منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 موسى وهارون (عليهما السلام)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

موسى وهارون (عليهما السلام) Empty
مُساهمةموضوع: موسى وهارون (عليهما السلام)   موسى وهارون (عليهما السلام) Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2013, 7:58 am

موسى وهارون عليهما السلام

موسى وهارون (عليهما السلام) Images?q=tbn:ANd9GcQORRm1d1zejoIdSBUKBb8nuIcxVnk2ElQxLr2eC_SN3zFKmgdE

في الزمن الماضي كان يعيش في مصر ملك جبار طاغية، يعرف بفرعون، استعبد قومه وطغى عليهم، وقسم رعيته إلى عدة أقسام، استضعف طائفة منهم، وأخذ في ظلمهم واستخدامهم في أخس الأعمال شرفًا ومكانة، وهؤلاء هم بنو إسرائيل الذين يرجع نسبهم إلى نبي الله يعقوب-عليه السلام- وقد دخلوا مصر عندما كان سيدنا يوسف -عليه السلام- وزيراً عليها.


وحدث أن فرعون كان نائمًا، فرأى في منامه كأن نارا أقبلت من بيت المقدس، فأحرقت مصر جميعها إلا بيوت بني إسرائيل، فلما استيقظ، خاف وفزع من هذه الرؤيا، فجمع الكهنة والسحرة وسألهم عن تلك الرؤية فأخبروه بأن غلامًا سيولد في بني إسرائيل، يكون سببا لهلاك أهل مصر، ففزع فرعون من هذه الرؤيا العجيبة، وأمر بقتل كل مولود ذكر يولد في بني إسرائيل، خوفا من أن يولد هذا الغلام.


ومرت السنوات، ورأى أهل مصر أن بني إسرائيل قل عددهم بسبب قتل الذكور الصغار، فخافوا أن يموت الكبار مع قتل الصغار، فلا يجدون من يعمل في أراضيهم، فذهبوا إلى فرعون وأخبروه بذلك، ففكر فرعون، ثم أمر بقتل الذكور عامًا، وتركهم عامًا آخر.


فولد هارون في العام الذي لا يُقتل فيه الأطفال. أما موسى فقد ولد في عام القتل، فخافت أمه عليه، واحتار تفكيرها في المكان الذي تضعه فيه بعيدًا عن أعين جنود فرعون الذين يتربصون بكل مولود من بني إسرائيل لقتله، فأوحى الله إليها أن ترضعه وتضعه في صندوق، ثم ترمي هذا الصندوق في النيل إذا جاء الجنود، قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (7) سورة القصص.


فجهزت صندوقًا صغيرًا، وأرضعت ابنها، ثم وضعته في الصندوق، وألقته في النيل عندما جاء جنود فرعون، وأمرت أخته بمتابعته، والسير بجواره على البر لتراقبه، وتتعرف على المكان الذي استقر فيه الصندوق.


وظل الصندوق طافيًا على وجه النهر وهو يتمايل يمينًا ويساراً، تتناقله الأمواج من جهة إلى أخرى، ثم استقرت به تلك الأمواج ناحية قصر فرعون الموجود على النيل، ولما رأت أخته ذلك أسرعت إلى أمها لتخبرها بما حدث. وكانت السيدة آسية زوجة فرعون تمشي في حديقة القصر كعادتها، ويسير من خلفها جواريها، فرأت الصندوق على شاطئ النهر من ناحية القصر، فأمرت جواريها أن يأتين به، ثم فتحنه أمامها، ونظرت آسية في الصندوق، فوقع نظرها على طفل صغير، فألقى الله في قلبها محبة هذا الطفل الصغير.


وكانت آسية عقيمًا لا تلد، فأخذته وضمته إلى صدرها ثم قبلته، وعزمت على حمايته من القتل والذبح، وذهبت به إلى زوجها، وقالت له في حنان ورحمة: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} (9) سورة القصص.فلما رأى فرعون تمسك زوجته بهذا الطفل، وافق على طلبها ولم يأمر بقتله، واتخذه ولدًا.


ومرت ساعات قليلة وزوجة فرعون تحمل الطفل فرحة مسرورة به، تضمه إلى صدرها وتقبله، وفجأة بكى موسى بشدة، فأدركت السيدة آسية أنه قد حان وقت رضاعته فأمرت بإحضار مرضعة لترضعه، وتهتم بأمره، فجاء إلى القصر عدد كثير من المرضعات، لكن الطفل امتنع عن أن يرضع منهن، مما جعل أهل القصر ينشغلون بهذا الأمر، واشتهر هذا الأمر بين الناس، فعرفت أخته بذلك، فذهبت إلى القصر، وقابلت السيدة آسية زوجة فرعون، وأخبرتها أنها تعلم مرضعة تصلح لهذا الطفل. ففرحت امرأة فرعون، وطلبت منها أن تسرع، وتأتي بتلك المرضعة، فذهبت إلى أمها فوجدتها حزينة على ابنها حزنًا كبيرًا، فأخبرتها بما حدث بينها وبين زوجة فرعون، فهدأت نفس أم موسى وارتاح بالها.


ذهبت أم موسى مع ابنتها إلى قصر فرعون، ولما دخلته أتوها بالرضيع، وبمجرد أن قدمت له ثديها أقبل عليه الطفل وشرب وارتوى، وأخذت الأم ابنها إلى بيته الذي ولد فيه، فعاش موسى فترة رضاعته مع أبيه وأمه وإخوته، ولما عاد إلى قصر فرعون اهتموا بتربيته تربية حسنة، فنشأ وتربى كأبناء الملوك والأمراء قويًّا جريئًا متعلماً.


كبر موسى، وصار رجلاً قويًّا شجاعًا، وذات يوم، كان يسير في المدينة فرأى رجلين يتشاجران، أحدهما من قومه بني إسرائيل، والآخر قبطي من أهل مصر، فاستغاث الإسرائيلي بموسى، فأقبل موسى، وأراد منع المصري من الاعتداء، فدفعه بيده فسقط على الأرض ميتًا، فوجد موسى نفسه في موقف عصيب، لأنه لم يقصد قتل هذا الرجل، بل كان يريد الدفاع عن مظلوم فقط، وحزن موسى، وتاب إلى الله ورجع إليه، وأخذ يدعوه سبحانه أن يغفر له هذا الذنب.


ولكن سرعان ما انتشر الأمر في المدينة، وأخذ الناس يبحثون عن القاتل، ليعاقبوه، فلم يعثروا عليه، ومرت الأيام، وبينما موسى كعادته يسير في المدينة؛ فوجد الرجل الإسرائيلي نفسه يتشاجر مع مصري آخر، واستغاث مرة ثانية بموسى فغضب موسى من هذا الأمر، ثم تقدم ليفض هذا النزاع، فظنَّ الإسرائيلي أن موسى سيقبل عليه؛ ليضربه لأنه غضبان منه، فقال له: {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} (19) سورة القصص.


وعلم المصريون أن موسى هو القاتل، فأخذوا يفكرون في الانتقام منه، وجاء إليه من ينصحه بأن يبتعد عن المدينة. فخرج موسى من المدينة وهو خائف، يتلفت يمينًا ويساراً يترقب أهلها، ويدعو الله أن ينجيه من القوم الظالمين.


 خرج موسى عليه السلام من مصر خائفًا يترقب وهو يقول: رَبّ نَجّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص:21]، ثم توجه تلقاء مَدْيَن وهو يلهج بالدعاء: عَسَى رَبّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَاء السَّبِيلِ [القصص:22]، ثم يدخل ديار مَدْيَن ويحدث له فيها قصة، قصةٌ لم يتجاوزها القرآن، كما هي طريقته المعجزة في طيّ السنين والوقوف عند الحدث المؤثر فحسب.


لقد وقف القرآن مع هذا الحدث ليدلّ على أهمّيّته وضرورة التماس العبرة منه، فخذ الحدث مقرونًا بدلالاته ممزوجًا بإشاراته، لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأوْلِى الألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى [يوسف:111].


دخل موسى ديار مدين وقد أجهده التعب وأضناه، يصوّر ذلك ابن عباس رضي الله عنهما بقوله: (سار موسى من مصر إلى مدين ليس له طعام إلا البقل وورق الشجر، وكان حافيًا، فما وصل إلى مدين حتى سقطت نعل قدميه، وبطنه لاصق بظهره من الجوع، وإن خضرَة البقل لتُرى من داخل جوفه، وإنه لمحتاج إلى شقّ تمرة).


فيرد ماء مدين ليروي عطشه ويبلّ كبده، لكنه يرى مشهدًا يلهيه عن ذلك، مشهد لا ترضاه النفوس الأبيّة ولا تقبله الفِطَر السوية. وجد الرعاةَ يُورِدون أنعامهم لتشرب، ووجد هناك امرأتين تمنَعَان غنمَهما أن ترد مع غنم أولئك القوم، خشيةَ أن تؤذََيا أو يحلّ بهما مكروه. إنها الاستهانة بحقّ الضعيف، حتى لكأنما الدنيا ملك الغني القوي فحسب.


لقد أثار هذا الموقف في نفس موسى من الرحمة والشفقة والمروءة ما أثار، الشيء الذي جعله ينسى رَهَقَ الطريق وتعبه، فيتقدم لإقرار الأمر في نصابه وإعادة الحقّ إلى أصحابه، تقدم ليسقي لهما أولاً قبل أن يتولى إلى الظل ليرتاح.


وإذا كانت النفوس كبارًا…تعبت في مرادها الأجسام

وينبغي أن لا يغيب عن ذهنك وأنت ترى هذه الصورة المشرقة أنّ موسى عليه السلام غريب في ديار مدين لا يُعرف، ليس له سند ولا ظهير، ومن عادة الغريب أن يكون هيّابًا، فكيف إذا كان مع ذلك مُطارَدًا شريدًا؟! لكن هذا كلّه لم يكن ليمنع سجاياه الكريمة أن تظهر، وشيمة المؤمن تجعله لا يقدم المعروفَ للمعروفِ فحسب، بل يبذله للناس عامة.


