى واحد. والتذييل الذي بين أيدينا يتكون من ستة أقسام (سداريم) تحمل عناوين أقسام المشناه نفسها. وتختلف الآراء بشأن التوسفتا، فيذهب أحد علماء التلمود إلى أن التذييل هو في الواقع المشناه الفلسطينية، ويذهب آخر إلى أن واضعي التلمود البابلي لم يكونوا يعرفون هذا التذييل بتاتاً. ويضم التذييل كثيراً من الفقرات الخارجية أو البرانية. 
الشولحان عاروخ Shulhan Arukh 
«الشولحان عاروخ» عبارة عبرية تعني «المائدة المنضودة» أو «المائدة المعدة»، والشولحان عاروخ هو مُصنَّف تلمودي فقهي يحتوي على سائر القواعد الدينية التقليدية للسلوك، ويُعَدُّ حتى يومنا هذا، المصنَّف المعوَّل عليه بلا منازع للشريعة والعرف اليهوديين، ويشار إليه باعتباره التلمود الأصغر. أعده جوزيف كارو ونشره عام 1565 مستنداً إلى العهد القديم والتلمود وآراء الحاخامات اليهود وفتاواهم وتفسيراتهم (الشريعة الشفوية). ومما هو جدير بالذكر أن حياة اليهود تكبلها العديد من الشعائر والقيود والتشريعات، الأمر الذي يضطرهم إلى البحث عن مصدر دائم للفتاوى. ولكن التوصل إلى إجابة على أحد التساؤلات الدينية من خلال التلمود مسألة شاقة جداً، إذ يتعيَّن على المتسائل أن يقرأ أربع أو خمس فقرات في مجلدات مختلفة منه ثم يبحث عن التعليقات المختلفة على كل الفقرات وهي تعليقات تحوي كل واحدة منها تفسيرات مختلفـة ومتناقضـة.ولتبسيط هذه العملية، لجأ مؤلف الشولحان عاروخ إلى إسقاط جميع المناقشات الفقهية الطويلة والآراء المختلفة والأحكـام المتـناقضة، فلـم يدوَّن إلا الأحكام الشرعية المستــقرة التي تبيِّن ما هو حلال وما هو حرام، وأوردها في نص واحد. 
وينقسم الشولحان عاروخ إلى أربعة أقسام: 
1 ـ أورَّح حاييم، أي «سبيل الحياة»: 
ويتناول قواعد الصلاة والبركات والأعياد. 
2 ـ يوريه ديعاه،أي «أستاذ المعرفة»: 
ويتناول قوانين الطعام الشرعي والطهارة والنجاسة والنذور وقواعد الحزن والحداد وقواعد الصدقات. 
3 ـ إيفين هاعوزير، أي «الحجر المعين»:
 ويتناول أحكام الزواج والطلاق، وكذلك سائر ما يتعلق بالنساء. 
4 ـ حوشين مشباط، أي «صندوق القضاء الشامل»: 
ويتناول القوانين المدنية والجنائية وأصول المحاكمات،كما يحوي أحكام الميراث والوصاية والوصايا والتوكيلات والشهادة واليمين والعقود والتسجيل. ولأن الكتاب يحتوي على مختلف التعاليم مصنفةً تصنيفاً جيداً، فقد لاقى نجاحاً كبيراً بين الجماهير اليهودية. ومع أن الحاخامات الإشكناز هاجموا الشولحان عاروخ في بادئ الأمر، فإنه صار الكتاب المُعتمَد لدى اليهود الأرثوذكس، وخصوصاً بعد أن قام موسى إيسيرليز (يسرائيليتش) (1520 ـ 1572) بإضافة الهوامش والملاحق المتعلقة بالمنهاج الإشكنازي. وقد ظهرت هذه الهوامش والإضافات في كل طبعة من طبعات الكتاب وسُمِّىت «ماباه» أي «مفرش المائدة»، وتشير عبارة «شولحان عاروخ» إلى كلٍّ من المائدة والمفرش. 
ويحـوي الكتـاب كثيراً من الأحكـام العنـصرية التي وردت في التلمود، فالشولحان عاروخ يُفرِّق بكل حدّة بين اليهودي وغير اليهودي، حتى في الأمور الإنسانية المبدئية، فقتل اليهودي يختلف عن قتل غير اليهودي، وإنقاذ حياة يهودي أو علاجه يختلف عن إنقاذ حياة غير يهودي أو علاجه. وعلى سبيل المثال، يسأل الشولحان عاروخ عما إذا كان ينبغي على اليهودي أن يزيل أنقاض منزل تهدَّم على سكانه يوم السبت؟ والإجابة بالنفي، ولكن إن كان بين السكان يهودي وجب على اليهودي أن يساعد في إزالة الأنقاض. كما ينبغي عليه أن يشترك في عملية الإنقاذ، إذا كان إحجامه عن ذلك قد يلحق الأذى باليهود بوصفهم جماعة لأن الأغيار يتحكمون في اليهود. وبناء على ذلك لا يجوز إنقاذ حياة اليهودي القرائي لأنه لا سلطان له على اليهود الحاخاميين. وكذلك ينبغي على الطبيب اليهودي ألا يعالج غير اليهودي، وإذا اضطر إلى ذلك وجب عليه أن يجعل الهدف الدفاع عن اليهود لا علاج المريض غير اليهودي. ويُحرِّم الشولحان عاروخ سرقة يهودي يهودياً آخر أو غير يهـودي. ومـع هذا، تحـل سرقـة غير اليهودي، إذا كان تحت حكم اليهود. وقد استُخدمت هذه الأحكام لتبرير سرقة الفلسطينيين. وقد جعل المعلقون على الشولحان عاروخ الإيمان بالقبَّالاه إحدى فرائض اليهودية. وقد هاجم دعاة حركة التنوير اليهودي ومفكرو اليهودية الإصلاحية هذا الكتاب باعتباره تجسيداً لكثير من الجوانب المتخلفة في اليهودية، وبسبب تشدُّده وتحجُّره. ولا يزال الكتاب حتى الآن من أهم المصادر التي تستقى منها المؤسسة الأرثوذكسية تفسيرها للشريعة اليهودية في إسرائيل وخارجها.


الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب السادس: اليهودية الحاخامية (التلمودية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب السادس: اليهودية الأرثوذكسية
» الباب السادس: الرأسمالية والجماعات اليهودية
» الباب السادس: الكوميديا والسينما والجـماعات اليهودية
» الباب السادس: هجرات وانتشار أعضاء الجماعات اليهودية
» الباب السادس عشر: التربية والتعليم عند الجماعات اليهودية في العصر الحديث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: مـوسـوعة الـيـهـــود-
انتقل الى: