الباب التاسع: التسلل أو الغزو العبراني لكنعان
التسلــــل أو الغــــــزو العــــــبراني لكنعــــان
Hebrew Infitration into, or Conquest of, Canaan
يُعَدُّ خروج العبرانيين من مصر حركة هجرة تمكن رؤيتها في إطار حركة طرد من مصر وجذب من كنعان. وتشير بعض المراجع، استناداً إلى الرواية التوراتية، إلى هذه الهجرة باعتبارها حركة «غزو» عسكرية، ونحن نفضل استخدام اصطلاح «تسلل» لوصف هذه العملية التاريخية الطويلة التي لم تتم عن طريق معركة أو عدة معارك عسكرية حاسمة، وإنما عن طريق التسلل والتجسس والتزاوج والاندماج وأحياناً الغزو. وقد كان العبرانيون قبائل بدوية بدائية حينما خرجوا من مصر وعبروا سيناء ووصلوا إلى مشارف أرض كنعان. ولذلك لم يكن في مقدورهم غزو هذه الأرض والاستيلاء عليها، ولم يكن أمامهم سوى التسلل التدريجي فيها، وقد كانت عملية طويلة استمرت ما بين 1250 و1200 ق.م. وما كان لهذا التسـلل أن ينجح لولا تضافر عدة عوامـل تاريخية واجتماعية وسياسية، لعل أهمها كان الغياب المؤقت للإمبراطوريات العظمى في تلك المرحلة. فالإمبراطورية الحيثية في الشمال كانت قد انهارت في الربع الأخير من الألف الثاني قبل الميلاد، وكانت عوامل الضعف تزحف على القوة المصرية في الجنوب التي تضاءلت هيمنتها على كنعان، ولم تكن آشور قد أصبحت بعد قوة عظمى ذات أهمية. أما في كنعان ذاتها، فقد كانت المدن الدول الكنعانية قد أحرزت تقدماً حضارياً ملحوظاً. ويُرجَّح أن السبب في أن جماعة يسرائيل أو العبرانيين قد أخذت بلغة وحضارة وحتى بديانة كنعان يعود إلى كونها جماعة بدائية تفتقر إلى أدنى المقومات الحضارية، وذلك كما نسـتنتج من الروايات التـوراتية إذ يخاطب الإله موسى قائلاً: « إني سأسوقك إلى مدن عظيمة لم تبنها، وبيوت مملوءة كل خير لم تملأها، وآبار محفورة لم تحفرها، وكروم وزيتون لم تغرسها... وأكلت وشبعت... » (تثنية 6/10ـ 12).
ومع ذلك، كانت هذه المدن/الدول تتطاحن فيما بينها، وهو ما أدَّى إلى تَدهور الوضع الأمني في البلاد. ويبدو أن الوضع الإثني في كنعان كان يتَّسم بعدم التجانس، فالعهد القديم يذكر دائماً الأقوام السبعة التي تقطن المكان ويزداد العدد أحياناً ليصل إلى عشرة في سفر التكوين (15/19ـ21) « القينيين والقنزيين والقدمونيين والحيثيين والفرزيين والرفائيين والعموريين والكنعانيين والجرجاشيين واليبوسيين ». وهذه نقطة أدركها جواسيس موسى، فقد ذهبوا ورأوا أرضاً «تفيض لبناً وعسلاً وأن مدنها حصينة عظيمة جداً » أي أنها تتمتع بقدر عال من التقدم الحضاري. ولكنهم لاحَظوا أيضاً تنوعها الإثني، إذ قالوا: «العمالقة ساكنون في أرض الجنوب والحثيون واليبوسيون والعموريون ساكنون في الجبل والكنعانيون ساكنون عند البحر وعلى جانب الأردن » (عدد 13/28 ـ 29).