وأيضا فإن موسى عليه السلام مكدود الخاطر قادم من سفر طويل، لا زاد له ولا استعداد، شريد مطارد يترقّب، ولم يكن ذلك كلّه ليقعده عن تلبية دواعي المروءة والمعروف،{ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِى حَتَّى يُصْدِرَ الرّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا [القصص:23، 24].


  عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّ مُوسَى عليه السلام لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ ، فَلَمَّا فَرَغُوا أَعَادُوا الصَّخْرَةَ عَلَى الْبِئْرِ ، وَلاَ يُطِيقُ رَفْعَهَا إلاَّ عَشْرَةُ رِجَالٍ , فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ، قَالَ : مَا خَطْبُكُمَا فَأَخْبَرَتَاهُ فَأَتَى الْحَجَرَ فَرَفَعَهُ ، ثُمَّ لَمْ يَسْتَقِ إلاَّ ذَنُوبًا وَاحِدًا حَتَّى رُوِيَتْ الْغَنَمُ وَرَجَعَتْ الْمَرْأَتَانِ إلَى أَبِيهِمَا فَحَدَّثَتَاهُ , وَتَوَلَّى مُوسَى عليه السلام إلَى الظِّلِّ ، فَقَالَ : رَبِّ إنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ، قَالَ : فَجَاءَتْهُ إحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ وَاضِعَةً ثَوْبَهَا عَلَى وَجْهِهَا ، قَالَتْ : إنَّ أَبِي يَدْعُوك لِيَجْزِيَك أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ، قَالَ لَهَا : امْشِي خَلْفِي وَصِفِي لِي الطَّرِيقَ , فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ تُصِيبَ الرِّيحُ ثَوْبَك فَيَصِفَ لِي جَسَدَك ، فَلَمَّا انْتَهَى إلَى أَبِيهَا قَصَّ عَلَيْهِ ، قَالَتْ إحْدَاهُمَا : يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ ، قَالَ : يَا بُنَيَّةُ , مَا عِلْمُك بِأَمَانَتِهِ وَقُوَّتِهِ، قَالَتْ : أَمَّا قُوَّتُهُ فَرَفْعُهُ الْحَجَرَ ، وَلاَ يُطِيقُهُ إلاَّ عَشْرَةٌ , وَأَمَّا أَمَانَتُهُ ، فَقَالَ : لِي امْشِي خَلْفِي وَصِفِي لِي الطَّرِيقَ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تُصِيبَ الرِّيحُ ثَوْبَك فَتَصِفَ جَسَدَك ، فَقَالَ : عُمَرُ فَأَقْبَلَتْ إلَيْهِ لَيْسَتْ بِسَلْفَعٍ مِنْ النِّسَاءِ لاَ خَرَّاجَةٌ ، وَلأَوَلاَجَةٌ , وَمَعَهُ , ثَوْبُهَا عَلَى وَجْهِهَا. 


ما أجمل أن يجتمع مع الإيمان قوّة الجسد وكمال البنية وتمام الصحة، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَىْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ »  .


سقى لهما موسى عليه السلام ولم يكن في سقيه يطلب أجرًا، تولى عنهما، لم ينتظر كلمة مدح أو عبارة ثناء،{ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلاَ شُكُورًا [الإنسان:9].


توجه موسى عليه السلام ببدنه إلى الظلّ ليتّقي شدّة الحر، ولكن توجّهه الأكبر كان في قلبه وروحه، حين توجه إلى ظلال رحمة الوهاب، توجه إلى الله يناديه ويعرض حاله عليه ويناجيه،{ رَبّ إِنّى لِمَا أَنزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24].


يا فالق الإصباح أنت ربي…وأنت مولاي وأنت حسبي

إن من يأوي إلى الله يأوي إلى ركن شديد وإلى مولى حميد، فأين الفقير؟! وأين الشريد؟! وأين الأسير والكسير؟! وأين من يبغي صلاح ولده وشفاء جسده؟! إِنَّ رَبّى قَرِيبٌ مُّجِيبٌ [هود:61].


دعا موسى عليه السلام وأَلحَّ، فاستجاب الله له وما أسرع ردَّ الجواب من الوهاب، فها هي إحدى البنات تقبل عليه، تبلّغه دعوة أبيها:{ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [القصص:25]}.


ولكن ثمّةَ في هذا الموقف درس عظيم، لا نستطيع أن نغفله أو نعرض عنه صفحًا، إنه مشهد الطهر والنقاء والعفة والحياء، يصوّر ذلك حالُ المرأة وهي تأتي إلى موسى لتبلّغ دعوة أبيها،{ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِى عَلَى اسْتِحْيَاء [القصص:25]}، تمشي مِشية الفتاة الطاهرة النقية حين تلقى الرجال، عَلَى اسْتِحْيَاء، من غير تبذل ولا تبرج ولا تبجّح ولا إغواء، لم تأتِ لتعرض مفاتنها.


عن عمر رضي الله عنه قال: (جاءت تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها، ليست بسَلْفَعٍ من النساء ولاّجةً خرّاجة) . 


إنها حالة المؤمنة العفيفة وضوحًا في غير خضوع،{ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [القصص:25]}، بدون زيادات أو مقدمات أو عبارات إعجاب أو لفظة ثناء.


ويجيء موسى معها إلى أبيها كما يجيء الكرام، قال عمر وابن عباس وغيرهما رضي الله عنهم: (إن موسى لما جاء معها تقدمت أمامه لتدلّه الطريق، فقال لها: كوني ورائي، فإذا اختلف عليّ الطريق فاحذفي لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق لأهتدي إليه). 


إنها الأمانة في أعلى مراتبها وأرفع منازلها.

 أما الرجل الصالح الذي يهتدي بنور الله فإنه يدرك أنه وإن كان الناس لا يعرفونه إلا أنه لا يغيب لحظة عن نظر الله وعلمه وإحاطته،{ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلّ شَىْء عِلْمَا [الطلاق:12]}.


جاء موسى إلى الرجل الصالح فقصَّ عليه قصته فهدَّأ من روعه، وقال له:{ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص:25]}، فأنت في مأمن مما تخاف، وما أحوج الداعية المطارد إلى من يطمئن فؤاده ويهدّئ من روعه ويهيئ له مكانًا آمنًا يأمن فيه على نفسه ودعوته.


ثم تطلب إحدى البنات من أبيها أن يستأجِر موسى عليه السلام لرعي الغنم، ولعلّها وأختها تعانيان من مزاحمة الرجال على الماء فتتأذيان من ذلك كله، وتبغيان القرار في البيت، الشيء الذي يضفي على المرأة الستر والحياء، في وقت تتسابق فيه النساء إلى الخروج لحاجة ولغير حاجة، ((وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ )) ، قَالَتْ إِحْدَاهُمَا ياأَبَتِ اسْتَجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَجَرْتَ الْقَوِىُّ الامِينُ [القصص:26]، القوة والأمانة ركنان للولاية لا يتم صلاحها إلا بهما.

ثم يتكلم الأب الرجل الصالح بصراحة ووضوح دون غموض أو تلجلج ليقول:{ إِنّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ [القصص:27]}، وليس في ذلك ما يدعو إلى الخجل أو التردّد والحرج، فهو يعرض عليه بناء أسرة وإقامة بيت.


إنَّ عَرضَ الرجل ابنته ومن تحت يده على رجل صالح كفء ليتزوجها أمرٌ جائز، لا غضاضة فيه ولا عيب، بل هو سنّةٌ قائمة، فعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ شَهِدَ بَدْرًا تُوُفِّىَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ . قَالَ سَأَنْظُرُ فِى أَمْرِى . فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ ، فَقَالَ قَدْ بَدَا لِى أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِى هَذَا . قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ . فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا ، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّى عَلَى عُثْمَانَ ، فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ ، ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ ، فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَىَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَىَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ قُلْتُ نَعَمْ . قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِى أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلاَّ أَنِّى قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ ذَكَرَهَا ، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا "  


وفي فتح الباري لابن حجر :

"وَفِيهِ عَرْض الْإِنْسَان بِنْته وَغَيْرهَا مِنْ مَوْلَيَاته عَلَى مَنْ يُعْتَقَد خَيْره وَصَلَاحه لِمَا فِيهِ مِنْ النَّفْع الْعَائِد عَلَى الْمَعْرُوضَة عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ لَا اِسْتِحْيَاء فِي ذَلِكَ . وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْس بِعَرْضِهَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا لِأَنَّ أَبَا بَكْر كَانَ حِينَئِذٍ مُتَزَوِّجًا . "


وما يظنه بعض الناس من أن المرأة لا تُعرض إلا لنقصها فليس ذلك بصحيح وإن كان قد يحصل، كما أنه قد تكون المرأة المخطوبة دون عَرضٍ أسوأ حالاً من غيرها، ثم إن الإنسان لا يعرض غالبًا إلا أحسن ما عنده وأفضل ما لديه، ويبقى بعد ذلك أن العَرض ليس عَقدًا، بل ـ على اسمه ـ مجرَّد عرض، يليه البحث والتحري والاستخارة والاستشارة، ثم رؤية المخطوبة حين العزم على النكاح.


{إِنّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ}، إنّ في تخييره بين ابنتيه إشارةً أخرى بأنه لا بأس بتزويج البنت الأصغر سنًا قبل من تكبرها في العمر، إذ ربما كان باب الكبرى مستورًا ببابِ الصغرى، والله كتب الأرزاق كما كتب الآجال.


ثم يُختم سياق القصة بكريم سجايا الرجل الصالح وحسن دَلِّه، حيث قال:{ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ [القصص:27]}، لن أطلب منك رَهَقًا ولن أكلفك شَطَطًا. فهل يعي هذا أولياء أمور النساء حين تصل بهم محبة المشقة على الزوج درجة كبيرة من حيث شعروا أو لم يشعروا؟! حتى إنك لتجد كثيرًا من الأزواج يلبث بعد زواجه سنين عددًا يدفع أقساطًا تثقل كاهله وتشغل خاطره، وهذا يؤثر ولا بد على راحته النفسية، ومن ثم على استقراره الأسري، والأب يريد لابنته أن تعيش السعادة مع زوجها، فيضرّها من حيث أراد نفعها.


