الباب التاسع: الأدب اليديشـي
الأدب اليديشـــــي
Yiddish Literature
إذا كان يَصُعب الحديث عن «أدب عبري» حتى عام 1948، باعتبار أنه أدب يتبع عدة تشكيلات حضارية مختلفة، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى الأدب اليديشي المرتبط بتشكيل حضاري واحد في شرق أوربا، روسيا وبولندا على وجه الخصوص. ولذا، فإن مصطلح «الأدب اليديشي» مقدرة تفسيرية وتصنيفية عالية، خصوصاً إن ذُكر الانتماء القومي للكاتب باليديشية (بولندي، روسي،... إلخ). وظهرت أول أعمال أدبية يديشية في القرن السادس عشر، وكانت ترجمات للآداب الغربية وكُتُب الصلوات.
وقد استخدم بعض دعاة حركة التنوير اللغة اليديشية، بدلاً من العبرية، كلغة للتعبير الأدبي باعتبار أنها لغة حية وتتحدث بها الجماهير اليهودية من يهود اليديشية. ثم ظهر أساطين الأدب اليديشي وأهمهم إسحق بيريتس، وشالوم عليخيم، ومندلي موخير سيفوريم، الذين كتبوا أعمالاً روائية بالأساس. كما ظهر مسـرح يديشـي عام 1870 (مع تعـثُّر التحديث في الإمبراطورية الروسية)، ولكنه لم يتطور وينمو إلا في الولايات المتحدة والأرجنتين حيث حمل المهاجرون الروس اليهود اللغة أو اللهجة اليديشية معهم، والتي أصبحت لغة الشارع اليهودي في المهجر. وكانت هناك مراكز للأدب اليديشي أينما هاجر يهود اليـديشـية، لكن المركز الأساسي كان في بولندا وروسيا ثم الولايات المتحـدة. وربما كان الاستثناء الوحيد من القاعدة هو فلسطين حيث كانت المؤسسة الصهيونية تعارض اللغة اليديشية.
تمتع الأدب اليديشي بمرحلة من الازدهار والإبداع الأدبي ساعد عليها حزب البوند والتنظيمات العمالية اليهودية التي تبنت اليديشية كلغة للجماهير اليهودية في شرق أوربا. لكن فترة الازدهار هذه كانت قصيرة للغاية، فاليديشية لم تُستخدَم كلغة للتعبير الأدبي إلا في نهاية القرن التاسـع عشـر، أي أنه لم يكـن هناك تراث أدبي يديشي. وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، ظهرت عوامل حضارية وسياسية قضت على فرص هذا الأدب في التطور من أهمها أن يهود اليديشية أنفسهم اندمجوا في محيطهم الحضاري (السوفيتي والأمريكي)، واختفت اليديشية كلغة للتعامل. كما أن العقول المبدعة من بين أعضاء الجماعات اليهودية تبدع عادةً من خلال التشكيل الحضاري الذي تنتمي إليه ومن خلال لغة المجتمع الذي تعيش في كنفه، خصوصاً إذا كان المجتمع متسامحاً معهم، ويتيح لهم بعض فرص الحراك الاجتماعي والاقتصادي.
ولذا، يُلاحَظ أن أساطين الأدب اليديشي الذين ماتوا مع أواخر الحرب العالمية الأولى، مثل: بيريتس (1915) وشالوم عليخيم (1916) ومندلي موخير سيفوريم (1917)، لم يَخلُفهم أحد في مستواهم الأدبي. ومما لا شك فيه أن الإبادة النازية لليهود، خصوصاً يهود اليديشية، والتصفيات الستالينية في الاتحاد السوفيتي، ساهمت في القضاء على كثير من كُتَّاب اليديشية. ولكن يظل العنصر الأساسي اختفاء جماهير اليديشية. ولذا، لم يَعُد من المجدي للأدباء الكتابة بهذه اللغة، ونجد كاتبـاً مهـماً وشــهيراً (مثـل باشيفـيس سـنجر) ينتقل إلى الكتــابة بالإنجلــيزية، أو يكتـب باليديشـية مدركاً أن عمله الأدبي سيترجــم إلى الإنجليزيــة. هــذا، رغـم عدم تعرض يهود الولايات المتحــدة لإبادة أو تصفية أو اضطهاد. وكانت تَصدُر في الاتحاد الســوفيتي مجلة سوفيتيش هايملاند، وهي مجلة أدبية يديشية.