ومع هذا، لم يحرز العبرانيون نصراً عسكرياً، فلم يحتلوا سوى بعض المناطق الجبلية عن طريق استخدام التجسس والتخريب وعنصر المفاجأة. أما في السهول، حيث توجد العربات الحربية، فقد ظلت الهيمنة للكنعانيين. ويظهر هذا في رد قبيلة يوسف على يوشع بن نون حين يقولون: « لا يكفينا الجبل، ولجميع الكنعانيين الساكنين في أرض الوادي مركبات حديد » (يشوع 17/16 ـ 18). والوضع نفسه ينطبق على قبيلة يهودا، فقد ملكت الجبل لكنها لم تطرد سكان الوادي « لأن لهم مركبات حديد » (يشوع 17/12ـ 18).
ومن يقرأ سفر القضاة (1/21 ـ 35)، ويشوع (16/10) يعرف أن الغزو العبراني كان مجرد استيطان في عدة جيوب غير مترابطة، رغم كل التهويل الخاص بقتل عشرات الملوك. ويؤكد السفر أن الكنعانيين كانوا يقطنون وسط العبرانيين. بل يمكن القول بأن العبرانيين ظلوا مُشرَّدين لاجئين على قمم التلال، ومن تجرَّأ منهم ونزل إلى السهـول أصـبح خادماً أو عبـداً. وظل هذا الوضع فترة طويلة جداً، ففي سفر الملوك الأول إشارة إلى إله العبرانيين باعتباره « إله جبـال لذلك قووا عليـنا. ولكن إذا حـاربناهم في السهل فإننا نقوى عليهم » (ملوك أول 20/23).
ولا يمكن فَهْـم هذا التسـلل العبراني باعتباره غزواً بالمعنى العادي، فهو تسلل يعتمد على القوة العسكرية أحياناً وعلى المكر أحياناً أخرى وعلى التزاوج في بعض الأحيان. كما أن العبرانيين المتسللين تزاوجوا مع أقاربهم الذين لم يهاجروا معهم إلى مصر كما تزاوجوا مع الكنعانيين. وقد سيطر العبرانيون في نهاية الأمر على قسم كبير من أراضي فلسطين الشمالية، فاستوطنت قبائل يهودا وبنيامين الأراضي المرتفـعة المحيطـة بالقـدس، واستوطنت القبائل الأخرى السهـول الشمالية، وقام اتحاد القبائل المعروف بالمملكة العبرانية المتحدة التي انقسمت فيما بعد إلى الدويلتين العبرانيتين. ولكن سيطرة العبرانيين لم تَدُم طويلاً إذ قامت القوى الإمبراطورية العظمى فاكتسحت دويلات الشام وفلسطين كلها وتعاقبت السيطرة عليها.
ومن القضايا التي تثار، عمليات الإبادة الافتراضية التي صاحبت التسلل العبراني، فحسب ما جاء في العهد القديم، كان العبرانيون لا يكتفون بفتح المدن وإنما كانوا يقومون بإتلاف وتدمير كل ما تقع عليه أيديهم من إنجازات مادية أوحضارية وبإبادة الرجال والنساء والشباب والشيوخ والثيران والخراف والحمير بحد السيف. ويذكر العهد القديم بفخر واضح الألوف التي تمت إبادتها. ومما لا شك فيه أن الحديث عن الإبادة، مثل الحديث عن الانتصارات العسكرية، أمر مبالغ فيه. ومع ذلك، يظل هناك جزء من الحقيقة.
ولعل اتجاه العبرانيين نحو الإبادة هو تعبير عن تَخلُّفهم الحضـاري، فالعــبرانيون كما أسـلفنا كانـوا جمـاعات متحـركة هــاربة مــن مصر، دخلت أرضاً فيها مدن مستقرة بلغت مرحلة حضارية وثقافية أعلــى وأكثــر رقيــاً. ولـم يكـن تحقـيق الانتـصار والاســتيلاء على هــذه المــدن ممكنــاً إلا عــن طــريق الإبــادة الجسـدية والإفنــاء المادي الشامل بسبب غياب أية مؤسسات إدارية عبرانية تتمتع بقدر من التركيب. كما أنهم، نظراً لتخلفهم الاقتصادي والحضاري، لم تنشأ عندهم الحاجة إلى الأيدي العاملة التي كان الأسرى من أهم مصادرها. ومن هنا، نجد أن العبرانيين كانوا يتخلصون من الأسرى بإبادتهم جسدياً. وقد استمر هذا الوضع حتى بعد إنشاء الدولة العبرانية المتحدة التي كانت تَسدُّ حاجتها من الأرقاء والعبيد المطلوبين لأداء خدمات يومية اعتيادية للأرستقراطيين والموسرين عن طريق استعباد المذنبين والأفراد الذين يعجزون عن تسـديد ديـونهم فيبيعون أنفسهم أو أبناءهم ليكونوا عبيداً لدى الدائن.