إن من الضروري حين تقرير المهر أن يراعى في ذلك الواقع المعيشي الذي يعيشه الزوج ويعيشه المجتمع، وأن تراعى تكاليف الحياة ومتطلباتها، فالأحوال تغيرت عن ذي قبل، وما كان بالأمس مقبولاً قد يكون اليوم غير مقبول ولا معقول.


إن على عقلاء الناس أن يراعوا ذلك، وأن يكونوا قدوة لغيرهم في تيسير أمور الزواج وخفض تكاليفه، و« مَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ»  .


ويتمّ موسى أكمل الأجلين، وتلك سجية الكرام، فهو لا يرضى لنفسه أن يقفَ عند أدنى المراتب وهو يستطيع أن يصل إلى أكملها، لم يكن ليحسب كما قد يحسب غيره: كم سيأخذ عليها من أجر لو كان يتقاضى راتبًا؟! وكم ستكلفه من جهد ووقت يذهب دون عائد أو مقابل؟! لم يكن في حسابه شيء من ذلك.


ثم يسير موسى بأهله بعد انقضاء الأجل، ليرى من آيات ربه الكبرى، وليصارع بعد ذلك دولة الباطل وجنود البغي والعدوان، في عرض قرآني وسرد قصصي يفيض بالدروس والعبر، كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الألْبَابِ [ص:29].


سار موسى بأهله تجاه مصر، حتى حل عليهم الظلام، فجلسوا يستريحون من أثر هذا السفر، حتى يكملوا المسير بعد ذلك في الصباح، وكان الجو شديد البرودة، فأخذ موسى يبحث عن شيء يستدفئون عليه، فرأى ناراً من بعيد، فطلب من أهله الانتظار؛ حتى يذهب إلى مكان النار، ويأتي منها بشيء يستدفئون به.


توجه موسى وفي يده عصاه ناحية النار التي شاهدها، ولما وصل إليها نداء يقول: ( يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) [طه: 11-16]. ثم سأله الله-عز وجل-عما يحمله في يمينه. فقال موسى: {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} (18) سورة طـه.


فأمره الله-عز وجل-أن يلقي هذه العصا، فألقاها فانقلبت العصا وتحولت إلى ثعبان كبير يتحرك ويسير بسرعة، فولَّى موسى من الخوف هاربًا، فأمره الله -عز وجل-أن يعود ولا يخاف، وسوف تعود عصاه كما كانت أول مرة، فمد موسى يده إلى تلك الحية ليأخذها، فإذا بها عصا كما كانت.


وكان موسى أسمر اللون، فأمره الله-عز وجل-أن يدخل يده في ثيابه ثم يخرجها، فخرجت بيضاء ناصعة البياض، فكانت هاتان معجزتين من الله لنبيه موسى، لتثبيته في رسالته المقبلة إلى فرعون وملئه، ثم أمره الله-عز وجل-

بالذهاب إلى فرعون لهدايته وتبليغه الدعوة، فاستجاب موسى لأمر ربه، ولكنه قبل أن يذهب أخذ يدعو ربه بأن يوفقه لما هو ذاهب إليه، ويسأله العون والمدد، فقال: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35))[طه: 25-35].


فاستجاب الله-عز وجل-دعاءه، فتذكر موسى أنه قتل رجلاً من المصريين، فخاف أن يقتلوه، فطمأنه الله-سبحانه-بأنهم لن يصيبوه بأذى، فاطمأن موسى.


وعاد موسى إلى مصر، وأخبر أخاه هارون بما حدث بينه وبين الله-عز وجل-، ليشاركه في توصيل الرسالة إلى فرعون وقومه، ويساعده في إخراج بني إسرائيل من مصر، ففرح هارون بذلك، وأخذ يدعو مع موسى ويشاركه في نشر الدعوة.


وكان فرعون شديد البطش والظلم ببني إسرائيل فتوجه هارون وموسى -عليهما الصلاة والسلام-إلى ربهما يدعوانه بأن ينقذهما من طغيان فرعون. فقال لهما الله تعالى مطمئنًا ومثبتًا: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48)  [طه: 43-48].



موسى وهارون (عليهما السلام) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 10 أبريل 2021, 1:57 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

موسى وهارون (عليهما السلام) Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون (عليهما السلام)   موسى وهارون (عليهما السلام) Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2013, 8:02 am

فلما ذهب موسى مع أخيه هارون إلى فرعون قاما بدعوته إلى الله، وإخراج بني إسرائيل معهم، لكن فرعون راح يستهزئ بهما، ويسخر منهما، ومما جاءا به، وذكر موسى بأنه هو الذي رباه في قصره وظل يرعاه حتى قتل المصري وفرَّ هاربًا، فأخبره موسى أن الله قد هداه وجعله نبيًّا، لكي يدعوه إلى عبادة الله وطاعته، ولكن فرعون لم يستجب له، فعرض عليه موسى أن يأتي له بدليل يبين له صدق رسالته. 


فطلب فرعون منه الدليل إن كان صادقًا، فألقى موسى عصاه فتحولت إلى حية كبيرة، فخاف الناس وفزعوا من هذا الثعبان، فمد موسى يده إليها وأخذها فعادت عصا كما كانت، ثم أدخل يده في جيب قميصه ثم أخرجها فإذا هي بيضاء ناصعة البياض.


ولكن فرعون يعلن في قومه أن موسى ساحر، فأشار عليه القوم أن يجمع السحرة من كل مكان لمواجهة موسى وسحره، على أن يكون هذا الاجتماع يوم الزينة، وكان هذا اليوم يوم عيد فرعون وقومه، حيث يجتمع الناس جميعًا، في مكان فسيح أمام قصر فرعون للاحتفال.


وسارع فرعون في إعلان الموعد لجميع الناس، ليشهدوا هذا اليوم، وكتب إلى كل السحرة ليعدوا العدة لذلك اليوم.. وجاء اليوم المنتظر، وتسابق الناس إلى ساحة المناظرة، ليروا من المنتصر؛ موسى أم السحرة؟


وقبل أن يخرج فرعون إلى موسى اجتمع مع السحرة، وأخذ يرغبهم ويعدهم ويمنيهم بآمال عظيمة إذ ما انتصروا على موسى وأخيه وتفوقوا عليهما، وكان السحرة يطمعون فيما عند فرعون من أجر ومكانة.


وبعد لحظات خرج فرعون ومن خلفه السحرة إلى ساحة المناظرة، ثم جلس في المكان الذي أُعد له هو وحاشيته، ووقف السحرة أمام موسى وهارون -عليهما الصلاة والسلام-. 


بعد ذلك رفع فرعون يده إيذانا ببدء المناظرة. وعرض السحرة على موسى أحد أمرين؛ إما أن يلقي عصاه أولاً أو يلقوا عصيهم أولاً. فترك لهم موسى البداية.


فألقى السحرة حبالهم وعصيهم، فسحروا أعين الناس، وتحولت جميع الحبال والعصيان إلى حيات تسعى وتتحرك أمام أعين الحاضرين، فخاف الناس من هول ما يرونه أمامهم، حتى موسى وهارون-عليهما السلام-أصابهما الخوف، ليس من هذه الحيات المزيفة ، ولكن من غفلة الناس  الذين أخذوا يلوِّحون لفرعون بالنصر قبل أن يضع موسى عصاه ، فأوحى الله لموسى ألا يخاف ويلقي عصاه، فاطمأن موسى وأخوه لأمر الله، ثم ألقى عصاه فتحولت إلى حية عظيمة تبتلع حبال السحرة وعصيهم. فلما رأى السحرة ذلك علموا أنها معجزة من معجزات الله وليست سحرًا، فشرح الله صدورهم للإيمان بالله وتصديق ما جاء به موسى فسجدوا لله الواحد الأحد، معلنين إيمانهم برب موسى وهارون.


وهنا اشتد غيظ فرعون وأخذ يهدد السحرة، ويقول لهم: (قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71))[طه: 71].


لكن السحرة لم يخافوا ولم يفزعوا من كلامه وتهديداته، بعد أن أدخل الله في قلوبهم نور الحق والإيمان، فقالوا: (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76))[طه: 72-76].


فغضب فرعون غضبا شديدا، وأخذ المضللون من قومه يحرضونه على موسى وبني إسرائيل، فأصدر فرعون أوامره لجنوده أن يقتلوا أبناء الذين آمنوا من بني إسرائيل، ويتركوا النساء، واستطاع فرعون بهذه التهديدات أن يرهب الضعاف والذين في قلوبهم مرض من قوم موسى، فلم يؤمنوا به خوفًا من فرعون وبطشه، وحتى أولئك الذين آمنوا لم يسلموا تمامًا من الخوف والرهبة من فرعون.


فلما رأى موسى ما أصاب قومه من خوف وهلع، توجه إلى الله بدعاء أن ينجيه والمؤمنين من كيد فرعون.


وأخذ فرعون يفكر في حيلة للخلاص من موسى، وذات يوم جمع أعوانه وعشيرته وأعلن لهم ما توصل إليه، وهو أن يقتل موسى.


وبعد أن انتهى من كلامه إذا برجل من قومه وعشيرته قد آمن بموسى سرًّا يقول له: ({وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} (غافر: 28]، ثم أخذ يدعو المصريين للإيمان بالله ويحذرهم من العذاب. فأعرض فرعون عنه ولم يستمع إلى نصيحته.


ومرت الأيام، وأخذ فرعون وأعوانه في تعذيب بني إسرائيل وتسخيرهم في العمل، ولم يسمع لما طلبه منه موسى في أن يتركه وقومه يخرجون من مصر إلى الشام فسلط الله عليهم أعوام جدب وفقر حيث قلَّ ماء النيل، ونقصت الثمار، وجاع الناس، وعجزوا أمام بلاء الله-عز وجل-، وأنزل الله بهم أنواعًا أخرى من العذاب إضافة إلى ما هم فيه كالطوفان الذي أغرق زروعهم وديارهم، والجراد الذي أكل ما بقي من زروعهم وأشجارهم وسلط عليهم السوس، فأكل ما اختزنوه في صوامعهم من الحبوب والدقيق، وأرسل إليهم الضفادع، فأقلقت راحتهم، وحوَّل مياههم التي تأتي من النيل والآبار والعيون دمًا.