منــدلي موخــير ســفوريم (1836-1917)
Mendle Mocher Sephorim
أديب يكتب بالعبرية واليديشية اسمه الحقيقي «شالوم جيكوب أبراموفيتش»، أما اسمه الأدبي فهو «مندلي موخير سفوريم» وهي عبارة عبرية تعني «مندلي بائع الكتب». وُلد في روسيا وتلقى تعليماً تقليدياً. ويُعَدُّ مندلي أحد مؤسسي الأدب اليديشي. قابل وهو بعد في سن السابعة عشرة متسولاً يُسمَّى أبراهام الأعرج أقنعه بأن ينضم إلى جماعة المتسولين التي كان يرأسها أو يديرها. وبعد فترة من التسول والتنقل بين المدن، فرَّ مندلي من الجماعة والتقى بأحد دعاة حركة التنوير الذي لقنه تعليماً حديثاً بما في ذلك الروسية والألمانية والرياضيات وأثر فيه تأثيراً عميقاً إذ استوعب مندلي مُثُل الحركة والفلسفة الوضعية. ودعا مندلي إلى علمنة أسلوب حياة اليهود، وكان من أوائل دعاة حركة التنوير ثم الصهيونية.
تأثر مندلي بأعمال تورجينيف وفيكتور هوجو، وكتب بالعبرية دون أن يحالفه النجاح. وفي عام 1864، قرر أن يكتب باليديشية وهو قرار كان يُعَدُّ خطوة جريئة نظراً لأن اليديشية كان يُنظَر إلىهــا باعتبـارها رطانة فاسدة لا تستـحق أن يكتب بها المثقفون، كمـا لـم يكن هنــاك أدب جـاد مكتـوب بهـا إذ اقتــصرت الأعمـال المكتـــوبة بهـذه الرطـانة على الصلـوات وبعـض القصـص الشعـبية. ولكـن مندلي ارتأى أن هذه هي لغة الجماهير اليهودية التي يجب أن يصل إليها. وحتى ينجز ذلك، خلق شخصية أدبية هي شخصية بائع كتب، واختار لنفسه هذا الاسم الأدبي الذي اشتهر به. أحدثت كتاباته ثورة في عالم الأدب اليديشي، إذ صور الجيتو بطريقة واقعية وشاملة: شخصياته وعاداته ونكاته ومآسيه، ولكنه كان تصويراً مشوباً بالتعاطف رغم قسوته في الوصف. وكان من أوليات أعماله اليديشية رواية الرجل الصغير (1864)، ومسرحية ضريبة اللحم (1869)، وهي مسرحية انتقادية يسخر فيها من المؤسسة اليهودية التي صارت أداة في يد القهر القيصري. ومن أهم أعماله الأخرى فيشكه المتسول (1869) التي تستند إلى تجربته الشخصية وتروي قصة حب حزينة بين فشكه وفتاة متسولة. أما رواية المهر العجوز (1873)، فهي قصة رمزية عن تجربة يهود شرق أوربا، أي يهود اليديشية.
وعاد مندلي إلى الكتابة بالعبرية بعد عام 1886 وحقق نجاحاً لا بأس به. وكانت أولى رواياته العبرية هي مكان الرعد الخفي (1886). ومن أهم أعماله الأخرى بالعبرية الحلقات التلمودية السماوية والأرضية (1894 - 1895) حيث يصف انقسام أعضاء الجماعة اليهودية بين الاندماجيين والأرثوذكس والصهاينة ويقدم وجهات نظرهم المتصارعة. ويظهر المؤلف نفسه كأحد شخصيات الرواية، ولكن موقفه يتسم بالتردد، فيدافع عن حركة التنوير تارة وعن الأرثوذكسية طوراً وعن الصهيونية مرة ثالثة. ولكن، مع هذا، يمكن القول بأن ما يسم أعماله ليس تردده وإنما سخريته العميقة من حياة أعضاء الجماعة اليهودية في شرق أوربا، الأمر الذي حدا ببعض النقاد إلى المطالبة بتطهير قصصه من تلك الفقرات التي يعدونها شرسة في هجومها. وقد ترك مندلي أثراً عميقاً في الأدباء الذين كتبوا بالعبرية واليديشية من بعده.