يَشُوَّع بن نون
Joshua
«يَشوَّع بن نون» هو المقابل العربي للاسم العبري «يهوشواع» ومعناه «يهوه هو الخلاص». ويشوع بن نون، كان اسمه في البداية «شواع» وأضاف موسى الجزء الأول فصار «يهوشواع»، ثم دعاه موسى «يشوع». وهو يُسمَّى أيضـاً «يوشـع». وهو خليفة موسى وخادمه وابن نون من سـبط إفرايم. وُلد في مصر، وأرسلـه موسـى مع كـالب ليتجسسا. ويُصوِّره العهد القديم باعتباره نبياً وقائداً عسكرياً قاد القبائل العبرانية إلى أرض كنعان واقتحمها حسب الرواية التوراتية بعد معارك ضارية مع العموريين والمؤابيين والفرزيين والكنعانيين والحيثيين والجرجاشيين والحوريين واليبوسيين، فأحرقوا بعض مدنهم وقتلوا رجالهم مستخدمين الوسائل كافة ـ ومن ذلك الخداع والتجسس عن طريق العاهرات (1250 ـ 1200 ق.م).
اسـتمر يشـوع بن نون في حكم العبرانيين مدة ثمانية وعشرين عاماً، فقسَّم الأرض التي احتلوها بالقرعة على القبائل العبرانية، واستثنى اللاويين الذين قاموا بالأعمال الكهنوتية. وترك ست مدن على الشاطئين الأيمن والأيسر لنهر الأردن لتكون ملجأ للمشرَّدين من العبرانيين المتهمين بالقتل الخطأ. وكان يُحذِّر جماعة يسرائيل من ترك الرب وعبادة آلهة غريبة. ويروي سفر يشوع أخباره، ومن بينها أنه أصدر أمره إلى الشمس بأن « تقف » حتى ينتقم من أعدائه «فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل » (يشوع 10/13). ويشوع هو الذي أمر العبرانيين بأن يطوفوا بأسوار أريحا سبع مرات وأمامهم سبعة كهنة ينفخون في الأبواق، فسقط السور وسقطت المدينة في أيديهم. ويُفسِّر بعض المحدَثين من اليهود هذه الظاهرة بأنه من تأثير شدة ذبذبات أصوات الأبواق. ومهما يكن الأمر، فقد قام يشوع بإحراق أريحا بالنار بأمر يهوه « وكل ما بها » ما عدا راحاب العاهرة (يشوع 6/22 ـ 24). ويُلاحَظ أن التصوُّر السائد للخالق في سفر يشوع لا يختلف كثيراً عما جاء على نقش ميشع حيث نجد أن الإله القومي يجد غبطة غير عادية في عمليات القتل والإبادة التي يقوم بها شعبه.