كل هذه البلايا أصابت فرعون وقومه، أما موسى ومن آمن معه فلم يحدث لهم أي شيء، فكان هذا دليلاً وبرهانًا على صدق ما جاء به موسى وأخيه هارون.


ومرت الأيام، واستمرت تلك البلايا، بل إنها كانت تزداد يومًا بعد يوم، فذهب المصريون إلى فرعون يشيرون عليه أن يطلق سراح بني إسرائيل مقابل أن يدعو موسى ربه أن يكشف ذلك الضر عنهم، ويشفع لهم عند ربه هذا العذاب والضيق.


فدعا موسى ربه، حتى استجاب له، وكشف ما أصاب فرعون وقومه من عذاب وبلاء.

وزاد فرعون في عناده وكفره بالله، ولما رأى موسى إصرار فرعون على كفره وجحوده، وتماديه في غيِّه وتكذيبه بكل الآيات التي جاء بها، رفع يديه إلى السماء متوجهًا إلى الله متضرعًا ومتوسلاً إليه سبحانه أن يخلص بني إسرائيل من يدي فرعون وجنوده، وأن يعذب الكفرة بالعذاب المهين.


واستجاب الله-سبحانه وتعالى-دعاء نبيه ورسوله موسى، وجاء الأمر الإلهي إلى موسى أن يخرج مع بني إسرائيل من مصر ليلاً، ولا يخاف من العاقبة، وأخبره أن فرعون سيتبعه، ولكن الله منجيه هو ومن آمن معه وسيغرق فرعون وجنوده.


فأخبر موسى بني إسرائيل بالخبر، وطلب منهم أن يتجهزوا للخروج معه إذا جنَّ الليل، فأسرع قوم موسى يتجهزون للرحيل من مصر، فهي الساعة التي طال انتظارهم بها.


وسار موسى وقومه في اتجاه البحر، وبعد ساعات طويلة كان موسى ومن معه قد قطعوا شوطًا طويلاً على أقدامهم، ووصل خبر خروج بني إسرائيل من مصر إلى فرعون فهاج هياجًا شديدًا، وأصدر أوامره أن يجتمع إليه في الحال جميع جنوده.


وفي لحظات اجتمع إلى فرعون عدد كبير من الجنود والفرسان، فأخذهم وخرج بهم يتعقب أثر موسى وقومه حتى أدركهم عند شروق الشمس، وهنا تملك بني إسرائيل الرعب والفزع من هول الموقف الذي هم فيه، فالبحر أمامهم، وفرعون وجنوده من خلفهم، فراحوا يتخيلون ما سيوقعه فرعون بهم من ألوان العذاب والنكال، وظنوا أن فرعون سيدركهم لا محالة.


فأخذ موسى يطمئنهم ويذكرهم بأن الله سينصرهم وينجيهم، فأمر الله موسى أن يضرب بعصاه البحر، ففعل، فانشقَّ طريق يابس، فاندفع بنو إسرائيل فيه قبل أن يصل فرعون وجنوده إليهم، ولما وصل فرعون ومن معه إلى الشاطئ، كان بنو إسرائيل قد خرجوا إلى الشاطئ الآخر، ولما رأى فرعون أن الطريق الذي سلكه بنو إسرائيل مازال موجودًا، اندفع هو الآخر بجنوده للحاق بهم، ولما وصل فرعون وجنوده إلى منتصف البحر، تحول الطريق إلى ماء، وغرقوا جميعاً. ولما أدرك فرعون أنه سيغرق أراد أن ينجو بحيلة فقال: { آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (90) سورة يونس.


لكن هيهات لقد نفذ أمر الله، وغرق فرعون وعاين الموت، وأيقن أنه لا نجاة له منه، وفي هذا الوقت لا تنفع التوبة، ولا ينفع الندم، لقد بلغت الروح الحلقوم، وجاء إيمان فرعون متأخراً فقد حضر الموت، وفات أوان التوبة. قال تعالى : {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (18) سورة النساء .


وبعد أن لفظ فرعون أنفاسه الأخيرة، حملت الأمواج جثته، وألقتها على شاطئ البحر ليراها المصريون، ويدركوا جميعًا أن الرجل الذي عبدوه وأطاعوه من دون الله، لم يستطع دفع الموت عن نفسه، وأصبح عبرة لكل متكبر جبار. {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} (92) سورة يونس .


قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ شَكُّوا فِي مَوْتِ فِرْعَوْنَ ، فَأَمَرَ اللهُ البَحْرَ أَنْ يُلْقِيهِ بِجَسَدِهِ سَوِيّاً بِلاَ رُوحٍ ، لِيَتَحَقَّقَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ مَوْتِهِ وَهَلاَكِهِ ، فَتَكُونَ تِلْكَ آيَةً لَهُمْ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ ، وَصِدْقِ وَعْدِهِ لِرَسُولِهِ ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ غَافِلُونَ عَنْ آيَاتِ اللهِ ، لاَ يَتَّعِظُونَ بِهَا ، وَلاَ يَعْتَبِرُونَ  .


 ( وَكَانَ هَلاَكُ فِرْعَونَ وَنَجَاةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، " فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى المَدِينَةِ وَجَدَ اليَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ : مَا هَذا الذِي تَصُومُونَهُ؟ فَقَالُوا يَوْمَ ظَهَرَ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ . فَقَالَ النَّبِيُّ لأَصْحَابِهِ أَنْتُمْ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصُومُوهُ " ) ( رَوَاهُ البُخَارِيُّ ) 


وبعد أن عبر بنو إسرائيل البحر، ساروا متوجهين إلى الأرض المقدسة، وفي الطريق رأوا قومًا يعبدون أصنامًا، فطلبوا من موسى أن يجعل لهم إلهًا مثل هؤلاء الكفار، فصبر موسى عليهم وبين لهم جهلهم، وبين لهم نعم الله عليهم التي لا تحصى، وأن الله فضلهم على خلقه، وأنه نجاهم من فرعون وجنوده، وهو وحده المستحق للعبادة والطاعة. {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (138) سورة الأعراف .


وواصل موسى ومن معه المسير، وحرارة الشمس تلفح وجوههم، فذهب بنو إسرائيل إلى موسى يشكون له ذلك، فسخر الله لهم الغمام يقف معهم إذا وقفوا، ويسير معهم إذا ساروا، ليظلهم ويقيهم ليهيب الشمس الحارقة. {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (57) سورة البقرة .


ولما عطشوا أوحى الله إلى موسى أن يضرب بعصاه التي يحملها معه الحجر، فرفع موسى عصاه وهوى بها على حجر في الجبل وإذا بمعجزة جديدة من معجزات موسى تحدث أمام عيون بني إسرائيل، حيث تتفجر بمجرد وقوع العصا على الحجر اثنتا عشرة عينًا، بعدد قبائل بني إسرائيل الذين كانوا معه، مما جعل موسى يخص  لكل قبيلة عينًا تشرب منها. {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (60) سورة البقرة .


ولما جاعوا أدركتهم نعمة الله، حيث ساق لهم المن، وهو نوع من الحلوى، والسلوى وهو نوع من الطير يشبه السمان، فأخذوا يأكلون منه، ولكنهم سرعان ما سئموا هذا الطعام وملُّوا منه، فذهبوا إلى موسى يشكون له ذلك {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (61) سورة البقرة.


فتعجب موسى، ثم أخبرهم بأن ذلك يكون في الأرض، فليذهبوا إلى مكان يزرعون فيه ويعملون حتى يتحقق لهم ما يطلبون.

وعاش بنو إسرائيل في أمان واطمئنان، وأصبحوا في حاجة إلى قانون يحتكمون إليه، وشريعة تنظم حياتهم، فأوحى الله إلى موسى أن يخرج بمفرده إلى مكان معين، ليعطيه الشريعة التي يتحاكم إليها بنو إسرائيل وتنظم حياتهم، فاستخلف موسى أخاه هارون على قومه، ووعظه وذكره بالله، وحذره من المضلين الذين يحاولون أن يفسدوا غيرهم.


ثم ذهب الجبل الذي تلقى فيه بربه عندما كان عائدًا من مدين إلى مصر، وعنده أنزلت عليه التوراة، ولما رأى موسى إكرام ربه له، وتفضله الزائد عليه، طلب من الله أن يمكنه من رؤيته سبحانه، ظنًا منه أن رؤية الله ممكنة في الدنيا، فرد الله على موسى مبينًا أن الإنسان بتكوينه هذا لا يقدر على رؤية الله-عز وجل-، وحتى يطمئن قلب موسى، فقد أخبره الله أنه سيتجلَّى للجبل، وما على موسى إلا أن ينظر إلى الجبل، ويلاحظ ما سيحدث، ونظر موسى إلى الجبل، فرآه قد اندك وتهدم.


ولقد صور لنا القرآن ذلك: {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (143) سورة الأعراف.


فأخذ موسى الألواح التي فيها التوراة، وكانت تتضمن المواعظ والأحكام التي بها تنتظم حياة بني إسرائيل وتستقيم. {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (44) سورة المائدة.


وحدث في بني إسرائيل بعد أن تركهم موسى أن قام رجل منهم يعرف بالسامري، وجمع ما معهم من الحلي والذهب، وصنع لهم صنما مجوفًا على هيئة عجل إذا دخل فيه الهواء من جانب خرج من الجانب الآخر محدثا صوتًا يشبه صوت العجل، وأخبرهم أن هذا هو إلههم وإله موسى، فصدقه بنو إسرائيل، وعبدوا العجل وتركوا عبادة الله الواحد الأحد، فتوجه إليهم نبي الله هارون ينصحهم ويعظهم، وأنهم قد فتنوا بهذا الأمر، لكنهم استمروا في جهلهم، ولم ينتفعوا بنصح هارون، بل اعترضوا عليه وكادوا أن يقتلوه، وأعلنوا له أنهم لن يتركوا عبادة هذا العجل، حتى يرجع إليهم موسى. {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ} (148) سورة الأعراف.