إسحق بيريتس (1851-1915)
Isaac Peretz
شاعر ومؤلف وُلد في بولندا وكتب بالعبرية واليديشية. تأثر بالفكر الحسيدي في مقتبل حياته، لكنه اطلع على فكر حركة التنوير وتأثر به، وكان أول أعماله الأدبية مجموعة من القصائد بالعبرية (1877) ثم نشر في عام 1888 قصيدة «مونيش» باليديشية، وهي قصيدة طويلة تتناول حياة الجماعة اليهودية في شرق أوربا أي يهود اليديشية. وقد ذاع صيته بعد ذلك، واُعتبر أحد مؤسسي الأدب اليديشي. ومن أهم أعماله النثرية صور من رحلة ريفية (1891) حيث وصف الفقر والذل في منطقة الاستيطان. وقد كتب أيضاً قصصاً قصيرة باليديشية من أشهرها «مناظر مألوفة» عام 1890. وكتب مسرحية بالعبرية ثم ترجمها إلى اليديشية بعنوان في السوق القديم ليلاً (1907)، وهي صورة بانورامية للوجود اليهودي في بولندا.
شــــالوم عليـــخيم (1859-1916)
Shalom (Sholem) Aleichem
كاتب يديشي اسمه الحقيقي «شالوم رابينوفتس»، أما اسمه الأدبي فهو «شالوم عليخيم»، وهي عبارة عبرية تعني «السلام عليكم». وُلد في أوكرانيا وكان أبوه تاجراً ميسور الحال، مهتماً بفكر حركة التنوير. وقد تدهورت الأحوال المالية للأسرة، كما ماتت أم شالوم وتزوج أبوه مرة ثانية. وكان أول أعمال شالوم، الذي كان يتمتع بموهبة السخرية، معجم باليديشية للشتائم واللعنات التي عادةً ما كانت تصبُّها زوجة الأب على رؤوس أولاد زوجها. كما كتب شالوم بعض المقالات وبعض الأعمال الأدبية بالعبرية. ولكنه، ابتداءً من عام 1883، قرَّر أن تكون كل أعماله باليديشية، وأصبح بذلك أحد مؤسسي الأدب اليديشي. واتخذ لنفسه اسماً أدبياً ينشر به لأنه لم يكن يجرؤ على أن ينشر بهذه الرطانة التي كانت محط احتقار المثقفين اليهود الذين كانوا يكتبون إما باللغات الأوربية أو بالعبرية، لغة النخبة.
وقد نجح شالوم عليخيم في أن يخلق عالماً مُحدَّد المعالم، سجل فيه حياة يهود شرق أوربا بكل تفاصيلها وبطريقة تختلط فيها المأساة بالملهاة. وأصبحت شخصياته جزءاً من مصطلح يهود اليديشية، فمثلاً إن أشار أحدهم إلى أن فلاناً أصبح «مناحيم مندل» فإن هذا يعني أنه شخص خيالي صاحب مشاريع لا يمكن أن تتحقق. وقد حاول مناحيم هذا، كما رسمه شالوم عليخيم، أن يعمل كخاطبة نظير أجر، لكنه اكتشف أنه كان يرتب زواجاً بين فتاتين. ومن أهم شخصياته «طوبيا اللبان»، وهو فلاح جاهل يضرب بجذوره في الأرض لا تتعدى ثقافته ثقافة يهود اليديشية، وهو يقتبس كلمات العهد القديم دون أن يدرك معناها على وجه الدقة ولكنه يعرف معناها على وجه العموم. وقد استُخدمت هذه الشخصية في المسرحية الغنائية الشهيرة «عازف الكمان على السطوح» بعد أن أُعطيت بُعْداً صهيونياً. ويُعَدُّ شالوم عليخيم من أهم كُتَّاب اليديشية إن لم يكن أهمهم على الإطلاق.