وتحاول الأجاداه أن تبرر قيامه باغتصاب أرض كنعان من أهلها على أساس أن العهد الإلهي قد وعد بهذه الأرض لنسل يعقوب وأن الكنعانيين كانوا مجرد أوصياء عليها. وقد تزوج يشوع من العاهرة راحاب التي ساعدت جواسيسه وذلك بعد أن تهودت. ومما تجـدر الإشـارة إليـه، أن العَالم هـ.تامارين قد أجرى استفتاء، في عدد من مدارس تل أبيب والمدن والمستعمرات الإسرائيلية، حول الأساليب الهمجية التي انتهجها يشوع، فتوصَّل إلى أن نحو 66 - 95% أيَّدوا ذلك الأسلوب وأن 30% من التلاميذ كانوا يؤيدون بصورة قطعية إبادة السكان العرب تماماً في المناطق المحتلة. ومن الأجوبة التي تلقاها: « لقد تصرَّف يشوع بن نون تصرفاً حسناً بقتله جميع الناس في أريحا، ذلك لأنه كان من الضروري احتلال البلاد كلها، ولم يكن لديه وقت لإضاعته مع الأسرى ». وثمة إشارات عديدة في أدبيات جوش إيمونيم وجماعة كاخ إلى يشوع وإلى أن أسلوبه الإبادي هو الأسلوب الأمثل في التعامل. وقد دعا كاهانا المؤسسة الدينية إلى تبيان أن أسلوبه هذا جزء عضوي من الدين اليهودي والرؤية اليهودية لسكان الأرض من غير اليهود.
الأســـــــباط
Hebrew Tribes
«الأسباط» صيغة جمع مفردها «سبط»، وهي كلمة عربية تعني «ولد الابن أو الابنة»، وتستخدم في النصوص الدينية للإشارة إلى القبائل العبرانية. ونحن لا نستخدم هذا المصطلح في هذه الموسوعة إذ نؤثر استخدام المصطلح الأكثر حياداً وهو كلمة «قبيلة» وجمعها «قبائل»، ونُفرِّق بين السياق الديني والتاريخي فنقول «قبائل يسرائيل» و«القبائل العبرانية».
القبائل العبرانية الإثنتا عشرة
Twelve Hebrew Tribes
كلمة «سبط» بالعبرية معناها «عصا» أو «جماعة يقودها رئيس بعصا». ويُطلَق تعبير «أسباط» أو «قبائل» على أولاد يعقوب وكذلك على كل من إفرايم ومنَسَّى ابني يوسف. وقد انتظمت مجموعة القبائل العبرانية (في العصر التالي لموسى والمسمَّى «فترة القضاة» في اثنتي عشرة قبيلة أو اثنى عشر سبطاً على ما جرت عادة النظام الاجتماعي للتجمعات الكنعانية في فلسطين في العصور القديمة. وتسمَّت هذه القبائل بأسماء أبناء يعقوب: رؤوبين وشمعون ويهودا وبساكر وزبولون وبنيامين ودان ونفتالي وجاد وأشير وإفرايم ومنَسَّى، وتضاف إليها قبيلة لاوي. وُسمِّيت هذه القبائل معاً «يسرائيل»، فهي من صلب يعقوب (يسرائيل).
وكانت كل قبيلة مقسَّمة إلى بطون وأُسَر. وقد استوطنت قبيلتان ونصف (رؤوبين وجاد ونصف منَسَّى) الضفة الشرقية لنهر الأردن، واستقرَّت القبائل الأخرى في ضفته الغربية. وكانت أهم القبائل قبيلة يهودا التي استوطنت في الجنوب وسُمِّيت باسمها المملكة الجنوبية بعد تفكُّك اتحاد القبائل في المملكة العبرانية المتحدة. أما أكبر قبيلة في الشمال، فهي قبيلة «إفرايم»، ولذا سُمِّيت المملكة الشمالية «إفرايم». وحينما قَسَّم يشوع بن نون الأراضي المُستولَى عليها بين القبائل، أُوكلت أعمال الكهانة إلى قبيلة لاوي التي لم تنل نصيباً من الأرض. ولذا، فإنها لم تَعُد تُحسَب ضمن القبائل. ومع هذا، ظل العدد (12) كما هو، لأن قبيلة يوسف قُسِّمت إلى قبيلتين هما منَسَّى وإفرايم. وكانت شيلوه المركز المقدَّس لكل القبائل إذ وُضع فيها تابوت العهد. ولكن هناك نظرية تذهب إلى وجود مراكز مقدَّسة أخرى مثل شكيم وجلجال ودان بحيث كان لكل قبيلة مركزها المقدَّس، وكانت شيلوه المركز المقدَّس للقبائل جميعاً.