ولما عاد موسى ووجد قومه على تلك الحالة، غضب منهم غضبًا شديدًا، ومن شدة حزنه وغضبه مما فعله قومه ألقى الألواح التي فيها التوراة من يديه، وتوجه إلى أخيه هارون وأمسك برأسه وجذبه إليه بشدة، وقال له بصوت ظهر فيه الغضب: (يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93)) [طه: 92-93].


فقال هارون: (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94))[طه: 94]، وأخبره أن القوم كادوا أن يقتلوه، فتركه موسى وتوجه إلى السامري؛ ذلك الرجل الذي صنع هذا العجل، وسأله عن الأمر، فأخبره السامري بما حدث، فأحرق موسى ذلك العجل حتى جعله ذرات صغيرة، ثم رمى بتلك الذرات في البحر.{ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98)  [طه/90-98]


هنا أحس بنو إسرائيل بسوء صنيعهم فندموا عليه، وأعلنوا توبتهم إلى الله، وسألوه الرحمة والمغفرة، فأوحى الله-عز وجل-إلى موسى أن هارون برئ منهم وأنه حاول معهم كثيرًا ليبتعدوا عن عبادة العجل، فاطمأن قلب موسى إلى أن أخاه لم يشارك في ذلك الإثم، فتوجه إلى الله تعالى مستغفرًا لنفسه ولأخيه، قائلاً: { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (151) سورة الأعراف.


واختار موسى سبعين رجلاً من خيرة قومه، وذهب بهم إلى مكان حدده الله-عز وجل-، فلما وصلوا إلى ذلك المكان، فإذا بهم يطلبون أن يروا الله جهرة، فغضب موسى منهم غضبًا شديداً، وأنزل الله عليهم صاعقة دمرتهم، وأخذت أرواحهم. فأخذ موسى يدعو الله ويتضرع إليه أن يرحمهم. {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)}سورة الأعراف .


وشاء الله-عز وجل-ألا يخزي نبيه موسى، فاستجاب له وأحيا أولئك الذين قتلتهم الصاعقة لعلهم يشكرون الله على نعمة إحيائهم من بعد موتهم، ورجع موسى بهم إلى قومه فأخذ التوراة وراح يقرؤها على بني إسرائيل ويشرح لهم ما فيها من مواعظ وأحكام، وأخذ عليهم المواثيق والعهود ليعلموا بما فيها من غير مخالفة، فلما وعدوه أن يلتزموا بما فيها أخذهم وسار في اتجاه الأرض المباركة وهي فلسطين، لكنهم راحوا يتنكرون للتوراة وما جاء فيها من أوامر وأحكام، فأراد الله أن ينتقم منهم، فرفع من الجبل صخرة كبيرة وحركها حتى صارت كأنها سحابة تظلهم، ففزعوا منها، وحسبوا أن الله سيلقيها عليهم، فتوجهوا إلى الله بالاستغاثة والدعاء، وتابوا إلى الله لينقذهم من الهلاك، فصرف الله عنهم تلك الصخرة رحمة منه وفضلاً.


ثم أوحى الله إلى موسى بأنه قد حان الوقت لاستقرار بني إسرائيل، ودخولهم الأرض المقدسة (فلسطين). ففرح موسى بذلك فرحًا شديدًا. ولكن بني إسرائيل جبناء خائفون، حيث إنهم أعلنوا ذلك لموسى فقالوا: { يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} (22) سورة المائدة.


وهنا قام رجلان مؤمنان منهم، فقالا لهم: { رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (23) سورة المائدة ، فما كان رد بني إسرائيل إلا أن قالوا: { يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (24) سورة المائدة.


فاشتد غضب موسى على هؤلاء القوم الذين ينسون نعمة الله عليهم، فأخذ يدعو ربه أن يباعد بينه وبين هؤلاء الفاسقين.


فجاءه الجواب من الله عز وجل، قال تعالى: { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } (26) سورة المائدة .


وهكذا حكم الله على بني إسرائيل أن يتيهوا في الأرض مدة أربعين سنة؛ نتيجة اعتراضهم على أوامر الله، وعدم امتثالهم لما أمرهم به موسى، وراح بنو إسرائيل يسيرون في الصحراء بلا هدى واستمروا في التيه حتى دخلوا الأرض المقدسة بعد ذلك على يد يوشع بن نون بعد أن جمع شملهم.



موسى وهارون (عليهما السلام) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 10 أبريل 2021, 1:57 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

موسى وهارون (عليهما السلام) Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون (عليهما السلام)   موسى وهارون (عليهما السلام) Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2013, 8:16 am

دروس وعبر من قصة موسى عليه السلام وفرعون

*- سبب كثرة ذكر قصة موسى مع فرعون في القرآن.

 إن الناظر للقرآن العظيم ليجد أن القصص والحوادث قد أخذت حيزًا كبيرًا من آياته وخطاباته ونداءاته، وفي كل قصة عبرة وما يعقلها إلا العالمون. 


وقصص القرآن الكريم تحكي صورًا من صور الصراع القديم بين الحق المؤيد من السماء والباطل الذي يلوذ به الأعداء.


ومن تلك القصص قصة عظيمة ما زال الناس يصدرون منها ويردون، قصة تميزت بكثرة عرضها وتنوع مشاهدها، غاص المفسرون في أعماقها فرأوا العجب العجاب. 


كيف لا والذي قصها هو رب الأرباب؟! فيا لبلاغة الخطاب، ويا لروعة الجواب، سلوى الدعاة، وبشارة الأمل، وعظيم التوكل، وقوة الإيمان، وفأل المستضعفين والمضطهدين، إنها قصة النبي الكريم مع الطاغية اللئيم، إنها قصة نبي الله موسى بن عمران عليه السلام مع فرعون الظالم.


هذه القصة لِم كثر في القرآن ذكرها وبآياته طال حديثها؟! قال المفسرون: "لأنها من أعجب القصص؛ فإن فرعون حذر من موسى كل الحذر، فسخره الله أن ربّى هذا الذي يحذر منه على فراشه ومائدته بمنزلة الولد، ثم ترعرع ورزق النبوة والرسالة، فعاد إلى القصر الذي ترعرع فيه داعيًا ومذكرًا ومنذرًا"، وأيضًا أن بني إسرائيل الذين أرسل إليهم موسى عليه السلام هم آخر الأمم قبل أمة محمد ، وإن كان عيسى عليه السلام قد جاء بعد موسى إلا أنه جاء لبني إسرائيل أيضًا، وأيضًا لكثرة الآيات لنبي إسرائيل؛ تسع آيات بينات.


 *- قصة موسى مع فرعون.

 لقد تعمد فرعون قتل أبناء بني إسرائيل؛ لأنه بلغه أن غلامًا منهم سيولد يكون هلاك حاكم مصر على يديه، فانزعج لذلك وأمر بقتل كل مولود يولد لبني إسرائيل، ثم خشي انقراض شعبه، فأمر بقتل المواليد سنة وتركهم سنة، فيقدر الله سبحانه أن يولد موسى عليه السلام في السنة التي تقتل فيها المواليد من بني إسرائيل، وقد حزنت أمه حين حملت به خوفًا عليه، وحين وضعته، وكذلك وهي ترضعه، ويُوحى إليها أن إذا خافت عليه أن تضعه في صندوق وتلقيه في البحر، فيا سبحان الله، ويا عجبًا من قدرة الله، البحر بأمواجه المتلاطمة ومياهه الغامرة وأعماقه المظلمة هو الملاذ الآمن للطفل الرضيع، سبحانك إلهنا ما أعظمك، سبحانك ربنا ما أقدرك. 


نعم البحر المائج والموج الهائج هو الملاذ الآمن للطفل الرضيع؛ لأنه وعد وهو أحق من وعد: فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ [القصص:7].


وها هي الرياح العاتية تتقاذف صندوق الرضيع موسى عليه السلام ذات اليمين وذات الشمال، إلى أين؟ إلى بيت فرعون؛ ليكون جبروت فرعون هباءً وخواءً أمام جبروت الجبار وقدرته جل في علاه وتقدس في سماه.


ها هو موسى يولد ويسلم من القتل ويصل إلى بيت فرعون دون عناء، فهل لفرعون أن يقتله أو بالسوء يتعرضه؟! كلا ورب الكعبة، الله يحفظه، ومن السوء يمنعه، بل يربيه ويرعاه فرعون دهرًا من الزمن، وما علم أن الذي بين يديه نهايته على يديه، سبحانه أحكم الحاكمين، يعلم ولا نعلم، يقدر ولا نقدر، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.


وتتوالى المواقف والأحداث ليأتي الأمر الإلهي لعبده ونبيه موسى بالبدء بالدعوة و الذهاب إلى رأس الكفر والطغيان: اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه: 43، 44]. 


وما أجمل أن يسبح الدعاة في بحر قوله تعالى: فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا. فهل نحن خير أم موسى عليه السلام؟! بل موسى ولا شك. وهل من ندعوهم شر من فرعون؟! بل فرعون أشر. فرفقًا معشر الدعاة، وصدق المصطفى : ((ومن يحرم الرفق فقد حرم الخير كله)). فالابتسامة الصادقة والكلمة الرفيقة والهمسة اللطيفة مفاتيح عظيمة لمغاليق القلوب.


ويبدأ موسى في دعوة فرعون وملئه بادئًا خطابه: فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى [طه:47]، وتطرق أذن الطاغية: مِنْ رَبِّكَ، فيتعجب ويسأل: فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [طه:49، 50].


 فعند كلمة: خَلْقَهُ عبر أيّ عبر، وتحت كلمة: هَدَى مجلدات من الصور، هدى كل شيء، هدى الطفل يوم أن رضعته أمه لا يعرف شيئا، هداه إلى ثدي أمه ليمص اللبن، فمن الذي دله لثديها وعلمه كيف يمص؟! إنه الله الواحد الأحد الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى. 


هدى النحلة أن تطير آلاف الأميال لتأخذ الرحيق ثم تعود إلى خليتها، من الذي علمها؟! من الذي دلها؟! إنه الله الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى. هدى النملة تدخر قوتها من الصيف لفصل الشتاء، تسير في نظام دقيق عجيب، من الذي علمها؟! من الذي بصرها؟! إنه الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.