س. آن-سكي (1863-1920)
S. An-Ski
واحد من أهم أدباء اليديشية ومن المهتمين بفلكلور يهود اليديشية اسمه الحقيقي شلوبيم زانفيل رابابورت. وُلد في روسيا البيضاء وكان أبوه وكيلاً لأحد المُلاَّك الزراعيين من بقايا يهود الأرندا، وكانت أمه تُسمَّى حنا أو أنَّا (وقد يكون هذا هو مصدر اسمه المستعار). تأثر بفكر حركة التنوير وحركة الشعبيين الروس (نارودنكي) وبالفكر الاشتراكي، فترك منزله وهو بعد في السادسة عشرة وذهب ليعيش بين العمال والفلاحين الروس حيث عمل حداداً وعاملاً ومدرساً. واضطر إلى الهرب إلى باريس عام 1892 بسبب نشاطه الثوري، وعاد منها عام 1905. كتب أن سكي مؤلفاته بالروسية، ولكنه انضم عند عودته إلى حزب البوند وبدأ يكتب باليديشية قصصاً وأساطير عن فقر يهود روسيا، كما نظم أنشودة حزب البوند (القَسَم). وبدأ يهتم بالفلكلور، فانضم إلى بعثة لجمع الفلكلور اليديشي (نظمها المليونير الروسي اليهودي البارون جونزبورج). وقد مات أن سكي في وارسو.
تبلغ الأعمال الكاملة لآن سكي خمسة عشر جزءاً، لكن أهم أعماله وأشهرها هي مسرحية الديبوق (الالتصاق) التي نُشرت عام 1919. وقد ترجمت هذه المسرحية إلى عدة لغات، وتدور أحداثها حول رجل وحبيبته لا يتم زواجهما بسبب جشع والدة الحبيبة، ويموت الحبيب لكنه بمساعدة آليات القبَّالاه ينجح في أن يتلبَّس جسد حبيبته، وحينما ينجح الحاخامات في طرد روحه تموت الحبيبة وتلتحم روحاهما. ولم تُمثَّل المسرحية إلا بعد وفاة آن سكي، لكنها لاقت نجاحاً كبيراً. وتم إخراجها سينمائياً عدة مرات، كما أن هناك أوبرات ومسرحيات موسيقية مُقتَبسة منها.
شــــوليم آش (1880-1957)
Sholem Asch
روائي وكاتب مسـرحي. تلقى تعليماً دينياً حتى سن السـابعة عشرة، ثم تعرَّف على فكر حركة التنوير. كتب أول أعماله بالعبرية، ولكن أهم أعماله كتبه باليديشية. أحرز شهرة في الأوساط اليديشية بروايته المدينة. ومن رواياته الأخرى أمريكا، و موتكي اللص. وتُعَدُّ مسرحيته رب الانتقام من أهم المسرحيات اليديشية. هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1910 حيث استمر في الكتابة باليديشية. وتصور روايتاه المدن الثلاث و الخلاص جوانب من حياة يهود اليديشية في أوربا. أما روايته النهر الشرقي فتتناول حياة الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة. حاول في رواياته الأخيرة، موسى و النبي و الناصري أن يضيق الهوة العقائدية بين اليهود والمسيحيين بأن يبيِّن ما تصوَّره تراثهم الروحي المشترك. وأثار هذا غيظ الأوساط الأرثوذكسية واليديشية عليه، فاتُهم بالقيام بنشاط تبشيري. استقر شوليم في إسرائيل قبل وفاته بعامين، ولا ندري سبب اتخاذه هذه الخطوة مع أن أدبه ذو نزعة يديشية وإنسانية عالمية معادية للصهيونية. ولعل ذلك يعود إلى اختفاء قراء اليديشية في الولايات المتحدة.