وجدير بالذكر أن العدد (12) رقم مفضل في العهد القديم، فهناك وعد من الرب لإبراهيم بأن يُخرج من نسل ابنه إسماعيل اثنتى عشرة قبيلة (تكوين 17/20) كما أن عدد أبناء يعقوب كان اثنى عشر أيضاً، وهو نفسه الرقم الذي يتكون منه اتحاد ملوك الحيثيين. وربما كان لذلك علاقة بعدد البروج والشهور في التقاويم الشهيرة. ومع هذا، تختلف الروايات في عدد القبائل على وجه الدقة، فأغنية دبوره (قضاة 5) تذكر عشر قبائل وحسب ولا تذكر يهودا أو شمعون. ويذكر موسى (تثنية 33) إحدى عشرة قبيلة إذ لا يذكر سيمون. وهناك قبائل ورد ذكرها ولم يُعرَف مصيرها، كما أن بعض المراجع التي حصرت كل الأسماء تذكر أن عدد القبائل يبلغ عشرين.
ظل التقسيم القبلي هو النظام الاجتماعي القائم في فترة القضاة (1250 ـ 1020 ق.م)، والذي استمر إبّان نظام الملكية بعد أن قام داود وسليمان بتوحيد القبائل تحت حكم ملكي شمولي. ولذا، فبعد أن أُقيمت المملكة العبرانية المتحدة، ما لبثت هذه المملكة أن انقسمت إلى مملكتين: الشمالية والجنوبية. وكانت المملكة الجنوبية (يهودا) تضم قبيلتي يهودا وبنيـامين، بينما ضمَّت المملكة الشـمالية (يسرائيل) القـبائل العـشر الباقية.
ويبدو أن الوحدة بين هذه القبائل كانت ضعيفة للغاية، فالمعارك التي يرد ذكرها في سفر القضاة تدل على أن القبائل لم تشترك جميعاً في معركة واحدة. وهذا أمر طبيعي في أي اتحاد قبلي، وإن كانت المراجع الصهيونية التي تحرص على إبراز مفهوم الوحدة اليهودية تحرص على إخفائه. بل كانت المعارك تنشب أحياناً بين هذه القبائل كما حدث أثناء حكم القضاة حينما نشب صراع بين سكان منطقة جلعاد (قبيلة رؤوبين وجاد ونصف قبيلة منَسَّى) وقبيلة إفرايم. وقد هُزمت قبيلة إفرايم في هذه المعركة وذُبح كثير من أفرادها بعد أسرهم. وقد جاء في العهد القديم (قضاة 7/8، 12) أنه كلما كان يدَّعي أحد أفراد قبيلة إفرايم أنه من جلعاد كان يُطلَب منه أن ينطق بكلمة «شبُولت» أي «سنبلة»، فإن فشل في ذلك، بسبب اللهجة التي كانوا يتحدثون بها، كان يُذبَح. وهذا يدل على تلك الرغبة في الاستقلالية والتمييز بين القبائل المختلفة، كما يدل على قوة تأثير البيئة الكنعانية في مختلف القبائل بحيث كانت كل قبيلة تتبع اللهجـة السـائدة في المنطقة التي اسـتقرت فيها.
وقد هاجمت دبوره في أغنيتها (قضاة 5/24) سكان جلعاد وقبائل رؤوبين ودان، وأشارت إلى أنهم لم يهبّوا لنجدتها. ويذهب بعض العلماء إلى أن مرحلة القضاة لم تشهد ظهور قيادات قومية لكل القبائل إذ كانت لكل مجموعة من القبائل قيادتها المستقلة. ويبدو أن المحرِّض الأساسي على الصراعات والحروب كان قبيلة إفرايم التي كانت تخشى على مكان الصدارة الذي كانت تحتله. وهذا ما حدث بالفعل بعد اتحاد القبائل في المملكة العبرانية المتحدة خلال عصر داود وسليمان. فبعد موت سليمان، استقلت عشر قبائل تحت قيادة إفرايم (928 ق.م) وكوَّنت المملكة الشمالية التي كان لها استقلالها السياسي وبالتالي الديني، وذلك باعتبار أن الدين والسياسة كانا متداخلين في العالم القديم، كما كان الاستقلال الديني مظهراً من مظاهر الاستقلال السياسي.