ويُسقط في يد فرعون، فيلجأ إلى القوة والسلطان ويهدّد بالسجن، وهذه لغة الطغاة والمجرمين، قَالَ لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهًَا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنْ الْمَسْجُونِينَ [الشعراء: 29].


ثم ها هو المشهد يقترب من نهايته، والمعركة تصل إلى ذروتها، فها هو موسى وقومه أمام البحر ليس معهم سفينة، ولا يملكون خوضه، وما هم بمسلحين، وقد قارب فرعون وجنوده يطلبونهم ولا يرحمون، ودلائل الحال تقول: البحر أمامهم والعدو خلفهم، قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشعراء: 61]، ويبلغ الكرب مداه، ويصل الضيق منتهاه، إلا أن موسى عليه السلام لا يشك لحظة، وملء قلبه الثقة بالحق المبين واليقين بعون أرحم الراحمين، قَالَ كَلا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 62]. 


(كلا) بهذا الجزم والتأكيد، (كلا) بهذا الثبات واليقين، وحق لموسى أن يملأ فاه بـ(كلا)، ومعتمده مَنِ البحر والسموات والأرضين والبشر كلهم ملكه يصرفهم كيف يشاء، وها هو طريق النجاة ينفتح من حيث لا يحتسبون، فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [الشعراء: 63].


ينشق طريق يابس ولكأنه لم تصبه قطرة ماء، والبحر كالجبال العظيمة واقف ذات اليمين وذات الشمال، وتسير الطائفة المؤمنة والله يرقبها وبالحفظ يكلؤها، تسير واثقة بنصر الله مؤمنة بوعد الله، لكن العناد والطغيان والتجبر المتأصل في نفس فرعون أبى عليه إلا السير خلفهم، فلما تكامل قوم موسى خارجين من البحر وتكامل قوم فرعون داخلين في البحر أمر الله بحره أن أطبق عليهم، وصدق الله: وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشعراء: 65-68].


*- نور الله غالب مهما حاول المجرمون طمس معالمه، انظروا إلى سحرة فرعون كم وعدهم فرعون ثم انقلبوا فجأة حين أبصروا دلائل الإيمان، فيا لله كانوا أول النهار سحرة وآخره شهداء بررة، قال سعيد بن جبير رحمه الله: "لما سجد السحرة رأوا منازلهم وقصورهم في الجنة تهيأ لهم وتزخرفت لقدومهم".


*-إن نور الله مهما حاول المجرمون طمس معالمه، وأن الطغاة وإن أثروا في عقول الدهماء فترة من الزمن واستمالوهم بالمنح والعطايا فإن القلوب بيد الله يصرفها كيف يشاء، وتأملوا في حال فرعون وسحرته، وكم وعدوا لقاء مواجهتهم موسى، ومع ذلك انقلبوا فجأة عليه ، واستهانوا بما وعد به حين أبصروا دلائل الإيمان، ولاذوا بحمى الملك الديان، فكانوا أول النهار سحرة، وآخره شهداء بررة:

{وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) [الأعراف: 113-122].


إنه موقف من المواقف الحاسمة في تاريخ البشرية هذا الموقف بين فرعون وملئه، والمؤمنين من السحرة السابقين.


وإنه موقف حاسم ينتهي بانتصار العقيدة على الحياة، وانتصار العزيمة على الألم، وانتصار الإنسان على الشيطان.


وليس هذا أول خرق في سفينة فرعون فقد كان في بيته مؤمنون، ومع ضعف النساء فقد تحدت آسية امرأة فرعون زوجها، وشمخت بإيمانها ولم تفتنها الدنيا ومباهجها.


{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (11) سورة التحريم.


ووجد في آل فرعون مؤمنون ناصحون رغم العنت والأذى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} (28) سورة غافر.


بل وجد سوى هؤلاء ذرية من آل فرعون آمنوا بموسى رغم الخوف وخشية الفتنة في الدين {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} (83) سورة يونس.


قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما - في تأويل هذه الأية - ( فإن الذرية التى آمنت لموسى من ناس غير بني إسرائيل، من قوم فرعون يسير، منهم امرأة فرعون، ومؤمن آل فرعون، وخازن فرعون وامرأة خازنه.


وكذلك يبدد نور الإيمان دياجير الظلام في أجواء تَخنق فيها العبودية لله رب العالمين ويكره الناس على العبودية من دون الله ..


*- ما أعظم الإيمان إذا تمكن من سويداء القلوب، يستسهل صاحبه عندئذٍ كل يسير، ويعرض نفسه للخطر الكبير، لمه؟ في سبيل رضا العليم الخبير. انظر إلى السحرة، فرعون يتوعد ويتهدد:

لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل، ومع ذلك يطلقها السحرة في وجه أعتى الطغاة فرعون: قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنْ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه: 72، 73].


 دونك الأرض يا فرعون، افعل في أجسادنا ما تشاء فسلطانك مقيدٌ بها، وما أقصر الحياة الدنيا وأهونها، أما الأرواح فأنى لك أن تحجبها عن الخضوع لربها ومولاها؟!


*- ثلاثة قضايا ابتدأ الله بها وحيه لموسى، ولكأنها الزاد والمعين على دعوته ورسالته، وهكذا كل الدعاة، وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى [طه: 13-15]. 


نعم الاعتصام بلا إله إلا الله وإقامة الصلاة والإيمان باليوم الآخر.


عاش المسلمون في أيام فرعون ظروفًا عصيبة ملؤها الخوف والأذى، إلى أن وصل بهم الأمر إلى أن يسروا بصلواتهم في بيوتهم، فأرشدهم الله إلى وسائل يتجاوزن بها الصعاب، وهي:

أولاً: الصبر والصلاة، قال تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ [يونس: 87]، وقال سبحانه: قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا [الأعراف: 128].


ثانيًا: الإيمان بالله والتوكل عليه، قال تعالى: وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ [يونس: 84].


ثالثًا: الدعاء وصدق اللجوء إليه، قال تعالى: فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنْ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [يونس:85 ، 86].


رابعًا: الاستقامة على الخير وعدم الاستعجال في الحصول على المطلوب، قال تعالى: قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [يونس: 89]، قال ابن جريج: "يقال: إن الله استجاب دعاء موسى على فرعون بعد أربعين سنة".


*- إن الصراع مهما امتد أجله والفتنة مهما استحكمت حلقاتها والليل مهما ادلهم ظلامه ومهما كثرت الجراحات ومهما قتل الرجال ويتم الأطفال فإن الله ناصرٌ دينه، أبى الله إلا ذلك، أبى الله إلا ذلك، أبى الله إلا ذلك، يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:  8].


وإذا كان الحق قد انتصر في هذه القصة على مشهد من الناس، فليس ذلك شأن القصص كله في القرآن، إذ ليس أمد النصر ينتهي في هذه الحياة، وليس معنى النصر مقصورًا على النصر المحسوس للناس، فقد ينال النصر فرد أو مجموعة من الصادقين وإنْ خُيلَّ للناس أنهم قد استضعفوا أو أهينوا أو غلبوا في هذه الدنيا.


 لقد انتصر الخليل إبراهيم عليه السلام على الطغاة وإن قذف في النار، وانتصر أصحاب الأخدود وإن حفرت لهم الأخاديد وأحرقوا، وانتصر الغلام المؤمن وإن كانت روحه أزهقت على ملأ من الناس الذين لم يتمالكوا أنفسهم إلا أن ضجوا: آمنا برب الغلام ....  


*-إن الثبات على مبدأ الحق حتى الممات نصر، وأن نصر المبادئ والقيم نجاح ونصر، وقد يشهد الأبناء والأحفاد هذا النصر الذي بذرت بذوره الأولى في عهد آبائهم وأجدادهم، فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ [الزخرف:41، 42].


*- الحفاظ على النصر، فبمضاعفة الشكر تتضاعف النعم، وكما يمتحن الله بالضعف والذلة يمتحن بالقوة والنصر، وإن الأمة إذا انتصرت ثم غيرت وبدلت بدل الله نصرها هزيمة وعزها ذُلاً.

فهؤلاء  بنو إسرائيل بعدما أنجاهم الله من فرعون وانتصروا ما لبث كثير منهم إلا وأن ارتد، اتخذوا العجل وعصوا أمر الله بالذهاب إلى الأرض المقدسة، عابوا نبيهم، بل وصار أمرهم بعد ذلك إلى قتل أنبيائهم ورسلهم، فماذا حل بهم من أمة قال الله في شأنها: وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة: 122] حتى صار حالهم إلى: وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ [المائدة: 60].


وهكذا أمة الإسلام، انتصرت وتصدرت إبان تاريخها الأول، ثم غيرت وبدلت، فانظروا إلى دمائها المسفوكة  في كثير من الأصقاع، وسنن الله لا تتغير، ونواميس كونه لا تتبدل، ألا يا ليت قومي يعلمون.


 *- إن يوم نجاة موسى عليه السلام من فرعون ليوم فرح عظيم، إنه يوم عاشوراء يوم العاشر من المحرم، لذلك سن صيامه، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ عَاشُورَاءَ قَالَ مَا عَلِمْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- صَامَ يَوْمًا يَتَحَرَّى فَضْلَهُ عَلَى الأَيَّامِ إِلاَّ هَذَا الْيَوْمَ يَعْنِى شَهْرَ رَمَضَانَ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ. 

و عَنْ أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنْ صَوْمِهِ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ عُمَرُ رضى الله عنه: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِبَيْعَتِنَا بَيْعَةً. قَالَ فَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ فَقَالَ: « لاَ صَامَ وَلاَ أَفْطَرَ ».


أَوْ « مَا صَامَ وَمَا أَفْطَرَ ». قَالَ: فَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ قَالَ: « وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ ». قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمَيْنِ قَالَ: « لَيْتَ أَنَّ اللَّهَ قَوَّانَا لِذَلِكَ ». قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ قَالَ: « ذَاكَ صَوْمُ أَخِى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ». قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ قَالَ: « ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهِ ». قَالَ: فَقَالَ: « صَوْمُ ثَلاَثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ صَوْمُ الدَّهْرِ ». قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ: « يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ ». قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: « يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ ». 