ســولومـون ميخــولز (1890-1948)
Solomon Mikhoels
ممثل في المسرح اليديشي. وكان المدير اليهودي لمسرح الدولة، ورئيس لجنة معاداة الفاشية في الاتحاد السوفيتي. قُتل في حادث سيـارة، ويُقال إن البوليـس السـري السـوفيتي قـام بتدبير ذلك الحادث. وفي عهد جورباتشوف، تم تأسيس مركز ثقافي في الاتحاد السوفيتي سُمِّي باسمه ولكنه أُغلق بعد قليل.
بيريتس ماركيش (1895-1952)
Peretz Markish
شاعر وروائي وكاتب مسرحي روسي كان يكتب باليديشية. وُلد في فولينيا وتلقَّى في صباه تعليماً دينياً يهودياً تقليدياً، ثم تلقَّى بعض الدراسات الجامعية في أوديسا. وكان ماركيش العضو الأصغر في ثلاثي كييف الأدبي الذي ضم إلى جانبه الأديبين هوفشتاين وكفيكو. وقد أصدر معهما مجموعة من الأعمال الأدبية والشعرية تضم الشعر والأدب اليديشي الحديث، وتشيد بالثورة والدولة السوفيتية الجديدة، كما تعبِّر عن تجارب الحرب العالمية الأولى وأعمال الهجوم ضد اليهود. وترك ماركيش روسيا عام 1919، فانتقل إلى بولندا وزار فرنسا وانجلترا وفلسطين. وأسس في وارسو مجلة أدبية. وفي عام 1922، شارك مع الكاتب إسرائيل جـوشوا سـنجر في تحـرير أول مجمـوعة من المختارات الأدبية، وأصدر مجموعة ثانية في باريس بالتعاون مع فارشافسكي ومارك شاجال الذي شارك برسومه.
عاد ماركيش مرة أخرى إلى الاتحاد السوفيتي عام 1926 بعد أن أصيب بخيبة أمل من وضع الجماعة اليهودية في بولندا وتزايد الاتجاهات المعادية لهم. وقد أصبح من الشخصيات الأدبية البارزة في الاتحاد السوفيتي وأصدر قصائد عديدة تشيد بالنظام السوفيتي وبستالين، كما تم عرض العديد من مسرحياته على المسارح اليديشية والروسية في أنحاء الاتحاد السوفيتي حيث كانت تتناول مواضيع تحول الجماهير اليهودية إلى العمل المنتج سواء في الزراعة أو الصناعة واستيعابهم في البناء الاشتراكي الجديد. عمل ماركيش سكرتيراً لجمعية الكتاب اليهود، وتلقَّى وسام لينين عام 1939. وفي عام 1942، عمل كمراسل صحفي على الجبهة الروسية الألمانية. وقد كانت أعماله خلال فترة الحرب تتسم بوطنيتها الشديدة والحزن على مصير اليهود. وتم إلقاء القبض عليه عام 1948 مع غيره من الكُتَّاب والأدبـاء الروس اليهود، وأخيراً أُعـدم عـام 1952. ورُدَّ الاعتبار إليه بعد موت ستالين ونُشرت قصائده بالروسية عام 1957.
إسـحق فيفر (1900-1952)
Isaac Fefer
شاعر وناقد وكاتب مسرحي روسي كان يكتب باليديشية. وُلد في أوكرانيا وعمل منذ وقت مبكر في مطبعة. وانضم إلى حزب البوند كما اشترك في الحرب الأهلية الروسية التي أعقبت ثورة 1917. وفي سنة 1919، انضم إلى الحزب الشيوعي، وهي السنة نفسها التي نشر فيها أول أشعاره في جريدة العلم الشيوعي في كييف. وأصبح فيفر من أبرز أدباء اليديشية السوفييت، وكانت قصائده تتناول تجاربه خلال الحرب الأهلية وعمليات الهجوم ضد اليهود، كما كانت تتناول التحولات الاجتماعية بين الجماعة اليهودية في ظل الدولة السوفيتية. ومن بين قصائده قصيدة «ستالين» الشهـيرة، و «أنا اليهـودي» التـي كتبـها خـلال الحـرب العالمية الثانية، و«ظلال جيتو وارسو». كما كتب قصائد حول تجربة بيروبيجان. وفي عام 1933 أصدر كتاباً حول الأدب اليـديشي فـي الدول الرأسمالية هاجم فيه بحدة كُتَّاب اليديشية البارزين في هذه البلاد.