منسَّى (منسه)
Menasseh
«منَسَّى» اسم عبري معناه «من ينسى» وهو اسم الابن البكر ليوسف. كما يُطلَق هذا الاسم على إحدى القبائل العبرانية التي كان نصيبها في الأرض موقعاً على ضفتي نهر الأردن. وكانت منَسَّى من القبائل الأولى التي هجَّرها الآشوريون.
رؤوبـين
Reuben
«رؤوبين» هو اسم عبري معناه «انظروا الابن» وهو الابن البكر ليعقوب وليئة. ويُطلَق هذا الاسم على إحدى القبائل العبرانية التي كان نصيبها من الأرض في شرق الأردن على البحر الميت. وكانت رؤوبين من أوائل القبائل التي هُجِّرت.
شـمعون
Simeon
«شمعون» اسم عبري معناه «سماع»، وهو اسم ابن ليعقوب من ليئة، ويُطلَق هذا الاسم على إحدى القبائل العبرانية التي لم يَحصُل أفرادها على نصيب من الأرض التي فُتحت، فسكنوا مدناً في أرض يهودا ثم استولوا على بعض المواقع من جبل سعير.
يسَّاكـــر
Issachar
«يسَّاكر» اسم عبري معناه «يعمل بأجرة»، أو «يرتزق» هو اسم لأحد أبناء يعقوب من ليئة. وأُطلق هذا الاسم على إحدى القبائل العبرانية التي امتدت الأرض التي أُعطيت لها من جبل الكرمل إلى نهر الأردن.
زبولــون
Zebulun
«زبولون» اسم عبري معناه «سكن» أو «إقامة»، وهو اسم ابن ليعقوب من ليئة. ويُطلَق هذا الاسم على إحدى القبائل العبرانية. كانت أرض هذه القبيلة تقع في أقصى الشمال، واشترك أفرادها مع كلٍّ من دبوره وباراق في حربهما ضد الكنعانيين. ولم يلعبوا دوراً مهماً في تاريخ العبرانيين.
بنيامـــين
Benjamin
«بنيامين» اسم عبري معناه «ابن يدي اليمنى». وهو اسم ابن ليعقوب من راحيل. وقد أُطلق هذا الاسم على إحدى القبائل العبرانية التي استقرت في جنوب فلسطين، وكان أفرادها مشهورين بشدة بأسهم وقوة بنيتهم. كان منهم أول ملوك العبرانيين. وكانت مدينة القدس وبيت إيل داخل حدودهم. وجاء في سفر القضاة أن القبائل تحالفت ذات مرة ضدَّهم وكادت تفنيهم عن آخرهم، وقد انضمت قبيلة بنيامين إلى يهودا حين انفك اتحاد القبائل داخل المملكة العبرانية المتحدة.
دان
Dan
«دان» اسم عبري معناه «القاضي». وهو اسم أحد أبناء يعقوب من بلْهة. وهو اسم إحدى القبائل العبرانية التي استقر أفرادها في وسط فلسطين من جهة الغرب. طردهم الفلستيون من هذه الأرض فاستوطنوا بقعة في الشمال بعد أن أبادوا سكانها الأصليين. ومنهم شمشون.
نفتـــالي
Naphtali
«نفتالي» اسم عبري معناه «مصارعتي». وهو اسم أحد أبناء يعقوب من بلْهة. ويُطلَق هذا الاسم على قبيلة عبرانية، كان نصيب أفرادها في الأرض وادي الليطاني والأردن وبحيرة طبرية.