ومن حرص السلف عليه أنهم كانوا يصومونه حتى في أسفارهم كما ذكر ذلك عن ابن عباس والزهري وغيرهم، بل ثبت في البخاري أن الصحابة كانوا يصومون صبيانهم تعويدًا لهم على الفضل، ويلهونهم باللعب حتى الإفطار.


وأعلى المراتب في صيامه أن يصام عاشوراء مع التاسع والحادي عشر، ثم يليها صوم التاسع والعاشر، ثم يليها صومه وحده، وإن ضعفت فلا تغلبن على اليوم العاشر؛ فالذنوب كثيرة، والعمل قليل، والوقوف بين يدي الله قريب.


*- تكثر القصص في القرآن بشكل عام، وفي كل قصة عبرة، وما يعقلها إلا العالمون.

وتحكى قصص القرآن صوراً للصراع القديم بين الحق المؤيد من السماء والباطل الذي يلوذ به الملأ والكبراء خداعاُ وعناداُ واستكبار وحفاظاُ على الذوات ليس إلا ، كما تكشف القرآن عن مواقف المؤمنين وحقيقته وآثار الإيمان ومواقف الظالمين ونهاية الفجار.


ولئن كانت القصص تشغل مساحة عريضة في القرآن. فإن قصة موسى عليه السلام مع فرعون تتميز بكثرة عرضها وتنوع مشاهدها وهي من أطول قصص الانبياء عليهم السلام في القرآن، فما الحكمة من كثرة ذكرها؟


قال المفسرون: لأنها من أعجب القصص. فإن فرعون حذِر من موسى كل الحذر فسخره القدر لتربية هذا الذي يحذر منه على فراشه ومائدته بمنزلة الولد ثم ترعرع ، وعقد الله له سببا من بين أظهرهم، ورزقه النبوة والرسالة والتكليم.


وبعثه إليه ليدعوه إلى الله تعالى ليعبده ويؤمن برسالة الله ، وليس له وزير سوى أخيه هارون عليه السلام، فتمرد فرعون واستكبر وأخذته الحمية والنفس الخبيثة الأبية، وقوي رأسه وتولى بركنه، وادعى ما ليس له، وتجرأ على الله وعتا وبغى، وأهان حزب الإيمان من بنى إسرائيل.


والله تعالى يحفظ رسوله موسى وأخاه هارون _ عليهما السلام _ ويحوطهما بعنايته ويحرسها بعينه التى لا تنام، ولم تزل المحاجة والمجادلات والآيات تقوم على يدي موسى شيئاُ فشيئاُ، ومرة بعد مرة مما يبهر العقول ويدهش الألباب، ومما لا يقوم له شيء ولا يأتي به إلا من هو مؤيد من الله . وما نريهم من آية إلا هى أكبر من أختها [الزخرف: 48].


وصمم فرعون وملؤه - على التكذيب بذلك كله .. حتى أحل الله بهم بأسه الذي لا يرد وأغرقهم في صبيحة واحدة: فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين . 


*-  لقد تعمد فرعون قتل أبناء بني إسرائيل، لأنه بلغه أن غلاماً منهم سيولد ويكون هلاك ملك مصر على يديه، فانزعج لذلك وأمر بقتل كل مولود يولد لبني إسرائيل حذراً من وجود هذا الغلام - ولا يغني الحذر عن القدر -.

ومع حرص فرعون وطغيانه وجبروته فقد قدر الله أن يولد موسى عليه السلام في السنة التى يقتل فيها كل مولود لبنى إسرائيل، وأن ينجو من بأسه وقتله وقد حزنت أمه حين حملت به خوفاُ عليه، وحين وضعته، واستمر الخوف يلاحقها حتى أوحى إليها أن ترضعه، فإذا خافت عليه فلتضعه في صندوق ثم تلق به في البحر وسيحفظه الله ويرده إليها: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (7) سورة القصص.


وأمواج البحر قد بدأت تقذف بتابوت الرضيع موسى عليه السلام ذات اليمين وذات الشمال حتى أوصلته إلى بيت فرعون.


وكأن الله تعالى أراد - فيما أراد - أن يظهر عجز فرعون وضعفه أمام قوة الله الجبار وقدرته.


فإذا كان فرعون يقتل الغلمان من أجل هذا الغلام. فها هو الغلام يولد. ويسلم من القتل رغم المتابعة الدقيقة، فإذا سلم ووصل إلى بيت فرعون دون عناء أو بحث، فهل يستطيع الملك الطاغية أن يقتل غلاماً مازال في المهد؟


كلا وعناية الله تحيط بالغلام ورعايته سبحانه تتولاه، وصدق الله {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} (8) سورة القصص ، وتحقق وعد الله :{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (13) سورة القصص.


ويبدأ موسى عليه السلام في دعوة فرعون وملئه .. ويصر أولئك على الكفر والمعاندة، ويستمر بلين الدعاة بالقول تارة،وبالحجة الباهرة تارة، ويؤكد موسى وهارون عليهما السلام نبوتهما بالبراهين القاطعة والمعجزات الظاهرة، ويظل الحوار مع فرعون صريحاً جاداً تظهر فيه الربوبية الحقة لله رب العالمين، وتسلخها من فرعون الدعي العنيد وتنسف الدعوة الكاذبة،ويظهر الحق رغم المكابرة والاستهزاء والتهديد: قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) [الشعراء/23-28].


وحين شعر فرعون أن موسى عليه السلام قد غلبه بالحجة والبرهان لجأ إلى القوة والسلطان وهدد بسجن موسى إن هو عبد الله وحده ورفض ما عليه الناس من عبودية فرعون: {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29)} [الشعراء/29].


*-لقد عاش المسلمون في أيام فرعون ظروفا عصيبة ملؤها الخوف والأذى، ووصل بهم الأمر أن يسروا بصلاتهم ويتخذوا المساجد في بيوتهم قال الله تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (87) سورة يونس.


و المعنى: كما قال العوفي عن ابن عباس في تفسير الآية: قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة، وأذن الله لهم أن يصلوا في بيوتهم.


وقال مجاهد: لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة.. أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلون فيها سراً وكذا قال قتادة والضحاك .



موسى وهارون (عليهما السلام) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 10 أبريل 2021, 1:59 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

موسى وهارون (عليهما السلام) Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسى وهارون (عليهما السلام)   موسى وهارون (عليهما السلام) Emptyالإثنين 18 نوفمبر 2013, 8:20 am

*- فى ظل هذه الظروف العصيبة أمر المسلمون بالصبر عليها والاستعانة بالله على تجاوزها بالوسائل التالية:

موسى وهارون (عليهما السلام) Eb845eba7ca7

أ) الصبر والصلاة، قال الله تعالى لهم {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} (43) سورة البقرة ، وقال موسى لقومه { اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (128) سورة الأعراف. وقال لهم ولغيرهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (153) سورة البقرة. فالصلاة سمة المسلم حين الرخاء وحين الشدة والضراء.


ب) والايمان بالله والتوكل عليه ضروري للمسلم في كل حال، وهما في حال الشدة عدة {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} (84) سورة يونس.


ج) وكذلك الدعاء وصدق اللجوء إلى الله يصنع أملاً من الضيق، وفيه فرج من الكروب وخلاص من فتنة الظالمين ونجاة من الكافرين.


{فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86) } [يونس/85-87].


{وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88) } [يونس/88].


ومع ذلك فلا بد من الاستقامة على الخير وعدم الاستعجال في حصول المطلوب، فذلك أمر يقدره الله أنى شاء وكيف شاء {قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} (89) سورة يونس. قال ابن جريج: يقال: إن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة ، وقال محمد بن علي بن الحسين : مكث أربعين يوماً .  


*-  قصة الحوار بين موسى عليه السلام والمؤمنين معه، وفرعون وملئه، فهو الخداع الذي يمارسه المجرمون على رعاع الناس وجهالهم، وتأملوا في مقالة فرعون للسحرة - حين آمنوا - كما قال تعالى {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} (123) سورة الأعراف.


وقال في الآية الأخرى:{قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى} (71) سورة طـه.


قال ابن كثير رحمه الله: وفرعون يعلم وكل من له لب أن هذا الذي قاله من أبطل الباطل، فإن موسى عليه السلام بمجرد مجيئه من مدين دعا فرعون إلى الله وأظهر له من المعجزات ما جعله يبعث في مملكته لجمع السحرة لإبطال سحر موسى كما زعم، وموسى عليه السلام ، لا يعرف أحداً منهم، ولا رآه، ولا اجتمع به .. إلى أن يقول ابن كثير: ( وفرعون يعلم ذلك وإنما قاله تسترا وتدليسا على رعاع دولته وجهلتهم ، كما قال تعالى فاستخف قومه فأطاعوه فإن قوماً صدقوا في قوله أنا ربكم الأعلى من أجهل خلق الله وأضلهم ، .انتهى كلامه رحمه الله.


*-الخداع والتدليس على الدهماء بقلب الحقائق ، واتهام الأبرياء

فلم يكتف فرعون وقومه بالقول عن المؤمنين الصادقين  {إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} (54) سورة الشعراء. بل اتهم الملأ وجلساءُ السوء موسى والمؤمنين بالإفساد في الأرض: {وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} (127) سورة الأعراف.


فليس كل من ادعى النزاهة والعدالة محقا صادقاً، وليس كل من رمي بالتطرف أو اتهم بالفساد مبطلاً كاذباً، وليست تغير الألفاظ والاتهامات الباطلة من واقع الأمر شيئاً، لكنها السنن في الابتلاء تمضي في الأولين والآخرين؟


ومن حق ابن كثير أن يعجب لهذه المقولة الكاذبة ويقول: (يالله، للعجب صار هؤلاء يشفقون من إفساد موسى وقومه ، ألا إن فرعون وقومه هم المفسدون ولكن لا يشعرون ). 


  إن الصراع مهما امتد أجله والفتنة مهما استحكمت حلقاتها فإن العاقبة للمتقين .. لكن ذلك يحتاج إلى صبر ومصابرة واستعانة بالله صادقة: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (128) سورة الأعراف.