وقد خدم فيفر في الجيش الروسي خلال الحرب العالمية الثانية، كما زار الولايات المتحدة وكندا كممثل للجنة اليهودية المعادية للفاشية من أجل كسب دعم وتأييد الجماعة اليهودية في هذين البلدين للاتحاد السوفيتي في حربه ضد ألمانيا النازية. تم إلقاء القبض على فيفر عام 1948 في ظل حكم ستالين، ضمن غيره من الكُتَّاب الروس اليهود، وأُعدم في عام 1952. وقد رُدَّ الاعتبار إليه بعد وفاة ستالين، كما تم إصدار أعماله مُترجَمة إلى الروسية في الاتحاد السوفيتي عام 1958.
إسـحق باشيفيس سنجر (1904-1990)
Isaac Bashevis Singer
صحفي وكاتب روائي يديشي. وهو شقيق الكاتب اليديشي إسرائيل سنجر. وُلد في بولندا لأسرة حاخامية، وكان أبوه يعقد بيت دين (محكمة شرعية) في منزله. وتلقى باشيفيس تعليماً دينياً تقليدياً، وانغمس في الدراسات القبَّالية، إلا أنه درس أيضاً بعض العلوم الدنيوية. وتركت فيه هذه العناصر المختلفة والمتناقضة أعمق الأثر. من أهم الموضوعات في رواياته ما سُمِّي بالنزعة المضادة للبروميثية (أو الفاوستية) التي تتبدَّى في روايته الشيطان في جوري (1953) حيث يستخدم البطل العارف بأسرارالقبَّالاه الصيغ القبَّالية المختلفة للسيطرة على الواقع ولكنه يقع، في نهاية الأمر، في قبضة الشيطان، تماماً مثل فاوستوس. وأبطال باشيفس لا سلطان لهم على عواطفهم الشيطانية التي تتملكهم.
هاجر باشيفيس سنجر إلى الولايات المتحدة عام 1935، وبدأت رواياته تظهر باليديشية (على هيئة حلقات في الصحف اليديشية) وكذلك بالإنجليزية، أي أنه كان يكتب لجمهورين مختلفين. ويُلاحَظ أن باشيفيس سنجر يربط بين العنصر الشيطاني البروميثي والجنس، وهذا يعود إلى أثر القبَّالاه فيه. وقد نُشرت أولى رواياته في الولايات المتحدة عام 1950 وهي رواية ملحمية واقعية عن وارسو قبل الحرب العالمية الثانية. وقد ظهرت روايات عديدة لباشيفيس، الضيعة (1967)؛ وهي رواية واقعية تؤرخ لأسرة يهودية بولندية في القرن التاسع عشر، ولكنها رواية مُفكَّكة في بنيتها، ثم ظهرت لها تتمة بعنوان الضيعة (1970). أما رواية ساحر لوبلين (1960)، فهي تتناول مرة أخرى الموضوع الفاوستي ومخاطره. وتدور أحداث رواية العبد (1962) إبّان انتفاضة شميلنكي،وتتناول شخصية يهودي يحب ابنة الفلاح الذي استعبده.لكن تميُّز باشيفيس يتجلى في رواياته القصيرة جمبل (1957)،و إسبينوزا شارع السوق (1961)،و الجمعة القصيرة (1964).وكل هذه الروايات خلفيتها هي الشتتل الذي عادةً ما يزوره رسل الشيطان،وهي تتضمن تحليلات في المرض النفسي والشر الإنساني.وقد حصل باشيفيس سنجر على جائزة نوبل في الأدب.