جـاد
Gad
«جاد» اسم عبري معناه «طالع حسن». وهو اسم أحد أبناء يعقوب من زلفه. ويُطلَق هذا الاسم على إحدى القبائل العبرانية. وقد كان نصيب قبيلة جاد في شرق الأردن، كما اشتمل على الجزء الجنوبي من جلعاد.
آشـير
Asher
«آشير» اسم عبري معناه «سعيد» أو «مغتبط». وهو اسم أحد أبناء يعقوب من زلفة. كما أنه اسم إحدى القبائل العبرانية. امتدت المنطقة التي خُصِّصت لهم على ساحل البحر الأبيض من جنوب الكرمل إلى حدود صيدون (صيدا). ولم تتمكن قبيلة آشير من طرد الكنعانيين من المدن الساحلية مثل عكا وصور وصيدون. وكانت معظم المنطقة المعيَّنة لهم في يد الفينيقيين حتى عصر داود وسليمان. ولم تشترك قبيلة آشير في حرب دبوره وباراق ضد الكنعانيين.
إفــــرايم
Ephraim
«إفرايم» كلمة عبرية معناها «الثمار المضاعفة». وهو اسم أحد أبناء يوسف وأسنات، وهو اسم إحدى القبائل العبرانية. أما المنطقة التي عُيِّنت نصيباً لهم فكانت تقع في القسم الأوسط غربي فلسطين، وكانت شيلوه من أهم مدن إفرايم. ساعد الإفراميون دبوره وباراق في حربهما ضد الكنعانيين، ومنهم صموئيل. ويبدو أن هذه القبيلة كانت تتنازع القيادة مع قبيلة يهودا. ولذا، فقد تزعَّمت حركة الانشقاق بعد موت سليمان. ويُشار إلى المملكة الشمالية باعتبارها مملكة إفرايم.
اللاويون
Levites
«لاوي» اسم عبري معناه «مقترن». وفي الإنجليزية، يَرد هذا الاسم في صورة «ليفي». ولاوي ثالث أبناء يعقوب من ليئة، ويُطلَق اسمه على إحدى القبائل العبرانية الاثنتي عشرة، نصَّبهم موسى ليخدموا في خيمة الاجتماع مكافأة لهم على رفضهم الاشتراك في عبادة العجل الذهبي واشتراكهم في ذَبْح عبدته. وقد أُوكلت إلى كل عائلة من قبيلة لاوي مهام وواجبات محددة تتصل بنقل وجمع أجزاء خيمة الاجتماع إلى البرّية، وتعليم أفراد الشعب الشريعة. واختصت عائلة هارون ونسله بالخدمة داخل الخباء نفسه، وهو الهيكل فيما بعد. أما اللاويون، فقد كانوا متوسطين بين الشعب والكهنة ولم يجز لهم أن يقدموا ذبائح أو يحرقوا بخوراً أو يشاهدوا الأشياء المقدَّسة إلا مغطاة. ولذلك، حينما يحل وقت قراءة التوراة في الصلوات اليهودية بالمعبد اليهودي، ينادى على من يُتصور أنه من نسل الكهنة أولاً، ثم يُنادَى بعد ذلك على اللاويين.
وبعد تسلل القبائل العبرانية في أرض كنعان واستيطانهم إياها، قام يشوع بن نون بتوزيع القبائل للانتشار في الأرض. كما قام، حسب الرواية التوراتية، بتقسيمها بينهم دون اللاويين الذين لم ينالوا أي نصيب منها إذ أعطاهم ثماني وأربعين مدينة صغيرة في فلسطين بأسرها، وهي المدن الحرة أو مدن الملجأ التي يلجأ إليها القتلة إلى حين محاكمتهم، فإن كان القتل بالصدفة ظل القاتل في المدينة، أما إذا كان متعمداً فإنه يسلم للقبيلة للقصاص. ويذهب بعض العلماء إلى أن اللاويين لم يرتبطوا بأية أرض على الإطلاق لأن هـذا لا يتـفق مع مهامهم الكهنوتية. ويذهب فريق آخر إلى أن اللاويين لم يكونوا قبيلة، وإنما كانوا يضمون ممثلين لكل القبائل. وكان نظام الكهنة اللاويين قائماً على النظام الذي اتبعه الكهنة المصريون في تمثيل كاهن لكل معبد من معابد مختلف الآلهة المصرية في مصر القديمة، ومتفقاً أيضاً مع طبيعة النظام الديني قديماً في مصر وبلاد الرافدين على السواء حيث كانت هناك أسرة معيَّنة تختص بتَوارُث مهمة الكهانة وتطويع العلاقة بين الرب والمؤمنين ليتم التعبير عنها من خلال الكهنة وحدهم.
وكانت العلاقة بين اللاويين والكهنة غير مستقرة، فسفر التثنية يتحدث عن ضرورة أن ينضم اللاويون إلى صفوف الكهنة. ولكن يبدو أن السلطة الكهنوتية في القدس رفضت انخراطهم في سلكها ووضعتهم في منزلة متدنية في عبادة يسرائيل القربانية لأنهم اندمجوا مع الكنعانيين، وهكذا تم الفصل بين اللاويين والكهنة.
ويُلاحَظ أن اللاويين في عهد داود كانوا يُقسَّمون إلى أربعة أقسام:
1 ـ مساعدي الكهنة.
2 ـ القضاة ومندوبيهم والكتبة.
3 ـ البوَّابين.
4 ـ الموسيقيين.
وبهذا المعنى، يمكن الحديث عن اللاويين باعتبار أنهم قبيلة/طبقة وأنهم في مرحلة من المراحل أصبحوا الطبقة الحاكمة بمعنى الكلمة، وكذلك أداتها التنفيذية وجهازها الإداري، فمنهـم الشـرطة والقضـاة والكتبة. ولذا، فإننا نجد أن يُربعام الأول، لتأكيد استقلاليته وأمنه الداخلي، قام بطرد اللاويين من مملكته. وقد تحسَّن وضع اللاويين بعد العودة من بابل إذ أصبح الكهنة واللاويون يعودون بأصلهم إلى مصدر واحد وإن ظل الكهنة يشغلون أهم الوظائف الكهنوتية.
لاوي
Levi
«لاوي» اسم عبري معناه «مقترن». وهو اسم أحد أبناء يعقوب من ليئة. وقـد أُطلـق اسمه على إحدى القبائل العبرانية، ألا وهـي عشـيرة موسـى وهــارون التــي كانـت لها الزعامـة الدينيـة والاجتماعية على سـائر القـبائل. ويُقال لأفـراد هــذه القبيـلة «اللاويــون»، ومنهم الهارونيون الذين اضطلعوا بدور الكهنة.
يهـودا (قبيلة)
Judah (Tribe)
«يهودا» اسم عبري مأخوذ من اسم يهودا رابع أبناء يعقوب وليئة. والاسم يعني «الشكر لله». وقد كان يهودا هو الذي اقترح على إخوته ألا يذبحوا يوسف وأن يكتفوا ببيعه، كما كان قائد رحلة أسرة يعقوب إلى مصر. تزوج يهودا امرأة كنعانية، وتنتسب إليه أكبر قبائل العبرانيين وأهمها، وهي قبيلة داود التي سيأتي منها الماشيَّح وشعارها الأسد، ومن هنا يُقال «أسد يهودا». وقد سُمِّي كل العبرانيين «اليهود» نسبة إلى هذه القبيلة بعد شيوع اسمها جغرافياً في المنطقة الجنوبية. وقد ارتبط الاسم بمفهوم بيت يهودا بالمعنى الديني السياسي. وكانت قبيلة يهودا في صراع دائم مع قبيلة إفرايم من أجل الرئاسة والسيطرة على القبائل. والصيغتان «يهودا» و «يهوذا» متداولتان في اللغة العربية، ولكننا في هذه الموسوعة نقتصر على استخدام كلمة «يهودا» للإشارة إلى كلٍّ من الشخصية التوراتية التي تحمل هذا الاسم، والقبيلة أو المنطقة أو الدولة التي كانت تُدعَى كذلك.