 فلا ينبغى أن يخالج قلوب المؤمنين أدنى شك بوعد الله، ولا ينبغي أن يساورهم القلق وهم يصبرون على الضراء، ولا ينبغي أن يخدعهم أو يغرهم تقلب الذين كفروا في البلاد فيظنوه إلى الأبد، وما هو إلا متاع قليل، ثم يكون الفرج والنصر المبين للمؤمنين.


*- إن السحرة أمام الحق ذهب سحرهم، وتبعثر سحرهم، ذاك أن الساحر إنما عمدته شركٌ بالله، واستعانة بالشياطين، واستعمال الأمور التي يُظَن أنها حقائق، ولكنها باطل وكذب، فالساحر أمام صاحب الحق لا بد أن ينهار، وإذا قرئ القرآن عليه بَطُل سحره وذهب باطله الذي كان رائجا عنده. إن الحقَّ يعلو ولا يُعلى عليه، إنها دعوةُ موسى وسائر أنبياء الله، تلكم الدعوات الصادقة التي أخلص فيها أنبياء الله في دعوتهم، وصدقوا الله في دعوتهم، فوفقهم الله وأعانهم.


*- لا شك أن ظهور آيات الله في مخلوقاته نعمة كبرى يستحق عليها الحمد والشكر خصوصا إذا كانت في نصر أولياء الله وحزبه ودحر أعداء الله وحزبه ولذلك لما قدم النبي المدينة وجد اليهود يصومون اليوم العاشر من هذا الشهر شهر المحرم ويقولون إنه يوم نجى الله فيه موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فقال النبي : ((وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ))  فينبغي للمسلم أن يصوم يوم عاشوراء.


*- وقال القرطبى : الحكمة فى تخصيص موسى بمراجعة النبى صلى الله عليه وسلم فى أمر الصلوات يحتمل أن تكون لكون أمة موسى عليه السلام كلفت من الصلوات ما لم يكلف به غيرها من الأمم قبلها فثقلت عليهم ، فأشفق موسى على أمة محمد من مثل ذلك ، ويشير إليه قوله : إنى جربت الناس قبلك ."الزرقانى على المواهب اللدنية ج 6 ص 123 " . 


وهناك توضيحات كثيرة لهذه النقطة لم يجر فيها نقد لها أو مجرد شبهة أنها دخيل إسرائيلى .

إن الأنبياء جميعا إخوة من علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد كما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم ، وليس بعيدا أن يشير أخ على أخيه بما يحقق له ولأمته المصلحة ، ثم ماذا يقول من يرفضون هذه القطعة من الحديث خوفا أن يظن أن هناك وصاية من موسى على محمد فى تكريم محمد لموسى وعيسى ويونس وغيرهم من الأنبياء، وقد ثبت فى الحديث الصحيح قوله "وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه ليس بينى وبينه نبى" وقوله عن موسى "لا تخيرونى على موسى فان الناس يصعقون فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدرى أكان فيمن صعق فأفاق قبلى أم كان ممن استثنى الله " وقوله "ما ينبغى لعبد أن يقول : أنا خير من يونس" وماذا يقول فى قول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعد ذكر الأنبياء فى سورة الأنعام : 90 ، {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده }هل كانت لهم وصاية عليه صلى الله عليه وسلم ؟ .


ليس هناك وجه صحيح أبدا لرفض هذه المحادثة التى جرت بين موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، إن وجدنا فهما ممكنا وقريبا على وجه يبعد هذه الشبهة عن علاقة موسى بمحمد، وأخشى أن تتحكم بعض الأفهام فى النصوص الثابتة فترفضها لوجهة نظر قد غلبتها ظروف قائمة، مع أن مخارج الفهم الصحيح لها كثيرة، ولولا أن القرآن الكريم قطعى الثبوت لقال بعض الناس فى قوله تعالى : عن القرآن الكريم{وإنه لتنزيل رب العالمين . نزل به الروح الأمين . على قلبك لتكون من المنذرين . بلسان عربى مبين . وإنه لفى زبر الأولين . أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بنى إسرائيل } الشعراء : 192 - 197.


كيف يحيل الله التصديق بالقرآن أو بمحمد على علماء بنى إسرائيل ، أليس فى ذلك وصاية منهم على القرآن ومحمد؟ وكيف يجعل لهؤلاء سلطانا وشهادة على ذلك فى قوله تعالى {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } النحل : 43 ، ومهما قيل فى هؤلاء فإن المقصود بهم من آمنوا منهم بالرسول والقرآن ، فيكفى أن الله شهيد على صدق محمد فى رسالته ومعجزته ، ولا حاجة لهؤلاء .


إن حديث الإسراء والمعراج حديث الغرائب ، وهو صحيح فى جملته وتفصيله كما رواه البخارى ومسلم ، ولم يجرحه أحد من المحدثين لا فى متنه ولا فى سنده ، ولم يقل أحد من الشراح إن فيه تسللا إسرائيليا فى مشهد من مشاهده أو موقف من مواقفه بل إن إعجابهم بهذا الموقف جعلهم يكثرون من التعليق عليه بألوان شتى تؤكد صدقه وحكمته المقصودة من ورائه ليفهمها من يصعب عليهم الفهم بعد أربعة عشر قرنا وضع فيها هذا الحديث على بساط البحث أمام مئات وآلاف عباقرة الإسلام المتخصصين الغيورين ولم يدر بخلد واحد منهم ما يدور اليوم بخلد غيرهم ممن يعجزون عن إقامة الدليل الصحيح المقنع على ما يدعون {وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا} النجم : 28 .


لئن كان هذا فهما لغير مسلم لهان الأمر وقلنا "شنشنة أعرفها من أخزم " وجزء من حملة التشكيك فى ا لسنة ذريعة للتشكيك فى القرآن ، فكيف إذا كان هذا فهما لمسلم ؟ لئن كان القصد سليما فإن رد الفعل على عقول وأفهام الكثيرين رد يخشى منه على نظرة البسطاء للسنة وللدين بوجه عام {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } النمل : 64


*- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ أَرْسَلْتَنِى إِلَى عَبْدٍ لاَ يُرِيدُ الْمَوْتَ - قَالَ - فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ قَالَ أَىْ رَبِّ ثُمَّ مَهْ قَالَ ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ فَالآنَ فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ ». 


قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : وَإِنَّمَا سَأَلَ الْإِدْنَاء ، وَلَمْ يَسْأَلْ نَفْس بَيْت الْمَقْدِس ، لِأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَكُون قَبْره مَشْهُورًا عِنْدهمْ فَيَفْتَتِن بِهِ النَّاس وَفِي هَذَا اِسْتِحْبَاب الدَّفْن فِي الْمَوَاضِع الْفَاضِلَة وَالْمَوَاطِن الْمُبَارَكَة ، وَالْقُرْب مِنْ مَدَافِن الصَّالِحِينَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . 


قَالَ الْمَازِرِيّ : وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْض الْمَلَاحِدَة هَذَا الْحَدِيث ، وَأَنْكَرَ تَصَوُّره ، قَالُوا كَيْف يَجُوزُ عَلَى مُوسَى فَقْء عَيْن مَلَك الْمَوْت ؟ قَالَ : وَأَجَابَ الْعُلَمَاء عَنْ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ : أَحَدهَا أَنَّهُ لَا يَمْتَنِع أَنْ يَكُونَ مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَذِنَ اللَّه تَعَالَى لَهُ فِي هَذِهِ اللَّطْمَة ، وَيَكُون ذَلِكَ اِمْتِحَانًا لِلْمَلْطُومِ ، وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى يَفْعَلُ فِي خَلْقه مَا شَاءَ ، وَيَمْتَحِنُهُمْ بِمَا أَرَادَ . 


وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا عَلَى الْمَجَاز ، وَالْمُرَاد أَنَّ مُوسَى نَاظَرَهُ وَحَاجَّهُ فَغَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ ، وَيُقَالُ : فَقَأَ فُلَان عَيْن فُلَان إِذَا غَالَبَهُ بِالْحُجَّةِ ، وَيُقَالُ : عَوَرْت الشَّيْء إِذَا أَدْخَلْت فِيهِ نَقْصًا قَالَ : وَفِي هَذَا ضَعْفٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَرَدَّ اللَّه عَيْنه " فَإِنْ قِيلَ : أَرَادَ رَدّ حُجَّته كَانَ بَعِيدًا . 


وَالثَّالِث أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلَك مِنْ عِنْد اللَّه ، وَظَنَّ أَنَّهُ رَجُلٌ قَصَدَهُ يُرِيدُ نَفْسَهُ ، فَدَافَعَهُ عَنْهَا ، فَأَدَّتْ الْمُدَافَعَةُ إِلَى فَقْءِ عَيْنِهِ ، لَا أَنَّهُ قَصَدَهَا بِالْفَقْءِ ، وَتُؤَيِّدُهُ رِوَايَة ( صَكَّهُ ) ، وَهَذَا جَوَاب الْإِمَام أَبِي بَكْر بْن خُزَيْمَةَ وَغَيْره مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ ، وَاخْتَارَهُ الْمَازِرِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض ، قَالُوا : وَلَيْسَ فِي الْحَدِيث تَصْرِيح بِأَنَّهُ تَعَمَّدَ فَقْء عَيْنه ، فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ اِعْتَرَفَ مُوسَى حِين جَاءَهُ ثَانِيًا بِأَنَّهُ مَلَك الْمَوْت ، فَالْجَوَاب أَنَّهُ أَتَاهُ فِي الْمَرَّة الثَّانِيَة بِعَلَامَةٍ عَلِمَ بِهَا أَنَّهُ مَلَك الْمَوْت ، فَاسْتَسْلَمَ بِخِلَافِ الْمَرَّة الْأُولَى . 

وَاللَّهُ أَعْلَمُ .



موسى وهارون (عليهما السلام) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
موسى وهارون (عليهما السلام)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موسى والخضر (عليهما السلام)
» هجرة موسى ومحمّد عليهما السّلام
» موسى (عليه السلام)
» قصة قارون مع موسى (عليه السلام)
» 30 قصة من قصص البحار في القرآن - المقدمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: خلاصة حياة الأنبيـاء-
انتقل الى: